إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

عطاء الشعائر الحسينية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عطاء الشعائر الحسينية

    عطاء الشعائر الحسينية
    في كتاب الإمام المحسن الأمين العاملي (قدس سره)
    إقناع اللائم
    على إقامة المآتم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (في الإشارة إلى ما في هذه المآتم من الفوائد الدينية والدنيوية).
    (التي اعترف بها كافة العقلاء إلا من أعماه الهوى والغرض).
    ولذلك اتفق العقلاء كافة على تجديد الذكرى لعظمائهم في كل عام والاهتمام بها على قدر عظم الشخص الذي تعمل لأجله.
    وأي عظيم في أي أمة قام بمثل ما قام به الحسين بن علي (عليه السلام) من الأعمال العظيمة لإقامة الحق وإماتة الباطل وهدم ما أسسه الظالمون لهدم الدين الإسلامي وقاوم الظلم والاستبداد بأقوى الوسائل فلو أنصف جميع المسلمين ما تعدوا خطة الشيعة في هذه المآتم التي اعترف بعظيم فوائدها عقلاء الأمم ومفكروهم كما ستعرف عند نقل كلام: (جوزيف) الفرنسي (وماربين) الألماني.
    ونحن نشير إلى جملة من فوائد هذه المآتم التي نقيمها هي في غاية الظهور والبداهة لمن تأمل وأنصف إذا روعيت شروطها وأقيمت على أصولها:
    (الأول): مواساة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته فإنه حزين لقتل ولده بلا ريب، وقد دلت عليه جملة من الأحاديث تقدمت في محالها وأي أمر أهم وأوجب وأعظم فائدة من مواساته (صلى الله عليه وآله)؟ وهل يمكن أن يكون المرء صادقاً في دعوى حبه للنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وهو لا يحزن لحزنهم ولا يفرح لفرحهم أو يتخذ يوم حزنه (صلى الله عليه وآله) يوم عيد وسرور؟
    (الثاني): أن فيها نصرة للحق وإحياء له وخذلاناً للباطل وإماتةً له وهي الفائدة التي من أجلها أوجب الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلب وباللسان وبالجوارح، فإن لم يكن بالجوارح اقتصر على اللسان والقلب، فإن لم يكن باللسان اقتصر على القلب.
    (الثالث): أن فيها حثاً على وجوب معرفة الفضل والصفات السامية لأهلها وفي ذلك من الحث على وجوب الاقتداء بهم ما لا يخفى.
    (الرابع): أن في تلاوة أخبار هذه الواقعة العظيمة وتذكرها في كل عام فائدة عظيمة هي الفائدة في تدوين التواريخ وحفظها وضبطها.
    (الخامس): أنه لولا إعادة ذكرها في كل عام لنسيت وآل أمرها إلى الاضمحلال، ولوجد أهل الأغراض وسيلة إلى إنكارها وإنكار فظائعها، وقد وقع ذلك في عصرنا فقام بعض من يريد التنويه بشأن بني أمية ويتعصب لهم وينفي عن يزيد قتل الحسين (عليه السلام) ويقول: أنه وقع بغير أمره وبغير رأيه، ويودع ذلك مؤلفاته، ويقوم به خطيباً على المنابر فذكرنا بذلك قول ابن منبر في رائيته المشهورة:
    وأقول:
    أن يزيــــــــــــد مــا***شرب الخمور ولا فجر
    ولجيشه بالكف عن***ابناء فاطمــــــــة أمـــر
    وله مع البيت الحـرا***م يد تكفـــــر ما غبــــر
    وذكرنا بذلك أيضاً ما وقع مع بعض علماء الشيعة حين قيل له: أن الحسين (عليه السلام) قتل قبل ألف ومئات من السنين فما معنى تجديدكم لذكرى قتله في كل عام؟
    فقال: خفنا أن تنكروا قتله كما أنكرتم بيعة الغدير.
    (السادس): أن فيها تهجيناً للظلم والقسوة حيث أنها تصورها بأقبح صورها، وفي ذلك من الحث على التباعد عنها وبغض الظلم وأهله ما لا يخفى.
    (السابع): أنها ترقق القلوب وتبعث على الرحمة والشفقة والانتصار للمظلوم.
    (الثامن): أنها تغرس في النفس حبّ الفضيلة والاعتماد على النفس والشجاعة وعزة النفس وإباء الضيم وعدم الخنوع للظلم ومقاومته بأقصى الجهد بإيراد ما صدر من الحسين (عليه السلام) من اختيار المنية على الدنية وموت العزّ على حياة الذلّ وميتة الكرام على طاعة اللئام وإلى ذلك أشار مصعب بن الزبير بقوله:
    وأن الأولى بالطف من آل هاشم***تأسوا فسّنوا للكرام التأسيا
    (التاسع): أنها مدرسة يسهل فيها التعلم والاستفادة لجميع طبقات الناس فيتعلمون فيها التاريخ والأخلاق والتفسير والخطابة والشعر واللغة وغير ذلك، وتوقف السامع على بليغ الكلام من نظم ونثر زيادة على ما فيها من تهذيب النفوس وغرس الفضيلة فيها لأن ما يتلى فيها لا يخلو غالباً من شيء مما ذكر ويشتغل فيها الخاصة بمذاكرة المسائل العلمية من كل علم والبحث عنها وتبادل الآراء فيها كما هي العادة المألوفة في العراق وغيره.
    (العاشر): إنها نادٍ للوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يجري هذا المجرى ففيها جلب إلى طاعة الله وإبعاد عن معصيته بأحسن الطرق وأنفعها بما يلقى فيها من المواعظ المؤثرة وقضايا الصالحين والزهاد والعباد وغير ذلك.
    (الحادي عشر): أن الاجتماع في تلك المجالس يكون مانعاً عن اجتماع البطالين في المقاهي والمجالس المعلوم حالها، خصوصاً في مثل هذا الزمان فإن الإنسان مدني بالطبع ولابد له من الاجتماع مع أبناء جنسه أما على خير أو على شر، فالاجتماع في هذه المجالس مانع عن الاجتماع في مجالس الشر لا سيما أنها تشتمل على ما يجذب النفوس إليها ويُرغبها فيها.
    (الثاني عشر): إنها جامعة إسلامية دينية تجتمع فيها القلوب على مقصد واحد وترمي إلى هدف واحد في جميع أقطار الأرض وهو مواساة النبي وأهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسلام) في مصابهم وفي ذلك من إعلاء شأنهم والتمسك بحبلهم وجمع القلوب على حبّهم والائتمار بأمرهم والانتهاء عن نهيهم ما لا يخفى.
    (الثالث عشر): أنها مجمع ومؤتمر ديني ودنيوي يتسنى فيه للمجتمعين البحث وتبادل الآراء في شؤونهم وشؤون إخوانهم النائين عنهم الدينية والدنيوية بغير كلفة ولا مشقة.
    (الرابع عشر): أنها نادي تبشير بالدين الإسلامي ومذهب أهل البيت في جميع أنحاء المعمورة بأقوى الوسائل وأنفعها وأسهلها وأبسطها وأشدها تأثيراً في النفوس بما تودعه في قلوب المستمعين من بذل أهل البيت ـ الذين هم رؤساء الدين الإسلامي ـ أنفسهم وأموالهم ودماءهم في نصرة دين الإسلام، وما تشتمل عليه من إظهار محاسن الإسلام ومزاياه وآياته ومعجزاته التي أبانوا عنها بأقوالهم وأفعالهم وشؤونهم وأحوالهم مما لا يدانيه ما تبذل عليه الأموال الطائلة من سائر الأمم وتتحمل لأجله المشاق العظيمة.
    (الخامس عشر): أن فيها عزاء عن كل مصيبة وسلوة عن كل رزية، فإذا رأى الإنسان أن سادات المسلمين، بل سادات الناس وآل بيت المصطفى (صلى الله عليه وآله) جرى عليهم من أنواع الظلم والمصائب ما جرى، هانت عليه كل مصيبة، وفي المثل المشهور من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، وإلى ذلك أشار الشاعر بقوله:
    أنست رزيتكم رزايانا التي***سلفت وهونت الرزايا الآتية
    (السادس عشر): إن فيها حثاً على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، فإذا علم المرء أن سادات المسلمين وأئمتهم وأهل بيت النبوة قد ابتلوا بهذه المصائب في الدنيا فكانت سبباً لعلو درجتهم في الآخرة علم أن الدنيا لو كانت تساوي عند الله تعالى جناح بعوضة لما ابتلى أولياءه فيها بما ابتلاهم، ولما سقى الكافر منها شربة ماء كما جاء في الأثر، وكما أشار إليه الشاعر بقوله:
    لهم جسوم على الرمضاء مهملة***وأنفس في جوار الله يقريها
    كأن قاصدها بالضر نافعهـــــــــا***وإن قاتلها بالسيف محييهـا
    (السابع عشر): أن فيها تأليفاً للقلوب بالتزاور والاجتماع والتحادث والتعاون والتعارف.
    (الثامن عشر): ما فيها من البر والمواساة وإعانة الفقراء والضعفاء بما ينفق فيها من المال والزاد في ثواب الحسين (عليه السلام).
    (التاسع عشر): وهو من أهمها، أن المصلحة التي استشهد الحسين (عليه السلام) من أجلها وفي سبيلها والغاية السامية التي كان يرمي في جهاده واستشهاده إليها وهي: إحياء دين جده (صلى الله عليه وآله) وإظهار فضائح المنافقين تقضي باستمرار هذه المآتم طول الدهر، وإقامة التذكار لها في كل عصر، وإظهارها للخاص والعام تقوية لتلك المصلحة وتثبيتاً لها.
    فلولا قتل الحسين (عليه السلام) لما ظهر للخاص والعام فسق يزيد وكفره وفجوره وقبائح من مهّد له ومكنّه من رقاب المسلمين، وذلك لأن الذين دفعوا أهل البيت عن حقهم ظهروا للناس بمظهر النيابة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتظاهروا بتأييد الدين، فخفي أمرهم على أكثر الناس وبدّلوا من أحكام الشريعة ما شاؤا واتبعهم جل الأمة جهلاً أو رغباً أو رهباً، وأُمّروا على الأمة أعوانهم وأتباعهم، وأقصوا أولياء الله وأبعدوهم وحرموهم وساموهم أنواع الأذى من: القتل والضرب والنفي والصلب، ولعنوا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منابر الإسلام، وكنّوا به عن أخيه وابن عمه، وأظهروا للأمة أنهم هم آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرابته والأحق بمقامه.
    وقد قال أهل الشام لبني العباس: إنهم ما كانوا يعرفون قرابة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا بني أمية، ولو دام الحال على ذلك لأصبح الدين أثراً بعد عين فلما ثار عليهم الحسين (عليه السلام) وأبى أطاعتهم والانقياد لهم قائلاً:
    (إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله).
    وسلّم نفسه وولده وخواص شيعته وأهل بيته للقتل وأطفاله للذبح وعياله ونساءه للسبي وأمواله للنهب ولسان حاله يقول:
    إن كان دين محمدٍ لم يستقم***إلا بقتلي يا سيوف خذيني
    ظهر بذلك ما هم عليه خصومه من الكفر والنفاق بل الخروج عن حدود الإنسانية، وظهرت عداوتهم لله وانتقامهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما صرح بذلك رئيسهم بقوله:
    لست من خندف إن لم أنتقم***من بني أحمد ما كان فعل
    فلم يكتفوا بقتل ولده وسبطه وأهل بيته وأنصاره عطشا حتى قطعوا رأسه ورؤوس أصحابه وداروا بها في البلدان وداسوا جسده الشريف بحوافر الخيل ونهبوا رحله وأحرقوا خيامه، ولم يكتفوا بذلك حتى حملوا عقائل بيت النبوة سبايا على اقتاب المطايا من بلد إلى بلد كأنهن سبايا الترك أو الديلم وأدخلوهن على مجالس الرجال، وقابلوهن بأخشن المقال، وأوقفوهن على درج باب المسجد الجامع بدمشق حيث يقام السبي، ووضعوا الأغلال في عنق (الإمام المعصوم) زين العابدين (عليه الصلاة والسلام) حتى كأنه من أُسارى الكفار العاتين فأظهر الحسين (عليه السلام) بقتله فضائح المنافقين وأسقطهم من قلوب المسلمين.

    ثم نقل الإمام المحسن الأمين (قدس سره) كلام (ماربين) و (جوزف) نقتطف منه ما يلي:
    (فيما ذكره المسيو (ماربين) الألماني والدكتور (جوزف) الفرنسي)
    (في أسرار شهادة الحسين (عليه السلام) وفوائد مآتمه)
    قال المسيو (ماربين) الألماني ذلك الفيلسوف المعروف والحكيم المشهور من أكبر مؤرخي الإفرنج وأعلمهم بالسياسة الإسلامية في رسالته المسماة بالسياسة الإسلامية المبينة على فلسفة الإسلام تحت عنوان:
    (الثورة الكبرى أو السياسة الحسينية)
    مظلومية الحسين كشفت جميع أسرار بني أمية ورفعت الستار عن نواياهم السيئة حتى أنه طال لسان اللوم والشماتة على يزيد من أهل داره وحرمه.
    أنني اعتقد أن صيانة قانون محمد (صلى الله عليه وآله)(1) وترقي المسلمين وظهور رونق الإسلام هو من قتل الحسين (عليه السلام) وحدوث تلك الوقائع.
    إن هذا القسم من الدماغ السياسي والحس الثوري (الذي هو عدم الاستسلام للضيم والظلم وهو عند حكماء السياسة أشرف وأعظم سعادة وأفضل صفة ممدوحة لكل إنسان) قد ظهر في هؤلاء القوم بواسطة إقامتهم مآتم الحسين (عليه السلام) ومادام هذا العمل ملكة لهم لا يقبلون الذل والضيم، ينبغي تدقيق النظر فيما يذكر في المجالس المنعقدة لإقامة عزاء الحسين (عليه السلام) من النكات الدقيقة الباعثة في الإنسان روح الحياة التي يسمعها بعضهم لبعض وفي الحقيقة يعلّمه إياها.
    نحن الأوربيّين بمجرد أن نرى لقوم حركات ظاهرية في مراسمهم الملية أو المذهبية منافية لعاداتنا ننسبها إلى الجنون والتوحش.
    ونحن غافلون عن أننا لو سبرنا غور هذه الأعمال لرأيناها عقلية سياسية كما نشاهد ذلك في هذه الفرقة وهؤلاء القوم(2) بأحسن وجه والذي يجب علينا هو أن ننظر إلى حقائق عوائد كل قوم وإلاّ فإن أهل آسيا أيضاً لا يستحسنون كثيراً من عوائدنا ويعدون بعض حركاتنا منافية للآداب ويسمُونها بعدم التهذيب بل بالوحشية(3).
    وعلاوة على تلك المنافع السياسية التي ذكرناها التي هي طبعا أثر التهيج الطبيعي فإنهم يعتقدون أن لهم في إقامة مأتم الحسين (عليه السلام) درجات عالية في الآخرة.
    ينبغي اقتطاف ثمرات حبّ القومية والوطن من أهالي آسيا تحت ظل المذهب، كما كانت أوربا قبل بضعة قرون.
    ولا يمكن اليوم طلب خدمة من أهالي آسيا كأهالي أوربا باسم الخدمة القومية والوطنية، ولكن يمكن أخذ خدمات منهم تعود ثمراتها على الأُمة والوطن باسم المذهب.
    ولا يرى اليوم من المسلمين البالغين ثلاثمأة مليون من هو حائز على الاستقلال سوى خمسين مليوناً(4).
    فإذا نبذ المسلمون الدين ظهريا وراموا التقدم السياسي باسم القومية فسينالون عوض النفع ضرراً لأن خمسة أسداس المسلمين تحت ضغط ملل أخرى ومضمحلة في أقوام آخرين. فإذا طلبوا التقدم باسم القومية فيكون الحرمان من الحياة السياسية نصيب هذه الخمسة أسداس فلا تشترك مع السدس الباقي ولكنهم إذا راموا التقدم باسم الجامعة الإسلامية فلابد أن تنبعث روح النهضة في جميع آحاد المسلمين.
    وبواسطة الرابطة الروحانية ستنجوا من الاضمحلال جميع الفرق الإسلامية التي هي تحت ضغط أقوام آخرين، وليس لواحدة من الروابط الروحانية التي بين المسلمين اليوم تأثير في نفوسهم كتأثير إقامة مآتم الحسين، فإذا دام انتشار وتعميم إقامة هذه المآتم بين المسلمين مدة قرنين لابد أن تظهر فيهم حياة سياسية جديدة، وأن الاستقلال الباقي للمسلمين اليوم(5) نصف أسبابه هو اتباع هذه النكتة.
    وسنرى اليوم الذي يتقوى فيه سلاطين المسلمين تحت ظل هذه الرابطة، وبهذه الوسيلة سيتحد المسلمون في جميع أنحاء العالم تحت لواء واحد لأنه لا يرى في جميع طبقات الفرق الإسلامية من ينكر ذكر مصائب الحسين وينفر منها بسبب ديني بل للجميع رغبة طبيعية بطور خاص في أداء هذه المراسم المذهبية، ولا يرى في المسلمين المختلفين في العقائد سوى هذه النكتة الاتحادية.
    الحسين (عليه السلام) أشبه الروحانيين بحضرة المسيح ولكن مصائبه كانت أشد وأصعب.
    كما أن أتباع الحسين كانوا أكثر تقدماً من أتباع المسيح في القرون الأولى، فلو أن المسيحيين سلكوا طريقة أتباع الحسين أو أن أتباع الحسين لم تمنعهم من ترقياتهم عقبات من نفس المسلمين لسادات إحدى الديانتين في قرون عديدة جميع المعمور، كما أنه من حين زوال العقبات من طريق أتباع الحسين (عليه السلام) أصبحوا كالسيل المنحدر يحيطون بجميع الملل وسائر الطبقات.
    رأيت في بندر (مارسل) في الفندق شخصاً واحداً عربياً شيعياً من أهل البحرين يقيم المأتم منفرداً جالساً على الكرسي بيده الكتاب يقرأ ويبكي، وكان قد أعد مائدة من الطعام ففرقها على الفقراء، هذه الطائفة تصرف في هذا السبيل الأموال على قسمين:
    فبعضهم يبذلون في كل سنة من أموالهم خاصة في هذا السبيل أو ثلاثة أضعافها، كل واحد من هذه الفرقة بلا استثناء سائر في طريق الدعوة إلى مذهبه وهذه النكتة مستورة عن جميع المسلمين حتى الشيعة أنفسهم فإنهم لا يتصورون هذه الفائدة من عملهم هذا بل قصدهم الثواب الأخروي، ولكن بما أن كل عمل في هذا العالم لابد أن يظهر له بطبيعته أثر فهذا العمل أيضاً يؤثر ثمرات للشيعة.
    ومن المسلم أن المذهب الذي دعاته من خمسين إلى ستين مليوناً لا محالة يترقى على التدريج ترقياً لائقاً بهم حتى أن الرؤساء الروحانية والملوك والوزراء لهذه الفرقة ليسوا بخارجين عن صفة الدعوة.
    إن العدد الكثير الذي يرى اليوم في بلاد الهند من الشيعة هو من تأثير إقامة هذه المآتم.
    فرقة الشيعة حتى في زمان السلاطين الصفوية لم تسع في ترقي مذهبها بقوة السيف، بل ترقت هذا الترقي المحير للعقول بقوة الكلام الذي هو أشد تأثيراً من السيف.
    ترقت اليوم هذه الفرقة في أداء مراسمها المذهبية بدرجة جعلت ثلثي المسلمين يتبعونها في حركاتها، جم غفير من الهنود والفرس وسائر المذاهب أيضاً شاركوهم في أعمالهم، وهذا أمر واضح.
    هذه الفرقة تعلم الشبيه بأقسام مختلفة فتارة في مجالس مخصوصة ومقامات معينة، وحيث أنه في أمثال هذه المجالس المخصوصة والمقامات المعينة يكون اشتراك الفرق الأخرى معهم أقل أوجدوا تمثيلاً بوضع خاص فعملوا الشبيه في الأزقة والأسواق وداروا به بين جميع الفرق وبهذا السبب تتأثر قلوب جميع الفرق منهم ومن غيرهم بذلك الأثر الذي يجب أن يحصل من التمثيل ولم يزل هذا العمل شيئاً فشيئاً يورث توجه العام والخاص إليه حتى أن بعض الفرق الإسلامية الأخرى وبعض الهنود قلدوا الشيعة فيه واشتركوا معهم في ذلك.
    ومن جملة الأمور التي صارت سبباً في ترقي هذه الفرقة وشهرتها في كل مكان هو إراءة أنفسهم بالمرأى الحسن بمعنى: أن هذه الطائفة بواسطة مجالس المآتم وعمل الشبيه واللطم والدوران وحمل الأعلام في مأتم الحسين جلبت إليها قلوب باقي الفرق بالجاه والاعتبار والقوة والشوكة، لأنه من المعلوم أن كل جمعية وجماعة تجلب إليها الأنظار وتوجه إليها الخواطر إلى درجة ما.
    مثلاً: لو كان في مدينة عشرة آلاف نفس متفرقين وكان في محل ألف نفس مجتمعين كانت شوكة الألف وعظمتهم في أنظار الخاص والعام أكثر من العشرة آلاف.
    مضافاً إلى أنه إذا اجتمع ألف نفس انضم إليهم من غيرهم بقدرهم بعضهم للتفرج وبعضهم للصداقة والرفاقة وبعضهم لأغراض خاصة وبهذا الانضمام تتضاعف قوة الألف وشوكتهم في الأنظار.
    لهذا ترى أنه في كل مكان ولو كانت جماعة من الشيعة قليلة يظهر عددها في الأنظار بقدر ما هي عليه مرتين وشوكتها وقوتها بقدر ما هي عليه عشر مرات وأكثر أسباب معروفية هؤلاء القوم وترقيهم هي هذه النكتة.

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة مسلم بن عوسجة
    عطاء الشعائر الحسينية
    في كتاب الإمام المحسن الأمين العاملي (قدس سره)
    إقناع اللائم
    على إقامة المآتم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (في الإشارة إلى ما في هذه المآتم من الفوائد الدينية والدنيوية).
    (التي اعترف بها كافة العقلاء إلا من أعماه الهوى والغرض).
    ولذلك اتفق العقلاء كافة على تجديد الذكرى لعظمائهم في كل عام والاهتمام بها على قدر عظم الشخص الذي تعمل لأجله.
    وأي عظيم في أي أمة قام بمثل ما قام به الحسين بن علي (عليه السلام) من الأعمال العظيمة لإقامة الحق وإماتة الباطل وهدم ما أسسه الظالمون لهدم الدين الإسلامي وقاوم الظلم والاستبداد بأقوى الوسائل فلو أنصف جميع المسلمين ما تعدوا خطة الشيعة في هذه المآتم التي اعترف بعظيم فوائدها عقلاء الأمم ومفكروهم كما ستعرف عند نقل كلام: (جوزيف) الفرنسي (وماربين) الألماني.
    ونحن نشير إلى جملة من فوائد هذه المآتم التي نقيمها هي في غاية الظهور والبداهة لمن تأمل وأنصف إذا روعيت شروطها وأقيمت على أصولها:
    (الأول): مواساة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته فإنه حزين لقتل ولده بلا ريب، وقد دلت عليه جملة من الأحاديث تقدمت في محالها وأي أمر أهم وأوجب وأعظم فائدة من مواساته (صلى الله عليه وآله)؟ وهل يمكن أن يكون المرء صادقاً في دعوى حبه للنبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وهو لا يحزن لحزنهم ولا يفرح لفرحهم أو يتخذ يوم حزنه (صلى الله عليه وآله) يوم عيد وسرور؟
    (الثاني): أن فيها نصرة للحق وإحياء له وخذلاناً للباطل وإماتةً له وهي الفائدة التي من أجلها أوجب الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلب وباللسان وبالجوارح، فإن لم يكن بالجوارح اقتصر على اللسان والقلب، فإن لم يكن باللسان اقتصر على القلب.
    (الثالث): أن فيها حثاً على وجوب معرفة الفضل والصفات السامية لأهلها وفي ذلك من الحث على وجوب الاقتداء بهم ما لا يخفى.
    (الرابع): أن في تلاوة أخبار هذه الواقعة العظيمة وتذكرها في كل عام فائدة عظيمة هي الفائدة في تدوين التواريخ وحفظها وضبطها.
    (الخامس): أنه لولا إعادة ذكرها في كل عام لنسيت وآل أمرها إلى الاضمحلال، ولوجد أهل الأغراض وسيلة إلى إنكارها وإنكار فظائعها، وقد وقع ذلك في عصرنا فقام بعض من يريد التنويه بشأن بني أمية ويتعصب لهم وينفي عن يزيد قتل الحسين (عليه السلام) ويقول: أنه وقع بغير أمره وبغير رأيه، ويودع ذلك مؤلفاته، ويقوم به خطيباً على المنابر فذكرنا بذلك قول ابن منبر في رائيته المشهورة:
    وأقول:
    أن يزيــــــــــــد مــا***شرب الخمور ولا فجر
    ولجيشه بالكف عن***ابناء فاطمــــــــة أمـــر
    وله مع البيت الحـرا***م يد تكفـــــر ما غبــــر
    وذكرنا بذلك أيضاً ما وقع مع بعض علماء الشيعة حين قيل له: أن الحسين (عليه السلام) قتل قبل ألف ومئات من السنين فما معنى تجديدكم لذكرى قتله في كل عام؟
    فقال: خفنا أن تنكروا قتله كما أنكرتم بيعة الغدير.
    (السادس): أن فيها تهجيناً للظلم والقسوة حيث أنها تصورها بأقبح صورها، وفي ذلك من الحث على التباعد عنها وبغض الظلم وأهله ما لا يخفى.
    (السابع): أنها ترقق القلوب وتبعث على الرحمة والشفقة والانتصار للمظلوم.
    (الثامن): أنها تغرس في النفس حبّ الفضيلة والاعتماد على النفس والشجاعة وعزة النفس وإباء الضيم وعدم الخنوع للظلم ومقاومته بأقصى الجهد بإيراد ما صدر من الحسين (عليه السلام) من اختيار المنية على الدنية وموت العزّ على حياة الذلّ وميتة الكرام على طاعة اللئام وإلى ذلك أشار مصعب بن الزبير بقوله:
    وأن الأولى بالطف من آل هاشم***تأسوا فسّنوا للكرام التأسيا
    (التاسع): أنها مدرسة يسهل فيها التعلم والاستفادة لجميع طبقات الناس فيتعلمون فيها التاريخ والأخلاق والتفسير والخطابة والشعر واللغة وغير ذلك، وتوقف السامع على بليغ الكلام من نظم ونثر زيادة على ما فيها من تهذيب النفوس وغرس الفضيلة فيها لأن ما يتلى فيها لا يخلو غالباً من شيء مما ذكر ويشتغل فيها الخاصة بمذاكرة المسائل العلمية من كل علم والبحث عنها وتبادل الآراء فيها كما هي العادة المألوفة في العراق وغيره.
    (العاشر): إنها نادٍ للوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يجري هذا المجرى ففيها جلب إلى طاعة الله وإبعاد عن معصيته بأحسن الطرق وأنفعها بما يلقى فيها من المواعظ المؤثرة وقضايا الصالحين والزهاد والعباد وغير ذلك.
    (الحادي عشر): أن الاجتماع في تلك المجالس يكون مانعاً عن اجتماع البطالين في المقاهي والمجالس المعلوم حالها، خصوصاً في مثل هذا الزمان فإن الإنسان مدني بالطبع ولابد له من الاجتماع مع أبناء جنسه أما على خير أو على شر، فالاجتماع في هذه المجالس مانع عن الاجتماع في مجالس الشر لا سيما أنها تشتمل على ما يجذب النفوس إليها ويُرغبها فيها.
    (الثاني عشر): إنها جامعة إسلامية دينية تجتمع فيها القلوب على مقصد واحد وترمي إلى هدف واحد في جميع أقطار الأرض وهو مواساة النبي وأهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسلام) في مصابهم وفي ذلك من إعلاء شأنهم والتمسك بحبلهم وجمع القلوب على حبّهم والائتمار بأمرهم والانتهاء عن نهيهم ما لا يخفى.
    (الثالث عشر): أنها مجمع ومؤتمر ديني ودنيوي يتسنى فيه للمجتمعين البحث وتبادل الآراء في شؤونهم وشؤون إخوانهم النائين عنهم الدينية والدنيوية بغير كلفة ولا مشقة.
    (الرابع عشر): أنها نادي تبشير بالدين الإسلامي ومذهب أهل البيت في جميع أنحاء المعمورة بأقوى الوسائل وأنفعها وأسهلها وأبسطها وأشدها تأثيراً في النفوس بما تودعه في قلوب المستمعين من بذل أهل البيت ـ الذين هم رؤساء الدين الإسلامي ـ أنفسهم وأموالهم ودماءهم في نصرة دين الإسلام، وما تشتمل عليه من إظهار محاسن الإسلام ومزاياه وآياته ومعجزاته التي أبانوا عنها بأقوالهم وأفعالهم وشؤونهم وأحوالهم مما لا يدانيه ما تبذل عليه الأموال الطائلة من سائر الأمم وتتحمل لأجله المشاق العظيمة.
    (الخامس عشر): أن فيها عزاء عن كل مصيبة وسلوة عن كل رزية، فإذا رأى الإنسان أن سادات المسلمين، بل سادات الناس وآل بيت المصطفى (صلى الله عليه وآله) جرى عليهم من أنواع الظلم والمصائب ما جرى، هانت عليه كل مصيبة، وفي المثل المشهور من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، وإلى ذلك أشار الشاعر بقوله:
    أنست رزيتكم رزايانا التي***سلفت وهونت الرزايا الآتية
    (السادس عشر): إن فيها حثاً على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، فإذا علم المرء أن سادات المسلمين وأئمتهم وأهل بيت النبوة قد ابتلوا بهذه المصائب في الدنيا فكانت سبباً لعلو درجتهم في الآخرة علم أن الدنيا لو كانت تساوي عند الله تعالى جناح بعوضة لما ابتلى أولياءه فيها بما ابتلاهم، ولما سقى الكافر منها شربة ماء كما جاء في الأثر، وكما أشار إليه الشاعر بقوله:
    لهم جسوم على الرمضاء مهملة***وأنفس في جوار الله يقريها
    كأن قاصدها بالضر نافعهـــــــــا***وإن قاتلها بالسيف محييهـا
    (السابع عشر): أن فيها تأليفاً للقلوب بالتزاور والاجتماع والتحادث والتعاون والتعارف.
    (الثامن عشر): ما فيها من البر والمواساة وإعانة الفقراء والضعفاء بما ينفق فيها من المال والزاد في ثواب الحسين (عليه السلام).
    (التاسع عشر): وهو من أهمها، أن المصلحة التي استشهد الحسين (عليه السلام) من أجلها وفي سبيلها والغاية السامية التي كان يرمي في جهاده واستشهاده إليها وهي: إحياء دين جده (صلى الله عليه وآله) وإظهار فضائح المنافقين تقضي باستمرار هذه المآتم طول الدهر، وإقامة التذكار لها في كل عصر، وإظهارها للخاص والعام تقوية لتلك المصلحة وتثبيتاً لها.
    فلولا قتل الحسين (عليه السلام) لما ظهر للخاص والعام فسق يزيد وكفره وفجوره وقبائح من مهّد له ومكنّه من رقاب المسلمين، وذلك لأن الذين دفعوا أهل البيت عن حقهم ظهروا للناس بمظهر النيابة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتظاهروا بتأييد الدين، فخفي أمرهم على أكثر الناس وبدّلوا من أحكام الشريعة ما شاؤا واتبعهم جل الأمة جهلاً أو رغباً أو رهباً، وأُمّروا على الأمة أعوانهم وأتباعهم، وأقصوا أولياء الله وأبعدوهم وحرموهم وساموهم أنواع الأذى من: القتل والضرب والنفي والصلب، ولعنوا أمير المؤمنين (عليه السلام) على منابر الإسلام، وكنّوا به عن أخيه وابن عمه، وأظهروا للأمة أنهم هم آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرابته والأحق بمقامه.
    وقد قال أهل الشام لبني العباس: إنهم ما كانوا يعرفون قرابة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا بني أمية، ولو دام الحال على ذلك لأصبح الدين أثراً بعد عين فلما ثار عليهم الحسين (عليه السلام) وأبى أطاعتهم والانقياد لهم قائلاً:
    (إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله).
    وسلّم نفسه وولده وخواص شيعته وأهل بيته للقتل وأطفاله للذبح وعياله ونساءه للسبي وأمواله للنهب ولسان حاله يقول:
    إن كان دين محمدٍ لم يستقم***إلا بقتلي يا سيوف خذيني
    ظهر بذلك ما هم عليه خصومه من الكفر والنفاق بل الخروج عن حدود الإنسانية، وظهرت عداوتهم لله وانتقامهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما صرح بذلك رئيسهم بقوله:
    لست من خندف إن لم أنتقم***من بني أحمد ما كان فعل
    فلم يكتفوا بقتل ولده وسبطه وأهل بيته وأنصاره عطشا حتى قطعوا رأسه ورؤوس أصحابه وداروا بها في البلدان وداسوا جسده الشريف بحوافر الخيل ونهبوا رحله وأحرقوا خيامه، ولم يكتفوا بذلك حتى حملوا عقائل بيت النبوة سبايا على اقتاب المطايا من بلد إلى بلد كأنهن سبايا الترك أو الديلم وأدخلوهن على مجالس الرجال، وقابلوهن بأخشن المقال، وأوقفوهن على درج باب المسجد الجامع بدمشق حيث يقام السبي، ووضعوا الأغلال في عنق (الإمام المعصوم) زين العابدين (عليه الصلاة والسلام) حتى كأنه من أُسارى الكفار العاتين فأظهر الحسين (عليه السلام) بقتله فضائح المنافقين وأسقطهم من قلوب المسلمين.

    ثم نقل الإمام المحسن الأمين (قدس سره) كلام (ماربين) و (جوزف) نقتطف منه ما يلي:
    (فيما ذكره المسيو (ماربين) الألماني والدكتور (جوزف) الفرنسي)
    (في أسرار شهادة الحسين (عليه السلام) وفوائد مآتمه)
    قال المسيو (ماربين) الألماني ذلك الفيلسوف المعروف والحكيم المشهور من أكبر مؤرخي الإفرنج وأعلمهم بالسياسة الإسلامية في رسالته المسماة بالسياسة الإسلامية المبينة على فلسفة الإسلام تحت عنوان:
    (الثورة الكبرى أو السياسة الحسينية)
    مظلومية الحسين كشفت جميع أسرار بني أمية ورفعت الستار عن نواياهم السيئة حتى أنه طال لسان اللوم والشماتة على يزيد من أهل داره وحرمه.
    أنني اعتقد أن صيانة قانون محمد (صلى الله عليه وآله)(1) وترقي المسلمين وظهور رونق الإسلام هو من قتل الحسين (عليه السلام) وحدوث تلك الوقائع.
    إن هذا القسم من الدماغ السياسي والحس الثوري (الذي هو عدم الاستسلام للضيم والظلم وهو عند حكماء السياسة أشرف وأعظم سعادة وأفضل صفة ممدوحة لكل إنسان) قد ظهر في هؤلاء القوم بواسطة إقامتهم مآتم الحسين (عليه السلام) ومادام هذا العمل ملكة لهم لا يقبلون الذل والضيم، ينبغي تدقيق النظر فيما يذكر في المجالس المنعقدة لإقامة عزاء الحسين (عليه السلام) من النكات الدقيقة الباعثة في الإنسان روح الحياة التي يسمعها بعضهم لبعض وفي الحقيقة يعلّمه إياها.
    نحن الأوربيّين بمجرد أن نرى لقوم حركات ظاهرية في مراسمهم الملية أو المذهبية منافية لعاداتنا ننسبها إلى الجنون والتوحش.
    ونحن غافلون عن أننا لو سبرنا غور هذه الأعمال لرأيناها عقلية سياسية كما نشاهد ذلك في هذه الفرقة وهؤلاء القوم(2) بأحسن وجه والذي يجب علينا هو أن ننظر إلى حقائق عوائد كل قوم وإلاّ فإن أهل آسيا أيضاً لا يستحسنون كثيراً من عوائدنا ويعدون بعض حركاتنا منافية للآداب ويسمُونها بعدم التهذيب بل بالوحشية(3).
    وعلاوة على تلك المنافع السياسية التي ذكرناها التي هي طبعا أثر التهيج الطبيعي فإنهم يعتقدون أن لهم في إقامة مأتم الحسين (عليه السلام) درجات عالية في الآخرة.
    ينبغي اقتطاف ثمرات حبّ القومية والوطن من أهالي آسيا تحت ظل المذهب، كما كانت أوربا قبل بضعة قرون.
    ولا يمكن اليوم طلب خدمة من أهالي آسيا كأهالي أوربا باسم الخدمة القومية والوطنية، ولكن يمكن أخذ خدمات منهم تعود ثمراتها على الأُمة والوطن باسم المذهب.
    ولا يرى اليوم من المسلمين البالغين ثلاثمأة مليون من هو حائز على الاستقلال سوى خمسين مليوناً(4).
    فإذا نبذ المسلمون الدين ظهريا وراموا التقدم السياسي باسم القومية فسينالون عوض النفع ضرراً لأن خمسة أسداس المسلمين تحت ضغط ملل أخرى ومضمحلة في أقوام آخرين. فإذا طلبوا التقدم باسم القومية فيكون الحرمان من الحياة السياسية نصيب هذه الخمسة أسداس فلا تشترك مع السدس الباقي ولكنهم إذا راموا التقدم باسم الجامعة الإسلامية فلابد أن تنبعث روح النهضة في جميع آحاد المسلمين.
    وبواسطة الرابطة الروحانية ستنجوا من الاضمحلال جميع الفرق الإسلامية التي هي تحت ضغط أقوام آخرين، وليس لواحدة من الروابط الروحانية التي بين المسلمين اليوم تأثير في نفوسهم كتأثير إقامة مآتم الحسين، فإذا دام انتشار وتعميم إقامة هذه المآتم بين المسلمين مدة قرنين لابد أن تظهر فيهم حياة سياسية جديدة، وأن الاستقلال الباقي للمسلمين اليوم(5) نصف أسبابه هو اتباع هذه النكتة.
    وسنرى اليوم الذي يتقوى فيه سلاطين المسلمين تحت ظل هذه الرابطة، وبهذه الوسيلة سيتحد المسلمون في جميع أنحاء العالم تحت لواء واحد لأنه لا يرى في جميع طبقات الفرق الإسلامية من ينكر ذكر مصائب الحسين وينفر منها بسبب ديني بل للجميع رغبة طبيعية بطور خاص في أداء هذه المراسم المذهبية، ولا يرى في المسلمين المختلفين في العقائد سوى هذه النكتة الاتحادية.
    الحسين (عليه السلام) أشبه الروحانيين بحضرة المسيح ولكن مصائبه كانت أشد وأصعب.
    كما أن أتباع الحسين كانوا أكثر تقدماً من أتباع المسيح في القرون الأولى، فلو أن المسيحيين سلكوا طريقة أتباع الحسين أو أن أتباع الحسين لم تمنعهم من ترقياتهم عقبات من نفس المسلمين لسادات إحدى الديانتين في قرون عديدة جميع المعمور، كما أنه من حين زوال العقبات من طريق أتباع الحسين (عليه السلام) أصبحوا كالسيل المنحدر يحيطون بجميع الملل وسائر الطبقات.
    رأيت في بندر (مارسل) في الفندق شخصاً واحداً عربياً شيعياً من أهل البحرين يقيم المأتم منفرداً جالساً على الكرسي بيده الكتاب يقرأ ويبكي، وكان قد أعد مائدة من الطعام ففرقها على الفقراء، هذه الطائفة تصرف في هذا السبيل الأموال على قسمين:
    فبعضهم يبذلون في كل سنة من أموالهم خاصة في هذا السبيل أو ثلاثة أضعافها، كل واحد من هذه الفرقة بلا استثناء سائر في طريق الدعوة إلى مذهبه وهذه النكتة مستورة عن جميع المسلمين حتى الشيعة أنفسهم فإنهم لا يتصورون هذه الفائدة من عملهم هذا بل قصدهم الثواب الأخروي، ولكن بما أن كل عمل في هذا العالم لابد أن يظهر له بطبيعته أثر فهذا العمل أيضاً يؤثر ثمرات للشيعة.
    ومن المسلم أن المذهب الذي دعاته من خمسين إلى ستين مليوناً لا محالة يترقى على التدريج ترقياً لائقاً بهم حتى أن الرؤساء الروحانية والملوك والوزراء لهذه الفرقة ليسوا بخارجين عن صفة الدعوة.
    إن العدد الكثير الذي يرى اليوم في بلاد الهند من الشيعة هو من تأثير إقامة هذه المآتم.
    فرقة الشيعة حتى في زمان السلاطين الصفوية لم تسع في ترقي مذهبها بقوة السيف، بل ترقت هذا الترقي المحير للعقول بقوة الكلام الذي هو أشد تأثيراً من السيف.
    ترقت اليوم هذه الفرقة في أداء مراسمها المذهبية بدرجة جعلت ثلثي المسلمين يتبعونها في حركاتها، جم غفير من الهنود والفرس وسائر المذاهب أيضاً شاركوهم في أعمالهم، وهذا أمر واضح.
    هذه الفرقة تعلم الشبيه بأقسام مختلفة فتارة في مجالس مخصوصة ومقامات معينة، وحيث أنه في أمثال هذه المجالس المخصوصة والمقامات المعينة يكون اشتراك الفرق الأخرى معهم أقل أوجدوا تمثيلاً بوضع خاص فعملوا الشبيه في الأزقة والأسواق وداروا به بين جميع الفرق وبهذا السبب تتأثر قلوب جميع الفرق منهم ومن غيرهم بذلك الأثر الذي يجب أن يحصل من التمثيل ولم يزل هذا العمل شيئاً فشيئاً يورث توجه العام والخاص إليه حتى أن بعض الفرق الإسلامية الأخرى وبعض الهنود قلدوا الشيعة فيه واشتركوا معهم في ذلك.
    ومن جملة الأمور التي صارت سبباً في ترقي هذه الفرقة وشهرتها في كل مكان هو إراءة أنفسهم بالمرأى الحسن بمعنى: أن هذه الطائفة بواسطة مجالس المآتم وعمل الشبيه واللطم والدوران وحمل الأعلام في مأتم الحسين جلبت إليها قلوب باقي الفرق بالجاه والاعتبار والقوة والشوكة، لأنه من المعلوم أن كل جمعية وجماعة تجلب إليها الأنظار وتوجه إليها الخواطر إلى درجة ما.
    مثلاً: لو كان في مدينة عشرة آلاف نفس متفرقين وكان في محل ألف نفس مجتمعين كانت شوكة الألف وعظمتهم في أنظار الخاص والعام أكثر من العشرة آلاف.
    مضافاً إلى أنه إذا اجتمع ألف نفس انضم إليهم من غيرهم بقدرهم بعضهم للتفرج وبعضهم للصداقة والرفاقة وبعضهم لأغراض خاصة وبهذا الانضمام تتضاعف قوة الألف وشوكتهم في الأنظار.
    لهذا ترى أنه في كل مكان ولو كانت جماعة من الشيعة قليلة يظهر عددها في الأنظار بقدر ما هي عليه مرتين وشوكتها وقوتها بقدر ما هي عليه عشر مرات وأكثر أسباب معروفية هؤلاء القوم وترقيهم هي هذه النكتة.
    اخي الكريم
    شكرا على موضوعك
    احب ان اقول لك حول موضوع نقله اح المستبصرين في مركز الطبع والنشر انصار السنه محمد اليوسفي قال
    انا كنت في اعمل في المطبعه وكنا نطبع الاف الكتب لتظليل الشيعه واذا بعاشور واحد يهدم ما بنيناه وعند بحثه عرف السر هو ان الشيعه حبهم لال النبي عليهم السلام والتفاف الشيعه حول خطبأهم وانهم على حق عرف ان المملكه العربيه كانت تهدر ملاين الريالات حول طبع الكتب لاجل لا شيء والحمد لله الذي جعل مذهب الشيعه يثبت مذهبه من خلال كتب المذاهب غيره

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة امنيت موالي
      اخي الكريم
      شكرا على موضوعك
      احب ان اقول لك حول موضوع نقله اح المستبصرين في مركز الطبع والنشر انصار السنه محمد اليوسفي قال
      انا كنت في اعمل في المطبعه وكنا نطبع الاف الكتب لتظليل الشيعه واذا بعاشور واحد يهدم ما بنيناه وعند بحثه عرف السر هو ان الشيعه حبهم لال النبي عليهم السلام والتفاف الشيعه حول خطبأهم وانهم على حق عرف ان المملكه العربيه كانت تهدر ملاين الريالات حول طبع الكتب لاجل لا شيء والحمد لله الذي جعل مذهب الشيعه يثبت مذهبه من خلال كتب المذاهب غيره
      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      كما تفضلتم اخي الكريم نعم عاشوراء واحد يهدم مليارات وبلايين الدولارات التي تصرفها الحكومات السعودية وغيرها
      واكاد اجزم اخي ان خطبة على المنبر نستمع لها بقلوب واعية خاشعة نستذكر الظلم الذي جرى ويجري على اهل البيت عليهم السلام احسن ما موجود في هذه الدنيا الفانية

      ونقول للمتصيدين في الماء العكر
      لن تستطيعوا ان تزلزلوا ذرة من حبنا لمحمد وآل محمد

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة مسلم بن عوسجة
        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        كما تفضلتم اخي الكريم نعم عاشوراء واحد يهدم مليارات وبلايين الدولارات التي تصرفها الحكومات السعودية وغيرها
        واكاد اجزم اخي ان خطبة على المنبر نستمع لها بقلوب واعية خاشعة نستذكر الظلم الذي جرى ويجري على اهل البيت عليهم السلام احسن ما موجود في هذه الدنيا الفانية

        ونقول للمتصيدين في الماء العكر
        لن تستطيعوا ان تزلزلوا ذرة من حبنا لمحمد وآل محمد
        اخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اخي الكريم هل تعلم لما الطواغية يخشون الصوت الحسيني لانه يهز عروشهم وخير دليل العراق سابقا والسعوديه

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة امنيت موالي
          اخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اخي الكريم هل تعلم لما الطواغية يخشون الصوت الحسيني لانه يهز عروشهم وخير دليل العراق سابقا والسعوديه
          احسنتم اخي الكريم
          وسنظل نهتف لبيك يا حسين باعلى اصواتنا

          تعليق


          • #6
            السلام عليك يا ابا عبدالله ، السلام عليك يابن رسول الله ، السلام عليك يابن امير المؤمنين وابن سيد الوصيين ، السلام عليك يابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور السلام عليك وعلى الارواح التي حلت بفنائك عليكم مني جميعا سلام الله ابدا ما بقيت وبقي الليل والنهار يا ابا عبدالله لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع اهل الاسلام وجلت وعظمت مصيبتك في السماوات على جميع اهل السماوات فلعن الله امة اسست اساس الظلم والجور عليكم اهل البيت ولعن الله امة دفعتكم عن مقامكم وازالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها ولعن الله امة قتلتكم ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم برئت الى الله واليكم منهم ومن اشياعهم واتباعهم واوليائهم يا ابا عبدالله اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم الى يوم القيامة ولعن الله ال زياد وال مروان ولعن الله بني امية قاطبة ولعن الله ابن مرجانة ولعن الله عمر بن سعد ولعن الله شمرا ولعن الله امة اسرجت والجمت وتنقبت لقتالك
            بابي انت وامي لقد عظم مصابي بك فاسال الله الذي اكرم مقامك واكرمني بك ان يرزقني طلب ثارك مع امام منصور من اهل بيت محمد صلى الله عليه واله اللهم اجعلني عندك وجيها بالحسين عليه السلام في الدنيا والاخرة يا ابا عبدالله اني اتقرب الى الله والى رسوله والى امير المؤمنين والى فاطمة والى الحسن واليك بموالاتك وبالبراءة ممن قاتلك ونصب لك الحرب وبالبراءة ممن اسس اساس الظلم والجور عليكم وابرا الى الله والى رسوله ممن اسس اساس ذلك وبنى عليه بنيانه وجرى في ظلمه وجوره عليكم وعلى اشياعكم برئت الى الله واليكم منهم واتقرب الى الله ثم اليكم بموالاتكم وموالاة وليكم وبالبراءة من اعدائكم والناصبين لكم الحرب وبالبراءة من اشياعهم واتباعهم اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم
            فاسال الله الذي اكرمني بمعرفتكم ومعرفة اوليائكم ورزقني البراءة من اعدائكم ان يجعلني معكم في الدنيا والاخرة وان يثبت لي عندكم قدم صدق في الدنيا والاخرة واساله ان يبلغني المقام المحمود لكم عند الله وان يرزقني طلب ثاري مع امام هدى ظاهر ناطق بالحق منكم واسال الله بحقكم وبالشان الذي لكم عنده ان يعطيني بمصابي بكم افضل ما يعطي مصابا بمصيبته مصيبة ما اعظمها واعظم رزيتها في الاسلام وفي جميع السماوات والارض اللهم اجعلني في مقامي هذا ممن تناله منك صلوات ورحمة ومغفرة الله اجعل محياي محيا محمد وال محمد ومماتي ممات محمد وال محمد اللهم ان هذا يوم تبركت به بنو امية وابن اكلة الاكباد اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك صلى الله عليه واله في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك صلى الله عليه واله اللهم العن ابا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية عليهم منك اللعنة ابد الابدين وهذا يوم فرحت به ال زياد وال مروان بقتلهم الحسين صلوات الله عليه اللهم فضاعف عليهم اللعن منك والعذاب الاليم اللهم اني اتقرب اليك في هذا اليوم وفي موقفي هذا وايام حياتي بالبراءة منهم واللعنة عليهم وبالموالاة لنبيك وال نبيك عليه وعليهم السلام
            ثم تقول مائة مرة : اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمد واخر تابع له على ذلك اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله اللهم العنهم جميعا .
            ثم تقول مائة مرة : السلام عليك يا ابا عبدالله وعلى الارواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله ابدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله اخر العهد مني لزيارتكم السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
            ثم تقول : اللهم خص انت اول ظالم باللعن مني وابدا به اولا ثم اللعن الثاني والثالث والرابع اللهم العن يزيد خامسا والعن عبيد الله بن زياد وابن مرجانة وعمر بن سعد وشمرا وال ابي سفيان وال زياد وال مروان الى يوم القيامة
            ثم تسجد وتقول : اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم الحمدلله على عظيم رزيتي اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين واصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X