بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الاولى
الحلقة الاولى
ان للقبائل ( العشائر ) في وقتنا الحاضر مجموعة من التقاليد والعادات والاعراف الخاصة بها والتي ترجع في اصولها الى الارث الحضاري لهذه القبائل عبر تأريخها الطويل , وصار الابناء يتوارثونها عن الاباء والاجداد واخذوا على فعلها وتشجيعها , وما زال شيوخ العشائر وكبرائها يحملون ابناء عشائرهم ولا سيما الشباب منهم الالتزام بها وتطبيقها .
وبما اننا على اعتاب القيام المقدس للامام المهدي عليه السلام ومع وجود الكثير من العادات والتقاليد والاعراف العشائرية الكثيرة والمتنوعة وجب التنبيه الى العادات والتقاليد السلبية منها والايجابية , ومحاولة رصدها وتشخيصها لأبقاء الصحيح منها ونبذ الخاطئ والسقيم .
ان المتتبع لروايات اهل البيت عليهم السلام يجد اشارات الى وجود جاهلية ثانية تسبق قيام الامام القائم عليه السلام , فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال : ( بعثت بين جاهليتين لأخراهما شر من اولاهما ) معجم احاديث المهدي عليه السلام ج1 . وجاء في رواية شريفة عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : ( يا قوم اعلموا علما بينا ان الذي يستقبل قائمنا من امر جاهليتكم ليس بدون ما استقبل الرسول من امر جاهليتكم وذلك ان الامة كلها يومئذ جاهلية الا ما رحم الله ) بحار الانوار ج51 .
والعشائر بما تحمله من عادات وتقاليد وما تتصف به من مواصفات كان لها النصيب الاوفر منها على اعتبار القبائل ( العشائر ) العربية قبيل قيام الدعوة الاسلامية المحمدية كانت تعيش حالة من الجاهلية والتي افضت بها الى عادات وتقاليد اجتماعية وانماط سلوكية صبغت حياتها بطابع معين خاص بها . وعلى هذا الاساس ومن باب التأريخ يعيد نفسه وان اخر الامة يتبع اولها فيما دخلت فيه , وبما ان دعوة الامام المهدي عليه السلام لها شبه بدعوة جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان ولابد ان تعيش العشائر ( القبائل ) قبيل قيام الدعوة المهدوية جاهلية ثانية مع تقاليد وعادات واعراف تشابه ما كانت عليه القبائل ايام الجاهلية الاولى .
فهناك العديد من التقاليد والعادات والاعراف العشائرية التي نعيشها اليوم تشابه ماكانت عليه ايام الجاهلية الاولى , واذا كانت في بعض منها غير مطابقة لها شكلا فأنها مطابقة لها مضمونا وجوهرا , ومن بين هذه العادات والتقاليد الاجتماعية السلبية :-
اولا : ظاهرة العصبية القبلية :-
فالعشائر في هذا الزمان تعيش حالة من العصبية القبلية وحمية الجاهلية فالفرد الواحد من العشيرة او القبيلة يتعصب لعشيرته وتدفعه الحمية الى مناصرة ابن عشيرته ومساندته على غيره من افراد عشيرة اخرى حتى ولو كان ذلك الشيخ ظالما الا انه يقوم بنصرته حمية وتعصبا على حساب الحق والهدى مع كونه مخالفا لما اراده الاسلام من نبذ الحمية والتعصب , فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال : ( من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع اعراب الجاهلية ) الكافي ج2 ص308 .
ثانيا : ظاهرة التفاخر بالانساب :-
حيث صار اليوم التفاضل بالعشيرة والاهل على حساب الدين والتقوى , فواحد يقول انا من بني فلان والاخر يقول انا من العشيرة الفلانية المعروف عنها كذا وكذا ..... الخ , مما يجعله ينظر الى غيره من افراد العشائر نظرة احتقار من باب الاستعلاء والاستكبار على اساس اكرم منهم نسبا وافضل منهم عشيرة وكأنما نسي قوله تعالى { اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين والزمهم كلمة التقوى وكانوا احق بها واهلها وكان الله بكل شيء عليما } الفتح 26 . ومع انها من اعمال الجاهلية التي نهى عنها الاسلام .
فقد ورد عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : ( فالله الله في كبر الحمية وفخر الجاهلية فانه ملامح الشنآن ومنافخ الشيطان اللاتي خدع بها الامم الماضية والقرون الخالية .... ) مستدرك الوسائل ج12 ص92 . كما ورد عن الامام الباقر عليه السلام : ( ثلاثة من اعمال الجاهلية الفخر بالانساب ...... ) بحار الانوار ج55 ص315 .
وهذه الخصلة من التفاخر بالانساب والتباهي بها قد تقف عائقا امام الانسان على طريق تهيئته لنفسه واستعداده لقيام الامام المهدي عليه السلام , وقد تقعد به عن الالتحاق بدعوته الميمونة المباركة لأنه يقع في ما وقعت به قريش وغيرها من القبائل في رفض دعوة النبي صلى الله عليه واله وسلم لأن من تبعها هم في اغلبهم من عامة الناس والطبقات الفقيرة منهم وليسوا من علية القوم , قال الله تعالى { فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشر مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين } هود 27 .
ثم ان الشخص الذي لديه هذه النزعة من التفاخر وحب الانا قد لاتسمح به نفسه ولا تطاوعه على ان يقوده شخص اقل منه في النسب والعشيرة او المكانة الاجتماعية وقد يكون هو تحت امرته لا سيما ان اصحاب الامام المهدي عليه السلام على مرتب ودرجات فمنهم النقباء الاثنى عشر وفيهم الثلاثمائة وثلاث عشر عدة اهل بدر ومنهم باقي الانصار , وهذا ماقد يتلائم مع نزعات هذا الانسان وتوجهاته واعتزازه بنفسه وعشيرته مما يوقعه في المحذور ويجعله ينأى بجانبه عن امام زمانه عليه السلام .
بقية الموضوع في الحلقة الثانية
تعليق