هي فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين أم أبيها كما كان يناديها والدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدتها السيدة العظيمة خديجة أم المؤمنين وزوجها سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ولدت عليها السلام بمكة يوم العشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين من مولد والدها صلى الله عليه وآله وسلم أي بعد بعثته بخمس سنوات و قيل ولدت سنة تجديد بناء الكعبة أربع سنوات قبل البعثة تقريبا .
هي أشبه أولاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم به جميلة في خلقها وخلقها قليلة الكلام فإذا تكلمت أفصحت عن منطق بليغ وكلام رائع يعبر عن شخصية بلغت أعلى درجات الكمال العقلي و الإنساني والروحي ولا غرابة في ذالك فقد ولدت ونشأت في بيت سيد البلغا ء محمد الصادق الأمين النبي الرسول الذي أوتي جومع الكلم وجمع خصال الأنبياء و الرسل قاطبة وتربت في حضن والدتها السيدة العظيمة خديحة بنت خويلد سيدة نساء الأرض و السماء كما جاء في الحديث وفيها إجتمعت خصال النساء العربيات في عفتهن و شرفهن وغيرتهن على أزواجهن و بذلهن و عطائهن وكرمهن و يكفي فيها قول حبيبها محمد صلى الله عليه و آله و سلم لم سمع من زوجته عائشة تقول له لقد أبدلك الله خيرا منها فغضب و قال // ولاهي ما أبدلني خيرا منها آمنت بي حين كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها الولد دون غيرها من الناس .
فما بالك في بنت تحضى بمثل هذين الأبوين العظيمين وتفتح سمعها وبصرها على جبريل عليه السلام تتحسس روحه ووحوده وهو ينزل بالقرآن غضا طريا نديا على والدها صلى الله عليه وآله وسلم فتتلقاه هي من أبيها تتلو آياته و تحفظه فتمتزج روحها بروح الوحي وينفتح عقلها ووعيها عل آفاقه الإيمانية و أسراره وعجائبه وتختزن نفسها كل معاني الهداية و الحق و الشريعة والقيم الطهر و الخير و الصبر و حلم و زهد و الرشد .
لقد أعدت سيدت نساء العالمين فاطمة عليها السلام قلرآنيا وعلى عيني رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم لتكون دعامت البيت النبوي بعد والدتها والركن الثالث فيه بعد والدها صلى الله عليه وآله وسلم و زوجها الإمام علي عليه السلام حيث إكتمل بولديهما الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام بناء البيت الذي طهر الله أهله تطهيرا و أنزل فيهم قرآنا يتلوه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وإلى يوم القيامة ويشهد على ولايتهم وإمامتهم الناس في شؤون الدين والدنيا ويفرض عليهم مودتهم التي يسؤلون عنا كما يسؤلون عن الصلاة وزكاة و الصوم و الحج .
قال تعالى // إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا // سورة الأحزاب الآية33 وقال //قل لاأسألكم عليه أجرا إلى المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنة إن الله غفور رحيم //سورة الشورى الآية 23 / لمزيد من التوضيح أنظر تفسير الزمخشري و تفسير الفخر الرازي / من هنا أخذت السيدة فاطمة عليها السلام مكانة سيدة نساء العالمين كما جاء في الحديث النبوي الشريف وهي سيادة ليست تشريفية فحسب ولا تقف عند حدود العواطف لموقعها من أبيها وإنما لأنها شاهدة على الوحي وهو يتنزل على مكث وهو يبين وهو يوجه وهو يشرع من خلال والدها النبي الرسول لقد عاشت سيدة نساء العالمين الغيب النفتح بأبعاده المتعددة على أبيها من خلال جبرائيل عليه السلام حتى صار الغيب في وعيها حاضرا دائما و يشكل يسبق فيه عالم الشهادة تلكم الحالة الحضورية التي عبر عنها الإمام علي عليه السلام بقوله لو كشفت لي الحجب مازددت يقينا. وقوله أيضا ما رأيت شيأ إلى ورأيت الله قبله .
لقد تحدثت كتب السيرة و التاريخ عن فاطمة الزهراء وهي صغيرة تواسي أباها و تمسح رأسه ووجهه وما على جسمه من أوساخ كان أوغاد قريش يرمونه بها وهو يصلي في الحرم و تحدث عنها التاريخ وهي تبكي لما كان يصيبه من أذى القبائل العربية وهو يعرض عليهم دعوته فيعود إلى بيته مثقلا بالجراح و الآلام وتحدث عنها التاريخ وهي تعيش الخوف عليه من مؤامرات اليهود و المشركين التي كانت تستهدف تصفيته بالقتل المباشر حينا و بسم حينا آخر وتحدث التاريخ عنها وهي تخصل جراحه بالماء بعد عودته من معركة أحد وقد كسرت رباعيته و أثخنته الجراح فتضمدها بيدها الطاهرة و تحرق قطعت حصير تضع رمادها عل الجراح.
لقد كانت عليها السلام بحق أم أبيها عاشت النبوة في أبيها بوعي وإنفتاح لم تستغرقها نفسها شأن عامة النساء وخاصتهم ولم تطلب من الدنيا ذهبا ولا فضة ولا خدما ولا حشما و لا قصرا.
كانت في بيتها المرأة الصالحة و المربية الكاملة التي يتخرج على يدها أئمة الهدى وسادة وسيدات الخلق الحسن المجتبى و الحسين الشهيد و زينب شاهدة كربلاء وأم كلثوم وكانت في العبادة القدوة التي تحتذى وكانت في المعرفة بالقرآن والعلم بالشريعة وأحكام الإسلام و فرائضه العامة و الخاصة والسياسية منها
و الإجتماعية مما أهلها لتكون في قلب الحدث الذي أعقب وفاة الرسول صلى الله عليه وآله و سلم حيث
وقفت أمام كبار الصحابة من المهاجرين و الأنصار وبحضور أبي بكر وقد بويع بالخلافة وعمر وزيره
الأول لتخاطب الحاضرين بكل ثبات وعزم وحجة وبلاغ مبين وتدلي برأيها في الشؤن السياسية وتعلن
عن أحقيت زوجها علي بالخلافة وإمارة المسلمين من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتطالب بحقها فيأ{ض فدك وتقيم الحجة على أبي بكر بنص القرآني الذي أكد على أن الأنبياء يورثون كما يورث جميع المؤمنين وتنطبق عليهم أحكام الإرث كما تنطبق على غيرهم وأنه لايمكن لرسول أن يستثني أهله من الإرث كما إعتقد أو بكر الذي يبدوا أنه حكم بضاهر الحديث الذي رواه بنفسه . / للإطلاع أكثر على خطبة فاطمة عليها السلام أنظر كتاب عباس محمد العقاد فاطمة الزهراء و الفاطميون / .
ومن العروف أن السيدة الزهراء عليها السلام لم تبايع أبا بكر حتى توفيت ولا شك أنها لم تتخذ هذا الموقف القوي و تصر عليه بدافع ذاتي عاطفي انتصارا لزوجها أو لبني عبد المطلب كما يقول البعض في محاولة للإيجاد الذرائع التي تبرر أو تفسر موقفها من الخلافة . إن موقعها من أبيها النبي / فاطمة بضعة مني يربني ما يريبها / ./ رضا فاطمة من رضائي وسخطها من سخطي / ومعرفتها بالقرآن الكريم و أحكامه وو قوفها على حقائق تفاصيله وهو يتنزل على أبيها ينأى بها عن مثل تلك الدوفع الذاتية ويجعل من الإفتراء القول بذالك في حق السيدة الزهراء و هي من هي ويبقى بعد ذالك كيف جرى الخلاف في مسألة الخلافة بين الشيعة الذين رأو أن موقف فاطمة عليها السلام هو موقف نصي أي أ، خلافة علي للمسلمين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد فصل فيها القرآن الكريم الذي نص عل الولاية في قوله تعالى // إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنو ا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون // الآية 55 من سورة المائدة . والآية كما هو معروف نزلت في حق علي عليه السلام .
وقد أمر الله تعالى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ هذا الأمر في حجة الوداع بقوله تعالى // ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس // سورة المائدة الآية 67 وعند غدير خم موقع بالقرب من الجحفة قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم مخاطبا حجاج بيت الله الذين كان عددهم في ذالك العام يربو على خمسين ألفا فأخذ بيدعلي بن أبي طالب عليه السلام وقال // ألست أولا بالمؤمنين من أنفسهم قالو بلا يارسول الله قال // فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والي من والي من والاه وعادي من عاداه // ويدعمون هذه النصوص بنصوص أخرى بآية التطهير وآية المودة و المباهلة وأحاديث العترة التي بلغت حد التواتر و حديث السفينة و مدينة العلم والكساء وغيرها فيما يرى أهل السنة أن الأصل في الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وآله و سلم الإختيار للمؤمنين لأن النبي لم ينص على شخص بعينه وأول تلك النصوص الثابتة التي إستدل بها أهل البيت وشيعتهم بتاويلات تصرفها عن كل ما له علاقة بالخلافة خاصة منها السياسية لتنحصر في ولاية العلم و المحبة و التبرك وما شابه وليت الذين جاؤوا بعدهم من بني أمية وبني العباس فعلوا ذالك فقد ذاق آل البيت الويلات تلو الويلات منهم فلم ترع لهم حرمة ولم تحفظ لهم كرمة بل لعنوا من على المنابر و قتلوا غدرا بالسم وجزت رؤوسهم بكربلاء و سبيت نساؤهم على مرأى و مسمع من الأمة و الأمة ما زال فيها صحابة و تا بعون .
فهل سمعوا استغاثة زينب ع / وا محمداه هذا الحسين بالعراء وبناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفى عليها الصبا.

لقد سجل التاريخ سؤاله على لسان بنت عقيل بن أبي طالب و هي تنشد //

ماذا تقولون إن قال النبي لكم *** ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم

بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي *** منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم

ماكان هذا جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي