إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سبب هجرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) للعراق

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سبب هجرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) للعراق

    سبب هجرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) للعراق

    رغم أنَّ الدافع الظاهري لهجرة الإمام ( عليه السلام ) إلى العراق كانت رسائل أهل الكوفة ورُسلهم ، حتى أنَّ الإمام ( عليه السلام ) احتجَّ بها عندما واجه الحُرُّ بن يزيد الرياحي وعمر بن سعد ، عندما سألاه عن سِرِّ مجيئه إلى العراق فقال ( عليه السلام ) : ( كَتَبَ إليَّ أهلُ مِصرِكُم هَذا أنْ أقْدِمَ ) .
    إلاَّ أنَّ السرَّ الحقيقي لهجرته ( عليه السلام ) رغم إدراكه الواضح لما سيترتب عليها من نتائج خطرة ستودي بحياته الشريفة ، وهو ما وطَّن نفسه ( عليه السلام ) عليه .
    ويمكن إدراكه من خلال الاستقراء الشامل لمسيرة حياته ( عليه السلام ) ، وكيفيَّة تعامله مع مُجرَيات الأحداث .
    إذ أنَّ الأمر الذي لا مَناصَ من الذهاب إليه هو إدراك الإمام ( عليه السلام ) ما يشكِّله الإذعان والتسليم لتولِّي يزيد بن معاوية خلافة المسلمين ، رغم ما عُرِف عنه من تَهتُّك ، ومجون ، وانحراف واضح عن أبسط المعايير الإسلامية .
    وفي هذا مؤشِّر خطر عن عِظم الانحراف الذي أصاب مفهوم الخلافة الإسلاميَّة ، وابتعادها الرهيب عن مضمونها الشرعي .
    ومن هنا فكان لابُدَّ من وقفة شجاعة تعيد للأمَّة جانباً من وعيها المُضاع ، وإرادتها المسلوبة ، حيث أن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قد أعلنها صَراحة لمَّا طالبه مروان بن الحكم بالبيعة ليزيد ، فقال ( عليه السلام ) : ( فَعَلى الإسلامُ السَّلام إذا بُلِيَت الأمَّة بِراعٍ مِثل يَزيد ) .
    نعم ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( صِنْفانِ مِن أمَّتي إذا صَلُحا صَلُحَتْ أمَّتي ، وإذا فَسدا فَسَدَتْ أمَّتي ) .
    قيل : يا رسول الله ومن هما ؟
    فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( الفُقهَاء والأُمَراء ) .
    فإذا كان صَلاحُ الأمَّة وفسادها رَهْن صَلاح الخلافة وفسادها ، فقيادَة مثل يزيد لا تزيد الأمر إلا عَبَثاً وفساداً .
    فإنَّ القيادة الإسلامية تتحقَّق بالتنصيص أو بالشورى ، ويزيد لَمْ يملك السلطة لا بتنصيصٍ من الله سبحانه ، ولا بشورىً من الأمَّة .
    وهذا ما أدركه المسلمون آنذاك ، حيث كتبوا إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) رسالة جاء فيها : أمَّا بعد ، فالحمد لله الذي قصم عدوَّك الجبار العنيد ، الذي انتزى على هذه الأمَّة ، فابتزَّها أمرَها ، وغصبها فَيئَها ، وتأمَّر عليها بغير رضىً منها ، ثم قتل خِيارَها ، واستبقى شِرارَها .
    ولم يكن الولد – يزيد - فريداً في غَصب حق الأمَّة ، بل سبقه والده مُعاوِية إلى ما هو معروف وليس بخافٍ على أحد .
    وإلى تلك الحقيقة المَمْجوجة يشير الإمام علي ( عليه السلام ) في كتاب له إلى معاوية ، حيث يقول : ( فَقدْ آنَ لَكَ أن تَنتَفع باللَّمح البَاصِر من عيان الأمور ، فَقَد سَلكْتَ مَدارج أسلافِك بادِّعائك الأباطيل ، واقتِحَامك غرور المَيْن والأكاذيب .
    وبانتحالك ما قَدْ علا عَنْك ، وابتزازِكَ لما قد اختزن دونك ، فراراً من الحقّ وجُحوداً ، لِمَا هو ألزم لك من لَحمِك ودمك ، مِمَّا قد وعاه سمعك ، وملئ به صدرك ، فماذا بعدَ الحقِّ إلا الضَّلال المُبين ) .
    هذا ونظائره المذكورة في التاريخ دفع الحسين إلى الثورة ، وتقديم نفسه وأهل بيته قرابين طاهرة ، من أجل نُصرة هذا الدين العظيم .
    مع عِلمه بأنَّه - وِفقاً لِما لديه من الإمكانات المادية - لنْ يستطيعَ أن يواجه دولة كبيرة تمتلك القدرات المادِّيَّة الضخمة ، التي تُمكِّنها من القضاء على أي ثورة فتيَّة .
    نعم ، فإن الإمام الحسين ( عليه السلام ) كان يدرك قَطعاً هذه الحقيقة ، إلاَّ أنه أراد أن يسقي بدمائه الطاهرة المقدَّسة شجرة الإسلام الوارفة ، التي يريد الأمويُّون اقتلاعها من جذورها .
    كما أن الإمام ( عليه السلام ) أراد أن يكسر حاجز الخوف الذي أصاب الأمَّة ، فجعلَها حائرة متردِّدة ، أمام طُغيان الجبابرة وحُكَّام الجور .
    وأن تصبح ثورتُه ( عليه السلام ) مدرسة تتعلَّم منها الأجيال معنى البطولة والتضحية من أجل المبادئ والعقائد ، وكان كل ذلك بعد استشهاد الإمام ( عليه السلام ) ، والتاريخ خير شاهد على ذلك .
    وكان المعروف منذ ولادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أنه سيستشهدُ في العراق ، في أرض كربلاء ، وعَرَف المسلمون ذلك في عصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووصيِّه الإمام علي ( عليه السلام ) ، ولذا فقد كان النَّاس يترقَّبون حدوث تلك الفاجعة .
    كما أنَّ هناك الكثير من القرائن التي تدلُّ بوضوح على حتميَّة استشهاده ( عليه السلام ) .
    ونذكر من تلك القرائن ما يلي :

    الأولى : روى غير واحد من المحدِّثين عن أنس بن الحارث ، الذي استشهد في كربلاء ، أنه قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إنَّ ابني هذا يُقتَلُ بأرضٍ يقال لها ( كربلاء ) ، فمن شَهِد ذلك مِنكُم فَلْينْصُره ) .
    فخرج أنَسَ بن الحارث ، فَقُتِل بها مع الحسين ( عليه السلام ) .
    الثانية : إنَّ أهل الخبرة والسياسة في عصر الإمام كانوا متَّفقين على أن الخروج إلى العراق يشكِّل خطراً كبيراً على حياة الإمام ( عليه السلام ) وأهل بيته ، ولأجل ذلك أخلَصوا له النصيحة ، وأصرُّوا عليه بعدم الخروج .
    ويتمثَّل ذلك في كلام أخيه محمَّد بن الحنفية ، وابن عَمِّه ابن عباس ، ونساء بني عبد المطلب ، ومع ذلك اعتذر لهم الإمام ( عليه السلام ) ، وأفصح عن عَزمه على الخروج .
    الثالثة : لما بلغ عبد الله بن عمر ما عزم عليه الحسين ( عليه السلام ) دخل عليه ولامَهُ في المسير ، ولمَّا رآه مُصرّاً عليه قبَّل ما بين عينيه وبكى ، وقال : أستودِعُكَ الله مِن قَتيل .
    الرابعة : لمَّا خرج الإمام الحسين ( عليه السلام ) من مَكَّة لِقِيَه الفرزدق الشاعر ، فقال له : إلى أين يا ابن رسول الله ؟ ، ما أعجَلَك عن الموسم ؟
    فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( لَو لَمْ أعجلْ لأخذت ) .
    ثم قال ( عليه السلام ) له : ( أخبِرْني عنِ النَّاس خَلفَك ) .
    فقال : الخبيرُ سألت ، قلوبُ النَّاس معك ، وأسيافُهُم عَليك .
    الخامسة : لمَّا أتى إلى الحسين خَبَر قتل مُسلم بن عقيل ، وهانئ بن عروة ، وعبد الله بن يقطر ، قال ( عليه السلام ) لأصحابه : ( لَقَدْ خَذَلَنَا شِيعتُنَا ، فمَنْ أحبَّ منكم الانصراف فَلْينصَرِف ، ليس معه ذمام ) .
    فتفرَّق الناس عنه ، وأخذوا يميناً وشمالاً ، حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ، ونفرٌ يسير مِمَّن انضمُّوا إليه ، ومع ذلكَ فقد واصل ( عليه السلام ) مَسيرُه نحو الكوفة .
    ولمَّا مَرَّ ( عليه السلام ) بِبَطْن العقبة لِقيَهُ شيخ من بني عكرمة ، يُقال له : عُمَر بن لوذان .
    فسأل الإمامَ ( عليه السلام ) : أين تريد ؟
    فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( الكُوفَة ) .
    فقال الشيخ : أنشدُكَ الله لمَّا انصرفت ، فوالله ما تقدم إلا عَلَى الأسِنَّة وحَدِّ السيوف .
    فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( لَيس يخفَى عليَّ الرأي ، وإنَّ اللهَ تعالى لا يُغلَبُ عَلى أمرِه ) .
    وفي نفس النص دلالة على أن الإمام ( عليه السلام ) كان يدرك ما كان يتخوَّفُه غيره ، وأنَّ مصيره لو سار إلى الكوفة هو القتل ، ومع ذلك أكمل ( عليه السلام ) السير ، طلباً للشهادة ، من أجلِ نُصرة الدين ، وردَّ كَيد أعدائه ، وحتى لا تَبقى لأحدٍ حُجَّة يتذرَّع بها لِتبريرِ تَخَاذُله وضعفه .
    وقد كان لشهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أثر كَبير في إيقاظ شعور الأمَّة ، وتشجيعها على الثورة ضِدَّ الحكومة الأمويَّة ، التي أصبحَتْ رمزاً للفساد والانحراف عن الدين .
    ولأجل ذلك توالت الثورات بعد شهادته ( عليه السلام ) من قِبَل المسلمين في العراق والحجاز .
    وهذه الانتفاضات وإن لم تحقِّق هَدفها في وقتها ، ولكنْ كان لها الدور الأساسي في سُقوط الحكومة الأمويَّة بعد مدَّة من الزمن .
    ولقد أجاد من قال : لولا نهضة الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ( رضوان الله عليهم ) يوم الطفِّ لَمَا قامَ للإسلام عَمود ، ولا اخضرَّ له عود ، ولأماته مُعاوية وأتباعه ، ولَدفَنوه في أول عهده في لحده .
    فالمسلمون جميعاً بل الإسلام من ساعة ثورته ( عليه السلام ) إلى قيام الساعة ، رَهين شُكرٍ للإمام ( عليه السلام ) وأصحابه ( رضوان الله عليهم ) .
    بلى ، فلا مُغالاة في قول من قال : إنَّ الإسلامَ مُحمَّديُّ الوجود ، حُسينيُّ البقاءِ والخلودِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X