إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التقريب بين المذاهب الاسلاميه همزه وصل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التقريب بين المذاهب الاسلاميه همزه وصل

    بداية الصراع
    - نشأة المذاهب :
    لايمكن تحديد بداية الصراع والخلاف بين المسلمين بشكل دقيق ، فهناك أراء ترجع هذا الصراع إلى يوم السقيفة يوم وفات النبى الأعظم وهناك أراء تقول أن الصراع تبلور مع حادثة إغتيال الخليفة الثالث عثمان ، وهناك من يرجع هذا الخلاف إلى حادثة الطف وموت الامام الحسين بن على . لكن مهما كان الخلاف على التوقيت فالنتيجة واحدة وهذا مايهم .
    فإن كافة المذاهب تبلورت فى الأساس عن طريق خلافات فى الرأى حول بعض المسائل السياسية أو الإعتقادية تحولت بعد حين إلى إتجاهات تتبناها بعض الطوائف أو الجماعات . وقد غلب الطابع السياسي دون الطابع الفكرى فيما بعد على هذه الطوائف والجماعات ، وأظهر مثال على ذلك حالة الخوارج .
    فالمسائل الكلامية كحكم مرتكب الكبيرة ، والإنسان بين الجبر والإختيار ، والإمامة وكثير من هذه المسائل كان لها دور وبالغ فى تهيئة انقسام العقل المسلم .
    بما أننا فى هذا البحث لانناقش قضية فقهية فلايعنينا بشكل كبير تفاصيل ظهور الفرق والمذاهب بقدر ما يعنينا من أسس فكرية عملت على ظهور الفرق والمذاهب .
    فالمذاهب عندما نشأت وتبلورت ارتكزت فى نشأتها على ثلاث عوامل أساسية وهى :
    1- عوامل سياسية :
    فالكثير من المذاهب كان للبعد السياسي دور كبير فى بلورتها ، بل حتى لبنات تكوينها كالخوارج مثلا ، وآراءهم وقضيتهم من الحكم والحاكم .
    2- عوامل عقائدية :
    والعامل العقائدى تبلور بعد العامل السياسي ، فالخوارج والمرجئة لم تتضح أفكارهم العقائدية وتتخذ شكلا مذهبيا إلا بعد العوامل السياسية التى مرت بها جماعاتهم .
    والكلام والفلسفة كانا لهما الدور الأوفر فى ظهور الكثير من المذاهب التى ارتكزت على أسس عقائدية ، فالكلام في الإرجاء و التكفير ، الذي كان سبباً في ظهور عقيدة المنزلة بين المنزلتين التي تقول إنّ مرتكب الكبيرة ، لا هو مؤمن كما تقول المرجئة ، و لا هو كافر كما تقول الخوارج ، و إنّما هو في منزلة بين المنزلتين
    هذه المقولات التي كانت أساساً في ولادة فرق جديدة كالمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم من فرق تبلورت عقيدتها على أسس كلامية .
    3- عوامل فقهية :
    وتأتى هذه بعد العوامل العقائدية ، لأنها فى الغالب دارت داخل أطار المذهب الواحد ، فبعدما يستقر المذهب ، يأخذ أتباعه على التناحر على قضايا أختلفوا فيما بينهم على تأويلها ، ومثال على ذلك المذهب السنى وما دار داخله من صراعات وخلافات على قضايا فقهية كالوضؤ وغيره أوصلت بعضهم أنه كفر أخيه داخل المذهب السنى ، كالصراع بين الشافعية والحنابلة .

  • #2
    كثيرا ما يقرأ تاريخ التقريب بين المذاهب الإسلامية من مرحلة إنشاء دار التقريب بالقاهرة في النصف الثاني من أربعينات القرن العشرين . لكن للأسف هذه قراءة مبتورة الأطراف .
    ففكرة التقريب كانت حلم قديم ، أشار إليه النبى الأعظم صلى الله عليه وسلم ، فقد بشر بأبنه الحسن فى كونه سيكون سببا فى الجمع بين طائفتين عظيمتين من المسلمين وهذا قد كان .
    وصوت العقل لم ينقطع على مر العصور الإسلامية ،وفى رأى الباحث أنه طالما كان هناك مناظرات ومشاجرات مذهبية ، كان هناك على الجانب الآخر إسهامات لتخفيف من حدة الصراع أو حتى وئد هذا النزاع .
    من الجهود الأولى للتقريب بين المذاهب الإسلامية
    فى خضام المناظرات والمشاجرات المذهبية ، ظهرت بعض الجهود لحل هذه المشاجرات ، وأحد هذه الجهود كانت تقوم بها فرقة الكبروية فى القرنين السابع والثامن الهجرى بعد الغزو المغولى بقليل .
    ومؤسس هذه الطريقة الصوفية نجم الدين كبرى الذى قتل على أيدى المغول سنة 618هـ / 1226م ، وكان مريديه من السنة
    وهناك رؤية تنسب إلى نجم الدين أنه رأى الرسول عليه السلام قد توسط مجلسا وعلى يمينه أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم وعلى يساره ابن عباس وقراء القرآن وخلفه مشايخ التصوف وأئمة المذاهب الكبرى للسنة أبو حنيفة ومالك والشافعى .
    ونلاحظ أنه من الطبيعى أن تكون البدايات الأولى للتقريب من الجانب الصوفى ، فالتصوف لديه اجتناب نظرى للتنطع والتعصب ، وبتحبيذه للتسامح والتواضع كفضائل لازمة فى السير والسلوك إلى الحق والحقيقة ، ونفوره الذاتى من كل نوع من التكتل أو التصنيف العقائدى.
    ويضيف الدكتور إبراهيم الدسوقى شتا على أهمية دور التصوف فى التقريب بين المذاهب الإسلامية بقوله أن هذا الدور بدأ فى عصر متقدم ويمكن أن نجد صورة توفقية كاملة تحتوى على مناقشات وجدليات فى حديقة الحقيقة للشاعر سنائي الغزنوى المتوفى 535هـ .
    والطريقة الكبروية لجأت إلى الأسلوب الذى يستخدمه التصالحيون وهو الانتقائية ، أى انتقاء مجموعة مناسبة من المبادئ المقبولة من كل فرقة ربما لكى يشكل تلفيقا بين السنة والشيعة ، فمحبة آل البيت ورجحانهم فى كفة التفضيل كانت أحد أدوات هذا التصالح ، وهذا المنوال كانت سيرة خلفاء نجم الدين كبرى ، كعلى الهمدانى ، واسحق الختلانى ، وأشهرهم نوربخش مؤسس النوربخشية والمتوفى 869 هـ/1464م .
    ………………………………………….. …………………..
    ومع ظهور الدولى الصفوية التى أعلنت المذهب الشيعى مذهبا رسميا لايران سنة 908هـ قد ساعدت فى إزدياد حدة الردود والإتهامات بين المذاهب .
    المبادرة الثانية للتقريب بين المذاهب الإسلامية
    بعد خلفية من التنطع العقائدى الموجه ، وحروب ايران مع الدولة العثمانية ، لم يكن انتظار الحوار الشيعى السنى شيئا إلا من قبيل التمنى ناهيك عن المصالحة بينهما . وساءت العلاقات بين الطرفين إلى حد تبادل التكفير من كلا الجانبين
    والخطوة التالية فى طريق التفاهم السنى الشيعى قد تمت بعد حوالى ثلاثة قرون من موت نوربخش أى فى فترة مابين سقوط الحكومة الصفوية على أيدى الأفغان السنة وظهور الدولة القاجرية أواخر القرن الثامن عشر الميلادى .
    كانت المبادرة هذه المرة من نادر شاه مؤسس الدولة الأفشارية التى حكمت ايران فترة قصيرة ، فكان الهرج والمرج الذى عم ايران لأكثر من عشر سنوات والمذابح الناتجة عن الصراع الشيعى السنى والمصاحبة لهجوم الأفغان على ايران وانقراض الأسرة الصفوية ، أسبابا كافية ومناسبة لهذه المبادرة .
    ورغم مايشوب مبادرة نادر شاه من بواعث سياسية كامنة وراء هذا العمل ، إلا أنها مبادرة فريدة وجريئة لأنها لم تأتى من رجل دين أو مصلح بل جاءت من ملك وستقابل اطروحته بكثير من العنت والمعارضة .
    كان نادر شاه يرمى إلى حكم امبراطورية واسعة أبعد من حدود ايران ، وكان فى حاجة إلى المحافظة على دماء جنده ، وأيضا كان يطمح فى القضاء على التبعية المذهبية لكل الايرانيين للدولة الصفوية الذين كانوا يعتبرونهم حكام ايران الشرعيين، وأيضا الوصول إلى هدنة مؤقتة مع العثمانيين.
    وتتلخص جهود نار شاه فى سعيه فى القضاء على الأعمال التى تثير أعتراض أهل السنة ، أى السباب الجماعى للخلفاء الثلاثة ورفضهم لشرعية خلافتهم ، فقد أبطل هذه الأعمال رسميا وأدانها بصفتها لغو عامة . وجاهد أيضا فى تحويل التشيع إلى مدرسة فقهية صرفة وتنقيته من علم الأمام الباطنى ، وبذلك كان يسعى لجعل المذهب الجعفرى على قدم المساواة مع المذاهب الفقهية السنية ، بحيث لايبقى أى عائق عقائدى فى طريق التحام التشيع بالإسلام السنى .
    وطلب نادر شاه من الحكومة العثمانية ، بصفتها ممثلة الأسلام السنى أن تعترف بالمذهب الجعفرى فى صورته الجديدة رسميا .
    وقام بخطوة عملية فى تأييد هذا التغيير فأقام ركنا خامسا فى الكعبة المشرفة للسيعة يكون دليلا على قبول الشيعة كمذهب خامس للمذاهب الأربعة ، وولى أمير للحج يذهب مع الحجاج الايرانيين إلى مكة عن طريق دمشق وأطلق سراح أسرى الحرب فى ايران كما قام بتبادل السفراء .
    ولكن التعصب لدى كلا الطرفين كان سبب لفشل هذه المحاولة التقريبية وأنتهت المغامرة بمصرع نادر شاه سنة 1160هـ/1474م .
    ومع موت نادر شاه أنطفئت مشاعل التقريب ، ولم يظهر أى جهد فى الساحة الإسلامية يوازى جهد الكبروية ، وجهد نادر شاه .
    ورغم ظهور التجديد الإسلامى فى الساحة إلا أنه لم يحدث أى جهد آخر للمصالحة بين المذاهب الإسلامية ، ولعل الحملات والهجمات التى تعرض لها العالم الإسلامى كان لها بعد كبير فى تأخير حركة التقريب بين المذاهب ، فالسياسة كانت الرابط الأساسى فى العلاقات بين الدول وتشكيلها ، وعلى هذا تبادلت المذاهب الإسلامية الأتهامات فالسنى يعتقد أن الشيعى يتأمر عليه مع الأعداء الخارجيين ، والشيعى لديه نفس الأتهام .
    ومع ظهور الوهابية فى بلاد الحجاز فى أواخر القرن الثامن عشر ، زادت حدة النزاع وتبادل الأتهام ، حيث تميز الوهابيون بنوع من الحدة فى التعامل مع مخالفيهم ، وأيضا لكون الفكر الوهابى يرتكز فى أساسه على مناهضة البدع التى كما يعتقد الوهابيون تتمثل فى الشيعة والصوفية ، حتى أنهم طبقوا فكرهم هذا عمليا بأن هاجموا الأماكن المقدسة للشيعة وللصوفية ، مما أثار الحمية والغيرة عند الشيعة والصوفية ، جعلتهم أكثر سعيا وحساسية فى حفظ هويتهم المستقلة .
    ………………………………………….. ………..
    وإلى حلقة آخرى بإذنه تعالى

    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=30612

    تعليق


    • #3
      جهود التقريب فى العهد الحديث
      أستمرت الخصومات والمنازعات الجدلية حتى منتصف القرن التاسع عشر ، ومع ظهور الإتجاهات التجديدية ، آخذت السدود والموانع بين الشيعة والسنة تقل تدريجيا ، وأخذت العلاقات بين الفرقتين فى التحسن ، والموقف الجديد وإن لم يكن يبشر تماما بالتوافق التام والكامل ، إلا أنه على الأقل يخفف من الخصومات القديمة ، ويرجع هذا التطور لعدة أسباب منها :-
      - أن مفهوم الدولة المدنية بما تحمله من قومية يحل محل التبعية الدينية ، وهذا كان له عامل كبير فى تخفيف حدة الخلافات المذهبية .
      - ظهور روح إسلامية تطمح فى التخلص من الإستعمار والتبعية الأجنبية ، وتحقيق حلم الوحدة الإسلامية ، فظهرفى العالم الإسلامى مجددين كانت الوحدة الإسلامية واحدة من أمانيهم وأهدافهم المثالية .
      وكان من أمثال هؤلاء جمال الدين الأفغانى ، ومحمد عبده ، فكانا يقومان بجهود شديدة للتوحيد بين السنة والشيعة ، وكان الأفغانى أكثر ثباتا ورسوخا على مبادئ التقريب ، وهذا راجع فى الأساس إلى الخلفية التعليمية والتربوية التى تمتد بجذورها إلى التقاليد السنية والشيعية على السواء ، ولأن الأفغانى لم يكن قد قبل وطنا معينا ليكون وطنه الخاص ، فكان متسامحا ومناديا بالتسامح والتحلى بسعة الصدر فى القضايا الدينية والعقائدية .
      وكان محمد عبدة والأفغانى على أتفاق بأن أصول التجديد تعتيرالوحدة الإسلامية من الواجبات ، وأن التعصب والنزعة المذهبية شكل من أشكال القبلية التى تحرمها التعاليم القرآنية الوحدوية .
      وأن مصلحة المسلمين تستدعى وحدة كل المسلمين بصرف النظر عن معتقداتهم الهامشية ، وأن التاريخ هو وحده فقط من يتحمل أعباء هذه الخلافات . وسعى الآثنان على أصدار جريدة العروة الوثقى التى كانت منبر لصوت التقريب ينادى بتحقيق حلم الوحدة بين العالم الإسلامى بكافة تنوعاته المذهبية ، والنص التالى خير دليل على تلك الروح الكامنة عند الأفغانى ومحمد عبده :

      ( هل يمكن لنا ونحن على أجراؤه على قوة الولاية الشرعية. فإن لم يكن الوفاق والميل إلى الغلب فرضين لذاتهما أفلا يكونان مما لا يتم الواجب إلاّ به ؟ فكيف وهما ركنان قامت عليهما الشريعة كما قدمنا. هل لنا عذر نقيمه عند الله يوم العرض والحساب يوم لا ينفع خلة ولا شفاعة بعد هدم هذين الركنين،ما نرى من الاختلاف والركون إلى الضيم أن ندعي القيام بفروض ديننا. كيف ومعظم الأحكام الدينية موقوف
      وأيسر شيء علينا إقامتهما وعددنا خمسمائة مليون أو يزيد، هل يتيسر لنا إذا خلونا بأنفسنا وجادلتنا ضمائرنا أن نقنعها ونرضيها بما نحن عليه الآن).

      ( إن الميل للوحدة والتطلع للسيادة وصدق الرغبة في حفظ حوزة الإسلام كل هذه صفات كامنة في نفوس المسلمين قاطبة، ولكن دهاهم بعض ما أشرنا إليه في أعداد ماضية فالهاهم كما يوحي به الدين في قلوبهم وأذلهم أزمانا عن سماع صوت الحق يناديهم من بين جوانحهم، فسهوا وماغوَوا، وزلوا وما ضلوا، ولكنهم دهشوا وتاهوا، فمثلهم مثل جواب للمحاهيل من الأرض في الليالي المظلمة، كل يطلب عونا وهو معه ولكن لا يهتدي إليه. وارى أن العلماء العاملين لو جهلوا فكرتهم لإيصال أصوات بعض المسلمين إلى مسامع بعض، لأمكنهم أن يجمعوا بين بهوائهم في اقرب وقت وليست بعسير عليهم ذلك بعدما اختص الله من بقاع الأرض بيته الحرام بالاحترام وفرض على كل مسلم أن يحجه ما استطاع، وفي تلك البقعة يحشر الله من جميع رجال المسلمين وعشائرهم وأجناسهم فما هي إلاّ كلمة تقال بينهم من ذي مكانة في نفوسهم تهتز إليها أرجاء الأرض، وتضطرب لها سواكن القلوب )
      وأفكاره محمد عبده والأفغانى هذه كانت سبب رئيسى فى تطهير الأزهر من روح الجمود والعصبية ، التى جعلته فى سبات عميق تجاه قضايا الأمة الإسلامية ، وعلى هذه الأفكار خرج لنا أجيال من رجال الدين والفكر الإسلامى يحملون نفس هذه الروح المتقدة والمتحمسة لتحقيق حلم الوحدة الإسلامية أو حتى ملمح من أركانها وهو الحوار بين المذاهب والتيارات الفكرية الإسلامية.
      فظهر لنا رجال كالشيخ محمود شلتوت الذى خرج لنا بفتواه الشهيرة بجواز التعبد بالمذهب الجعفرى ، وكانت هذه الفتوى بمثابة خط فاصل بين عهد النزاع ، وعهد التقريب .
      وعلى أساس هذه الفتوى تشجع رجال الفكر والدين على التصريح بأطروحاتهم وأفكارهم تجاه الوحدة والتقريب بلا خوف أو خشية .
      …………………………………….
      وإلى حلقة آخرى بإذنه تعالى

      تعليق


      • #4
        دار التقريب فى مصر
        …………………………………….
        على المستوى الرسمي كانت هناك دعوة للتقارب بين الشيعة والسنة في أربعينيات القرن الماضي، وهو تقارب ليس هدفه دعوة أحد الطرفين إلى اعتناق مذهب الآخر كما يعبر الشيخ محمد المدني -الذي تولى منصب السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية- وإنما هدفه "التواصل بالاتحاد حول الأصول المتفق عليها، وأن يعذروا بعضهم بعضا فيما وراء ذلك مما ليس شرطاً من شروط الإيمان، ولا ركناً من أركان الإسلام، ولا إنكاراً لما هو معلوم من الدين بالضرورة"، ونفس الفكرة أكدها الشيخ محمد تقي القمي -أحد أعلام الشيعة في التقريب- من أن الثقافة الإسلامية تلعب دورا مهما في تيسير التقارب بين المذاهب.
        وكانت دعوة التقريب بين السنة والشيعة بدأت عام 1946، وقد دعمتها جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت، فكان الإمام حسن البنا رئيس جماعة الأخوان المسلمون من أعضائها آنذاك ، وكان وكيلا للجماعة .
        وتبناها الكثير من رجال الأزهر الذين ارتبطوا بعلاقات حميمة مع كثير من علماء الشيعة طوال تلك الفترة، وحتى أواخر السبعينيات. فمن علماء الأزهر ورجاله البارزين الذين ارتبطوا بتلك الدعوة الشيخ محمود شلتوت، والشيخ عبد المجيد سليم، والشيخ أحمد الشرباصي، ومن علماء الشيعة الشيخ محمد تقي القمي -إيراني الجنسية- صاحب الدعوة وراعيها في مصر، والشيخ محمد جواد مغنية إمام القضاء الشرعي الجعفري في لبنان، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء من علماء العراق، والسيد طالب الحسيني الرفاعي مؤسس جمعية آل البيت في مصر، وهو من علماء العراق، والحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين .
        وضمت الجماعة مشايخ من المذاهب السنية الأربعة، بالإضافة إلى الإمامية والزيدية .
        وقد وصف الشيخ شلتوت الإجتماعات التى كان يعقدها هؤلاء فى دار التقريب ( بحى الزمالك فى القاهرة ) قائلا : أنه (( كان يجلس المصرى إلى جانب الايرانى أو اللبنانى أو العراقى أو الباكستانى ، أو غير هؤلاء من مختلف الشعوب الإسلامية ….. ويجلس الحنفى والمالكى والشافعى والحنبلى ، بجانب الامامى والزيدى ، حول مائدة واحدة ، تدوى بأصوات فيها علم ، وفيها أدب ، وفيها تصوف ، وفيها فقه . وفيها مع ذلك كله روح الأخوة ، وذوق المودة والمحبة ، وزمالة العلم والعرفان ))

        لكن لكون السياسة تسكن فى بيت متأرجح لم يكتمل مشروع التقريب ولم يكتب له الأستمرار فى هذه الفترة ، رغم أهميته البالغة .
        فبعد قيام الثورة الايرانية ( 1979 – 1980 ) توقف نشاط لجنة التقريب ، ويرجع هذا لسببين ظاهرين : أولهما توتر العلاقات بين نظام الرئيس السادات وقادة الثورة وقطع تلك العلاقات بعد ذلك . وثانيهما ، أن الشيخ تقى القمى – وهو المحرك الرئيسى لنشاط اللجنة من الجانب الشيعى – لم تكن له علاقة ناجحة مع قادة الثورة الايرانية أدت إلى إنسحابه تقريبا ، ونقل مقره من القاهرة ، حيث أقام فى فرنسا
        وفى عهد الرئيس المصرى مبارك ، أعيد فتح مقر لجنة التقريب ، وتم نقله إلى حى جاردن سيتى بالقاهرة ، ولكن النشاط متجمد لأبعاد سياسية وأمنية .

        ………………………………………….. ……………..
        وإلى حلقة جديدة بإذنه تعالى

        تعليق


        • #5
          مؤسسات التقريب

          تبنى التقريب وبلورته فى مؤسسات :-
          أفكار المجاهد الفكرى الكبير جمال الين الأفغانى ، التى تسربت إلى عقل تلميذه محمد عبده ، وبالتالى بثها محمد عبده فى عقول جيل كامل من المفكرين والأدباء ورجال الدين ، كانت باعث مهم للوعى بقضية التقريب بين المذاهب الإسلامية والحوار فيما بينها .
          وأدرك هذا الجيل من الواعين بقيمة التقريب ، أهمية التقريب فى تحقيق الكثير من آمالهم و آحلامهم ، فحركة الأخوان المسلمون بقيادة مرشدهم حسن البنا ، أدركت أن الحركة لن تنول العالمية إلا بكسرها لحواجز المذهبية ، والصراعات الكلامية ، فكان الأمام ينادى دائما فى الكثير من مؤلفاته (( أن نضع أيدينا على ما أتفقنا عليه ونعذر بعضنا البعض فيما أختلفنا فيه ، ولأن أجتمعنا على الصحيح خير من أن نفترق على الأصح ))

          الشيعة أنفسهم كانوا يدركون تلك الأهمية والفائدة ، فمن العار أننا ندرك على الصعيد العلمى الكثير عن أصحاب الأديان الأخرى ولا ندرك عن أنفسنا شئ ، وهذا كان يصنع حالة من الغموض تكون حائلا فى تمازج مجتمع يعتمد تكوينه على الفرد السنى والشيعى ، ويصنع مجتمع فى حالة من الغرابة وعدم الأنسجام ، و كان هذا ملحوظ فى البلدان التى تميزت بتنوع مذهبياتها كلبنان والعراق والبحرين والكويت .
          وهذه المقدمات عملت على تخاطب أفكار الواعين بقيمة التقريب ، وعملوا على بلورته فى مؤسسات ترعاه وتنظمه وتحافظ على استمراريته .و يستلزم الهيكلية والنظام ، لتحقيق هذا ، و لايتحقق هذا إلا داخل مؤسسة . ولقيام مؤسسات التقريب دوافع كثيرة لتأسيسها كــ - الدافع السياسي ، فالعلاقة القوية التى كانت بين شاه ايران محمد رضا بهلوى والرئيس المصرى السادت ، كانت دافع قوى للسماح بقيام هذه المؤسسة فى مصر ، وفى ايران بعد الثورة كانت مؤسسة التقريب تمثل لايران نافذه لها على دول الجوار. تكسر قضبان عزلتها .
          - أيضا الدافع الثقافى كان له وجود ، فمؤسسة التقريب لها دور مهم فى العمل كحلقة تواصل وربط بين حضارات الشرق التى هى موضع دراسات الباحثين ، فالباحث فى الشئون الايرانية حتى يدرك إيران من حيث طبيعتها الفكرية والأدبية والسياسية لامفر له من قراءة النص الشيعى والتعمق فى فهمه . و حتى يتاح للباحث فهم شخصية كالشخصية الايرانية ، لابد من مؤسسة توفر له هذه القراءة على أساس سليمة تخرجه من دائرة الغلط والاشتباه .

          ويوضح الدكتور يوسف القرضاوى مدى أهمية مؤسسة التقريب بين المذاهب الإسلامية قائلا :
          (( ولقد تعالت أصوات كثيرة داخل العالم الإسلامي تنادي: لماذا لا يتحاور المسلمون بعضهم مع بعض؟ أليس هذا من الأولويات؟ أليس الحديث يقول: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول"؟
          ترى هل ما بيننا نحن -المسلمين- من الخلاف أوسع وأكبر مما بيننا وبين أهل الأديان الأخرى؟ ولماذا إذن لا نتحاور، بغية التفاهم والتقارب؟
          ولا شك أن منطق الدين والعلم والواقع يؤكد أن حوار المسلمين بعضهم مع بعض أحق وأولى بالاهتمام من الحكماء والعقلاء من أبناء الأمة، وإذا كنا مأمورين بالحوار مع مخالفينا من أهل الديانات الأخرى، بقوله تعالى: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

          أفلا نحاور من يجمعنا به العقيدة الواحدة، والقبلة الواحدة، وكلمة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ؟ لهذا أعتقد بأن اهتمامنا بالحوار الإسلامي المسيحي لا يجوز أن يزيد على اهتمامنا بالحوار الإسلامي الإسلامي، ولا سيما بين الفئتين الكبيرتين: السنة والشيعة، بغية التقريب بينهما بالحق لا بالباطل . إن اللقاء والحوار وتبادل الأفكار يساعدنا على أن يفهم بعضنا بعضا، ويقترب بعضنا من بعض، ويزيل الجفوة، وينشئ المودة، ويجلو كثيرا من الغوامض، ويزيح الكثير من الشبهات؛ وذلك إذا خلصت النيات، وصحت الأهداف، وقويت العزائم، وغلب العقل على الهوى، والحكمة على التهور، والوسط على الشطط .
          وهذا عاملا مهمًا يدعو الأمة كلها، بجميع مذاهبها ومدارسها وطوائفها أن تتقارب وتتلاحم وتتضامن فيما بينها، وهو الخطر الداهم الذي يهدد الأمة جمعاء، إن لم تقف له بالمرصاد، إنه خطر تجمعت فيه اليهودية والصليبية والوثنية، رغم ما بين بعضها وبعض من خلافات، ولكن جمعهم العدو المشترك وهو الإسلام، وصدق قول الله تعالى: (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)
          وإذا جاز للأمة - وما هو بجائز- أن تفترق في أيام الرخاء والعافية، فلا يجوز لها أن تتفرق في أيام الشدة والبلاء، فإن الشدائد تجمع المتفرقين، والمحن توحد المختلفين، والأخطار تقرب المتباعدين، ورحم الله أحمد شوقي حين قال: إن المصائب يجمعن المصابين! ))

          …………………………………………..
          ونستخلص من هذا أن هناك فرضية فى قيام قيام مؤسسات التقريب تفرضها مقتضيات وقضايا الأمة الإسلامية ، وما تواجهه من تحديات ومشاكل أمام القوى الأخرى ، ولهذا أدرك الكثير ممن يحملون هموم الأمة الإسلامية أن مؤسسات التقريب ليس لقيامها بعد حضاري فحسب ، بل صارت ضرورة حتمية لنجاح أى جهد تجاه انقاذ الأمة الإسلامية .
          وكلما تنوع البلد الإسلامى بما لديه من مفكرين ومبدعين ومتنورين ، كان لفكر التقريب هناك تواجد ، ففكرة التقريب نراها تغدو وتروح فى بلدان كمصر ولبنان والعراق وإيران وتركيا ، على عكس دول كدول الخليج ، فكلما كان فى الدول تنوع ، كان هناك سماع لصوت الآخر ، بعكس الدول التى لا تسمع إلا صوت نفسها .
          وفى عصرنا هذا ظهرت مؤسسات كثيرة للتقريب تختلف مسمياتها إلا أنها فى النهاية تعمل كحلقات تواصل بين المسلمين وبعضهم البعض ، والبلد الإسلامى الذى يرعى هذه المؤسسات تكون هذه دلالة على تسامحه ومدى وعيه الحاضر بقضايا المسلمين ، فكما أسلف الباحث المؤسسة التقريبية تعد سمة حضارية لأى دولة ترعاها . ومن يطرح المعارضة تجاه هذه المؤسسة ، فهذا دلالة على ديكتاتوريتة ، وما يعانيه من صدأ فى فكره ووعيه.


          مؤسسة الأزهر ( مصر )
          للأزهر الشريف دور فى العالم الإسلامى منذ آمد بعيد ، ولا يغفل هذا الدور إلا الجاحد أو الجاهل ، فالأزهر تميز منذ قدوم الدولة الفاطمية إلى مصر بالتنوع الفكرى والمذهبى ، وهذا كان عامل قوى فى جعل الأزهر ساحة للتلاقى والحوار والمعرفة والانفتاح على فكر الآخر .
          - دار التقريب فى مصر:
          تأسست هذه الدار على أيدى جماعة من كبار علماء السنة وبمساعى الشيخ محمد تقى القمى وهو من الأمامية ، وكانت تهدف منذ نشأتها إلى تقريب وجهات النظر بين علماء المسلمين من الفريقين السنة والشيعة. وقد خطت فى هذا السبيل خطوات موفقة ، كان من بينها الاعتراف نظريا وعلميا بفقه الأمامية وبالمذهب الاثنى عشرى ومن ثمرات هذا الأعتراف ما سجله فضيلة الشيخ محمود شلتوت من مزايا فقه الأمامية الاثنى عشرية فى فتواه بعد أن أصبح شيخا للأزهر ، وكان قبل ذلك من أعضاء التقريب ورواده الأوائل .
          ونحب أن نوضح هنا أنه كما لكون الشيخ عبد الحليم محمود صوفيا ، كان لهذا دور فى تدريس التصوف فى الأزهر عندما أصبح شيخا للأزهر ، ونفس هذا كان مع الشيخ شلتوت ، فلكونه من دعاة التقريب ، كان له الدور فى التمهيد لدراسة فقه الأمامية والتعرف على مذهبهم معرفة علمية حصينة .

          - فمن الخطوات المهمة للشيخ محمود شلتوت فى مجال التقريب ، تأسيس دراسة الفقه المقارن مشتملا على الفقه الشيعى والسنى ، فكان الأزهر يهدف بذلك لخروج فقه جديد يعتمد على الدليل والبرهان ، فرأينا جيل من الفقهاء يخرج فتواه من عدة آراء تجمع بين مدرسة اهل السنة ومدرسة اهل البيت ، ليخرج بالنهاية بفتوى قوية الاسانيد والبراهين .
          فكان مذهب الشيعة الأمامية والزيدية يدرس ضمن دراسة الفقه المقارن ، لكننا نلاحظ أنه حتى الآن لم يدرس المذهب الشيعى كنوع من التخصص كدراسة المذاهب السنية الأربعة ، رغم اجازة الأزهر بجواز التعبد بالمذهب الشيعى ، ويرجع الشيعة هذا إلى خوف الأزهر من تغلغل المذهب الشيعى إلى فكر طلابه . لكن الباحث يرى أن هذا يرجع لعدم وجود قاعدة عريضة من الشيعة على الأرض الأزهرية ، تحتاج لدراسة مذهبها بشكل مستقل ، فطلاب الأزهر يتخصصون فى مذاهبهم حسب مايرغبون ، ويرجع هذا فى الغالب لطبيعة مناطقم التى ينتسبون إليها ، وتوجهاتهم الفكرية .

          لكننا نجد أن الأزهر كمؤسسة سنية يلعب دور كبير فى مجال التقريب والاستماع لصوت الآخر مقارنة بالمدارس السنية الأخرى ، حتى أننا وجدنا الأزهر استفاد أيضا من مدرسة أل بيت فى مجالات عديدة ، كالمعاملات الشخصية والأسرية ، وهذا مايسمى الشريعة والقانون .
          - أهتم أيضا الازهر بطبع بعض الكتب التى ترشد طالب فى التعرف على المذهب الشيعى بشكل سليم كـ كتاب ( المختصر النافع ). حتى أنه طبع ووزع مجانا بين المسلمين .
          - ساهم الأزهر أيضا بشكل كبير ، فى تدشين وأقامة جمعية التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فأشترك الأزهر بعلماءه بشكل كبير وفعال فى تأسيسها وإيضاح رسالتها .
          - وفى عهد شيخ الأزهر السابق عبد المجيد سليم طبع بناء على طلبه كتاب ( مجمع البيان ) ومؤلفه أحد علماء الشيعة الكبار وهو أبو الفضل ابن الحسن الطبرسي ، وهو من تفاسير القرآن الكريم الشيعية المعتبرة عند الشيعة الأمامية.
          - كما أن الأزهر أهتم فى تكوين مجمع البحوث الإسلامية ، بأن يكون أعضاؤه ممثلين لمختلف المذاهب الإسلامية .
          - وقام الأزهر بنشر موسوعة فقهية بعنوان الفقه على المذاهب الثمانية، وهي المذاهب السنية الأربعة والمذهب الاثنا عشري والمذهب الزيدي والمذهب الأباضي والمذهب الظاهري .

          ومع ظهور المفكرين المعاصرين في مصر ازداد موقف التقريبيين قوة. وعلى سبيل المثال كان العلامة المرحوم الشيخ محمد الغزالي دائمًا ما يهاجم الخلاف بين أبناء الأمة الإسلامية ويؤيد الفكر التقريبي حيث كان يقول: "لا يجوز الخوف من الخلاف في الفقه، لأن الخلاف بين الفقهاء أمرٌ لا مفر منه. ولا يزيد ما يفعله من يمنعون أتباع مذهب بعينه عن كونه تعصبًا مذهبيًا وضيق نظر لا قيمة له"
          كما أبدت قيادة الإخوان المسلمين اهتمامًا كبيرًا بمسألة التقريب، واعتبرت وحدة الأمة الإسلامية أمرًا ضروريًا لمواجهة العدو الواحد. ويبدو أنه لا يمكن مواجهة الفكر التقريبي في مصر, فالعلماء والمفكرون المعاصرون في مصر يطمحون إلى إحياء الإسلام الحقيقي. ولهذا فهم يدركون جيدًا أهمية الاتحاد والاتفاق الإسلامي لمواجهة العدو المشترك. وتؤكد السوابق التاريخية هذه الحقيقة. ولذلك يمكن القول: إن التقريب في مصر قد تم توجيهه الوجهة السليمة, ويمكن أن يكون في المستقبل هو الداعم القوى للوحدة السياسية والروحية في العالم الإسلامي. ومن البديهي أن أي تطور إيجابي في العلاقات بين مصر وإيران سوف يزيد من قوة موقف التقريبيين في كلٍّ من البلدين.
          وفى رأى الباحث أن من أهم بواعث أهتمام المؤسسة الأزهرية بالتقريب ، التصوف فالمتصوفة ومالديهم من روح سمحه وسامية ، فالمتصوفة دائما كانوا همزة وصل بين كثير من المذاهب ، ويرجع هذا لرقى الروح وسمو القلب على القواعد المذهبية والجدليات الكلامية . فهم لا يكترثون للأشكال بقدر مايهتموا بالمعنى ، ونجد ذلك يتحقق عند طريقة كالطريقة العزائمية فى مصر وماتقوم به من دور فعال فى بناء التقريب عن طريق منابرها ومجلتها الإسلام وطن ، وأيضا ماوجدناه فى كتابات الدكتور الأزهرى أحمد السايح وماتحمله تلك الكتابات من روح متسامحة رفيعة المعنى والخلق.
          وبرغم أن الأزهر لم يتشكل فيه هيكل خاص لموضوع التقريب ، كمعهد أو كلية أو مشابه ذلك إلا أنه يعد هو نفسه مؤسسة من مؤسسات التقريب بما لديه من علماء وأفكار عقول تمخضت من مدارس فكرية أتسمت بروح الحوار والوعى بقضايا الحضور ، وبعلماء كانوا خير ربان لهذا الصرح .

          تعليق


          • #6
            أسردت فى الحلقة السابقة قراءة عن مؤسسات دار التقريب فى مصر - وفى هذه الحلقة أسطر أيضاً قراءة عن مؤسسات دار التقريب فى إيران - وعن دورها ونشاطها .
            المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية (ايران )
            تواجد المؤسسات الحوارية والثقافية فى أى دولة ، دلالة على أنها فى ركب حضارى ، ومن يرفض تلك المؤسسات ، فهذا دليل على أنه يعج فى ظلام التعصب والجهل .
            وهذا ما أدركته دولة كـإيران ، فبات من الواضح أ نَّ مسألة التقريب بين المذاهب الإسلامية وتوحيد صفوف الاُمة أمام أعداء الإسلام أمل من الآمال التي يتطلع إليها كل المصلحين الَذين ظهروا في العالم الإسلامي.
            ولا يخفى حجم مسؤولية اُولي الأمر في الدول الإسلامية والدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومات في تحقيق التعايش الأخوي بين المنتمين إلى المذاهب المختلفة ، وتحدّ من انتشار ظاهرة التعصّب المذهبي وحصرها في حدود ضيقة لا تسيء إلى سمعة الإسلام ، وتحقق المصلحة الجَماعية للمسلمين .

            ومما لا شك فيه أ ن نَقل صورة مثلى للإسلام يحتاج إلى تعاون بين مختلف العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية . وقد بذل بعض القادة والعلماء والمفكرون جهوداً حثيثة لتحقيق هذه الصورة .
            وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران اهتم قادتها وعلمائها ومفكريها بأهمية وحدة المسلمين ، وبذلوا جهوداً كبيرة في هذا السبيل ، حيث كان مفجر الثورة الإمام الخميني يؤكد دوماً على هذا الأمر ، وقد أثمرت تلك الجهود الجبارة ثماراً نافعة ، وخلفت آثاراً طيبة بين المسلمين .

            وتبلور فى إيران مؤسسة ترعى التقريب بين المذاهب الإسلامية وسميت هذه المؤسسة بمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية ، وأشتملت هذه المؤسسة على ثلاث هيئات وهى :
            المجمع العالمى للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، و مركز البحوث والدراسات العلمية ، وجامعة التقريب بين المذاهب الإسلامية .
            (1) - المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية :-
            بعد استقرار إيران الإسلامية ونجاح الثورة أمر السيد علي الخامنئي مرشد الثورة بتأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ـ وضم مجلسه الأعلى علماء ومفكرين من أقطار العالم الإسلامي على اختلاف مذاهبهم وجنسياتهم على أن يبقى المجمع مؤسسة عالمية لا تخص منطقة دون أخرى أو قطراً دون آخر أو عنصراً دون عنصر آخر.
            و اعتمد المجمع في مسيرته التقريبية على اشاعة فكر التقريب والحوار بين الجماهير الإسلامية وتوعيتها وتعريفها بانماط التآمر التمزيقي المعادي من خلال عقد المؤتمرات العالمية والداخلية الهادفة الى تحقيق الوحدة بين الأُمة وتنظيم الندوات والمشاركة في المؤتمرات.

            أولا: مؤتمر الوحدة الإسلامية :-
            يعقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في الفترة ما بين الثاني عشر والسابع عشر من شهر ربيع الأول كل عام مؤتمراً عالمياً يشارك فيه جماعة من العلماء والمفكرين الاسلاميين من أقطار العالم على اختلاف مذاهبهم لبحث ودراسة الموضوعات والسبل العلمية الكفيلة لإقامة الوحدة بين الأمة والتقريب بين مذاهبها . و اقتران هذا المؤتمر بذكرى ميلاد سيد الرسل محمد(صلى الله عليه وآله .
            ثانياً : الندوات التقريبية :-
            ندوة التقريب العالمية في مكة المكرمة يعقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في كل عام منذ تأسيسه ولحدّ الآن في الفترة ما بين الخامس والسادس من ذي الحجة الحرام وعلى أرض التوحيد ندوة عالمية يحضرها عدد كبير من العلماء والمفكرين الإسلاميين على اختلاف مذاهبهم وجنسياتهم وطبقات مختلفة من ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام لمناقشة بعض المسائل العالمية المطروحة على الساحة الإسلامية. وتعقد ندوات التقريب أيضا فى الدول التى أفرخت رجال التقريب أخرى كتركيا وسوريا ولبنان ومصر .
            ثالثاً : الحضور والمشاركة في المؤتمرات العالمية :-
            يشارك الأمين العام وممثلون عن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية فى المؤتمرات على مستوى التى تمس قضايا الوحدة والمسلمين .
            رابعاً: بعثات المجمع :-
            في كل عام وباسم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية تقوم بعثات على مستويات مختلفة لزيارة الدول الإسلامية والدول التي يقطن فيها المسلمون لتفقد الأوضاع العامة هناك. ومناقشة قضاياهم 0
            - أهداف المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية :-
            اتضحت أهداف المجمع من خلال المادة الثالثة والرابعة من نظامه الداخلي المنشور وهي مايلي :
            أ ـ السعي في سبيل تحقيق تعارف وتفاهم أكثر بين العلماء والمفكرين والقادة الدينيين للعالم الإسلامي في المجالات العقائدية والفقهية والاجتماعية والسياسية .
            ب ـ السعي لإيجاد التنسيق وتشكيل جبهة واحدة على أساس المبادئ الإسلامية الثابتة ، وذلك في قبال التآمر الإعلامي والهجوم الثقافي لأعداء الإسلام .
            ج ـ العمل على إشاعة فكرة «التقريب» بين الجماهير الإسلامية وتوعيتها وتعريفها بأنماط التآمر التمزيقي المعادي .
            د ـ السعي لتحكيم وإشاعة مبدأ الاجتهاد والاستنباط في المذاهب الإسلامية .
            هـ ـ السعي في سبيل الوصول الى آراء فقهية مشتركة في المسائل التي تطرح نفسها في العالم الإسلامي .

            (2) مركز البحوث والدراسات العلمية :-
            تأسس مركز البحوث والدراسات العلمية في مدينة قم عام 1990م ، ويهدف المركز الذى يمثل الجانب العلمى لمؤسسة التقريب فى إيران إلى تقييم وتحقيق الأساليب العلمية الفقهية ، الكلامية ، القرآنية ، الحديثية والتاريخية للمذاهب الإسلامية التي لها أتباع في الوقت الحاضر ، وذلك لمعرفة مباني وأصول وأدلة ومميزات وخصوصيات المذاهب ، ومقارنتها مع بعضها البعض ، للتعرّف على كلّ ماهو ضروري في التقريب العلمي بين المذاهب . وللمركز دور فعال فى إعداد المطبوعات ونشر الكتب والدوريات التى تهتم بقضايا التقريب والوحدة الإسلامية . فيتلخص دور المركز فى الجانب البحثى الأكاديمى ، الذى يعد هو عصب استمرارية النهج التقريبى .
            (3) جامعة المذاهب الإسلامية:-
            أصدر مرشد الثورة الإسلامية بعد تأسيس مجمع التقريب، توجيهاته بتأسيس «جامعة المذاهب الإسلامية» لتكون تابعة لمجمع التقريب. وتمّ تدوين النظام الداخلي لها، و حظيت بموافقة المجلس الأعلى للثورة عام 1413 هـ / 1992م. وتعد هذه الجامعة مركز التقارب، والتعارف، و تبادل النظرات والآراء بين الاساتذة والطلاب الملتزمين بالأصول الإسلامية، من المذاهب الإسلامية المختلفة.
            - اهداف الجامعة :-
            1 - تهدف الجامعة إلى إعداد جيل من العلماء والمثقفين والباحثين المسلمين المطّلعين على مذهبهم الإسلامي بالإضافة الى المذاهب الإسلامية الأخرى، ليكونوا دعاة الائتلاف بين المسلمين وعوامل وحدتهم.
            2 - إعداد مدرسين وأساتذة وباحثين متمكنين في مجال: الفقه والقانون، الفقه المقارن، اصول الفقه، علوم القرآن، علوم الحديث، الكلام والعرفان الاسلاميين، للمدارس الثانوية والجامعات والمراكز الدينية والثقافية من خلال مراحل الدراسة الجامعية العليا في الماجسيتر والدكتوراه.
            3 ـ إعداد الخطباء والدعاة للعمل في داخل البلاد وخارجها على مستوى المذاهب الإسلامية المختلفة.

            تعتمد الدراسة في الجامعة على اللغتين الفارسية والعربية، وعلى كل من لا يجيد احدى هاتين اللغتين أن يقضي دورة دراسية تكميلية فى فصلين دراسيين قبل الالتحاق بالدراسة الجامعية الرسمي .
            ………………………………………….. ……….
            وإلى حلقة جديدة بإذنه تعالى

            تعليق


            • #7
              (( التقريب نجاحات ومعوقات ))
              وقد يتسائل المراقبون هل قدم التقريب بين المذاهب الإسلامية نتائج إيجابية حتى الأن ، ويشير الباحث أن التقريب برغم مايعنيه من بلادة ولا مبالاة على المستوى الرسمى ومن نفور وهجوم على المستوى الجماهيرى ، إلا أنه حقق بشكل مباشر أو غير مباشر نتائج إيجابية أسهمت فى المحافظة على صحوة وتوحيد كيان الأمة الإسلامية . وفى السطور التالية نسرد بعض وليس كل هذه النتائج والإسهامات .
              من نجاحات التقريب

              أولا : ظهور جيل من المفكرين الواعين بقضايا أمتهم ، فى قضية التقريب لم يتنازلوا عن مذهبيتهم ولم ينصهروا وينصاعوا لمذهب الآخر ، بل حقق معادلة صعبة وهى القدرة على تقبل الآخر وتقابله وتلاقيه مع هويتهم وأفكارهم ، وهذا الجيل من الرواد والمفكرين كان خير معلما ، وعمل كمدرسة فكرية أفرخت بعد ذلك جيل من الطلاب ، يدركون مصير أمتهم ويخططون له ، بعيدين عن التعصب والجهل ، فالجهل والتعصب أحد أهم أعمدة الأرهاب الفكرى والحركى ، الذى يسئ لوجه الإسلام ويكسر شوكة الأمة .
              وتنوعت هذه الصفوة من هذا الجيل الواعى بين رجال الدين والمفكرين والفلاسفة والكتاب والصحفيين

              - من رواد التقريب :-
              - الامام الشيخ محمود شلتوت (1310-1383هـ / 1893-1963م ) : شيخ الأزهر السابق يتميّز بمدرسة فكرية خاصة تقوم على أساس الإحياء والتجديد، ورفض الجمود والتقليد، والإصلاح الإسلامي، بمعزل عن النموذج الحضاري الغربي العلماني. كما تتميّز مدرسته بالوسطية الاسلامية القائمة على أساس الفطرة، وبالعقلانية المؤمنة التي آخت بين العقل والنقل وبين الحكمة والشريعة. كما تتميّز بالوعي بسنن اللّه في الكون والمجتمع وبإيمانه أن الدولة الاسلامية مدنية - إسلامية لا كهنوتيّة ولا علمانية. ومدرسته أيضاً تقوم على الشورى وعلى أساس العدالة ولقد كان المرحوم الإمام الاكبر الشيخ واحدا من أعلام العلماء الذين نشأوا وتربوا في رحاب فكر مدرسة الإحياء والتجديد، التي صاغ مناهجها وبلور معالمها فيلسوف الإسلام وموقظ الشرق جمال الدين الأفغاني (1254-1314هـ / 1838-1897م) ( 1) ، ولشلتوت دور كبير فى إحياء عملية التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فبظهور فتواه بإجازة التعبد بالمذهب الأمامى الآثنا عشرى ، فهو بذلك قطع شوط واسع فى هذا السبيل .

              - الشيخ محمد الغزالي : ( 1335هـ 1917م ) وهو يعد لغزارة انتاجه الفكرى ولتأثيره فى جيل كامل من المفكرين ، والمهتمين بقضايا العالم الإسلامى ، من أهم الشخصيات التى لعبت دورا كبيرا فى قضية التقريب ، وعلة ذلك قربه من حركة إسلامية كبيرة داخل مصر وله تأثير كبير فى توجيها الفكرى كحركة الأخوان المسلمون ، وأيضا لوسطيته كان موضع قبول وأحترام عند كثير من مسلمى العالم الإسلامى ، فكان من العلماء الذين لايمكن تصنيفهم تحت شكل معين أو نمط محدد ، لأنها كان رجل يمثل الإسلام ولايمثل المذهب ، حتى أنه يقول فى قضية إنشاق الأمة :
              (( لا أنكر أن هناك خلاف نشب بين بعض العلماء والبعض الآخر، بيد أن ذلك لا يسوغ نقله إلى ميدان الحياة العامة ليقسم امتن ويصدع حاضرها ومستقبلها. ـ هب ذوي الأغراض أو ذوي البلاهة صنعوا ذلك قديما، فلحساب من يستبقى هذا الشر، وتعاني الأُمة كلها ويلاته؟ بل لحساب من يستبقى هذا الشر حتّى يجيء من الأجانب من يقول هناك إسلام سني وإسلام شيعي. إن بعض القاصرين يفهمون أن الشيعة قوم غرباء عن الإسلام منحرفون عن صراطه، وسيأتي في باب الإعجاز ما يزيد معرفة بالقوم. إن الخلاف نشأ سياسيا ووسّعت شقته مسالك الحكام ومطامع السلطان وعلى الساسة أن يصلحوا ما افسد أسلافهم، وان يسخّروا قواهم في التجميع بعدما سخرت قديما في الفتق والشتات.. لكن الدور الآن للعلماء فإن العلم تأثر بالحكم دهرا، وتلونت الدراسات الدينية بمآرب الحاكمين، ثم ذهب المنتفعون من ذوي السلطة، وبقي المخدوعون من أهل العلم اعني العامة وأشباههم. علينا نحن ـ حملة الإسلام ـ أن نصحح الأوضاع وان نزيل الأوهام. واعتقد أن فتوى الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شوط واسع في هذه السبيل، وهي استئناف لجهد المخلصين من أهل السلطة وأهل العلم جميعا، وتكذيب لما يتوقعه المستشرقون من أن الأحقاد سوف تأكل هذه الأُمة قبل أن تلتقي صفوفها تحت راية واحدة، وهذه الفتوى في نظري بداية الطريق، وأول العمل ))
              والشيخ الغزالى بالفعل كان طوال مؤلفاته ، وخطبه ومشوار حياته ، يحمل هذه الروح الإسلامية السمحة تى أنه دائما كان ينادى ، باننا نعيش فى زمن فقه الأولويات ، وندرس ونتعلم لبناء الحاضر والمستقبل ، لا أن نتعارك ونتحاسب على ماأقترفه الأسلاف فى الماضى . وأهمية فكر الشيخ الغزالى تكمن فى أن كل من يقرأ مؤلفات الشيخ الغزالى يتحول من العصبية إلى الوسطية والأعتدال ، وكل من لايكون همه إلا مذهبه وعصبيته ، يخرج من هذه الدائرة المغلقة لينفتح على دائرة أكبر وهى أمته الإسلامية .
              - الشيخ محمد أبو زهرة (1316 – 1394 هـ ) : ويعد الشيخ محمد أبوزهرة من أوائل من أسهموا فى التعريف بمذهب آل البيت ، فمؤلفاته مثل كتاب الأمام جعفر الصادق حياته وفقهه ، وكتاب الأمام زيد حياته وفقهه ، وكتاب الوحدة الإسلامية ، وكتاب الميراث على المذاهب الخمسة ، تاريخ المذاهب الإسلامية .وتكمن أهمية إسهام الشيخ محمد أبو زهرة بانه مؤلفاته تعد خير دليل و تعريف للمسلم السنى بأصحاب المذاهب الآخرى ، لأنها خالية من روح العصبية والحماقة وتعتمد على صوت العقل والسند والدليل ، ورغم ان مؤلفاته لاتخلو من أخطاء ، كانت مناط أعتراض المذاهب الأخرى ، إلا أنه صاحب جهد مشكور ، لأنه تحدث فى قضايا ، ليس من السهل أن يخوض فيها أحد ، حتى لايعرض نفسه لأى شك أو أتهام .
              - الدكتور يوسف القرضاوى ( 1926 ) : وهو أحد تلاميذ الأزهر ، ومن التلاميذ الذين أتصلوا بشكل مباشر بالشيخ محمد الغزالى .
              والدكتور القرضاوى له باع كبير فى صحوة الأمة الإسلامية تجاه التقريب فيما بينها ، و علاج قضاياها ، أسهم الدكتور القرضاوى بشكل كبير فى توحيد صفوف الأمة الإسلامية ، واعتمد هذا على غزارة الإنتاجه الذى تشابه إلى حد كبير مع إنتاج وأفكار الشيخ الغزالى .
              والمراقب لكلمات وحوارات الدكتور القرضاوى ، يلاحظ أنه دائما يشير إلى الآخر فى كلماته ولا ينفيه .
              لعب الدكتور القرضاوى كثير فى توثيق الصلة بين السنة والشيعة عن طريق أقامة المؤتمرات والندوات العالمية التى تناقش القضايا المشتركة كقضية فلسطين ، وقضايا العالم الإسلامى ، وتبادل الزيارات بين العالم السنى والعالم الشيعى . حتى أنه يعد من المساهمين فى بناء صرح التقريب فى العالم الإسلامى ، وخير دليل على ذلك كتابه مبادئ فى الحوار والتقريب بين المذاهب الإسلامية .

              - الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ( 1294 هـ - 1373 هـ ) : وهو من علماء الشيعة الذين لهم باع كبير فى معرفة الشيعى بشكل صريح وواضح ، فيعد كتابه ( أصل الشيعة وأصولها ) من الكتب يتعرف بها السنى على العقل الشيعى بشكل صحيح ، غير مغلوط ، وكان الشيخ كاشف الغطاء موضع قبول عند الكثير من علماء العالم الإسلامى .
              حتى انه أم المسلمين بالصلاة فى المؤتمر الإسلامي العام في القدس الشريف في رجب ( 1350 هـ ) (1931م ) ، وخطب خطبة تاريخية ارتجالية طويلة كانت بذرة التقارب والألفة، وأتم به في الصلاة عدد يناهز عشرين ألفاً. بينهم أعضاء المؤتمر وهم مائة وخمسون عضواً من أعيان العالم الإسلامي وكان لهذه الإمامة في القدس دوي في الشرق والغرب ؛ فقد تباشرت بها الطبقات وعقدت عليها الآمال ونشرتها الصحف والمجلات وذكرها بعض المؤلفين من محبي الوئام واتفاق الكلمة ، كالأستاذين الشيخ هاشم الدفتردار المدني والشيخ محمد علي الزعبي، المدرسين في كلية فاروق الأول بيروت في كتابهما الجليل (الإسلام بين السنة والشيعة) المطبوع ببيروت في (1369)
              - الدكتور على شريعتى ( 1933م – 1977م ) : مفكر إيراني شيعي مشهور ، ويعد منظر الثورة الأول فالدكتور علي شريعتي نموذج فريد من مفكري إيران. حيث أنه بالرغم من أنه فارسي العرق، لم يكن يتوقف عن نقد النزعة الشعوبية لدى رجال التشيع الصفوي، بطريقة أكثر جذرية من غالب من تصدَّى لهذا الموضوع من الأدباء العرب .
              وقد بين آلية المزج في الموروث الشيعي الروائي ما بين السلطة الإيرانية الساسانية والنبوة الإسلامية، حيث اختُلِقَتْ الروايات ونُسِجَتْ الأساطير وعلاقات المصاهرة بين إمام الشيعة الحسين بن علي وبنت كسرى المزعومة: لتحقيق غرض الوصل بين السلسلة السلطانية الساسانية وبين السلطة الإمامية الشيعية، ولبعث العناصر الفارسية في صلب التشيع .
              حارب على شريعتى فى كل مؤلفاته روح التعصب وما سماه التشيع الصفوى وكان يطمح فى بناء تشيع علوى ، أى يعتمد فى بناءة على محبة آل البيت ، وليس على لعن وسب مخالفيهم ، وعالج هذه النقطة فى كثير من مؤلفاته ككتاب دين ضد دين وكتاب التشيع العلوى والتشيع الصفوى . ورغم كل ماعانه جراء دعوته هذه ، إلا مازالت حتى الآن دعوته تترد فى الاذهان ، فأفكاره تعد أصلح علاج للعقلية الشيعية المتعصبة لكى تلتحم وتتلائم مع بقية العقول الإسلامية .

              - آية الله تسخيرى ( 1364 هـ - 1944م ) : الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية ، ويعد من الشخصيات النشطة فى مجال الدعوة التقريبية ، فلم يكن مجرد رجل صاحب منصب قيادى بقدر ماكان صاحب دعوة لاقت القبول عند الكثير من رجال وعقلاء العالم الإسلامى ، فقد شارك فى الكثير من المؤتمرات والندوات التى هدفت لمد روح التقارب والتعايش بين المذاهب الإسلامية المختلفة ، وفى كثير من حوارته يؤكد أن الخلاف بين الأمة الإسلامية يتنافى مع صريح القرآن ، و علي ضروره تحلي الشعوب الاسلاميه باليقظه ازاء مخططات الاعداء .
              ساهم آيه تسخيرى وبشكل فاعل ولمكانته العلمية والدينية ، على إزالة الكثير من العقبات التى تعيق وحدة الصف كالإسلامى ، فقد عمل على توضيح الكثير من الشبهات التى أحاطت بالشخصية الشيعية ، وتكاتفت جهوده أيضا مع رجال العالم السنى كالشيخ القرضاوى ، لوضع آلية للتوحيد أمام قضايا الأمة الإسلامية .
              ولم يقتصر نتاج التقريب على الرجال السالف ذكرهم ، بل هناك شخصيات عديدة كانت نتاج الروح التقريبية على سبيل المثال لا الحصر الشيخ أبو الوفا الغنيمي التفتازاني الذى له جهود فكرية وفلسفية عظيمة فى هذا الأتجاه ، الشيخ احمد الشرباصي ، الشيخ احمد حسن الباقوري ، السيد جمال الدين الأفغاني ، الشيخ حسن جاد حسن ، السيد روح الله الموسوي الخميني ، الشيخ سليم البشري المالكي شيخ الجامع الأزهر ، السيد عبد الحسين شرف الدين ، الشيخ عبد الرحمن الخير ، الشيخ عبد الكريم الزنجاني الشيخ عبد المتعال الصعيدي ، الشيخ عبد المجيد سليم ، السيد علي الخامنئي ، الشيخ محمد البهيّ ، الشيخ محمد تقي القمي ، السيد محمد تقي بن السيد سعيد الطباطبائي الحكيم ، السيد محمد حسين الطباطبائي البروجردي ، الشيخ محمد رضا الشبيبي ، الشيخ محمد رضا المظفر ، الشيخ محمد زكي إبراهيم ، الشيخ محمد عبد الغني حسن ، الشيخ محمد عبد اللطيف دراز ، الشيخ محمد عبد المنعم خفاجي ، الشيخ محمد عبده ، الشيخ محمد عرفة ، الشيخ محمد علي علوبه باشا ، الشيخ محمد فريد وجدي ، الشيخ محمد محمد المدني ، الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني ، الشيخ محمود أبو ريّة ، الشيخ مرتضى آل ياسين ، الشيخ هاشم الدفتردار المدني ، السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني ، الشيخ يحيى حميد الدين .

              وكل هؤلاء لهم نتاج فكرى عن قضية التقريب ، وكانوا رواد لأفكارهم التقريبية فى أوطانهم .
              وفكرة التقريب لعبت دور كبير فى بناء عقليات كثيرة كعقلية الكاتب الشهير فهمى هويدى ، فله رؤية إسلامية متميزة ، كانت نتاج إنفتاحه وإتصاله بالمذاهب الإسلامية المتنوعة ، والكاتب الشهير كمال أبو المجد الذى يعد من المنظريين الإسلامين ، فدائما نجد أنه يبحث عن قضية الوحدة بين المسلمين وكيفية الوعى وفهم وإدراك الماض ، ولم يتحلى بهذه الروح إلا بعدما ألتزم بالروح التقريبية بين المسلمين ، أيضا الدكتورة محمد عمارة ، فبفضل ما يتمتع به من براعة تفكير ومالديه من خط توفيقى ، أستطاع فكره أن يلاقى القبول عند الكثير من التيارات والمذاهب الفكرية والدينية .
              والدكتور أحمد السايح ، الذى تعد كتاباته نهج من عرفان آل البيت ، وهمزة وصل بين الأمة الإسلامية جمعاء ، وتشابه فى هذه النقطة مع أفكار وكتابات الكاتبة بنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن ، التى بفضل كتاباتها عن مدرسة آل البيت لاقت احترام العالم الشيعى ، وكان خير صورة عن ما يكتبه أهل السنة عن آل البيت .
              ثثانياً :- نجح التقريب فى تأسيس الكثير من الهيئات المؤسسات التى تخدم قضية التقريب والوحدة الإسلامية ، و نجح أيضا فى تفعيل بعض الهيئات تجاه قضية التقريب ، وجعل القضية من أولوياتها .
              ومن هذه الهيئات : ( المجمع العالمى للتقريب بين المذاهب الإسلامية ) - ( جامعة التقريب ) - ( الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ) والذى يعد حلم من أحلام الوحدة ، فقام العديد من العلماء والمفكرين المسلمين على اختلاف مذاهبهم من مختلف البلدان الاسلامية بتأسيسه في إيرلندا في يوليو 2004.
              ويعد الاتحاد مرجعية إسلامية عالمية – تجمع جميع أطياف المسلمين تحت قرار واحد فى لمواجهة أزمات العالم الإسلامى بصف واحد .ويعتبر الشيخ يوسف القرضاوي المقيم في قطر هو صاحب فكرة تأسيس هذا الاتحاد.

              - أيضا لعب التقريب فى توجيه مسار هيئات إسلامية كـ ( المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ) ، ليصبح من أهم اهتمامتها قضية الحوار ووحدة المسلمين ووضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية المختلفة . ونفس هذا الكلام ينطبق على المؤسسة الأزهرية فى مصر فهى تعد أيضا فى عداد المؤسسات العالمية فرغم محلية المكان ، إلا أن الأزهر الشريف له دور كبير فى توحيد صفوف الأمة الإسلامية وهذا نتاج الروح التقريبة والوسطية الإسلامية التى تكمن فى علماءه ورجاله .
              ثالثاً : نجح التقريب فى حل الكثير من قضايا العالم الإسلامى ، أو جعل قضايا المسلم فى بلد ما محل ، أهتمام أخيه المسلم على كافة العالم الإسلامى ، فنجح التقريب فى إطفاء نار حرب كانت ستشتعل بين دولة إيران و حكومة طالبان فى أفغانستان ، وكان للدكتور يوسف القرضاوى دور كبيرفى ذلك الأمر .
              أيضا لعب التقريب دورا كبير فى قضية الهوية والثقافة ، فبعدما أنفتح كثير من الكتاب والمفكرين على ثقافة الآخر ، كإطلاع الكاتب المصرى على ثقافة الأمة الإيرانية ، و العكس بأنة تطلع الأمة الإيرانية على ثقافة الشعب المصرى ، كل هذا يزيد ثقافة الأمة الإسلامية ويجعلها ثرية ، ولايجعلها فى حاجة إلى إستراد ثقافات أجنبية قد تؤدى إلى حدوث شقاق فى فكر المجتمع الشرقى ، وهذا يعد نوعا من الحوار الحضارى الثقافى

              تعليق


              • #8
                من معوقات التقريب
                يعانى التقريب من محاولات كثيرة للقضاء عليه أو حتى تشويه غاياته وإفشالها ، وهذه الحرب تأتى من جهات عديدة ، اما على مستوى الأفراد داخل الدولة وهم يمثلون الفئة المتعصبة التى ترى أن التقريب خطر على فكرها وهويتها ، أو تأتى الحرب من هيئات منظمة تحارب التقريب لما وجدته من أضرار بهويتها وفكرها ، فهى مبنية على التعصب ، ولو أزيل هذا التعصب ستنفض مدرستها وهويتها الفكرية التى بنيت أساسا على إنكار الآخر .
                ويحارب أيضا التقريب من بعض الحكومات التى تخاف أن يكون التقريب أداة لأختراق سلطتها وأمنها .
                والعدو الأجنبى لها مكاسب لاتخفى على أحد من عدم تحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية . حتى أننا وجدناه يستفيد من أنشغال المنابر الإعلامية فى التناحر ، بدلا من توجيه أصواتها ضده . وأعتقد أن هذه قضية ملموسة . ومانراه فى الأوساط الإعلامية خير شاهد على ذلك .

                وكل هذه المعوقات تكاتفت مع بعضها لتكون حائط صد منيع وصعب أمام تحقيق غايات التقريب بشكل سريع أو حتى سهل .
                فنجد فى بعض الدول الإسلامية تيار كالتيار السلفى بكل أنواعه ، يقوم بتوجيه منبره ومؤسساته لتوجيه ضربات ضد التقريب ، حتى أننا نجد أن المنبر الدعوى لهذه التيارات أو حتى وسائلهم الإعلامية ، تصب كل جهدها فى تكفير وزندقة مخالفيها وكيفية التخلص منهم والتحريض عليهم .
                وهذا كله يؤدى إلى مايسمى بغليان القاع ، أى أنه حالة من النفور والتمزق الذى لايرى ، ولكنه يطفح على السطح فى أى وقت . وخير دليل على ذلك مانراه فى العراق .
                حتى أننا نجد بعض هذه التيارات المتعصبة يوزع مطبوعات مجانية تحمل شعار لا يادعاة التقريب ، وكأن التقريب هو الخطر والفتنة لهذه الأمة .

                المشكلة أن هذه الجماعات تعيش فى حالة من يوتوبيا الوهم ، والكلام ينطبق على كافة جوانب العالم الإسلامى السنى منها والشيعى بل وحتى الأباضى والظاهرى منها .
                هذه الجماعات المتعصبة تبنى هيكلها على أنصهار العالم الإسلامى ليس فى بوتقة الإسلام بل فى بوتقتها هى ، وكأن العالم سيصبح فريقا واحد ، يلاعب نفسه .

                ………………………………………….. ……….


                تعليق


                • #9
                  مفاد القراءة فى قضية التقريب
                  نستخلص من قراءتنا فى قضية التقريب أنه كما نقول أن القدس قضية كل مسلم ، كذلك التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فهى قضية مصير ، وليست مناط إختيار ورغبة وإمتناع . وأن قضية المذاهب الإسلامية ، هى نفسها قضية المذهب الواحد نفسه ، فكما أنه داخل المذهب الواحد أتباع يدركون تاريخ ونشأة مذهبهم ، ويدركون أنه قراءة قد كانت .
                  وأنه مجرد قراءة لنص برؤية معينة وهذا ما يمثله جانب المعتدلون ، كذلك يوجد أيضا أتباع يصنعون هالة من السرمدية ، ويعتقدون أن قراءتهم المذهبية ، هى القراءة الأصح ولاتحتمل الخطأ ، وكأنهم معصمون وهذا مايمثله جانب المتعصبون .
                  والمسلمون يجب أن يدركوا أن قضيتهم فى التعامل مع فهم الدين والمذهب كقضية: العميان و تصور هم للفيل التى أوردها مولانا فى المثنوى ، فكل شخص منهم أمسك بجزء محدد من الفيل ووصفه ، على ما قبض عليه فى يديه من الفيل . فكلهم محقون ، لأنهم أصحاب عقل بشرى له إضاءات متباينة ، لكن المهم أن يدركوا أنهم عميان ، فهم بذلك متساوون ولا يحق لأحد منهم أن يدعى الاطلاق فى الصحة
                  - نجد أيضا التقريب يلعب دورا كبيرا فى بناء شخصيات واعدة ومفكرة للأمة الإسلامية ، وخير دليل على ذلك النماذج التى قادت مشاعل الأمة كالأفغانى ومحمد عبده والغزالى والقرضاوى وتسخيرى .
                  - التقريب أيضا يثرى الأمة ثقافيا ، لأنها يجعلها تنفتح على بعضها والإستفادة من تبادل التراث والثقافة فيما بينها .
                  - والتقريب يحتاج إلى مؤسسات ترعاه ، والدولة التى تحقق هذه السمة ، فهذا يعبر عن كونها ذات وجهة حضارية مدركة لقضاياها ومستقبلها ، فى حين أن الدول التى تخشى هذه المؤسسات فهذا دلالة على أنها فى حالة من اللاوعى بالمصير ، وأنها تعيش فى حالة من الحضور المغيب ، لأنها لاتدرك مصيرها ولا تخطط له .

                  - يعمل التقريب أيضا على توفير حالة من الأمن بعكس ما يخشي البعض لأنه يحقق حالة من التعايش السلمى ، وهذا ما وجدناه عمليا يتحقق مع حركات كحزب الله فى لبنان وحركة حماس فى فلسطين ، فهذا التعايش أثمر عن نتائج عظيمة فى توحيد الكلمة والصف .
                  - يخشي البعض من التقريب فيعمل على إعاقته ، وهؤلاء يتمثلون فى من هويتهم بنيت على التعصب ، فبدون هذا التعصب تنمحى هويتهم ، وفى الذين تكون مصلحتهم فى عدم توحيد الكلمة .
                  وقد يخشي بعض آخر من التقريب لخوفه من الأختراق وهذا نتج نتيجة إساءة بعض من أنتسبوا للتقريب ظلما وإفتراءً ، ولم يفهموا معنى التقريب بشكل صحيح .


                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  x

                  رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                  صورة التسجيل تحديث الصورة

                  اقرأ في منتديات يا حسين

                  تقليص

                  المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                  أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                  استجابة 1
                  10 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                  بواسطة ibrahim aly awaly
                   
                  أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                  ردود 2
                  12 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                  بواسطة ibrahim aly awaly
                   
                  يعمل...
                  X