بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا العداء ضد إيران بعد الثورة؟
من خلال دراستنا لموقع إيران ومشروعها في المنطقة والعالم، وكذا مشروع أمريكا وموقعها؛ نستطيع أن نُدرك أن ثمَّة صراعًا محتدمًا بين قطبين جديدين، يقسِّمان العالَم وقُواه إلى مُعسكرَيْ: المُستضعفين والمستكبرين، حيث تحمل إيران (الثورة الإسلامية) لواء المستضعفين وتحمل أمريكا (الشيطان الأكبر) لواء المستكبرين، ويخطط كل من القطبين لحشد قواه لتحقيق أهدافه..
وفي هذا المعترك الجديد الذي يشهده العالم، تقف معظم الدول العربية (ممثَّلة بحكوماتها) موقفًا سلبيًا؛ لأنها لا تمتلك مشروعًا يمكنها أن تتحرك على أساسه، فتضطر إلى بيع مواقفها لصالح معسكر الاستكبار، أو تعتمد سياسية النفاق (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء).. وفي ظل الإفلاس السلطوي؛ تعيش الشعوب العربية والإسلامية حالة من اللغط والفوضى، فمنها مَن يُدرك بضميره (المحتضِر) أن إيران هي معسكر الصادقين الذين يأمر العقل والدين بمؤازرته، وإنهم ليجدون شواهد ذلك لائحة نُصب أعينهم..
بينما تعاني معظم الأمة من تدنِّي مستوى الوعي الذي يمهِّد الأرضية أمام قوى الاستكبار – وهي الأقوى مالياً وإعلامياً- لتزييف المعلومات، وتوجيه الأسنَّة والحراب صوبَ قلب الأمة النابض (ثورة المستضعفين) ، يدعمهم في ذلك التوجه النفاقي لدى أباطرة هذه الشعوب المغلوبة على أمرها..
ونتيجة ذلك: نشوء توجُّه مريب من داخل الأمَّة نفسها، يقوم على ثلاثة عناصر:
1 . المشروع الاستكباري الصهيوأمريكي، المدجَّج بقوة المال والإعلام والسلاح.
2 . التوجُّه النفاقي لمعظم الأنظمة العربية المفلسة، التي تشعر أن بقاء أمريكا ومشروعها، هو الكفيل ببقائها وسلامة عروشها الخاوية.
3 . الجهل الفظيع المؤدي إلى العجز عن قراءة صحيحة للماضي والحاضر عند كثير من أبناء الأمة.
وهذا التوجه – بعناصره الثلاثة – هو السر في التيار العنيف الذي تُجابَهُ به إيران الإسلامية.
ومن شواهد صحَّة ما ذكرناه: أن إيران ما قبل الثورة الإسلامية، بالرغم من شيعيتها آنئذ أيضاً، كانت من أعز أصدقاء المعسكر الاستكباري، حتى أطلق عليها الشرطي الأمريكي في المنطقة، وكانت حينئذ صديقة حميمة لمعظم المفلسين.. ولا أدلَّ على ذلك من شاه إيران المدفون في مصر بعد سفرته العلاجية الخائبة في أمريكا وأوروبا..
فالتفسير الوحيد لتغير المعادلات بعد الثورة الإسلامية في إيران، هو: أن إيران خرجت بعد الثورة من مشروع الاستكبار، واستقلَّت بلواء المستضعفين في العالم؛ ولذا تجد فصائل المقاومة في فلسطين (الإرهابيين في نظر المستكبرين) ، تجدهم ذوي ارتباط واستناد إلى إيران الإسلامية.. وكذا تجد غيرهم من أحرار العالم، سنةً كانوا أو شيعة.. وقد عرفنا أن بعض أعلام المذهب الزيدي لم يُغمِضوا جفناً في ليلة رجوع الإمام الخميني من باريس إلى إيران، قلقاً منهم على مشروع المستضعفين الذي كان يومئذ في المهد، يرعاه النبض الشيعي هنا وهناك..
هذا باختصار، ويمكن التأكد من هذه النتائج عبر قراءة التاريخ السياسي الحديث، مع فصول الثورة الإسلامية في إيران.
وإنَّ حزب الله هم الغالبون..
والله وليُّ التوفيق.