صلاة أبي حنيفة : قال ابن خلكان في وفيات الأعيان : ذكر إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني في كتابه الذي سمَّاه ( مغيث الخَلْق في اختيار الأحق ) أن السلطان محمود [ بن سبكتكين ] كان على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه ، وكان مولعاً بعلم الحديث ، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع ، وكان يستفسر الأحاديث ، فوجد أكثرها موافقاً لمذهب الشافعي رضي الله عنه ، فوقع في خلده حكة ، فجمع الفقهاء من الفريقين في مرْو ، والتمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر ، فوقع الاتفاق على أن يُصلّوا بين يديه ركعتين على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ، وعلى مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه ، لينظر فيه السلطان ويتفكر ويختار ما هو أحسنهما ، فصلّى القفال المروزي بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة واستقبال القبلة ، وأتى بالأركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجه الكمال والتمام ، وقال : هذه صلاة لا يجوِّز الإمام الشافعي رضي الله عنه دونها ، ثم صلَّى ركعتين على ما يجوِّز أبو حنيفة رضي الله عنه ، فلبس جلد كلب مدبوغاً ، ولطَّخ ربعه بالنجاسة ، وتوضّأ بنبيذ التمر ، وكان في صميم الصيف في المفازة ، واجتمع عليه الذباب والبعوض ، وكان وضوؤه منكساً منعكساً ، ثم استقبل القبلة ، وأحرم للصلاة من غير نيَّة في الوضوء ، وكبَّر بالفارسية : دو برك سبز ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غير ركوع ، وتشهَّد ، وضرط في آخره من غير نية السلام. وقال : أيها السلطان ، هذه صلاة أبي حنيفة. فقال السلطان : لو لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك ، لأن مثل هذه الصلاة لا يجوِّزها ذو دين. فأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة ، فأمر القفال بإحضار كتب أبي حنيفة ، وأمر السلطان نصرانياً كاتباً يقرأ المذهبين جميعاً ، فوُجدتْ الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة ، وتمسّك بمذهب الشافعي رضي الله عنه 1
----------------------------
1-(1) وفيات الأعيان 5|180. وذكر ابن القيم في أعلام الموقعين 2|222 هذه الصلاة ولم يذكر من قال بإجزائها.
----------------------------
1-(1) وفيات الأعيان 5|180. وذكر ابن القيم في أعلام الموقعين 2|222 هذه الصلاة ولم يذكر من قال بإجزائها.
تعليق