عاش عمار الحكيم ذو 37 عاماً والقائد الجديد للمجلس الأعلى الإسلامي اقل من نصف عمره في البلاد لا زال يتأمل التغيرات الراديكالية في بناء الدولة العراقية. وصرح في مقابلة خاصة معه في قناة عراقية في وقت متأخر أنه لا زال يحلم في لإقامة فيدراليات في العراف جنوب كردستان. وخلال الفترة بين عامي 2005 و2007 كان عمار الحكيم المصرح الوحيد الذي يعتمد على فكرة واحدة، وهي إقامة فيدرالية شيعية طائفية في منطقة جنوب محافظة بغداد حتى الخليج. وفي الوقت الذي توقف فيه عن دفع فكرة تشكيل الفيدرالية في مجموعة من المحافظات الجنوبية، إلا أن المقابلة الأخيرة وضحت أنه لا توجد أي مخاوف من تغيير الخارطة العراقية السياسية الإدارية. فقد قال عمار الحكيم، أن فيدرالية المحافظة أو الثلاثة أو التسعة أمراً يقرره الشعب نفسه. ربما كان العراق مهد الحضارات بأنه صاحب أكبر حكومية مركزية عبر التاريخ، إلا إن الأسطورة هذه بالنسبة إلى الحكيم ببساطة بعيدة عن الواقع الآن.
في الوقت الذي سيشير فيه المشرعون بأن الحكيم يتقدم بسرعة نحو دستور 2005، فأن التفسير المنطقي والمهم للتصريحات تندرج في وقت تبدو متناقضة لما يحاوله السياسيون العراقيون الآخرين قوله في هذه الأيام. وفي غضون الأسبوعين الماضيين، أبدى ممثلون من الأحزاب مثل الدعوة (عبد الهادي الحسني) القائمة العراقية (ميسون الدملوجي) الحوار (مصطفى الهيتي) والتيار الصدري (طالب القريطي) شكوكهم حول تشكيل أي كيانات فيدرالية جديدة. لمح العديد من السياسيين أن القصور على الفيدرالية أمر سيخضع للمراجعة في القراءة التالية للدستور. وبكلمة أخرى، وفي حين رضخ العديد من السياسيين العراقيون للمطالب الشعبية المعارضة والتي طالبوا فيها إنهاء الفيدرالية والتركيز أكثر على قضايا ساخنة مثل الأمن والصحة والاقتصاد، إلا أن الحكيم أشار إلى المضي في هذه الخيارات المفتوحة. وبالمقابل تسلط الضوء على التناقضات في داخل الائتلاف الوطني العراقي المشكل حديثاً، حيث يلعب الحكيم الدور الأبرز فيه. وفي المقابلة الأخيرة التي أجرتها مجلة المراقب العلمي المسيحي والتي أعيد بثها في وسائل الأعلام العراقية كثيرا، شدد قيادي بارز في المجلس العلى (عادل عبد المهدي) على قضية البنية التركيبية للعراق. وعلى الرغم من أن بعض العبارات المترجمة في المقابلة قد لاقت التحريف في وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن تلك الترجمة التي عرضتها قناة الفرات والتي تعتمد على بيان صحفي حرره المجلس الأعلى ربما هي الترجمة الرسمية لما صرح به عادل عبد المهدي ويرغب بقوله. ولخص في مقابلته هدف الائتلاف الجديد وهو خلق حكومة موحدة بلا تناقضات فكرية.: "من المستحيل أن نتبنى وجهة نظر مركزية في حكومة تؤمن باللامركزية."
ورغم إنها تبدو انعزالية، الآن أن هذا توضيحي: أكد الائتلاف الوطني العراق رغبته في الفكر اللامركزي وأكدت على اختلافاتها مع الآخرين في حكومة المالكي، مثل رئيس الوزراء، بخصوص هذه القضية. بينما أن المشكلة بالطبع، هي ظهور بناة مركزية – وبالخصوص الكتلة الصدرية - كعنصر أساسي في التحالف الشيعي القيادي. وبوضوح، لو كان على عادل عبد المهدي أن يتبع قناعته فيبدو أن الخطوات التالية ستكون كالأتي: أولاً، قطع كافة الاتصالات مع أعضاء القائمة العراقية الداعمين للمركزية (والتي يفترض أن تكون المفاوضات معهم لا زالت مستمرة). ثانياً، وأهم من الأول، لمحاصرة الصدريين، والذين يرفضون أيضا كيانات فيدرالية أكثر.
ولكنهم في الواقع لن يفعلوا هذه الخطوات، أليس كذلك؟ عموما، أن أصوات الصدريون للقامة الائتلاف الوطني العراقي مطلوبة بشدة. ومن هذا الجانب، أعلن عمار الحكيم مسبقاً، بأنه سوف لن يضع نفسه تحت رحمة نزوات المصوتين غير المتوقعة لو رشح نفسه. وفي الوقت الذي امتلك المجلس الأعلى الإسلامي ثلث أعضاء البرلمان خلال 2005، ليس وفق قاعدة التصويت الفعلية ولكن بصيغة التوزيع لما بعد الانتخابات لما سمي بالمقاعد التعويضية على المستوى الوطني، وكانت الكتلة الصدرية تحتل سلسلة الأوليات في تلك الأيام، مع أنباء عن إضراب ما يقارب 16,000 في ذي قار. وبالمقابل كانت الكتلة الصدرية قيد الإنشاء وكان مقتدى الصدر يعد أشخاص مستقلين من غير رجال الدين، والتي جعل الأمر أقل احتمالا من أن ينتفع المجلس الأعلى من أصوات الصدريين في نظام القائمة المفتوحة.
وترسم هذه ديناميكية واسعة ذات علاقة بالجدل الراهن حول قانون الانتخابات.وعلناً، اتفقت كافة الأحزاب العراقية عدا الحزبين الكرديين على تبني نظام القائمة المفتوحة. دعم لمجلس الأعلى القائمة المغلقة في الماضي ولكن ضغط عليها لقبول القائمة المفتوحة بعد أن عبر الكثير من المقربين من السيد علي السيستاني أفضليتها للشعب. (في الحقيقة، لهذا السبب تم رسم صورة السيستاني البطولية الوطنية نوعاً ما في القنوات التي عادة غير متعاطفة مثل الشرقية في هذه الأيام، فلا تقول بعدها أن السياسيون العراقيون لا يتغيرون!). نظرياً، ظلت المشكلة الوحيدة في قانون الانتخابات هي ماذا يجب أن يحصل بكركوك، وحتى هذه المشكلة يمكن أن تحل التسوية بعد أن قدم النائب التركماني حسن توران مقترحا قبل يومين، وذلك للقيام بمراجعات لغرض القيام بإعادة الفحص تسجيل الناخبين – فكرة أخرى تلقت دعم الناس قدمها النائل أسامة النجيفي، وهو صوت أخر ناشط من الشمال.
على كل حال، أشيع أن العديد من الأحزاب غير أمنة بسبب مواقفها الحقيقية بالنسبة للناخبين والتي تفضل حقيقة القائمة المغلقة سرا لهذا السبب. أن الدافع هو في الحقيقة أن بواسطة القائمة المغلقة يمكن للحاصلين على نسب التصويت الأعلى (مثل الصدريين) أن يعززوا المناحي الانتخابية عن طريق خلق "بطاقة" بالمعني الحرفي – بمعنى، بأن يعطوا للآخرين، السياسيون غير البارزين، رحلة مجانية إلى مقاعد البرلمان وبعكسه يكونوا على المحك (أي، لو أن الناخبين منحوا الفرصة في اختيار المرشحين). كما لو كان الأمر لتحديد النقص في احترام الناخبين العراقيين، وبتعليق كل تلك القضايا، أعلن البرلمان العراقي أنه لن ينعقد حتى الثالث عشر من تشرين الأول أي قبل يومين من الموعد النهائي لإكمال كافة التعديلات على النظام الانتخابي.
*ريدر فيسر (نشرها في الثامن من تشرين الأول 2009)
في الوقت الذي سيشير فيه المشرعون بأن الحكيم يتقدم بسرعة نحو دستور 2005، فأن التفسير المنطقي والمهم للتصريحات تندرج في وقت تبدو متناقضة لما يحاوله السياسيون العراقيون الآخرين قوله في هذه الأيام. وفي غضون الأسبوعين الماضيين، أبدى ممثلون من الأحزاب مثل الدعوة (عبد الهادي الحسني) القائمة العراقية (ميسون الدملوجي) الحوار (مصطفى الهيتي) والتيار الصدري (طالب القريطي) شكوكهم حول تشكيل أي كيانات فيدرالية جديدة. لمح العديد من السياسيين أن القصور على الفيدرالية أمر سيخضع للمراجعة في القراءة التالية للدستور. وبكلمة أخرى، وفي حين رضخ العديد من السياسيين العراقيون للمطالب الشعبية المعارضة والتي طالبوا فيها إنهاء الفيدرالية والتركيز أكثر على قضايا ساخنة مثل الأمن والصحة والاقتصاد، إلا أن الحكيم أشار إلى المضي في هذه الخيارات المفتوحة. وبالمقابل تسلط الضوء على التناقضات في داخل الائتلاف الوطني العراقي المشكل حديثاً، حيث يلعب الحكيم الدور الأبرز فيه. وفي المقابلة الأخيرة التي أجرتها مجلة المراقب العلمي المسيحي والتي أعيد بثها في وسائل الأعلام العراقية كثيرا، شدد قيادي بارز في المجلس العلى (عادل عبد المهدي) على قضية البنية التركيبية للعراق. وعلى الرغم من أن بعض العبارات المترجمة في المقابلة قد لاقت التحريف في وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن تلك الترجمة التي عرضتها قناة الفرات والتي تعتمد على بيان صحفي حرره المجلس الأعلى ربما هي الترجمة الرسمية لما صرح به عادل عبد المهدي ويرغب بقوله. ولخص في مقابلته هدف الائتلاف الجديد وهو خلق حكومة موحدة بلا تناقضات فكرية.: "من المستحيل أن نتبنى وجهة نظر مركزية في حكومة تؤمن باللامركزية."
ورغم إنها تبدو انعزالية، الآن أن هذا توضيحي: أكد الائتلاف الوطني العراق رغبته في الفكر اللامركزي وأكدت على اختلافاتها مع الآخرين في حكومة المالكي، مثل رئيس الوزراء، بخصوص هذه القضية. بينما أن المشكلة بالطبع، هي ظهور بناة مركزية – وبالخصوص الكتلة الصدرية - كعنصر أساسي في التحالف الشيعي القيادي. وبوضوح، لو كان على عادل عبد المهدي أن يتبع قناعته فيبدو أن الخطوات التالية ستكون كالأتي: أولاً، قطع كافة الاتصالات مع أعضاء القائمة العراقية الداعمين للمركزية (والتي يفترض أن تكون المفاوضات معهم لا زالت مستمرة). ثانياً، وأهم من الأول، لمحاصرة الصدريين، والذين يرفضون أيضا كيانات فيدرالية أكثر.
ولكنهم في الواقع لن يفعلوا هذه الخطوات، أليس كذلك؟ عموما، أن أصوات الصدريون للقامة الائتلاف الوطني العراقي مطلوبة بشدة. ومن هذا الجانب، أعلن عمار الحكيم مسبقاً، بأنه سوف لن يضع نفسه تحت رحمة نزوات المصوتين غير المتوقعة لو رشح نفسه. وفي الوقت الذي امتلك المجلس الأعلى الإسلامي ثلث أعضاء البرلمان خلال 2005، ليس وفق قاعدة التصويت الفعلية ولكن بصيغة التوزيع لما بعد الانتخابات لما سمي بالمقاعد التعويضية على المستوى الوطني، وكانت الكتلة الصدرية تحتل سلسلة الأوليات في تلك الأيام، مع أنباء عن إضراب ما يقارب 16,000 في ذي قار. وبالمقابل كانت الكتلة الصدرية قيد الإنشاء وكان مقتدى الصدر يعد أشخاص مستقلين من غير رجال الدين، والتي جعل الأمر أقل احتمالا من أن ينتفع المجلس الأعلى من أصوات الصدريين في نظام القائمة المفتوحة.
وترسم هذه ديناميكية واسعة ذات علاقة بالجدل الراهن حول قانون الانتخابات.وعلناً، اتفقت كافة الأحزاب العراقية عدا الحزبين الكرديين على تبني نظام القائمة المفتوحة. دعم لمجلس الأعلى القائمة المغلقة في الماضي ولكن ضغط عليها لقبول القائمة المفتوحة بعد أن عبر الكثير من المقربين من السيد علي السيستاني أفضليتها للشعب. (في الحقيقة، لهذا السبب تم رسم صورة السيستاني البطولية الوطنية نوعاً ما في القنوات التي عادة غير متعاطفة مثل الشرقية في هذه الأيام، فلا تقول بعدها أن السياسيون العراقيون لا يتغيرون!). نظرياً، ظلت المشكلة الوحيدة في قانون الانتخابات هي ماذا يجب أن يحصل بكركوك، وحتى هذه المشكلة يمكن أن تحل التسوية بعد أن قدم النائب التركماني حسن توران مقترحا قبل يومين، وذلك للقيام بمراجعات لغرض القيام بإعادة الفحص تسجيل الناخبين – فكرة أخرى تلقت دعم الناس قدمها النائل أسامة النجيفي، وهو صوت أخر ناشط من الشمال.
على كل حال، أشيع أن العديد من الأحزاب غير أمنة بسبب مواقفها الحقيقية بالنسبة للناخبين والتي تفضل حقيقة القائمة المغلقة سرا لهذا السبب. أن الدافع هو في الحقيقة أن بواسطة القائمة المغلقة يمكن للحاصلين على نسب التصويت الأعلى (مثل الصدريين) أن يعززوا المناحي الانتخابية عن طريق خلق "بطاقة" بالمعني الحرفي – بمعنى، بأن يعطوا للآخرين، السياسيون غير البارزين، رحلة مجانية إلى مقاعد البرلمان وبعكسه يكونوا على المحك (أي، لو أن الناخبين منحوا الفرصة في اختيار المرشحين). كما لو كان الأمر لتحديد النقص في احترام الناخبين العراقيين، وبتعليق كل تلك القضايا، أعلن البرلمان العراقي أنه لن ينعقد حتى الثالث عشر من تشرين الأول أي قبل يومين من الموعد النهائي لإكمال كافة التعديلات على النظام الانتخابي.
*ريدر فيسر (نشرها في الثامن من تشرين الأول 2009)
تعليق