صوتُ ارتطامِ الماءِ بالميضأةِ يذيبُ ثلجَ القلوبِ القاسية .. مثلما تعصرُ ليمونةُ الخريفِ شتاءات أجسادنا الواهنة .. فكما لو أنّ الشمسَ تغرقُ عند موطئ الأفق الأحمر ، ينكسرُ الكوزُ قبلَ أن ترتفعَ إليه عذوبةُ المياه ، فيسيلُ لعابُ الظهيرةِ زجاجياً ، على قواريرَ لمْ تَخبَرْ جراحاتِ الدموع ، حيثُ السرابُ صديقٌ لدود ....
جلبابُ الريحِ شائكُ الملمسِ صاخبُ المزاج ، رايتها تحرق النيران ، وتغذي كائن السطوة .. الأخوة الذين لم يكونوا أخوةً ، والرجال الذين لم يكونوا رجالاً ، والليل الذي تفشّت أيقوناتُهُ ، فكأنّ مصابيح السماء تثقبُ عباءتهُ بنهاراتٍ بعيدةٍ ....
ديدنُ الربيعِ الموشّى بالمَخمَل أن يستمدّ من خصوبةُ الأرضِ نباتهُ ، والصحراء كانت وطناً ، لا لشيءٍ إلا لأنّها حملت في شغافِها عيوناً كثيرةً صافيةً ....
الخطايا كانت الأشدّ وطأةً على جلبةِ الصخبِ المحتدم .. أشياءٌ كثيرةٌ تناثرت هناك ، ودماءٌ شربتها السماء .. عندها ارتفع صوتٌ أزلي : (إن كان هذا يرضيك ، فخذ حتى ترضى) .