بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،قال عثمان الخميس: ( وقد ذهب إلى هذا جماعة من الفقهاء المعتمدين في إعفاء الشيعة من دفع الخمس، منهم المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن المتوفى 676هـ، ويحيى بن سعيد الحلي المتوفى 690هـ، والحسن بن المطهر الحلي، الذي عاش في القرن الثامن، والشهيد الثاني المتوفى 966هـ، والأردبيلي المتوفى 993هـ، والعلامة سلار، ومحمد بن علي طباطبائي المتوفى أول القرن الحادي عشر وغيرهم ) (1) .
أقول: يقول الشاعر:
لي حيلة في من ينم ** وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول** فحيلتي فيه قليلة
فعثمان الخميس يفتري في كلامه السالف على جمع من أساطين فقهاء الشيعة ويقوّلهم ما يقولوه، محاولاً خداع عوام الناس، زاعماً أن هؤلاء الفقهاء رحمهم الله جميعاً أفتوا بإعفاء الناس من الخمس، والحق أنّه لم يفت واحد من هؤلاء بذلك، بل الظاهر من فتاواهم أنهم يفتون بوجوبه ولزوم أدائه، ولو كان عثمان الخميس صادقاً لنقل نصوص كلامهم ...
فالمحقق نجم الدين الحلي عليه الرّحمة يقول في كتابه شرائع الإسلام: ( في ما يجب فيه (الخمس) وهو سبعة:
الأول: غنائم دار الحرب، مما حواه العسكر وما لم يحوه، من أرض وغيرها، ما لم يكن غصباً من مسلم أو معاهد، قليلاً كان أو كثيراً.
الثاني: المعادن، سواء كانت منطبعة، كالذهب والفضة والرصاص، أو غير منطبعة كالياقوت والزبرجد والكحل، أو مائعة كالقير والنفط والكبريت، ويجب فيه الخمس بعد المؤونة، وقيل: لا يجب حتى يبلغ عشرين ديناراً، وهو المروي، والأول أكثر.
الثالث: الكنوز، وهو كل مال مذخور تحت الأرض، فإن بلغ عشرين ديناراً وكان في أرض دار الحرب، أو دار الإسلام، وليس عليه أثره، وجب عليه الخمس، ولو وجده في ملك مبتاع، عرفه البائع، فإن عرفه فهو أحق به، وإن جهله، فهو للمشتري، وعليه الخمس، وكذا لو اشترى دابة ووجد في جوفها شيئا له قيمة، ولو أبتاع سمكة فوجد في جوفها شيئا أخرج خمسه، وكان له الباقي، ولا يعرف ...
الرابع: كل ما يخرج من البحر بالغوص، كالجواهر والدرر، بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً فصاعدا ولو أخذ منه شيء من غير غوص لم يجب الخمس فيه ...
الخامس: ما يفضل عن مؤونة السنة، له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات.
السادس: إذا اشترى الذمي أرضا من مسلم وجب فيها الخمس، سواء كانت مما وجب فيه الخمس كالأرض المفتوحة عنوة، أوليس فيه كالأرض التي أسلم عليها أهلها .
السابع: الحلال إذا اختلط بالحرام ولا يتميز، وجب فيه الخمس ) (2).
وأما العلامة يحيى بن سعيد الحلبي فقال في كتابه الجامع للشرائع : ( الخمس واجب في الغنائم من دار الحرب على اختلافها ما ينقل كالأمتعة، والأثمان، والذراري، والحيوان، وما لا ينقل كالأرض، والعقار، وفي جميع المعادن على اختلافها، وفي كنوز الذهب والفضة، وفي العنبر والغوص، وفي الفاضل عن مؤنة السنة له ولعياله وضيفه وتبرعاته من التجارات، والزراعات، والمكاسب، وفي أرض شراها ذمي من مسلم، وفي مال اختلط حلاله بحرامه ... ) (3 ) .
وأما الحسن بن يوسف بن المطهر المعروف بالعلامة الحلي فقال في كتابه نهج الحق وكشف الصدق : ( ذهب الإمامية إلى وجوب الخمس في كل ما يغنم بالحرب وغيره، وقال الفقهاء الأربعة: لا يجب إلاّ في غنائم دار الحرب، وقد خالفوا في ذلك قوله تعالى: [وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... ] ) (4).
وكلامه هنا صريح في وجوب الخمس في كل ما يصدق عليه غنيمة سواء في ذلك غنائم الحرب وغيرها واعتبر إيجاب أئمة المذاهب الأربعة الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي - الذين عبّر عنهم هنا بالفقهاء - الخمس في خصوص غنائم الحرب مخالفة لصريح الآية الكريمة الدالة على وجوبه في كل غنيمة لا خصوص غنيمة الحرب .
وقال في كتابه تحرير الأحكام: ( يجب الخمس في سبعة أصناف؛ الغنائم من دار الحرب، والمعادن، والكنوز، والغوص، وفاضل مؤونته ومؤونة عياله عن السنة من أرباح التجارات والصناعات والزراعات، والحلال إذا اختلط بالحرام ولم يتميز، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ) (5) .
وأما الشهيد الثاني فقال في كتابه شرح اللمعة الدمشقية : ( ويجب – أي الخمس – في سبعة أشياء :
الأول : الغنيمة ...
الثاني: المعدن ...
والثالث: الغوص...
والرابع: أرباح المكاسب من تجارة وزراعة وغرس وغيرها مما يكسب ...
والخامس: الحلال المختلط بالخرام ولا يتميز ولا يعلم صاحبه ولا قدره بوجه ...
السادس: الكنز ....
والسابع: أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم ... ) (6 ) .
وأما العلامة الأردبيلي فإنّه قال في كتابه مجمع الفائدة والبرهان: ( ... ولكن لا ينبغي الاحتياط التام وعدم التقصير في إخراج الحقوق خصوصاً الأصناف الثلاثة من كل غنيمة عدّوها (7) لاحتمال الآية على الظاهر وبعض الرّوايات وأصل عدم السقوط، وبعد سقوط حقهم مع تحريم الزكاة عليهم وكون ذلك عوضها ... ) (8) .
وأما العلامة سلار بن عبد العزيز فقال في المراسم : ( في المأثور عن آل الرسول صلى الله عليه وآله أنه – أي الخمس - واجب في كل ما غنم بالحرب وغيرها من الأموال والسلاح والرقيق والمعادن، والكنوز، والغوص، والعنبر، وفاضل أرباح التجارات والزراعات والصناعات [الزائدة] عن المؤونة، وكفاية طول عامه إذا اقتصد ) (9) .
وأمّا صاحب المدارك محمد بن علي الموسوي فإنّه ذهب أيضاً إلى وجوب الخمس في أرباح المكاسب حيث قال: ( ... وبالجملة فالأخبار الواردة بثبوت الخمس في هذا النوع مستفيضة جدّاً، بل الظاهر أنّها متواترة كما ادّعاه في المنتهى ... ) (10) .
________________________
(1)من القلب إلى القلب صفحة 62.
(2) شرائع الإسلام 1/133- 134 .
(3)الجامع للشرائع صفحة 148- 149 .
(4) نهج الحق وكشف الصدق صفحة 458- 459 .
(5)تحرير الأحكام 1/433 .
(6)شرح اللمعة الدمشقية 2/ 65- 72 .
(7)أي حتى من أرباح المكاسب لأنّها معدودة من الغنيمة بمعناها اللغوي .
(8) مجمع الفائدة والبرهان 4/357 .
(9)المراسم صفحة 141 .
(10) مدارك الأفهام 5/383 .
تعليق