إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

طومارا طویلا کتبه عمر الی معاویه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طومارا طویلا کتبه عمر الی معاویه



    حدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ مُوسَى التَّلَّعُكْبَرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سِنَانٍ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُوَارِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْكَانَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ:
    لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ وَرَدَ نَعْيُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ وَرَدَ الْأَخْبَارُ بِجَزِّ رَأْسِهِ وَ حَمْلِهِ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَ قَتْلِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ ثَلَاثٍ وَ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ شِيعَتِهِ، وَ قَتْلِ عَلِيٍّ ابْنِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ طِفْلٌ بِنُشَّابَةٍ، وَ سَبْيِ ذَرَارِيِّهِ أُقِيمَتِ الْمَآتِمُ عِنْدَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَ فِي دُورِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ،

    قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ صَارِخاً مِنْ دَارِهِ لَاطِماً وَجْهَهُ شَاقّاً جَيْبَهُ يَقُولُ يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ وَ قُرَيْشٍ وَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ يُسْتَحَلُّ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِي أَهْلِهِ وَ ذُرِّيَّتِهِ وَ أَنْتُمْ أَحْيَاءٌ تُرْزَقُونَ لَا قَرَارَ دُونَ يَزِيدَ، وَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ تَحْتَ لَيْلِهِ، لَا يَرِدُ مَدِينَةً إِلَّا صَرَخَ فِيهَا وَ اسْتَنْفَرَ أَهْلَهَا عَلَى يَزِيدَ، وَ أَخْبَارُهُ يُكْتَبُ بِهَا إِلَى يَزِيدَ، فَلَمْ يَمُرَّ بِمَلَإٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا لَعَنَهُ وَ سَمِعَ كَلَامَهُ، وَ قَالُوا هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ابْنُ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَ هُوَ يُنْكِرُ فِعْلَ يَزِيدَ بِأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ يَسْتَنْفِرُ النَّاسَ عَلَى يَزِيدَ، وَ إِنَّ مَنْ لَمْ يُجِبْهُ لَا دِينَ لَهُ وَ لَا إِسْلَامَ، وَ اضْطَرَبَ الشَّامُ بِمَنْ فِيهِ، وَ وَرَدَ دِمَشْقَ وَ أَتَى بَابَ اللَّعِينِ يَزِيدَ فِي خَلْقٍ مِنَ النَّاسِ يَتْلُونَهُ، فَدَخَلَ آذِنُ‏يَزِيدَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ بِوُرُودِهِ وَ يَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ قُدَّامَهُ وَ وَرَاءَهُ، فَقَالَ يَزِيدُ فَوْرَةٌ مِنْ فَوْرَاتِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَ عَنْ قَلِيلٍ يُفِيقُ مِنْهَا، فَأَذِنَ لَهُ وَحْدَهُ فَدَخَلَ صَارِخاً يَقُولُ لَا أَدْخُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ قَدْ فَعَلْتَ بِأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا لَوْ تَمَكَّنَتِ التُّرْكُ وَ الرُّومُ مَا اسْتَحَلُّوا مَا اسْتَحْلَلْتَ، وَ لَا فَعَلُوا مَا فَعَلْتَ، قُمْ عَنْ هَذَا الْبِسَاطِ حَتَّى يَخْتَارَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، فَرَحَّبَ بِهِ يَزِيدُ وَ تَطَاوَلَ لَهُ وَ ضَمَّهُ إِلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ:

    يَا أَبَا مُحَمَّدٍ اسْكُنْ مِنْ فَوْرَتِكَ، وَ اعْقِلْ، وَ انْظُرْ بِعَيْنِكَ وَ اسْمَعْ بِأُذُنِكَ، مَا تَقُولُ فِي أَبِيكَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَ كَانَ هَادِياً مَهْدِيّاً خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَ نَاصِرَهُ وَ مُصَاهِرَهُ بِأُخْتِكَ حَفْصَةَ، وَ الَّذِي قَالَ لَا يُعْبَدُ اللَّهُ سِرّاً.
    فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ :
    هُوَ كَمَا وَصَفْتَ، فَأَيَّ شَيْ‏ءٍ تَقُولُ فِيهِ.
    قَالَأَبُوكَ قَلَّدَ أَبِي أَمْرَ الشَّامِ أَمْ أَبِي قَلَّدَ أَبَاكَ خِلَافَةَ رَسُولِ اللَّهِ (ص).فَقَالَ أَبِي قَلَّدَ أَبَاكَ الشَّامَ.
    قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍأَ فَتَرْضَى بِهِ وَ بِعَهْدِهِ إِلَى أَبِي أَوْ مَا تَرْضَاهُ.
    قَالَ بَلْ أَرْضَى.
    قَالَ أَ فَتَرْضَى بِأَبِيكَ.
    قَالَ نَعَمْ، فَضَرَبَ يَزِيدُ بِيَدِهِ عَلَى يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ قَالَ لَهُ قُمْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ حَتَّى تَقْرَأَ،
    فَقَامَ مَعَهُ حَتَّى وَرَدَ خِزَانَةً مِنْ خَزَائِنِهِ، فَدَخَلَهَا وَ دَعَا بِصُنْدُوقٍ فَفَتَحَهُ وَ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ تَابُوتاً مُقَفَّلًا مَخْتُوماً فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ طُومَاراً لَطِيفاً فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ، فَأَخَذَ الطُّومَارَ بِيَدِهِ وَ نَشَرَهُ، ثُمَّ قَالَ :
    يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَذَا خَطُّ أَبِيكَ.
    قَالَ إِي وَ اللَّهِ..
    فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ، فَقَرَأَهُ ابْنُ عُمَرَ، فَإِذَا فِيهِ


    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

    إِنَّ الَّذِي أَكْرَهَنَا بِالسَّيْفِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَأَقْرَرْنَا، وَ الصُّدُورُ وَغْرَةٌ، وَ الْأَنْفُسُ وَاجِفَةٌ، وَ النِّيَّاتُ وَ الْبَصَائِرُ شَائِكَةٌ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ جَحْدِنَا مَا دَعَانَا إِلَيْهِ وَ أَطَعْنَاهُ فِيهِ رَفْعاً لِسُيُوفِهِ عَنَّا، وَ تَكَاثُرِهِ بِالْحَيِّ عَلَيْنَا مِنَ الْيَمَنِ، وَ تَعَاضُدِ مَنْ سَمِعَ بِهِ مِمَّنْ تَرَكَ دِينَهُ وَ مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُهُ فِي قُرَيْشٍ، فَبِهُبَلَ أُقْسِمُ وَ الْأَصْنَامِ وَ الْأَوْثَانِ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى مَا جَحَدَهَا عُمَرُ مُذْ عَبَدَهَا وَ لَا عَبَدَ لِلْكَعْبَةِ رَبّاً وَ لَا صَدَّقَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَوْلًا، وَ لَا أَلْقَى السَّلَامَ إِلَّا لِلْحِيلَةِ عَلَيْهِ وَ إِيقَاعِ الْبَطْشِ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ أَتَانَا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ، وَ زَادَ فِي سِحْرِهِ عَلَى سِحْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَ مُوسَى وَ هَارُونَ وَ دَاوُدَ وَ سُلَيْمَانَ وَ ابْنِ أُمِّهِ عِيسَى، وَ لَقَدْ أَتَانَا بِكُلِّ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ السِّحْرِ وَ زَادَ عَلَيْهِمْ مَا لَوْ أَنَّهُمْ شَهِدُوهُ لَأَقَرُّوا لَهُ بِأَنَّهُ سَيِّدُ السَّحَرَةِ، فَخُذْ يَا ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ سُنَّةَقَوْمِكَ وَ اتِّبَاعَ مِلَّتِكَ وَ الْوَفَاءَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُكَ مِنْ جَحْدِ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ الَّتِي يَقُولُونَ إِنَّ لَهَا رَبّاً أَمَرَهُمْ بِإِتْيَانِهَا وَ السَّعْيِ حَوْلَهَا وَ جَعَلَهَا لَهُمْ قِبْلَةً فَأَقَرُّوا بِالصَّلَاةِ وَ الْحَجِّ الَّذِي جَعَلُوهُ رُكْناً، وَ زَعَمُوا أَنَّهُ لِلَّهِ اخْتَلَقُوا، فَكَانَ مِمَّنْ أَعَانَ مُحَمَّداً مِنْهُمْ هَذَا الْفَارِسِيُّ الطمطاني [الطُّمْطُمَانِيُ‏] رُوزْبِهُ، وَ قَالُوا إِنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ، وَ قَوْلُهُمْ قَدْ نَرى‏ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، وَ جَعَلُوا صَلَاتَهُمْ لِلْحِجَارَةِ، فَمَا الَّذِي أَنْكَرَهُ عَلَيْنَا لَوْ لَا سِحْرُهُ مِنْ عِبَادَتِنَا لِلْأَصْنَامِ وَ الْأَوْثَانِ وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى وَ هِيَ مِنَ الْحِجَارَةِ وَ الْخَشَبِ وَ النُّحَاسِ وَ الْفِضَّةِ وَ الذَّهَبِ، لَا وَ اللَّاتِ وَ الْعُزَّى مَا وَجَدْنَا سَبَباً لِلْخُرُوجِ عَمَّا عِنْدَنَا وَ إِنْ سَحَرُوا وَ مَوَّهُوا، فَانْظُرْ بِعَيْنٍ مُبْصِرَةٍ، وَ اسْمَعْ بِأُذُنٍ وَاعِيَةٍ، وَ تَأَمَّلْ بِقَلْبِكَ وَ عَقْلِكَ مَا هُمْ فِيهِ، وَ اشْكُرِاللَّاتَ وَ الْعُزَّى وَ اسْتِخْلَافَ السَّيِّدِ الرَّشِيدِ عَتِيقِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ تَحَكُّمَهُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ وَ شَرِيعَتِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ وَ حَلَالِهِمْ وَ حَرَامِهِمْ، وَ جِبَايَاتِ الْحُقُوقِ الَّتِي زَعَمُوا أَنَّهُمْ‏يَجْبُونَهَا لِرَبِّهِمْ لِيُقِيمُوا بِهَا أَنْصَارَهُمْ وَ أَعْوَانَهُمْ، فَعَاشَ شَدِيداً رَشِيداً يَخْضَعُ جَهْراً وَ يَشْتَدُّ سِرّاً، وَ لَا يَجِدُ حِيلَةً غَيْرَ مُعَاشَرَةِ الْقَوْمِ، وَ لَقَدْ وَثَبْتُ وَثْبَةً عَلَى شِهَابِ بَنِي هَاشِمٍ الثَّاقِبِ، وَ قَرْنِهَا الزَّاهِرِ، وَ عَلَمِهَا النَّاصِرِ، وَ عِدَّتِهَا وَ عُدَدِهَا الْمُسَمَّى بِحَيْدَرَةَ الْمُصَاهِرِ لِمُحَمَّدٍ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي جَعَلُوهَا سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ يُسَمُّونَهَا فَاطِمَةَ، حَتَّى أَتَيْتُ دَارَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ ابْنَيْهِمَا الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ ابْنَتَيْهِمَا زَيْنَبَ وَ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَ الْأَمَةِ الْمَدْعُوَّةِ بِفِضَّةَ، وَ مَعِي خَالِدُ بْنُ وَلِيدٍ وَ قُنْفُذٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ وَ مَنْ صَحِبَ مِنْ خَواصِّنَا، فَقَرَعْتُ الْبَابَ عَلَيْهِمْ قَرْعاً شَدِيداً، فَأَجَابَتْنِي الْأَمَةُ، فَقُلْتُ لَهَا قُولِي لِعَلِيٍّ دَعِ الْأَبَاطِيلَ وَ لَا تَلِجْ نَفْسَكَ إِلَى طَمَعِ الْخِلَافَةِ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ لَكَ، الْأَمْرُ لِمَنِ اخْتَارَهُ الْمُسْلِمُونَ وَ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَ رَبِّاللَّاتِ وَ الْعُزَّى لَوْ كَانَ الْأَمْرُ وَ الرَّأْيُ لِأَبِي بَكْرٍ لَفَشِلَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْ خِلَافَةِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، لَكِنِّي أَبْدَيْتُ لَهَا صَفْحَتِي، وَ أَظْهَرْتُ لَهَا بَصَرِي، وَ قُلْتُ لِلْحَيَّيْنِ نِزَارٍ وَ قَحْطَانَ بَعْدَ أَنْ قُلْتُ لَهُمْ لَيْسَ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِي قُرَيْشٍ، فَأَطِيعُوهُمْ مَا أَطَاعُوا اللَّهَ، وَ إِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مِنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ وُثُوبِهِ وَ اسْتِيثَارِهِ بِالدِّمَاءِ الَّتِي سَفَكَهَا فِي غَزَوَاتِ مُحَمَّدٍ وَ قَضَاءِ دُيُونِهِ، وَ هِيَ ثَمَانُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَ إِنْجَازِ عِدَاتِهِ، وَ جَمْعِ الْقُرْآنِ، فَقَضَاهَا عَلَى تَلِيدِهِ وَ طَارِفِهِ، وَ قَوْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ لَمَّا قُلْتُ إِنَّ الْإِمَامَةَ فِي قُرَيْشٍ قَالُوا هُوَ الْأَصْلَعُ الْبَطِينُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) الْبَيْعَةَ لَهُ عَلَى أَهْلِ مِلَّتِهِ، وَ سَلَّمْنَا لَهُ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ، فَإِنْ كُنْتُمْ نَسِيتُمُوهَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَمَا نَسِينَاهَا وَ لَيْسَتِ الْبَيْعَةُ وَ لَا الْإِمَامَةُ وَ الْخِلَافَةُ وَ الْوَصِيَّةُ إِلَّا حَقّاً مَفْرُوضاً، وَ أَمْراً صَحِيحاً، لَا تَبَرُّعاً وَ لَا ادِّعَاءًفَكَذَّبْنَاهُمْ، وَ أَقَمْتُ أَرْبَعِينَ رَجُلًا شَهِدُوا عَلَى مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِمَامَةَ بِالِاخْتِيَارِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ الْأَنْصَارُ نَحْنُ أَحَقُّ مِنْ قُرَيْشٍ، لِأَنَّا آوَيْنَا وَ نَصَرْنَا وَ هَاجَرَ النَّاسُ إِلَيْنَا، فَإِذَا كَانَ دَفْعُ مَنْ كَانَ الْأَمْرُ لَهُ فَلَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ لَكُمْ دُونَنَا، وَ قَالَ قَوْمٌ مِنَّا أَمِيرٌ وَ مِنْكُمْ أَمِيرٌ. قُلْنَا لَهُمْ قَدْ شَهِدُوا أَرْبَعُونَ رَجُلًا أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَبِلَ قَوْمٌ وَ أَنْكَرَ آخَرُونَ وَ تَنَازَعُوا، فَقُلْتُ وَ الْجَمْعُ يَسْمَعُونَأَلَا أَكْبَرُنَا سِنّاً وَ أَكْثَرُنَا لِيناً. قَالُوا فَمَنْ تَقُولُ. قُلْتُ أَبُو بَكْرٍ الَّذِي قَدَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص) فِي الصَّلَاةِ، وَ جَلَسَ مَعَهُ فِي الْعَرِيشِ يَوْمَ بَدْرٍ يُشَاوِرُهُ وَ يَأْخُذُ بِرَأْيِهِ، وَ كَانَ صَاحِبَهُ فِي الْغَارِ، وَ زَوْجَ ابْنَتِهِ عَائِشَةَ الَّتِي سَمَّاهَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ،
    فَأَقْبَلَ بَنُو هَاشِمٍ يَتَمَيَّزُونَ غَيْظاً، وَ عَاضَدَهُمُ الزُّبَيْرُ وَ سَيْفُهُ مَشْهُورٌ وَ قَالَ لَا يُبَايَعُ إِلَّا عَلِيٌّ أَوْ لَا أَمْلِكُ رَقَبَةَ قَائِمَةِ سَيْفِي هَذَا، فَقُلْتُ يَا زُبَيْرُ صَرَخَتْكَ سَكَنٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، أُمُّكَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ ذَلِكَ وَ اللَّهِ الشَّرَفُ الْبَاذِخُ وَ الْفَخْرُ الْفَاخِرُ، يَا ابْنَ حَنْتَمَةَ وَ يَا ابْنَ صُهَاكَ اسْكُتْ لَا أُمَّ لَكَ، فَقَالَ قَوْلًا فَوَثَبَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا مِمَّنْ حَضَرَ سَقِيفَةَ بَنِي سَاعِدَةَ عَلَى الزُّبَيْرِ، فَوَ اللَّهِ مَا قَدَرْنَا عَلَى أَخْذِ سَيْفِهِ مِنْ يَدِهِ حَتَّى وَسَّدْنَاهُ الْأَرْضَ، وَ لَمْ نَرَ لَهُ عَلَيْنَا نَاصِراً، فَوَثَبْتُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَصَافَحْتُهُ وَ عَاقَدْتُهُ الْبَيْعَةَ وَ تَلَانِي عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَ سَائِرُ مَنْ حَضَرَ غَيْرَ الزُّبَيْرِ، وَ قُلْنَا لَهُ بَايِعْ أَوْ نَقْتُلَكَ، ثُمَّ كَفَفْتُ عَنْهُ النَّاسَ، فَقُلْتُ لَهُ أَمْهِلُوهُ، فَمَا غَضِبَ إِلَّا نَخْوَةً لِبَنِي هَاشِمٍ، وَ أَخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ بِيَدِهِ فَأَقَمْتُهُ وَ هُوَ يَرْتَعِدُ قَدِ اخْتَلَطَ عَقْلُهُ، فَأَزْعَجْتُهُ إِلَى مِنْبَرِ مُحَمَّدٍ إِزْعَاجاً، فَقَالَ لِي يَا أَبَا حَفْصٍ أَخَافُ وَثْبَةَ عَلِيٍّ. فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ عَلِيّاً عَنْكَ مَشْغُولٌ، وَ أَعَانَنِي عَلَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ كَانَ يَمُدُّهُ بِيَدِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَ أَنَا أُزْعِجُهُ مِنْ وَرَائِهِ كَالتَّيْسِ إِلَى شِفَارِ الْجَاذِرِ، مُتَهَوِّناً، فَقَامَ عَلَيْهِ‏مَدْهُوشاً، فَقُلْتُ لَهُ اخْطُبْ فَأُغْلِقَ عَلَيْهِ وَ تَثَبَّتَ فَدَهِشَ، وَ تَلَجْلَجَ وَ غَمَّضَ، فَعَضَضْتُ عَلَى كَفِّي غَيْظاً، وَ قُلْتُ لَهُ قُلْ مَا سَنَحَ لَكَ، فَلَمْ يَأْتِ خَيْراً وَ لَا مَعْرُوفاً، فَأَرَدْتُ أَنْ أُحِطَّهُ عَنِ الْمِنْبَرِ وَ أَقُومَ مَقَامَهُ، فَكَرِهْتُ تَكْذِيبَ النَّاسِ لِي بِمَا قُلْتُ فِيهِ، وَ قَدْ سَأَلَنِي الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ كَيْفَ قُلْتَ مِنْ فَضْلِهِ مَا قُلْتَ مَا الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِي أَبِي بَكْرٍ فَقُلْتُ لَهُمْ قَدْ قُلْتُ سَمِعْتُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ مَا لو وددت [لَوَدِدْتُ‏] أَنِّي شَعْرَةٌ فِي صَدْرِهِ وَ لِي حِكَايَةٌ، فَقُلْتُ قُلْ وَ إِلَّا فَانْزِلْ، فَتَبَيَّنَهَا وَ اللَّهِ فِي وَجْهِي وَ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَرَقِيتُ، وَ قُلْتُ مَا لَا يَهْتَدِي إِلَى قَوْلِهِ،فَقَالَ بِصَوْتٍ ضَعِيفٍ عَلِيلٍ وَلِيتُكُمْ وَ لَسْتُ بِخَيْرِكُمْ وَ عَلِيٌّ فِيكُمْ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ لِي شَيْطَاناً يَعْتَرِينِي وَ مَا أَرَادَ بِهِ سِوَايَ فَإِذَا زَلَلْتُ فَقَوِّمُونِي لَا أَقَعْ فِي شُعُورِكُمْ وَ أَبْشَارِكُمْ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ، وَ نَزَلَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَ أَعْيَنُ النَّاسِ تَرْمُقُهُ وَ غَمَزْتُ يَدَهُ غَمْزاً، ثُمَّ أَجْلَسْتُهُ وَ قَدَّمْتُ النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ وَ صُحْبَتِهِ لِأُرْهِبَهُ، وَ كُلَّ مَنْ يُنْكِرُ بَيْعَتَهُ وَ يَقُولُ
    مَا فَعَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
    فَأَقُولُ:
    خَلَعَهَا مِنْ عُنُقِهِ وَ جَعَلَهَا طَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ قِلَّةَ خِلَافٍ عَلَيْهِمْ فِي اخْتِيَارِهِمْ،
    فَصَارَ جَلِيسَ بَيْتِهِ، فَبَايَعُوا وَ هُمْ كَارِهُونَ، فَلَمَّا فَشَتْ بَيْعَتُهُ عَلِمْنَا أَنَّ عَلِيّاً يَحْمِلُ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ إِلَى دُورِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ يُذَكِّرُهُمْ بَيْعَتَهُ عَلَيْنَا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ،

    وَ يَسْتَنْفِرُهُمْ فَيَعِدُونَهُ النُّصْرَةَ لَيْلًا وَ يَقْعُدُونَ عَنْهُ نَهَاراً، فَأَتَيْتُ دَارَهُ مُسْتَيْشِراً لِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَمَةُ فِضَّةُ وَ قَدْ قُلْتُ لَهَا قُولِي لِعَلِيٍّ يَخْرُجْ إِلَى بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ
    فَقَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَقَالَتْ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (ع) مَشْغُولٌ، فَقُلْتُ خَلِّي عَنْكِ هَذَا وَ قُولِي لَهُ يَخْرُجْ وَ إِلَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَ أَخْرَجْنَاهُ كَرْهاً،

    یدوم بعون الله





  • #2
    التعديل الأخير تم بواسطة etezadi; الساعة 27-12-2009, 03:18 PM.

    تعليق


    • #3
      هَذَا وَ قُولِي لَهُ يَخْرُجْ وَ إِلَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَ أَخْرَجْنَاهُ كَرْهاً،
      فَخَرَجَتْ فَاطِمَةُ فَوَقَفَتْ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، فَقَالَتْ:
      أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ مَا ذَا تَقُولُونَ وَ أَيَّ شَيْ‏ءٍ تُرِيدُونَ. فَقُلْتُ يَا فَاطِمَةُ. فَقَالَتْ:
      فَاطِمَةُ مَا تَشَاءُ يَا عُمَرُ.
      فَقُلْتُ مَا بَالُ ابْنِ عَمِّكِ قَدْ أَوْرَدَكِ لِلْجَوَابِ وَ جَلَسَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ.
      فَقَالَتْ لِي
      :طُغْيَانُكَ يَا شَقِيُّ أَخْرَجَنِي وَ أَلْزَمَكَ الْحُجَّةَ، وَ كُلَّ ضَالٍّ غَوِيٍّ.
      فَقُلْتُ دَعِي عَنْكِ الْأَبَاطِيلَ وَ أَسَاطِيرَ النِّسَاءِ وَ قُولِي لِعَلِيٍّ يَخْرُجْ. فَقَالَتْ
      :لَا حُبَّ وَ لَا كَرَامَةَ أَ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ تُخَوِّفُنِي يَا عُمَرُ وَ كَانَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ضَعِيفاً.
      فَقُلْتُ إِنْ لَمْ يَخْرُجْ جِئْتُ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ وَ أَضْرَمْتُهَا نَاراً عَلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ وَ أُحْرِقُ مَنْ فِيهِ، أَوْ يُقَادَ عَلِيٌّ إِلَى الْبَيْعَةِ،
      وَ أَخَذْتُ سَوْطَ قُنْفُذٍ فَضَرَبْتُ وَ قُلْتُ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنْتَ وَ رِجَالُنَا هَلُمُّوا فِي جَمْعِ الْحَطَبِ، فَقُلْتُ إِنِّي مُضْرِمُهَا. فَقَالَتْ:
      يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّ رَسُولِهِ وَ عَدُوَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ،
      فَضَرَبَتْ فَاطِمَةُ يَدَيْهَا مِنَ الْبَابِ تَمْنَعُنِي مِنْ فَتْحِهِ فَرُمْتُهُ فَتَصَعَّبَ عَلَيَّ فَضَرَبْتُ كَفَّيْهَا بِالسَّوْطِ فَأَلَّمَهَا، فَسَمِعْتُ لَهَا زَفِيراً وَ بُكَاءً، فَكِدْتُ أَنْ أَلِينَ وَ أَنْقَلِبَ عَنِ الْبَابِ فَذَكَرْتُ أَحْقَادَعَلِيٍّ وَ وُلُوعَهُ فِي دِمَاءِ صَنَادِيدِ الْعَرَبِ، وَ كَيْدَ مُحَمَّدٍوَ سِحْرَهُ، فَرَكَلْتُ الْبَابَ وَ قَدْ أَلْصَقَتْ أَحْشَاءَهَا بِالْبَابِ تَتْرُسُهُ، وَ سَمِعْتُهَا وَ قَدْ صَرَخَتْ صَرْخَةً حَسِبْتُهَا قَدْ جَعَلَتْ أَعْلَى الْمَدِينَةِ أَسْفَلَهَا، وَ قَالَتْ:
      يَا أَبَتَاهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَكَذَا كَانَ يُفْعَلُ بِحَبِيبَتِكَ وَ ابْنَتِكَ، آهِ يَا فِضَّةُ إِلَيْكِ فَخُذِينِي فَقَدْ وَ اللَّهِ قُتِلَ مَا فِي أَحْشَائِي مِنْ حَمْلٍ،
      وَ سَمِعْتُهَا تَمْخَضُ وَ هِيَ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى الْجِدَارِ، فَدَفَعْتُ الْبَابَ وَ دَخَلْتُ فَأَقْبَلَتْ إِلَيَّ بِوَجْهٍ أَغْشَى بَصَرِي، فَصَفَقْتُ صَفْقَةً عَلَى خَدَّيْهَا مِنْ ظَاهِرِ الْخِمَارِ فَانْقَطَعَ قُرْطُهَا وَ تَنَاثَرَتْ إِلَى الْأَرْضِ، وَ خَرَجَ عَلِيٌّ، فَلَمَّا أَحْسَسْتُ بِهِ أَسْرَعْتُ إِلَى خَارِجِ الدَّارِ وَ قُلْتُ لِخَالِدٍ وَ قُنْفُذٍ وَ مَنْ مَعَهُمَا نَجَوْتُ مِنْ أَمْرٍ عَظِيمٍ.
      وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَدْ جَنَيْتُ جِنَايَةً عَظِيمَةً لَا آمَنُ عَلَى نَفْسِي. وَ هَذَا عَلِيٌّ قَدْ بَرَزَ مِنَ الْبَيْتِ وَ مَا لِي وَ لَكُمْ جَمِيعاً بِهِ طَاقَةٌ. فَخَرَجَ عَلِيٌّ وَ قَدْ ضَرَبَتْ يَدَيْهَا إِلَى نَاصِيَتِهَا لِتَكْشِفَ عَنْهَا وَ تَسْتَغِيثَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مَا نَزَلَ بِهَا، فَأَسْبَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهَا مُلَاءَتَهَا وَ قَالَ لَهَا:

      يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ أَبَاكِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَ ايْمُ اللَّهِ لَئِنْ كَشَفْتِ عَنْ نَاصِيَتِكِ سَائِلَةً إِلَى رَبِّكِ لِيُهْلِكَ هَذَا الْخَلْقَ لَأَجَابَكِ حَتَّى لَا يُبْقِيَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ بَشَراً، لِأَنَّكِ وَ أَبَاكِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ نُوحٍ (ع) الَّذِي غَرَّقَ مِنْ أَجْلِهِ بِالطُّوفَانِ جَمِيعَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ، وَ أَهْلَكَ قَوْمَ هُودٍ بِتَكْذِيبِهِمْ لَهُ، وَ أَهْلَكَ عَاداً بِرِيحٍ صَرْصَرٍ، وَ أَنْتِ وَ أَبُوكِ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ هُودٍ، وَ عَذَّبَ ثَمُودَ وَ هِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً بِعَقْرِ النَّاقَةِ وَ الْفَصِيلِ، فَكُونِي يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ رَحْمَةً عَلَى هَذَا الْخَلْقِ الْمَنْكُوسِ وَ لَا تَكُونِي عَذَاباً،

      وَ اشْتَدَّ بِهَا الْمَخَاضُ وَ دَخَلَتِ الْبَيْتَ فَأَسْقَطَتْ سِقْطاً سَمَّاهُ عَلِيٌّ مُحَسِّناً، وَ جَمَعْتُ جَمْعاً كَثِيراً، لَا مُكَاثَرَةً لِعَلِيٍّ وَ لَكِنْ لِيَشُدَّ بِهِمْ قَلْبِي وَ جِئْتُ وَ هُوَ مُحَاصَرٌ فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ دَارِهِ مُكْرَهاً مَغْصُوباً وَ سُقْتُهُ إِلَى الْبَيْعَةِ سَوْقاً، وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ عِلْماً يَقِيناً لَا شَكَّ فِيهِ لَوِ اجْتَهَدْتُ أَنَا وَ جَمِيعُ مَنْ عَلَى الْأَرْضِ جَمِيعاً عَلَى قَهْرِهِ مَا قَهَرْنَاهُ، وَ لَكِنْ لِهَنَاتٍ كَانَتْ فِي نَفْسِهِ أَعْلَمُهَا وَ لَا أَقُولُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ وَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ يَسْتَهْزِءُونَ بِعَلِيٍّ، فَقَالَ عَلِيٌّ يَا عُمَرُ أَ تُحِبُّ أَنْ أُعَجِّلَ لَكَ مَا أَخَّرْتُهُ سَوَاءً عَنْكَ فَقُلْتُ لَا، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَسَمِعَنِي وَ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَسْرَعَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ:
      مَا لِي وَ لِعُمَرَ.. ثَلَاثاً،
      وَ النَّاسُ يَسْمَعُونَ، وَ لَمَّا دَخَلَ السَّقِيفَةَ صَبَا أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ قَدْ بَايَعْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ فَانْصَرِفْ، فَأَشْهَدُ مَا بَايَعَهُ وَ لَا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ، وَ كَرِهْتُ أَنْ أُطَالِبَهُ بِالْبَيْعَةِ فَيُعَجِّلَ لِي مَا أَخَّرَهُ عَنِّي، وَ وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلِيّاً فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ جَزَعاً وَ خَوْفاً مِنْهُ، وَ رَجَعَ عَلِيٌّ مِنَ السَّقِيفَةِ وَ سَأَلْنَا عَنْهُ، فَقَالُوا مَضَى إِلَى قَبْرِ مُحَمَّدٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَقُمْتُ أَنَا وَ أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهِ، وَ جِئْنَا نَسْعَى وَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ:
      وَيْلَكَ يَا عُمَرُ مَا الَّذِي صَنَعْتَ بِفَاطِمَةَ، هَذَا وَ اللَّهِ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ،

      فَقُلْتُ إِنَّ أَعْظَمَ مَا عَلَيْكَ أَنَّهُ مَا بَايَعَنَا وَ لَا أَثِقُ أَنْ تَتَثَاقَلَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُ. فَقَالَ فَمَا تَصْنَعُ. فَقُلْتُ تُظْهِرُ أَنَّهُ قَدْ بَايَعَكَ عِنْدَ قَبْرِ مُحَمَّدٍ، فَأَتَيْنَاهُ وَ قَدْ جَعَلَ الْقَبْرَ قِبْلَةً، مُسْنِداً كَفَّهُ عَلَى تُرْبَتِهِ وَ حَوْلَهُ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ عَمَّارٌ وَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَجَلَسْنَا بِإِزَائِهِ وَ أَوْعَزْتُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى مِثْلِ مَا وَضَعَ عَلِيٌّ يَدَهُ وَ يُقَرِّبَهَا مِنْ يَدِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَ أَخَذْتُ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ لِأَمْسَحَهَا عَلَى يَدِهِ، وَ أَقُولَ قَدْ بَايَعَ، فَقَبَضَ عَلِيٌّ يَدَهُ فَقُمْتُ أَنَا وَ أَبُو بَكْرٍ مُوَلِّياً، وَ أَنَا أَقُولُ جَزَى اللَّهُ عَلِيّاً خَيْراً فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْكَ الْبَيْعَةَ لَمَّا حَضَرْتَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ‏

      (ص)، فَوَثَبَ مِنْ دُونِ الْجَمَاعَةِ أَبُو ذَرٍّ جُنْدَبُ بْنُ جُنَادَةَ الْغِفَارِيُّ وَ هُوَ يَصِيحُ وَ يَقُولُ:
      وَ اللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا بَايَعَ عَلِيٌّ عَتِيقاً،
      وَ لَمْ يَزَلْ كُلَّمَا لَقِينَا قَوْماً وَ أَقْبَلْنَا عَلَى قَوْمٍ نُخْبِرُهُمْ بِبَيْعَتِهِ وَ أَبُو ذَرٍّ يُكَذِّبُنَا،
      وَ اللَّهِ مَا بَايَعَنَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَ لَا فِي خِلَافَتِي وَ لَا يُبَايِعُ لِمَنْ بَعْدِي وَ لَا بَايَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا لَا لِأَبِي بَكْرٍ وَ لَا لِي، فَمَنْ فَعَلَ يَا مُعَاوِيَةُ فِعْلِي وَ اسْتَشَارَ أَحْقَادَهُ السَّالِفَةَ غَيْرِي. وَ أَمَّا أَنْتَ وَ أَبُوكَ أَبُو سُفْيَانَ وَ أَخُوكَ عُتْبَةُ فَأَعْرِفُ مَا كَانَ مِنْكُمْ فِي تَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ (ص) وَ كَيْدِهِ، وَ إِدَارَةِ الدَّوَائِرِ بِمَكَّةَ وَ طَلِبَتِهِ فِي جَبَلِ حرى [حِرَاءٍ] لِقَتْلِهِ، وَ تَأَلُّفِ الْأَحْزَابِ وَ جَمْعِهِمْ عَلَيْهِ، وَ رُكُوبَ أَبِيكَ الْجَمَلَ وَ قَدْ قَادَ الْأَحْزَابَ، وَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ:
      لَعَنَ اللَّهُ الرَّاكِبَ وَ الْقَائِدَ وَ السَّائِقَ،
      وَ كَانَ أَبُوكَ الرَّاكِبَ وَ أَخُوكَ عُتْبَةُ الْقَائِدَوَ أَنْتَ السَّائِقَ، وَ لَمْ أَنْسَ أُمَّكَ هِنْداً وَ قَدْ بَذَلَتْ لِوَحْشِيٍّ مَا بَذَلَتْ حَتَّى تَكَمَّنَ لِحَمْزَةَ الَّذِي دَعَوْهُ أَسَدَ الرَّحْمَنِ فِي أَرْضِهِ وَ طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ، فَفَلَقَ فُؤَادَهُ وَ شَقَّ عَنْهُ وَ أَخَذَ كَبِدَهُ فَحَمَلَهُ إِلَى أُمِّكَ، فَزَعَمَ مُحَمَّدٌ بِسِحْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَتْهُ فَاهَا لِتَأْكُلَهُ صَارَ جُلْمُوداً فَلَفَظَتْهُ مِنْ فِيهَا، فَسَمَّاهَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ
      آكِلَةَ الْأَكْبَادِ،
      وَ قَوْلَهَا فِي شِعْرِهَا لِاعْتِدَاءِ [لِأَعْدَاءِ] مُحَمَّدٍ وَ مُقَاتِلِيهِ

      نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقٍ نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقِ‏
      كالدُّرِّ فِي الْمَخَانِقِ وَ الْمِسْكِ فِي الْمَفَارِقِ‏
      إِنْ يُقْبِلُوا نُعَانِقْ أَوْ يُدْبِرُوا نُفَارِقْ‏
      فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقٍ‏


      وَ نِسْوَتُهَا فِي الثِّيَابِ الصُّفْرِ الْمَرْئِيَّةِ مُبْدِيَاتٍ وُجُوهَهُنَّ وَ مَعَاصِمَهُنَّ وَ رُءُوسَهُنَّ يَحْرِصْنَ عَلَى قِتَالِ مُحَمَّدٍ، إِنَّكُمْ لَمْ تُسَلِّمُوا طَوْعاً وَ إِنَّمَا أَسْلَمْتُمْ كَرْهاً يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَجَعَلَكُمْ طُلَقَاءَ، وَ جَعَلَ أَخِي زَيْداً وَ عَقِيلًا أَخَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْعَبَّاسَ عَمَّهُمْ مِثْلَهُمْ، وَ كَانَ مِنْ أَبِيكَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ وَ اللَّهِ يَا ابْنَ أَبِي كَبْشَةَ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَ رَجِلًا وَ أَحُولُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَعْدَاءِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَ يُؤْذِنُ لِلنَّاسِ أَنَّهُ عَلِمَ مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ يَكْفِي اللَّهُ شَرَّكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ وَ هُوَ يُرِي النَّاسَ أَنْ لَا يَعْلُوَهَا أَحَدٌ غَيْرِي، وَ عَلِيٍّ وَ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَبَطَلَ سِحْرُهُ وَ خَابَ سَعْيُهُ، وَ عَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ وَ عَلَوْتُهَا بَعْدَهُ وَ أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا مَعَاشِرَ بَنِي أُمَيَّةَ عِيدَانَ أَطْنَابِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ قَدْ وَلَّيْتُكَ وَ قَلَّدْتُكَ إِبَاحَةَ مُلْكِهَا وَ عَرَّفْتُكَ فِيهَا وَ خَالَفْتُ قَوْلَهُ فِيكُمْ، وَ مَا أُبَالِي مِنْ تَأْلِيفِ شِعْرِهِ وَ نَثْرِهِ، أَنَّهُ قَالَ يُوحَى إِلَيَّ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّي فِي قَوْلِهِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ
      فَزَعَمَ أَنَّهَا أَنْتُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَيَّنَ عَدَاوَتَهُ حَيْثُ مَلِكَ كَمَا لَمْ يَزَلْ هَاشِمٌ وَ بَنُوهُ أَعْدَاءَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَ أَنَا مَعَ تَذْكِيرِي إِيَّاكَ يَا مُعَاوِيَةُ وَ شَرْحِي لَكَ مَا قَدْ شَرَحْتُهُ نَاصِحٌ لَكَ وَ مُشْفِقٌ عَلَيْكَ مِنْ ضِيقِ عَطَنِكَ وَ حَرَجِ صَدْرِكَ، وَ قِلَّةِ حِلْمِكَ، أَنْ تُعَجِّلَ فِيمَا وَصَّيْتُكَ بِهِ وَ مَكَّنْتُكَ مِنْهُ مِنْ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ (ص) وَ أُمَّتِهِ أَنْ تُبْدِيَ لَهُمْ مُطَالَبَتَهُ بِطَعْنٍ أَوْ شَمَاتَةً بِمَوْتٍ أَوْ رَدّاً عَلَيْهِ فِيمَا أَتَى بِهِ، أَوْ اسْتِصْغَاراً لِمَا أَتَى بِهِ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ، فَتَخْفِضَ مَا رَفَعْتُ وَ تَهْدِمَ مَا بَنَيْتُ، وَ احْذَرْ كُلَ‏الْحَذَرِ حَيْثُ دَخَلْتَ عَلَى مُحَمَّدٍ مَسْجِدَهُ وَ مِنْبَرَهُ وَ صَدِّقْ مُحَمَّداً فِي كُلِّ مَا أَتَى بِهِ وَ أَوْرَدَهُ ظَاهِراً، وَ أَظْهِرِ التَّحَرُّزَ وَ الْوَاقِعَةَ فِي رَعِيَّتِكَ، وَ أَوْسِعْهُمْ حِلْماً، وَ أَعِمَّهُمْ بِرَوَائِحِ الْعَطَايَا، وَ عَلَيْكَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِمْ وَ تَضْعِيفِ الْجِنَايَةِ مِنْهُمْ لسببا [لِسَبَبِ‏] مُحَمَّدٍ مِنْ مَالِكَ وَ رِزْقِكَ وَ لَا تُرِهِمْ أَنَّكَ تَدَعُ لِلَّهِ حَقّاً وَ لَا تَنْقُضُ فَرْضاً وَ لَا تُغَيِّرُ لِمُحَمَّدٍ سُنَّةً فَتُفْسِدَ عَلَيْنَا الْأُمَّةَ، بَلْ خُذْهُمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ، وَ اقْتُلْهُمْ بِأَيْدِيهِمْ، وَ أَبِدْهُمْ بِسُيُوفِهِمْ وَ تَطَاوُلِهِمْ وَ لَا تُنَاجِزْهُمْ، وَ لِنْ لَهُمْ وَ لَا تَبْخَسْ عَلَيْهِمْ، وَ افْسَحْ لَهُمْ فِي مَجْلِسِكَ، وَ شَرِّفْهُمْ فِي مَقْعَدِكَ، وَ تَوَصَّلْ إِلَى قَتْلِهِمْ بِرَئِيسِهِمْ، وَ أَظْهِرِ الْبِشْرَ وَ الْبَشَاشَةَ بَلِ اكْظِمْ غَيْظَكَ وَ اعْفُ عَنْهُمْ يُحِبُّوكَ وَ يُطِيعُوكَ، فَمَا آمَنُ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكَ ثَوْرَةَ عَلِيٍّ وَ شِبْلَيْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، فَإِنْ أَمْكَنَكَ فِي عِدَّةٍ مِنَ الْأُمَّةِ فَبَادِرْ وَ لَا تَقْنَعْ بِصِغَارِ الْأُمُورِ، وَ اقْصِدْ بِعَظِيمِهَا وَ احْفَظْ وَصِيَّتِي إِلَيْكَ وَ عَهْدِي وَ أَخْفِهِ وَ لَا تُبْدِهِ، وَ امْتَثِلْ أَمْرِي وَ نَهْيِي وَ انْهَضْ بِطَاعَتِي،وَ إِيَّاكَ وَ الْخِلَافَ عَلَيَّ، وَ اسْلُكْ طَرِيقَ أَسْلَافِكِ، وَ اطْلُبْ بِثَارِكَ، وَ اقْتَصَّ آثَارَهُمْ،فَقَدْ أَخْرَجْتُ إِلَيْكَ بِسِرِّي وَ جَهْرِي، وَ شَفَعْتُ هَذَا بِقَوْلِي

      مُعَاوِيَ إِنَّ الْقَوْمَ جَلَّتْ أُمُورُهُمْ بِدَعْوَةِ مَنْ عَمَّ الْبَرِيَّةَ بِالْوَتْرِي‏
      صَبَوْتُ إِلَى دَيْنٍ لَهُمْ فَأَرَابَنِي فَأَبْعِدْ بِدِينٍ قَدْ قَصَمْتُ بِهِ ظَهْرِي‏
      وَ إِنْ أَنْسَ لَا أَنْسَ الْوَلِيدَ وَ شَيْبَةَ وَ عُتْبَةَ وَ الْعَاصَ السَّرِيعَ لَدَى بَدْرٍ
      وَ تَحْتَ شَغَافِ الْقَلْبِ لَدْغٌ لِفَقْدِهِمْ أَبُو حَكَمٍ أَعْنِي الْضَئِيلَ مِنَ الْفَقْرِي‏




      أُولَئِكَ فَاطْلُبْ يَا مُعَاوِيَ ثَارَهُمْ بِنَصْلِ سُيُوفِ الْهِنْدِ وَ الْأَسَلِ السُّمْرِي‏
      وَ صِلْ بِرِجَالِ الشَّامِ فِي مَعْشَرِهِمْ هُمُ الْأُسْدُ وَ الْبَاقُونَ فِي أَكَمِ الْوَعْرِي‏
      تَوَسَّلْ إِلَى التَّخْلِيطِ فِي الْمِلَّةِ الَّتِي أَتَانَا بِهِ الْمَاضِي الْمُسَمُّوهُ بِالسِّحْرِي‏
      وَ طَالِبْ بِأَحْقَادٍ مَضَتْ لَكَ مُظْهِراً لِعِلَّةِ دِينٍ عَمَّ كُلَّ بَنِي النَّضْرِ
      فَلَسْتَ تَنَالُ الثَّارَ إِلَّا بِدِينِهِمْ فَتَقْتُلُ بِسَيْفِ الْقَوْمِ جِيدَ بَنِي عَمْرِي‏
      لِهَذَا لَقَدْ وَلَّيْتُكَ الشَّامَ رَاجِياً وَ أَنْتَ جَدِيرٌ أَنْ تَئُولَ إِلَى صَخْرِي‏


      قَالَ فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ هَذَا الْعَهْدَ، قَامَ إِلَى يَزِيدَ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَتْلِكَ الشَّارِيَّ ابْنَ الشَّارِيِّ، وَ اللَّهِ مَا أَخْرَجَ أَبِي إِلَيَّ بِمَا أَخْرَجَ إِلَى أَبِيكَ، وَ اللَّهِ لَا رَآنِي أَحَدٌ مِنْ رَهْطِ مُحَمَّدٍ بِحَيْثُ يُحِبُّ وَ يَرْضَى، فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ وَ بَرَّهُ، وَ رَدَّهُ مُكَرَّماً.
      فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ عِنْدِهِ ضَاحِكاً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ مَا قَالَ لَكَ.
      قَالَ قَوْلًا صَادِقاً لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مُشَارِكَهُ فِيهِ، وَ سَارَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ، وَ كَانَ جَوَابُهُ لِمَنْ يَلْقَاهُ هَذَا الْجَوَابَ. وَ يُرْوَى أَنَّهُ أَخْرَجَ يَزِيدُ لَعَنَهُ اللَّهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كِتَاباً فِيهِ عَهْدُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِيهِ أَغْلَظُ مِنْ هَذَا وَ أَدْهَى وَ أَعْظَمُ مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي كَتَبَهُ عُمَرُ لِمُعَاوِيَةَ، فَلَمَّاقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ الْعَهْدَ الْآخَرَ قَامَ فَقَبَّلَ رَأْسَ يَزِيدَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ، وَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قَتْلِكَ الشَّارِيَ ابْنَ الشَّارِي، وَ اعْلَمْ أَنَّ وَالِدِي عُمَرَ أَخْرَجَ إِلَيَّ مِنْ سِرِّهِ بِمِثْلِ هَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ إِلَى أَبِيكَ مُعَاوِيَةَ، وَ لَا أَرَى أَحَداً مِنْ رَهْطِ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِهِ وَ شِيعَتِهِ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا إِلَّا غَيْرَ مُنْطَوٍ لَهُمْ عَلَى خَيْرٍ أَبَداً. فَقَالَ يَزِيدُ أَ فِيهِ شَرْحُ الْخَفَا يَا ابْنَ عُمَرَ. وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَظْهَرُوا الْإِيمَانَ وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ، فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ.
      بحارالانوارج :30 ص:288 الی ص:301




      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X