ويضاف إلى الآيات المفسّرة في أهل البيت عليهم السلام ما اختصّ به أمير المؤمنين علي عليه السلام من الآيات الكثيرة التي بيّنت فضله ومنزلته وخصائصه ومكارم أخلاقه ووجوب إطاعته ، وهي كثيرة عبّر عنها حبر الاُمّة عبدالله ابن عباس بقوله : ما نزل في أحدٍ من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ (1).
وبقوله : ليست آية في كتاب الله ﴿ يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا ﴾إلاّ وعلي أولها وأميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يذكر علياً إلاّ بخير . أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس (2).
وبالنظر لكثرة الآيات النازلة فيه عليه السلام فقد اهتمّ قدامى المحدثين والمفسرين بإفراد موضوع ما نزل من القرآن في علي عليه السلام بالتصنيف والتأليف ، كالجلودي والطبراني وأبي نعيم ومحمد بن مؤمن الشيرازي والحسكاني وأبي الفرج الاصفهاني والحبري والمرزباني وأبي إسحاق الثقفي وأبي جعفر القمي والمجاشعي وأبي عبدالله الخراساني وغيرهم (3) .
وفيما يلي نذكر نخبة من آي القرآن الكريم النازلة في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خاصة :
1 ـ قوله تعالى : ﴿ اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وأتمَمتُ عَليكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِسلامَ دِيناً ﴾ (4) هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (فقد تعاضدت الروايات الصحيحة الاَسانيد التي تصرّح بنزول هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد المسير من حجة الوداع، وفي أثناء خطبة الغدير، وقد ثبت هذا من عدة طرق رجالها ثقات ، عن عدد كبير من الصحابة ، منهم علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعبدالله بن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الاَسود ، وأبو هريرة) (5).
وجاء فيها : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم دعا الناس إلى غدير خم ، وذلك يوم الخميس ، ثم دعا الناس إلى علي بن أبي طالب ، فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض ابطيه، وقال صلى الله عليه وآله وسلم :« من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله »ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية :﴿ اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دينَكُم... ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :« الله أكبر على اكمال الدين ، واتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي » (6).
وسجّل شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حسان بن ثابت الاَنصاري هذا الحدث التاريخي بكلمات من نور بعد أن استأذن الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم فأذن له ، فقال حسان :
ومن قصيدة لاَمير المؤمنين علي عليه السلام مطلعها :
إلى أن يقول عليه السلام :
2 ـ قوله تعالى : ﴿ يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ وإن لم تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ واللهُ يَعصِمُكَ مِن النَّاسِ ﴾(9)وهذه الآية ، نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وبنفس المناسبة التي نزلت فيها الآية الاُولى ، فقد روى الواحدي بالاسناد عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه (10).
وروى السيوطي والشوكاني عن ابن مسعود أنّه قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم﴿ يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ ﴾أنّ علياً مولى المؤمنين ﴿ وإن لم تَفعل فما بَلغتَ رِسَالَتَهُ ﴾(11).
3 ـ قوله تعالى : ﴿ إنّما وَليُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُم رَاكِعُونَ ﴾(12)، هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً ، فقد أكدت أكثر كتب التفسير على نزول هذه الآية في الاِمام علي بن أبي طالب عليه السلام حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته (13) ، ومعنى الولي في هذه الآية لايكاد ينصرف عن المعنى المتبادر وهو مالك الاَمر والاَولى بالتصرف ، أي من له صلاحية الولاية على أمور الناس والاَولى بها منهم ، وهو الاِمام ، وهي نصّ صريح على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنشأ حسّان بن ثابت في هذا المعنى قائلاً :
4 ـ قوله تعالى : ﴿ وَأنذِر عَشِيرَتَكَ الاَقرَبِينَ ﴾(15).
جاء في كتب التفسير والسيرة في سبب نزول هذه الآية : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بني عبد المطلب وأولم لهم ، ثم توجه اليهم قائلاً : «يا بني عبد المطلب ، والله ماأعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الامر ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ » فأحجم القوم عنها جميعاً ، فقال علي عليه السلام أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ صلى الله عليه وآله وسلم برقبته ، ثم قال : « إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأسمعوا له وأطيعوا »(16).
والآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين علي عليه السلام كثيرة ، لايسعنا الاحاطة بها في هذا المختصر ، ومن أراد المزيد فليرجع الى الكتب المصنّفة في هذا الموضوع (17).
(1) تاريخ الخلفاء | السيوطي : 189 ، دار التعاون ـ مكة المكرمة . ونور الاَبصار : 90 .
(2) نور الاَبصار : 87 و 90 . وكفاية الطالب : 139 . والرياض النضرة 2 : 274 . وذخائر العقبى : 389 . ومجمع الزوائد 1 : 317 و9 : 112 . وترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 428 ـ 430| 935 ـ 939 . وشواهد التنزيل 1 : 48 ـ 54 | 67 ـ 85 . ومناقب الخوارزمي : 188 .
(3) أهل البيت عليهم السلام في المكتبة العربية | عبدالعزيز الطباطبائي : 444 ـ 455 ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ قم ط1 . والذريعة إلى تصانيف الشيعة | اقا بزرگ الطهراني 19 : 28 ـ 29 ، منشورات اسماعيليان ـ قم . والنور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في الاِمام علي عليه السلام | أبو نعيم الاَصبهاني : 14 ـ 19 ، وزارة الارشاد الاِسلامي ـ قم ط1 .
(4) سورة المائدة : 5 | 3 .
(5) راجع منهج في الانتماء المذهبي | الاُستاذ صائب عبدالحميد : 148 ، مركز الغدير ـ قم ط5 .
(6) راجع مناقب الخوارزمي: 80 . ومقتل الاِمام الحسين عليه السلام له أيضاً : 47 . وترجمة الاِمام علي عليه السلام | ابن عساكر 2 : 75 | 577 ـ 580 . وتاريخ بغداد 8 : 290 . وتاريخ اليعقوبي 2 : 43 . وشواهد التنزيل : 157 | 210 ـ 215 . ومناقب ابن المغازلي : 19 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 29 . وفرائد السمطين 1 : 315 . والدر المنثور | السيوطي 2 : 259 . والاتقان له أيضاً 1 : 75 .
(7) الارشاد | الشيخ المفيد 1 : 177 ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ قم ط1 . والفصول المختارة | الشيخ المفيد : 209 و 235 ، مكتبة الداوري ـ قم ط4 . والامالي | الصدوق : 460 | 3 المجلس 84 . والمناقب | الخوارزمي : 80 . ومقتل الاِمام الحسين عليه السلام له أيضاً : 47 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 33 . والمناقب | ابن شهر آشوب 3 : 27 . وكنز الفوائد | الكراجكي 1 : 268 ، دار الاَضواء ـ بيروت . وكشف الغمة | الاربلي 1 : 319 . واعلام الورى | الطبرسي 1 : 262. والطرائف | ابن طاووس : 146 . وكفاية الطالب : 64 . وفرائد السمطين 1 : 73 ـ 74 . وأخرجها العلاّمة الاَميني في الغدير 2 : 34 من 38 طريقاً .
(8) كنز الفوائد | الكراجكي 1 : 266 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 102 . والاحتجاج | الطبرسي : 180 . والفصول المهمة | ابن الصباغ : 32 . وروضة الواعظين : 87 . وكنز العمال 13 : 112 . ومختصر تاريخ دمشق | ابن منظور 18 : 77 . وأخرجها العلاّمة الاَميني في الغدير 2 : 25 من 37 طريقاً .
(9) سورة المائدة : 5 | 67 .
(10) أسباب النزول : 115 .
(11) الدر المنثور 2 : 298 . وفتح القدير | الشوكاني 2 : 60 .
(12) سورة المائدة : 5 | 55 .
(13) أسباب النزول | الواحدي 3 : 114 . ولباب النقول في أسباب النزول | السيوطي : 81 . وتفسير أبي السعود 3 : 52 . والكشاف | الزمخشري 1 : 649 . ومعالم التنزيل | البغوي 2 : 272 . وجامع الاصول | الجزري 8 : 664 | 6515 وسائر مصنفات المناقب والتفاسير .
(14) الغدير | العلاّمة الاَميني 2 : 52 . كما ذُكرت الاَبيات في فرائد السمطين 1 : 189 ـ 190 . والمناقب | الخوارزمي 186 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 15 . وكفاية الطالب : 228 وبألفاظ اُخرى .
(15) سورة الشعراء : 26 | 214 .
(16) تاريخ الطبري 2 : 217 . والسيرة الحلبية | علي بن ابراهيم الحلبي الشافعي 1 : 286 ، دار إحياء التراث العربي ـ المكتبة الاِسلامية ـ بيروت . ومعالم التنزيل | البغوي 4 : 278 . وشرح ابن أبي الحديد 13 : 210 . وكنز العمال 13 : 131 | 36469 .
(17) راجع شواهد التنزيل | الحاكم الحسكاني ، وتفسير الحبري ، وخصائص الوحي المبين | ابن البطريق .
وبقوله : ليست آية في كتاب الله ﴿ يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا ﴾إلاّ وعلي أولها وأميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يذكر علياً إلاّ بخير . أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس (2).
وبالنظر لكثرة الآيات النازلة فيه عليه السلام فقد اهتمّ قدامى المحدثين والمفسرين بإفراد موضوع ما نزل من القرآن في علي عليه السلام بالتصنيف والتأليف ، كالجلودي والطبراني وأبي نعيم ومحمد بن مؤمن الشيرازي والحسكاني وأبي الفرج الاصفهاني والحبري والمرزباني وأبي إسحاق الثقفي وأبي جعفر القمي والمجاشعي وأبي عبدالله الخراساني وغيرهم (3) .
وفيما يلي نذكر نخبة من آي القرآن الكريم النازلة في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خاصة :
1 ـ قوله تعالى : ﴿ اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وأتمَمتُ عَليكُم نِعمَتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاِسلامَ دِيناً ﴾ (4) هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (فقد تعاضدت الروايات الصحيحة الاَسانيد التي تصرّح بنزول هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد المسير من حجة الوداع، وفي أثناء خطبة الغدير، وقد ثبت هذا من عدة طرق رجالها ثقات ، عن عدد كبير من الصحابة ، منهم علي بن أبي طالب عليه السلام ، وعبدالله بن عباس ، وأبو سعيد الخدري ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والمقداد بن الاَسود ، وأبو هريرة) (5).
وجاء فيها : ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم دعا الناس إلى غدير خم ، وذلك يوم الخميس ، ثم دعا الناس إلى علي بن أبي طالب ، فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض ابطيه، وقال صلى الله عليه وآله وسلم :« من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله »ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية :﴿ اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دينَكُم... ﴾ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :« الله أكبر على اكمال الدين ، واتمام النعمة ، ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي » (6).
وسجّل شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حسان بن ثابت الاَنصاري هذا الحدث التاريخي بكلمات من نور بعد أن استأذن الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم فأذن له ، فقال حسان :
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخمٍّ وأسمع بالرسول مناديا
يقول فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
إنّك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فانني * رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهمَّ والِ وليّه * وكن للذي عادى عليّاً معاديا (7)
يقول فمن مولاكم ووليكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
إنّك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فانني * رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللهمَّ والِ وليّه * وكن للذي عادى عليّاً معاديا (7)
ومن قصيدة لاَمير المؤمنين علي عليه السلام مطلعها :
محمد النبي أخي وصنوي * وحمزة سيد الشهداء عمّي
إلى أن يقول عليه السلام :
فأوجب لي الولاء معاً عليكم * رسول الله يوم غدير خمِّ
فويلٌ ثم ويل ثم ويلٌ * لمن يلقى الاِله غداً بظلمي (8)
فويلٌ ثم ويل ثم ويلٌ * لمن يلقى الاِله غداً بظلمي (8)
2 ـ قوله تعالى : ﴿ يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ وإن لم تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ واللهُ يَعصِمُكَ مِن النَّاسِ ﴾(9)وهذه الآية ، نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وبنفس المناسبة التي نزلت فيها الآية الاُولى ، فقد روى الواحدي بالاسناد عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآية يوم غدير خم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه (10).
وروى السيوطي والشوكاني عن ابن مسعود أنّه قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم﴿ يَا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ ﴾أنّ علياً مولى المؤمنين ﴿ وإن لم تَفعل فما بَلغتَ رِسَالَتَهُ ﴾(11).
3 ـ قوله تعالى : ﴿ إنّما وَليُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُم رَاكِعُونَ ﴾(12)، هذه الآية نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً ، فقد أكدت أكثر كتب التفسير على نزول هذه الآية في الاِمام علي بن أبي طالب عليه السلام حين تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته (13) ، ومعنى الولي في هذه الآية لايكاد ينصرف عن المعنى المتبادر وهو مالك الاَمر والاَولى بالتصرف ، أي من له صلاحية الولاية على أمور الناس والاَولى بها منهم ، وهو الاِمام ، وهي نصّ صريح على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنشأ حسّان بن ثابت في هذا المعنى قائلاً :
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي * وكل بطيء في الهدى ومسارعِ
أيذهب مدحي والمحبين ضائعاً * وما المدح في جنب الاله بضائعِ
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكعٌ * فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ
فأنزل فيك الله خير ولاية * وبيَّنها في محكمات الشرائعِ (14)
أيذهب مدحي والمحبين ضائعاً * وما المدح في جنب الاله بضائعِ
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكعٌ * فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ
فأنزل فيك الله خير ولاية * وبيَّنها في محكمات الشرائعِ (14)
4 ـ قوله تعالى : ﴿ وَأنذِر عَشِيرَتَكَ الاَقرَبِينَ ﴾(15).
جاء في كتب التفسير والسيرة في سبب نزول هذه الآية : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بني عبد المطلب وأولم لهم ، ثم توجه اليهم قائلاً : «يا بني عبد المطلب ، والله ماأعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ، إني جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على هذا الامر ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ » فأحجم القوم عنها جميعاً ، فقال علي عليه السلام أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ صلى الله عليه وآله وسلم برقبته ، ثم قال : « إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فأسمعوا له وأطيعوا »(16).
والآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين علي عليه السلام كثيرة ، لايسعنا الاحاطة بها في هذا المختصر ، ومن أراد المزيد فليرجع الى الكتب المصنّفة في هذا الموضوع (17).
(1) تاريخ الخلفاء | السيوطي : 189 ، دار التعاون ـ مكة المكرمة . ونور الاَبصار : 90 .
(2) نور الاَبصار : 87 و 90 . وكفاية الطالب : 139 . والرياض النضرة 2 : 274 . وذخائر العقبى : 389 . ومجمع الزوائد 1 : 317 و9 : 112 . وترجمة الاِمام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق 2 : 428 ـ 430| 935 ـ 939 . وشواهد التنزيل 1 : 48 ـ 54 | 67 ـ 85 . ومناقب الخوارزمي : 188 .
(3) أهل البيت عليهم السلام في المكتبة العربية | عبدالعزيز الطباطبائي : 444 ـ 455 ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاِحياء التراث ـ قم ط1 . والذريعة إلى تصانيف الشيعة | اقا بزرگ الطهراني 19 : 28 ـ 29 ، منشورات اسماعيليان ـ قم . والنور المشتعل من كتاب ما نزل من القرآن في الاِمام علي عليه السلام | أبو نعيم الاَصبهاني : 14 ـ 19 ، وزارة الارشاد الاِسلامي ـ قم ط1 .
(4) سورة المائدة : 5 | 3 .
(5) راجع منهج في الانتماء المذهبي | الاُستاذ صائب عبدالحميد : 148 ، مركز الغدير ـ قم ط5 .
(6) راجع مناقب الخوارزمي: 80 . ومقتل الاِمام الحسين عليه السلام له أيضاً : 47 . وترجمة الاِمام علي عليه السلام | ابن عساكر 2 : 75 | 577 ـ 580 . وتاريخ بغداد 8 : 290 . وتاريخ اليعقوبي 2 : 43 . وشواهد التنزيل : 157 | 210 ـ 215 . ومناقب ابن المغازلي : 19 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 29 . وفرائد السمطين 1 : 315 . والدر المنثور | السيوطي 2 : 259 . والاتقان له أيضاً 1 : 75 .
(7) الارشاد | الشيخ المفيد 1 : 177 ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ قم ط1 . والفصول المختارة | الشيخ المفيد : 209 و 235 ، مكتبة الداوري ـ قم ط4 . والامالي | الصدوق : 460 | 3 المجلس 84 . والمناقب | الخوارزمي : 80 . ومقتل الاِمام الحسين عليه السلام له أيضاً : 47 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 33 . والمناقب | ابن شهر آشوب 3 : 27 . وكنز الفوائد | الكراجكي 1 : 268 ، دار الاَضواء ـ بيروت . وكشف الغمة | الاربلي 1 : 319 . واعلام الورى | الطبرسي 1 : 262. والطرائف | ابن طاووس : 146 . وكفاية الطالب : 64 . وفرائد السمطين 1 : 73 ـ 74 . وأخرجها العلاّمة الاَميني في الغدير 2 : 34 من 38 طريقاً .
(8) كنز الفوائد | الكراجكي 1 : 266 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 102 . والاحتجاج | الطبرسي : 180 . والفصول المهمة | ابن الصباغ : 32 . وروضة الواعظين : 87 . وكنز العمال 13 : 112 . ومختصر تاريخ دمشق | ابن منظور 18 : 77 . وأخرجها العلاّمة الاَميني في الغدير 2 : 25 من 37 طريقاً .
(9) سورة المائدة : 5 | 67 .
(10) أسباب النزول : 115 .
(11) الدر المنثور 2 : 298 . وفتح القدير | الشوكاني 2 : 60 .
(12) سورة المائدة : 5 | 55 .
(13) أسباب النزول | الواحدي 3 : 114 . ولباب النقول في أسباب النزول | السيوطي : 81 . وتفسير أبي السعود 3 : 52 . والكشاف | الزمخشري 1 : 649 . ومعالم التنزيل | البغوي 2 : 272 . وجامع الاصول | الجزري 8 : 664 | 6515 وسائر مصنفات المناقب والتفاسير .
(14) الغدير | العلاّمة الاَميني 2 : 52 . كما ذُكرت الاَبيات في فرائد السمطين 1 : 189 ـ 190 . والمناقب | الخوارزمي 186 . وتذكرة الخواص | ابن الجوزي : 15 . وكفاية الطالب : 228 وبألفاظ اُخرى .
(15) سورة الشعراء : 26 | 214 .
(16) تاريخ الطبري 2 : 217 . والسيرة الحلبية | علي بن ابراهيم الحلبي الشافعي 1 : 286 ، دار إحياء التراث العربي ـ المكتبة الاِسلامية ـ بيروت . ومعالم التنزيل | البغوي 4 : 278 . وشرح ابن أبي الحديد 13 : 210 . وكنز العمال 13 : 131 | 36469 .
(17) راجع شواهد التنزيل | الحاكم الحسكاني ، وتفسير الحبري ، وخصائص الوحي المبين | ابن البطريق .