إن المتتبع لثورة الحسين (عليه السلام)، يلاحظ مدى دقة التخطيط عند السبط الشهيد، فمن حين خروجه (عليه السلام) إلى استشهاده وما بعده أيضاً من أحداث، خطط لها الإمام الحسين (عليه السلام) بحكمة بالغة.
فالحسين (عليه السلام) يسير والعناية الإلهية ترافقه في كل خطواته وسكناته، وفي كل كلمة ينطق بها السبط الشهيد نلاحظ مدى التخطيط الممزج بالصبر العظيم لإنجاح ثورته، وهو القائل: "خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة".
وقد خرج الإمام من مكة كخروج نبي الله موسى خائف يترقب، خائف على دين الله من الإندثار، وعلى رسالة جده من الإنطماس، ورجوع الناس إلى الجاهلية الجهلاء، يعبدون الوثن من غير الله، وقد انتشرت مظاهر الفساد في جميع الأرجاء، فالناس أصبحوا يعبدون الهوى من دون لله، وانتشر الغناء وشرب الخمر وغيرها من مظاهر الإنحلال في مكة والمدينة، في ظل حكومة الفاجر والكافر الذي يقول: لا خبر جاء ولا وحي نزل، أي لا قرآن ولا وحي من الله أنزل، وبذلك كفر وفجر وفسق.
فخرج الإمام الحسين (عليه السلام) من بيت الله والحجيج يأدون مناسكهم، وأحال حجه إلى عمرة مفردة، ولو بقي في الحرم لقتل واستباح دمه، لأن أعين وجواسيس ابن زياد منتشرة.
وقد حاول ابن عباس أن يثني الحسين عن الخروج والذهاب إلى العراق، فقال له الحسين (صلوات الله عليه): "لأِنْ اُقتَلُ واللهِ بمكان كذا أحَبَّ إليَّ من أنْ اُستُحِلَّ بمكةَ، وهذِهِ كتبُ أهلِ الكوفةِ ورسُلُهُمْ، وقد وجَبَ عليَّ إجابتُهُم وقامَ لهُمُ العُذْرُ عليَّ عندَ اللهِ سبحانَهُ"، فبكى ابن عباس حتى بلّت لحيته، وقال: وا حسيناه، وا أسفاه على الحسين.
أنظروا أيها الكرام إلى التخطيط العميق، فالحسين ينظر إلى ما بعد استشهاده، لذلك أخرج معه أهل بيته ونساءَه وأطفاله، وأخرج معه زينب (سلام الله عليها)، وهنا قمة التخطيط أيضاً، فلو فرضنا أن الإمام الحسين خرج وحده لما تردد يزيد (لعنه الله) من اعتقال أهل بيته وإيداعهم السجن واستعمالهم كورقة للضغط على الحسين (عليه السلام) للرضوخ أمام مطالب يزيد ومبايعته وإجهاظ ثورته من بدايتها، أضف إلى ذلك أن الحسين (عليه السلام) أخرج حرمه ونساءه وأخرج العقيلة زينب (سلام الله عليها) الإعلام الناطق التي هزت عروش الطاغية يزيد في الشام، وعرّفت الناس بالحسين وثورته، وأنهم أهل بيت النبوة ويزيد فاجر فاسق، ولولاها لما بقي شئ من واقعة كربلاء الأليمة.
فكما خطط الحسين (عليه السلام) لاستشهادة وما تبعه من أحداث، خطط أيضاً لكيفية خروجه، واستخار الله واختار الكوفة، ولم يختار البصرة أو الشام أو اليمن أو مصر أو أي مكان، لحكمة وأسباب:
فالبصرة؛ وإن كانت ثغر العراق الباسم، إلاّ أن أهلها شيع وأحزاب، ولعل أعداء أهل البيت (عليهم السلام) الذين فيها مضافاً لحكامها وأعوانهم أكثر عدداً وأقوى عدة من الموالين لأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام).
واليمن؛ أقل من أن يختارها سيد الشهداء (عليه السلام)، لما عرف من أهلها من فتور العزيمة، فهم لم يثبتوا لغارة بسر بن ارطاة وجيشه القليل حتى عاث في الأرض فساداً، قتل من قتل ونهب من نهب.
ومصر؛ فمنذ أن استولى عليها عمرو بن العاص وقتل بها محمد بن أبي بكر عامل أمير المؤمنين (عليه السلام) عليها، فقد أحكموا فيها أرجلهم، معتبرينها في المرتبة الثانية بعد بلادهم ـ الشام ـ، يشاركهم من فيها من العثمانيين والحاقدين على أهل البيت (عليهم السلام).
والشام؛ وهي بيد أعدائه، وبها جيوشهم ومعسكراتهم.
من هذا يتضح اختيار الحسين (عليه السلام) للكوفة على بقية الأمصار الإسلامية، مضافاً الى كونها شيعية النزعة، وعاصمة أمير المؤمنين (عليه السلام) وولده الحسن (عليه السلام)..
أنظروا يا أخوتي لدقة التخطيط الحسيني الممزوج بالصبر العظيم، فالحسين يسير والمنية تسير معه هو وأهل بيته وأصحابه.
أضف تعليقك على المقال من هنا!
فالحسين (عليه السلام) يسير والعناية الإلهية ترافقه في كل خطواته وسكناته، وفي كل كلمة ينطق بها السبط الشهيد نلاحظ مدى التخطيط الممزج بالصبر العظيم لإنجاح ثورته، وهو القائل: "خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة".
وقد خرج الإمام من مكة كخروج نبي الله موسى خائف يترقب، خائف على دين الله من الإندثار، وعلى رسالة جده من الإنطماس، ورجوع الناس إلى الجاهلية الجهلاء، يعبدون الوثن من غير الله، وقد انتشرت مظاهر الفساد في جميع الأرجاء، فالناس أصبحوا يعبدون الهوى من دون لله، وانتشر الغناء وشرب الخمر وغيرها من مظاهر الإنحلال في مكة والمدينة، في ظل حكومة الفاجر والكافر الذي يقول: لا خبر جاء ولا وحي نزل، أي لا قرآن ولا وحي من الله أنزل، وبذلك كفر وفجر وفسق.
فخرج الإمام الحسين (عليه السلام) من بيت الله والحجيج يأدون مناسكهم، وأحال حجه إلى عمرة مفردة، ولو بقي في الحرم لقتل واستباح دمه، لأن أعين وجواسيس ابن زياد منتشرة.
وقد حاول ابن عباس أن يثني الحسين عن الخروج والذهاب إلى العراق، فقال له الحسين (صلوات الله عليه): "لأِنْ اُقتَلُ واللهِ بمكان كذا أحَبَّ إليَّ من أنْ اُستُحِلَّ بمكةَ، وهذِهِ كتبُ أهلِ الكوفةِ ورسُلُهُمْ، وقد وجَبَ عليَّ إجابتُهُم وقامَ لهُمُ العُذْرُ عليَّ عندَ اللهِ سبحانَهُ"، فبكى ابن عباس حتى بلّت لحيته، وقال: وا حسيناه، وا أسفاه على الحسين.
أنظروا أيها الكرام إلى التخطيط العميق، فالحسين ينظر إلى ما بعد استشهاده، لذلك أخرج معه أهل بيته ونساءَه وأطفاله، وأخرج معه زينب (سلام الله عليها)، وهنا قمة التخطيط أيضاً، فلو فرضنا أن الإمام الحسين خرج وحده لما تردد يزيد (لعنه الله) من اعتقال أهل بيته وإيداعهم السجن واستعمالهم كورقة للضغط على الحسين (عليه السلام) للرضوخ أمام مطالب يزيد ومبايعته وإجهاظ ثورته من بدايتها، أضف إلى ذلك أن الحسين (عليه السلام) أخرج حرمه ونساءه وأخرج العقيلة زينب (سلام الله عليها) الإعلام الناطق التي هزت عروش الطاغية يزيد في الشام، وعرّفت الناس بالحسين وثورته، وأنهم أهل بيت النبوة ويزيد فاجر فاسق، ولولاها لما بقي شئ من واقعة كربلاء الأليمة.
فكما خطط الحسين (عليه السلام) لاستشهادة وما تبعه من أحداث، خطط أيضاً لكيفية خروجه، واستخار الله واختار الكوفة، ولم يختار البصرة أو الشام أو اليمن أو مصر أو أي مكان، لحكمة وأسباب:
فالبصرة؛ وإن كانت ثغر العراق الباسم، إلاّ أن أهلها شيع وأحزاب، ولعل أعداء أهل البيت (عليهم السلام) الذين فيها مضافاً لحكامها وأعوانهم أكثر عدداً وأقوى عدة من الموالين لأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام).
واليمن؛ أقل من أن يختارها سيد الشهداء (عليه السلام)، لما عرف من أهلها من فتور العزيمة، فهم لم يثبتوا لغارة بسر بن ارطاة وجيشه القليل حتى عاث في الأرض فساداً، قتل من قتل ونهب من نهب.
ومصر؛ فمنذ أن استولى عليها عمرو بن العاص وقتل بها محمد بن أبي بكر عامل أمير المؤمنين (عليه السلام) عليها، فقد أحكموا فيها أرجلهم، معتبرينها في المرتبة الثانية بعد بلادهم ـ الشام ـ، يشاركهم من فيها من العثمانيين والحاقدين على أهل البيت (عليهم السلام).
والشام؛ وهي بيد أعدائه، وبها جيوشهم ومعسكراتهم.
من هذا يتضح اختيار الحسين (عليه السلام) للكوفة على بقية الأمصار الإسلامية، مضافاً الى كونها شيعية النزعة، وعاصمة أمير المؤمنين (عليه السلام) وولده الحسن (عليه السلام)..
أنظروا يا أخوتي لدقة التخطيط الحسيني الممزوج بالصبر العظيم، فالحسين يسير والمنية تسير معه هو وأهل بيته وأصحابه.
أضف تعليقك على المقال من هنا!