الكاتب: د. نضير الخزرجي | القسم: أدب الطف | 2009/07/17 - 06:35 AM
تكريم منظوم:
وهذا الفهم الحضاري للتكريم ترجمه المؤرخ والأديب العراقي السيد سلمان هادي آل طعمة إلى قصيدة من بحر الوافر، الأول حملت عنوان: "الشرف المعلى"، ومطلعها:
ومثله فعل الشاعر السوري وعريف الحفل محمد زكي بن إبراهيم النوري، عندما قفّى أحاسيسه بقصيدة من بحر البسيط الأول، وعنوانها "الموسوعة الذهبية"، ختمها بقوله:
وهذه الأحاسيس عكسها القانوني والأديب السوري حمود بن أسعد البكفاني بقصيدة من بحر الكامل الأول بعنوان "النقاء الباسم"، يقول في آخرها:
ودار الأمر نفسه على الشاعر السوري من الطائفة الأرمنية الدكتور أواديس استنابوليان، فأقرض المحتفى به بقصيدة من الكامل وعنوانها "فقه الوفاء للنقاء"، ينشد في آخرها:
وإذا اشتهر المحقق الكرباسي بدائرة المعارف الحسينية في أكثر من ستمائة مجلد، أو عُرف بسلسلة (الشريعة) في نحو ألف كتيب، فإنه إلى جانب الأدب المنثور عرف بالأدب المنظوم، ولكن قلة قليلة جداً تعرف عن الكرباسي إنشاده الشعر وأرجوزته في اكثر من ألفي بيت في السيرة الذاتية، والقليل يعرف ضلوعه في الأوزان الشعرية وتفننه فيها، وأقل القليل تعرف عنه هندسته للعروض وتجديده لبحور الفراهيدي أحمد بن خليل (173 هـ) وتفوقه فيه، وأبدع في مجاراة أبي العلاء أحمد بن عبد الله المعري (449 هـ) في لزومياته، وفي ذلك يقول الشاعر والأكاديمي الجزائري الأستاذ في علم العروض الدكتور عبد العزيز بن مختار شبّين، في كلمته المعنونة (صفوة النوابغ): "وما أثار إعجابي هو هندسته للعروض الذي أتى فيه بكل مُعجب دقةً ودراسة ونقداً، وتجديداً بلغ فيه المائتين وعشرة بحور، مثّل لكل بحر من هذه البحور المستحدثة بثلاث عينات من نظمه تامّاً ومجزوءاً ومنهوكاً، كما التزم لزوم ما لا يلزم فيما نظمه من الشعر من هذا الباب، وبذلك يكون قد جارى أبا علاءٍ المعرّي في لزومياته مجاراة تفوق وإبداع، لا مجاراة تشابه واتّباع، جاء فيها بكل معجب ومدهش، وكيف لا يُعجبُ ويجيدُ وهو أبو علاء محمد صادق الكرباسي صاحب النفحات القدسية، والقبسات العلوية التي لا يُلقّاها إلا من أوتي بسطة في العلم، وحكمة إشراقية تجلو طلاسم المغلق، وتفتق آفاق المجهول، وتومي للإلهام فينساب، وللقلم فيكتُب، وللكتاب حتى يجمع بين دفتيه بدائع اللفظ ورقائق المعنى".
ويؤكد الدكتور شبّين أن: "هذا العمل الفني الذي أبدعه قداسة العلامة المؤلف، غريب في بابه، مدهشٌ في فنّه لم يسبق إليه، فهو فائق مُستحدث لم يعرفه المتقدمون ولا طرقه المتأخرون، ولا يخفى عن القارئ العربي النابه شأن صاحب الكتاب الموسوم بهندسة العروض بما أحدثه من نقلةٍ نوعية في الإيقاع لم يشهد لها تاريخ العروض نظيراً إلا مرتين فيما أراه، الأولى على يد الخليل المنشأ، والثانية بيد الكرباسي مبدعاً ومطوّراً، ولذلك لا غرو أن اُلقّبه بالخليل الثاني، اعترافاً بجهوده العلمية في تطوير هذا الفن والوصول به إلى قمة التنوع ذوقاً ومعنىً". ولا يتوقف الدكتور شبّين عند باب الهندسة، وإنما يغوص في أغراض الكرباسي الشعرية، فيؤكد: "عُرف المؤلف الشاعر أيضا بكثرة الأغراض التي خاضها وتنوّع الأبواب الشعرية التي طرقها مجيداً ومجدداً، جاوز فيها شوقي في شوقياته، والمعرّي في لزومياته، وأبا العتاهية في ذات أمثاله، وصفي الدين الحلي في منظومته العروضية، بهذا العمل الشعري والجهد الفكري، استطاع أن يجدد للآداب نهضتها بعد ركود، ويوقد فتيل صحوتها بعد خمود".
من جانبه أثنى البروفيسور أسعد علي على المحتفى به وثنى على ما ذهب به الدكتور شبين في علم العروض ورجاله، مضيفا نثراً: "هم: الفراهيدي وأبو العلاء المعري وأبو العلاء الكرباسي"، ومؤكداً نظما من بحر البسيط الثاني تحت عنوان (لؤلؤة التاج)، جاء في خاتمتها:
ولا شك أن من يتعامل مع البحاثة الكرباسي عن قرب، يكتشف بالبديهة أن بعض النصوص الواردة في كلمات الإحتفاء قاصرة عن إداء المعنى، كما تقصر الأقلام مهما أوتيت من العلم سعة عن أداء حق صاحب النهضة الحسينية.
تكريم منظوم:
وهذا الفهم الحضاري للتكريم ترجمه المؤرخ والأديب العراقي السيد سلمان هادي آل طعمة إلى قصيدة من بحر الوافر، الأول حملت عنوان: "الشرف المعلى"، ومطلعها:
تُكرِّمك الأماثل والفحولُ * وأنت لكلِّ مجتهدٍ رسولُ
ثم ينشد:و"دائرة المعارف" خيرُ سِفرٍ * بها يتلألأُ الثَبَتُ الأصيلُ
وينشد أيضا:هي الموسوعة الكبرى تسامتْ * وحسبك ما أحاط بها الشمولُ
فدائرة "الحسين" منارُ رُشدٍ * بها الألباب تفخرُ والعقولُ
فدائرة "الحسين" منارُ رُشدٍ * بها الألباب تفخرُ والعقولُ
ومثله فعل الشاعر السوري وعريف الحفل محمد زكي بن إبراهيم النوري، عندما قفّى أحاسيسه بقصيدة من بحر البسيط الأول، وعنوانها "الموسوعة الذهبية"، ختمها بقوله:
لُذْ بالحسين ولا تخشَ الحساب غداً * ينجو غداً مَن عليه اليوم قد حُسبا
موسوعةً للحسين السبط رصّعها * فضيلة الشيخ من عشّاقه ذهبا
موسوعةً للحسين السبط رصّعها * فضيلة الشيخ من عشّاقه ذهبا
وهذه الأحاسيس عكسها القانوني والأديب السوري حمود بن أسعد البكفاني بقصيدة من بحر الكامل الأول بعنوان "النقاء الباسم"، يقول في آخرها:
كرباسُ حدّث مغرباً عن مشرقِ الـ * ـكلماتِ تبزغُ من بهيمٍ قاتمِ
من مركز العرفان تطلع كوكباً * هتفت بكوثره عطاشُ حمائمي
وأبو العلاء يمدُّنا قبساته * قدراً، فأكرم بالإمام القائمِ
من مركز العرفان تطلع كوكباً * هتفت بكوثره عطاشُ حمائمي
وأبو العلاء يمدُّنا قبساته * قدراً، فأكرم بالإمام القائمِ
ودار الأمر نفسه على الشاعر السوري من الطائفة الأرمنية الدكتور أواديس استنابوليان، فأقرض المحتفى به بقصيدة من الكامل وعنوانها "فقه الوفاء للنقاء"، ينشد في آخرها:
لحُسين دائرة المعارف قرضنا * ببلاغة سطعَ المحبُّ بأرضنا
وسار الإعلامي السعودي عقيل بن ناجي المسكين على منوالهم، وأقرض المكّرم بقصيدة من بحر الرمل التام بعنوان "بدرٌ في سماء المجد"، ومطلعها:صادقُ الأقوال بالأفعال أبلى * حين أهدى دُرّةً كبرى وأملى
بين الخليل والمعري:وإذا اشتهر المحقق الكرباسي بدائرة المعارف الحسينية في أكثر من ستمائة مجلد، أو عُرف بسلسلة (الشريعة) في نحو ألف كتيب، فإنه إلى جانب الأدب المنثور عرف بالأدب المنظوم، ولكن قلة قليلة جداً تعرف عن الكرباسي إنشاده الشعر وأرجوزته في اكثر من ألفي بيت في السيرة الذاتية، والقليل يعرف ضلوعه في الأوزان الشعرية وتفننه فيها، وأقل القليل تعرف عنه هندسته للعروض وتجديده لبحور الفراهيدي أحمد بن خليل (173 هـ) وتفوقه فيه، وأبدع في مجاراة أبي العلاء أحمد بن عبد الله المعري (449 هـ) في لزومياته، وفي ذلك يقول الشاعر والأكاديمي الجزائري الأستاذ في علم العروض الدكتور عبد العزيز بن مختار شبّين، في كلمته المعنونة (صفوة النوابغ): "وما أثار إعجابي هو هندسته للعروض الذي أتى فيه بكل مُعجب دقةً ودراسة ونقداً، وتجديداً بلغ فيه المائتين وعشرة بحور، مثّل لكل بحر من هذه البحور المستحدثة بثلاث عينات من نظمه تامّاً ومجزوءاً ومنهوكاً، كما التزم لزوم ما لا يلزم فيما نظمه من الشعر من هذا الباب، وبذلك يكون قد جارى أبا علاءٍ المعرّي في لزومياته مجاراة تفوق وإبداع، لا مجاراة تشابه واتّباع، جاء فيها بكل معجب ومدهش، وكيف لا يُعجبُ ويجيدُ وهو أبو علاء محمد صادق الكرباسي صاحب النفحات القدسية، والقبسات العلوية التي لا يُلقّاها إلا من أوتي بسطة في العلم، وحكمة إشراقية تجلو طلاسم المغلق، وتفتق آفاق المجهول، وتومي للإلهام فينساب، وللقلم فيكتُب، وللكتاب حتى يجمع بين دفتيه بدائع اللفظ ورقائق المعنى".
ويؤكد الدكتور شبّين أن: "هذا العمل الفني الذي أبدعه قداسة العلامة المؤلف، غريب في بابه، مدهشٌ في فنّه لم يسبق إليه، فهو فائق مُستحدث لم يعرفه المتقدمون ولا طرقه المتأخرون، ولا يخفى عن القارئ العربي النابه شأن صاحب الكتاب الموسوم بهندسة العروض بما أحدثه من نقلةٍ نوعية في الإيقاع لم يشهد لها تاريخ العروض نظيراً إلا مرتين فيما أراه، الأولى على يد الخليل المنشأ، والثانية بيد الكرباسي مبدعاً ومطوّراً، ولذلك لا غرو أن اُلقّبه بالخليل الثاني، اعترافاً بجهوده العلمية في تطوير هذا الفن والوصول به إلى قمة التنوع ذوقاً ومعنىً". ولا يتوقف الدكتور شبّين عند باب الهندسة، وإنما يغوص في أغراض الكرباسي الشعرية، فيؤكد: "عُرف المؤلف الشاعر أيضا بكثرة الأغراض التي خاضها وتنوّع الأبواب الشعرية التي طرقها مجيداً ومجدداً، جاوز فيها شوقي في شوقياته، والمعرّي في لزومياته، وأبا العتاهية في ذات أمثاله، وصفي الدين الحلي في منظومته العروضية، بهذا العمل الشعري والجهد الفكري، استطاع أن يجدد للآداب نهضتها بعد ركود، ويوقد فتيل صحوتها بعد خمود".
من جانبه أثنى البروفيسور أسعد علي على المحتفى به وثنى على ما ذهب به الدكتور شبين في علم العروض ورجاله، مضيفا نثراً: "هم: الفراهيدي وأبو العلاء المعري وأبو العلاء الكرباسي"، ومؤكداً نظما من بحر البسيط الثاني تحت عنوان (لؤلؤة التاج)، جاء في خاتمتها:
رسا على جبلٍ فُلكٌ فآنسنا * يا صادقَ الحمدِ كم ألَّقتَ إيناسي
مهندسُ الوزنِ سوّى السرَّ قافلةً * من الحروفِ وقلبُ الحرف إحساسي
مهندسُ الوزنِ سوّى السرَّ قافلةً * من الحروفِ وقلبُ الحرف إحساسي
ولا شك أن من يتعامل مع البحاثة الكرباسي عن قرب، يكتشف بالبديهة أن بعض النصوص الواردة في كلمات الإحتفاء قاصرة عن إداء المعنى، كما تقصر الأقلام مهما أوتيت من العلم سعة عن أداء حق صاحب النهضة الحسينية.