إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ليلة القدر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ليلة القدر

    ليلة القدرالكاتب : سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد أمين زين الدين ( رحمه الله )
    . . . في ذكرى القرآن ، و للأيام قسط منها كما للنفوس ، وللتأريخ تشريف وتكريم كما للإنسانية .
    على أن القسط الذي تناله الأيام من هذه الذكرى . والشرف الذي يصيبه التاريخ يعودان آخر الأمر فيصبحان حَظّاً من حُظوظ الإنسان .
    وشهر رمضان هو الشهر الذي ميّزته العناية بهذا القسط ، وليلة القدر منه هي التأريخ الذي اختصّته الحكمة بهذا التشريف والتكريم .
    قد تكون هذه الليلة المباركة من هذا الشهر العظيم وقتاً لنزول القرآن جُملة على قلب الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، ثم تنزّل ـ بعد ذلك ـ مفصّلاً مرتّلاً طيلة عهد الرسالة ، فقد قال بهذا مفسرون وأوّلوا به أحاديث .
    وقد يكون هذا الشهر ـ وهذه الليلة منه على الخصوص ـ تاريخاً لنزول أول نجم من نجوم القرآن ، فقد ذهب إليه ذاهبون من علماء التفسير ايضاً . .
    و على أي حال فلهذا الشهر ولهذه الليلة صلة وثيقة بنزول القرآن ، وقد شهد بِها القرآن و ناد بها ذكراه ، و أرّخ بها نزوله ، فقد قال في سورة البقرة :
    ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ... [1] .
    و قال في سورة القدر : ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ [2] .
    شهر رمضان وليلة القدر هما مطلع هذا النور الإلهي الذي أضاء للإنسانية من ظلمة ، وأنقذها من هلكة ، وبصّرها من عمى ، وهداها من ضلالة ، أفليسا جديرين إذن بالتكريم ؟! .
    أليس من الحق أن يكون لهما في الإسلام شأن لا يُجهل ، ومنزلة لا تضيع ؟ .
    أليس جديراً بهذا الشهر أن يكون موسم البر ، ومضاعفة الأجر ، وبهذه الليلة أن تكون خيراً من ألف شهر : أن يكون عمل البر فيها خيراً من عمله في ألف شهر كما نطقت به أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وفسرت به الآية الكريمة ؟ .
    وفريضة الصوم هذه التي كتبها الله على الذين آمنوا لعلهم يتقون ، أليست تكريماً لهذا الشهر ، وذكرى للقرآن ، وشكراً لنعمة نزوله ؟ .
    إن الآية الكريمة السالف ذكرها قد تشير إلى ذلك ، فإنها قالت : ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... [3] .
    نعم وهكذا يعود القسط الذي أصابه شهر الصوم من ذكرى القرآن والذي أصابته ليلة القدر ففضّلت به على ألف شهر ، يعود فيصبح حظاً جديداً يسعد به الإنسان .
    ذكرى ليلة القدر
    قال لي الأعزاء الذين دعوني للمشاركة في هذا الحفل : ( إنها ذكرى ليلة القدر ) ، فأكبرتُ الذكرى ، وأكبرت القصد .
    اقترنت في خاطري مع هذا الاسم الكريم قولة الله ( سبحانه ) عن كتابه :
    ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [4] .
    وقوله ( عز اسمه ) : ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ [5] .
    اقترنت هاتان الآيتان في خاطري مع اسم ليلة القدر ، كما يقترن الأليف بالأليف ، وكما يجتمع الحبيب الى الحبيب ، ونزول القرآن في ليلة القدر ـ في ما يعتقده كل مسلم ـ أعظم حادث أوجب لها الفضل ، وأكبر ما فرق فيها من أمر حكيم .
    ذكرى القرآن و الإسلام
    وإذن ، فذكرى ليلة القدر إنما هي ذكرى القرآن كتاب الله الكريم ، بل وذكرى الإسلام دين الله العظيم .
    وإذن فهي ليست ذكرى بالمعنى الذي يعرفه الناس حين يُطلقون هذه الكلمة ، وحين يقيمون الاحتفالات والذكريات ، كما قلت في حديث كتبته عن ذكرى القرآن قبل عام .
    إنها ليست ذكرى حادث مرّ وجوده ، ومرّ تأريخه ، وإنما تقام ذكراه ليستبقى بعض آثاره .
    ليست ذكرى شيء انتهى أمده من الوجود ، لتبقى عظمته خالدة في القلوب .
    ولكنها تعهّد صلة ، وتجديد ميثاق ، وإحكام عهد .
    إنها تعهّد المؤمن صلته بالكتاب الذي صدّق ، وبالدين الذي آمن ، وانها تجديد ميثاقه لربّه الذي أخذه عليه في عالم الميثاق ، ثم انطبع في كيان هذا المخلوق ، وفي أغوار نفسه ، طاقة قويّة تستمدّ منها ركائز الفطرة ، ونوراً هادياً تقتبس منه براهين الفكرة :
    ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [6] .
    إنها تعهّد صلة لم ترثّ ولم تَخلُق ، وتجديد ميثاق لم يَهِن ولم يتزلزل ، واحكام عهدٍ لم تهِ رابطته ، ولم يُنقَض مبرمه ، ولم تتزعزع أسُّه ، ولكن هكذا يريد الله لعبده المسلم ، أن لا تزداد صلته به إلا قوّة ، وأن لا تزداد عقيدته بتوحيده الا رسوخاً وثباتاً ، وأن لا يزداد إيمانه بدينه إلا إشعاعاً وانطلاقاً ، وأن لا تزداد عزيمته في جهاده دون عقيدته ، ودون دينه إلا شدّة ومضاءاً ، وأن لا يزداد صوته في الدعوة إلى الله و الهداية إلى سبيله إلا علوّاً و ارتفاعاً :
    ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [7] .
    ﴿ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [8] .
    هذه هي ذكرى ليلة القدر ـ أيها الاخوة ـ ، أو بالأحرى هذه هي ذكرى القرآن في ليلة القدر .
    وليكن معنى نزول القرآن في ليلة القدر ما يكون ، وليقل علماء الحديث وعلماء التفسير فيه ما يقولون .
    ليكن معنى ذلك أن هذه الليلة المباركة أنزل فيها أول نجم من نجوم القرآن ، كما يرى البعض ، أو أن القرآن أنزل فيها جملة واحدة ، وليكن ببعض مراتب النزول كما يراه آخرون .
    ليكن معنى نزول الكتاب في هذه الليلة وفي هذا الشهر أي معنى ، فان الأمر يستوجب الاهتمام ، ويستوجب التعظيم .
    نور و كتاب مبين
    ﴿ ... قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [9] ﴿ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [10]
    ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ... [11] .
    المعجزة الخالدة للشريعة الخالدة ، والمنهاج الكامل للسعادة الكاملة ، والروح الحي الذي يهب الحياة الطيبة ، والنظام العدل لحكومة الحق العادلة ، والدستور الثابت الباقي الذي لا عزّ إلا بامتثاله ، و لا نصر إلا في ظلاله .
    و إذا كان الإسلام دينَ الحياة ودين الأبد ودين القرون ، و إذا كانت عقيدة الإسلام هي العقيدة التي لا يقبل الله غيرها ، و إذا كانت شريعته هي الشريعة التي لا يرتضي سواها .
    ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [12] .
    . . إذا كان كل أولئك حقاً لا ريب فيه ـ وكل أولئك حق لا ريب فيه ـ أفليس من حق البشر كافة أن تقام لهم المعجزة الهادية الباقية التي تكشف الظنون وتخلد مع القرون ؟ .
    أوليس من حقهم كافة أن يعيّن لهم المنهاج الكامل للسعادة ، والنظام العادل للحياة ، والسبيل السويّ للخُلق ، والقاعدة المتينة للتربية ، والقوانين الحكيمة للإجتماع والاقتصاد والحكم والسياسة والتدبير ، وأن ينزّل عليهم الكتاب الجامع المعصوم الذي يجمع كل هذه السّمات ويفي بكل هذه الغايات ؟ .
    بلى ، وهكذا كان ، ووفت الحكمة المشرّعة الهادية للخلق بما يريدون ، وأنزلت ﴿ ... لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ ... [13] .
    إعجاز القرآن
    هذا هو السر الأكبر في إعجاز القرآن .
    فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في كل جهة من جهاته . وهو الذي لن تبلغه القدرة المحدودة في أي أفق من آفاقه .
    أما وجهة البلاغة فهي بعض وجوه الإعجاز فيه ، وهي آخرها جميعاً ، إذا ابتدأنا بالتعداد من أرفعها مكاناً .
    و الإعجاز ـ في واضح معناه ـ ظهور القدرة العليا في أثرٍ من آثارها ، حتى يستبين جلياً للقدرة المحدودة أن الإتيان بمثله ليس من المستطاع .
    و الإعجاز هي الظاهرة التي تختص بها قدرة الله ( تعالى ) في كل ما تصنع ، وفي كل ما توجِد ، فلا تصنع الا معجزة ، ولا توجد إلا آية . .
    ﴿ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [14] .
    ﴿ ... وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ... [15] .
    من هذا التراب الواطىء الحقير الذي نستهينه ونطؤه بالأقدام ، ونضرب بضعته الأمثال .
    من هذا التراب أنشأت القدرة مخلوقاً فكبرّ الكون وسبّحت الأشياء ، وسجد الملائكة كلّهم أجمعون .
    ومن هذه الحروف الميسورة لنا أن نركّب منها ما نريد ، وندلّ بها على ما نريد ، ونتفننّ في تركيبها ، وفي الدلالة بها كما نريد .
    من هذه الحروف التي ننطق بها دون كلفة ، ونتفاهم بها دون عسر ، ونتنافس في الافصاح بها دون عناء . . من هذه الحروف يوحي الله كلاماً ، وينزّل كتاباً ، فتطأطأ له الهام ، وتخضع له الأعناق ، وتذهل له الألباب .
    ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [16] .
    نحن و ذكرى ليلة القدر
    هذه هي ذكرى ليلة القدر ـ أيها الاخوة ـ وهذه هي ذكرى القرآن ، فما موقفنا نحن المسلمين منها ؟ .
    فهل نكتفي بتعداد فضائل الليلة ، ووجوه إعجاز الكتاب ، ثم نفترق وكأننا صنعنا لإيماننا ولكتابنا ولدعوتنا كلّ شيء ؟! .
    إن كتابنا ـ أيها المسلمون ـ يدعونا للعمل فهل نحن عاملون ؟ . وهل نحن جادّون أم هازلون ؟ .
    هل نملأ الفراغ العقائدي الذي تقاسيه ناشئتنا وشبابنا ، بل وشيوخنا وكهولنا؟ .
    وهل نطبّق مناهج الله (سبحانه) على واقعنا المؤسف ، فنشفي بها عللاً ونصلح زللاً ؟! .
    هل نبلّغ دعوة الله وهدى كتابه كل ذي سمع ممن حولنا ، وكل ذي قلب ؟! .
    انها أمانة الله في رقابنا ـ أيها الاخوة ـ فهل نحن جادّون في أدائها أم متكاسلون ؟ .
    ﴿ وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [17] . ـ وصدق الله العظيم ـ [18]

  • #2
    بوركت ع النقل القيم

    موفقــــــــ

    تعليق


    • #3
      شكرا لمرورك أختي الفاضلة

      تعليق


      • #4
        اللهم صلي على محمد وآل محمد

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X