بسم الله الرحمن الرحيم،
سيكون هذا الموضوع مخصوص لبيان كلمات العلماء العظام في الدفاع عن حريم الفلاسفة والحكماء المسلمين، وعدم جواز التعرض لهم والاحتياط في الحكم عليهم قبل فهم كلامهم ومراهم، وأنه يصعب على العوام فهم المسائل العميقة والعلوم الدقيقة. إضافة إلى أن أصول الحكمة والفلسفة مستنبطة من كلام أهل العصمة الطهارة عليهم السلام وهو موافق للقرآن والسنة الشريفة.
المقام الأول:
- الإمام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين آل كشاف غطاء قدس سره، صاحب الكتاب "أصل الشيعة وأصولها" وترجمته المختصرة على هذا الرابط: http://www.imamreza.net/arb/imamreza.php?id=2257
يقول قدس سره في كتابه الفردوس الأعلى مجيباً على سؤال حول قاعد "الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد" :
" ولا بد وان يعلم اني لا استحسن ان يسأل مني نظائر هذه الاسئلة فانه مضافاً الى ان هذه المعاني لا يتحملها خصوص اذهان العوام ولا ينتفع منها اغلب الانام ان اذهان اكثر الطلاب والناشئة المنتمين للعلم ايضاً لا تتحملها ولا تسعها ولا يصلون الا لباب نكات معانيها واسرار دقائق مطاويها .. "
إلى أن قال:
" ... فيا أيها الاخوان: هذه المطالب والحقائق الشامخة والمباحث السامية ليست وليدة الاهواء والميول وان فرض انها من ميول النفس وهواها فقد كفى هذا، وما كان يخطر في مخيلتي ذكرها بهذا المقدار ايضاً ولكن اندفعت بحكم ضميري وجرى على قلمي ومحط نظري وعمدة قصدي انما هو التنبيه على انه اياك وسوء الظن في حق الحكماء الشامخين والعلماء الراسخين خصوصاً بحكمائنا الاسلاميين، واياك والمبادرة الى التفسيق مثل بعض الناس ممن لا يفهم مرادهم ولا يصل الى مغزى مقاصدهم ومطالبهم فيتسرع الى التجوال في ساحة الطعن والا يراد مع الذهول والغفلة عن المراد.
وحقّاً أقول ان الرشاد والكمال العبقرية والمهارة انما هو في فهم كلمات العلماء والاكابر وفهم بحوثهم النظرية ومطالبهم العلمية من حيث المراد مع التعمق وتحصيل الاستعداد لا التشنيع والايراد، فان ذلك من دأب القاصرين وعادة الجاهلين.
واعلموا بالقطع واليقين ان اغلب مطالب الحكماء بل جميعها مأخوذة من كلمات ارباب الوحي وامناء العصمة (عليهم السلام) وقد بيّن جميع هذه المطالب مولانا سيّد العارفين والموحدين امير المؤمنين(ع) في طيّ خطبه المباركة وتضاعيف كلماته الشريفة التي جمعها سيدنا الشريف الرضي (رضوان الله عليه) في كتاب (نهج البلاغة) وغيره وفي كلماته التي انشأها(ع) في ضمن ادعيته المباركة، ولكن اين من يفهم هذه الحقائق والدقائق وتلك النكات والرقائق. والظاهر بل اليقين ان اقوى المساعدات وأعد الاسباب والموجبات للوصول الى مقاصد امناء الوحي وكلمات الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) انما هو فهم كلمات الحكماء المتشرعين وكان من السابقين الاولين من اولياء الدين اناس ادركوا فيض حضورهم ووصلوا الى السعادة ونالوا الشرافة والكرامة كسلمان المحمدي الفارسي وابي ذر الغفاري واضرابهم من الملازمين لبيت النبوة والواصلين ببركة ملازمتهم لمعادن العلم وخزان الحكمة الى مرتبة صاروا بها في غنى عن الصناعات العلمية والقواعد الرسمية ووصلوا الى النتيجة من اقرب الطرف واسهلها واكمل السبل واشرفها.
فمن اراد الخوض في تلك المطالب الحكمية والغوص في بحار المباحث العلمية فاللازم له اخذها وتعلمها من اساتذة الفن واكابر الصناعة والتلمُّذ لديهم والتعلم منهم مدة طويلة وسنين عديدة كما هو الشأن في تعلم كل علم وصناعة ولا يكتفي بمحض المطالعة ومجرد النظر في كتب القوم ومؤلفات الحكماء كما هو دأب بعض الناس وديدن كثير من الاشخاص من دون ان يتلمذ عند استاذ والا فلا محيص له الا ان يضل عن الطريق ولا محالة يقع في احدى المفسدتين ويتورط في احدى المهلكتين اما الوقوع بنفسه في الكفر او تكفير قوم بغير حق.
وقد رأيت في خلال هذه الايام رسالة خطّية الفها احد الاعاظم من العلماء المعاصرين وقد توفى في هذه السنة وكان موضوع تلك الرسالة ابطال هذه القاعدة اعني ((الواحد لا يصدر عنه الا الواحد)) واورد فيها بزعمه ايرادات كثيرة على الحكماء فطالعتها برهة وقرأتها مدة فرأيت ان هذا الرجل الجليل تحمل المشقات الكادحة واتعب نفسه في ايراد المناقشات والطعون والايرادت وليته تحمل تلك المشقات والرياضات ولا اقل من صرف بعض تلك المشاق في فهم كلمات الحكماء وتفهّم مرادهم من ــ هذه القاعدة ــ ولم يقع في ورطة الايراد والأشكال وقلت لتلميذ هذا الرجل الجليل وقد كنت رأيت تلك الرسالة المؤلفة عنده الأحسن ان لا تنشروا هذه الرسالة واحفظوا كرامة استاذكم.
وما الفضل الا بالله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. "
انتهى النقل.
يتبع إن شاء الله تعالى،
وبمدد من صاحب الأمر صلوات الله عليه.
والله الموفق.
سيكون هذا الموضوع مخصوص لبيان كلمات العلماء العظام في الدفاع عن حريم الفلاسفة والحكماء المسلمين، وعدم جواز التعرض لهم والاحتياط في الحكم عليهم قبل فهم كلامهم ومراهم، وأنه يصعب على العوام فهم المسائل العميقة والعلوم الدقيقة. إضافة إلى أن أصول الحكمة والفلسفة مستنبطة من كلام أهل العصمة الطهارة عليهم السلام وهو موافق للقرآن والسنة الشريفة.
المقام الأول:
- الإمام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين آل كشاف غطاء قدس سره، صاحب الكتاب "أصل الشيعة وأصولها" وترجمته المختصرة على هذا الرابط: http://www.imamreza.net/arb/imamreza.php?id=2257
يقول قدس سره في كتابه الفردوس الأعلى مجيباً على سؤال حول قاعد "الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد" :
" ولا بد وان يعلم اني لا استحسن ان يسأل مني نظائر هذه الاسئلة فانه مضافاً الى ان هذه المعاني لا يتحملها خصوص اذهان العوام ولا ينتفع منها اغلب الانام ان اذهان اكثر الطلاب والناشئة المنتمين للعلم ايضاً لا تتحملها ولا تسعها ولا يصلون الا لباب نكات معانيها واسرار دقائق مطاويها .. "
إلى أن قال:
" ... فيا أيها الاخوان: هذه المطالب والحقائق الشامخة والمباحث السامية ليست وليدة الاهواء والميول وان فرض انها من ميول النفس وهواها فقد كفى هذا، وما كان يخطر في مخيلتي ذكرها بهذا المقدار ايضاً ولكن اندفعت بحكم ضميري وجرى على قلمي ومحط نظري وعمدة قصدي انما هو التنبيه على انه اياك وسوء الظن في حق الحكماء الشامخين والعلماء الراسخين خصوصاً بحكمائنا الاسلاميين، واياك والمبادرة الى التفسيق مثل بعض الناس ممن لا يفهم مرادهم ولا يصل الى مغزى مقاصدهم ومطالبهم فيتسرع الى التجوال في ساحة الطعن والا يراد مع الذهول والغفلة عن المراد.
وحقّاً أقول ان الرشاد والكمال العبقرية والمهارة انما هو في فهم كلمات العلماء والاكابر وفهم بحوثهم النظرية ومطالبهم العلمية من حيث المراد مع التعمق وتحصيل الاستعداد لا التشنيع والايراد، فان ذلك من دأب القاصرين وعادة الجاهلين.
واعلموا بالقطع واليقين ان اغلب مطالب الحكماء بل جميعها مأخوذة من كلمات ارباب الوحي وامناء العصمة (عليهم السلام) وقد بيّن جميع هذه المطالب مولانا سيّد العارفين والموحدين امير المؤمنين(ع) في طيّ خطبه المباركة وتضاعيف كلماته الشريفة التي جمعها سيدنا الشريف الرضي (رضوان الله عليه) في كتاب (نهج البلاغة) وغيره وفي كلماته التي انشأها(ع) في ضمن ادعيته المباركة، ولكن اين من يفهم هذه الحقائق والدقائق وتلك النكات والرقائق. والظاهر بل اليقين ان اقوى المساعدات وأعد الاسباب والموجبات للوصول الى مقاصد امناء الوحي وكلمات الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) انما هو فهم كلمات الحكماء المتشرعين وكان من السابقين الاولين من اولياء الدين اناس ادركوا فيض حضورهم ووصلوا الى السعادة ونالوا الشرافة والكرامة كسلمان المحمدي الفارسي وابي ذر الغفاري واضرابهم من الملازمين لبيت النبوة والواصلين ببركة ملازمتهم لمعادن العلم وخزان الحكمة الى مرتبة صاروا بها في غنى عن الصناعات العلمية والقواعد الرسمية ووصلوا الى النتيجة من اقرب الطرف واسهلها واكمل السبل واشرفها.
فمن اراد الخوض في تلك المطالب الحكمية والغوص في بحار المباحث العلمية فاللازم له اخذها وتعلمها من اساتذة الفن واكابر الصناعة والتلمُّذ لديهم والتعلم منهم مدة طويلة وسنين عديدة كما هو الشأن في تعلم كل علم وصناعة ولا يكتفي بمحض المطالعة ومجرد النظر في كتب القوم ومؤلفات الحكماء كما هو دأب بعض الناس وديدن كثير من الاشخاص من دون ان يتلمذ عند استاذ والا فلا محيص له الا ان يضل عن الطريق ولا محالة يقع في احدى المفسدتين ويتورط في احدى المهلكتين اما الوقوع بنفسه في الكفر او تكفير قوم بغير حق.
وقد رأيت في خلال هذه الايام رسالة خطّية الفها احد الاعاظم من العلماء المعاصرين وقد توفى في هذه السنة وكان موضوع تلك الرسالة ابطال هذه القاعدة اعني ((الواحد لا يصدر عنه الا الواحد)) واورد فيها بزعمه ايرادات كثيرة على الحكماء فطالعتها برهة وقرأتها مدة فرأيت ان هذا الرجل الجليل تحمل المشقات الكادحة واتعب نفسه في ايراد المناقشات والطعون والايرادت وليته تحمل تلك المشقات والرياضات ولا اقل من صرف بعض تلك المشاق في فهم كلمات الحكماء وتفهّم مرادهم من ــ هذه القاعدة ــ ولم يقع في ورطة الايراد والأشكال وقلت لتلميذ هذا الرجل الجليل وقد كنت رأيت تلك الرسالة المؤلفة عنده الأحسن ان لا تنشروا هذه الرسالة واحفظوا كرامة استاذكم.
وما الفضل الا بالله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. "
انتهى النقل.
يتبع إن شاء الله تعالى،
وبمدد من صاحب الأمر صلوات الله عليه.
والله الموفق.
تعليق