إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الرّد على أباطيل عثمان الخميس حول مسألة الخمس

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرّد على أباطيل عثمان الخميس حول مسألة الخمس

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال عثمان الخميس: (إنّ الخمس الذي تدفعونه إنّما شرّع في الجهاد، ويؤخذ من الكفّار، وهذا ما ترويه كتبكم.
    فعن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس الخمس إلاّ في الغنائم خاصة
    ) ( من القلب إلى القلب صفحة 61 ).
    أقول:
    أولاً: من الفرائض المالية التي أوجبها الله سبحانه وتعالى بنص كتابه المجيد فريضة الخمس، قال تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ... ) (الأنفال: 41) ، ولفظ الغنيمة في الآية عام يشمل كل ما يكسبه العبد ويفوز به، ولا يوجد دليل يمكن الركون إليه في تخصيص لفظ الغنيمة في الآية في خصوص غنيمة الحرب، وكونها نزلت في مورد خاص فإن المورد لا يخصص الوارد كما هو مقرر في علم الأصول.
    ثانياً: قوله أنّ الخمس شرّع في خصوص الغنائم المأخوذة من الكفار بعد خوض المعارك معهم غير صحيح، بل هو كذب وتدليس، فالخمس واجب أيضاً في الكنز والركاز (1) إضافة إلى مطلق الغنيمة كما سيأتي.
    أمّا الكنز والركاز فروايات أهل السنة وأقوال علمائهم صريحة في وجوب الخمس فيهما، ففي صحيح ابن خزيمة بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص (أن رجلا من مزينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكيف ترى فيما يوجد في الطريق الميتاء أو في القرية المسكونة قال عرّفه سنة فإن جاء باغية فادفعه إليه، وإلاّ فشأنك به، فإن جاء طالبه يوماً من الدهر فأدها إليه، وما كان في الطريق غير الميتاء والقرية غير المسكونة ففيه وفي الركاز الخمس ) ( صحيح ابن خزيمة 4/47 رواية رقم: 2327) .
    وفي مسند أحمد بن حنبل أن رجلاً من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وآله : ( ... يا رسول الله فالكنز نجده في الخرب وفي الآرام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيه وفي الركاز الخمس ) ( مسند أحمد 2/186 رواية رقم: 6747) .
    قال ابن نجيم الحنفي: ( وأمّا إذا وجدت كنزاً وهي دفين الجاهلية ففيه الخمس لأنّه لا يشترط في الكنز إلاّ المالية لكونه غنيمة) (البحر الرائق 2/254) .
    فتمعن في قول ابن نجيم (لكونه غنيمة) فهو يعد الخمس واجباً في الكنز من باب كونه غنيمة، وهذا دليل على أنّ آية الخمس عامة في مفهموها .
    وقال السرخسي في المبسوط: ( اعلم أنّ المستخرج من المعادن أنواع ثلاثة؛ منها جامد يذوب وينطبع كالذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس، ومنها جامد لا يذوب بالذوب كالجص والنورة والكحل والزرنيخ، ومنها مائع لا يجمد كالماء والزئبق والنفط، فأمّا الجامد الذي يذوب بالذوب ففيه الخمس عندنا ) ( المبسوط 2/211) .
    وبلا شك أن إيجابه الخمس فيما ذكره ليس من باب أن ذلك غنيمة حرب كما هو واضح وإنّما من جهة كونها غنيمة، واستثناؤه بعض ما ذكره من الخمس باستثناء الماء هو رأيه وإلاّ فإنّ إطلاق آية الخمس يخالفه.
    ثالثاً: إنّ في روايات أهل السنة في مصادرهم الحديثية والتاريخية ما يؤكد أن الخمس واجب ليس فقط في غنيمة الحرب، وإنّما في مطلق ما يغنمه الإنسان ومنها أرباح المكاسب، وإليك بعضها.
    أخرج البخاري في صحيحه : ( ... إن وفد عبد القيس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال من الوفد أو القوم؟
    قالوا: ربيعة.
    فقال: مرحبا بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى.
    قالوا: إنّا نأتيك من شقة بعيدة وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نأتيك إلاّ في شهر حرام فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا ندخل به الجنة، فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع، أمرهم بالإيمان بالله عزّ وجل وحده، قال: هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟
    قالوا: الله ورسوله أعلم.
    قال: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وتعطوا الخمس من المغنم...
    ) ( صحيح البخاري 1/45 رواية رقم: 87.
    فالنبي صلى الله عليه وآله لا يطلب منهم أن يدفعوا خمس غنائم الحرب، فهم لا يستطيعون الخروج من حيّهم إلاّ في الأشهر الحرم خوفاً من الكفار والمشركين، فأنّى لهم أن يخوضوا حرباً، فيكون قد قصد صلى الله عليه وآله المغنم بمعناه الحقيقي في لغة العرب، وهو كل ما يفوزون به، فتدخل فيه أرباح المكاسب.
    ومن هذا يتبين عدم صحة قول ابن تيمية في كتابه منهاج السنة 3/154: ( وكذلك من المعلوم بالضرورة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يخمّس أموال المسلمين ولا طالب أحداً قط من المسلمين بخمس ماله).
    رابعاً: ليس في رواية عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام ما يدل على تخصيص الخمس في خصوص غنيمة الحرب، بل هي أدل على أنّه في مطلق الغنيمة، فاستشهاد عثمان الخميس بهذه الرواية على عدم وجوب الخمس في غير غنيمة الحرب باطل، وتدليس ومغالطة، على أنّ هذه الرواية معارضة بروايات أخرى عندنا وعندهم تدل على وجوب الخمس في غير الغنيمة.
    _________________
    (1)الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق المعادن، قال ابن الأثير في النهاية 2/258: والقولان تحتملهما اللغة، لأن كلاً منهما مركوز في الأرض.

    يتبع ... يتبع ... يتبع

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
    قال عثمان الخميس: ( وهناك روايات كثيرة تعفي الشيعة من دفع الخمس أعرضنا عنها خشية الإطالة.
    قال شيخ الطائفة الإمامية أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: فأمّا في حال الغيبة فقد رخّصوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن
    ) ( من القلب إلى القلب ضفحة 62) .
    أقول :
    أولاً: إنّ عثمان الخميس زعم أنّ الخمس واجب في خصوص غنيمة الحرب لا في مطلق الغنيمة، فهو يحاول أن يثبت في زعمه هذا أنّ الخمس ليس بواجب في الشريعة الإسلامية في أرباح المكاسب ثم جاء هنا ليزعم أنّ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام قد أحلّوا للشيعة الخمس وأعفوهم منه، وفي زعمه الأخير ردٌ على زعمه الأول، فلو سلمنا – جدلاً - أنّهم عليهم الصلاة والسلام قد أعفوا شيعتهم وأحلّوا لهم الخمس في أرباح مكاسبهم وغيرها، فلا وجه لهذا الإعفاء والتحليل إذا لم يكن الخمس في الأصل واجب عليهم.
    ثانياً: ليته نقل هذه الروايات الكثيرة الدالة على إعفاء الشيعة من دفع الخمس، ليثبت هذه الكثرة المدعاة لها، ولينظر في إسنادها وهل هي صحيحة أم لا، وهل فيها دلالة على المطلوب أم لا، وهل هي معارضة بروايات أخرى تدل على عدم الإباحة أم لا، ولكنّه لم يفعل، ونحن ننقل في الرّد عليه حول المسألة ما أفاده المرجع الديني أستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي رحمه الله في أبحاثه مما قرره تلميذه الشيخ مرتضى البروجردي في كتابه مستند العروة الوثقى فقال:
    ( يظهر من جملة من الأخبار إباحة الخمس للشيعة إباحة مطلقة بلا قيد ولا شرط، وأنّهم في حل منه لا يجب عليهم أداؤه بتاتاً، فكأنّ التشريع بالإضافة إليهم لم يتجاوز مرحلة الاقتضاء ولم يبلغ مقام الفعلية لاقترانه بتحليلهم وإباحتهم صلوات الله عليهم.
    وبأزائها ما دل على عدم الإباحة مطلقاً.
    وهناك ما تضمن التحليل بالنسبة إلى من انتقل إليه الخمس فيثبت حينئذ في ذمة من انتقل عنه وليس على من انتقل إليه شيء – بخلاف الزكاة حيث لم تسقط عمّن انتقلت إليه كما تقدم – فهذه طوائف ثلاث من الأخبار.
    أمّا الطائفة الأولى فالعمدة منها صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: "قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنّهم لم يؤدوا إلينا حقّنا، ألا وأن شيعتنا من ذلك وآباءهم في حل" (1)، هكذا في التهذيب ورواها في الفقيه (2) بلفظ (وأبناءهم) بدل (وآباءهم) ولعلّه الأصح كما لا يخفى.
    ونحوها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس - يعني الشيعة - ليطيب مولدهم (3).
    ومعتبرة الحارث بن المغيرة النصري، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فجلست عنده فإذا نجية قد استأذن عليه، فأذن له، فدخل فجثا على ركبته، ثم قال: جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن مسألة والله ما أريد بها إلاّ فكاك رقبتي من النار، فكأنّه رقّ له فاستوى جالساً إلى أن قال: اللهم إنّا قد أحللنا ذلك لشيعتنا ...الخ (4).
    وقد عبّر عنها في الحدائق بالموثقة، ولم يظهر وجهه بعد جهالة جعفر بن محمد بن حكيم الواقع في سلسلة السند، نعم هو مذكور في إسناد كامل الزيارات، فهي موثقة على مسلكنا (5) لا على مسلكه قدّس سرّه.
    وأما روايته (6) الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له إن لنا أموالاً من غلات وتجارات ونحو ذلك، وقد علمت أنّ لك فيها حقّاً، قال: فلم أحللنا إذاً لشيعتنا إلاّ لتطيب ولادتهم وكل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقّنا فليبلغ الشاهد الغائب (7).
    فهي ضعيفة السند بأبي عمارة فإنّه مجهول، وإن عبّر عنها في الحدائق بالصحيحة.
    وهذه الروايات مضافاً إلى معارضتها بما ستعرف من الطائفتين غير قابلة للتصديق في نفسها ولا يمكن التعويل عليها.
    أولاً: من أجل منافاتها لتشريع الخمس الذي هو لسد حاجات السادة والفقراء من آل محمد صلى الله عليه وآله، إذ لو لم يجب دفع الخمس على الشيعة والمفروض امتناع أهل السنة وإنكارهم لهذا الحق، فمن أين يعيش فقراء السادة، والمفروض حرمة الزكاة عليهم، فلا يمكن الأخذ بإطلاق هذه النصوص جزماً.
    وثانياً: أنها معارضة بالروايات الكثيرة الآمرة بدفع الخمس في الموارد المتفرّقة والأجناس المتعددة كقوله عليه السلام: خذ من أموال الناصب ماشئت وادفع إلينا خمسه، أو من أخذ ركازاً فعليه الخمس، وما ورد في أرباح التجارات من صحيحة علي بن مهزيار الطويلة وغيرها.
    فلو كان مباحاً للشيعة وساقطاً عنهم فلماذا يجب عليهم الخمس، وما معنى الأمر بالدفع في هذه النصوص المتكاثرة، وهل ترى ذلك لمجرد بيان الحكم الإقتضائي غير البالغ مرحلة الفعلية بقرينة نصوص التحليل.
    هذا مضافاً إلى معارضتها بالطائفة الثانية الظاهرة في نفي التحليل مطلقاً، مثل ما رواة علي بن إبراهيم عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم، فقال: يا سيّدي اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فإني قد أنفقتها، فقال له: أنت في حل، فلمّا خرج صالح، فقال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثبت على أموال (حق) آل محمد وأيتامهم ومساكنهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجيء فيقول اجعلني في حل، أتراه ظن أني أقول لا أفعل، والله ليسألنّهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً (8).
    فأن الظاهر بمقتضى القرائن الموجودة فيها أنّ المراد من الأموال هو الخمس كما لا يخفى.
    ومعتبرة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله، اشترى ما لا يحل له (9).
    والظاهر أنّها معتبرة فإن المراد بالحسين – الواقع في السند – هو ابن سعيد الذي يروي عنه أحمد بن محمد، كما أنّ المراد بالقاسم هو ابن محمد الجوهري فتصبح الرواية معتبرة، وقد فات صاحب الوسائل هنا روايتها بسند آخر قد تعرّض له في باب بيع السرقة حيث يرويها هناك عن الحسين بن سعيد [عن فضالة] (10) عن أبان، ومعه لا إشكال في السند بوجه.
    نعم الرواية السابقة المتضمنة لقصة صالح أقوى دلالة لاختصاص موردها بالشيعة، وأمّا هذه فمطلقة تعم الشيعة وغيرهم، فمن الجائز أن يراد الثاني خاصة كما لا يخفى هذا.
    وقد اختار صاحب الحدائق في مقام الجمع بين هاتين الطائفتين المتعارضتين أنّ الساقط إنّما هو حصة الإمام عليه السلام، أعني نصف الخمس، وأمّا النصف الآخر أعني حق السادة فلا بد من دفعه إليهم.
    وهذا كما ترى مجرد اقتراح من غير أن يعرف له أي وجه، بل إنّ مقتضى التعليل بطيب الولادة الوارد في بعض نصوص التحليل تعلق الحلية بتمام الخمس لعدم تحقق الطيب بدون ذلك كما لا يخفى.
    نعم قد خص التحليل في بعض النصوص بحصته عليه السلام كما في صحيح ابن مهزيار: "ومن أعوزه شيء من حقي فهو في حل"(11) ولكنّه خاص بالمحتاجين والمعوزين لا مطلق الشيعة الذي هو محل الكلام فهو إجازة لصنف خاص في صرف سهم الإمام، وأجنبي عمّا نحن فيه من التحليل العام لمطلق الشيعة.
    نعم تضمنت رواية أبي حمزة (12) تحليل ثلاثة أسهم؛ أي نصف الخمس لمطلق الشيعة لكنّها لا تدل على الحصر وأن التحليل يختص بذلك لينافي ما دل على التحليل في تمام الخمس، فمفادها ليس إلاّ تحليل هذه الأسهم، لا عدم تعلّق التحليل ببقية السهام، فالدلالة قاصرة.
    مضافاً إلى أنّ السند ضعيف أيضاً بعلي بن العبّاس الذي ضعّفه النجاشي صريحاً، فلا يمكن التعويل عليها.
    والأقوى في مقام الجمع حمل نصوص التحليل على ما انتقل إلى الشيعة ممن لا يعتقد الخمس – أو لا يخمّس كما ستعرف – وأمّا ما وجب على المكلّف نفسه فلا موجب لسقوطه، ولم يتعلق به التحليل فتكون نصوص التحليل ناظرة إلى الأول، ونصوص العدم إلى الثاني.
    وتدلنا على هذا التفصيل طائفة ثالثة من الأخبار تعد ةجهاً للجمع بين الطائفتين المتقدمتين وشاهداً عليه، والعمدة منها روايتان:
    إحداهما ما رواه الشيخ والصدوق بإسنادهما عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أن حقّك فيها ثابت وإنّا مقصّرون، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم (13) .
    وهي وإن كانت ضعيفة السند بطريق الشيخ من أجل محمد بن سنان ولكنّها معتبرة بطريق الصدوق لخلّوه عنه، وإن اشتمل على الحكم بن مسكين فإنّه ثقة على الأظهر.
    وقد دلت على التحليل بالإضافة إلى الأموال التي تقع في الأيدي، أي تنتقل من الغير بشراء ونحوه وأنّه لا يجب على الآخذ ومن انتقل إليه إعطاء الخمس، وأنّهم عليهم السلام حللوا ذلك لشيعتهم.
    ثانيتهما ما رواه الشيخ بإسناده عن أبي سلمة سالم بن مكرم وهو أبو خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج، ففزع أبو عبد الله عليه السلام، فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق، إنّما يسألك خادماً يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثاً يصيبه أو تجارة أو شيئاً أعطيه، فقال: هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم والغائب، والميت منهم والحي، وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال، أما والله لا يحل إلاّ لمن أحللنا له ...الخ (14).
    وهي صريحة في المدّعى، أعني التحليل في المال المنتقل إليه بشراء ونحوه .
    كما أنّها صحيحة السند على الأظهر، فإن سالم بن مكرم المكنّى بأبي خديجة تارة وبأبي سلمة أخرى كنّاه بها الصادق عليه السلام على ما رواه الكشي، ثقة جدّاً على ما نص عليه النجاشي بقوله: ثقة ثقة، أي ليست فيه أيّة شبهة.
    ولكنّ الشيخ الطوسي قدّس سرّه ضعفه بعد أن عنونه بقوله: "سالم بن مكرم يكنى أبا خديجة، ومكرم يكنّى أبا سلمة" فجعل أبا سلمة كنية لأبيه لا لنفسه، بل صرّح في الفهرست في آخر الترجمة بقوله: " ... عن سالم بن أبي سلمة وهو أبو خديجة" .
    ولكن هذا سهو منه جزماً، فإن سالم بن مكرم هو سالم أبو سلمة على ما صرّح به النجاشي والنراقي وابن قولويه في غير مورد، وقد سمعت عن الكشي عن العياشي عن ابن فضال أنّ الصادق عليه السلام كنّاه بأبي سلمة بعد أن كان يكنّى بأبي خديجة، فهو سالم أبو سلمة لا ابن أبي سلمة.
    والذي هو محكوم بالضعف هو سالم بن أبي سلمة الكندي السجستاني الذي وصفه النجاشي بقوله : " حديثه ليس بالنقي وإن كنّا لا نعرف منه إلاّ خيراً له كتاب" .
    وهذا شخص آخر غير ابن مكرم، ولم يتعرّض له الشيخ لا في الفهرست مع أن له كتاباً، ولا في رجاله، فيعلم من ذلك أنّ الشيخ تخيّل أنّهما شخص واحد، وأن سالم بن مكرم هو سالم بن أبي سلمة وليس كذلك قطعاً حسبما عرفت.
    والمتحصل من جميع ما ذكرناه لحد الآن أنّ المستفاد من نصوص الباب بعد ضم البعض إلى البعض والجمع بينها إنّما هو التفصيل بين الخمس الواجب على المكلف بنفسه ابتداءً فلا تحليل، وبين ما انتقل إليه من الغير فلا خمس عليه، وإنّما هو في عاتق من انتقل عنه، فيتعلّق ببدله إن كان له بدل، وإلاّ ففي ذمته كما في الهبة، ومرجعه إلى إجازة ذلك النقل من قبل ولي الأمر ) (15) .
    ثانياً: إن كلام الشيخ الطوسي عليه الرّحمة ليس فيه دلالة على مطلق الإعفاء، وإنما هو خاص بأمور مخصوصة وهي المناكح والمتاجر والمساكن، واستثنى من الإعفاء ما عدا هذه الثلاثة لكن عثمان الخميس كعادته في التزوير والتدليس والمغالطة بتر كلامه الدال على هذا الإستثناء، وعبارة الشيخ عليه الرحمة كاملة هي: (فأمّا في حال الغيبة فقد رخّصوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن، فأمّا ما عدا ذلك فلا يجوز التصرف فيه على حال) (16) .
    وقد بيّن العلماء المراد من الثلاثة المعفى فيها الخمس، قال السيد الخوانساري في جامع المدارك: (المراد من المناكح كما صرح به غير واحد؛ السراري المغنومة من أهل الحرب فإنه يباح للشيعة في زمان الغيبة تملكها بالشراء ونحوه و وطؤها وإن كان جميعها للإمام عليه السلام كما لو كانت الغنيمة بغير إذنه بناء على كونه من الأنفال أو بعضها كما لو كانت الغنيمة مع الإذن أو قلنا بأنه لا يجب فيها مطلقا إلا الخمس والمراد بالمساكن ما يتخذ منها في الأرض المختصة بالإمام عليه السلام كالمملوكة بغير قتال ورؤوس الجبال ونحوها ، أو المشتركة بينه وبين غيره كالمفتوحة عنوة المنتقلة إلى الشيعة من أيدي المخالفين والمراد بالمتاجر المال المنتقل ممن لا يخمس والقدر المتيقن منه فيما إذا كان ممن يستحل الخمس كالمخالف وشبهه لا مطلق من لا يخمس لانصراف أدلة التحليل إليه وعلى تقدير منع الانصراف اتجه صرفها إليه جمعا بينها وبين الأخبار الدالة على أنه لا يحل شراء شئ من الخمس ... ) (17) .
    ________________
    (1)علل الشرائع 2/377، الاستبصار 2/59، تهذيب التهذيب 4/137.
    (2) المراد به كتاب "من لا يحضره الفقيه" للشيخ ابن بابويه الصدوق، وكذلك رواها في كتابه الآخر " علل الشرائع" .
    (3) علل الشرائع 2/377.
    (4) تهذيب الأحكام 4/145 .
    (5) أقول بناءً على تراجع السيد الخوئي قدّس سرّه عن رأيه في وثاقة جميع الرجال الواردين في أسانيد كتاب كامل الزيارات لإبن قولويه، واستقرار رأيه على اختصاص التوثيق بخصوص المشائخ الذين روى عنهم ابن قولويه بلا واسطة، فإنّ هذه الرواية على مسلكه أيضاً ضعيفة لأن جعفر بن محمد بن حكيم بينه وبين ابن قولويه أكثر من واسطة .
    (6) أي رواية الحارث بن المغيرة .
    (7) تهذيب الأحكام 4/143.
    (8) تهذيب الأحكام 4/140 .
    (9) تهذيب الأحكام 4/136 .
    (10) الظاهر أن ما بين القوسين قد سقط سهواً من قلم المقرر أو من الناسخ أثناء الطباعة.
    (11) من لا يحضره الفقيه 2/45، تهذيب الأحكام 4/143.
    (12) الكافي 8/286 .
    (13) من لا يحضره الفقيه 2/44 ، الاستبصار 2/59، تهذيب الأحكام 4/138 .
    (14) الاستبصار 2/58، تهذيب الأحكام 4/137 .
    (15) مستند العروة، كتاب الخمس صفحة 341- 348 .
    (16) النهاية صفحة 200 .
    (17) جامع المدارك 2/ 136- 137 .
    يتبع ... يتبع ... يتبع
    ____________________

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      قال عثمان الخميس: ( وقد ذهب إلى هذا جماعة من الفقهاء المعتمدين في إعفاء الشيعة من دفع الخمس، منهم المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن المتوفى 676هـ، ويحيى بن سعيد الحلي المتوفى 690هـ، والحسن بن المطهر الحلي، الذي عاش في القرن الثامن، والشهيد الثاني المتوفى 966هـ، والأردبيلي المتوفى 993هـ، والعلامة سلار، ومحمد بن علي طباطبائي المتوفى أول القرن الحادي عشر وغيرهم ) (1) .
      أقول: يقول الشاعر:
      لي حيلة في من ينم ** وليس في الكذاب حيلة
      من كان يخلق ما يقول** فحيلتي فيه قليلة
      فعثمان الخميس يفتري في كلامه هذا على جمع من أساطين فقهاء الشيعة ويقوّلهم ما يقولوه، محاولاً خداع عوام الناس، زاعماً أن هؤلاء الفقهاء رحمهم الله جميعاً أفتوا بإعفاء الناس من الخمس، والحق أنّه لم يفت واحد من هؤلاء بذلك، بل الظاهر من فتاواهم أنهم يفتون بوجوبه ولزوم أدائه، ولو كان عثمان الخميس صادقاً لنقل نصوص كلامهم، فالمحقق نجم الدين الحلي عليه الرّحمة يقول في كتابه شرائع الإسلام: ( في ما يجب فيه (الخمس) وهو سبعة:
      الأول: غنائم دار الحرب، مما حواه العسكر وما لم يحوه، من أرض وغيرها، ما لم يكن غصباً من مسلم أو معاهد، قليلاً كان أو كثيراً.
      الثاني: المعادن، سواء كانت منطبعة، كالذهب والفضة والرصاص، أو غير منطبعة كالياقوت والزبرجد والكحل، أو مائعة كالقير والنفط والكبريت، ويجب فيه الخمس بعد المؤونة، وقيل: لا يجب حتى يبلغ عشرين ديناراً، وهو المروي، والأول أكثر.
      الثالث: الكنوز، وهو كل مال مذخور تحت الأرض، فإن بلغ عشرين ديناراً وكان في أرض دار الحرب، أو دار الإسلام، وليس عليه أثره، وجب عليه الخمس، ولو وجده في ملك مبتاع، عرفه البائع، فإن عرفه فهو أحق به، وإن جهله، فهو للمشتري، وعليه الخمس، وكذا لو اشترى دابة ووجد في جوفها شيئا له قيمة، ولو أبتاع سمكة فوجد في جوفها شيئا أخرج خمسه، وكان له الباقي، ولا يعرف ...
      الرابع: كل ما يخرج من البحر بالغوص، كالجواهر والدرر، بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً فصاعدا ولو أخذ منه شيء من غير غوص لم يجب الخمس فيه ...
      الخامس: ما يفضل عن مؤونة السنة، له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات.
      السادس: إذا اشترى الذمي أرضا من مسلم وجب فيها الخمس، سواء كانت مما وجب فيه الخمس كالأرض المفتوحة عنوة، أوليس فيه كالأرض التي أسلم عليها أهلها .
      السابع: الحلال إذا اختلط بالحرام ولا يتميز، وجب فيه الخمس ) (2).
      وقال : (ما يجب من الخمس يجب صرفه إليه - أي إلى الإمام المعصوم - مع وجوده، ومع عدمه - أي حال غيبته كما في زماننا هذا - ، قيل: يكون مباحاً، وقيل: يجب حفظه ثم يوصي به عند ظهور إمارة الموت، وقيل: يدفن، وقيل: يصرف النصف إلى مستحقيه -أي نصف الخمس وهو سهم السادة- ويحفظ ما يختص به بالوصاة أو الدفن، وقيل: بل تصرف حصته إلى الأصناف الموجودين أيضا ، لأن عليه الإتمام عند عدم الكفاية، وكما يجب ذلك مع وجوده ، فهو واجب عليه عند غيبته، وهو الأشبه ) (3).
      فقوله (وهو الأشبه)، أي أنّه يختار الحكم بوجوب الخمس حال غيبة الإمام المعصوم كما هو واجب حال حضوره، وصرّح بأن يسلم القسم الخاص بالإمام من الخمس لنائب الإمام وهو في زماننا هذا الفقيه والمرجع الجامع للشرائط، فقال: (يجب أن يتولى صرف حصة الإمام من الأصناف الموجودين من إليه الحكم بحق النيابة، كما يتولى أداء ما يجب على الغائب) (4) .
      وأما العلامة يحيى بن سعيد الحلبي فقال في كتابه الجامع للشرائع : ( الخمس واجب في الغنائم من دار الحرب على اختلافها ما ينقل كالأمتعة، والأثمان، والذراري، والحيوان، وما لا ينقل كالأرض، والعقار، وفي جميع المعادن على اختلافها، وفي كنوز الذهب والفضة، وفي العنبر والغوص، وفي الفاضل عن مؤونة السنة له ولعياله وضيفه وتبرعاته من التجارات، والزراعات، والمكاسب، وفي أرض شراها ذمي من مسلم، وفي مال اختلط حلاله بحرامه ...) (5).
      وقال أيضاً: ( ولا يجوز لأحد أن يتصرّف في ذلك – أي في الأخماس - إلاّ بإذن الإمام حال حضورة، فأمّا حال الغيبة فقد أحلّوا لشيعتهم التصرّف في حقوقهم من الأخماس وغيرها من المناكح والمتاجر والمساكن) (6) .
      فعبارته واضحة في أن الأئمة قد أباحوا لشيعتهم التصرف في الثلاثة المذكورة لا مطلقاً، ومر عليك المراد بها فيما نقلناه سابقاً من قول للسيد الخونساري عليه الرّحمة.
      ثم ذكر اختلاف الفقهاء في غير هذه الثلاثة التي أشار إليها ولم يظهر من كلامه ترجيح لأحدها فقال: (أما ما يستحقونه في الكنوز وغيره، فاختلف أصحابنا فيه.
      فمنهم من رأى بإباحته لما ترادف في ذلك من الرخص عنهم عليهم السلام .
      ومنهم من احتاط بحفظه ، والوصاة به من ثقة إلى ثقة إلى ظهوره عليه السلام فيسلم إليه .
      ومنهم من رأى دفنه لما روي ، أن الأرض يخرج كنوزها عند قيامه عليه السلام .
      ومنهم من رأى تفريقه عليهم – أي المستحقون من الهاشميين للخمس - لما روي أن الإمام إذا حضر قسمه فيهم، فإن أعوز فعليه إتمامه، وهو الآن معوز، فيفعل فيه كما لو كان لفعل، إعانة.
      ومنهم من رأى حفظ نصفه لأنه لغايب لم يرسم فيه رسما، والنصف الآخر يقسم على المستحقين لحضورهم، كما يقسم الزكاة على مستحقها، وإن كان ولى تفريقها غائبا.
      ومنهم من رأى صرفه إلى صلحاء فقراء شيعته، لما روي أنه يقسم الزكاة عليهم، فإن أعوزهم فعليه إتمامه ، والله أعلم) (7)
      فأين ما ادّعاه عليه عثمان الخميس من أن أفتى بإباحة الخمس للشيعة؟!
      وأما الحسن بن يوسف بن المطهر المعروف بالعلامة الحلي، فقد ذهب إلى وجوب الخمس في أرباح المكاسب ولم يصرّح بالإعفاء عن شيء من ذلك من قبل أئمة الهدى عليهم السلام، فقال في كتابه نهج الحق وكشف الصدق : ( ذهب الإمامية إلى وجوب الخمس في كل ما يغنم بالحرب وغيره، وقال الفقهاء الأربعة: لا يجب إلاّ في غنائم دار الحرب، وقد خالفوا في ذلك قوله تعالى: [وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... ] ) (8).
      وكلامه هنا صريح في وجوب الخمس في كل ما يصدق عليه غنيمة سواء في ذلك غنائم الحرب وغيرها واعتبر إيجاب أئمة المذاهب الأربعة الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي - الذين عبّر عنهم هنا بالفقهاء - الخمس في خصوص غنائم الحرب مخالفة لصريح الآية الكريمة الدالة على وجوبه في كل غنيمة لا خصوص غنيمة الحرب .
      وقال في كتابه تحرير الأحكام: ( يجب الخمس في سبعة أصناف؛ الغنائم من دار الحرب، والمعادن، والكنوز، والغوص، وفاضل مؤونته ومؤونة عياله عن السنة من أرباح التجارات والصناعات والزراعات، والحلال إذا اختلط بالحرام ولم يتميز، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ) (9) .
      وقال : ( اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الإمام، فأسقطه قوم، ومنهم من أوجب دفنه، ومنهم من يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على وجه الاستحباب، ومنهم من يرى عزله، فإن خشي من الموت وصى به إلى من يثق بدينه وعقله ليسلمه إلى الإمام إن أدركه، وإلا وصى به كذلك إلى أن يظهر، ومنهم من يرى صرف حصته إلى الأصناف الموجودين أيضاً، لأن عليه الإتمام عند عدم الكفاية، وهو حكم يجب مع الحضور والغيبة وهو أقوى) (10) .
      فهو يقوي القول القائل بوجوب صرف حصة الإمام إلى الأصناف المستحقين لها، وفيه دليل على أنّه يرى وجوب إخراج الخمس في زمن غيبة الإمام لا كما قوله عثمان الخميس من أنه يفتي بالإباحة وعدم الإخراج، ثم هو يصرّح بوجوب تسليم ذلك إلى الفقيه نائب الإمام في عصر الغيبة فيقول: (يجب أن يتولى صرف حصة الإمام من الأصناف الموجودين من إليه الحكم بحق النيابة، كما يتولى أداء ما يجب على الغائب ) (11) .
      وأما الشهيد الثاني فقال في كتابه شرح اللمعة الدمشقية : ( ويجب – أي الخمس – في سبعة أشياء :
      الأول : الغنيمة ...
      الثاني: المعدن ...
      والثالث: الغوص...
      والرابع: أرباح المكاسب من تجارة وزراعة وغرس وغيرها مما يكسب ...
      والخامس: الحلال المختلط بالخرام ولا يتميز ولا يعلم صاحبه ولا قدره بوجه ...
      السادس: الكنز ....
      والسابع: أرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم ... ) (12) .
      وقال أيضاً: (ويقسَّم الخمس ستة أقسام على المشهور، عملاً بظاهر الآية وصريح الرواية، ثلاثة منها للإمام عليه السلام وهي سهم الله ورسوله وذي القربى، وهذا السهم وهو نصف الخمس يُصرف إليه إن كان حاضراً، أو إلى نوَّابه وهم الفقهاء العدول الإماميون الجامعون لشرائط الفتوى، لأنهم وكلاؤه، ثم يجب عليهم فيه ما يقتضيه مذهبهم (13)، فمن يذهب منهم إلى جواز صرفه إلى الأصناف على سبيل التتمة كما هو المشهور بين المتأخرين منهم يصرفه على حسب ما يراه، من بَسْطٍ وغيره، ومن لا يرى ذلك يجب عليه أن يستودعه له إلى ظهوره...الخ ) (14).
      وكلامه صريح في أنّه يجب أن يعطى الخمس في عصر الغيبة للفقيه المستوفي للشرائط.
      وقال أيضاً: (والمشهور بين الأصحاب ومنهم المصنف في باقي كتبه وفتاواه استثناء المناكح والمساكن والمتاجر من ذلك، فتباح هذه الثلاثة مطلقاً، والمراد من الأول الأمة المسبية حال الغيبة وثمنها، ومهر الزوجة من الأرباح، ومن الثاني ثمن المسْكن منها أيضاً، ومن الثالث الشراء ممن لا يعتقد الخمس، أو ممن لا يخمّس، ونحو ذلك، وتركه -أي الشهيد الأول- هنا إما اختصاراً، أو اختياراً، لأنه قول لجماعة من الأصحاب، والظاهر الأول -أي تركه اختصاراً-، لأنه ادعى في البيان إطباق الإمامية عليه نظراً إلى شذوذ المخالف ) (15) .
      وأما العلامة الأردبيلي فإنّه قال في كتابه مجمع الفائدة والبرهان: ( ... ولكن ينبغي الاحتياط التام وعدم التقصير في إخراج الحقوق خصوصاً الأصناف الثلاثة من كل غنيمة عدّوها (أي حتى من أرباح المكاسب لأنّها معدودة من الغنيمة بمعناها اللغوي) لاحتمال الآية على الظاهر وبعض الرّوايات وأصل عدم السقوط، وبعد سقوط حقهم مع تحريم الزكاة عليهم وكون ذلك عوضها ... ) (16) .
      وأما العلامة سلار بن عبد العزيز فقال في المراسم : ( في المأثور عن آل الرسول صلى الله عليه وآله أنه – أي الخمس - واجب في كل ما غنم بالحرب وغيرها من الأموال والسلاح والرقيق والمعادن، والكنوز، والغوص، والعنبر، وفاضل أرباح التجارات والزراعات والصناعات [الزائدة] عن المؤونة، وكفاية طول عامه إذا اقتصد ) (17) .
      نعم قال وهو يتحدث عن الأنفال: ( والأنفال له - أي للإمام - أيضا خاصة، وهي: كل أرض فتحت من غير أن يوجف عليها بخيل ولا ركاب، والأرض الموات، وميراث الحربي، والآجام، والمفاوز، والمعادن، والقطائع، فليس لأحد أن يتصرف في شيء من ذلك إلاّ بإذنه، فمن تصرف فيه بإذنه، فله أربعة أخماس المستفاد منها، وللإمام الخمس.
      وفي هذا الزمان قد أحلوها مما نتصرف فيه من ذلك كرما وفضلا لنا ) (18)
      وكلامه هذا واضح في بيان مراده وهو أن أئمة أهل البيت عليهم السلام قد أباحوا لشيعتهم خاصة التصرّف في الأنفال التي ذكرها دون غيرها، فأين ما زعمه عثمان الخميس من أن العلامة سلار يفتي بإباحة الخمس للشيعة ؟!
      وأمّا صاحب المدارك محمد بن علي الموسوي فإنه بعد أن ذكر أدلّة مَنْ أوجب الخمس في أرباح المكاسب ومن قال بإباحته، صرَّح بالاحتياط في هذه المسألة بدفع الخمس، فقال: ( ... وبالجملة فالأخبار الواردة بثبوت الخمس في هذا النوع مستفيضة جدّاً، بل الظاهر أنّها متواترة كما ادّعاه في المنتهى ... ) (19) .
      قال عثمان الخميس: ( وأمّا تاريخيّاً فإنّه لا يعرف عن أحد من الأئمة أنّه كان يفرض على مكاسب المسلمين وأموالهم شيئاً اسمه الخمس،بل ولا على أموال المسالمين من الكافرين – أهل الذمة – وإنما هي الزكات والصدقات والخراج والجزية وأمثالها ) (20) .
      أقول:
      أولاً : لقد سبق أن أوردنا رواية صحيحة من صحيح البخاري فيها أن النبي صلى الله عليه وآله طلب من بني عبد القيس أن يؤدوا الخمس من المغنم، وبيّنا بالدليل من الرواية أن المراد بالمغنم هو مطلق ما يغنمه المسلم، فيكون الخمس بموجب هذه الرّواية واجباً حتى في أرباح المكاسب، والنبي صلى الله عليه وآله هو إمام الأئمة.
      ثانياً: إن كان يريد بالأئمة أئمته المذاهب الإسلامية الأربعة، ففعل هؤلاء الأئمة ليس بحجة على الشيعة، لأن الشيعة لا يعتقدون بإمامتهم ولا يأخذون عنهم لا في أصل ولا في فرع، وإن كان يريد بهم أئمة الشيعة الذين يعتقد الشيعة بإمامتهم وولايتهم على المسلمين من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فإن الروايات الصحيحة التي مرّ ذكرها في بحث السيد الخوئي عليه الرّحمة الدالة على وجوب الخمس في أرباح المكاسب وغيرها كافية بطلان كلامه هذا .
      ____________________
      (1)من القلب إلى القلب صفحة 62 .
      (2) شرائع الإسلام 1/133- 134 .
      (3) شرائع الإسلام 1/138 .
      (4) شرائع الإسلام 1/139 .
      (5) الجامع للشرائع صفحة 148- 149 .
      (6) الجامع للشرائع صفحة 151 .
      (7) الجامع للشرائع صفحة 151 .
      (8) نهج الحق وكشف الصدق صفحة 458- 459 .
      (9) تحرير الأحكام 1/433 .
      (10) تحرير الأحكام 1/444 .
      (11) تحرير الأحكام 1/445 .
      (12) شرح اللمعة الدمشقية 2/ 65- 72 .
      (13) أي يجب على الفقهاء التصرف في الخمس في زمن غيبة الإمام عليه السلام حسب ما أوصلهم إليه إجتهادهم .
      (14) شرح اللمعة الدمشقية 2/78-79 .
      (15) شرح اللمعة الدمشقية 2/80 .
      (16) مجمع الفائدة والبرهان 4/357 .
      (17) المراسم صفحة 141 .
      (18) المراسم صفحة 142 .
      (19) مدارك الأفهام 5/383 .
      (20) من القلب إلى القلب صفحة 62 .

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        قال عثمان الخميس: ( وفي المقابل لا تؤدون الزكاة مع نص القرآن عليها ... ) (1) .
        وقال: ( هل صرّح القرآن الكريم بذكر خمس المكاسب، وذكر مستلميه من الفقهاء، كما صرّح بذكر الزكاة ومستحقيها ومستلميها أو القائمين عليها؟
        لا نص في القرآن الكريم على الخمس ولا على الفقهاء .
        لا توجد آية واحدة تنص على وجود شيء اسمه خمس المكاسب ولا آية واحدة كذلك تنص على الفقهاء وعلاقتهم بهذا المورد
        ) (2) .
        أقول:
        أولاً: إنّ الزكاة في المصطلح الشرعي هي الفريضة المالية التي فرضها الله تعالى على المال وفق أحكام وقوانين محدّدة، وهي عنوان عام لفريضة الخمس والصدقات الواجبة، فاسم الزكاة يشمل كلا من الصدقات الواجبة التي أخذت في عرفنا باسم الزكاة كما يشمل أيضاً فريضة الخمس الثابتة في الشريعة الإسلامية بنص القرآن الكريم والسنة الشريفة، فمصطلح الزكاة في القرآن ينطبق على فريضة الخمس، كما ينطبق على فريضة الصدقات الواجبة التي تحدّث عنها الله في القرآن الكريم بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 60)، ثمّ بيّنا أن الغنيمة في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ... )، ليست بخاصة بغنيمة الحرب بل هي شاملة أيضاً لأرباح المكاسب وغيرها مما عدّه الفقهاء من مصداق الغنيمة في الآية وأوجبوا فيه الخمس، فدعوى عثمان الخميس أن خمس أرباح المكاسب لم يذكر في القرآن الكريم دعوى باطلة، وعارية عن الصحة.
        ثانياً: إنّ القرآن الكريم لم يشتمل على تفاصيل وجزئيات أحكام الفرائض، إلاّ نادراً وفي خصوص موارد معينة، وإنما جاءت هذه التفاصيل والجزئيات من طريق السنة الشريفة، فمثلاً ، فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة من خلال النص القرآني لكنّه سبحانه لم يذكر في القرآن الكريم عدد ركعات كل صلاة، ولا أخبر حتى بكيفية الصلاة، وكل ذلك جاء من طريق السنة الشريفة، فالنبي صلى الله عليه وآله هو الذي بيّن كيفية الصلاة وحدد عدد الركعات وغيرها من جزئيات وتفاصيل الصلاة، وهكذا بالنسبة للصوم والحج وغيرها من الفرائض، فالقرآن الكريم والسنة الشريفة هما المصدران الأساسيان للتشريع، وليس القرآن الكريم وحده، وكأن عثمان الخميس عندما يطالب الشيعة بالدليل من القرآن الكريم يرفض سنّة النبي صلى الله عليه وآله، وإلاّ فما معنى حصره المطالبة بالدليل من القرآن الكريم وحده؟!
        وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله عن مثل ما قام به عثمان الخميس، وما يقوم به أبناء مذهبه (الوهابيون) في عصرنا هذا من حصرهم المطالبة بالدليل القرآني في الكثير من موارد الاختلاف والاحتجاج الدائر بينهم وبين المخالفين لهم من أبناء المذاهب الإسلامية ومنهم الشيعة الإمامية، ورفضهم لدليل السنة الشريفة، ففي صحيح ابن حبان بسنده عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني أوتيت الكتاب وما يعدله يوشك شعبان على أريكته أن يقول بيني وبينكم هذا الكتاب فما كان فيه من حلال أحللناه وما كان فيه من حرام حرمناه ألا وإنه ليس كذلك ) (3).
        والشيعة استناداً إلى أدلة عديدة تدينوا بالقول والاعتقاد بإمامة الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام، وأنّهم هم القائمون في الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله واحداً تلو الآخر، وأن سنتهم كسنته صلى الله عليه وآله في وجوب الأخذ والعمل بها، والأئمة من أهل البيت هم من أرجع الأمر في مثل مسائل الخمس وغيرها إلى فقهاء المذهب في عصر غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
        ثالثاً: أمّا زعمه أن الشيعة لا يؤدون الزكاة فهو من جملة أكاذيبه على الشيعة، فالزكاة عندهم من دعائم الإسلام ومن ضروريات الدين الإسلامي الحنيف ومنكرها عندهم كافر إذا لم يكن واقعاً في شبهة، وتاركها مع عدم الإنكار فاسق، فهي واجبة عندهم في النقدين الذهب والفضة المسكوكين، وفي الأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم، وفي الغلات الزراعية، الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وكتب الفقه الشيعية خير دليل على صحة ما نقول، فلا يوجد كتاب فقه شيعي استلالي أو غيره إلاّ وتعرض للزكاة ووجوبها ولزوم أدائها وفي ماذا تجب، والنصاب الواجب فيه الزكاة، وسائر أحكام هذه الفريضة، نعم الشيعة لا يقولون بوجوب الزكاة في الأوراق النقدية المتداولة في هذه الأزمنة، وهذه المسألة من المسائل الفرعية الخاضعة للاجتهاد، فمثل ما اجتهد علماء أهل السنة وأوصلهم اجتهادهم إلى القول بعدم وجوب الخمس في أرباح المكاسب، فكذلك فقهاء الشيعة اجتهدوا فأوصلهم اجتهادهم إلى عدم وجوب الزكاة في الأوراق النقدية.

        _________________
        (1)من القلب إلى القلب صفحة 61 .
        (2) من القلب إلى القلب صفحة 61 .
        (3) صحيح ابن حبّان 1/189 رواية رقم: 12 .

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
        ردود 2
        12 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة ibrahim aly awaly
        بواسطة ibrahim aly awaly
         
        يعمل...
        X