: همّ بالشىء يهم همّاً: نواه وأراده وعزم عليه، قال سبحانه: (وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا )
روى أهل السير : أنّ طائفة من المنافقين عزموا على أن يغتالوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في العودة من تبوك، ولاَجل ذلك وقفوا على طريقه، فلمّا قربوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بتنحيتهم، وسمّـاهم رجلاً رجلاً.
هذا هو معنى الهم، وتوَيده سائر الآيات الوارد فيها لفظ الهم، ولو استعمل في مورد في خطور الشيء بالبال، وإن لم يقع العزم عليه، فهو استعمال نادر لا يحمل عليه صريح الكتاب.
أضف إلى ذلك أنّ الهمين في الموردين بمعنى واحد، وبما أنّ هم العزيزة كان بنحو العزم والاِرادة، وجب حمل الهم في جانب يوسف عليه أيضاً لا على خطور الشيء بالبال، لاَنّه تفكيك بين اللفظين من حيث المعنى بلا قرينة، ولكن تحقّق أحد الهمين دون الآخر، لاَنّ هم يوسف كان مشروطاً بعدم روَية برهان ربّه، وبما أنّ العدم انقلب إلى الوجود، ورأي البرهان لم يتحقق هذا الهم من الاَساس، كما سيوافيك، نعم لا ننكر أنّ الهم قد يستعمل بالقرينة في مقابل العزم، قال كعب بن زهير:
فكم فهموا من سيد متوسـع * ومن فاعل للخير ان همّ أو عزم
ولكن التقابل بين الهم والعزم أوجب حمل الهم على الخطور بالبال، ولولاه لحمل على نفس العزم.
كما ربّما يستعمل في معنى المقاربة فيقولون: همّ بكذا وكذا، أي كاد يفعله، وعلى كل تقدير فالمعنى اللائح من الهم في الآية هو العزم والاِرادة.
2. ما هو جواب لولا ؟
لا شك أنّ "لولا" في قوله سبحانه: (لولا أنْ رأي بُرهَانَ رَبّه )ابتدائية. فلا تدخل إلاّ على المبتدأ مثل "لوما" قال ابن مالك.
لولا ولوما يلزمان الابتداء * إذ امتناعاً بوجــود عقدا

هذا هو معنى الهم، وتوَيده سائر الآيات الوارد فيها لفظ الهم، ولو استعمل في مورد في خطور الشيء بالبال، وإن لم يقع العزم عليه، فهو استعمال نادر لا يحمل عليه صريح الكتاب.






