بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
من راجع كلمات ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة يعلم تعصبه وتصلّبه في الموالاة للشيخين وبُعده عن الشيعة الإمامية، فذكره لفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وتفضيله على غيره لا يوجب أن يكون الرجل من الشيعة، كيف وكان هذا مطرّداً في قدماء أهل السنة لا سيما المعتزلة منهم، ويدلّك على هذا تأويله كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخلفاء ويفسّره حسبما يشتهيه حذراً من تنقيص مواليه كما صرّح بذلك نفسه فقال في شرح نهج البلاغة: 20/35: وحاش لله أن يكون [أي علي (عليه السلام)] ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين والأنصار إلاّ بالجميل والذكر الحسن، بموجب ما تقتضيه رئاسته في الدين وإخلاصه في طاعة ربّ العالمين، ومن أحبّ تتبع ما روي عنه مما يوهم في الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب ـ أعني شرح نهج البلاغة ـ فإنا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاّ أوضحناه وفسرناه على وجه يوافق الحقّ!!
ومما يدلّ على كونه من المعتزلة قوله ضمن القصائد السبع العلويات ـ كما في مقدمة شرح نهج البلاغة: 1/14 ـ:
ورأيت دين الاعتزال وإنني
أهوى لأجلك كل من يتشيع
وقد صرّح بكونه من المعتزلة الشيخ صلاح الدين الصفدي في فوات الوفيات: 2/260، والأتابكي في المنهل الصافي: 7/149، ومحمد ابو الفضل ابراهيم في مقدمة شرح نهج البلاغة: 1/13، وغيرهم. وفي الفقه كان تابعاً للإمام الشافعي كما نقله ابن الشعار، انظر تعليقه فوات الوفيات: 2/259.
نعم بناء على ما سلكه بعضهم من أن المناط في التشيّع هو حبّ أهل البيت (عليهم السلام)وذكر فضائلهم أو الانحراف عن بعض خصوم أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل معاوية وآله كما يستفاد من كلام الذهبي وابن حجر العسقلاني فتتسع دائرة التشيّع ويدخل فيها كثير ممن يتولّى أبا بكر وعمر، وهذا كما ترى، ومن هنا رمي بعض علماء السنة بالرفض أو التشيّع، راجع ترجمة الحاكم النيسابوري في طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي: 4/166 ; تذكرة الحفاظ، للذهبي: 3/227 ـ 233 و 4/232 ; سير أعلام النبلاء: 23/338 ; تهذيب التهذيب: 1/94 (ترجمة أبان بن تغلب)، قال الذهبي ـ عند تفسيره التشيع بما ذكرناه ـ: فهذا كثير في التابعين وتابعيهم.. فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيّنة. ميزان الاعتدال: 1/5.
ونذكر بعض كلماته التي تدل على مخالفته لعقائد الشيعة الإمامية :
1 ـ فأما الأُمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة (عليها السلام)، وأنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت، وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار فصاحت: " يا أبتاه! يا رسول الله! ".. وألقت جنيناً ميّتاً، وجعل في عنق علي (عليه السلام) حبل يقاد به وهو يعتل وفاطمة خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور، وابناه حسن وحسين معهما يبكيان، وأن عليّاً لما أحضر سألوه البيعة فامتنع فتهدد بالقتل، فقال: " إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله " فقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله فلا.. وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة العقبة.. فكله لا أصل له [كذا] عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا رواه أهل الحديث ولا يعرفونه وإنما هو شيء تنفرد الشيعة بنقله . ( 1 )
اقول : هو يطعن بهذه الأحداث ويدعي ان اصحابه اي اهل السنة لم يثبت لديهم شيء منها وقد تفرد به الشيعة ، فهو ينتقد آراء الشيعة ورواياتهم ، فهي يعقل ان يكون شيعاً ويذكر هذه الأمور ؟!
2 ـ قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنّها أوصت ألاّ يصلّيا عليها، وذلك عند أصحابنا من الأُمور المغفورة لهما، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها.. لكنهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة.. ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنّهما!!..
فإن هذا ـ لو ثبت أنه خطأ ـ لم يكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر التي لا تقتضي التبرؤ ولا توجب زوال التولي ( 2 ).
اقول : هل يوجد شيعي يذكر مثل هذه المبررات للدفاع عن ابي بكر وعمر ؟!!
3 ـ قال ابن أبي الحديد : وكل هذا إذا تأملّه المنصف علم أن الشيعة أصابت في أمر وأخطأت في أمر ، وأما الأمر الذي أصابت فيه فقولها: إنه امتنع وتلكّأ وأراد الأمر لنفسه.. وأما الأمر الذي أخطأت فيه فقولها: انه كان منصوصاً عليه نصاً جليّاً بالخلافة تعلمه الصحابة كلّها أو أكثرها، وإن ذلك النص خولف طلباً للرياسة الدنيوية وإيثاراً للعاجلة، وإن حال المخالفين للنص لا تعدو أحد أمرين ; إما الكفر أو الفسق.. ( 3)
اقول : هل يوجد شيعي ينفي وجود نص على أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر مثل هذه الأقوال ؟
4 ـ قال ابن أبي الحديد: وأما ما يرويه رجال الشيعة والأخباريون منهم في كتبهم من قولهم:
إنهما أهاناها وأسمعاها كلاماً غليظاً.. وانّ أبا بكر رَقَّ لها حيث لم يكن عمر حاضراً فكتب لها بفدك كتاباً، فلما خرجت به وجدها عمر فمدّ يده إليه ليأخذه مغالبة، فمنعته، فدفع بيده في صدرها، وأخذ الصحيفة فخرقها، بعد أن تفل فيها فمحاها، وأنها دعت عليه فقالت: " بقر الله بطنك كما بقرت صحيفتي ".. فشيء لا يرويه أصحاب الحديث ولا ينقلونه، وقدر الصحابة يجلّ عنه، وكان عمر أتقى لله وأعرف لحقوق الله من ذلك.. ( 4 )
اقول : وهذه عبارات صريحة في كونه من أهل السنة
الهامش :
( 1 ) شرح نهج البلاغة: 2/60 ـ 59.
( 2 ) شرح نهج البلاغة: 6/49.
( 3 ) شرح نهج البلاغة: 11/111.
( 4 ) شرح نهج البلاغة: 16/234.
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
احمد اشكناني
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
من راجع كلمات ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة يعلم تعصبه وتصلّبه في الموالاة للشيخين وبُعده عن الشيعة الإمامية، فذكره لفضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وتفضيله على غيره لا يوجب أن يكون الرجل من الشيعة، كيف وكان هذا مطرّداً في قدماء أهل السنة لا سيما المعتزلة منهم، ويدلّك على هذا تأويله كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخلفاء ويفسّره حسبما يشتهيه حذراً من تنقيص مواليه كما صرّح بذلك نفسه فقال في شرح نهج البلاغة: 20/35: وحاش لله أن يكون [أي علي (عليه السلام)] ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين والأنصار إلاّ بالجميل والذكر الحسن، بموجب ما تقتضيه رئاسته في الدين وإخلاصه في طاعة ربّ العالمين، ومن أحبّ تتبع ما روي عنه مما يوهم في الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب ـ أعني شرح نهج البلاغة ـ فإنا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاّ أوضحناه وفسرناه على وجه يوافق الحقّ!!
ومما يدلّ على كونه من المعتزلة قوله ضمن القصائد السبع العلويات ـ كما في مقدمة شرح نهج البلاغة: 1/14 ـ:
ورأيت دين الاعتزال وإنني
أهوى لأجلك كل من يتشيع
وقد صرّح بكونه من المعتزلة الشيخ صلاح الدين الصفدي في فوات الوفيات: 2/260، والأتابكي في المنهل الصافي: 7/149، ومحمد ابو الفضل ابراهيم في مقدمة شرح نهج البلاغة: 1/13، وغيرهم. وفي الفقه كان تابعاً للإمام الشافعي كما نقله ابن الشعار، انظر تعليقه فوات الوفيات: 2/259.
نعم بناء على ما سلكه بعضهم من أن المناط في التشيّع هو حبّ أهل البيت (عليهم السلام)وذكر فضائلهم أو الانحراف عن بعض خصوم أمير المؤمنين (عليه السلام) مثل معاوية وآله كما يستفاد من كلام الذهبي وابن حجر العسقلاني فتتسع دائرة التشيّع ويدخل فيها كثير ممن يتولّى أبا بكر وعمر، وهذا كما ترى، ومن هنا رمي بعض علماء السنة بالرفض أو التشيّع، راجع ترجمة الحاكم النيسابوري في طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي: 4/166 ; تذكرة الحفاظ، للذهبي: 3/227 ـ 233 و 4/232 ; سير أعلام النبلاء: 23/338 ; تهذيب التهذيب: 1/94 (ترجمة أبان بن تغلب)، قال الذهبي ـ عند تفسيره التشيع بما ذكرناه ـ: فهذا كثير في التابعين وتابعيهم.. فلو ردّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيّنة. ميزان الاعتدال: 1/5.
ونذكر بعض كلماته التي تدل على مخالفته لعقائد الشيعة الإمامية :
1 ـ فأما الأُمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة (عليها السلام)، وأنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت، وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار فصاحت: " يا أبتاه! يا رسول الله! ".. وألقت جنيناً ميّتاً، وجعل في عنق علي (عليه السلام) حبل يقاد به وهو يعتل وفاطمة خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور، وابناه حسن وحسين معهما يبكيان، وأن عليّاً لما أحضر سألوه البيعة فامتنع فتهدد بالقتل، فقال: " إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله " فقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله فلا.. وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة العقبة.. فكله لا أصل له [كذا] عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا رواه أهل الحديث ولا يعرفونه وإنما هو شيء تنفرد الشيعة بنقله . ( 1 )
اقول : هو يطعن بهذه الأحداث ويدعي ان اصحابه اي اهل السنة لم يثبت لديهم شيء منها وقد تفرد به الشيعة ، فهو ينتقد آراء الشيعة ورواياتهم ، فهي يعقل ان يكون شيعاً ويذكر هذه الأمور ؟!
2 ـ قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر، وأنّها أوصت ألاّ يصلّيا عليها، وذلك عند أصحابنا من الأُمور المغفورة لهما، وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها.. لكنهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة.. ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنّهما!!..
فإن هذا ـ لو ثبت أنه خطأ ـ لم يكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر التي لا تقتضي التبرؤ ولا توجب زوال التولي ( 2 ).
اقول : هل يوجد شيعي يذكر مثل هذه المبررات للدفاع عن ابي بكر وعمر ؟!!
3 ـ قال ابن أبي الحديد : وكل هذا إذا تأملّه المنصف علم أن الشيعة أصابت في أمر وأخطأت في أمر ، وأما الأمر الذي أصابت فيه فقولها: إنه امتنع وتلكّأ وأراد الأمر لنفسه.. وأما الأمر الذي أخطأت فيه فقولها: انه كان منصوصاً عليه نصاً جليّاً بالخلافة تعلمه الصحابة كلّها أو أكثرها، وإن ذلك النص خولف طلباً للرياسة الدنيوية وإيثاراً للعاجلة، وإن حال المخالفين للنص لا تعدو أحد أمرين ; إما الكفر أو الفسق.. ( 3)
اقول : هل يوجد شيعي ينفي وجود نص على أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر مثل هذه الأقوال ؟
4 ـ قال ابن أبي الحديد: وأما ما يرويه رجال الشيعة والأخباريون منهم في كتبهم من قولهم:
إنهما أهاناها وأسمعاها كلاماً غليظاً.. وانّ أبا بكر رَقَّ لها حيث لم يكن عمر حاضراً فكتب لها بفدك كتاباً، فلما خرجت به وجدها عمر فمدّ يده إليه ليأخذه مغالبة، فمنعته، فدفع بيده في صدرها، وأخذ الصحيفة فخرقها، بعد أن تفل فيها فمحاها، وأنها دعت عليه فقالت: " بقر الله بطنك كما بقرت صحيفتي ".. فشيء لا يرويه أصحاب الحديث ولا ينقلونه، وقدر الصحابة يجلّ عنه، وكان عمر أتقى لله وأعرف لحقوق الله من ذلك.. ( 4 )
اقول : وهذه عبارات صريحة في كونه من أهل السنة
الهامش :
( 1 ) شرح نهج البلاغة: 2/60 ـ 59.
( 2 ) شرح نهج البلاغة: 6/49.
( 3 ) شرح نهج البلاغة: 11/111.
( 4 ) شرح نهج البلاغة: 16/234.
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
احمد اشكناني
تعليق