بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطبيبين الطاهرين
لقد علم الموافق والمخالف أنّ عليّاً (عليه السلام) كان أشجع الناس، وأنّ بسيفه ثبتت قواعد الإسلام، وتشيّدت أركان الإيمان، وكانت الراية بيده في كافة الغزوات، وما انهزم (عليه السلام) في موطن من المواطن قط .
هذه الأُمور أعتقد أنّها قد تجاوزت حدّ الرواية وبلغت إلى حدّ الدراية، فتلك مواقفه في بدر، وأُحد، وخيبر، وحنين، والخندق ـ الأحزاب ـ وغير ذلك من الحروب والغزوات، من ذا يشك في أشجعيّة علي ومواقفه مع رسول الله ؟
نعم، يشك في ذلك مثل ابن تيميّة، لاحظوا ماذا يقول، يقول في جواب العلامة الحلي حيث يقول : إنّ عليّاً كان أشجع الناس، يقول : هذا كذب، فأشجع الناس رسول الله .
وهل كان البحث عن شجاعة رسول الله ؟ وهل كان من شك في أشجعيّة رسول الله ؟ إنّما الكلام بين علي وأبي بكر ! كلامنا في الإمامة بعد رسول الله، كلامنا في الخلافة بعد رسول الله .
لاحظوا كيف يغالط ؟ ولماذا يغالط ؟ لأنّه ليس عنده جواب، يعلم ابن تيميّة ـ ويعلم كلّهم ـ بأنّ الشيخين قد فرّا في أكثر من غزوة ، وأنّهما لم يقتلا ولا واحداً في سبيل الله .
يقول العلاّمة الحلّي : إنّ عليّاً قتل بسيفه الكفّار .
فيقول في جوابه ابن تيميّة : قوله : إنّ عليّاً قتل بسيفه الكفّار، فلا ريب أنّه لم يقتل إلاّ بعض الكفّار .
وهل قال العلاّمة الحلّي : إنّ عليّاً قتل كلّ الكفّار ! فلا ريب أنّه لم يقتل إلاّ بعض الكفّار .
يقول ابن تيميّة : وكذلك سائر المشهورين بالقتال من الصحابة ، كعمر والزبير وحمزة والمقداد وأبي طلحة والبراء بن مالك وغيرهم .
يقول : ما منهم من أحد إلاّ قتل بسيفه طائفة من الكفّار .
فإذا سئل ابن تيميّة : أين تلك الطائفة من الكفّار الذين قتلهم عمر ؟
يقول في الجواب : القتل قد يكون باليد كما فعل علي وقد يكون بالدعاء … القتال يكون بالدعاء كما يكون باليد .
بالنص عبارته ـ والله ـ راجعوا كتاب منهاج السنة فإنّه موجود .
إذن، قتل عمر طائفة من الكفّار بالدعاء، ولا بأس !! وأيّ مانع من هذا !!
وإذا سألنا ابن تيميّة عن شجاعة أبي بكر، يقول في الجواب بنصّ عبارته ـ بلا زيادة ونقيصة ـ : إذا كانت الشجاعة المطلوبة من الأئمّة شجاعة القلب، فلا ريب أنّ أبا بكر كان أشجع من عمر، وعمر أشجع من عثمان وعلي وطلحة والزبير، وكان يوم بدر مع النبي في العريش .
إذن، تكون شجاعة أبي بكر بقوّة القلب فقط، وقد جاهد وقاتل بقوّة القلب .
فالشجاعة على قسمين أو لها معنيان : الشجاعة التي يفهمها كلّ عربي، ومعنى آخر يراد من الشجاعة : قوّة القلب، وأبو بكر كان قوي القلب !! .
وهكذا يجيب ابن تيميّة عن توفّر هذا الشرط في علي دون الشيخين، يجيب عن ذلك بجواب لا تجدونه في أيّ كتاب من الكتب، فيجعل عمر مقاتلاً، لكن لا باليد بل بالدعاء، والقتال بالدعاء كالقتال باليد، ويجعل أبا بكر شجاعاً، لكن شجاعة القلب وهي المطلوبة في الأئمّة !! وكأنّ عليّاً كانت عنده الشجاعة البدنية ولم تكن عنده شجاعة قلبيّة !!
وكلّ هذا من ابن تيميّة ينفعنا في يقيننا بصحة استدلالاتنا، وإلاّ فأيّ معنى لتفسير القتال والجهاد في سبيل الله وقتل طائفة من الكفّار بالدعاء ؟
ثمّ لو كانا واجدين لقوّة القلب ـ كما يقول ابن تيميّة ـ فلماذا فرّا ؟
لاريب في أنّهما قد فرّا في أُحد، وقد روى الخبر أئمّة القوم، منهم :
1 ـ أبو داود الطيالسي .
2 ـ ابن سعد صاحب الطبقات .
3 ـ أبو بكر البزّار .
4 ـ الطبراني .
5 ـ ابن حبّان .
6 ـ الدارقطني .
7 ـ أبو نعيم .
8 ـ ابن عساكر .
9 ـ الضياء المقدسي .
أمّا في خيبر، فقد روى فرارهما :
1 ـ أحمد .
2 ـ ابن أبي شيبة .
3 ـ ابن ماجة .
4 ـ البزّار .
5 ـ الطبري .
6 ـ الطبراني .
7 ـ الحاكم .
8 ـ البيهقي .
9 ـ الضياء المقدسي .
10 ـ الهيثمي .
وأمّا في حنين، فالذي صبر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو علي فقط، كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس، وهذا الحديث في المستدرك.
أمّا في الخندق فالكل يعلم كلمة رسول الله : « لَضربة علي في يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين » أو « أفضل من عبادة الأمّة إلى يوم القيامة »
تعليق