يوسف الصديق مسلسل تلفزيوني ايراني يبتعد عن النص القرآني
في منتصف العام (2009) شاهدت المسلسل الايراني المدبلج (يوسف الصديق) على فضائية الكوثر
والحق يقال: كان عملا فنيا كبيرا ، كبيرا في فنه، وكبيرا في اخراجه، وكبيرا في تمثيله وانتاجه ، الا ان الذي اريد ان اؤكد عليه هنا، ان هذا العمل لم يعتمد القرآن كمصدر رئيسي له ، خاصة ان الفضائية التي قدمته هي فضائية تقدم برامج اسلامية ، وانما راح يبحث في الاسرائليات التي امتلأت بها كتب التفسير، وكتب قصص القرآن،وكتب قصص الانبياء ، وهي كلها مأخوذة عن مصادر يهودية، ككعب الاحبار وابن منبه وابن سلام وغيرهما من اليهود الذين دخلوا الاسلام.
ان السورة – القصة الوحيدة التي ذكرت في القرآن كاملة هي قصة يوسف ، مما يعطيها ميزة التكامل السردي،((* الر تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )) الا ان كاتب المسلسل قد ادلجها وصبغها بصبغة ايدولوجية ابعدتها عن اصلها القرآني خدمة لما كان يعتقد به ، او ما تعتقد به الجهة الانتاجية.
من المعروف جيدا ، ان الاعمال الفنية التي تنبنى على عمل ادبي ، او نص تاريخي ، تأخذ الحرية الكافية في تحويل النص من سرديته الادبية او التاريخية الى ان يكون عملا فنيا ، بسردية فنية درامة تلفزيونية او سينمائية ، أي يكون التعامل مع هكذا نصوص تعاملا فنيا.
الا ان هذه الحرية تتوقف عند التعامل مع نص موحى به ، كالنص القرآني ، اذ لا مجال الى تحميله اهدافا وغايات ومقاصد غير التي انزل بشأنها .
صحيح ان النص القرآني – قصة يوسف – مليء بالفجوات التي تنتظر من يملأها ، الا ان ملأها لا يكون اعتباطا ، وانما يجب ان يرتكز على معلومات دقيقة مستقات من مصادر ومراجع معتمدة ،خاصة بما له علاقة بإمور حساسة ودقيقة ، كما هي اغلب الامور التي سكت النص القرآني عنها في هذه السورة، لانه لم يكن معنيا بها بقدر عنايته بإمور اخرى.
حاول الكاتب ، او تلك الجهة التي تقف من ورائه، ان يتلاعبوا بالنص القرآني المعجز، وذهبوا الى فضاءات سردية – لا تاريخية ***
بين المسلسل والنص القرآني:
لا نريد ان نكون ملكيين اكثر من الملك ، ونقول على المسلسل ان يساير النص القرآني خطوة لخطوة ، فهذا غير صحيح، ولا يمكن التعامل مع الاعمال الفنية بهكذا مسطرة، الا ان هناك امورا تخرج النص القرآني من فضائه وتضعه في فضاء
.
* فالنص القرآني – سورة يوسف – لم يذكر –لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة – ان يوسف قد اعاد شباب وبصر زوجة العزيز زليخا(وزليخا ليس اسم قرآني) ، بل ان النص القرآني قد قطع العلاقة بها بعد ان اعترفت للملك ببراءة يوسف ((قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين)) ، الا ان هذه الثيمة الزائدة قد اخذت من احدى حلقات المسلسل جل وقتها، وقد ارتحلت من الاسرائيليات الى النص الاصلي
فضلا عن ذلك ، فالنص القرآني – و حتى النص التوراتي وكذلك النص التلمودي ص133– لم يذكر ان يوسف قد تزوح من زليخا، الا ان الجهة التي تقف وراء انتاجه – من خلال كاتب النص – وتحت ضغط ايدولوجي يحكم هذه الجهة الانتاجية ،سايرت الروايات غير الصحيحة – الاسرائيليات – فجعلت من يوسف يتزوج من زليخا بعد ان رد لها شبابها وبصرها ، (كرامة لم يذكرها النص القرآني)، لانه كان معني بامور ثلاثة : الحسد ، والمراودة ، والاقتصاد ، ومن خلالها وضّح النص القرآني مراميه الاخلاقية.
* كما اكد المسلسل على مسألة الولاية.
الا ان النص القرآني لم يذكرها ولم يشر اليها ، وانما ذكر ان عائلة يوسف – خاصة والديه - عندما وفدوا عليه مصر سجدوا له (( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ))، وقد اخذت هذه القضية (سجود الابوين) الكثير من الحبر والورق على امتداد تاريخ التدوين الاسلامي ، حتى ان الامام الفخر الرازي جعل من هذه الواقعة شبهة اخلاقية تخرج يوسف عن كونه نبياً.(1)
نحن نرى غير ما رآه الفخر الرازي ولا من قال بمقالته ، لاننا نرى ان واقعة السجود اما انها لم تكن قد حدثت من قبل الابوين ، وانما من قبل الاخوة، لان واقعة الرفع جاءت قبل واقعة السجود، أي انه رفع الابوين الى العرش – مجلسه – ثم حدثت واقعة السجود من قبل الاخوة، لانه لا يمكن ان يسجد الشخص وهو جالس على العرش .
واذا اردنا ان لا نبتعد عن مضمون النص القرآني الظاهري
(إذ قال يوسف لابيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين))، فنقول: ان سجود الابوين جاء تحت ضغط المكانة التي وصل اليها يوسف في مصر، كمسؤول حكومي ، لا كنبي.
أي ان سجود نبي – يعقوب الاب – الى نبي آخر – ابنه يوسف - قد حصل بسبب ذلك، وليس للولاية أي دور في ذلك ، اما التفسيرات الباطنية للسورة – القصة – والاخذ من الاسرائيليات قد اخرج السورة القرآنية من مراميها ومقاصدها وغاياتها التي انزلت من اجلها.
وقد حاول المسلسل ان يعطي تفسيره الخاص لهذا السجود ، ويجعله سجود لله ، عندما جعل يعقوب يدعو ابنائه قائلا : هلموا لنسجد الى الله . أي ان السجود كان لله ، الا ان المسلسل جعل ملك الرب يظهر مباشرة ليقرأ ما يعطي معنى نص الاية القرآنية عن سجود الشمس والقمر والكواكب ، وهكذا ضاع فهم المسلسل للسجود.
* المسلسل حاول ان يلعب على عقول المشاهدين ، عندما نسى اوتناسى ان قميص يوسف قد اخذه اخوته الى ابيهم بعد رميه في غيابت الجب، والقميص الاخر قد مزقته زليخا عند المراودة، فمن اين جاء بالقميص الفضي الى اخيه ليرسله الى ابيه ؟ على انه قميص متوارث من اجداده ابراهيم وذريته؟
* ان المسلسل قدم اكبر خدمة الى اليهود ودولة اسرائيل ، خاصة في حلقاته الاخيرة ، عندما صور – طالت فترة تصوير المشهد – خروج بني اسرائيل من ارض الكنعانيين الى مصر.
وقد وقع المسلسل في خطأ تاريخي عندما اطلق على عائلة يعقوب اسم الكنعانيين – وهذه شهادة سيفرح بها ويهلل لها الصهاينة - ، والصحيح انهم عبرانيون سكنوا ارض كنعان بعد ان ارتحل جدهم ابراهيم النبي – حسب التوراة - من ارض اور الكلدانية الى ارض حران ومنها الى ارض الكنعانيين اهل فلسطين الاصليين، أي انهم من اصول كلدانية،.
يقول السيد القمني : (اذن ، فقد تسلل بنو عابر الى المملكة الكنعانية تدريجيا وعلى دفعات ، ويتضح ذلك في قصة التوراة عن هبوط النبي ابراهيم ضيفا على مملكة شاليم ، التي كانت قائمة قبل زمنه بزمان ، (...)، مما يشير الى ان ممالك كنعان كانت تعيش مرحلة المشترك المعبدي حتى هذا الوقت ). (2)
حتى التلمود، الكتاب المقدس الثاني عند اليهود لم يسمهم بهذا الاسم ، بل دعاهم بـ (بنو يعقوب)(ص135) ويذكرهم في ص154عند التنافس على عائدية مغارة مكفلاه: (ثم في اليوم التالي نشب قتال بين الفريقين، عيسو وأتباعه من جهة، ويوسيف والعبريون ومن تبع موكب الجنازة من مصر).
هكذا قدم المسلسل شهادة اعلامية فنية من فضائية دولة مسلمة الى دولة اسرائيل، بانهم هم من سلالة الكنعانيين ، مما يعطيهم الحق بالمطالبة بأرض فلسطين ،لا كبدو رحل جاء اسلافهم من اور الكلدانية ،
* في المسلسل ،ومن خلال الاخذ من الاسرائيليات ، يذكر واقعة كتابة يعقوب رسالة الى عزيز مصر – ابنه.
النص القرآني لم يذكر هذا ، وكذلك النص التوراتي ، وانما ذكرها النص التلمودي (ص 140 وهي من الزيادات التفسيرية على التوراة كما يذكر مترجم التلمود) ،وبعض التفاسير التي اعتمدت الاسرائيليات.
* كذلك – ولان المسلسل اثقل القصة بالافكار الايدولوجية ، فقد اضاف اضافة اخرى في الحلقات الاخيرة له ،لم يذكرها النص القرآني ولا أي نص يهودي ، هو التبشير بخروج:
- النبي محمد .
- المهدي.
ففي سورة الصف ، تخبرنا الآية القرآنية ان نبي الله عيسى هو الذي بشر بظهور النبي محمد: ((* وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين))، وليس يعقوب.
***
الخلاصة:
نستنتج مما سبق ، ان ابتعاد كاتب نص المسلسل عن القرآن قد اوقعه بأخطاء كبيرة ، لا يمكن ان يسامح عليها، اذا اخذنا بنظر الاعتبار، ان المسلسل قدمته فضائية اسلامية هي فضائية الكوثر ، وان العمل برمته هو ايراني – كما يخبرنا التايتل – وحتما ان هناك مراقبين – رقابة دينية - لما يحمله هذا العمل من افكار.
ولكن هذه الملاحظات لا تنسينا جودة العمل ، من حيث الانتاج والتمثيل والاخراج.
***
الهوامش:
1 - انظر: عصمة الانبياء – الفخر الرازي – القرص الالكتروني المعجم العقائدي – الاصدار الاول.
2 – مدخل الى فهم دور المثولوجيا التوراتية- سيد محمود القمني- شبكة اللادينيين العرب- شبكة الانترنيت.
3 – ان مشهد لقاء يوسف بابيه مأخوذ من التلمود بكل تفاصيله، مبتعدا عن مصدره الاصلي القرآني.
جاء في التلمود: (كان يوسف لابسا ثوبا ملكيا، مع تاج المملكة على رأسه ، ولما صار على بعد خمسين ذراعا من موكب ابيه ، ترجل من عربته ومشي ليلاقي أباه. فلما رأى الاعيان والامراء ذلك ، احتذوا حذوه فترجلوا عن خيولهم وعرباتهم فمشوا معه.
فلما رأى يعقوب هذه الحاشية تعجب للغاية ، وسُر لذلك ايما سرور ، والتفت الى يهوداه فسأله:" من هذا الرجل المتقدم برأس هذه الكوكبة الرائعة في الثوب الملكي ؟" فأجاب يهوداه :"هذا ابنك" . ولما اقترب يوسف من ابيه ركع ارضا امامه ، فركع مقدموه ليعقوب ايضا. وركض يعقوب صوب ابنه فألقى لنفسه على عنقه وقبله، وبكيا معا. ).(التلمود – كتاب اليهود المقدس – ترجمة: احمد ايبش – دار قتيبة- ص149)
في منتصف العام (2009) شاهدت المسلسل الايراني المدبلج (يوسف الصديق) على فضائية الكوثر
والحق يقال: كان عملا فنيا كبيرا ، كبيرا في فنه، وكبيرا في اخراجه، وكبيرا في تمثيله وانتاجه ، الا ان الذي اريد ان اؤكد عليه هنا، ان هذا العمل لم يعتمد القرآن كمصدر رئيسي له ، خاصة ان الفضائية التي قدمته هي فضائية تقدم برامج اسلامية ، وانما راح يبحث في الاسرائليات التي امتلأت بها كتب التفسير، وكتب قصص القرآن،وكتب قصص الانبياء ، وهي كلها مأخوذة عن مصادر يهودية، ككعب الاحبار وابن منبه وابن سلام وغيرهما من اليهود الذين دخلوا الاسلام.
ان السورة – القصة الوحيدة التي ذكرت في القرآن كاملة هي قصة يوسف ، مما يعطيها ميزة التكامل السردي،((* الر تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )) الا ان كاتب المسلسل قد ادلجها وصبغها بصبغة ايدولوجية ابعدتها عن اصلها القرآني خدمة لما كان يعتقد به ، او ما تعتقد به الجهة الانتاجية.
من المعروف جيدا ، ان الاعمال الفنية التي تنبنى على عمل ادبي ، او نص تاريخي ، تأخذ الحرية الكافية في تحويل النص من سرديته الادبية او التاريخية الى ان يكون عملا فنيا ، بسردية فنية درامة تلفزيونية او سينمائية ، أي يكون التعامل مع هكذا نصوص تعاملا فنيا.
الا ان هذه الحرية تتوقف عند التعامل مع نص موحى به ، كالنص القرآني ، اذ لا مجال الى تحميله اهدافا وغايات ومقاصد غير التي انزل بشأنها .
صحيح ان النص القرآني – قصة يوسف – مليء بالفجوات التي تنتظر من يملأها ، الا ان ملأها لا يكون اعتباطا ، وانما يجب ان يرتكز على معلومات دقيقة مستقات من مصادر ومراجع معتمدة ،خاصة بما له علاقة بإمور حساسة ودقيقة ، كما هي اغلب الامور التي سكت النص القرآني عنها في هذه السورة، لانه لم يكن معنيا بها بقدر عنايته بإمور اخرى.
حاول الكاتب ، او تلك الجهة التي تقف من ورائه، ان يتلاعبوا بالنص القرآني المعجز، وذهبوا الى فضاءات سردية – لا تاريخية ***
بين المسلسل والنص القرآني:
لا نريد ان نكون ملكيين اكثر من الملك ، ونقول على المسلسل ان يساير النص القرآني خطوة لخطوة ، فهذا غير صحيح، ولا يمكن التعامل مع الاعمال الفنية بهكذا مسطرة، الا ان هناك امورا تخرج النص القرآني من فضائه وتضعه في فضاء
.
* فالنص القرآني – سورة يوسف – لم يذكر –لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة – ان يوسف قد اعاد شباب وبصر زوجة العزيز زليخا(وزليخا ليس اسم قرآني) ، بل ان النص القرآني قد قطع العلاقة بها بعد ان اعترفت للملك ببراءة يوسف ((قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين)) ، الا ان هذه الثيمة الزائدة قد اخذت من احدى حلقات المسلسل جل وقتها، وقد ارتحلت من الاسرائيليات الى النص الاصلي
فضلا عن ذلك ، فالنص القرآني – و حتى النص التوراتي وكذلك النص التلمودي ص133– لم يذكر ان يوسف قد تزوح من زليخا، الا ان الجهة التي تقف وراء انتاجه – من خلال كاتب النص – وتحت ضغط ايدولوجي يحكم هذه الجهة الانتاجية ،سايرت الروايات غير الصحيحة – الاسرائيليات – فجعلت من يوسف يتزوج من زليخا بعد ان رد لها شبابها وبصرها ، (كرامة لم يذكرها النص القرآني)، لانه كان معني بامور ثلاثة : الحسد ، والمراودة ، والاقتصاد ، ومن خلالها وضّح النص القرآني مراميه الاخلاقية.
* كما اكد المسلسل على مسألة الولاية.
الا ان النص القرآني لم يذكرها ولم يشر اليها ، وانما ذكر ان عائلة يوسف – خاصة والديه - عندما وفدوا عليه مصر سجدوا له (( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ))، وقد اخذت هذه القضية (سجود الابوين) الكثير من الحبر والورق على امتداد تاريخ التدوين الاسلامي ، حتى ان الامام الفخر الرازي جعل من هذه الواقعة شبهة اخلاقية تخرج يوسف عن كونه نبياً.(1)
نحن نرى غير ما رآه الفخر الرازي ولا من قال بمقالته ، لاننا نرى ان واقعة السجود اما انها لم تكن قد حدثت من قبل الابوين ، وانما من قبل الاخوة، لان واقعة الرفع جاءت قبل واقعة السجود، أي انه رفع الابوين الى العرش – مجلسه – ثم حدثت واقعة السجود من قبل الاخوة، لانه لا يمكن ان يسجد الشخص وهو جالس على العرش .
واذا اردنا ان لا نبتعد عن مضمون النص القرآني الظاهري
أي ان سجود نبي – يعقوب الاب – الى نبي آخر – ابنه يوسف - قد حصل بسبب ذلك، وليس للولاية أي دور في ذلك ، اما التفسيرات الباطنية للسورة – القصة – والاخذ من الاسرائيليات قد اخرج السورة القرآنية من مراميها ومقاصدها وغاياتها التي انزلت من اجلها.
وقد حاول المسلسل ان يعطي تفسيره الخاص لهذا السجود ، ويجعله سجود لله ، عندما جعل يعقوب يدعو ابنائه قائلا : هلموا لنسجد الى الله . أي ان السجود كان لله ، الا ان المسلسل جعل ملك الرب يظهر مباشرة ليقرأ ما يعطي معنى نص الاية القرآنية عن سجود الشمس والقمر والكواكب ، وهكذا ضاع فهم المسلسل للسجود.
* المسلسل حاول ان يلعب على عقول المشاهدين ، عندما نسى اوتناسى ان قميص يوسف قد اخذه اخوته الى ابيهم بعد رميه في غيابت الجب، والقميص الاخر قد مزقته زليخا عند المراودة، فمن اين جاء بالقميص الفضي الى اخيه ليرسله الى ابيه ؟ على انه قميص متوارث من اجداده ابراهيم وذريته؟
* ان المسلسل قدم اكبر خدمة الى اليهود ودولة اسرائيل ، خاصة في حلقاته الاخيرة ، عندما صور – طالت فترة تصوير المشهد – خروج بني اسرائيل من ارض الكنعانيين الى مصر.
وقد وقع المسلسل في خطأ تاريخي عندما اطلق على عائلة يعقوب اسم الكنعانيين – وهذه شهادة سيفرح بها ويهلل لها الصهاينة - ، والصحيح انهم عبرانيون سكنوا ارض كنعان بعد ان ارتحل جدهم ابراهيم النبي – حسب التوراة - من ارض اور الكلدانية الى ارض حران ومنها الى ارض الكنعانيين اهل فلسطين الاصليين، أي انهم من اصول كلدانية،.
يقول السيد القمني : (اذن ، فقد تسلل بنو عابر الى المملكة الكنعانية تدريجيا وعلى دفعات ، ويتضح ذلك في قصة التوراة عن هبوط النبي ابراهيم ضيفا على مملكة شاليم ، التي كانت قائمة قبل زمنه بزمان ، (...)، مما يشير الى ان ممالك كنعان كانت تعيش مرحلة المشترك المعبدي حتى هذا الوقت ). (2)
حتى التلمود، الكتاب المقدس الثاني عند اليهود لم يسمهم بهذا الاسم ، بل دعاهم بـ (بنو يعقوب)(ص135) ويذكرهم في ص154عند التنافس على عائدية مغارة مكفلاه: (ثم في اليوم التالي نشب قتال بين الفريقين، عيسو وأتباعه من جهة، ويوسيف والعبريون ومن تبع موكب الجنازة من مصر).
هكذا قدم المسلسل شهادة اعلامية فنية من فضائية دولة مسلمة الى دولة اسرائيل، بانهم هم من سلالة الكنعانيين ، مما يعطيهم الحق بالمطالبة بأرض فلسطين ،لا كبدو رحل جاء اسلافهم من اور الكلدانية ،
* في المسلسل ،ومن خلال الاخذ من الاسرائيليات ، يذكر واقعة كتابة يعقوب رسالة الى عزيز مصر – ابنه.
النص القرآني لم يذكر هذا ، وكذلك النص التوراتي ، وانما ذكرها النص التلمودي (ص 140 وهي من الزيادات التفسيرية على التوراة كما يذكر مترجم التلمود) ،وبعض التفاسير التي اعتمدت الاسرائيليات.
* كذلك – ولان المسلسل اثقل القصة بالافكار الايدولوجية ، فقد اضاف اضافة اخرى في الحلقات الاخيرة له ،لم يذكرها النص القرآني ولا أي نص يهودي ، هو التبشير بخروج:
- النبي محمد .
- المهدي.
ففي سورة الصف ، تخبرنا الآية القرآنية ان نبي الله عيسى هو الذي بشر بظهور النبي محمد: ((* وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين))، وليس يعقوب.
***
الخلاصة:
نستنتج مما سبق ، ان ابتعاد كاتب نص المسلسل عن القرآن قد اوقعه بأخطاء كبيرة ، لا يمكن ان يسامح عليها، اذا اخذنا بنظر الاعتبار، ان المسلسل قدمته فضائية اسلامية هي فضائية الكوثر ، وان العمل برمته هو ايراني – كما يخبرنا التايتل – وحتما ان هناك مراقبين – رقابة دينية - لما يحمله هذا العمل من افكار.
ولكن هذه الملاحظات لا تنسينا جودة العمل ، من حيث الانتاج والتمثيل والاخراج.
***
الهوامش:
1 - انظر: عصمة الانبياء – الفخر الرازي – القرص الالكتروني المعجم العقائدي – الاصدار الاول.
2 – مدخل الى فهم دور المثولوجيا التوراتية- سيد محمود القمني- شبكة اللادينيين العرب- شبكة الانترنيت.
3 – ان مشهد لقاء يوسف بابيه مأخوذ من التلمود بكل تفاصيله، مبتعدا عن مصدره الاصلي القرآني.
جاء في التلمود: (كان يوسف لابسا ثوبا ملكيا، مع تاج المملكة على رأسه ، ولما صار على بعد خمسين ذراعا من موكب ابيه ، ترجل من عربته ومشي ليلاقي أباه. فلما رأى الاعيان والامراء ذلك ، احتذوا حذوه فترجلوا عن خيولهم وعرباتهم فمشوا معه.
فلما رأى يعقوب هذه الحاشية تعجب للغاية ، وسُر لذلك ايما سرور ، والتفت الى يهوداه فسأله:" من هذا الرجل المتقدم برأس هذه الكوكبة الرائعة في الثوب الملكي ؟" فأجاب يهوداه :"هذا ابنك" . ولما اقترب يوسف من ابيه ركع ارضا امامه ، فركع مقدموه ليعقوب ايضا. وركض يعقوب صوب ابنه فألقى لنفسه على عنقه وقبله، وبكيا معا. ).(التلمود – كتاب اليهود المقدس – ترجمة: احمد ايبش – دار قتيبة- ص149)
تعليق