قصص مسجد جامكران
يعتبر مسجد جامكران مكانا لعشاق رؤية ولقاء صاحب الزمان _ روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمة الفداء _ .
ويتساءل المرء : لماذا أصبح هذا المسجد العظيم مكانا للقاء المهدي المنتظر ( عجل الله فرجه ) وكيف تم بناؤه ؟
ولقد تم نشاء هذا المسجد قبل ألف عام على أن يكون مكتبا لطلاب الحوزة العلمية في مدينة قم التي كانت مجرد فكرة لم يتم إنجازها ، حتى يمكنهم لقاء صاحب الأمر والزمان ( عليه السلام ) .
ويعتبر اليوم أهم مكان يجتمع فيه الناس من أجل ذكر الحجة بن الحسن ( عليه السلام ) ودعوته لقضاء حوائجهم .
ونحن إذا أردنا أن نذكر القصص والحكايات والحوادث التي تم فيها اللقاء بين إمام العصر والزمان والمحبين له لكانت لدينا مئات أو أكثر من القصص والأحاديث عن ذلك .
ولكن بسبب أن بعض الناس لا يريد ولا يرضى بنقل وذكر قصة لقائه بالحجة المنتظر ( عليه السلام ) وبعضهم يعتبر ذلك جزءا من أسرار أهل بيت النبوة ( عليهم أفضل الصلاة والسلام ) ، فإننا سنكتفي بسرد ست وستين حكاية موثقة . ولا بد من التذكر بأن بعض الأعداء العارفين أو الأصدقاء الجهلة غير العارفين يقولون بأن تلك الأحداث إنما حصلت في المنام أو تصور أصحابها بأنها حصلت فعلا.
لكن الحقيقة التي ذكرها الأشخاص وكذلك الروايات المنقولة من الكتب المعتبرة تؤيد صحة وقوعها الحقيقي وفي عالم اليقظة والحقيقة وليست أضغاث الأحلام . وخاصة في كتب الأقدمين التي سنبدأ بالحديث عنها .
والقصة هي كما يلي :
جاء في كتاب النجم الثاقب وكتاب تاريخ قم وكتاب مؤنس الحزين إن الشيخ العفيف والعبد الصالح المدعو حسن بن مثلة الجمكراني نقل الرواية التالية :
كنت ليلة الأربعاء في السابع عشر من شهر رمضان المبارك لعام 363 هجري قمري نائما في بيتي في قرية جمكران عندما أقبلت مجموعة من رجال إلى داري وأيقظوني من النوم وقالوا : انهض يا حسن فإن صاحب الزمان الحجة بن الحسن ( عليه السلام ) قد أقبل ويريد أن يراك .
فنهضت مسرعا للقاء ولي العصر _ روحي له الفداء _ ومن عجالتي حاولت ارتداء قميصي ولكن يبدو أنني أرتديت قميص غير قميصي ، وإذا بصوت يصدر من الجماعة خارج الدار إن أترك هذا القميص فهو ليس لك ثم عمت ارتداء سروالي ولكن العتمة أوقعتني مره أخرى في الخطأ نفسه فارتديت سروالا آخر وجاء الصوت مره ثانية : أن أخلع هذا السروال فهو ليس لك يا حسن ! ثم حاولت البحث عن مفتاح الباب لكن بصوت جاء للمرة الثالثة وهو يقول : لا تبحث عن المفتاح فإن الباب مفتوح فنزلت حتى باب الدار فلقيت بجماعة من الأكابر والأشراف التي تبدو على محياهم العظمة والعزة . وكان ذلك المكان هو مسجد جمكران الحالي .
ولما دققت النظر ، رأيت سريرا قد نصب في الفلاة وقد تدلت من جوانبه المفارش وجلس عليها شاب في سن الثلاثين وبجانبه شيخ هرم وقف خدمته وقد فتح كتابا يقرأ فيه .
كما رأيت أكثر من ستين شخصا حول ذلك السرير وهم مشغولون بالصلاة وقد ارتدى بعضهم الألبسة البيضاء والبعض الآخر الألبسة الخضراء .
ثم دعاني الرجل الكهل وكان الخضر ( عليه السلام ) وأجلسني بالقرب من ذلك الشاب الذي لم يكن سوى صاحب الزمان ( عليه السلام ).
ثم لفظ ذلك الشاب أسمي قائلا:
يا حسن مثلة اذهب إلى حسن مسلم وقل له : لقد مضت عدة سنوات وأنت تزرع هذه الأرض وتستغلها ومن الآن وصاعدا لا يحق لك أن تستثمرها . كما أن النقود التي حصلت عليها خلال السنوات الماضية يجب أن تنفقها في بناء مسجد في هذا المكان.
ثم قال _ روحي له الفداء _ : كما عليك أن تقول لحسن مسلم بأن هذه الأرض هي من الأراضي الشريفة المقدسة وقد اختارها البارىء ( عز وجل ) لقدسيتها ولكنك ألحقتها بأراضيك وعليك الآن أن تتخلى عنها وإن لم تفعل فسيحل عليك عذاب لم ولن تتصوره.
ثم قلت لصاحب الزمان ( عليه السلام ) : يا سيدي ومولاي إنني إذا قلت هذه الأشياء لحسن مسلم أو للناس فإنهم سوف لا يصدقوني فأرجوك أن تعطيني علامة أو أثباتا لذلك .
فقال الإمام الحجة ( عليه السلام ) : إننا سنظهر لك علامات على ذلك ولا تفكر بالأمر وعليك أن تذهب إلى أبي الحسن وتأخذه معك إلى حسن مسلم وتقول له ما قلته لك وتأخذه منه الأرض وتبني عليها المسجد بالنقود التي حصل عليها حسن مسلم من زراعة الأرض.
وإذا احتجتم إلى أموال أخرى فخذوها من أوقافي في ناحية أردهال حيث أنني أوقف نصفها لهذا المسجد ، كما عليك أن تخبر الناس بضرورة الاهتمام والرغبة في هذا المسجد وأن يعتزوا به وقل لهم أن يصلوا فيه أربع ركعات كالتالي :
الركعتان الأولى والثانية باعتبارهما تحيةً للمسجد تقرأ فيه سورة الحمد ، ثم سبع مرات سورة التوحيد أما التسبيحات ففي الركوع والسجود سبع مرات أيضا.
أما الركعتان الثالثة والرابعة فهما صلاة صاحب الزمان ( عليه السلام ) حيث تقرأ جملة ( إياك نعبد وإياك نستعين ) في سورة الحمد مائة مرة وتسبيحات الركوع والسجود سبع مرات أيضا.
ثم عليهم أن يقوموا بتسبيحات فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ويسجدوا بعدها ويقولوا ( اللهم صل على محمد وآل محمد ) . مائة مرة.
ثم أضاف المهدي المنتظر ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) : (( فمن صلاهما فكأنما صلى في البيت العتيق )).
ثم أشار علي بالانصراف فانصرفت متوجها نحو بيتي ولم أتقدم سوى أمتار معدودة حتى ناداني ( عليه السلام ) وقال لي : في قطيع الراعي جعفر كاشاني توجد عنزة بلقاء وشعرها كثيف ولها سبع علامات أربعة منهى في أحد الطرفين والثلاثة الباقية في الطرف الثاني . وعليك أن تشتري تلك المعزاة وإذا لم يساعدك أهالي قرية جمكران في شرائها فاشترها بنقودك الخاصة ثم اذبحها غداً مساءً وهي ليلة السابع عشر من شهر رمضان المبارك .
واعلم بأن أي مريض أو معاق إذا أكل من لحمها فإنه سوف يشفى بإذن الله ( تعالى ) .
ثم أشار للمرة الثانية فانصرفت من حضرته . ولم أتقدم إلا قليلا حتى ناداني مرة أخرى وقال :
أنني هنا سبعة أيام أو سبعين يوما . ثم رجعت إلى داري ونمت حتى الصباح . وبعد الصلاة توجهت إلى دار علي المنذر وقصصت عليه ما جرى لي ليلة أمس بكل حذافيرها فقال : تعال نذهب سوية إلى ذلك المكان .
وفعلا ذهبنا إليه فوجدنا علامات من صاحب الزمان ( عليه السلام ) حيث وجدنا في مكان هذا المسجد سلاسل ممدودة وأوتادا مضروبة في الأرض.
فرجعنا سوية إلى سماحة العلامة السيد أبي الحسن الرضا وطرقنا باب داره ففتحه لنا الخادم وقال : إن السيد ينتظركما !.
ثم سألني : هل أنت من أهالي قرية جمكران فقلت له : نعم .
ثم قادنا إلى باحة الدار حيث دخلنا إحدى الغرف وسلمنا على السيد الرضا . وقبل أن أقول شيئا تحدث قائلا .
لقد شاهدت ليلة أمس وأنا في المنام شخصا قال لي إن أحد أهالي قرية جمكران وأسمه حسن مثلة سوف يأتي إليك ويقص عليك حكاية فصدقه .
لأن قوله هو قولنا وعليك أن لا ترده خائبا ثم أفقت من نومي ومنذ ذلك الحين وأنا أنتظرك يا حسن مثلة!.
ثم بدأت فسردت علي القصة بكاملها فأمر بتهيئة السروج على الخيل وركبنا نحن الثلاثة ووصلنا قرية جمكران وعندما أقتربنا منها شاهدنا الراعي جعفر كاشاني وهو يرعى قطيعه فذهبت على القطيع ولفت انتباهي تلك المعزاة التي وصفها إمام العصر والزمان ( عليه السلام ) بكل مواصفاتها و أوصافها فأمسكت بها وقلت لجعفر الراعي : إنني أريد شراء هذه المعزاة فنظر إليها مستغربا وقال : إنني أقسم لك بأنني لم أر هذه المعزاة قبل اليوم بين القطيع ولما حاولت صباح اليوم الإمساك بها، فرت من يدي ولم استطع اللحاق ولا الإمساك بها بينما أراك أمسكت بها وقد استكانت لك !.
ثم أخذت المعزاة إلى ذلك المكان وحسب أوامر صاحب الزمان ذبحتها ثم دعونا حسن مسلم وأمر السيد بأن يدفع فوائد وأرباح السنين الماضية . وثم تشيد المسجد على المكان المحدد بالسلاسل والأوتاد .
أما لحم المعزاة فقد وزعناه على المرضى والمعاقين والمعلولين فتم شفاؤهم بإذن الله.
ثم رفع السيد أبو الحسن الرضا السلاسل والأوتاد بعد تشيد جدار المسجد ووضعها في صندوق محكم . حيث كان المرضى يستشفون بها خلال حياته . ولكن هذه السلاسل والصندوق فقدت بعد وفاته !.
وينقل المرحوم حاج نوري في كتابه ( النجم الثاقب ) إن الشيخ الطبرسي في كتابه ( كنوز النجاة ) بأن المهدي المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف )أوصى بالترتيب والدعاء التالي لكل ذي حاجة أو يخاف من أذى الناس :
أن يصلي صلاة الحجة التي ذكرناها في البداية ثم يقرأ الدعاء التالي :
اللهم إن أطعتك فالمحمدة لك وإن عصتك فالحجة لك . منك الرّوح ومنك الفرج . سبحان من أنعم وشكر . سبحان من قدر وغفر اللهم إن كنت قد عصيتك فإنيقد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو الإيمان بك . لم أتخذ لك ولدا ولم أدعو لك شريكا منا منك به على لا منا مني به عليك ، وقد عصيتك يا إلهي على غير وجه المكبرة والخروج عن عبوديتك ولا الجحود لربوبيتك ، ولكن أطعت هواي وأزلني الشيطان فلك الحجة علي والبيان . فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي وإن تغفر لي وترحمني فإنك جواد كريم .
وتقول : يا كريم يا كريم حتى ينقطع النفس . ثم تقول :
يا أمنا من كل شيء ، أنا منك خائف حذر أسألك بأمنك من كل شيء وخوف كل شيء منك إن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعطيني أمانا لنفسي وأهلي وولدي وسائر ما أنعمت به علي حتى لا أخاف وأحذر من شيء أبدا أنك على كل شيء قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل .
يا كافي إبراهيم من نمرود ويا كافي موسى من فرعون أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تكفيني شر فلان بن فلان.
تعليق