نزولا عند رغبة الاخوة الاعضاء وردا لهذه الرواية الموضوعة والهادفة الى الانتقاص من هذه الشخصية العظيمة شخصية امير المؤمنين علي (ع) من ناحية وتغطية لاعمال ابا بكر وعمر في حق فاطمة (ع) وظلمها من ناحية اخرى والذي ثبت ان الرسول (ص) لم يقل حديثه المشهور ((فاطمة بضعة مني يؤذيني ما اذاها )) الا ليكون حجة على من ظلمها لا كما يدعي القوم اورد سلسلة حلقات لكتاب وضع لرد هذه الرواية الباطلة سألا الله عز وجل نصرة أولياءه الصالحين وتعجيل فرج مولانا القائم المهدي (ع)
الحلقة الاولى
معلومات الكتاب :
خطبة علي بنت أبي جهل
تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني
سلسلة الكتب المؤلفة في رد الشبهات
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية
فهرس المطالب
(1) مخرّجو الحديث وأسانيده
? الرسالة
? رواية البخاري
? رواية مسلم
? رواية الترمذي
? رواية ابن ماجة
? رواية أبي داود
? رواية الحاكم
? رواية ابن أبي شيبة
? رواية أحمد
? روايته في المسانيد والمعاجم
(2) نظرات في أسانيد الحديث
? رواية ابن عباس
? رواية علي بن الحسين عليهما السلام
? رواية عبدالله بن الزبير
? رواية عروة بن الزبير
? رواية محمد بن الحنفية
? رواية سويد بن غفلة
? رواية الشعبي
? رواية ابن أبي مليكة
? رواية رجل من أهل مكة
? الكلام على حديث مسور، وهو أصحها عندهم
(3) تأملات في متن الحديث ومدلوله
? تأملات في خصوص حديث مسور
? تأملات في ألفاظ الحديث
? تأملات في معناه ومدلوله
? نتيجة التأملات
? تنبيهات
? تتمة
? كلمة الختام
الرسائل العشر
في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة
(6)
رسالةُ
في حديث
خطبة عليّ بنت أبي جهل
--- ... الصفحة 5 ... ---
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
وبعد..
فإن السنة النبوية وأخبار الرسول الكريم وأصحابه، وحوادث صدر الإسلام.. المنعكسة في كتب الحديث والتواريخ والسير... بحاجة ماسة إلى التحقيق والتمحيص والدراسة العميقة الدقيقة.. لما لها من الأهمية الفائقة في حياتنا العقائدية والعملية.. تحقيقاً وتمحيصاً بعيداً عن الأغراض والتعصبات والأهواء والانحيازات... وهذه هي أولى الخطوات الواجب اتخاذها في سبيل خدمة تراثنا، وإحيائه ونشره....
لقد ولّت عصور التعصب، وتفتّحت العيون، وتنورّت الأفكار وتوفرت الإمكانيات، وانتشرت الكتب... فلا يسعنا التهاون في هذا الواجب ثم إلقاء عبء القيام به على الاخرين، أو القول بصحّة كل ما جاء في هذا الكتاب أو ذاك من كتب الأقدمين...
صحيح أنّ المحدّثين لم يدونوا جميع ما رووه ووعوه، بل أودعوا في «المصنفات»
--- ... الصفحة 6 ... ---
و «الصحاح» و «السنن» و «المسانيد» و«المعاجم».. ما توصّلوا باجتهادهم إلى ثبوته ونقّحوه وصحّحوه... لكن ذلك لا يغنينا عن النظر في أحاديثهم، ولا يكون عذراً لنا ما دمنا غير مقلّدين لهم في آرائهم...
وحديث خطبة أمير المؤمنين عليه السلام ابنة أبي جهل على حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده الزهراء الطاهرة سلام الله عليها من أوضح الشواهد وأتمّ المصاديق لما ذكرنا...
لقد راجعنا هذا الحديث المتعلّق بالنبي والإمام والزهراء... في جميع مظانه، ولاحظنا أسانيده ومتونه، فتدبّرنا في أحوال رواته على ضوء كلمات أعلام الجرح والتعديل، وأمعنا النظر في مدلوله على أساس القواعد المقررة في كتب علوم الحديث.. وبالاستناد إلى ما ذكره المحققون من شراح الأخبار.. فوجدناه حديثاً موضوعاً، وقضيّة مختلقة، وحكاية مفتعلة... يقصد من ورائه التنقيص من النبي في الدرجة الأول، ثم من علي والصديقة الكبرى...
إنه حديث اتفقوا على إخراجه في الكتب... لكنه مما يجب إخراجه من السنة!!
هذه نتيجة التحقيق الذي قمت به حول هذا الحديث الذي لم أقف على من بحث حوله كما بحثت، وما توفيقي إلآ بالله وعليه توكلت.... وإليك التفصيل:
--- ... الصفحة 7 ... ---
(1)
مخرّجوا الحديث وأسانيده
قد أشرنا إلى أن الحديث متفق عليه. لكن لا بين البخاري ومسلم فحسب، بل بين أرباب الكتب الستة كلّهم.. وأخرجه أيضاً أصحاب المسانيد والسنن.. وغيرهم، مّمن تقدّم عليهم وتأخر عنهم.. إلآ القليل منهم.
ونحن نستعرض اولاً ما ورد في أهمّ الكتب الموصوفة بالصحة عندهم، ثم ما أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ثم نتبعه بما رواه الآخرون.
رواية البخاري
أخرج البخاري هذا الحديث في غير موضع من كتابه:
1 ـ فقد جاء في كتاب الخمس: «حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا يعقوب ابن إبراهيم، حدثنا أبي، أن الوليد بن كثير حدّثه، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، حدّثه أن ابن شهاب حدّثه: أن عليّ بن حسين حدّثه: أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن علي رحمة الله عليه لقيه المسور بن مخرمة فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ فقلت له: لا. فقال: فهل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم ؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه ؟ وأيم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليهم أبداً حتى تبلغ نفسي.
إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليها السلام فسمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يخطب الناس في ذلك على منبره هذا ـ وأنا يومئذ محتلم ـ فقال: إنّ فاطمة مني، وأنا أتخوّف أن تفتن في دينها. ثم ذكر صهراً له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إيّاه» قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالاً ولا أحلّ حراماً، ولكن ـ والله ـ لا تجتمع بنت رسول الله وبنت
--- ... الصفحة 8 ... ---
عدوّ الله أبداً»(1)
2 ـ وجاء في كتاب النكاح: «حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: سيف رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يقول ـ وهو على المنبرـ: إن بني هشام بن المغيرة آستأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم عليّ بن أبي طالب. فلا آذن ثم لا آذني ثم لا آذن. إلأ أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويوذيني ما آذاها»(2).
3 ـ وجاء في كتاب المناقب ـ ذكر أصهار النبي منهم أبو العاص بن الربيع ـ «حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني علي بن الحسين أن المسور بن مخرمة قال: إن علياً خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل.
فقام رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد، أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدّثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني أكره أن يسؤها، والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد.
فترك علي الخطبة.
زاد محمد بن عمرو بن حلحلة: عن ابن شهاب، عن عليّ، عن مسور سمعت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم وذكر صهراً له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي»(3).
4 ـ وجاء في باب الشقاق من كتاب الطلاق: «حدّثنا أبو الوليده حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة الزهري، قال: سمعت النبي صلى الله عليه
____________
(1) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 6|161 ـ 162.
(2) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 9|268 ـ 270.
(3) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 7|68
--- ... الصفحة 9 ... ---
[وآله] وسلّم يقول: إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح عليّ ابنتهم. فلا آذن»(1).
رواية مسلم
وأخرجه مسلم في باب فضائل فاطمة فقال:
1 ـ «حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس وقتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث ابن سعد، قال ابن يونس: حدثنا ليث، حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي أن المسور مخرمة حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم عل المنبر وهو يقول: ألا إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم...».
2 ـ «حدثني أحمد بن حنبل، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن الوليد بن كثير، حدّثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب حدّثه أن علي ابن الحسين حدّثه أنهم حين قدموا المدينة...».
3 ـ «حدّثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني علي بن حسين أن المسور بن مخرمة أخبره أن عليّ بن أبي طالب خطب...»
4 ـ «وحدثنيه أبو معز الرقاشي، حدثنا وهب ـ يعني: ابن جرير ـ، عن أبيه، قال: سمعت النعمان ـ يعني: ابن راشد ـ يحدّث عن الزهري بهذا الإسناد نحوه»(2)
رواية الترمذي
وأخرجه الترمذي في كتاب المناقب / فضل فاطمة:
1 ـ «حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة. قال: سمعت النبي صلى الله عليه [واله] وسلّم يقول ـ وهو على المنبرـ: إن بني هشام
____________
(1) صحيح البخاري ـ بشرح العسقلاني ـ 8|152.
(2) صحيح مسلم ـ بشرح النووي هامش إرشاد الساري ـ 9|333 ـ 335
--- ... الصفحة 10 ... ---
ابن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا...
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد رواه عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة نحو هذا».
2 ـ «حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا إسماعيل بن علية، عن ايوب عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير: ان علياً ذكر بنت أبي جهل...
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
هكذا قال ايوب، عن ابن أبي مليكة، عن الزبير. وقال غير واحد عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة. ويحتمل أن يكون الى أبي مليكة روى عنهما جميعا»(1)
رواية ابن ماجة
وأخرجه ابن ماجة في كتاب النكاح باب الغيرة:
1 ـ«حدثنا عيسى بن حمّاد المصري، أنبأنا الليث بن سعد، عن عبد الله بن أبن مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو على المنبر يقول: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم...»
2 ـ«حدثنا محمد بن يحيى ثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني علي بن الحسين: أن المسور بن مخرمة أخبره أن علي بن أبي طالب خطب... فنزل عليّ عن الخطبة»(2)
رواية أبي داود
وأخرجه أبو داود في كتاب النكاح قائلاً:
1 ـ «حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن الوليد بن كثير، حدّثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب
____________
(1) صحيح الترمذي 5|698 ـ 699.
(2) سنن ابن ماجة 1|644.
--- ... الصفحة 11 ... ---
حدّثه أن علي بن حسين حدّثه: أنّهم حين قدموا المدينة...».
2 ـ «حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروه، وعن إيوب، عن ابن أبي مليكة بهذا الخبر. قال: فسكت علي عن ذلك النكاح».
3 ـ «حدثنا أحمد بن يونس وقتيبة بن سعيد المعنى (1) قال أحمد: ثنا الليث، حدّثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي: أن المسور بن مخرمة حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم على المنبر يقول: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن، إلأ أن يريد ابن ابي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنها ابنتي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها(2).
رواية الحاكم
وقال الحاكم: 1 ـ «أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أخبرني أبي، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة، قال: خطب علي ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام فاستشار النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: أعن حسبها تسألني ؟ قال عليّ: قد أعلم ما حسبها ولكن أتأمرني بها؟ فقال: لا، فاطمة بضعة مني، ولا أحسب إلآ وأنها تحزن أو تجزع. فقال علي: لا آتي شيئاً تكرهه.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة».
2 ـ «أخبرنا أبو العبّاس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا يزيد بن هارون.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي،
____________
(1) كذا. والصحيح: الثقفي.
(2) الصحيح من سنن المصطفى 1|323 ـ 324
الحلقة الاولى
معلومات الكتاب :
رسالة في حديث
خطبة علي بنت أبي جهل
تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني
سلسلة الكتب المؤلفة في رد الشبهات
إعداد
مركز الأبحاث العقائدية
فهرس المطالب
(1) مخرّجو الحديث وأسانيده
? الرسالة
? رواية البخاري
? رواية مسلم
? رواية الترمذي
? رواية ابن ماجة
? رواية أبي داود
? رواية الحاكم
? رواية ابن أبي شيبة
? رواية أحمد
? روايته في المسانيد والمعاجم
(2) نظرات في أسانيد الحديث
? رواية ابن عباس
? رواية علي بن الحسين عليهما السلام
? رواية عبدالله بن الزبير
? رواية عروة بن الزبير
? رواية محمد بن الحنفية
? رواية سويد بن غفلة
? رواية الشعبي
? رواية ابن أبي مليكة
? رواية رجل من أهل مكة
? الكلام على حديث مسور، وهو أصحها عندهم
(3) تأملات في متن الحديث ومدلوله
? تأملات في خصوص حديث مسور
? تأملات في ألفاظ الحديث
? تأملات في معناه ومدلوله
? نتيجة التأملات
? تنبيهات
? تتمة
? كلمة الختام
الرسائل العشر
في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة
(6)
رسالةُ
في حديث
خطبة عليّ بنت أبي جهل
--- ... الصفحة 5 ... ---
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
وبعد..
فإن السنة النبوية وأخبار الرسول الكريم وأصحابه، وحوادث صدر الإسلام.. المنعكسة في كتب الحديث والتواريخ والسير... بحاجة ماسة إلى التحقيق والتمحيص والدراسة العميقة الدقيقة.. لما لها من الأهمية الفائقة في حياتنا العقائدية والعملية.. تحقيقاً وتمحيصاً بعيداً عن الأغراض والتعصبات والأهواء والانحيازات... وهذه هي أولى الخطوات الواجب اتخاذها في سبيل خدمة تراثنا، وإحيائه ونشره....
لقد ولّت عصور التعصب، وتفتّحت العيون، وتنورّت الأفكار وتوفرت الإمكانيات، وانتشرت الكتب... فلا يسعنا التهاون في هذا الواجب ثم إلقاء عبء القيام به على الاخرين، أو القول بصحّة كل ما جاء في هذا الكتاب أو ذاك من كتب الأقدمين...
صحيح أنّ المحدّثين لم يدونوا جميع ما رووه ووعوه، بل أودعوا في «المصنفات»
--- ... الصفحة 6 ... ---
و «الصحاح» و «السنن» و «المسانيد» و«المعاجم».. ما توصّلوا باجتهادهم إلى ثبوته ونقّحوه وصحّحوه... لكن ذلك لا يغنينا عن النظر في أحاديثهم، ولا يكون عذراً لنا ما دمنا غير مقلّدين لهم في آرائهم...
وحديث خطبة أمير المؤمنين عليه السلام ابنة أبي جهل على حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده الزهراء الطاهرة سلام الله عليها من أوضح الشواهد وأتمّ المصاديق لما ذكرنا...
لقد راجعنا هذا الحديث المتعلّق بالنبي والإمام والزهراء... في جميع مظانه، ولاحظنا أسانيده ومتونه، فتدبّرنا في أحوال رواته على ضوء كلمات أعلام الجرح والتعديل، وأمعنا النظر في مدلوله على أساس القواعد المقررة في كتب علوم الحديث.. وبالاستناد إلى ما ذكره المحققون من شراح الأخبار.. فوجدناه حديثاً موضوعاً، وقضيّة مختلقة، وحكاية مفتعلة... يقصد من ورائه التنقيص من النبي في الدرجة الأول، ثم من علي والصديقة الكبرى...
إنه حديث اتفقوا على إخراجه في الكتب... لكنه مما يجب إخراجه من السنة!!
هذه نتيجة التحقيق الذي قمت به حول هذا الحديث الذي لم أقف على من بحث حوله كما بحثت، وما توفيقي إلآ بالله وعليه توكلت.... وإليك التفصيل:
--- ... الصفحة 7 ... ---
(1)
مخرّجوا الحديث وأسانيده
قد أشرنا إلى أن الحديث متفق عليه. لكن لا بين البخاري ومسلم فحسب، بل بين أرباب الكتب الستة كلّهم.. وأخرجه أيضاً أصحاب المسانيد والسنن.. وغيرهم، مّمن تقدّم عليهم وتأخر عنهم.. إلآ القليل منهم.
ونحن نستعرض اولاً ما ورد في أهمّ الكتب الموصوفة بالصحة عندهم، ثم ما أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ثم نتبعه بما رواه الآخرون.
رواية البخاري
أخرج البخاري هذا الحديث في غير موضع من كتابه:
1 ـ فقد جاء في كتاب الخمس: «حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا يعقوب ابن إبراهيم، حدثنا أبي، أن الوليد بن كثير حدّثه، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي، حدّثه أن ابن شهاب حدّثه: أن عليّ بن حسين حدّثه: أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن علي رحمة الله عليه لقيه المسور بن مخرمة فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ فقلت له: لا. فقال: فهل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم ؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه ؟ وأيم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليهم أبداً حتى تبلغ نفسي.
إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة عليها السلام فسمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يخطب الناس في ذلك على منبره هذا ـ وأنا يومئذ محتلم ـ فقال: إنّ فاطمة مني، وأنا أتخوّف أن تفتن في دينها. ثم ذكر صهراً له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إيّاه» قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالاً ولا أحلّ حراماً، ولكن ـ والله ـ لا تجتمع بنت رسول الله وبنت
--- ... الصفحة 8 ... ---
عدوّ الله أبداً»(1)
2 ـ وجاء في كتاب النكاح: «حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: سيف رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يقول ـ وهو على المنبرـ: إن بني هشام بن المغيرة آستأذنوا في أن ينكحوا ابنتهم عليّ بن أبي طالب. فلا آذن ثم لا آذني ثم لا آذن. إلأ أن يريد ابن أبي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويوذيني ما آذاها»(2).
3 ـ وجاء في كتاب المناقب ـ ذكر أصهار النبي منهم أبو العاص بن الربيع ـ «حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني علي بن الحسين أن المسور بن مخرمة قال: إن علياً خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة، فأتت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل.
فقام رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد، أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدّثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني أكره أن يسؤها، والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد.
فترك علي الخطبة.
زاد محمد بن عمرو بن حلحلة: عن ابن شهاب، عن عليّ، عن مسور سمعت النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم وذكر صهراً له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي»(3).
4 ـ وجاء في باب الشقاق من كتاب الطلاق: «حدّثنا أبو الوليده حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة الزهري، قال: سمعت النبي صلى الله عليه
____________
(1) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 6|161 ـ 162.
(2) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 9|268 ـ 270.
(3) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 7|68
--- ... الصفحة 9 ... ---
[وآله] وسلّم يقول: إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح عليّ ابنتهم. فلا آذن»(1).
رواية مسلم
وأخرجه مسلم في باب فضائل فاطمة فقال:
1 ـ «حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس وقتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث ابن سعد، قال ابن يونس: حدثنا ليث، حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي أن المسور مخرمة حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم عل المنبر وهو يقول: ألا إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم...».
2 ـ «حدثني أحمد بن حنبل، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن الوليد بن كثير، حدّثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب حدّثه أن علي ابن الحسين حدّثه أنهم حين قدموا المدينة...».
3 ـ «حدّثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني علي بن حسين أن المسور بن مخرمة أخبره أن عليّ بن أبي طالب خطب...»
4 ـ «وحدثنيه أبو معز الرقاشي، حدثنا وهب ـ يعني: ابن جرير ـ، عن أبيه، قال: سمعت النعمان ـ يعني: ابن راشد ـ يحدّث عن الزهري بهذا الإسناد نحوه»(2)
رواية الترمذي
وأخرجه الترمذي في كتاب المناقب / فضل فاطمة:
1 ـ «حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة. قال: سمعت النبي صلى الله عليه [واله] وسلّم يقول ـ وهو على المنبرـ: إن بني هشام
____________
(1) صحيح البخاري ـ بشرح العسقلاني ـ 8|152.
(2) صحيح مسلم ـ بشرح النووي هامش إرشاد الساري ـ 9|333 ـ 335
--- ... الصفحة 10 ... ---
ابن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا...
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد رواه عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة نحو هذا».
2 ـ «حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا إسماعيل بن علية، عن ايوب عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير: ان علياً ذكر بنت أبي جهل...
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
هكذا قال ايوب، عن ابن أبي مليكة، عن الزبير. وقال غير واحد عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة. ويحتمل أن يكون الى أبي مليكة روى عنهما جميعا»(1)
رواية ابن ماجة
وأخرجه ابن ماجة في كتاب النكاح باب الغيرة:
1 ـ«حدثنا عيسى بن حمّاد المصري، أنبأنا الليث بن سعد، عن عبد الله بن أبن مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وهو على المنبر يقول: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم...»
2 ـ«حدثنا محمد بن يحيى ثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، عن الزهري، أخبرني علي بن الحسين: أن المسور بن مخرمة أخبره أن علي بن أبي طالب خطب... فنزل عليّ عن الخطبة»(2)
رواية أبي داود
وأخرجه أبو داود في كتاب النكاح قائلاً:
1 ـ «حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن الوليد بن كثير، حدّثني محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب
____________
(1) صحيح الترمذي 5|698 ـ 699.
(2) سنن ابن ماجة 1|644.
--- ... الصفحة 11 ... ---
حدّثه أن علي بن حسين حدّثه: أنّهم حين قدموا المدينة...».
2 ـ «حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروه، وعن إيوب، عن ابن أبي مليكة بهذا الخبر. قال: فسكت علي عن ذلك النكاح».
3 ـ «حدثنا أحمد بن يونس وقتيبة بن سعيد المعنى (1) قال أحمد: ثنا الليث، حدّثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي: أن المسور بن مخرمة حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم على المنبر يقول: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن، إلأ أن يريد ابن ابي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنها ابنتي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها(2).
رواية الحاكم
وقال الحاكم: 1 ـ «أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، أخبرني أبي، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة، قال: خطب علي ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام فاستشار النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: أعن حسبها تسألني ؟ قال عليّ: قد أعلم ما حسبها ولكن أتأمرني بها؟ فقال: لا، فاطمة بضعة مني، ولا أحسب إلآ وأنها تحزن أو تجزع. فقال علي: لا آتي شيئاً تكرهه.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة».
2 ـ «أخبرنا أبو العبّاس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا يزيد بن هارون.
وأخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدّثني أبي،
____________
(1) كذا. والصحيح: الثقفي.
(2) الصحيح من سنن المصطفى 1|323 ـ 324
تعليق