كيف تشيّع الغزالي ؟
ويذكر انهم أحصوا فـي مجلس درسه ثلاثمائة تلميذ ثلثهم من أبناء الأمراء والوزراء .
وقد استحوذ على مجالس دروس العامة ، حـتى ذاع صيته ، واشتهر بين علمائهم بلقب ( حجة الإسلام الغـزَّالي) وكان متمرساً فـي فنّ الجدل والكلام .
وفي فورة النجاح التي كان أصابها يومئذ ، ألّف جملة من كتبه المشهورة ، مثل ( مقاصد الفلاسفة ) و ( تهافت الفلاسفة ) و ( إحياء علوم الدين ) .
وقد ذهب في كتابه الأخير هذا شططاً ، بحيث أفتى فيه بحرمة لعن قاتل الإمام الحسين (عليه السلام) سبط الرسول وسيد شباب أهل الجنة.
لكن الأيام تدور دورتها ويقرر الغزَّالي مغادرة بغداد لينتقل بـين العواصم الإسلامية الأخـرى ، فيشاء القدر أن يلتقي فـي إحدى رحلاته تلك بالسيد مرتضى الرازي ، فيطلب منه الغزَّالي المناظرة في مسألة الإمامة ، فلم يمانع السيد المرتضى ، لكنه اشترط على الغزَّالي ألاّ يقاطعه في الحديث قبل استيفاء كلامه ، ووافق أبو حامد على هذا الشرط .
ابتدأت المحاورة، وأنصت الغزَّالي إلى المرتضى، الذي جعل يقيم الأدلة والبراهين على أحقية أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخلافة .
وبين الحين والآخر ، كانت محاولات الغزَّالي للمقاطعة تبوء بالفشل ، لأن المرتضى لم يكن يعطي له الفرصة لذلك بل كان يستمر في سرد أدلته ، حسب شرط الذي إتفقا عليه .
وهكذا تكررت الجلسات بين العلمين ، إلى أن أسفرت فـي النهاية عن انضمام الغزَّالي إلى مدرسة أهل البيت عليهم السلام .
إعترض التلاميذ على أستاذهم ، وتعجبوا منهُ كيـف استطاع المرتضى أن يدخله معه في مذهبه في تلك الفترة القصيرة .
غير إن أستاذهم أجابهم فـي تواضع وهدوء : لقد كان المرتضى ثاقب البرهان ، حاضر الدليل ، حسن الاستدلال ، أظهر ما عنده فأتم ، وما كان لي إلاّ الإذعان والاعتراف .
وبعد تلك الواقعة :
ألّف الغزَّالي كتابه ( سر العالمين ) ليعلن فيه أحقية مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، وقد طبع الكتاب مرات عديدة في مصر وغيرها من بلاد الإسلام
تعليق