إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

قواعد رد الشبهات حول تاريخ الصحابة وآل البيت(مدمج)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قواعد رد الشبهات حول تاريخ الصحابة وآل البيت(مدمج)

    قواعد رد الشبهات حول تاريخالصحابة وآل البيت
    نَستطيعُ أنْ نُلَخِّصَالاتهاماتِ والشُّبهاتِ الموجهة إلى تاريخِ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَاللهُ عنهم إلى أربعة أقسامٍ :
    القسم الأول: رواياتٌ وأخبارٌ ضَعيفةٌ : بَاطلةٌ سَندًا ، ومُنكرةٌ مَتْنًا ، وهذهتُوجدُ بكثرةٍ في بعضِ الكُتُبِ التي يَجبُ الحذرُ عندَ قراءَتها ، لِمَا فيها منَمرويات تنسبُ إلى آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم بما لا يتناسبُ معمَقَامِهِمُ الرَّفيعِ ودرجتِهم العَاليةِ ،
    فهذه الكُتُبُ قد حَوتْ بيندفَّتَيْها كَثيرًا مِنَ الأخبارِ والآثارِ الضعيفةِ والباطلةِ والموضوعةِ على آلِالبَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ، والقاعدةُ في هذا النَّوعِ مِنَالشُّبهاتِ هي : «رَدُّها وضربها بعرضِ الحائطِ» ؛ لأنَّ هذه المكذوباتِ لا يَصحُّأن يَعتمدَ عليها المسلمُ في عَقيدتهِ ودينهِ ، ولأنَّ آلَ البَيْتِ والصَّحَابَةَرَضِيَ اللهُ عنهم جُزءٌ مِنْ عَقيدةِ المسلمِ .
    فكيف يُسَوِّغُ المسلِمُلنفسهِ أن يجعلَ عُمْدَتَهُ في تعاليم دينهِ أحاديثَ مُصطنعةً مكذوبةً لا أصلَ لها، ويَدَعَ النُّصوصَ الصَّحِيحَةَ الصَّريحةَ التي لا يَتطرَّقُ إليهَا شَكٌّ أوريبةٌ مِنْ كتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم الثابتةِالصَّحِيحَةِ ؟!
    وها هو القُرْآنُ الكَرِيمُ قد طَهَّرَ آلَ البَيْتِوزَكَّى الصَّحَابَةَ ومدحَهم في أكثرِ مِنْ آيةٍ مُباركةٍ ، فقال سُبْحَانَهُوتعالَى عن آلِ البَيْتِ : [ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُالرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ] [الأحزاب : 33] . وهذهالآيةُ هي مَنبعُ فَضائلِ أَهلِ البَيْتِ النَّبَوِيِّ ، حيثُ شرَّفَهُمُ اللهُتعالى بِها وطَهَّرَهُم ، وأَذْهَبَ عنهمُ الرِّجْسَ مِنَ الأفعالِ الخبيثةِوالأخلاقِ الذَّمِيمَةِ .
    ومَدَحَ الصَّحَابَةَ وأثَنَى عليهم في آياتٍكثيرةٍ مباركةٍ ، فقال سُبْحَانَهُ وتعالَى واصِفًا لهم : [تَرَاهُمْ رُكَّعًاسُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ] [الفتح : 29]
    بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وتعالَى في هذه الآيةِ الجامعةِ حالَ الصَّحَابَةِبأنهم مِنْ أهلِ الرُّكُوعِ والسُّجودِ والصَّلاةِ والخشوعِ ، ثم بَيَّنَ ما فيقُلوبِهم مِنْ إخلاصٍ وصِدْقٍ فقال تعالى : [يَبْتَغُونَ] . وهذا عملٌ قَلبيٌّ لايَطَّلِعُ عليه إلا اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ ، وهومَعنَى الإخلاصِ والصِّدْقِ في طَلَبِ رضوانِ الله وفضلِهِ .
    وبَيَّنَاللهُ سُبْحَانَهُ وتعالَى كذلك حَالَ الصَّحَابَةِ فيما بينَهم فقال مخاطبًارَسُولَهُ صلى الله عليه وآله وسلم : [هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِوَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ] [الأنفال : 62-63]
    فقلوبُ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ مجتمعةٌ على كَلِمَةٍ سواءٍ ، وهيالتّوحيدُ والإسلامُ والمحبةُ ، فهذه الآياتُ وغيرُها ؛ هي الأصلُ الذي ينبغيالرجوعُ إليه ، وتركُ ما يُنقَلُ ويُكتبُ مِنْ أحاديثَ وأخبارٍ باطلةٍ في حَقِّ آلِالبَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم .
    حب الصحابة والقرابة سنة * ألقى بها ربي إذا أحياني
    فئتان عقدهما شريعة أحمد * بأبي وأمي ذانكالفئتانَ
    فئتان سالكتان في سبل الهدى * وهما بدين اللهقائمتانِ
    فكأنما آل النبي وصحبه * روحٌ يضم جميعهاجسدانِ
    ويجبُ أن نعلمَ جيدًا ؛ أنَّ آلَ البَيْتِوالصَّحَابَةَ رضوانُ الله عليهم ليسوا بحاجةٍ إلى أَيَّةِ أحاديث مُخترعةٍ ومكذوبةتُبَيِّنُ فضائلَهم ؛ ففضلُهم لا يُنْكِرُهُ إلاَّ مُكَابِرٌ أو جَاحدٌ .
    شبـــه تهافــت كالزجــاج * تخالها حقاً وكل كاسرمكسور
    القسم الثاني: أحاديثٌ وأخبارٌفي فضائلِ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ ومَحاسنهِم ، حَوَّلَتْها وقَلَبتْها أيديالكَذِبِ والتَّزويرِ إلى مساوئَ ومَثَالِبَ ،والعجيب في أصحاب هذه الشبهات هوغفلتهم عن معارضة هذه الأباطيل التي يأتون بها بروايات وأخبار صحيحة تنسف ما يدعونوفيه يصولون ويجولون فمثال على هذه الشبهات والأخبار التي لها ينتصرون :
    -
    قِتَالُ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه لأهلِ الرِّدَّةِ بعدَ وفاةِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم كان طاعةً لرسولِ الله في أمرهِ بقتلِ مَنْبَدَّلَ دينَهُ مِنَ المُرتدّينَ ، وذَوْدًا عن حَظيرةِ الإسلامِ والمسلمينَ ، فجاء (البعضُ) وجعلَ هذه الفضيلةَ والمنقبةَ مِنْ مساوئِ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهوالعياذُ بالله ، عن طريقِ بَثِّ الشُّبهاتِ حولَ هذا الفعلِ المباركِ مِنْ خَليفةِرَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فزعموا - كذبًا - أنّه قاتلَ المسلمينَ ،أو قاتلَ الذين أَبَوْا أنْ يُبايعوه !
    وقد غفل هؤلاء عن تأييد كبارالصحابة لهذا الفعل المبارك بل وإجماع الأمة على استحسانه وكذلك غفلوا عن تأييدومباركة إمام أهل البيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي بكر الصديق رضي الله عنهفي حروبه ضد أهل الردة ، فقد استشار أبو بكر رضي الله عنه عليا في شأن قتال من ارتدبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنع الزكاة فقال أبو بكر لعلي رضي اللهعنهما : « ما تقول يا أبا الحسن ؟ قال : أقول إنك إن تركت شيئا مما كان أخذه منهمالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فأنت على خلاف سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقال : أما لئن قلت قلت ذاك لأقاتلنهم وإن منعوني عقالا ».(1) ومن الدلائلالساطعة على إخلاصه رضي الله عنه لأبي بكر ونصحه للإسلام والمسلمين وحرصه على بقاءالخلافة واجتماع شمل المسلمين ما جاء من موقفه من توجه أبي بكر الصديق رضي الله عنهبنفسه إلى ذي القصة وعزمه على محاربة المرتدين. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : «لما برز أبو بكر إلى ذي القصة واستوى على راحلته أخذه علي بن أبي طالب رضي اللهعنه يقول : أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد : (لم سيفكولا تفجعنا بنفسك ، وارجع إلى المدينة ، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظاماأبدا»(2) فرجع الصديق رضي الله عنه أخذا بنصح الأمين المخلص علي رضي الله عنه .
    وبعد هذا كله يأتينا من يكرر عبارات الظلم والجور فيقول: « انهم كانوايسمون القبائل التي رفضت خلافة أبي بكر بأسم المرتدين ظلماً وعدواناً»
    [
    كاملالنجار وجريمة الارتداد لنبيـل الكرخي]
    فمن هم الذين كانوا يطلقون هذهالتسمية صفهم لنا لماذا لم تسميهم وعلى أي برهان ودليل يتمسكون ، أم ليس لديهم إلاالكذب والظلم والجور في إطلاق الأحاكم ومحاكمة التاريخ بهذه الطريقة الضعيفة التيلا تمت للبحث العلمي بصلة .
    -
    وكذا قِتَالُ أميرِ المؤمنينَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه للخوارجِ ؛ تحقيقًا لنبوءةِ النَّبِيِّ صلى الله عليهوآله وسلمفيهم ، وطاعةً لأمرهِ بقتالِهم ، فحوّلوا تلكَ المناقبَ العظيمةَ لعَلِيٍّرَضِيَ اللهُ عنه ، وحِنْكَتَهُ في الحُكْمِ والإدارة إلى سَيِّئَاتٍ ، وقِصَّةُعبدِالله بنِ عَبَّاسٍ الذي بَعَثَهُ الإمامُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عنهما للخوارجِمِنْ أوضحِ الدلائلِ على ما ذكرنا (3) .
    -
    وأيضا : تَنازُلُ الإمامِالحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عنه عنِ الخِلاَفَةِ لمعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه ؛ تحقيقًالنبوءةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بالإصلاحِ ، وحَفظًا لدماءِ المُسلمينَ، وجمعًا لشملِهم ؛ فقُلبتْ هذه المآثرُ والفضائلُ إلى سيئاتٍ ، حَتَّى قدحَ (بعضُهم) في سَيِّدِ شَبَابِ أهلِ الجنَّةِ الحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عنه وأطلقوا عليهلَقَبَ : «مُذِلُّ المؤمنينَ» (4) ، تَعييرًا وتَهَكُّمًا عياذًا بالله مِنَالخُذلانِ والحرمانِ ، وتَجاهلَ هذا الخاسرُ مَدْحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآلهوسلم لِفْعْلِ الحَسَنِ ، بقولهِ : «إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ ، ولعَلَّ اللهَ أنْيُصْلِحَ به بين فئتينِ عظيمتينِ مِنَ المسلمينَ» (5) وقد كان هذا .
    -
    وكذلك جَمْعُ الخليفةِ الثالثِ عُثْمَانَ الشَّهيدِ الصَّابرِ رَضِيَ اللهُ عنهللقرآنِ الكريمِ ؛ هذه المنقبةُ العظيمةُ حُوِّلَتْ وقُلِبَتْ - أيضًا - إلىمَثلبةٍ وطَعنٍ فيه ، مع أنَّ الأُمَّةَ إلى يومنا هذا يذكرون هذا الفعلَ المباركَالمُوَفَّقَ كفضيلةٍ كُبَرى ومِنَّةٍ عُظَمى على الإسلامِ والمُسلمينَ لا يعلمُقدرَ عِظَمِها إلاَّ اللهُ تعالى والعالمونَ.
    ولذلك كان علي بن أبي طالبرضي الله عنه ينهي من يعيب على عثمان رضي الله عنه ويقول : « يا أيها الناس لاتغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيرا ، فوالله ما فعل الذي فعل - أي في المصاحفإلا عن ملأ منا جميعا ـ أي الصحابة ـ : والله لو وليت لفعلت مثل مافعل»(6)
    وغير ذلك كثيرٌ مما يطولُ ذكرُهُ مِنَ الطَّعنِ وقلبِ الحقائقِ فيحَقِّ آلِ البَيْتِ والصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم. وإنما ضربنَا بعضَ الأمثلةِللتوضيحِ والبيانِ ، وليحذرَ القارئُ للتاريخِ مِنْ هذه الطرقِ والمناهجِ المتبعةِمِنْ قبل البعضِ ، هداهمُ اللهُ للحقِّ.
    القسم الثالث :أن يكونَ أصلُ القصةِ والحديثِ صحيحًا ، لكن (البعضَ) يزيدُ عليها الشيءَالكثيرَ ، حتى تتحولَ مِنْ بضعِ كلماتٍ لا تتعدَّى الصفحةَ الواحدة إلى كِتَابٍكاملٍ فيه مِنَ الأباطيلِ والأكاذيبِ الشيءُ الكثيرُ ، مثلَ :
    (
    أ) - حادثةالسَّقِيفَةِ ، فهو حديثٌ لا يتجاوزُ الصفحةَ ، ورواها بعضُهم فزادَ فيها نصوصًاموضوعةً تُخالفُ الروايةَ الصحيحةَ ، ثُمَّ تلَقَّفها البعضُ الآخرُ وألَّفَ فيهاكِتَابًا كَاملًا ، بقصدِ الطَّعْنِ في الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم كما فعلالجوهري في كتابه«السقيفة» وغيره ممن ألف الكتب في شأن السقيفة وأدخل فيهاالأكاذيب.
    (
    ب) - وكذلك حديث (رزية الخميس) ، وينظر في بيان مفهوم حديث رزيةالخميس وجمع طرقه والرد على الشبهات المثارة حوله كتاب ( العقد النفيس بدراسة حديثالخميس ) وغيرها الكثير .
    فعلى القارئ للتاريخ أن يكون على حذرٍ مِنْ هذا ،وأن يميِّزَ بين أصلِ القصةِ وبين ما زِيدَ عليها .
    وغالبًا ما تجدُ أنَّأصلَ القصة موجودٌ في مصادرَ موثَّقةٍ وبأسانيدَ صحيحةٍ ، والزيادات مأخوذةٌ مِنْمصادرَ مشكوكٍ فيها وفي صحةِ إسنادها .
    ولا شك أنَّ هذه الزيادات الشَّاذةالباطلةَ لَعِبَتْ وما زالت تَلعبُ دورًا مُهمًا في ضياعِ الحقائقِ واختلاطِها علىكثيرٍ مِنَ الناسِ ، مما جعلَ بعضَهُم يَرسمُ صورةً مشوَّهةً للتاريخ ، ويصدرُأحكامًا ظالمةً على رموزِ الأُمَّةِ الإسلاميةِ بسببِ هذا التّزويرِ .




    يتبع **للموضوع تتمه

  • #2
    قواعد رد الشبهات حول تاريخ الصحابة وآل البييت/21

    تتمة الجزء السابق
    ــــــــــــــــــــــ
    القسم الرابع: أن يكونَ الخبرُ أوِ الحديثُسَنَدَهُ صحيحًا ، ولم يَعْتَرِهِ زِيَادةٌ أو نقصانٌ ، ويكونَ في الخَبَرِ شَيْءٌمِنَ الأخطاءِ التي تقعُ مِنْ صَحَابيٍّ كونه غيرَ معصومٍ كبقيَّةِ النَّاسِ فيكُلِّ زَمانٍ ومكانٍ .فنقول: مَنْ ذَا الذي مَا سَاءَ قَط ؟ ومَنْ لَهُ الْحُسْنَىفَقَطْ ؟
    إنَّ الاعتقادَ الصّحيحَ في الصَّحَابَةِرَضِيَ اللهُ عنهم ؛ أنهمبشرٌ يُصيبونَ ويُخطئونَ ، وتعتريهم الغفلةُ والنسيان كسائرِ بني الإنسانِ ، لاندَّعي لهمُ العصمةَ مِنَ الذنوبِ(7) ، فالواجبُ ذِكْرُ مَحاسنِهم والتجاوزُ عنمساوئِهم ، فوالله ! لو قَارَنَّا هذا الخطأَ بما لديهم مِنْ حسناتٍ وأعمالٍصَالحاتٍ من البَذْلِ والجِهادِ في سبيلِ الله تعالى ونُصرةِ دينهِ ؛ لكانتْكَحَبةِ رَملٍ في جِبَالٍ مِنْ رمالٍ ، أو كقطرةِ ماءٍ في عبابٍ.
    فإذا صحتالرواية في ميزان الجرح والتعديل ، وكان ظاهرها وقوع الخطأ والزلل ، فليلتمس المسلملها أحسن المخارج والمعاذير ، قال ابن أبي زيد : «والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهمأحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب»(8) وقال ابن دقيقالعيد : «وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه ، فمنه ما هو باطل وكذب ، فلايلتفت إليه ، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا ، لأن الثناء عليهم من الله سابق ،وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل ، والمشكوك والموهوم لا يبطل المسابقالمعلوم»(9) .
    ومما يدعو للأسف ؛ أنّ (البعضَ) يُضَخِّمُ هذه الأخطاءَ ،وصار شُغْلُهُ الشاغل البحث والتنقيب عنها بكلِّ سَبيلٍ لغرضٍ في نفسِهِ ، وكأنهاالقضيةُ الفاصلة بين الحقِّ والباطلِ ، مَنْ عرفها كان مؤمنًا ، ومَنْ أنكرها كانكافرًا أو منافقا !! ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله .
    إنّ غيابَ المعلوماتِالدقيقة الموثقة عما جرى بين الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ؛ يفرضُ علينا أننتعاملَ مع تاريخِهم معاملةَ مَنْ زَكَّاهُمُ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ ، هذاهو الأصلُ الأصيلُ ، فإن عجزَ الباحثُ والقارئُ عن أنَ يجدَ سندًا صحيحًا لرواية ما؛ فعنده أصلٌ عامٌ يجبُ أن يتّبعَهُ ، وهو ثناءُ الله سُبْحَانَهُ وتعالَى على ذلكالجيلِ الذي صَحِبَ رَسُولَ الله صلى الله عليهوآله وسلم ، وجاهد معه لإقامة الدين، وما كان اللهُ ليثني على قومٍ يعلمُ أنهم لن يكونوا أهلًا لهذا الثناءِ مستقبلًا، كيف وهو العليمُ الخبيرُ ؟!
    مع اعتقادنَا أنهم بشرٌ يتطرقُ إليهم الخطأُوالوهمُ والتقصيرُ شأنهم في ذلك شأن بني البشر .
    لكن اتهامَهم بالسُّوءِ ،والتحاملَ عليهم ، ورميَهُم بالنِّفاقِ وحبِّ السُّلْطَةِ وغيرِ ذلك ؛ هو مِنَالتَّألّي على الله ومنازعته في صفةٍ مِنْ صفاتهِ تبارك وتعالى ، إذ إنَّ الجَزمَبهذه الاتهامات يتوقفُ على عِلْمِ الغَيْبِ الذي استأثرَ به اللهُ العليمُ الخبيرُ، فَلا يُطْلِعُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا .
    فيجبُ علينَا أن نحذرَ مِنَالانزلاقِ وراءَ هذه الرواياتِ التي روَّجَ لها بعضُ المستشرقينَ (10) وأصحابُالأهواءِ ، الذين صَوَّروا الخلافَ الذي وقعَ بَيْنَ الأَصْحَابِ رَضِيَ اللهُ عنهم - اعتمادًا على رواياتٍ وَاهِيَةٍ ضعيفةٍ أحيانًا ، وبسوءِ نِيَّةٍ أحيانًا أخرى - إلى صُورٍ بِشِعَةٍ تجعلُ منهم متصارعينَ ، لا يختلفونَ عن طُلاَّبِ الكُراسيوعُشَّاقِ الزَّعامَةِ .
    فحَريٌّ بكُلِّ غيورٍ أن يحرصَ على التَّمحيصِوالتثبت مِنَ الأخبار ، فوالله! إنه ليكفينا القليلُ مِنَ التَّاريخِ مِمَّاصَحَّتْ أَسانيدُه ، وخلا مِنَ التَّنَاقُضِ والتَّضَارُبِ ، فهذا خَيْرٌ مِنْ أنْيبقَى تاريخُنَا مَحشوًّا بالكثيرِ مِنَ الأكاذيبِ والافتراءاتِ ، نهبًا لكلِّ مَنْأَرَادَ أن يشيعَ الفتنة في صفوفِ الذين آمنوا ، وأنْ ينالَ مِنْ مَكانةِ ذلكالجيلِ الفَريدِ ، الذي شَهِدَ نورَ النُّبُوَّةِ واتصالَ الأرضِ بالسماءِ ،وجَاهَدَ بكُلِّ ما يَمْلِكُ لإعلاءِ هذا الدينِ ونشْرِهِ في سائرِ البقاعِ .
    ويَجبُ علينا أَلاَّ نقبلَ مِنْ هذا التُّراثِ إِلاَّ ما صَحَّتْ نسبَتُهُإلى أصحابهِ ، مِنْ قولٍ أو فعلٍ ، بعيدًا عن هَالَةِ «التّقديسِ» ورُوحِ «التّضخيمِ» ، والمغالاةِ في قيمتِها أوِ التَّنقصِ منها .
    فأهلًابالحقائقِ النَّاصِعَةِ ولو كانتْ قليلةً ، وبُعْدًا وسُحقًا للأكاذيبِ والخرافاتِوالأساطيرِ وقَواميسِ المنَاقِبِ والمثَالِبِ (11) مهما تَعَدَّدَتْ مصادرُهاومواردُها ، لأنها لا تقوى أمامَ موازين التمحيصِ الصارمة ، ومطارق الحَقِّالقاهرة(12) .
    والعجب كل العجب ممن يقدمون منهجية البحث العلمي في أموروافقت حاجة في نفوسهم وينسفونها في باقي الأمر ، كما فعل مرتضى العسكري في كتابه "عبدالله بن سبأ" ففهو ينكر حقيقة ابن سبأ ويتعذر بحقائق التاريخية والأسانيدالضعيفة مع أنها ثابتة لكن إذا جاء الحديث عن الصحابة فكل شيء مقبول طالما أنه يؤديالغرض الذي يرتضيه وقس على هذا فأين الدقة التي ينادي بها هؤلاء وأين تلك المنهجيةالعلمية التي يرفعون شعارها لماذا لا تسحب على باقي الأخبار التاريخية والأحداثالمهمة في صدر الإسلام!!
    اخوكم مهندس الرافدين/النجف الاشرف

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم
      يااخ المهندس
      ماقولك في القران اهو صحيح ؟؟؟؟؟؟؟
      اذ هو من يخبرنا بان بعض الصحابه هم
      1) منافقين ((سورة المنافقين)) ((ومن اهل المدينه مردو على النفاق........الخ)) وكثير من الايات
      2)انهم سينقلبون الى الكفر بعدايمانهم ((بعد وفاة النبي او قتله)) وهنالك ايه واضحه في ذلك
      ((ومامحمد الارسول قد خلت........الخ))
      3)يظنون بالله الظنونا((وقعت الاحزاب)) وفيها ايات واضحات
      وهنالك الكثير من الايات والاحاديث والمواقف التي يسقط بها بعض الصحابه
      ملاحظه لاتربط اهل البيت بالصحابه فالقران لم يجمعهم في اية التطهيروانما قال
      ((انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا))
      اما من يقول عن اهل البيت اي منكر اوشبه فانه يخالف القران بوضوح

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مهندس الرافدين
        تتمة الجزء السابق
        ــــــــــــــــــــــ
        القسم الرابع: أن يكونَ الخبرُ أوِ الحديثُسَنَدَهُ صحيحًا ، ولم يَعْتَرِهِ زِيَادةٌ أو نقصانٌ ، ويكونَ في الخَبَرِ شَيْءٌمِنَ الأخطاءِ التي تقعُ مِنْ صَحَابيٍّ كونه غيرَ معصومٍ كبقيَّةِ النَّاسِ فيكُلِّ زَمانٍ ومكانٍ .فنقول: مَنْ ذَا الذي مَا سَاءَ قَط ؟ ومَنْ لَهُ الْحُسْنَىفَقَطْ ؟
        إنَّ الاعتقادَ الصّحيحَ في الصَّحَابَةِرَضِيَ اللهُ عنهم ؛ أنهمبشرٌ يُصيبونَ ويُخطئونَ ، وتعتريهم الغفلةُ والنسيان كسائرِ بني الإنسانِ ، لاندَّعي لهمُ العصمةَ مِنَ الذنوبِ(7) ، فالواجبُ ذِكْرُ مَحاسنِهم والتجاوزُ عنمساوئِهم ، فوالله ! لو قَارَنَّا هذا الخطأَ بما لديهم مِنْ حسناتٍ وأعمالٍصَالحاتٍ من البَذْلِ والجِهادِ في سبيلِ الله تعالى ونُصرةِ دينهِ ؛ لكانتْكَحَبةِ رَملٍ في جِبَالٍ مِنْ رمالٍ ، أو كقطرةِ ماءٍ في عبابٍ.
        فإذا صحتالرواية في ميزان الجرح والتعديل ، وكان ظاهرها وقوع الخطأ والزلل ، فليلتمس المسلملها أحسن المخارج والمعاذير ، قال ابن أبي زيد : «والإمساك عما شجر بينهم ، وأنهمأحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب»(8) وقال ابن دقيقالعيد : «وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه ، فمنه ما هو باطل وكذب ، فلايلتفت إليه ، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا ، لأن الثناء عليهم من الله سابق ،وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل ، والمشكوك والموهوم لا يبطل المسابقالمعلوم»(9) .
        ومما يدعو للأسف ؛ أنّ (البعضَ) يُضَخِّمُ هذه الأخطاءَ ،وصار شُغْلُهُ الشاغل البحث والتنقيب عنها بكلِّ سَبيلٍ لغرضٍ في نفسِهِ ، وكأنهاالقضيةُ الفاصلة بين الحقِّ والباطلِ ، مَنْ عرفها كان مؤمنًا ، ومَنْ أنكرها كانكافرًا أو منافقا !! ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله .
        إنّ غيابَ المعلوماتِالدقيقة الموثقة عما جرى بين الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عنهم ؛ يفرضُ علينا أننتعاملَ مع تاريخِهم معاملةَ مَنْ زَكَّاهُمُ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ ، هذاهو الأصلُ الأصيلُ ، فإن عجزَ الباحثُ والقارئُ عن أنَ يجدَ سندًا صحيحًا لرواية ما؛ فعنده أصلٌ عامٌ يجبُ أن يتّبعَهُ ، وهو ثناءُ الله سُبْحَانَهُ وتعالَى على ذلكالجيلِ الذي صَحِبَ رَسُولَ الله صلى الله عليهوآله وسلم ، وجاهد معه لإقامة الدين، وما كان اللهُ ليثني على قومٍ يعلمُ أنهم لن يكونوا أهلًا لهذا الثناءِ مستقبلًا، كيف وهو العليمُ الخبيرُ ؟!
        مع اعتقادنَا أنهم بشرٌ يتطرقُ إليهم الخطأُوالوهمُ والتقصيرُ شأنهم في ذلك شأن بني البشر .
        لكن اتهامَهم بالسُّوءِ ،والتحاملَ عليهم ، ورميَهُم بالنِّفاقِ وحبِّ السُّلْطَةِ وغيرِ ذلك ؛ هو مِنَالتَّألّي على الله ومنازعته في صفةٍ مِنْ صفاتهِ تبارك وتعالى ، إذ إنَّ الجَزمَبهذه الاتهامات يتوقفُ على عِلْمِ الغَيْبِ الذي استأثرَ به اللهُ العليمُ الخبيرُ، فَلا يُطْلِعُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا .
        فيجبُ علينَا أن نحذرَ مِنَالانزلاقِ وراءَ هذه الرواياتِ التي روَّجَ لها بعضُ المستشرقينَ (10) وأصحابُالأهواءِ ، الذين صَوَّروا الخلافَ الذي وقعَ بَيْنَ الأَصْحَابِ رَضِيَ اللهُ عنهم - اعتمادًا على رواياتٍ وَاهِيَةٍ ضعيفةٍ أحيانًا ، وبسوءِ نِيَّةٍ أحيانًا أخرى - إلى صُورٍ بِشِعَةٍ تجعلُ منهم متصارعينَ ، لا يختلفونَ عن طُلاَّبِ الكُراسيوعُشَّاقِ الزَّعامَةِ .
        فحَريٌّ بكُلِّ غيورٍ أن يحرصَ على التَّمحيصِوالتثبت مِنَ الأخبار ، فوالله! إنه ليكفينا القليلُ مِنَ التَّاريخِ مِمَّاصَحَّتْ أَسانيدُه ، وخلا مِنَ التَّنَاقُضِ والتَّضَارُبِ ، فهذا خَيْرٌ مِنْ أنْيبقَى تاريخُنَا مَحشوًّا بالكثيرِ مِنَ الأكاذيبِ والافتراءاتِ ، نهبًا لكلِّ مَنْأَرَادَ أن يشيعَ الفتنة في صفوفِ الذين آمنوا ، وأنْ ينالَ مِنْ مَكانةِ ذلكالجيلِ الفَريدِ ، الذي شَهِدَ نورَ النُّبُوَّةِ واتصالَ الأرضِ بالسماءِ ،وجَاهَدَ بكُلِّ ما يَمْلِكُ لإعلاءِ هذا الدينِ ونشْرِهِ في سائرِ البقاعِ .
        ويَجبُ علينا أَلاَّ نقبلَ مِنْ هذا التُّراثِ إِلاَّ ما صَحَّتْ نسبَتُهُإلى أصحابهِ ، مِنْ قولٍ أو فعلٍ ، بعيدًا عن هَالَةِ «التّقديسِ» ورُوحِ «التّضخيمِ» ، والمغالاةِ في قيمتِها أوِ التَّنقصِ منها .
        فأهلًابالحقائقِ النَّاصِعَةِ ولو كانتْ قليلةً ، وبُعْدًا وسُحقًا للأكاذيبِ والخرافاتِوالأساطيرِ وقَواميسِ المنَاقِبِ والمثَالِبِ (11) مهما تَعَدَّدَتْ مصادرُهاومواردُها ، لأنها لا تقوى أمامَ موازين التمحيصِ الصارمة ، ومطارق الحَقِّالقاهرة(12) .
        والعجب كل العجب ممن يقدمون منهجية البحث العلمي في أموروافقت حاجة في نفوسهم وينسفونها في باقي الأمر ، كما فعل مرتضى العسكري في كتابه "عبدالله بن سبأ" ففهو ينكر حقيقة ابن سبأ ويتعذر بحقائق التاريخية والأسانيدالضعيفة مع أنها ثابتة لكن إذا جاء الحديث عن الصحابة فكل شيء مقبول طالما أنه يؤديالغرض الذي يرتضيه وقس على هذا فأين الدقة التي ينادي بها هؤلاء وأين تلك المنهجيةالعلمية التي يرفعون شعارها لماذا لا تسحب على باقي الأخبار التاريخية والأحداثالمهمة في صدر الإسلام!!
        اخوكم مهندس الرافدين/النجف الاشرف
        السلام عليكم اخي مهندس الرافدين موضوع اكثر من رائع بارك الله فيك وبمجهودك الطيب
        اخيك في الاسلام فضل الصحابه

        تعليق


        • #5
          هل هذا الكلام حقا

          تعليق


          • #6
            وماذا يقول الأخ المهندس عن ( الصحابة ) ألذين تقاتلوا بالسيف أيام الفتنة الكبرى ؟ وكيف بغى بعضهم على بعض ؟ بل وكيف قتل بعضهم بعض ؟ ورجاءا ً بلا ردود مصطنعة وغير واقعية .

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة محمدفؤاد
              السلام عليكم
              المشاركة الأصلية بواسطة محمدفؤاد
              يااخ المهندس
              ماقولك في القران اهو صحيح ؟؟؟؟؟؟؟
              اذ هو من يخبرنا بان بعض الصحابه هم
              1) منافقين ((سورة المنافقين)) ((ومن اهل المدينه مردو على النفاق........الخ)) وكثير من الايات
              2)انهم سينقلبون الى الكفر بعدايمانهم ((بعد وفاة النبي او قتله)) وهنالك ايه واضحه في ذلك
              ((ومامحمد الارسول قد خلت........الخ))
              3)يظنون بالله الظنونا((وقعت الاحزاب)) وفيها ايات واضحات
              وهنالك الكثير من الايات والاحاديث والمواقف التي يسقط بها بعض الصحابه
              ملاحظه لاتربط اهل البيت بالصحابه فالقران لم يجمعهم في اية التطهيروانما قال
              ((انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا))
              اما من يقول عن اهل البيت اي منكر اوشبه فانه يخالف القران بوضوح

              JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ
              من هم الذين مردوا على النفاق من أهل المدينة ؟
              قال ابن كثير في تفسيره لهذه الاية وردا على ما تبطنه في سؤالك

              وقال السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في هذه الآية قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال " اخرج يا فلان إنك منافق واخرج يا فلان فإنك منافق " فأخرج من المسجد ناسا منهم فضحهم فجاء عمر وهم يخرجون من المسجد فاختبأ منهم حياء أنه لم يشهد الجمعة وظن أن الناس قد انصرفوا , واختبئوا هم من عمر ظنوا أنه قد علم بأمرهم فجاء عمر فدخل المسجد فإذا الناس لم يصلوا فقال له رجل من المسلمين أبشر يا عمر قد فضح الله المنافقين اليوم

              ثم قال ابن كثير:

              :"وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أسر إلى حذيفة باثني عشر رجلا من المنافقين فقال ستة منهم تكفيهم الدبيلة سراج من نار جهنم يأخذ في كتف أحدهم حتى يفضي إلى صدره وستة يموتون موتا . وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا مات رجل ممن يرى أنه منهم نظر إلى حذيفة فإن صلى عليه وإلا تركه , وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة أنشدك الله أمنهم أنا ؟ قال لا ولا أومن منها أحدا بعدك .وكلنا يعلم بأن حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في المنافقين , لم يعلمهم أحد غيره.


              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

              أما قوله تعالى : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) آل عمران/ 144 : فإنها آية محكمة ، وللوقوف على معناها بتفصيل : نذكر الآتي :
              1. أن هذه الآيات أنزلها الله تعالى بعد غزوة " أُحد " ، وهي مقدمة ، وتهيئة لموت النبي صلى الله عليه وسلم ، ففيها التذكير بأن الإسلام لا ينقطع بموت أو قتل نبيكم ، كما فيها بيان ما حصل مع أنبياء سابقين حيث لم يؤثر قتلهم على أتباعهم ، ولم يستفد من هذا التنبيه والتذكير من ارتدَّ على عقبه من القبائل ، فخسروا الدنيا والآخرة .
              قال ابن القيم – رحمه الله - :
              وقعةَ " أُحُدٍ " كانت مُقَدِّمَةً ، وإرهاصاً ، بين يدي موتِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فثبَّتهم ، ووبَّخهم على انقلابهم على أعقابهم إنْ ماتَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو قُتِلَ ، بل الواجبُ له عليهم أن يثبتُوا على دِينه ، وتوحِيدهِ ، ويموتوا عليه ، أو يُقتلُوا ، فإنهم إنما يعبدُون ربَّ محمد ، وهو حيٌّ لا يموت ، فلو ماتَ محمد أو قُتِلَ : لا ينبغي لهم أن يَصْرِفَهم ذلِكَ عن دينه ، وما جاء به ، فكلُّ نفسٍ ذائِقةُ الموت ، وما بُعِثَ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيخلَّد ، لا هُوَ ، ولا هُم ، بل لِيمُوتُوا على الإسلامِ ، والتَّوحيدِ ، فإن الموت لا بُدَّ منه ، سواء ماتَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو بَقِيَ ، ولهذا وبَّخَهُم على رجوع مَن رجع منهم عن دينه لما صرخ الشَّيْطَانُ : إنَّ محمَّداً قد قُتِلَ ، فقال : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإن مَّاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِى اللهُ الشَّاكِرِينَ ) آل عمران/ 144 ، والشاكرون : هم الذين عرفوا قدر النعمة ، فثبتوا عليها ، حتى ماتوا ، أو قُتِلُوا ، فظهر أثرُ هذا العِتَابِ ، وحكمُ هذا الخطاب يومَ مات رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وارتدَّ مَن ارتدَّ على عقبيه ، وثبت الشاكِرُون على دينهم ، فنصرهم الله ، وأعزَّهم ، وظفَّرهم بأعدائهم ، وجعل العاقبة لهم .
              ثم أخبر سبحانه أنه جعل لكل نفسٍ أجلاً لا بُدَّ أن تستوفيه ، ثم تلحَقَ به ، فيَرِدُ الناسُ كُلُّهم حوضَ المنايا مَوْرِداً واحِداً ، وإن تنوَّعت أسبابه ، ويصدُرونَ عن موقف القِيامة مصادِرَ شتَّى ، فريقٌ في الجنة ، وفريقٌ في السعير .
              ثم أخبر سبحانه أن جماعةً كثيرةً من أنبيائه قُتِلُوا ، وقُتِلَ معهم أتباعٌ لهم كثيرون ، فما وَهَنَ مَنْ بقيَ منهم لِما أصابهم في سبيله ، وما ضَعُفُوا ، وما استكانُوا ، وما وَهَنُوا عندَ القتل ، ولا ضعفُوا ، ولا استكانوا ، بل تَلَقَّوا الشهادةَ بالقُوَّةِ ، والعزِيمةِ ، والإقْدَامِ ، فلم يُسْتَشْهَدُوا مُدَبِرِينَ ، مستكينين ، أذلةً ، بل استُشْهِدُوا أعزَّةً ، كِراماً ، مقبلينَ ، غير مدبرين ، والصحيح : أن الآية تتناول الفريقين كليهما.
              " زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 3 / 224 ، 225 ) .
              2. هذه الآية تدل على تزكية أبي بكر الصدِّيق خاصة ، والصحابة الأجلاء عامة ؛ حيث وصف الله تعالى من يثبت في مثل هذه المصيبة ، ويعلم أن نبيه ما هو إلا بشر يبلغ ما أرسله الله تعالى به ، ثم يغادر هذه الدنيا ، وصفهم الله تعالى بـ " الشاكرين " ، وأما ما في الآية من تزكية الصدِّيق : فمن جهتين :
              الأولى : استدلاله بها – مع قوله تعالى ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) - عند موت النبي صلى الله عليه وسلم .
              والثانية : أنه قاتل من ارتد على عقبه .
              قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
              وفي هذه الآية الكريمة إرشاد من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم ، أو عن بعض لوازمه فقدُ رئيسٍ ، ولو عظم ؛ وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدِّين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه ، إذا فقد أحدهم قام به غيره ، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله ، والجهاد عنه ، بحسب الإمكان ، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس ، فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم ، وتستقيم أمورهم .
              وفي هذه الآية أيضاً أعظم دليل على فضيلة الصدِّيق الأكبر أبي بكر ، وأصحابه الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هم سادات الشاكرين .
              " تفسير السعدي " ( ص 150 ) .
              وبمعرفة ما مضى يتبين أن الصحابة الأجلاء قد استفادوا من درس " أحد " ، وأن ما أصاب بعضهم من صدمة عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ليست صدمة أعقبتها ردَّة ، بل لعدم تحملهم عظَم الخبر ، حتى ثبتهم الله تعالى بما تلاه على مسامعهم أبو بكر الصدِّيق من الآيات البينات ، وأخبرهم بثبات المؤمن :
              ( ... فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ وَقَالَ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ ... )
              رواه البخاري (3670) .
              فرجعوا إلى صوابهم ، وكأنهم لأول مرة تطرق هذه الآية مسامعهم ، وقد عصم الله تعالى المهاجرين والأنصار من الردة ، وسقط فيها طوائف من العرب تصدَّى لهم الصدِّيق وأصحابه ، فعاد من عاد ، وبقي منهم على الكفر جماعات .


              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              x

              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

              صورة التسجيل تحديث الصورة

              اقرأ في منتديات يا حسين

              تقليص

              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

              يعمل...
              X