السيد نصر الله: اميركا مسؤولة عن شن حروب تدميرية

القى الامين الاعم لحزب الله لبنان السيد حسن نصر الله الاثنين خطابا بمناسبة الاعلان عن الوثيقة السياسية للحزب،اكد خلاله ان الادارة الأميركية منحت نفسها حقا مطلقا بشن حروب تدميرية لا تميز بين أحد واضاف لقد بلغت كلفة حروب الارهاب الأميركي حتى الآن الملايين من البشر فضلا عن مظاهر الدمار الشامل التي أصابت مكونات المجتمعات نفسها.
و أقرَّ مؤتمر الحزب العام الوثيقة السياسية منذ أيام، واعلنها السيد نصرالله في مؤتمرٍ صحفيٍ عبر الشاشة بحضور حشد من الشخصيات السياسية والصحفية ورئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم امين السيد ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد.
وقد اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان وثيقة حزب الله تهدف لتظهير الرؤية السياسية للحزب وتنطوي على ما يراه الحزب من تصورات ومواقف وما تختزنه من آمال وهواجس مشيراً الى انها تأتي نتاج لما خبرناه جيداً.
وقال سماحته خلال قرأته للوثيقة الجديدة: "ففي مرحلة سياسية حافلة بالتحولات لم يعد ممكنا مقاربة تلك التحولات دون ملاحظة مسيرة مقاومتنا، وستتم المقاربة ضمن مسارين الأول مسار المقاومة الذي يستند لانتصارات عسكرية وسياسية وتوسع المقاومة شعبيا وثباتها وصولاً الى قلب موازين القوى والثاني هو مسار التسلط والاستكبار الأميركي-الاسرائيلي الذي يشهد انهزامات واخفاقات عسكرية أظهرت عجزاً في القدرة على التحكم بمسار التطورات والأحداث في عالمنا العربي والاسلامي".
واضاف سماحته قائلاً : "ما يعمق أزمة النظام الاستكباري العالمي هي الانهيارات في الأسواق المالية ودخول الاقتصاد الأميركي في حالة تخبط وعجز ولذلك يمكن القول إننا في سياق تحولات تاريخية تنذر بتراجع أميركا كقوة مهيمنة وتحول نظام القطب الواحد المهيمن وتقف حركات المقاومة في صلب هذه التحولات وتبرز كمعطى استراتيجي بعد أن أدت دوراً مركزياً في انتاج ما يتصل في تلك التحولات في منطقتنا".
وتابع السيد نصرالله: "استمرت المقاومة وكانت المقاومة في لبنان السباقة لمقاومة الاحتلال ومضت في مسيرتها الجهادية وهي على يقين من أحقية قضيتها وقدرتها على صنع الانتصار من خلال التوكل على الله والالتزام بالمصالح الوطنية وإعلاء القيم الانسانية، فعلى مدى مسارها الطويل وعبر انتصاراتها الموصوفة تراكمت حقبات تطور مشروعها من قوة تحرير الى قوة توازن ومواجهة وثم الى قوة ردع ودفاع مضافاً الى دورها السياسي والداخلي كركن مؤثر في بناء الدولة القادرة والعادلة، وارتقت من كونها قيمة وطنية الى كونها قيمة انسانية اسلامية وعربية وأصبحت قيمة يجري دراستها في كل العالم".
و اشار السيد نصرالله الى ان حزب الله لا يستهين بحجم التحديات والمخاطر الماثلة ولا يقلل من وعورة مسار المواجهة وحجم التحديات التي تستوجبها مسيرة المقاومة، وقال: "ألا أنه قد بات أشد وضوحاً في خيارته وأكثر ثقة بشعبه وفي هذا السياق يحدد الخطوط الأساسية التي تشكل إطارا فكريا سياسيا لرؤيته ومواقفه تجاه التحديات".
و جاء في الفصل الاول للوثيقة ان الولايات المتحدة باتت بعد الحرب العالمية الثانية قوة هيمنة عالمية مستفيدة من حصيلة مركبة من الانجازات المتعددة الأوجه والمدعومة بمشروع سياسي اقتصادي لا ينظر الى العالم إلا بوصفها أسواقا محكومة لقوانينها الخاصة، وأخطر ما في هيمنتهم اعتبارهم أنهم يملكون العالم، ولذا باتت الاستراتيجية التوسعية الغربية وخاصة الأميركية استراتيجية عالمية الطابع لا حدود لجشعها،وبالتالي إن تحكم هذه القوى بشبكات الاحتكار العالمية العابرة للقارات والشركات المالية المدعومة بقوة عسكرية أدى الى مزيد من الصراعات التي ليس أقلها صراعات الحضارات.
واضاف : لقد بلغت العولمة حدها الأخطر مع تحولها الى عولمة عسكرية والتي شهدنا تداعياتها في الشرق الأوسط بدءا من أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان موضحا: لم يبلغ مشروع الهيمنة الأميركية مستويات خطرة كما بلغها مؤخراً، وبلغ مسارها التصاعدي ذروته مع امساك المحافظين الجدد بإدارة جورج بوش الإبن، ووجد مشروعهم طريقه الى التنفيذ بعيد استلام بوش ولم يكن غريباً ومفاجئاً أن يكون أكثر ما أكدت عليه وثيقة المحافظين الجدد مسألة إعادة بناء القدرات الأميركية والتي عكست رؤية استراتيجية جديدة للأمن القومي الأميركي عبر بناء استراتيجيات عسكرية ليس باعتبارها قوة ردع فقط بل باعتبارها قوة فعل وتدخل.
و اوضحت الوثيقة: لقد وجدت إدارة بوش بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر أنها أمام فرصة سانحة لممارسة أكبر قدر من التأثير تحت شعار الحرب الكوينة هذا الإرهاب وقامت بمحاولات اعتبرت ناجحة في بدايتها، وفق عسكرة علاقاتها والانفراد باتخاذ القرارات الاستراتيجية وحسم الحرب في أفغانستان للتفرغ بعد ذلك للخطوة التالية وهي الاستيلاء على العراق الذي اعتبر ركيزة اطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد كما عمدت إدارة بوش الى اقامة تطابق بين مقولة الإرهاب ومقولة المقاومة لتنزع عن المقاومة شرعيتها وتبرر خوض الحروب ضدها لإزالة آخر حصون دفاع الشعوب عن حقها بالعيش بكرامة وعن حقها بالسيادة الوطنية وآخذ أدوارها لبناء تاريخها الانساني.
واردف السيد نصرالله في قراءة الوثيقة السياسية لحزب الل قائلا: لقد "منحت الادراة الأميركية نفسها حقاً مطلقاً بشن حروب تدميرية لا تميز بين أحد وبلغت كلفة حروب الارهاب الأميركي حتى الآن الملايين من البشر فضلاً عن مظاهر الدمار الشامل التي أصابت مكونات المجتمعات نفسها حيث جرى تفكيكها وعكس مسار تطورها عبر إعادة انتاج صراعات مذهبية وطائفية إضافة الى استنزاف مخزون الحضارة عند هذه الشعوب، لقد حولت ادارة بوش الولايات المتحدة الى خطر يهدد العالم بأسره، اخفاق الحرب على العراق وتطور المقاومة والامتعاض من نتائج هذه الحرب وفشل الحرب على الارهاب خاصة في أفغانستان وكذلك الفشل الذريع للحرب الأميركية على المقاومة في فلسطين ولبنان بأدوات اسرائيلية الى تراجع استراتيجي في قدرة الولايات المتحدة على الفعل وهذا لا يعني أنها ستخلي الساحة بل ستقوم بكل ما يلزم لحماية ما تسميه مصالحها الاستراتيجية.
ثانياً: منطقتنا والمشروع الأميركي، عالمنا العربي والاسلامي ينال القسط الأكبر من الهيمنة الأميركية وهو منذ قرون عرضة لحروب وحشية مراحلها الأكثر تقدماً زرع اسرائيل في المنطقة وبلغت ذروة هذه المرحلة الاستعمارية مع وراثة أميركا للاستعمار في المنطقة، هدف الولايات المتحدة السيطرة على شعوبنا بكل أشكالها ونهب ثرواتها وخاصة الثروة النفطية للتحكم باقتصاد العالم وقد اعتمدت أميركا لتحقيق هدفها سياسات عامة أبرزها توفي كل الضمان للكيان الصهيوني ودعمه بكل عوامل القوة والاستمرار وتوفير شبكة امان لوجوده ما يؤهله للعب دور الغدة السرطانية، تقويض الإمكانات الروحية والحضارية والثقافية لشعوبنا والعمل على إضعاف روحها المعنوية، دعم أنظمة التبعية والاستبداد في المنطقة، الامساك بالمواقع الاستراتيجية في المنطقة ونشر القواعد العسكرية، منع قيام أي نهضة في المنطقة تسمح بامتلاك أسباب القوة والتقدم، زرع الفتن والانقسامات على أنواعها.
و اضاف: لا مجال اليوم لقراءة أي صراع في أي منطقة في العلم إلا من منظار استراتيجي عالمي، فالخطر الأميركي عالمي وجبهة المواجهة يجب أن تكون عالمية، وهذه المعركة ذات مدى تاريخي وهي معركة أجيال وتستلزم الاستفادة من كل قوة ممكنة وقد علمتنا تجاربتا أن الصعوبة لا تعني الاستحالة بل قيادة حكيمة مستعدة تصنع النصر تلو النصر. لم يترك الاستكبار الأميركي لأمتنا وشعوبنا من خيار إلا المقاومة من أجل حياة أفضو ومستقبل بشري وانساني أفضل مستقبل يسوده السلام والوئام.
ولدى قراءة الفصل الثاني للوثيقة الذي خص لبنان قال ان لبنان هو وطننا ووطن الآباء والأجداد كما هو وطن كل الأجيال الآتية وقدمنا من أجل سيادته وتحرير أرضه أغلى التضحيات والشهداء ونريده لكل اللبنانيين على حد سواء ونريده واحداً موحداً ونرفض أي شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة الصريحة أو المقنعة ونريده قوياً فاعلاً حاضراً في معادلات المنطقة مساهما في صنع الحاضر والمستقبل كما كان حاضراً في صنع التاريخ ومن أهم الشروط لقيام مثل هذا الوطن دولة عادلة وقوية وهذا ما ينشده كل اللبنانيين.
و في معرض اشارته الى العدو الاسرائيلي و تهديداته ضد لبنان قال السيد حسن نصر الله: ان اسرائيل تشكل تهديدا دائما للبنان لجهة أطماعها التاريخية بأرضه ومياهه ولما هو وطن نقيض لعنصرية الكيان الصهيوني فضلاً عن ذلك فوجود لبنان على حدود فلسطين المحتلة حتّم عليه تحمل مسؤوليات قومية ووطنية.
و اكد: ان تهديد لبنان بدأ منذ وجود هذا الكيان الصهيوني الذي باشر عدوانه منذ عام 1948 في سنوات طويلة من الاعتداءات كمقدمة للسيطرة على الأرض وصولاً الى اجتياح 1978 تمهيداً لاجتياح الوطن كله عام 1982، كل ذلك بدعم كامل من الولايات المتحدة وتجاهل متواطئ للمؤسسات الدولية وصمت عربي وغياب للسلطة اللبنانية التي لم تتحمل واجباتها الوطنية.
اردف قائلا: وفي ظل هذه المأساة لم يجد اللبنانيون سوى استخدام حقهم والانطلاق من واجبهم الوطني والأخلاقي والديني في الدفاع عن أرضهم فكان خيارهم إطلاق مقاومة مسلحة لمواجهة العدوان الصهيوني في تلك اللحظة بدأت مسيرة استعادة الوطن لتحرير الأرض كمقدمة لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها والأهم من ذلك إعادة تأسيس القيم الوطنية وفي طليعتها السيادة والكرامة ما أعطى لقيمة الحرية بعدها فلم تبقى مجرد شعار بل كرستها المقاومة بتحرير الأرض والانسان فأعادت المقاومة الاعتبار للبنان كبلد يفرض احترامه ويفتخر أبنائه بالانتماء اليه.
و اكد: تحقق انجاز المقاومة بمؤازرة شعب وفي وجيش وطني وأحبطت أهداف العدو وأوقعت فيه هزيمة تاريخية لتخرج المقاومة بانتصار أسس لعنوان محورية المقاومة دوراً محورياً لردع العدو والدفاع عن الشعب واستكمال تحرير الأرض، وهذا الدور دائم ما دامت أطماع العدو واحتلاله قائمان.
و صرحت الوثيقة : انه في ظل الخلل في موازين القوى فالتهديد الاسرائيلي يفرض على لبنان تكريس صيغة دفاعية تقوم على المزاوجة بين مقاومة شعبية تساهم في الدفاع عن الوطن وجيش وطني يحمي أمن الوطن ويثبت استقراره في عملية تكامل، هذه الصيغة التي توضع ضمن استراتيجية دفاعية تشكل مظلة حماية للبنان في ظل فشل المظلات الآخرى، وفي هذا الإطار فإن اللبنانيين بقواهم السياسية وشرائحهم الاجتماعية معنيون بالحفاظ على صيغة المقاومة والانخراط فيها لأن الخطر الاسرائيلي يتهدد لبنان وهذا ما يتطلب أوسع مشاركة في مقاومته.
و اضاف السيد نصرالله ان استمرار الخطر على لبنان يفرض على المقاومة السعي الدؤوب لتعزيز قوتها وإمكاناتها للمساهمة في استكمال مهمة تحرير ما تبقى من أرضنا تحت الاحتلال واستنقاذ من بقي من أسرى ومفقودين وأجساد شهداء والمشاركة في وظيفة الدفاع.
وفيما يتعلق بالدولة والنظام السياسي قال: ان الطائفية السياسية هي التي تمنع تطور النظام السياسي اللبناني وتقف عائقاً أمام تشكيل ديمقراطية يمكن أن تحكم فيها أكثرية وتعارض الأقلية وتطبيق تداول للسلطة والشرط الأساس لتطبيق هذه الديمقراطية هو الغاء الطائفية السياسية والى أن يتمكن اللبنانيون ومن خلال حوارهم الوطني من تحقيق هذا الانجاز التاريخي والحساس، وطالما أن النظام يقوم على أسس طائفية تبقى الديمقراطية التوافقية أساس الحكم في لبنان ومن هنا فإن أي مقاربة للحكم وفق معادلة الأكثرية والأقلية تبقى رهن تطبيق أسس الديمقراطية الحقيقية يصبح المواطن قيمة بحد ذاته.
و صرح : إن الديمقراطية التوافقية تشكل صيغة ملائمة لمشاركة حقيقية من قبل الجميع وعامل ثقة مطمئن لمكونات الوطن وهي تسهم بشكل كبير في فتح الأبواب للدخول في مر حلة الدولة المطمئنة، تصورنا للدولة التي يجب بنائها في لبنان سوية هي الدولة التي تصون الحريات العامة وتوفر الأجواء لممارستها، الدولة التي تحرص على الوحدة الوطنية الدولة القادرة التي تحمي الأرض والشعب والسيادة والاستقلال ويكون لها جيش ومؤسسات قوية وفاعلة، الدولة القائمة في بنيتها على قاعدة المؤسسات الحديثة والفاعلة، الدولة التي يتوفر فيها تمثيل صحيح من خلال قانون انتخابات عصري يحقق أوسع تتمثيل ممكن، الدولة التي تعتمد على أصحاب الكفاءات العلمية والمهارات وأهل النزاهة بغض النظر عن الطائفية والتي تطهر الادارة من الفساد، الدول التي تتوافر فيها سلطة قضائية عليا مستقلة، الدولة التي تقيم اقتصادها على قاعدة القطاعات المنتجة وخصوصاً الزراعة والصناعة، الدولة التي تطبق الانماء المتوازن بين المناطق، الدولة التي تهتم بمواطنيها وتوفر لهم الخدمات المناسبة، الدولة التي تعتني بالأجيال الشابة والصاعدة، الدولة التي تعزز دور المرأة وتطور مشاركتها في كافة المجالات، الدولة التي تولي الوضع التربوي الأهمية المناسبة خصوصا الاهتمام بالمدارس.
ًو حول لبنان ووالعلاقات اللبنانية-الفلسطينة جاء في الوثيقة ان ما عاناه الفلسطينيون واللبنانيون جراء اللجوء كان سببه الحقيقي والمباشر الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، كما أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لم تقتصر على اللجوء إنما أضيفت اليها الاعتداءات وقساوة العيش في المخيمات والحرمان من الحقوق المدنية وعدم قيام الحكومات اللبنانية بواجبها تجاههم، هذا الواقع بات يحكم على السلطات تحمل مسؤوليتها وبناء العلاقات اللبنانية-الفلسطينية على أسس قانونية تراعي المصالح المشتركة، ونحن نرى أن النجاح في هذه المهمة يتحقق من خلال الحوار اللبناني الفلسطيني المباشر، تمكين الفلسطينيين في لبنان من التوافق على اختيار مرجعية موحدة تمثلهم في لبنان، إعطائهم حقوقهم المدنية والاجتماعية في لبنان.
واشار الى العلاقات العربية و لبنان قائلا: ان لبنان محتم عليه الالتزام بالقضايا العربية العادلة وفي قضيتها قضية فلسطين، هناك حاجة شديدة لتجاوز التباينات والخلافات العربية، وليس الانخراط في مشاريع غربية لمواجهة هذه الخلاقات، وتنظيم مدرسة للتعاطي مع القضايا القومية دون تدخل خارجي هو خيار نموذجي وخيار المقاومة يشكل هنا حاجة جوهرية وعاملاً موضوعياً لتصليب الموقف العربي والمواجهة بمعزل عن التسويات، ولا تجد المقاومة غضاضة في تعميم عوائد الاستفادة من خيارها ليطال كافة المواقع العربية ما دامت النتائج تندرج في اطار معادلة إضعاف العدو وفي هذا الإطار سجلتا سوريا موقفاً مميزاً في الصراع مع اسرائيل وسعت لتوحيد الجهود العربية، ونحن نؤكد على ضرورة التمسك بالعلاقات المميزة بين لبنان وسوريا بوصفها حاجة تمليها مصالح الشعبين وندعو الى إزالة كل السلبيات التي شابت العلاقات هذه.
و فيما يتعلق بلبنان والعلاقات الإسلامية جاء في الوثيقة، ان الاحتقان و الطائفية وافتعال الحساسيات المذهبية والصراعات بين القوميات والنزف المسيحي من الشرق العربي، كل ذلك يهدد تماسك مجتمعاتنا وبدل أن يمثل التنوع مصدر غنى تم استخدامه كعامل تمزيق وفرقة، وهذا حصيلة تقاطع لسياسات أميركية غربية مع تصرفات داخلية لا مقبولة، وآخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار يبدو ملحاً ويجب أدراجها كأحد الاهتمامات الأساسية في برامج القوى المؤثرة، ونحن نؤكد على أهمية التعاون بين كافة الدول الاسلامية ويحضها على الاستفادة في تبادل المنافع.
و اضاف السيد نصر الله ان حزب الله يعتبر ايران دولة مركزية في العالم الاسلامي وهي وقفت الى جانب القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وسياسة الجمهورية الاسلامية واضحة في دعم القضية المركزية الأولى وهي القضية الفلسطينية.
و صرح: إن اختلاق التناقض مع ايران من قبل بعض العرب يمثل طعناً بالذات ولا يخدم سوى اسرائيل، إن ايران هذه يجب أن تقابل بإرادة التعاون والأخوة كقوة تزيد دول وشعوب منطقتنا قوة ومناعة، إن العالم الاسلامي يقوى بتحالفاته وتعاون ودولة ونؤكد على ضرورة الاستفادة من نقاط القوة في كل الدول الاسلامية والحذر من الإثارات المذهبية وخاصة بين السنة والشيعة.
وفي قراءته للفصل الثالث للوثيقة قال السيد نصر الله ان الكيان الكيان الصهيوني شكّل ومنذ اغتصابه لفلسطين وتشريد أهلها منها في العام 1948، برعاية ودعم من قوى الهيمنة الدُّولية آنذاك، عدواناً مباشراً وخطراً جِدّياً طالا المنطقة العربية بأكملها، وتهديداً حقيقياً لأمنها واستقرارها ومصالحها، ولم يقتصر أذاه وضرره على الشعب الفلسطيني أو الدول والشعوب المجاورة لفلسطين فحسب، وما الإعتداءات والتوترات والحروب التي شهدتها المنطقة بفعل النزعة والممارسات العدوانية الإسرائيلية إلاّ الدليل والشاهد على مقدار الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني وبالعرب والمسلمين جراء الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبها الغرب عندما أقدم على زرع هذا الكيان الغريب في قلب العالم العربي والإسلامي، ليكون اختراقاً معادياً وموقعاً متقدماً للمشروع الإستكباري الغربي عامةً، وقاعدةً للسيطرة والهيمنة على المنطقة خاصةً.
واضاف :إنّ الحركة الصهيونية هي حركة عنصرية فكراً وممارسةً، وهي نتاج عقلية إستكبارية إستبدادية تسلطية، ومشروعها في أصله وأساسه هو مشروع إستيطاني تهويدي توسعي. كما أنّ الكيان الذي انبثق عنها قام وتمكّن واستمر عبر الإحتلال والعدوان والمجازر والإرهاب، بدعم ورعاية واحتضان من الدول الإستعمارية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، التي ترتبط معه بتحالف إستراتيجي جعلها شريكاً حقيقياً له في كل حروبه ومجازره وممارساته الإرهابية.
واوضح السيد نصرالله : إنّ الصراع الذي نخوضه وتخوضه أمتنا ضد المشروع الصهيوني - الإستعماري في فلسطين إنما هو قيامٌ بواجب الدفاع عن النفس ضد الإحتلال والعدوان والظلم الإسرائيلي - الإستكباري الذي يتهدد وجودنا ويستهدف حقوقنا ومستقبلنا، وهو ليس قائماً على المواجهة الدينية أو العنصرية أو العرقية من جانبنا، وإنْ كان أصحاب هذا المشروع الصهيوني - الإستعماري لم يتورعوا يوماً عن استخدام الدين وتوظيف المشاعر الدينية وسيلةً لتحقيق أهدافهم وغاياتهم. وليس ما ذهب إليه الرئيس الأميركي "بوش" وخَلَفُه "أوباما" وقادة الكيان الصهيوني معهما، من مطالبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين بالإعتراف بيهودية "دولة إسرائيل" إلاّ أوضح دليل على ذلك.
ومضى قائلا: إنّ النتيجة الطبيعية والحتمية أن يعيش هذا الكيان الغاصب المفتعَل مأزقاً وجودياً يؤرِّق قادتَه وداعميه، لكونه مولوداً غير طبيعي وكِياناً غير قابل للحياة والإستمرار ومعرَّضاً للزوال. وهنا تقع المسؤولية التاريخية على عاتق الأمة وشعوبها أن لا تعترف بهذا الكيان مهما كانت الضغوطات والتحديات، وأن تواصل العمل من أجل تحرير كل الأرض المغتصبة واستعادة كل الحقوق المسلوبة مهما طال الزمن وعظمت التضحيات.
وفيما يتعلق بالقدس والمسجد الاقصى قال سماحته : ان العالم بأسره يدرك اليوم مكانة وقداسة مدينة القدس والمسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى هو أُولى القِبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله (صلّى الله عليه وعلى آله وسلَّم)، وملتقى الأنبياء والرسل (عليهم صلوات الله أجمعين)، ولا يُنكِر أحدٌ عظيمَ مكانته لدى المسلمين كمَعْلَمٍ من أكثر المعالم قدسيةً عندهم، وعمقَ علاقته بالإسلام كواحد من أهم الرموز الإسلامية على وجه الأرض و مدينة القدس بما تحتضن من مقدسات إسلامية ومسيحية، تتمتع بمكانة رفيعة لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
و اضاف: إنّ استمرار الإحتلال الإسرائيلي لهذه المدينة المقدسة مع ما يرافق ذلك من خطط ومشاريع تهويدية وطرد أبنائها ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم وإحاطتها بأحياء يهودية وأحزمة وكتل إستيطانية وخنقها بجدار الفصل العنصري، بالإضافة إلى المساعي الأميركية - الإسرائيلية المتواصلة لتكريسها عاصمةً أبديةً للكيان الصهيوني باعتراف دُوليّ، كلها إجراءات عدوانية مرفوضة ومدانة. كما أنّ الإعتداءات الخطيرة المتواصلة والمتكررة على المسجد الأقصى المبارك وما ينفَّذ في نطاقه من حفريات وما يُعَدّ من خطط لتدميره، تشكّل خطراً جدياً وحقيقياً يهدد وجودَه وبقاءه ويُنذر بتداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها.
و اعتبر نصر الله نُصرة القدس وتحريرها والدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته، بانها واجبٌ ديني ومسؤوليةٌ إنسانية وأخلاقية في عنق كل حرّ وشريف من أبناء أمتنا العربية والإسلامية وكل أحرار وشرفاء العالم داعيا العالم الاسلامي والعربي وجميع الدول الحريصة على السلام والإستقرار في العالم، لبذل الجهود والإمكانيات لتحرير القدس من نير الإحتلال الصهيوني، وللمحافظة على هويتها الحقيقية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
و فيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية شدد السيد نصر الله: إنّ الشعب الفلسطيني وهو يخوض معركة الدفاع عن النفس ويكافح لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة في فلسطين بمعناها التاريخي وواقعها الجغرافي إنما يمارس حقاً مشروعاً تُقِرّه وتُوجِبه الرسالات السماوية والقوانين الدُّولية والقيم والأعراف الإنسانية. وهذا الحق يشمل المقاومة بكل أشكالها - وفي مقدمتها الكفاح المسلح - وبكل الوسائل التي تتمكن فصائل المقاومة الفلسطينية من استخدامها، خاصةً في ظل اختلال موازين القوى لمصلحة العدو الصهيوني المتسلح بأحدث أسلحة الفتك والدمار والقتل.
و صرح : لقد أثبتت التجارب - التي شكلت دليلاً قطعياً لا يدع مجالاً للشك والإرتياب على امتداد مسيرة الصراع والمواجهة بين أمتنا وبين الكيان الصهيوني منذ اغتصابه لفلسطين وحتى يومنا هذا - أهمية وجدوى خيار المقاومة الجهادية والكفاح المسلح في مواجهة العدوان وتحرير الأرض واستعادة الحقوق وتحقيق توازن الرعب وسد فجوة التفوق الإستراتيجي عبر المعادلات التي فرضتها المقاومة بإمكانياتها المتاحة وإرادتها وعزيمتها في ميدان المواجهة، وخير شاهد ودليل على ذلك ما حققته المقاومة في لبنان من انتصارات متتالية، وما راكمته من إنجازات ميدانية وعسكرية ومعنوية على امتداد تجربتها الجهادية، لا سيما عبر إرغام الصهاينة على الإنسحاب الإسرائيلي الكبير في أيار العام 2000 من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة، أو عبر الفشل المدوي للجيش الصهيوني في عدوان تموز العام 2006، والذي حققت فيه المقاومة انتصاراً إلهياً وتاريخياً واستراتيجياً غيّر معادلة الصراع بشكل جذري، وألحق أول هزيمة بهذا المستوى بالعدو الإسرائيلي، وأسقط أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
والدليل الآخر على ذلك هو ما حققته المقاومة في فلسطين من إنجازات متواصلة عبر تجربة الثورة الفلسطينية وخيار الكفاح المسلح الذي انتهجته، وعبر انتفاضة الحجارة الأولى وانتفاضة الأقصى الثانية، وصولاً إلى الإندحار القهري للجيش الإسرائيلي عبر الإنسحاب الكامل من قطاع غزة في العام 2005 بلا قيد أو شرط وبلا تفاوض أو اتفاق، ومن دون تحقيق أي مكسب سياسي أو أمني أو جغرافي، ليكون ذلك أول انتصار ميداني - جغرافي - نوعي بهذا الحجم وهذا المستوى وهذه الدلالة لخيار المقاومة في فلسطين، كونه أولَ انسحاب إسرائيلي إضطراري بفعل المقاومة، ضمن حدود فلسطين التاريخية، والدلالات التي يحملها هذا الأمر بالغة الأهمية في مجرى الصراع بيننا وبين الكيان الصهيوني على الصعيد الإستراتيجي. كما أنّ الصمود الرائع للشعب الفلسطيني المجاهد ومقاومته في غزة في مواجهة العدوان الصهيوني سنة 2008 درس للأجيال وعبرة للغزاة والمعتدين.
و اكد بالقول: فإذا كانت هذه هي جدوى المقاومة في لبنان وفي فلسطين، فماذا كانت جدوى الخيار التفاوضي التسووي؟ وما هي النتائج والمصالح والمكاسب التي حققتها المفاوضات في كل مراحلها وعبر كل الإتفاقات التي أنتجتها؟ أليس المزيد من الغطرسة والتسلط والتعنت الإسرائيلي والمزيد من المكاسب والمصالح والشروط الإسرائيلية؟
إننا إذ نؤكد وقوفنا الدائم والثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، بثوابتها التاريخية والجغرافية والسياسية، نؤكد بشكل قاطع وجازم مساندتنا وتأييدنا ودعمنا لهذا الشعب وحركات المقاومة الفلسطينية ونضالها في مواجهة المشروع الإسرائيلي.
و حول مفاوضات التسوية اوضح السيد نصر الله: كان موقفنا ولا يزال وسيبقى تجاه عملية التسوية وتجاه الإتفاقات التي أنتجها مسار مدريد التفاوضي عبر "اتفاق وادي عربة" وملحقاته و"اتفاق أوسلو" وملحقاته ومن قبلهما "اتفاق كامب ديفيد" وملحقاته، موقفَ الرفض المطلق لأصل ومبدأ خيار التسوية مع الكيان الصهيوني، القائم على أساس الإعتراف بشرعية وجوده، والتنازل له عما اغتصبه من أرض فلسطين العربية والإسلامية. هذا الموقف هو موقف ثابت ودائم ونهائي، غير خاضع للتراجع أو المساومة، حتى لو اعترف العالم كله بـ"إسرائيل" ومن هذا المنطلق ومن موقع الأخوّة والمسؤولية والحرص، فإننا ندعو المسؤولين العرب إلى أن يلتزموا خيارات شعوبهم عبر إعادة النظر بالخيار التفاوضي وإجراء مراجعة لنتائج الإتفاقات الموقَّعة مع العدو الصهيوني، والتخلي الحاسم والنهائي عن عملية التسوية الوهمية الظالمة المسمّاة زوراً وبهتاناً "عملية السلام"، لا سيما وأنّ مَن راهنوا على دور للإدارة الأميركية المتعاقبة كشريك ووسيط نزيه وعادل في هذه العملية، قد عاينوا بما لا يقبل الشك أنها خذلتهم، ومارست عليهم الضغط والإبتزاز، وأظهرت العداء لشعوبهم وقضاياهم ومصالحهم، وانحازت بشكل كامل وسافر إلى جانب حليفها الإستراتيجي الكيان الصهيوني.
وصرح ان الكيان الصهيوني، الذي يتوهمون إمكانية إقامة سلام معه، أظهر لهم في كل مراحل المفاوضات أنه لا يطلب السلام ولا يسعى إليه، وأنه يستخدم المفاوضات لفرض شروطه وتعزيز موقعه وتحقيق مصالحه وكسر حدّة العداء والحاجز النفسي لدى شعوبهم تجاهه، عبر حصوله على تطبيع رسمي وشعبي مجاني ومفتوح، يحقق له التعايش الطبيعي والإندماج في النظام الإقليمي وفرض نفسه كأمر واقعي في المنطقة والقبول به والإعتراف بشرعية وجوده، بعد التخلي له عن الأرض الفلسطينية التي اغتصبها.
ودعا الامين العام لحزب الله لبنان كل العرب والمسلمين على الصعيدين الرسمي والشعبي للعودةَ إلى فلسطين والقدس كقضية مركزية لهم جميعاً، و الالتزام بتحريرها من براثن الاحتلال الصهيوني الغاشم، والقيامَ بما يمليه عليهم واجبُهم الديني والأخوي والإنساني تجاه مقدساتهم في فلسطين وتجاه شعبها المظلوم، وتوفيرَ كل مستلزمات الدعم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتمكينه من مواصلة مقاومته، ورفضَ كل مشاريع التطبيع مع العدو الصهيوني وإسقاطها، والتمسكَ بحق عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم التي أُخرجوا منها، والرفضَ القاطع لكل البدائل المطروحة من توطين أو تعويض أو تهجير، والعملَ الفوري على فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني لا سيما الحصار الشامل لقطاع غزة، وتبنّي قضية أكثر من أحد عشر ألف أسير ومعتقل في السجون الإسرائيلية، ووضعَ الخطط والبرامج العملية لتحريرهم من الأسر.
http://www.alalam.ir/detail.aspx?id=89050

القى الامين الاعم لحزب الله لبنان السيد حسن نصر الله الاثنين خطابا بمناسبة الاعلان عن الوثيقة السياسية للحزب،اكد خلاله ان الادارة الأميركية منحت نفسها حقا مطلقا بشن حروب تدميرية لا تميز بين أحد واضاف لقد بلغت كلفة حروب الارهاب الأميركي حتى الآن الملايين من البشر فضلا عن مظاهر الدمار الشامل التي أصابت مكونات المجتمعات نفسها.
و أقرَّ مؤتمر الحزب العام الوثيقة السياسية منذ أيام، واعلنها السيد نصرالله في مؤتمرٍ صحفيٍ عبر الشاشة بحضور حشد من الشخصيات السياسية والصحفية ورئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم امين السيد ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد.
وقد اكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان وثيقة حزب الله تهدف لتظهير الرؤية السياسية للحزب وتنطوي على ما يراه الحزب من تصورات ومواقف وما تختزنه من آمال وهواجس مشيراً الى انها تأتي نتاج لما خبرناه جيداً.
وقال سماحته خلال قرأته للوثيقة الجديدة: "ففي مرحلة سياسية حافلة بالتحولات لم يعد ممكنا مقاربة تلك التحولات دون ملاحظة مسيرة مقاومتنا، وستتم المقاربة ضمن مسارين الأول مسار المقاومة الذي يستند لانتصارات عسكرية وسياسية وتوسع المقاومة شعبيا وثباتها وصولاً الى قلب موازين القوى والثاني هو مسار التسلط والاستكبار الأميركي-الاسرائيلي الذي يشهد انهزامات واخفاقات عسكرية أظهرت عجزاً في القدرة على التحكم بمسار التطورات والأحداث في عالمنا العربي والاسلامي".
واضاف سماحته قائلاً : "ما يعمق أزمة النظام الاستكباري العالمي هي الانهيارات في الأسواق المالية ودخول الاقتصاد الأميركي في حالة تخبط وعجز ولذلك يمكن القول إننا في سياق تحولات تاريخية تنذر بتراجع أميركا كقوة مهيمنة وتحول نظام القطب الواحد المهيمن وتقف حركات المقاومة في صلب هذه التحولات وتبرز كمعطى استراتيجي بعد أن أدت دوراً مركزياً في انتاج ما يتصل في تلك التحولات في منطقتنا".
وتابع السيد نصرالله: "استمرت المقاومة وكانت المقاومة في لبنان السباقة لمقاومة الاحتلال ومضت في مسيرتها الجهادية وهي على يقين من أحقية قضيتها وقدرتها على صنع الانتصار من خلال التوكل على الله والالتزام بالمصالح الوطنية وإعلاء القيم الانسانية، فعلى مدى مسارها الطويل وعبر انتصاراتها الموصوفة تراكمت حقبات تطور مشروعها من قوة تحرير الى قوة توازن ومواجهة وثم الى قوة ردع ودفاع مضافاً الى دورها السياسي والداخلي كركن مؤثر في بناء الدولة القادرة والعادلة، وارتقت من كونها قيمة وطنية الى كونها قيمة انسانية اسلامية وعربية وأصبحت قيمة يجري دراستها في كل العالم".
و اشار السيد نصرالله الى ان حزب الله لا يستهين بحجم التحديات والمخاطر الماثلة ولا يقلل من وعورة مسار المواجهة وحجم التحديات التي تستوجبها مسيرة المقاومة، وقال: "ألا أنه قد بات أشد وضوحاً في خيارته وأكثر ثقة بشعبه وفي هذا السياق يحدد الخطوط الأساسية التي تشكل إطارا فكريا سياسيا لرؤيته ومواقفه تجاه التحديات".
و جاء في الفصل الاول للوثيقة ان الولايات المتحدة باتت بعد الحرب العالمية الثانية قوة هيمنة عالمية مستفيدة من حصيلة مركبة من الانجازات المتعددة الأوجه والمدعومة بمشروع سياسي اقتصادي لا ينظر الى العالم إلا بوصفها أسواقا محكومة لقوانينها الخاصة، وأخطر ما في هيمنتهم اعتبارهم أنهم يملكون العالم، ولذا باتت الاستراتيجية التوسعية الغربية وخاصة الأميركية استراتيجية عالمية الطابع لا حدود لجشعها،وبالتالي إن تحكم هذه القوى بشبكات الاحتكار العالمية العابرة للقارات والشركات المالية المدعومة بقوة عسكرية أدى الى مزيد من الصراعات التي ليس أقلها صراعات الحضارات.
واضاف : لقد بلغت العولمة حدها الأخطر مع تحولها الى عولمة عسكرية والتي شهدنا تداعياتها في الشرق الأوسط بدءا من أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان موضحا: لم يبلغ مشروع الهيمنة الأميركية مستويات خطرة كما بلغها مؤخراً، وبلغ مسارها التصاعدي ذروته مع امساك المحافظين الجدد بإدارة جورج بوش الإبن، ووجد مشروعهم طريقه الى التنفيذ بعيد استلام بوش ولم يكن غريباً ومفاجئاً أن يكون أكثر ما أكدت عليه وثيقة المحافظين الجدد مسألة إعادة بناء القدرات الأميركية والتي عكست رؤية استراتيجية جديدة للأمن القومي الأميركي عبر بناء استراتيجيات عسكرية ليس باعتبارها قوة ردع فقط بل باعتبارها قوة فعل وتدخل.
و اوضحت الوثيقة: لقد وجدت إدارة بوش بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر أنها أمام فرصة سانحة لممارسة أكبر قدر من التأثير تحت شعار الحرب الكوينة هذا الإرهاب وقامت بمحاولات اعتبرت ناجحة في بدايتها، وفق عسكرة علاقاتها والانفراد باتخاذ القرارات الاستراتيجية وحسم الحرب في أفغانستان للتفرغ بعد ذلك للخطوة التالية وهي الاستيلاء على العراق الذي اعتبر ركيزة اطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد كما عمدت إدارة بوش الى اقامة تطابق بين مقولة الإرهاب ومقولة المقاومة لتنزع عن المقاومة شرعيتها وتبرر خوض الحروب ضدها لإزالة آخر حصون دفاع الشعوب عن حقها بالعيش بكرامة وعن حقها بالسيادة الوطنية وآخذ أدوارها لبناء تاريخها الانساني.
واردف السيد نصرالله في قراءة الوثيقة السياسية لحزب الل قائلا: لقد "منحت الادراة الأميركية نفسها حقاً مطلقاً بشن حروب تدميرية لا تميز بين أحد وبلغت كلفة حروب الارهاب الأميركي حتى الآن الملايين من البشر فضلاً عن مظاهر الدمار الشامل التي أصابت مكونات المجتمعات نفسها حيث جرى تفكيكها وعكس مسار تطورها عبر إعادة انتاج صراعات مذهبية وطائفية إضافة الى استنزاف مخزون الحضارة عند هذه الشعوب، لقد حولت ادارة بوش الولايات المتحدة الى خطر يهدد العالم بأسره، اخفاق الحرب على العراق وتطور المقاومة والامتعاض من نتائج هذه الحرب وفشل الحرب على الارهاب خاصة في أفغانستان وكذلك الفشل الذريع للحرب الأميركية على المقاومة في فلسطين ولبنان بأدوات اسرائيلية الى تراجع استراتيجي في قدرة الولايات المتحدة على الفعل وهذا لا يعني أنها ستخلي الساحة بل ستقوم بكل ما يلزم لحماية ما تسميه مصالحها الاستراتيجية.
ثانياً: منطقتنا والمشروع الأميركي، عالمنا العربي والاسلامي ينال القسط الأكبر من الهيمنة الأميركية وهو منذ قرون عرضة لحروب وحشية مراحلها الأكثر تقدماً زرع اسرائيل في المنطقة وبلغت ذروة هذه المرحلة الاستعمارية مع وراثة أميركا للاستعمار في المنطقة، هدف الولايات المتحدة السيطرة على شعوبنا بكل أشكالها ونهب ثرواتها وخاصة الثروة النفطية للتحكم باقتصاد العالم وقد اعتمدت أميركا لتحقيق هدفها سياسات عامة أبرزها توفي كل الضمان للكيان الصهيوني ودعمه بكل عوامل القوة والاستمرار وتوفير شبكة امان لوجوده ما يؤهله للعب دور الغدة السرطانية، تقويض الإمكانات الروحية والحضارية والثقافية لشعوبنا والعمل على إضعاف روحها المعنوية، دعم أنظمة التبعية والاستبداد في المنطقة، الامساك بالمواقع الاستراتيجية في المنطقة ونشر القواعد العسكرية، منع قيام أي نهضة في المنطقة تسمح بامتلاك أسباب القوة والتقدم، زرع الفتن والانقسامات على أنواعها.
و اضاف: لا مجال اليوم لقراءة أي صراع في أي منطقة في العلم إلا من منظار استراتيجي عالمي، فالخطر الأميركي عالمي وجبهة المواجهة يجب أن تكون عالمية، وهذه المعركة ذات مدى تاريخي وهي معركة أجيال وتستلزم الاستفادة من كل قوة ممكنة وقد علمتنا تجاربتا أن الصعوبة لا تعني الاستحالة بل قيادة حكيمة مستعدة تصنع النصر تلو النصر. لم يترك الاستكبار الأميركي لأمتنا وشعوبنا من خيار إلا المقاومة من أجل حياة أفضو ومستقبل بشري وانساني أفضل مستقبل يسوده السلام والوئام.
ولدى قراءة الفصل الثاني للوثيقة الذي خص لبنان قال ان لبنان هو وطننا ووطن الآباء والأجداد كما هو وطن كل الأجيال الآتية وقدمنا من أجل سيادته وتحرير أرضه أغلى التضحيات والشهداء ونريده لكل اللبنانيين على حد سواء ونريده واحداً موحداً ونرفض أي شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة الصريحة أو المقنعة ونريده قوياً فاعلاً حاضراً في معادلات المنطقة مساهما في صنع الحاضر والمستقبل كما كان حاضراً في صنع التاريخ ومن أهم الشروط لقيام مثل هذا الوطن دولة عادلة وقوية وهذا ما ينشده كل اللبنانيين.
و في معرض اشارته الى العدو الاسرائيلي و تهديداته ضد لبنان قال السيد حسن نصر الله: ان اسرائيل تشكل تهديدا دائما للبنان لجهة أطماعها التاريخية بأرضه ومياهه ولما هو وطن نقيض لعنصرية الكيان الصهيوني فضلاً عن ذلك فوجود لبنان على حدود فلسطين المحتلة حتّم عليه تحمل مسؤوليات قومية ووطنية.
و اكد: ان تهديد لبنان بدأ منذ وجود هذا الكيان الصهيوني الذي باشر عدوانه منذ عام 1948 في سنوات طويلة من الاعتداءات كمقدمة للسيطرة على الأرض وصولاً الى اجتياح 1978 تمهيداً لاجتياح الوطن كله عام 1982، كل ذلك بدعم كامل من الولايات المتحدة وتجاهل متواطئ للمؤسسات الدولية وصمت عربي وغياب للسلطة اللبنانية التي لم تتحمل واجباتها الوطنية.
اردف قائلا: وفي ظل هذه المأساة لم يجد اللبنانيون سوى استخدام حقهم والانطلاق من واجبهم الوطني والأخلاقي والديني في الدفاع عن أرضهم فكان خيارهم إطلاق مقاومة مسلحة لمواجهة العدوان الصهيوني في تلك اللحظة بدأت مسيرة استعادة الوطن لتحرير الأرض كمقدمة لاستعادة الدولة وبناء مؤسساتها والأهم من ذلك إعادة تأسيس القيم الوطنية وفي طليعتها السيادة والكرامة ما أعطى لقيمة الحرية بعدها فلم تبقى مجرد شعار بل كرستها المقاومة بتحرير الأرض والانسان فأعادت المقاومة الاعتبار للبنان كبلد يفرض احترامه ويفتخر أبنائه بالانتماء اليه.
و اكد: تحقق انجاز المقاومة بمؤازرة شعب وفي وجيش وطني وأحبطت أهداف العدو وأوقعت فيه هزيمة تاريخية لتخرج المقاومة بانتصار أسس لعنوان محورية المقاومة دوراً محورياً لردع العدو والدفاع عن الشعب واستكمال تحرير الأرض، وهذا الدور دائم ما دامت أطماع العدو واحتلاله قائمان.
و صرحت الوثيقة : انه في ظل الخلل في موازين القوى فالتهديد الاسرائيلي يفرض على لبنان تكريس صيغة دفاعية تقوم على المزاوجة بين مقاومة شعبية تساهم في الدفاع عن الوطن وجيش وطني يحمي أمن الوطن ويثبت استقراره في عملية تكامل، هذه الصيغة التي توضع ضمن استراتيجية دفاعية تشكل مظلة حماية للبنان في ظل فشل المظلات الآخرى، وفي هذا الإطار فإن اللبنانيين بقواهم السياسية وشرائحهم الاجتماعية معنيون بالحفاظ على صيغة المقاومة والانخراط فيها لأن الخطر الاسرائيلي يتهدد لبنان وهذا ما يتطلب أوسع مشاركة في مقاومته.
و اضاف السيد نصرالله ان استمرار الخطر على لبنان يفرض على المقاومة السعي الدؤوب لتعزيز قوتها وإمكاناتها للمساهمة في استكمال مهمة تحرير ما تبقى من أرضنا تحت الاحتلال واستنقاذ من بقي من أسرى ومفقودين وأجساد شهداء والمشاركة في وظيفة الدفاع.
وفيما يتعلق بالدولة والنظام السياسي قال: ان الطائفية السياسية هي التي تمنع تطور النظام السياسي اللبناني وتقف عائقاً أمام تشكيل ديمقراطية يمكن أن تحكم فيها أكثرية وتعارض الأقلية وتطبيق تداول للسلطة والشرط الأساس لتطبيق هذه الديمقراطية هو الغاء الطائفية السياسية والى أن يتمكن اللبنانيون ومن خلال حوارهم الوطني من تحقيق هذا الانجاز التاريخي والحساس، وطالما أن النظام يقوم على أسس طائفية تبقى الديمقراطية التوافقية أساس الحكم في لبنان ومن هنا فإن أي مقاربة للحكم وفق معادلة الأكثرية والأقلية تبقى رهن تطبيق أسس الديمقراطية الحقيقية يصبح المواطن قيمة بحد ذاته.
و صرح : إن الديمقراطية التوافقية تشكل صيغة ملائمة لمشاركة حقيقية من قبل الجميع وعامل ثقة مطمئن لمكونات الوطن وهي تسهم بشكل كبير في فتح الأبواب للدخول في مر حلة الدولة المطمئنة، تصورنا للدولة التي يجب بنائها في لبنان سوية هي الدولة التي تصون الحريات العامة وتوفر الأجواء لممارستها، الدولة التي تحرص على الوحدة الوطنية الدولة القادرة التي تحمي الأرض والشعب والسيادة والاستقلال ويكون لها جيش ومؤسسات قوية وفاعلة، الدولة القائمة في بنيتها على قاعدة المؤسسات الحديثة والفاعلة، الدولة التي يتوفر فيها تمثيل صحيح من خلال قانون انتخابات عصري يحقق أوسع تتمثيل ممكن، الدولة التي تعتمد على أصحاب الكفاءات العلمية والمهارات وأهل النزاهة بغض النظر عن الطائفية والتي تطهر الادارة من الفساد، الدول التي تتوافر فيها سلطة قضائية عليا مستقلة، الدولة التي تقيم اقتصادها على قاعدة القطاعات المنتجة وخصوصاً الزراعة والصناعة، الدولة التي تطبق الانماء المتوازن بين المناطق، الدولة التي تهتم بمواطنيها وتوفر لهم الخدمات المناسبة، الدولة التي تعتني بالأجيال الشابة والصاعدة، الدولة التي تعزز دور المرأة وتطور مشاركتها في كافة المجالات، الدولة التي تولي الوضع التربوي الأهمية المناسبة خصوصا الاهتمام بالمدارس.
ًو حول لبنان ووالعلاقات اللبنانية-الفلسطينة جاء في الوثيقة ان ما عاناه الفلسطينيون واللبنانيون جراء اللجوء كان سببه الحقيقي والمباشر الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، كما أن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لم تقتصر على اللجوء إنما أضيفت اليها الاعتداءات وقساوة العيش في المخيمات والحرمان من الحقوق المدنية وعدم قيام الحكومات اللبنانية بواجبها تجاههم، هذا الواقع بات يحكم على السلطات تحمل مسؤوليتها وبناء العلاقات اللبنانية-الفلسطينية على أسس قانونية تراعي المصالح المشتركة، ونحن نرى أن النجاح في هذه المهمة يتحقق من خلال الحوار اللبناني الفلسطيني المباشر، تمكين الفلسطينيين في لبنان من التوافق على اختيار مرجعية موحدة تمثلهم في لبنان، إعطائهم حقوقهم المدنية والاجتماعية في لبنان.
واشار الى العلاقات العربية و لبنان قائلا: ان لبنان محتم عليه الالتزام بالقضايا العربية العادلة وفي قضيتها قضية فلسطين، هناك حاجة شديدة لتجاوز التباينات والخلافات العربية، وليس الانخراط في مشاريع غربية لمواجهة هذه الخلاقات، وتنظيم مدرسة للتعاطي مع القضايا القومية دون تدخل خارجي هو خيار نموذجي وخيار المقاومة يشكل هنا حاجة جوهرية وعاملاً موضوعياً لتصليب الموقف العربي والمواجهة بمعزل عن التسويات، ولا تجد المقاومة غضاضة في تعميم عوائد الاستفادة من خيارها ليطال كافة المواقع العربية ما دامت النتائج تندرج في اطار معادلة إضعاف العدو وفي هذا الإطار سجلتا سوريا موقفاً مميزاً في الصراع مع اسرائيل وسعت لتوحيد الجهود العربية، ونحن نؤكد على ضرورة التمسك بالعلاقات المميزة بين لبنان وسوريا بوصفها حاجة تمليها مصالح الشعبين وندعو الى إزالة كل السلبيات التي شابت العلاقات هذه.
و فيما يتعلق بلبنان والعلاقات الإسلامية جاء في الوثيقة، ان الاحتقان و الطائفية وافتعال الحساسيات المذهبية والصراعات بين القوميات والنزف المسيحي من الشرق العربي، كل ذلك يهدد تماسك مجتمعاتنا وبدل أن يمثل التنوع مصدر غنى تم استخدامه كعامل تمزيق وفرقة، وهذا حصيلة تقاطع لسياسات أميركية غربية مع تصرفات داخلية لا مقبولة، وآخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار يبدو ملحاً ويجب أدراجها كأحد الاهتمامات الأساسية في برامج القوى المؤثرة، ونحن نؤكد على أهمية التعاون بين كافة الدول الاسلامية ويحضها على الاستفادة في تبادل المنافع.
و اضاف السيد نصر الله ان حزب الله يعتبر ايران دولة مركزية في العالم الاسلامي وهي وقفت الى جانب القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وسياسة الجمهورية الاسلامية واضحة في دعم القضية المركزية الأولى وهي القضية الفلسطينية.
و صرح: إن اختلاق التناقض مع ايران من قبل بعض العرب يمثل طعناً بالذات ولا يخدم سوى اسرائيل، إن ايران هذه يجب أن تقابل بإرادة التعاون والأخوة كقوة تزيد دول وشعوب منطقتنا قوة ومناعة، إن العالم الاسلامي يقوى بتحالفاته وتعاون ودولة ونؤكد على ضرورة الاستفادة من نقاط القوة في كل الدول الاسلامية والحذر من الإثارات المذهبية وخاصة بين السنة والشيعة.
وفي قراءته للفصل الثالث للوثيقة قال السيد نصر الله ان الكيان الكيان الصهيوني شكّل ومنذ اغتصابه لفلسطين وتشريد أهلها منها في العام 1948، برعاية ودعم من قوى الهيمنة الدُّولية آنذاك، عدواناً مباشراً وخطراً جِدّياً طالا المنطقة العربية بأكملها، وتهديداً حقيقياً لأمنها واستقرارها ومصالحها، ولم يقتصر أذاه وضرره على الشعب الفلسطيني أو الدول والشعوب المجاورة لفلسطين فحسب، وما الإعتداءات والتوترات والحروب التي شهدتها المنطقة بفعل النزعة والممارسات العدوانية الإسرائيلية إلاّ الدليل والشاهد على مقدار الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني وبالعرب والمسلمين جراء الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبها الغرب عندما أقدم على زرع هذا الكيان الغريب في قلب العالم العربي والإسلامي، ليكون اختراقاً معادياً وموقعاً متقدماً للمشروع الإستكباري الغربي عامةً، وقاعدةً للسيطرة والهيمنة على المنطقة خاصةً.
واضاف :إنّ الحركة الصهيونية هي حركة عنصرية فكراً وممارسةً، وهي نتاج عقلية إستكبارية إستبدادية تسلطية، ومشروعها في أصله وأساسه هو مشروع إستيطاني تهويدي توسعي. كما أنّ الكيان الذي انبثق عنها قام وتمكّن واستمر عبر الإحتلال والعدوان والمجازر والإرهاب، بدعم ورعاية واحتضان من الدول الإستعمارية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، التي ترتبط معه بتحالف إستراتيجي جعلها شريكاً حقيقياً له في كل حروبه ومجازره وممارساته الإرهابية.
واوضح السيد نصرالله : إنّ الصراع الذي نخوضه وتخوضه أمتنا ضد المشروع الصهيوني - الإستعماري في فلسطين إنما هو قيامٌ بواجب الدفاع عن النفس ضد الإحتلال والعدوان والظلم الإسرائيلي - الإستكباري الذي يتهدد وجودنا ويستهدف حقوقنا ومستقبلنا، وهو ليس قائماً على المواجهة الدينية أو العنصرية أو العرقية من جانبنا، وإنْ كان أصحاب هذا المشروع الصهيوني - الإستعماري لم يتورعوا يوماً عن استخدام الدين وتوظيف المشاعر الدينية وسيلةً لتحقيق أهدافهم وغاياتهم. وليس ما ذهب إليه الرئيس الأميركي "بوش" وخَلَفُه "أوباما" وقادة الكيان الصهيوني معهما، من مطالبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين بالإعتراف بيهودية "دولة إسرائيل" إلاّ أوضح دليل على ذلك.
ومضى قائلا: إنّ النتيجة الطبيعية والحتمية أن يعيش هذا الكيان الغاصب المفتعَل مأزقاً وجودياً يؤرِّق قادتَه وداعميه، لكونه مولوداً غير طبيعي وكِياناً غير قابل للحياة والإستمرار ومعرَّضاً للزوال. وهنا تقع المسؤولية التاريخية على عاتق الأمة وشعوبها أن لا تعترف بهذا الكيان مهما كانت الضغوطات والتحديات، وأن تواصل العمل من أجل تحرير كل الأرض المغتصبة واستعادة كل الحقوق المسلوبة مهما طال الزمن وعظمت التضحيات.
وفيما يتعلق بالقدس والمسجد الاقصى قال سماحته : ان العالم بأسره يدرك اليوم مكانة وقداسة مدينة القدس والمسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى هو أُولى القِبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله (صلّى الله عليه وعلى آله وسلَّم)، وملتقى الأنبياء والرسل (عليهم صلوات الله أجمعين)، ولا يُنكِر أحدٌ عظيمَ مكانته لدى المسلمين كمَعْلَمٍ من أكثر المعالم قدسيةً عندهم، وعمقَ علاقته بالإسلام كواحد من أهم الرموز الإسلامية على وجه الأرض و مدينة القدس بما تحتضن من مقدسات إسلامية ومسيحية، تتمتع بمكانة رفيعة لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
و اضاف: إنّ استمرار الإحتلال الإسرائيلي لهذه المدينة المقدسة مع ما يرافق ذلك من خطط ومشاريع تهويدية وطرد أبنائها ومصادرة بيوتهم وممتلكاتهم وإحاطتها بأحياء يهودية وأحزمة وكتل إستيطانية وخنقها بجدار الفصل العنصري، بالإضافة إلى المساعي الأميركية - الإسرائيلية المتواصلة لتكريسها عاصمةً أبديةً للكيان الصهيوني باعتراف دُوليّ، كلها إجراءات عدوانية مرفوضة ومدانة. كما أنّ الإعتداءات الخطيرة المتواصلة والمتكررة على المسجد الأقصى المبارك وما ينفَّذ في نطاقه من حفريات وما يُعَدّ من خطط لتدميره، تشكّل خطراً جدياً وحقيقياً يهدد وجودَه وبقاءه ويُنذر بتداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها.
و اعتبر نصر الله نُصرة القدس وتحريرها والدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته، بانها واجبٌ ديني ومسؤوليةٌ إنسانية وأخلاقية في عنق كل حرّ وشريف من أبناء أمتنا العربية والإسلامية وكل أحرار وشرفاء العالم داعيا العالم الاسلامي والعربي وجميع الدول الحريصة على السلام والإستقرار في العالم، لبذل الجهود والإمكانيات لتحرير القدس من نير الإحتلال الصهيوني، وللمحافظة على هويتها الحقيقية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
و فيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية شدد السيد نصر الله: إنّ الشعب الفلسطيني وهو يخوض معركة الدفاع عن النفس ويكافح لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة في فلسطين بمعناها التاريخي وواقعها الجغرافي إنما يمارس حقاً مشروعاً تُقِرّه وتُوجِبه الرسالات السماوية والقوانين الدُّولية والقيم والأعراف الإنسانية. وهذا الحق يشمل المقاومة بكل أشكالها - وفي مقدمتها الكفاح المسلح - وبكل الوسائل التي تتمكن فصائل المقاومة الفلسطينية من استخدامها، خاصةً في ظل اختلال موازين القوى لمصلحة العدو الصهيوني المتسلح بأحدث أسلحة الفتك والدمار والقتل.
و صرح : لقد أثبتت التجارب - التي شكلت دليلاً قطعياً لا يدع مجالاً للشك والإرتياب على امتداد مسيرة الصراع والمواجهة بين أمتنا وبين الكيان الصهيوني منذ اغتصابه لفلسطين وحتى يومنا هذا - أهمية وجدوى خيار المقاومة الجهادية والكفاح المسلح في مواجهة العدوان وتحرير الأرض واستعادة الحقوق وتحقيق توازن الرعب وسد فجوة التفوق الإستراتيجي عبر المعادلات التي فرضتها المقاومة بإمكانياتها المتاحة وإرادتها وعزيمتها في ميدان المواجهة، وخير شاهد ودليل على ذلك ما حققته المقاومة في لبنان من انتصارات متتالية، وما راكمته من إنجازات ميدانية وعسكرية ومعنوية على امتداد تجربتها الجهادية، لا سيما عبر إرغام الصهاينة على الإنسحاب الإسرائيلي الكبير في أيار العام 2000 من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة، أو عبر الفشل المدوي للجيش الصهيوني في عدوان تموز العام 2006، والذي حققت فيه المقاومة انتصاراً إلهياً وتاريخياً واستراتيجياً غيّر معادلة الصراع بشكل جذري، وألحق أول هزيمة بهذا المستوى بالعدو الإسرائيلي، وأسقط أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
والدليل الآخر على ذلك هو ما حققته المقاومة في فلسطين من إنجازات متواصلة عبر تجربة الثورة الفلسطينية وخيار الكفاح المسلح الذي انتهجته، وعبر انتفاضة الحجارة الأولى وانتفاضة الأقصى الثانية، وصولاً إلى الإندحار القهري للجيش الإسرائيلي عبر الإنسحاب الكامل من قطاع غزة في العام 2005 بلا قيد أو شرط وبلا تفاوض أو اتفاق، ومن دون تحقيق أي مكسب سياسي أو أمني أو جغرافي، ليكون ذلك أول انتصار ميداني - جغرافي - نوعي بهذا الحجم وهذا المستوى وهذه الدلالة لخيار المقاومة في فلسطين، كونه أولَ انسحاب إسرائيلي إضطراري بفعل المقاومة، ضمن حدود فلسطين التاريخية، والدلالات التي يحملها هذا الأمر بالغة الأهمية في مجرى الصراع بيننا وبين الكيان الصهيوني على الصعيد الإستراتيجي. كما أنّ الصمود الرائع للشعب الفلسطيني المجاهد ومقاومته في غزة في مواجهة العدوان الصهيوني سنة 2008 درس للأجيال وعبرة للغزاة والمعتدين.
و اكد بالقول: فإذا كانت هذه هي جدوى المقاومة في لبنان وفي فلسطين، فماذا كانت جدوى الخيار التفاوضي التسووي؟ وما هي النتائج والمصالح والمكاسب التي حققتها المفاوضات في كل مراحلها وعبر كل الإتفاقات التي أنتجتها؟ أليس المزيد من الغطرسة والتسلط والتعنت الإسرائيلي والمزيد من المكاسب والمصالح والشروط الإسرائيلية؟
إننا إذ نؤكد وقوفنا الدائم والثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، بثوابتها التاريخية والجغرافية والسياسية، نؤكد بشكل قاطع وجازم مساندتنا وتأييدنا ودعمنا لهذا الشعب وحركات المقاومة الفلسطينية ونضالها في مواجهة المشروع الإسرائيلي.
و حول مفاوضات التسوية اوضح السيد نصر الله: كان موقفنا ولا يزال وسيبقى تجاه عملية التسوية وتجاه الإتفاقات التي أنتجها مسار مدريد التفاوضي عبر "اتفاق وادي عربة" وملحقاته و"اتفاق أوسلو" وملحقاته ومن قبلهما "اتفاق كامب ديفيد" وملحقاته، موقفَ الرفض المطلق لأصل ومبدأ خيار التسوية مع الكيان الصهيوني، القائم على أساس الإعتراف بشرعية وجوده، والتنازل له عما اغتصبه من أرض فلسطين العربية والإسلامية. هذا الموقف هو موقف ثابت ودائم ونهائي، غير خاضع للتراجع أو المساومة، حتى لو اعترف العالم كله بـ"إسرائيل" ومن هذا المنطلق ومن موقع الأخوّة والمسؤولية والحرص، فإننا ندعو المسؤولين العرب إلى أن يلتزموا خيارات شعوبهم عبر إعادة النظر بالخيار التفاوضي وإجراء مراجعة لنتائج الإتفاقات الموقَّعة مع العدو الصهيوني، والتخلي الحاسم والنهائي عن عملية التسوية الوهمية الظالمة المسمّاة زوراً وبهتاناً "عملية السلام"، لا سيما وأنّ مَن راهنوا على دور للإدارة الأميركية المتعاقبة كشريك ووسيط نزيه وعادل في هذه العملية، قد عاينوا بما لا يقبل الشك أنها خذلتهم، ومارست عليهم الضغط والإبتزاز، وأظهرت العداء لشعوبهم وقضاياهم ومصالحهم، وانحازت بشكل كامل وسافر إلى جانب حليفها الإستراتيجي الكيان الصهيوني.
وصرح ان الكيان الصهيوني، الذي يتوهمون إمكانية إقامة سلام معه، أظهر لهم في كل مراحل المفاوضات أنه لا يطلب السلام ولا يسعى إليه، وأنه يستخدم المفاوضات لفرض شروطه وتعزيز موقعه وتحقيق مصالحه وكسر حدّة العداء والحاجز النفسي لدى شعوبهم تجاهه، عبر حصوله على تطبيع رسمي وشعبي مجاني ومفتوح، يحقق له التعايش الطبيعي والإندماج في النظام الإقليمي وفرض نفسه كأمر واقعي في المنطقة والقبول به والإعتراف بشرعية وجوده، بعد التخلي له عن الأرض الفلسطينية التي اغتصبها.
ودعا الامين العام لحزب الله لبنان كل العرب والمسلمين على الصعيدين الرسمي والشعبي للعودةَ إلى فلسطين والقدس كقضية مركزية لهم جميعاً، و الالتزام بتحريرها من براثن الاحتلال الصهيوني الغاشم، والقيامَ بما يمليه عليهم واجبُهم الديني والأخوي والإنساني تجاه مقدساتهم في فلسطين وتجاه شعبها المظلوم، وتوفيرَ كل مستلزمات الدعم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتمكينه من مواصلة مقاومته، ورفضَ كل مشاريع التطبيع مع العدو الصهيوني وإسقاطها، والتمسكَ بحق عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم التي أُخرجوا منها، والرفضَ القاطع لكل البدائل المطروحة من توطين أو تعويض أو تهجير، والعملَ الفوري على فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني لا سيما الحصار الشامل لقطاع غزة، وتبنّي قضية أكثر من أحد عشر ألف أسير ومعتقل في السجون الإسرائيلية، ووضعَ الخطط والبرامج العملية لتحريرهم من الأسر.
http://www.alalam.ir/detail.aspx?id=89050