روى مسلم عن جابر بن سمرة أنه سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ( لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش ) . (صحيح مسلم : 3 / 1453 ح 1821) .
وقريب منه في: (صحيح البخاري : 4 / 165 كتاب الاحكام ، سنن الترمذي : باب ما جاء في الخلفاء من ابواب الفتن ، سنن أبي داود : 3 / 106 كتاب المهدي ، مسند الطيالسي : ح 767 و 1278، مسند أحمد : 5 / 86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108، كنز العمّال : 13 / 26، حلية أبي نعيم : 4 / 333، فتح الباري : 16 / 338، مستدرك الصحيحين : 3 / 617) .
ـ ان في الحديث بأشهر متونه ـ فان له نصوص عديدة ـ مفهومان: مفهوم العدد: وهو ذكر عدد معين مضبوط يريده رسول الله(ص) وهو الاثنى عشر لا غير, ومفهوم الغاية: هو جعل عزة الإسلام منوطة بوجود هؤلاء الاثني عشر بقوله في بعض المتون (الى ) في اخرى (حتى), فان لفظة (الى) و(حتى) تستخدم للغاية، ويفهم من الغاية في لغة العرب تحديد المغيى ضمن حدين تبينهما الغاية, فتكون عزة الإسلام مغياة أي حدها هو مضي اثنا عشر اماماً لا أكثر ولا أقل.
فاذا نفينا التحديد من جهة الاكثر كما فعل القاضي عياض باحتمال ان تكون عزة الإسلام ماضية لأكثر من الاثني عشر, يكون كلام رسول الله(ص) في الغاية والعدد لا فائدة منه او لغواً (اعوذ بالله).
وعلى كل فان سياق الاحاديث والقرائن المحتفة به سواء الحالية أو المقالية كلها تدل على الحصر بهذا العدد، وإلا كان الحديث لغواً لا فائدة فيه لعدم تعريفنا بالاثني عشر هؤلاء ولا معرفة الخصوصيات التي تميزهم بشكل واضح عمن سواهم.
وكذلك عدم ذكر من سواهم أيضاً يدل على الحصر، وإلا لقال (ص) يكون فيكم خلفاء أو ولاة منهم إثني عشر يعز الإسلام في زمانهم مثلاً، فهذا الاطلاق فيمن يكون بعده(ص) يدل على الحصر.
وقوله (ص): (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى إثني عشر خليفة) يدل على توالي هؤلاء الخلفاء واحداً بعد واحد وتعاقبهم من بعده(ص) مباشرة لانه سماهم خلفاء أي يخلفونه (ص) وإلى أن يبلغوا إثني عشر خليفة فينتهي الإسلام وعزته ومضيه في الارض والناس أي إلى قيام الساعة، مع استعمال كلمة (لا يزال) التي تدل على عدم الزوال أي الاستمرار فينتج من ذلك (خلفاء للرسول مستمرون الى قيام الساعة وهؤلاء يكونون اثني عشر)، فتأمل.
وكذلك إتفاق الامة على كون آخرهم هو المهدي(ع)، يدل على استمرار الاثني عشر من بعد رسول الله(ص)، لانهم خلفائه وإلى قيام الساعة.
ثم إن حصرهم بكونهم من قريش وقوله(ص) في حديث آخر يرويه البخاري ومسلم من قوله(ص): (لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي من الناس اثنان)، يدل على حصر الخلافة الحقّة بهؤلاء المذكورين بقوله(ص): (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش) رواه مسلم.
أما حديث النقباء فهو صريح ونص في حصر العدد، وإليك نصه بتمامه:
عن مسروق قال: ((كنا جلوساً عند عبد الله (بن مسعود) وهو يقرئنا القرآن فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله(ص): كم يملك هذه الامة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد مذ قدمت العراق قبلك! ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله(ص)، فقال: (إثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل)))، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد 5/190): رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات. ورواه الحاكم في مستدركه أيضاً في (4/501) وكذا ابن حجر في (فتح الباري 13/183) وحسنه .
نقول: وسؤال مسروق لابن مسعود واضح في الحصر: ((كم يملك هذه الامة من خليفة؟))، وجواب ابن مسعود له واضح في بيانه لأهمية هذا الامر وسؤالهم لرسول الله(ص) بهذا السؤال المهم عن عدد خلفائه! وتشبيه رسول الله(ص) خلفائه الاثني عشر بنقباء بني إسرائيل الاثني عشر بنص القرآن الكريم واضح ايضاً في إرادة بيان الحصر في عدد خلفائه.
ثم إن مكان ورود حديث الخلفاء الاثني عشر هو حجة الوداع، ويصرح الحديث بأن الناس لم يرتضوا بنص النبي(ص) على خلفائه وتوضيح أمرهم ووصفهم وأسمائهم فاعترضوا عليه أشد الاعتراض وصرخوا وصاحوا ورفعوا أصواتهم وكبروا ولغطوا وقاموا وقعدوا لكي لا ينص النبي(ص) على خلفائه ولا يتضح أمر خلافته ليبقى لهم مجال في اعتلاء سدة الحكم ورئاسة الامة وقيادتها التي أحسوا أنها ستذهب عنهم والى الابد!
فقد روى أحمد في مسنده (ج5 /99) عن جابر بن سمرة قال: ((خطبنا رسول الله (ص) بعرفات، وقال المقدمي في حديثه سمعت رسول الله(ص) يخطب بمنى، فسمعته يقول: (لن يزال هذا الامر عزيزاً ظاهراً حتى يملك اثنا عشر كلهم)، ثم لغط القوم وتكلموا فلم أفهم قوله بعد كلهم! فقلت لأبي: يا أبتاه ما بعد كلهم؟ قال: (كلهم من قريش))).
وفي رواية أخرى (5/99): (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة) قال: فجعل الناس يقومون ويقعدون.
وفي رواية عند أحمد (5/93): ثم تكلم بكلمة لم أفهمها وضج الناس فقلت لأبي ما قال؟ قال: (كلهم من قريش).
وفي أخرى عند أحمد (5/98): ثم قال كلمة أصمنيها الناس...
وفي أخرى عند مسلم (ج6 / 4): (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة) فقال كلمة صمنيها الناس، فقلت لابي ما قال؟ قال: (كلهم من قريش).
وفي رواية عند أبي داود في سننه (2/309) قال: فكبر الناس وضجوا ثم قال كلمة خفية...
فهذه الروايات تثبت اعتراض بعض الصحابة على نص رسول الله (ص) على هؤلاء الخلفاء، لأنهم فهموا بأن هذا النص للحصر، وإلا لما هذا الاعتراض منهم وصراخهم حتى جعلوا رسول الله(ص) يخفي صوته ويخفته ولا يصرح على الملأ بوصف خلفائه أو أسمائهم!!! ولذلك نزلت بعد هذه الحادثة آية التبليغ التي تحض رسول الله(ص) على تبليغ أمر وليه ووصيته وخليفته من بعده وتبين له أهمية ذلك وأن هذا الامر هو عدل لكل رسالته وعدم بيان هذا الامر والتصدي له يعتبر عدم تبليغ لكل الرسالة وطمأنه في مقابل هذا بعناية الله تعالى له ولطفه به بعصمته باعجاز الله تعالى وقدرته من الناس المعترضين عليه المعاندين لأمره هذا، فأنزل تعالى: (( يَا أَيّهَا الرَّسول بَلّغْ مَا أنْزلَ إلَيْكَ منْ رَبّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رسَالَتَه وَاللَّه يَعْصمكَ منَ النَّاس )) (المائدة), فبلغ بعد أيام بولاية علي(ع) في غدير خم بعد رجوعهم من حجة الوداع أي بعد اسبوعين تقريباً من هذه الحادثة وهذا الاعتراض والرفض من الناس لتبليغ رسول الله(ص) لأمر الخلافة والإمامة في أمته من بعده.
2ـ أما مسألة فهم التنصيص على الائمة(ع) بتشبيههم بنقباء بني اسرائيل، فهو محتمل ووارد ولا إشكال فيه بل يقويه تشبيههم (ع) بهم دون ذكر العدد فقط فلو أراد رسول الله(ص) إبلاغ العدد فقط لاكتفى بقوله (يكون بعدي اثنا عشر إماماً أو خليفة) ولا يقول (كعدة نقباء بني اسرائيل)، فهنا لا بد من وجود وجه للتشبيه بذكر النقباء والتشبيه بهم بقوله (كعدة) فالكاف للتشبيه، ولا يمكن التشبيه بالعدد فقط دون وجود قاسم مشترك آخر مع المعدود، وإلا لما كانت فائدة من هذا التشبيه بذلك المعدود خصوصاً إذا علمنا بأن الصحابة لم يسألوا عن النقباء من هم؟ فيظهر أنهم، معروفون لديهم بأنهم خلفاء ورسل ونواب لنبي الله موسى(ع) على أقوامهم خصوصاً مع ذكر قصتهم في القرآن.
وقد فهم ابن كثير تلميذ ابن تيمية من حديث النقباء غير العدد فقال في تفسيره عند قوله تعالى: ((وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً)): ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة (صالحاً يقيم الحق ويعدل فيهم). فهذا الشخص من المتشددين جداً على الشيعة وفهم أكثر من العدد فلو استطاع أن يقول بأن هذا الحديث وهذا التشبيه في العدد فقط لقاله.
ثم إذا نظرنا إلى رواياتنا نجد بأن النقباء لا بد أن يكونوا منصوصين فقد ذكرت رواياتنا عن الائمة (ع) بأن نقباء الانصار الاثني عشر ايضاً نص عليهم جبريل لرسول الله(ص) بأسمائهم وكذلك من الواضح بأن نقباء بني اسرائيل الاثني عشر كانوا منصوصين من موسى(ع).
وقريب منه في: (صحيح البخاري : 4 / 165 كتاب الاحكام ، سنن الترمذي : باب ما جاء في الخلفاء من ابواب الفتن ، سنن أبي داود : 3 / 106 كتاب المهدي ، مسند الطيالسي : ح 767 و 1278، مسند أحمد : 5 / 86 ـ 90 و 92 ـ 101 و 106 ـ 108، كنز العمّال : 13 / 26، حلية أبي نعيم : 4 / 333، فتح الباري : 16 / 338، مستدرك الصحيحين : 3 / 617) .
ـ ان في الحديث بأشهر متونه ـ فان له نصوص عديدة ـ مفهومان: مفهوم العدد: وهو ذكر عدد معين مضبوط يريده رسول الله(ص) وهو الاثنى عشر لا غير, ومفهوم الغاية: هو جعل عزة الإسلام منوطة بوجود هؤلاء الاثني عشر بقوله في بعض المتون (الى ) في اخرى (حتى), فان لفظة (الى) و(حتى) تستخدم للغاية، ويفهم من الغاية في لغة العرب تحديد المغيى ضمن حدين تبينهما الغاية, فتكون عزة الإسلام مغياة أي حدها هو مضي اثنا عشر اماماً لا أكثر ولا أقل.
فاذا نفينا التحديد من جهة الاكثر كما فعل القاضي عياض باحتمال ان تكون عزة الإسلام ماضية لأكثر من الاثني عشر, يكون كلام رسول الله(ص) في الغاية والعدد لا فائدة منه او لغواً (اعوذ بالله).
وعلى كل فان سياق الاحاديث والقرائن المحتفة به سواء الحالية أو المقالية كلها تدل على الحصر بهذا العدد، وإلا كان الحديث لغواً لا فائدة فيه لعدم تعريفنا بالاثني عشر هؤلاء ولا معرفة الخصوصيات التي تميزهم بشكل واضح عمن سواهم.
وكذلك عدم ذكر من سواهم أيضاً يدل على الحصر، وإلا لقال (ص) يكون فيكم خلفاء أو ولاة منهم إثني عشر يعز الإسلام في زمانهم مثلاً، فهذا الاطلاق فيمن يكون بعده(ص) يدل على الحصر.
وقوله (ص): (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى إثني عشر خليفة) يدل على توالي هؤلاء الخلفاء واحداً بعد واحد وتعاقبهم من بعده(ص) مباشرة لانه سماهم خلفاء أي يخلفونه (ص) وإلى أن يبلغوا إثني عشر خليفة فينتهي الإسلام وعزته ومضيه في الارض والناس أي إلى قيام الساعة، مع استعمال كلمة (لا يزال) التي تدل على عدم الزوال أي الاستمرار فينتج من ذلك (خلفاء للرسول مستمرون الى قيام الساعة وهؤلاء يكونون اثني عشر)، فتأمل.
وكذلك إتفاق الامة على كون آخرهم هو المهدي(ع)، يدل على استمرار الاثني عشر من بعد رسول الله(ص)، لانهم خلفائه وإلى قيام الساعة.
ثم إن حصرهم بكونهم من قريش وقوله(ص) في حديث آخر يرويه البخاري ومسلم من قوله(ص): (لا يزال هذا الامر في قريش ما بقي من الناس اثنان)، يدل على حصر الخلافة الحقّة بهؤلاء المذكورين بقوله(ص): (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش) رواه مسلم.
أما حديث النقباء فهو صريح ونص في حصر العدد، وإليك نصه بتمامه:
عن مسروق قال: ((كنا جلوساً عند عبد الله (بن مسعود) وهو يقرئنا القرآن فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله(ص): كم يملك هذه الامة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد مذ قدمت العراق قبلك! ثم قال: نعم ولقد سألنا رسول الله(ص)، فقال: (إثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل)))، قال الهيثمي في (مجمع الزوائد 5/190): رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات. ورواه الحاكم في مستدركه أيضاً في (4/501) وكذا ابن حجر في (فتح الباري 13/183) وحسنه .
نقول: وسؤال مسروق لابن مسعود واضح في الحصر: ((كم يملك هذه الامة من خليفة؟))، وجواب ابن مسعود له واضح في بيانه لأهمية هذا الامر وسؤالهم لرسول الله(ص) بهذا السؤال المهم عن عدد خلفائه! وتشبيه رسول الله(ص) خلفائه الاثني عشر بنقباء بني إسرائيل الاثني عشر بنص القرآن الكريم واضح ايضاً في إرادة بيان الحصر في عدد خلفائه.
ثم إن مكان ورود حديث الخلفاء الاثني عشر هو حجة الوداع، ويصرح الحديث بأن الناس لم يرتضوا بنص النبي(ص) على خلفائه وتوضيح أمرهم ووصفهم وأسمائهم فاعترضوا عليه أشد الاعتراض وصرخوا وصاحوا ورفعوا أصواتهم وكبروا ولغطوا وقاموا وقعدوا لكي لا ينص النبي(ص) على خلفائه ولا يتضح أمر خلافته ليبقى لهم مجال في اعتلاء سدة الحكم ورئاسة الامة وقيادتها التي أحسوا أنها ستذهب عنهم والى الابد!
فقد روى أحمد في مسنده (ج5 /99) عن جابر بن سمرة قال: ((خطبنا رسول الله (ص) بعرفات، وقال المقدمي في حديثه سمعت رسول الله(ص) يخطب بمنى، فسمعته يقول: (لن يزال هذا الامر عزيزاً ظاهراً حتى يملك اثنا عشر كلهم)، ثم لغط القوم وتكلموا فلم أفهم قوله بعد كلهم! فقلت لأبي: يا أبتاه ما بعد كلهم؟ قال: (كلهم من قريش))).
وفي رواية أخرى (5/99): (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة) قال: فجعل الناس يقومون ويقعدون.
وفي رواية عند أحمد (5/93): ثم تكلم بكلمة لم أفهمها وضج الناس فقلت لأبي ما قال؟ قال: (كلهم من قريش).
وفي أخرى عند أحمد (5/98): ثم قال كلمة أصمنيها الناس...
وفي أخرى عند مسلم (ج6 / 4): (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة) فقال كلمة صمنيها الناس، فقلت لابي ما قال؟ قال: (كلهم من قريش).
وفي رواية عند أبي داود في سننه (2/309) قال: فكبر الناس وضجوا ثم قال كلمة خفية...
فهذه الروايات تثبت اعتراض بعض الصحابة على نص رسول الله (ص) على هؤلاء الخلفاء، لأنهم فهموا بأن هذا النص للحصر، وإلا لما هذا الاعتراض منهم وصراخهم حتى جعلوا رسول الله(ص) يخفي صوته ويخفته ولا يصرح على الملأ بوصف خلفائه أو أسمائهم!!! ولذلك نزلت بعد هذه الحادثة آية التبليغ التي تحض رسول الله(ص) على تبليغ أمر وليه ووصيته وخليفته من بعده وتبين له أهمية ذلك وأن هذا الامر هو عدل لكل رسالته وعدم بيان هذا الامر والتصدي له يعتبر عدم تبليغ لكل الرسالة وطمأنه في مقابل هذا بعناية الله تعالى له ولطفه به بعصمته باعجاز الله تعالى وقدرته من الناس المعترضين عليه المعاندين لأمره هذا، فأنزل تعالى: (( يَا أَيّهَا الرَّسول بَلّغْ مَا أنْزلَ إلَيْكَ منْ رَبّكَ وَإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رسَالَتَه وَاللَّه يَعْصمكَ منَ النَّاس )) (المائدة), فبلغ بعد أيام بولاية علي(ع) في غدير خم بعد رجوعهم من حجة الوداع أي بعد اسبوعين تقريباً من هذه الحادثة وهذا الاعتراض والرفض من الناس لتبليغ رسول الله(ص) لأمر الخلافة والإمامة في أمته من بعده.
2ـ أما مسألة فهم التنصيص على الائمة(ع) بتشبيههم بنقباء بني اسرائيل، فهو محتمل ووارد ولا إشكال فيه بل يقويه تشبيههم (ع) بهم دون ذكر العدد فقط فلو أراد رسول الله(ص) إبلاغ العدد فقط لاكتفى بقوله (يكون بعدي اثنا عشر إماماً أو خليفة) ولا يقول (كعدة نقباء بني اسرائيل)، فهنا لا بد من وجود وجه للتشبيه بذكر النقباء والتشبيه بهم بقوله (كعدة) فالكاف للتشبيه، ولا يمكن التشبيه بالعدد فقط دون وجود قاسم مشترك آخر مع المعدود، وإلا لما كانت فائدة من هذا التشبيه بذلك المعدود خصوصاً إذا علمنا بأن الصحابة لم يسألوا عن النقباء من هم؟ فيظهر أنهم، معروفون لديهم بأنهم خلفاء ورسل ونواب لنبي الله موسى(ع) على أقوامهم خصوصاً مع ذكر قصتهم في القرآن.
وقد فهم ابن كثير تلميذ ابن تيمية من حديث النقباء غير العدد فقال في تفسيره عند قوله تعالى: ((وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً)): ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة (صالحاً يقيم الحق ويعدل فيهم). فهذا الشخص من المتشددين جداً على الشيعة وفهم أكثر من العدد فلو استطاع أن يقول بأن هذا الحديث وهذا التشبيه في العدد فقط لقاله.
ثم إذا نظرنا إلى رواياتنا نجد بأن النقباء لا بد أن يكونوا منصوصين فقد ذكرت رواياتنا عن الائمة (ع) بأن نقباء الانصار الاثني عشر ايضاً نص عليهم جبريل لرسول الله(ص) بأسمائهم وكذلك من الواضح بأن نقباء بني اسرائيل الاثني عشر كانوا منصوصين من موسى(ع).
تعليق