إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التعصب المذهبى عند أهل السنه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التعصب المذهبى عند أهل السنه

    بسم الله الرحمن الرحيم


    تمهيد

    إن البحث في المذاهب الفقهية والأصولية التي ظهرت في تاريخ الإسلام والمسلمين، يحتاج إلى دراسات تاريخية معمقة وعلمية، بعيدا عن كل تعصب أو انحياز مسبق لجهة ما. على اعتبار أنها الحق، أو أنها الميزان الذي يوزن به غيرها. وإذا كان البحث الموضوعي هو حب الوصول للحقيقة، فلا بد أن يكون بصدق وموضوعية بعيدا عن التأثر بعوامل أخرى، وبذلك يكون الباحث فقد نال شرف خدمة الحق واتباعه..

    ولا بد لنا أن نلمس خطورة البحث وأهميته. لهذا يلزمنا أن نتجرد عما يخالف الحقيقة، بل يجب أن نخوضه بروح هادفة، ونية خالصة لمعالجة هذا الموضوع الذي له دخل بواقع المسلمين الحاضر والماضي. فالحوادث المؤلمة التي توالت على مسرح حياتنا في جميع الأدوار وما أدت إليه من نتائج سيئة في المجتمع الإسلامي، وإن كانت نتيجة عوامل كثيرة متداخلة، إنما يعود إلى التعصب المذهبي. فهو المؤثر الأكبر والعامل القوي في تفرق المسلمين شيعا وأحزابا، وقد انقسموا على أنفسهم انقساما شائنا. فكل يتهم الآخر بالانحراف عن الدين، وكل طائفة اعتزلت الأخرى (1).

    والحقيقة التي يجمع عليها جل المؤرخين، والمحققين منهم بالخصوص، هي أن ظهور هذه المذاهب لم تكن بمعزل عن الصراعات السياسية، وقيام الأسر الحاكمة، وانهيار الأنظمة السياسية التي تعاقبت على الحكم طوال التاريخ

    ____________

    (1) أسد حيدر، الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، م 3 ص 11.
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 100
    --------------------------------------------------------------------------------

    الإسلامي. كما أن أول قضية اختلف حولها المسلمون الأوائل من الصحابة كانت مسألة الخلافة أو الإمارة. وإذا كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها كما أعلن الخليفة الثاني " عمر بن الخطاب "، فإن خلافة عثمان قد جلبت الفتن للمجتمع الإسلامي. فانتثر عقد الوحدة الإسلامية الذي لم يستطع الإمام علي بن أبي طالب أن يعيده إلى ما كان عليه، فاستشهد عليه السلام وقلبه تملأه الحسرة والألم. ومع موته تولى زمن ما سمي ب‍ " الخلافة الراشدة " إلى غير رجعة. ونط القردة على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وامتلكوا مقدرات الأمة الفتية بعدما سالت أنهار من الدماء. وراحوا يوجهون الأمة الإسلامية عكس ما أراد لها الرسول وأصحابه الذين تحملوا في سبيل الدين الجديد المحن والشدائد العظيمة.

    ولقد صدق ذلك الصحابي أو التابعي عندما قال: - في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي، والي الأمويين على العراق - وهو يقرأ قوله تعالى: * (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا...) * قال: كان ذلك على زمن رسول الله، أما الآن فإنهم يخرجون منه أفواجا.

    لقد بدأ عصر الانحراف الكبير مع وصول الأمويين إلى سدة الحكم. وإذا كان بعض المتدينين والعلماء قد شكك في شرعية حكمهم - أي الأمويين -.

    فإنهم قد حاولوا تجاوز هذا التشكيك بتحريف وتزوير كل النصوص والأحاديث التي تقدح في حكمهم، أو تنفي الشرعية عنهم. وبذلك أخفيت نصوص وأحاديث تؤيد هذا الاتجاه. وأعلن الأمويون البراءة ممن يحدث بها، وأن دمه وماله حلال إن هو تكلم بها أو رواها.

    في المقابل تقدم عدد من الأعراب وأعطوا المال الجزيل للرواية عن الرسول ووضع الأحاديث على لسانه، دعما لرغبات ملوك بني أمية وأهوائهم. وشارك في ذلك عدد ممن عرفوا بصحبتهم للرسول، حيث باعوا دينهم بأبخس الأثمان. فانتشرت حركة الوضع، وكثر الرواة الكذبة، ودخل الحديث النبوي
    --------------------------------------------------------------------------------
    الصفحة 101
    --------------------------------------------------------------------------------

    سوق المزايدة، فهذا حديث يروى بألف درهم، وآخر يروى مقابل مائة ألف درهم. لذلك ذهب المحققون من علماء الحديث إلى أن أغلب ما روي في فضائل الصحابة وخصوصا الخلفاء الثلاثة وبني أمية، إنما صنع واختلق في تلك الحقبة. وأن أغلبه له يصح ولا يثبت أمام الجرح والتعديل، لأن مضامينه مختلفة ومتناقضة. كما أن صبغة المبالغة والتطرف في الخيال بارزة في عدد كبير من هذه الأحاديث والروايات.

    لكن - ومع كامل الأسف والحسرة - فإن حركة الوضع لم تقتصر على القضايا السياسية وما يرتبط بها، بل ستتعداها لتشمل جل القضايا الدينية، الفرعية منها والأصولية. وكثرت بذلك الروايات المختلفة والمتناقضة عن الرسول في المسألة الواحدة. فبعضهم يروي بأنه (ص) مسح على رجليه عند الوضوء، والآخر يختلف معه ويأتي برواية تفيد بأن الرسول (ص) قد غسل رجليه. والبعض الآخر يقول كان الرسول يصلي واضعا يده اليمنى على اليسرى، وغيره ينفي ذلك ويقول إنما شوهد عليه الصلاة والسلام مسبلا يديه في الصلاة.

    اجتمع الأوزاعي بأبي حنيفة بمكة فقال الأوزاعي ما بالكم ترفعون أيديكم عند الركوع والرفع منه ؟ فقال أبو حنيفة لم يصح عن رسول الله في ذلك شئ. فقال الأوزاعي كيف وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه، فقال أبو حنيفة حدثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه إلا عند افتتاح الصلاة ولا يعود لشئ من ذلك فقال الأوزاعي: أحدثك عن الزهري عن سالم عن أبيه وتقول حدثني حماد عن إبراهيم ؟ فقال له أبو حنيفة: كان حماد أفقه من الزهري وكان إبراهيم أفقه من سالم وعلقمة ليس بدون ابن عمر إن كان لابن عمر صحبة أو له فضل صحبة، فالأسود له فضل كثير


    وعبد الله هو عبد الله، فسكت الأوزاعي

    وغير ذلك من الاختلافات التي تبدأ من تفاصيل الوضوء الجزئية وتنتهي إلى أعقد المسائل العقائدية الخاصة بصفات الله ومشكلات القدر وخلق العالم وغيرها من القضايا المهمة. فليس هناك مسألة إلا وفيها مئات الأحاديث المتضاربة والمتناقضة. طبعا قد يعزو البعض هذه النتيجة إلى اجتهاد الخليفة الثاني " عمر بن الخطاب " الذي نهى عن كتابة وتدوين الحديث على عهده.

    وإن كان ذلك صحيحا إلى حد ما، فإن الأمويين سيستغلون النتائج السلبية لهذا الاجتهاد أفضع استغلال. وبذلك تكون لبنات التحريف في الإسلام قد وضعت، وقام بنيانها في هذا العهد بالذات. ومع أن جملة من العلماء وخيار المسلمين ومن أخذتهم الغيرة على دين التوحيد الجديد، قاموا في وجه هذا التيار ونددوا به وحاولوا إيقافه، إلا أن الخرق قد اتسع على الراقع. فحركة الوضع أصبحت ظاهرة خطيرة لا يمكن التحكم فيها أو مواجهتها، خصوصا وهؤلاء الرواة يلقون الدعم المالي والمعنوي من السلطة الحاكمة. لذلك كانت النتائج وخيمة جدا على الإسلام والمسلمين. فعندما سيلقى القبض بعد ذلك على ابن أبي العوجاء الراوي الكبير وأحد الوضاعين المشهورين، سيعترف قبل قتله بأنه وضع أربعة آلاف حديث يحرم فيها الحلال ويحلل فيها الحرام.

    وانظر ما يقوله ابن لهيعة: قالت سمعت شيخا من الخوارج تاب فجعل يقول إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا (3).

    وهكذا كان الحال عند أغلب الفرق السنيه

    (2) محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ج 1 ص 321 (3) الفكر السامي، ص 307.
    منقولللللللل مركز الابحاث العقائديه


    --------------------------------------------
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X