السلام عليكم
الأمر الأول: فإن الشيعة يرون أن السنة الشريفة تعني لديهم قول المعصوم (عليه السلام) وفعله وتقريره.. وهذا يشمل المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام).. وهم يرون إن قول كل معصوم إنما ينتهي إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد دلت على ذلك الأدلة المتضافرة المتواترة الدالة على أن حديث الإمام الصادق (عليه السلام)، هو حديث الباقر (عليه السلام) وحديث الباقر(ع) هو حديث الإمام السجاد (عليه السلام) وحديث الإمام السجّاد(ع) هو وحديث الحسين (عليه السلام) هو حديث أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) وحديث الحسين(ع) وحديث أمير المؤمنين (عليه السلام) هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)....
وهكذا بالنسبة إلى بقية المعصومين (عليهم السلام).. فلا فرق من هذه الناحية بالنسبة لحجية الأحاديث عند الشيعة، فحديث المعصوم (عليه السلام) هو الحجة.
وما ينقله الإمام الباقر أو الصادق أو السجاد أو الحسين أو غيرهم من الأئمة (عليهم السلام) إنما هو حديث جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) سواء صرّحوا بذلك أو لم يصرّحوا... فالأئمة (عليهم السلام) ليسوا رواة لأحاديث جدهم النبي (صلى الله عليه وآله) كما هو الشأن عند أهل السنة بحيث يكون الراوي راوياً فيما ينقله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وليس عن غيره.
وإنما (عليهم السلام) أحاديثهم هي أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهي حجة لا يختلف مقام الأخذ بها عن مقام الأخذ بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)..
فهذه النقطة المهمة ينبغي لأهل السنة الانتباه إليها في عقيدة الشيعة الإمامية ومناقشتها، وعقد المناظرة والجدل حولها، لأنها روح العقيدة الشيعية، لا التباري بكمية الأحاديث التي يرويها البخاري أو مسلم عن الامام علي (عليه السلام)... فهذه عملية قشرية لا قيمة لها في الميزان العلمي والعملي ولا تؤثر على أحد في تغيير عقيدته أو تضعيفها من الجانبين.. فالعقيدة هي ليست أرقام تطرح بشكل سطحي خالية عن التحقيق والتدقيق..
فمن قال أن ما رواه البخاري ومسلم عن علي (عليه السلام) كله موثقاً ومقبولاً؟ بل أن جملة من تلك الأخبار مشكوك فيها وتفوح منها رائحة الدس والوضع، فلا يمكن عدها مرّجحاً في ميدان التباري بالمحبة والولاء.
كالرواية التي يرويها البخاري {كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة} عن خطبة علي (عليه السلام) لابنه أبي جهل، والتي يكفينا بيان وضعها بأن راويها المحسور بن محزمة كان عمره عند سماعة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطب على المنبر ست سنوات وقد صرّح بأنه يومئذ محتلم، وهذا مخالف للغة والعرف، فلا يقال لطفل عمره ست سنين: إنه محتلم.. فالرواية واضحة الوضع إضافة للمحاذير الشرعية التي تتضمنها،
ففي الوقت الذي نجد فيه النبي (صلى الله عليه وآله) يقرر أنه لا يتصرف في هذا المورد من موقع الولاية، وكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، حيث يقول في خطبته: (إني لست أحرم حلالاً، ولا أحل حراماً) نجده يفرض على علي يطلق أبنته إن أراد تزوج ابنة أبي جهل، مع أن الله قد جعل الطلاق بيد الزوج، وليس للزوجة ولا لأبيها حق فرض ذلك عليه.
ثم هو ينهى علياً من الزواج بالثانية، مع أن الله تعالى أحل الزواج مثنى وثلاث ورباع {راجع بقية المحاذير والأدلة على وضع هذه الرواية في موسوعة: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) 6: 217 ـ 280 {.
وأيضاً الرواية الأخرى التي ينقلها البخاري ومسلم وينسباها زوراً وبهتاناً إلى الإمام زين العابدين (عليه السلام) ينقل ذلك عن أبيه الحسين (عليه السلام) بأنه قال: إن أمير المؤمنين علي وفاطمة (عليهما السلام) لم يكونا يستيقظان للصلاة. وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يوقظهما، فقال علي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً فأجابه النبي (صلى الله عليه وآله) ((وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً)) تقريعاً لعلي. {أنظر صحيح البخاري ج2ص44 باب التهجد في الليل صحيح مسلم 2: 187 باب إستحباب صلاة النافلة}.
وأيضاً الرواية الأخرى التي نسبت للإمام زين العابدين (عليه السلام) عن أبيه الحسين (عليه السلام) يذكر فيها شرب حمزة للخمر وتعاطيه إياه {أنظر صحيح البخاري ج3ص80 كتاب المساقاة، وصحيح مسلم ج6ص85 باب تحريم الخمر.
فأئمة أهل البيت (عليه السلام) ورجالهم عند البخاري ومسلم ليسوا محلاً لأخذ المسائل الشرعية أو محلاً للأسوة والاقتداء وإنما هم إما أناس يؤذون رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالتزوج على أبنته، أو يشربون الخمر، أو لا يصلون!!! فهل يعد هذا من الولاء بشيء ؟!!
ثم يأتي ليقول أنظروا كم يروي السنة عن أهل البيت وكم يروي الشيعة؟!
ونحن نقول أنظروا ماذا يروي السنة عن أهل البيت وماذا يروي الشيعة؟!!
فالمسألة لا تقاس بالكم ـ ـ وإنما بالنوع..
وعلى أية حال فقد بينا الضابطة في نسبة الأحاديث إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الشيعة عنها عند السنة.. فالمسألة الأساس هي هذه وليس ما ذكر من إحصائيات وأرقام وفيها ما فيها.
يتبع ان شاء الله
تعليق