إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشعية هجوم ام دفاع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعية هجوم ام دفاع

    الشيعة من الدفاع الى الهجوم..!



    كتابات - د.سعد الخزعلي



    المتتبع لتأريخ العلاقة الفكرية بين التشيع والمذاهب السنية يلحظ حالة متكررة في المنهج الحواري بين الطرفين ، تتمثل في ميل الخطاب السني الى الهجوم و التسقيط والتكفير في مقابل ميل الخطاب الشيعي الى الدفاع ورد الشبهات ودفع الإشكالات ، و قد شملت مفردات الخطاب المتبادل بين الطرفين كافة المحاور التأريخية والعقائدية والفقهية بل تجاوزت ذلك الى محاور اخرى لا علاقة مباشرة لها باصل المذهب .. وقد ساعدت الظروف التأريخية المذاهب السنية في حملاتها ضد الشيعة بسبب كون السلطة تدين بالتسنن في كثير من المقاطع الزمنية التي مرت على بلاد المسلمين ، فيما لم تثن الوسادة للحكم الشيعي الا في فترات متقطعة ضمن المشهد التاريخي الإسلامي ..وهذا ما أعطى الخطاب الفكري السني قاعدة إعلامية قوية لتثبيت أسسه منذ ان كان الحوار بين الطرفين محصورا بشكل محاججات غير منهجية بين أرباب المذاهب الفكرية والفقهية في القرن الثاني والثالث الهجريين وحتى تبلور المفهوم السياسي والفكري للتسنن وتقنينه بصورته الفقهية الرباعية ( نسبة لفقهاء المذاهب الأربع و تجاهل من عداهم ) والعقائدية الأشعرية نسبة الى أبي الحسن الأشعري (206- 324 هـ) ..

    ولقد استمرت هذه الحالة حنى وقتنا الحاضر ظاهرة جلية ..فحين تقرأ لكاتب سني يصف التشيع تجد طابع الهجوم ظاهرا واضحا ..وحين تقرأ لكاتب شيعي تجده يبرر ويدافع وكأنه هو المتهم على طول الخط !! فالتهم والشتائم تهال على الشيعة بالأطنان والشيعة يردون ويدافعون ويتبرأون..

    والحق ان هذه الحالة انعكست في بعض المراحل التأريخية كما حصل في زمن العلامة الحلي (الحسن بن يوسف بن المطهر 648 -726 هـ ) الذي تميزت مؤلفاته بأسلوب الطابع الهجومي الإشكالي على المذاهب العقائدية والفقهية السنية وبأسلوب بليغ ومنطقي ( كما في كتاب نهج الصدق ، وكتاب منهاج الكرامة) مما جعل الكثير من علماء السنة يتوقفون عنده ليردوا عليه ..(انتقال السنة من الهجوم الى الدفاع) وكان ابرز من رد عليه ابن تيمية (661- 728 هـ) في كتابه ( الرد على الرافضي، او منهاج السنة الذي اشتهر فيما بعد كأهم الكتب التي دافعت عن العقيدة السنية في التاريخ الإسلامي ) و الفضل بن روزبهان (ت 909 هـ) (في كتابه إبطال الباطل وقد فند رده الحجة محمد حسن المظفر في كتابه دلائل الصدق) وغيرهم من فقهاء ومتكلمي السنة ..وقد أسهمت حركة مؤلفات الحلي في نقل دولة المغول السنية الى مذهب التشيع على يد السلطان الجايتو خدابنده (680 - 716 هـ)واعتماده مذهبا رسميا في كل البلاد الخاضعة لسيطرتهم ، وكان الانتشار الملحوظ للتشيع في أطراف البلدان الاسلامية ناقوس الخطر الذي حث كبار علماء السنة لينبروا للدفاع عن عقائدهم تجاه إشكالات العلامة الحلي ..

    وبالجملة ..كان ميزان القوى يميل الى كفة السنة في كثير من الفترات التي لم يخل الكثير منها من الاضطهاد والقمع الطائفي ضد المذهب الشيعي بكل الصور في حين شهدت أكثر مراحل الحكم الشيعية مقدارا كبيرا من التسامح مع المذاهب الأخر ..كما في حالة الدولة الفاطمية (358-567هـ) في مصر حيث كانت أعمدة تدريس المذاهب الاسلامية تقوم جنبا الى جنب حلقات تدريس الفقه والعقائد الشيعية في الجامع الأزهر ..الأمر الذي الغي بعد استيلاء صلاح الدين الأيوبي على الحكم ..

    وبعد الثورة الاسلامية في إيران ، شهد ميزان الفكر الشيعي وضع ثقل كبير في كفته تجاه المد الفكري السني الذي شهد هو الآخر نقلة نوعية في صراعه مع التشيع باستيلاء أل سعود الوهابيين على الحكم في نجد والحجاز وإعلان قيام المملكة العربية السعودية في عام 1932.ومع اكتشاف النفط في السعودية على اثر الاتفاق التاريخي بين روزفلت وابن سعود ..وتحول قسم من واردات المملكة الغنية الى دعم النشاط الدعوي بصورته الوهابية المتطرفة القائمة على تكفير عموم المسلمين وبالذات الشيعة ..

    لقد طبع في إيران بعد الثورة من الكتب والمصنفات الشيعية أضعاف ما طبع وكتب خلال تاريخ التشيع كله ! وشهدت الحركة الشيعية في منطقة الخليج انتعاشا واضحا ..ولكن القدرات الاقتصادية المحدودة لإيران و طبيعة خطابها القومي الفارسي والمشاكل السياسية التي مرت بها أثرت بشكل كبير على نشاطها الدعوي للتشيع ..

    وبعد سقوط الحكم البعثي في العراق 2003 ، حصل ما لم ترغب به كل القوى السنية في المنطقة وانفلت المارد الشيعي الثائر من قمقمه محملا بإرث طويل من الاحتقان المذهبي والشعور بالمظلومية ، إلا ان طبيعة الانصياع الشيعي لمرجعياته الدينية أسهمت في تقنين هذا الاحتقان بشكل سياسي ولم يتطور الى رد فعل دموي الا بعد تدخل القوى الخارجية في العراق ودخول الإرهابيين الوهابيين من دول الطوق السني مع مد مالي هائل ، مع تدخل إيراني سلبي وفق رؤية مصلحية قومية ..الأمر الذي ولد تجاذبات طائفية بين القيادات السياسية العراقية تمت ترجمته بشكل مذابح على الأرض ، حتى تم تدمير قبة العسكريين في سامراء وهنا حدث انقلاب جذري في طبيعة التعاطي الشيعي مع الأزمة، الأمر الذي أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في الطرف السني وسقطت المساجد السنية في بغداد خلال ست ساعات !!

    وبالرغم من ان العراق مر ولا يزال يمر بمشاكل أمنية كبيرة إلا ان الأثر الفكري الذي سيحدثه استلام الشيعة للحكم في العراق سيكون أضعاف ما أحدثته الثورة الإيرانية ، وذلك لطبيعة الخطاب العراقي العربي ، والثقل النوعي الذي يمثله العراق في امة العرب وطبيعة الشخصية العراقية (الحارة) الميالة الى التحدي..

    ان الشيعة اليوم يمرون بمرحلة انتقالية ..سيتحول بعدها الخطاب الشيعي الى الهجوم وسيظهر الفكر الشيعي على لسان أهله إلى العالم بعد ان كان يسوق الى السنة من خلال أعداء التشيع وبالذات الوهابيين منهم ، ستنطلق الأصوات الشيعية في فضاء العالم الإسلامي وستعرض نقاط القوة في المذهب الشيعي ونقاط الضعف في المذاهب السنية ..لتنعكس الصورة التي ادمنها المشاهد والقاريء العربي والمسلم طيلة قرون ..

    ومع ازدياد النشاط الدعوي للتشيع سيتحول الفكر الشيعي الى واقع مقبول في المنطقة وستزداد الضغوط على القوى السنية الرافضة للتعايش مع الشيعة وبالذات الوهابية منها لتعديل خطابها الفكري وسلوكياتها المتطرفة ..

    لقد قرأت قوى المنطقة هذه الحقائق ووعتها جيدا وكان لها إسهام كبير في الفوضى التي حصلت في العراق ..وبالذات السعودية عبر القوى والمنظمات المرتبطة بالمؤسسة الدينية هناك ..ولكن الأمر لن يدوم اذ سيقف العراق على قدميه معافى و ستشهد هذه الدول تغيرات داخلية تمثل صدى للتأثير الذي سيحدثه شيعة العراق في المنطقة
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X