إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

بحوث ومقالات: فلسفة تعظيم شعائر عاشوراء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بحوث ومقالات: فلسفة تعظيم شعائر عاشوراء





    بسم الله الرحمن الرحيم





    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآل ِمُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهم ُوَإِلْعَنْ أَعدَائَهِمْْ
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    * * * * *
    الاهداء
    اليك يا سيدي ومولاي .
    اليك أيها الإمام وأبو الأئمة.
    اليك يا من هز الضمير .
    اليك يا سيدي يا من فاق صبره صبر الأنبياء .
    اليك يا من تصدعت لجلال هيبتك الرجال .
    اليك يا من تحت قبته الدعاء مستجاب .
    اليك يا من تربته دواء من كل داء .
    فكن شفيعاً لي ولوالدي .





    المقدمة
    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
    ان الإمام الحسين وقف ليعارض مرضاً من امراض الامة وهي حالة انعدام الادارة مع وضوح الطريق ، وكان الطريق الوحيد لعلاج هذه الفحالة المرضية هون الخط الذي سار عليه سيد الشهداء عليه افضل الصلاة والسلام ، فبقدر ما يكون هذا المرض عميقاً في جسم الامة يجب ان تكون التضحية أيضاً عميقة مكافئة لدرجة عمق هذا المرض في جسم الامة وكان يشمل كل قطاعات الامة .
    والأًمة حينما تنهزم وينتزع منها شخصيتها وتموت ارادتها تنسج بالتدرج اخلاقية معينة تنسج مع الهزيمة النفسية التي يتعيشها بوصفها امة من دون ارادة امة لا تشعر بكرامتها وشخصيتها ، وبهذا كان الإمام الحسين ( عليه السلام ) بين اخلاقيتين : بين اخلاقية الهزيمة التي تعيشها الامة الإسلامية قبل ان تهزم فعلياً يوم عاشوراء ، والاخلاقية الاخرى التي كان يريد ان يبثها وينشرها في الامة الإسلامية هي اخلاقية الارادة والتضحية والعزيمة والكرامة .
    لقد رفع راية الإسلام عالية خفاقة ، وحرر ارادة الامة العربية الإسلامية ، اشهد ان دمك سكن الخلد وإقشعرت له أظلة العرش وبكت له السماوات والأرض .

    واقعة الطف
    كانت واقعة الطف من الوقائع العظيمة في تاريخ أهل البيت ( عليهم السلام ) لإنها غنية بالعبر والمعاني ، لكونها واقعة تجلت فيها كل معاني الشجاعة ، والبطولات والاباء ، والتضحية والفداء ، وذكر الله وإقامة الصلاة ، والقتال حباً لله عز وجل ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان يوم عاشوراء يوم المجد والشرف ، ويوم البطولة والشجاعة ويوم الايمان والثبات ، وإذ كان معسكر الإمام الحسين ( عليه السلام ) يمثل الإيمان بمبدأ الدين ، فقد كان معسكر يزيد ( لعنه الله ) يمثل الطغيان والقسوة والتخلي عن المبادىء التي جاء بها رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، واشتمل عاشوراء على درسين درس في المواعظ والإرشاد ودرس في الحرب والقتال .
    لقد كانت ثورة ابي الاحرار ( عليه السلام ) من أعظم الثورات التحررية في الارض ، فقد حملت مشعل النور والفكر في الارض وسجلت شرفاً للاسلام ، وشرفاً للانسانية ، فهو المنقذ والمجدد لهذا الدين العظيم ، ورأى انه المسؤول الوحيد أمام الله ، وأمام اجيال الأُمة .
    وثورة الحسين ( عليه السلام ) هي التي خلدت نفسها بذاتها ، لقوتها وقوت الوقائع والمواقف البطولية والعناصر الاخرى التي تركتها هذه الواقعة العظيمة .
    ان ثورة الحسين ( عليه السلام ) بفصولها الخالدة في دنيا الاحزان قد استهدفت تحرير الانسان فكراً وسلوكاً وارادة ، وتنمية قدراته وملكاته بالاشراف والوعي ، ليكون خلية صالحة لمجتمع سليم ناهض عامل بالحق ، مطبق للعدل حسب ما يريد الله تعالى لابن آدم ان لا يتلوث بمأثم الحياة وموبقاتها ، لقد ارعبت هذه الواقعة الطواغيت في العصر الاموي والعباسي وما بعدهما الى اليوم ولهذا لاتزال تواجه الحرب الإعلامية ، والتصفيات الجسدية لروادها ودعاتها ومقيمي شعارها ، لأن الحسين ( عليه السلام ) ثورة في قبره وثورة الحسين ( عليه السلام ) كتبت بالدم ، باللون الاحمر القاني الذي يعتبر من اكثر الالوان ثباتاً على صفحات التاريخ والمجتمعات البشرية ، فواقعة الطف حية نابضة بالحياة الى يوم القيامة ، فأن ثورة الحسين ( عليه السلام ) تخلدت خلوداً عجيباً وأبدياً بعد مضي سنين متطاولة ، ودهور متباعدة ، لم تنسى ولم تموت ثورة الحسين ( عليه السلام ) بل تزداد طراوة على مر السنين . . . . . .



    كذب الموت فالحسين ii مخلد كلما مر الزمان ذكره يتجدد


    أهداف ثورة الحسين ( عليه السلام )
    إذاً كان هدف الثورة أو كل عمل يريده الإنسان لله عز وجل فأنه ينمو ويرتقي ويصعد ولا يقف أمامه شيء يصده ابداً ( ما كان لله ينمو ) .
    وذا كان الهدف لغير الله عز وجل لا ينمو ويتسافل ويضمحل اثره ، وتدرس معلم وسبب ثورة المدينة .
    حين قال : " . . . . اني لم اخرج اشراً ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولاظالماً ، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اريد ان امر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، واسير بسيرة جدي ، وأبي علي إبن ابي طالب ( عليه السلام ) ، فمن قبلني بقبول الحق ، ومن رد علي اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم ، وهوخير الحاكمين " (1) الا ترون ان الحق لا يعمل به ، وان الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في الله محقاً . . . " ، " وأيها الناس من رأى سلطاناً جائراً . . . " (2) .
    الإمام الحسين ( عليه السلام ) حينما كان يلقي شعارات هذا التخطيط على هذه الامة الإسلامية المهزومة اخلاقياً ، والمهزوزة روحياً ، المتميعة نفسياً ، الفاقدة لارادتها ، حينما كان يلقي شعارات هذا التحرك على هذه الامة لم يكن في كل القاءاته صريحاً واضحاً محدداً ، وذلك لانه كان يجامل تلك الاخلاقية التي عاشتها الامة الإسلامية ، وكانت هذه المجاملة جزاءاً ضرورياً من انجاح الحسين في اهدافه . (3)
    فهدف الإمام الحسين ( عليه السلام ) كان لاصلاح اُمة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وإحياء احكام القرآن ، فما دام الإسلام أبدي والقرآن ابدي ومخلد ، ولقد حفظه الله ، قولهُ تعالى : « انا نحن نزلنا الذكر ز وإنا له لحافظون » ، فثورة الحسين ( عليه السلام ) باقية مخلدة ومحفوظة مع القرآن والإسلام الى يوم القيامة .

    خطاب الإمام الحسين ( عليه السلام ) لأهل مكة قبل خروجه منهم وتوجهه إلى العراق
    لم يدع الإمام الحسين ( عليه السلام ) فرصة الخروج من مكة دون ان يعض الناس، ولم يمنع تهيؤه ( عليه السلام ) للسفر ومن وعض الناس في مكارم الاخلاق ، وهو يعلم علم اليقين بأن الشهادة ستكون خاتمة حياته ( عليه السلام ) ، فقام خطيباً في اللحظات الاخيرة في مكة وقال : " الحمد لله ما شاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله ، وصلى الله على رسوله وآله وسلم ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة . . . " ، وقال بعد ذلك " ان الحلم زينة ، والوفاء مرؤة ، والصلة نعمة ، والاستكبار صلف ، والعجلة سفه ، والسفهة ضعف ، والغلوورطة ، ومجالسة اهل الدناءة شر ، ومجالسة اهل الفسق ريبة " (4) .

    خُطَب الإمام الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء
    واستثمر الامكام الحسين ( عليه السلام ) اسلوب الموعظة الحسنة ، لعلهم يرجعون فيها الى رشدهم ويؤبوا الى صوابهم ، فخطب فيهم مراراً .
    1 ـ تقدم الحسين ( عليه السلام ) حتى وقف بأزاء القوم ، فجعل ينظر الى صفوفهم كانهم السيل ، ونظر الى ابن سعد واقفاً في صناديد الكوفة فقال : " الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال ، متصرفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرته والشقي من فتنته ، فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن اليها ، وتخيب من طمع فيها ، وأراكم قد إجتمعتم على أمراً قد اسخطتم الله فيه عليكم ، واعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمة . . . .
    2 ـ ولما دنا من القوم دعا براحلته فركبها ، ثم خطب في الناس فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله بما هوأهله ، وصلى على محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعلى ملائكته وأنبيائه ، قائلا : ( أيها الناس ! إسمعوا قولي ، ولا تعجلوني حتى اعظم بها هو حق لكم علي ، وحتى اعتذر اليكم من مقدمي عليكم . . . فاجمعوا امركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون " (5) " ان ولي الله الذي نزل الكتاب وهويتولى الصالحين (6) . . . فانسبوني وأنظروا من أنا ؟ الست إبن بنت نبيكم ( صلى الله عليه وآله ) وإبن وصيه وابن عمه ، وأول المؤمنين بالله والمصدقين لرسول الله بما جاء من عند ربه ، أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي ؟ أوليس جعفر الشهيد الطيار ذوالجناحين عمي ؟ ! . . . لا والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ، ولا أُقر إقرار العبيد ! عباد الله ( إني عذت بربي وربكم أن ترجمون ) " (7) " . . . اني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب " (8) .
    3 ـ وخطب مرة أُخرى قائلاً : " يا قوم الكوفة ان الدنا قد تغيرت وتكدرت وهذه دار فناء وزوال تتصرف باهلها من حال إلى حال ، فالمغرور من اغتر بها وركن اليها وطمع فيها ، معاشر الناس : أما قرأتم القرآن ، أما عرفتم شرائع الإسلام ؟ وثبتم على ابن بنت نبيكم تقتلونه ظلماً وعدواناً . . . " وذكرهم : " عباد الله اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر فان الدنيا لوبقيت على أحدٍ أوبقي عليها أحد لكانت الأنبياء احق بالبقاء وأولى بالرضى وارضى بالقضاء ، . . . . " ، " . . . وتزودوا فان خير الزاد التقوى وأتقون يا أولوا الالباب " (9) .
    4 ـ قام الحسين ( عليه السلام ) بتعبئة اصحابه في الميمنة والميسرة ، فأحاطوا بالحسين ( عليه السلام ) من كل جانب حتى جعلوه في مثل الحلقة ، فخرج الحسين ( عليه السلام ) من أصحابه حتى اتى الناس فاستنصتهم فأبوا ان ينصتوا فقال لهم : " ويلكم ماعليكم ان تنصتوا الي فتستمعوا قولي ، وإنما ادعوكم سبيل الرشاد ، فمن اطاعني كان من الراشدين ، ومن عصاني كان من المهلكين ، . . . اما لا تلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى ، عهد عهده الي ابي عن جدي ، فاجمعوا امركم وشركائكم فيكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون . . . وابعث عليهم سنين كسني يوسف ، وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كاساًَ مصبرة ، فلا يدع فيهم احداً قتلة بقتلة وضربة بضربة ينتقم لي ولأوليائي ولاهل بيتي (10) وأشياعي منهم ، فأنهم غرونا وكذبونا وخذلونا ، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير " .
    لم يترك الحسين ( عليه السلام ) النصيحة لهؤلاء القوم حباً لهداية الامة ولعل أحد منهم يرجع من ضلالته ، فنادى : ( هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجوالله في إغاثتنا ؟ ، هل من معين يرجوالله في إعانتنا ) (11) . . . .

    دلالات الخطاب
    1 ـ إستثمر الإمام الحسين ( عليه السلام ) تلك الفرصة لتذكيرهم بأمور الدين والاخرة ، ودعاهم إلى عدم الإغترار بالدنيا .
    2 ـ ذكرهم بحرمة قتله ( عليه السلام ) وإنتهاك حرمته ، كيف لا وقد وصفه الصادق ( عليه السلام ) عن رسول الله ( ص ) الذي لا ينطق عن الهوى بأنه سيد شباب أهل الجنة .
    3 ـ حاججهم بكل حجة ممكنة من أجل أن يدفع عنهم غائلة العقاب الإلهي .
    4 ـ ولكنه ( عليه السلام ) تنبأ بأن تدور عليهم الدوائر وتنقلب ضدهم الموازين ، سوف يضربون بسيف البغي الذي سلوه عليه . .

    الحسين ( عليه السلام ) ينعى نفسه
    قال علي إبن الحسين ( عليه السلام ) إني جالس في تلك اليلة التي قُتل أبي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني إذ إعتزل أبي في خباء له وعنده ( جون ) مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول :


    يـا دهـر افٌ لكَ مِـن iiخليلِ كم لكَ في الإشراق و الأصيل
    مـــــِن صـاحبٍ وطالبٍ قتيلِ و الـدهـــرُ لا يـقنعُ iiبالبديـــلِ
    و إنـما الامـرُ إلـى ii الجليــــلِ و كـلُ حـيٍ سـالكٌ iiسبيلِِ (12)

    .


    فلسفة النهضة الحسينية
    (( . . . إن الحكم في صواب الحسين ( عليه السلام ) وخطئه لامرين ، لا يختلفان بإختلاف الزمان ، وأصحاب السلطان ، والبواعث النفيسة التي تدور على طبيعة الانسان الباقية ، والنتائج المقررة ، التي مثلت للعيان باتفاق الاقوال . . . ))
    فنوضح العلل والبواعث النفسية على الشكل التالي :
    اولاً : يبدوان ملك يزيد لم يكن ثابتاً ومحكماً كما كان ملك معاوية ، ذلك ان الشخص الوحيد الذي كان متحمساً لولاية عهد يزيد هوالمغيرة بن شعبة ، الذي لم يكن أحد يتقبل اقتراحه يومها حتى معاوية نفسه ، وعندما تشاور مع زياد لم يكن رأي زياد موافقاً لاقتراح المغيرة ( على الاقل ذلك الحين ) .
    وأما مروان إبن الحكم ، فقد كان يقف بشدة ضد فكرة تولية يزيد ، لانه كان هويسعى الى مثل ذلك المنصب بل وحتى كان يستعد للتمرد على الخليفة ، إلا انه قبل بالامر الواقع من خلال رشوة قدرها ( 1000 دينار ) شهرياً له و( 100 دينار ) لاصحابه ، وأما سعيد ابن عثمان فانه خاطب معاوية يومها ، وقال له بان أباه وأُمه أفضل من أُم يزيد وأبيه ، لكنه رضي بالتالي بولاية خرسان ، نستنتج من ذلك إن حكومة يزيد لم تكن حكومة مستقرة في ذاتها .
    ثانياً : إن حكم يزيد قام في الواقع على قاعدة سب علي ( عليه السلام ) وآل علي وأي بيعة من الحسين ( عليه السلام ) كانت تعني وجوب وفاءه بالعهد ، وعقد البيعة ، وهذا كان يعني قطعاً إضفاء الشرعية على هذه السنة السيئة ، جيلاً بعد جيل ، ( إن حكومة يزيد كانت أسوء من حكومة معاوية مئة بالمئة ، لأنها كانت حكومة مفضوحة العداء للإسلام ) .
    وأما حول نتائج التحرك الحسيني قبل كل شيء يمكن القول : إن يزيد نفسه لم يهنأ بالحكم ، ولم يرى الاستقرار للحظة واحدة بعد اندلاع الثورة الحسينية .
    فبعد واقعة كربلاء ، واجهته واقعة المدينة المنورة ، ثم بدأ عبد الله ابن الزبير من بعد ذلك حربه الداعية ضد يزيد وجاءت قضية مكة ، ثم تتالت على الحكم الاموي سلسلة تمردات ( يا لثارات الحسين ) التي استمرت عاماً من حكم بني أمية ، وهي تزلزل عرش تلك العائلة .
    ولهذا ترى البعض أمثال ( مارتن ) الألماني ، يعتقدون إن السياسة الحسينية كانت بالواقع قد وضعت مثل هذه الاهداف نصب عينها من الاساس .
    أما بشأن حركة النساء والاطفال في القاقلة ، " . . . إنما يبدوالخطأ في هذه الحركة حين تنظر اليها من زاوية واحدة ضيقة المجال قريبة المرمى ، وهي زاوية العمل الفردي ، الذي يراض باساليب المعيشة اليومية ، ويدور على النفع العاجل للقائمين به والداعين اليه . . . " .
    وإن مسلم بن عقيل إنما كان يقدر بالحقيقة على فعل الكثير مما كان يفعله إبن زياد ، إذ كان باستطاعته أن يأخذ الأموال ، ويعطيها ويوزعها ، لكن مثل هذه الأعمال كانت تعني مخالفة المبادئ التي كان يمثلها مسلم ، فمسلم الذي كان يستعد لإستقبال الموت تراه كان يفكر في إداء دينه فيوصي ببيع درعه ، وسيفه من بعده ، حتى يدفع الدين الذي كان عليه وهو( 700 درهم ) إذا لم يكن مسلم يفكر في كيفية جمع الأموال من الناس ، والاستغناء باموالهم ، حتى مع تهيؤ ضروف الحكم المؤقت له ، هذا على الرغم من توكل الإمام الحسين ( عليه السلام ) له كان يحمل معه معنى الممثل المالي (13) .

    فلسفة تعظيم شعائر عاشوراء
    إن فلسفة تعظيم شعائر عزاء سيد الشهدء ، مكافأة يقدمها التاريخ لابطال عاشوراء ، لأن العطف الإنساني هوكل ما يملك التاريخ من جزاء وهوالثروة الوحيدة التي يحتفظ بها الخلود ، وإحياء ذكرى سيد الشهداء تربط بنا من إحدى الجهات بإعتبار إن هذه الذكرى عبارة عن نبع من الفيض الرباني الذي يمكننا الإستفادة منه ، وهي من جهة أخرى تقدير منا للشهداء والشهادة ، ومن جهة ثالثة تعبير عن الواجب التاريخي ، والفريظة الإجتماعية ، الملقاة على عاتقنا أمام المجتمع ، إن المنفعة الفردية عبارة عن عامل تنازع وتضارب وقبض ، وإستخدام للمجتمع .
    بينما حس المنفعة العامة أوبعبارة أخرى المبادئ الاخلاقية الانسانية السامية تشكل في الواقع عامل حفظ ، وتعاون وافاضة وإعانة للمجتمع ، وعليه فإن أصحاب الخير العام هم الخدام الواقعيون للاصول والمبادئ والنواميس الإجتماعية ومن هنا وجب على المجتمع تقديرهم ، واجلائهم وإحياء ذكرهم على مر الدهور .

    شعارات عاشوراء
    إن الشعارات التي رفعها الإمام ابي عبد الله الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته وأصحابه في يوم عاشوراء ، وتحول عاشوراء الواقعة والقضية بالنسبة لنا نحن الشيعة إلى الشعار دائم في حياتنا ، يوم عاشوراء بين من خلالها روح نهضته ، وحدد بالضبط الهدف الذي دفعه للمجيء إلى تلك الديار والقبول بإراقة دمه حتى القطرة الاخيرة ، وعدم التسليم والمضي بالحروب حتى نهايتها ، إن امتنا قد أكدوا الواحد بعد الآخر على ضرورة إحياء هذه المناسبة العظيمة ( عاشوراء ) وانه لا يجوز نسيان هذه المصيبة ، فهي مدرسة خالدة لا بد لنا من التمسك بها .
    إن على شيعتنا أن يحيوا هذه المناسبة العظيمة في كل عام يمر فيه علينا محرم ، وعاشوراء .
    إن عنوان عاشوراء اصبح شعار الشيعة ، وعلينا اذاً عندما نواجه احداً من أهل السنة ، أوحتى ونحن نقف أمام أصحاب الاديان الاُخرى كالمسيحية أواليهودية أوأمام الملحدين الذين سيسألوننا جميعاً : ماذا تريدون أنتم الشيعة في تاسوعاء وعاشوراء ، عندما تعطلون كل اعمالكم وتنظمون المسيرات وتلطمون على الصدور وتقيمون المآتم البكائية ؟ .
    وماذا تريدون القول من خلال كل ذلك ؟ ولابد أن يكون لدينا ما نقوله أمام هذه التساؤلات ، إن ابا عبد الله الحسين ( عليه السلام ) لم يقم من أجل أن يقتل دون أن يقول ما يريد وما يهدف من وراء ذلك القيام ، إنه قال ما يريد ، وشرح اهداف نهضته وحدد الغاية من وراء قيامه .
    إنما الشعارات التي أحيت الإسلام وأحيت التشيع وزلزلت أساس حكم الخلافة الاموية ، تلك الخلافة لو لم تكن ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) لبقيت ، ربما لالف عام مهيمنة على مصير البلاد الإسلامية ، ولم يكن باستطاعة بني العباس أن يحكموا لمدة خمسمئة عام ، بعد أن إنتزعوا الحكم من بني أمية بفضل ذلك الإهتزاز الذي أوجدته واقعة الطف في أركانها ، إن ابا عبد الله الحسين ( عليه السلام ) كان يفتخر في ذلك اليوم أن يعلن بوضوح إنه ينهج نهج أبيه علي المرتضى ( عليه السلام ) .
    إن أبيات الشعر التي كان يرددها أبوعبد الله الحسين ( عليه السلام ) في يوم عاشوراء كثيرة ومختلفة ، وقد نُضمت بأوزان مختلفة ، ومنها ما كان من نُضم الحسين ( عليه السلام ) نفسه ومنها ماكان يستشهد بها ( عليه السلام ) وهي لشعراء آخرين .
    إن أحد الابيات التي كان يرددها أبوعبد الله ( عليه السلام ) في يوم عاشوراء والذي صار بمثابة الشعار العام له ، هذا البيت :


    الموت أولى مِن ركوب iiالعـــارِ و العــــارُ اولى مِــن دخول النـــارِ





  • #2
    وهذا الشعار الحسيني بنبغي أن يطلق عليه شعار الحرية والعزة والشرف ، يا جماهير العلم في كل مكان ! أتعرفونه لماذا قتل الحسين حتى آخر قطرة من دمه ، ودم احبائه واصحابه ؟ ، لأن الحسين قد تربى في حجر النبي وعلي ، وشرب حليب الزهراء البتول ( إنه تعبير الحسين نفسه ) ، وقد نرى الحسين ( عليه السلام ) يخطب خطبته النارية تلك المليئة بالحماس والغيرة ، وكأن اللهيب يخرج من فم الحسين ( عليه السلام ) وهويقول : " ألا وإن الدعي أبن الدعي " ( اي ابن الزانية ) هذا الذي هوأميركم ، وقائدكم ( قد ركز بين إثنتين بين السلة والذلة ) أتدرون ما الذي يقترحه علي ؟ إنه يقول " إن على الحسين أن يستسلم ذليلاً ، خانعاً ، لإرادتي أو فلينتظر السيف " إن الحسين ( عليه السلام ) يقول له ( هيهات منا الذلة ) فالحسين لن يذل ولن يركع .
    إن الله لن يقبل هكذا ذلة للحسين ! ألا تعرفون من أنا ؟ وهذا الدعي إبن الدعي إلا يعرف بأي حضن كبر الحسين وترعرع ؟ ! ، كانت هذه هي طبيعة الشعارات في يوم عاشوراء ، أيها الاخوة أصحاب المآتم الحسينية اليوم يا من تبحثون عن شعار لمسيرتكم ، إن عظمة أبي عبد الله شيء ونحن شيء آخر ، دعونا نجعل شعاراتنا التي نرفعها في المسيرات واللطميات الحسينية ، فعلاً شعارات حسينية ، فشعارات الحسين من نوع متميز ، فأنت تراه ينادي مرة : ( ألاترون ان الحق لا يعمل به ، وان البالطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ) .
    إن شعارات الحسين ( عليه السلام ) كانت شعارات إحيائية أي شعارات تنبع منها الحياة ، قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )) (14) وإذا كان الحسين إبن علي بشخصه لم يعد موجوداً بيننا فأن المطلوب أن يفتح الناس اعينهم وينهضوا في كل عام ومع طلوع كل محرم ليسمعوا نداء الحسين يرن في آذانهم : (( ألا ترون إن الحق لايعمل به ، وإن الباطل لا يتناهى عنه )) ، نعم فعاشوراء بالنسبة لنا ينبغي إن تكون يوم الإحياء ، وتطهير الأنفس في الكوثر الحسيني ويجب أن تكون عاشوراء لنا مناسبة ، لنتعلم منها مبادئ الإسلام وأُسس الدين وبعث روح الحياة فينا .
    فنحن نرفض أن ننسى واجب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، كما لا نريد لحِس الشهادة والجهاد والتضحية في سبيل الحق ، أن يبتعد عنا ، ولا لروح الفداء في سبيل الحق أن يموت فينا ، هذه هي فلسفة عاشوراء الحقيقية ، لا كما يريدها البعض أن تكون بأن نرتكب الذنوب ، ثم تأتي المناسبة فنشترك بها حتى تغفر لنا ذنوبنا ! .
    إن الذنوب لتغفر في الواقع ، عندما تُجبَل أرواحنا مع روح الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، إن شعارات أبي عبد الله هي شعارات إحياء الإسلام .
    فهذه هي اذاً مدرسة عاشوراء ، ومضمون شعارات الحسين ، وهكذا يجب أن تكون شعاراتنا في المجالس والمسيرات والمآتم الحسينية ، شعارات إحائية وحماسية وليست شعارات مخدرة ومميتة للشعور ، لأنها إن كانت كذلك ، لن تصبح دون أجر أوثواب فحسب ، بل إنها تبعدنا عن الحسين ( عليه السلام ) ، ان الشجاعة وقوة القلب ، اللتان ابداهما الحسين ( عليه السلام ) في يوم عاشوراء ، أنست العالم كل الشجعان ، وهذا الكلام هو باعتاف العدو نفسه ( والله مارئيت مكسوراً قط قد قتل أهل بيته ، وولده وأصحابه ، أربط جأشاً منه ) .
    إنه كان يرفع شعار التوحيد ، في نفس اللحظة التي كان يمنح فيها الطمأنينة لزينب وآل البيت ، بأنه لازال على قيد الحياة ، لا سيما وأنه كان قد أمرهم بعدم الخروج من الخيام ، مادام هو على قيد الحياة .
    سيدي أبا عبد الله فإن حريمك لم يخرجن من الخيام عملاً بتعليماتك ، إلا بعد أن رأين جوادك من دون صاحب .

    دور الشباب في ثورة الحسين ( عليه السلام )
    إن لمرحلة الشباب دور مهم ، وخطير في حياة الإنسان ولذا ينبغي أن لا يدع هذه الفرصة تمر مرور السحاب ، بل عليه أن يستغل مرحلة شبابه لما يقوم فكره وسلوكه وأخلاقه ، ولقد كان للشباب في معركة الطف الفاصلة دور فعال فقد وقفوا مواقف بقيت آثارها الى اليوم محركة للتاريخ ، ومقومة لمسيرته ، ونحن نذكر بعض مواقف الشباب الذين أبوا ألا أن يقدموا انفسهم فداء للإسلام بين يدي الحسين ( عليه السلام ) ومن هؤلاء :
    1 ـ عمر ابن جنادة الانصاري : وهوشاب جاء مع امه وأبيه ، وبعد أن إستشهد أبوه وهوإبن إحدى عشر سنة جاء يستأذن الحسين ( عليه السلام ) للمبارزة فأبى عليه الحسين ( عليه السلام ) وأرجعه فقال الغلام : أن أُمي هي التي أمرتني يا أبن رسول الله ، وكان كل مبارز من أصحاب الحسين ( عليه السلام ) اذا برز يرتجز ، ويذكر أسمه وإسم أبيه أونسبه وعشيرته ولكن هذا الشاب لم يذكر إسمه وإسم أبيه وما إنتمى إلى عشيرته بل إنتمى إلى الحسين ( عليه السلام ) فبرز يقول :


    أميري حسينٌ و نِعم الاميرِِ سـرورُ فؤادِ البشيرِ iiالنذير
    عـليٌ و فـاطمــةٌ و iiالـداهُ فـهل تعلمون لهُ من iiنظـيرِِ(15)



    2 ـ عبد الله إبن عمير الكلبي : وهو شاب مقاتل شديد المراس وخاض غمار الحرب حتى قتل تسعة عشر فارساً وإثني عشر راجلاً ثم قتل بعد ذلك .
    هذان نموذجان من النماذج التي فدت نفسها لرسالة الله ، ومضت على هدي أهل البيت وكثير غيرها من أصحاب الحسين ( عليه السلام ) وأما من أهل بيته فكثيرون نذكر منهم القاسم إبن السبط المجتبى ( عليه السلام ) ، فقد برز إلى الميدان وهوغلام لم يبلغ الحلم فخرج ودموعه تسيل على خديه وهويقول :


    إن تـنكروني فأنا نجلُ iiالحسن سبط النبي المصطفى و المؤتمن
    هـذا حـسينٌ كالاسيرِ iiالمرتهن بينَ اناسٍ لاسقوا صـــوبَ iiالمزن



    وبعده إستشهد فرفع الحسين طرفه إلى السماء قائلاً :
    " اللهم أحصهم عدداً ، ولا تغدر منهم احداً ، ولا تغفر لهم ابداً ! صبراً يا بني عمومتي يا أهل بيتي ، لا رأيتم هواناً بعد اليوم ابداً " .
    إن شهداء الطف سينالون عند ربهم أرفع الدرجات وأجل الكرامات الذين فاقوا سائر الشهداء بثباتهم وتصميمهم على التضحية في سبيل الله ونصرة الحسين ريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع قلتهم وكثرة اعدائهم المتكالبين عليهم .

    حق الحسين ( عليه السلام ) على المسلمين والمؤمنين بنهضته لإحياء الدين



    قتل الحسين لينقذ العاصين من اشـياعه مـن حر نار iiتشعل
    و الشيعــــة العاصــون ودوا iiانهم دخـــلوا الـجحيم و انه لا iiيقتل



    الإمام الحسين ( عليه السلام ) له حق عظيم على جميع المسلمين والمؤمنين إذ صار سبب لهدايتهم إلى الإسلام والإيمان ، لانه أرواحنا فداه قد فدى نفسه ونفوس الأعزاء من أهل بيته وأصحابه إلى إحياء دين جده ( صلى الله عليه وآله ) .
    نعم إن الحسين ما قام هذا القيام الخالد وما نهض تلك النهضة المقدسة في سبيل منفعة دنيوية ، وما رفض البيعة ليزيد جرياً وراء مصلحة ذاتية ، وما إنتقل من المدينة إلى مكة في سبيل بيعة ، وما قصد العراق حباً في الشهرة ، ولوكان الأمر كذلك لبقي الحسين ( عليه السلام ) بمكة ولشهد الحج تلك السنة ، ولدعا الناس إلى نفسه عند إجتماع الناس بموقف عرفة ومنى وغيرهما من المواقف الاخرى ، أو لسمع من بعض نصائحه حين أشاروا عليه بالبقاء حيث هو، أو الرحيل إلى اليمن ولكنه ( عليه السلام ) اراد ما هو اسمى وأعظم من ذلك كله ، الا وهو احياء دين جده ، لانه لو لم يات الحسين كربلاء ويوطن نفسه المقدسة لتحمل تلك المصائب التي لا تقوم بحملها الجبال ، ولتلك الخطوب التي يقصر عن ذكرها المقال والتي منها سبي العيال والأطفال وبقاء جسده الشريف مع اهل بيته وأصحابه ثلاثة ايام على وجه الرمال ، لما ظهر هذا الدين الذي به حياة المجتمع الانساني .
    وربما يتسائل البعض هنا فيقول : كيف كان احياء الدين وظهوره بنهضة الحسين ( عليه السلام ) وقتله ؟ ، الجواب :
    نعم ذلك لان المنافقين من بني أُمية وغيرهم الذين دفعوا أهل البيت عن مقاهم ، وازالوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها ، هؤلاء المنافقون ظهروا للناس بمظهر النيابة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وإنهم خلفاؤه من بعده ، وتظاهروا بتأييد دينه وخدمة شريعته فخفي أمرهم على كثير من الناس وإغتروا بهم وبنفاقهم (16) .

    أول مآتم عقد للحسين ( عليه السلام )
    عندما بشر جبرائيل النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) بولادة الحسين من إبنته الزهراء ( عليها السلام ) فرح فرحاً شديداً ولكن سرعان ما تبدد هذا الفرح وتحول إلى حزن وذلك عندما أخبر جبرائيل الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) بأن ولده هذا سوف يقتل من قبل أُمته في أرض تسمى كربلاء في العراق ، ولكن الله سبحانه وتعالى على أثر شهادته وكرامة له يجعل من صلبه تسعة من الائمة الطاهرون المطهرون آخرهم قائمهم ( عج ) يملأ الله به الارض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظُلماً وجوراً ، ولذلك كان أول مآتم عزاء حقيقي في تاريخ هذه الأُمة عندما ولد الحسين ( عليه السلام ) حيث بكته اُمه الزهراء وأباه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وكذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والى ذلك أشار التاريخ عبر رواياته وتاريخه الحافل وإن أول مآتم للحسين اقيم في عهد هذه الامة في زمن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلو نظرنا الى قولهِ هذا نجد هناك قرينة واضحة البيان وهي ( في عهد هذه الامة ) دالة على انه كانت هناك مآتم في غير عهد هذه الامة ، إذن كانت هناك مآتم عزاء على الحسين ( عليه السلام ) من قل الانبياء والرسل الذين سبقوا خاتم الانبياء محمد ( صلى الله عليه وآله ) ولكن كيف أقاموا هؤلاء الأنبياء المآتم على الحسين وكيف بكوا عليه ؟ هذا ما نجده واضحاً من خلال إستقراء التاريخ حيث يخبرنا التاريخ إن ذلك كان ناتج من أخبار الله تعالى لهم بما يجري على الحسين ( عليه السلام ) وأن يجعلوه وسيلة لقربه وأن يدعوا على قاتليه باللعنة وسوء العذاب (17) ، إذن كان أول مآتم في عهد اُمه الزهراء حيث بكت عليه وناحت لاجله لذا لا بد لنا أن نقوي علاقتنا مع الحسين لما له من تأثير كبير في زيادة علاقاتنا بالصديقة الطاهرة فاطمة ( عليها السلام ) .

    خلود ذكر الحسين ( عليه السلام ) إلى يوم القيامة
    كانت نهضة الحسين ( عليه السلام ) جزء من أجزاء العلة التامة في تثبيت رسالة الإسلام إلى الناس ، وبذلك بقيت واقعة الطف حية نابضة بالحياة إلى يوم القيامة ، وقد حث أئمة اهل البيت ( عليهم السلام ) على إبقاء جذوة مظلومية الحسين ( عليه السلام ) مشتعلة في كل مكان وزمان عبر وسائل فعالة مرتبطة بحياة الإنسان الشخصية والإجتماعية ، ومنها :
    أ ـ مجالس الحسين ( عليه السلام ) :
    إن الاخبار الواردة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) تفيد بأستحباب عقد المحافل للتذكير بفاجعة الطف ، ومن تلك الأخبار :
    قول الإمام الرضا ( عليه السلام ) : (( من ذكر مصابنا فبكى وأبكى ، لم تبكِ عينه يوم تعمى العيون )) (18) .
    وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (( من ذكرنا أوذُكِرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب عفى الله ذنوبه )) .
    وعن الإمام الباقر (عليه السلام ) : (( ويتلاقون بالبكاء عليه بعضهم بعضاً في البيوت واليعزِّ بعضهم بعضاً بمصاب الحسين )) .
    تلك المجالس تبقى الرابطة الدينية لحفظ المذهب قوية وفاعلة ، وقد تحرى أهل البيت ( عليهم السلام ) مختلف أساليب البيان للتعبير عن ذلك .
    ب ـ البكاء على الحسين ( عليه السلام ) :
    قال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : " من تذكر مصابنا ، وبكا لما أُرتكب منا ، كان معنا في درجتنا يوم القيامة ، ومن ذُكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون ، ومن جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب " (19) .
    إن البكاء على الحسين ( عليه السلام ) له أبعاد غير ما يتصور الجاهلون لواقعة الطف ومن أهم ابعاد هذا البكاء هو حفظ الإسلام حياً في القلوب ، وإبقاء وتصعيد وإنقاذ روح الثورة وتأججها ، وإن البكاء يديم حالة الرفض السياسي للأنظمة غير المشروعة ، ويعبر ايضاً عن شدة العلاقة والإنجذاب نحو الحسين ( عليه السلام ) والنفر والرفض لاعداءه والتجاوب مع الحدث .
    ج ـ السجود على التربة الحسينية :
    فالسجود في الصلاة واجبة أومستحبة لا يتم إلا على ارض طاهرة ، ومن الاساليب التي اتبعها أئمة اهل البيت ( عليهم السلام ) للتعريف بمظلومية سيد الشهداء ( عليه السلام ) هو أمرهم بالسجود على تربة طاهرة من كربلاء وتلك تربة طهرها (20) الله عز وجل بدماء سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه فهم ( سادة الشهداء لا يسبقهم سابق ولا يلحقهم لاحق ) .
    د ـ زيارة الحسين ( عليه السلام ) :
    كان الحث على زيارة الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء من الاساليب التي إستثمرها أئمة اهل البيت ( عليهم السلام ) في احياء رسالة الإمام ( عليه السلام ) في الاصلاح ، وجعلها متوقدة دوماً ، قال الإمام الحسين ( عليه السلام ) : " أنا قتيل العبرة ، قتلت مكروباً ، وحقيقٌ علي ان لا ياتيني مكروبٌ قط إلا رده الله وأقبله إلى أهله مسروراً " (21) .
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( من زار الحسين عارفاً بحقه كتبه الله في اعلى عليين والملائكة والمقربين ) .

    الخاتمة
    إن الشعائر الدينية التي ينبغي أن تصان ، وهي شعائر سياسية يلزم التمسك بها وإنها شعائر تحمل روح الرفض والوقوف بوجه الظلم ، وتتحدى الظالين بكل اشكالهم .
    لقد إنفجرت روح النضال في الاُمة ، واستيقظ الضمير الديني ، ونفض عن نفسه ركام الذل والهوان فثورة الحسين ( عليه السلام ) أعادت للامة شخصيتها وهويتها ، وسوف تستمر هيبة الحسين مسيطرة على النفوس حتى وهو صريع يعاني من جراح السيوف وطعن الرماح ، ولم تتوقف جاذبية الحسين حتى بعد أن إختفى جسداً تألق روحاً وفكراً ورمزاً لكل ثوار الحق في العالم وألقى الله في قلوب الناس ـ اعداء ومحبين ـ حبه وأحياء ذكره في بيوت اعدائه وقاتليه .
    الإمام الحسين ( عليه السلام ) من أبرز من خلدتهم الانسانية في جميع مراحل تاريخها ، ومن أروع من ظهر على صفحات التاريخ من العظماء والمصلحين الذين ساهموا في بناء الفكر الانساني ، وإن نهضة الحسين ( عليه السلام ) من افضل سبل إنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة .
    * إن للباطل جولة وللحق دولة .
    * قال أحد العلماء كل ما عندنا من الحسين ( اي كل شيء من العلم والعزة والدين . . . ) .
    * السلام عليك ياثار الله وابن ثاره.

    الهوامش
    (1) بحار الأنوار .
    (2) الملحمة الحسينية .
    (3) أئمة اهل البيت .
    (4)الإمام الحسبن ( سيد الشهداء ) ـ منتهى الآمال .
    (5)سورة يونس : الآية 71 .
    (6)سورة الاعراف : الآية 196 .
    (7) سورة الدخان : الآية 20 .
    (8) سورة غافر : الآية 27 .
    (9) سورة البقرة : الآية 197 .
    (10) الإمام الحسين ( عليه السلام ) سيد الشهداء ، مقتل الحسين (عليه السلام ) الخوارزمي .
    (11) منتهى الآمال في تواريخ النبي وآله ( ص ) .
    (12) الإمام الحسين في بحار الانوار .
    (13) الملحمة الحسينية .
    (14) سورة الانفال : الآية 23 .
    (15) الإمام الحسين شمس لن تغيب .
    (16) المجالس الحسينية .
    (17) الأسرار الفاطمية .
    (18) آمالي الشيخ الصدوق .
    (19) الإمام الحسين شمس لن تغيب .
    (20) الإمام الحسين بن علي ( عليهما السلام ) سيد الشهداء .
    (21) الإمام الحسين بن علي ( عليهما السلام ) سيد الشهداء

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد و على آل بيته الطيبين الطاهرين
      السـلام عليـكم ورحمـة الله وبركاتـه
      "اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين "

      اللهم صل على محمد وآآآآآآآآآل محمد





      عظم الله اجورنا واجوركم في مصاب ابا عبد الله الحسين عليه
      سيدي يا أبا الاحرار ويا سيد الشهداء والابرار .. يا حسين لان كان للعز أن يتجّسّد وللمبادىء ان تتصمّد وللدماء أن تتخلّد وللمثل الاكمل ان يتمجّد ..فها انت لها يا سيدي القمة الاسمى والمثل الاعلى.. يا ابن الرسالة العصماء والدعوة الغراء يا سليل سيد البشر وشبل الحيدر الكرار وسليل البتول الكوثر الزهراء وأخا الزكي الناصح الامين وأبا العصم الطهر الاخيار ...


      الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ

      اللهم صلي على محمد وأل محمد وعجل فرج صاحب العصر و الزمان
      عٌــظــُــمِ اللٌه أآجــــٌـوِرِنــــًُــا وِ أآجــٌـوِرِكـْمُ بـــٌـمـصـٌاب أآبــــٌـا عبــًُداللِه الــٌــحــسُيــنُْ
      اللهم العن اوضالم ضلم اهل البيت واخر تابع لهم
      السلام عليك يااباعبدالله 00السلام على الارواح التي حلت بفنائك
      سلام مني مابقيت وبقي اليل والنهار يا ابا عبدالله




      ربي يعطيك الف عافيه ع الطرح الولائي الحسيني
      لا عدمنااا ابداعك بحق ابا عبداللهواخته ام المصائب زينب

      تعليق


      • #4
        "اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X