الدكتور أسعد القاسم

( الحق مع علي ) عليه السلام
الدكتور أسعد القاسم : الوهابيون أفتوا بكفري عندما أثبت أحقية الشيعة من صحيح البخاري !
قليل من البحث والتحقيق المتجردان من أية اعتبارات عاطفية موروثة كفيل باستجلاء الحقيقة واستيضاح طريق الحق هذه قاعدة سار عليها أولوا الألباب من العامة فاكتشفوا أن علياً مع الحق والحق مع علي لا يفترقان " ويوماً بعد يوم تتجلى عظمة أهل البيت عليهم السلام في أروع صورها وتتكشف الحقائق ويسطع نورها في كل الأرجاء ولذا فإننا نجد أن موجة من التشيع والولاء بدأت تتزايد في مختلف الأوساط لتعود إلى صراط الله المستقيم .عددا تلو عدد تلتقي " المنبر " بشخصيات كانت على مذهب التسنن ثم بان لها الحق فتشيعت مسلطة الأضواء على تلك الرحلات الصعبة في المعتقد وفي عددها السابق والذي قبله عبرت المنبر عن اعتقادها بأن المستقبل في فلسطين هو للتشيع كما أن مستقبل العالم هو في العودة إلى محمد وعلي " عليهما الصلاة والسلام لم يكن هذا من قبيل المبالغة بل هو تنبؤ يستند إلى مؤشرات ودلائل وحقائق نراها نرى الشمس في رابعة النهار .
وفي عددنا هذا نحن نتحدث عن باحث أكاديمي طالت دراسته مدة سنتين لأجل الوصول إلى بر الأمان حيث صاحب الزمان صلوات الله وسلامه عليه .
إنه لم يترك مذهبه السني فهو يعتبر أن التشيع هو الأخذ بسنة المصطفى (ص) من منابعها الأصلية الصافية وهكذا يؤمن الدكتور أسعد وحيد القاسم من فلسطين أن إنقاذذ بلاده وعودة القدس الشريف لا يمكن أن يتمان إلا على يد قائد يمثل تلك المنابع هو قائد مسدد من السماء .
والدكتور القاسم جعل صحاح السنة المعروفة كالبخاري ومسلم أساس بحثه ومحيط دراسته فعلم بعدئذ أن ما جرى على الأمة بعد ارتحال الرسول الأعظم (ص) هو الذي جعل منهاج الله السوي يسمى ما بعد " مذهبا خامسا " وإليكم نص الحوار .
المنبر : كيف تعرفتم على مذهب أهل البيت عليهم السلام أين ومتى وكيف وعبر من ؟
- بدأت بدراسة الخلاف المذهبي في عام 87 أيام دراستي الجامعية في الفليبين بعدما بدأت ألاحظ تلك الحملة المسعورة بتكفير الشيعة وخصوصاً أن الحرب العراقية الإيرانية كانت أوجها ولغاية ذلك الحين لم يكن عندي أي اهتمام للاطلاع على مثل هذه المسائل الخلافية لعدم شعوري بأي حاجة لمعرفتها وكل ما كنت أعرف من الشيعة أنهم مسلمون وإن كانوا يختلفون عن أهل السنة في بعض المسائل لا تستوجب تكفيرهم كتفضيلهم لعلي عليه السلام على باقي الصحابة واهتمامهم الكبير بزيارة أضرحة الأئمة وأما ما كان يشاع عنهم بتفضيلهم لعلي عليه السلام على النبي (ص) وتخطئة جبريل بإنزال القرآن على النبي (ص) بدلاً من علي عليه السلام بل واعتقادهم بتحريف القرآن وغير ذلك مما كان يقال فيهم فلم أكن أعير له أي اهتمام فإن صحت هذه التهم فإنما تصح عن متطرفين لا يجوز أن ينسبوا لدين الإسلام وقد كنت دائماً مؤيداً للمواقف التي تدعو إلى الوحدة ونبذ الخلافات المذهبية بل وعدم الخوض فيها تجنبا للفتنة والحزازات ولم أكن أخفي حبي الكبير للثورة الإسلامية في إيران إلا أنني فوجئت يوماً من بعض زملائي وأصدقائي الطلبة في الجامعة ممن كانوا ينتسبون إلى جمعيات وهابية بقولهم لي أنه لا يجوز لي أن أكون سنيا وفي الوقت نفسه متعاطفاً مع الشيعة وكان معنى كلامهم أنه يجب علي إما أن أكون سنياً مكفراً للشيعة وإما أن أكون شيعياً معتقداً بكل ما يعتقدون وهكذا كانوا يلحون علي دائماً اختيار طريقاً واضحا ليس فيه مزج أو وسطية على رأيهم
وكانوا يوزعون دائما كتاب على الطلبة تكفر الشيعة وتجعل منهم خطراً على الأمة أسوأ من خطر اليهود وأن إيران أخطر من إسرائيل على المسلمين !
ولو لم يكن هؤلاء < الدعاة > أصدقاء لي،لما كنت أكترثت مطلقاً بمثل هذه الإدعاءات ولما أعطيتها أي وزن.وهكذا تولد في داخلي حافز للتقصي والبحث،
لأجد جواباً للعديد من القضايا و المسائل التي أثيرت حول تاريخنا الإسلامي،ولم
أكن أجد لها جواباً مقنعاً وخصوصاً ما كان يتعلق بمسألة الخلافة ونظام الحكم في الإسلام .
وبعدما قرأت الكتب العدة المضادة للشيعة ،بدأت أقرأ بعض الكتب الشيعية لأرى جوابهم على تلك المسائل،وخصوصاً كتاب المراجعات الذي ينقل حوارا لكاتبه الشيعي مع عالماً سنياً من الأزهر الشريف.وأشد ما لفت إنتباهي في هذا الكتاب وغيره من الكتب الشيعية هو استدلالها في ما تدعي بآيات قرآنية وأحاديث موثقة عند أهل السنة لاسيما في صحيحي البخاري ومسلم .ولشدة قوة وضوح بعض الروايات التي استدل عليها من صحيح البخاري،دفع ذلك بعض أصدقائي من دعاة الوهابية إلى القول بأنه لو وجدت بحق مثل هذه الروايات في صحيح البخاري لاستدعوا أن يكفروا بهذا الكتاب الجامع الصحيح كله كما يعتبره العلماء من أهل السنة،حيث أنه لم يكن متوفراً لدىأي أحد منا نسخة من هذا الكتاب،فبحثت حينها حتى وجدت نسخةً منه في معهد للدراسات الإسلامية في إحدى الجامعات الفلبينية،
وعكفت على دراسته للتحقق من مصادر الروايات الهامة التي استدل بها،حتى وجدتها جميعاً كما أشير إليها.وحينئذ فقط تيقنت من صحة دعوى الشيعة القائلة بخلافة الأئمة الأثني عشر من أهل البيت عليهم السلام للنبي (ص) ابتداء بعلي عليه السلام وانتهاء بالمهدي عجل الله فرجه الشريف .
وأما أصدقائي الدعاة فلم يفوا بوعدهم،وكذبوا كل ما قلته لهم بشأن تحققي من وجود الروايات المشار إليها،بل وحاولوا باستماتة تفنيدها (على فرض صحتها ) وتحميلها ما لايمكن تحميله من تأويلات بعيدة بل ومضحكة،وكان نتيجة ذلك إنهاء
علاقتهم بي،وأفتوا بتكفيري ثم أصبحوا من خلال جمعيتهم يدعون كل الطلبة إلى مقاطعتي ويحذرونهم من محاورتي أو مجرد الأستماع إلي،وأشاعواأني أخذ راتباً من سفارة إيران مقابل تشيعي وكان يجن جنونهم عندما لاحظوا أن العديد من الطلبة الآخرين،بدأوا يؤمنون أيضاً بطريق أهل البيت عليهم السلام.
المنبر : ما هي العوامل التي دفعتكم إلى إعتناق هذا المذهب وترك مذهبكم السني،وكم طالت هذه المرحلة ؟
- لم أشعر منذ البداية أنه كان علي أن أترك مذهبي السني،ولا اعتقد أني تركته،
وما أقصد أن إيماني في بداية الأمر بأحقية أهل البيت عليهم السلام بخلافة النبي (ص) لم يعن تركي لمذهبي السني،وإنما اعتبرته تعديلاً لمعلوماتي التاريخية ،و
تصحيحاً لمساري الإسلامي،فإذا كان المذهب السني يعني هو الأخذ بالسنة النبوية
فإن تمسكي بها قد إزداد بتعرفي على طريق أهل البيت عليهم السلام لأنهم أقرب الناس إلى هذه السنة النبوية.وعلى الرغم من أن من حولي أخذوا ينادوني بالشيعي
فلم أكترث لذلك،بل لم أجد بأساً فيه،لأنه لم يكن عندي عقدة مسبقة من هذه التسمية
وأنا طبعاً لا أريد أن أهون هنا من مسألة الخلاف بين المذهبين،إلا أنني ما زلت أرى أن النقاط التي تجمعهما أكثر وأهم من تلك التي تفرقهما.وأنا أحب أن أضعهما تحت عناوين مدارس الفكر داخل دائرة الإسلام الكبرى،حتى وإن اختلفا في بعض مسائل العقائد.فإسلامنا فيه من المرونة الكافية ما يسع اجتهادات وتفسيرات الفريقين في جميع ما اختلفا فيه .
وأما بالنسبة إلى لما سألتم عنه حول العوامل التي دفعتني إلى تبني هذا المذهب،
فكما بينت سابقاً،فأن الدافع كان واحداً ليس له ثان،وهو رؤيتي بما لا يقبل الشك و الدليل و البرهان القاطع،وجوب إتباع أهل البيت عليهم السلام.
الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ،فماذا بعد التمعن بقوله (ص) في خطبة حجة الوداع : ( إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ). فهذا القول المعروف بحديث الثقلين يرسم المنهاج بإطاره العام،ثم يخصص بقوله (ص)


النقاط على الحروف،فكلمة " بعدي " توضح أن علياً كان وصياً للرسول (ص)كما
كان هارون ليكون خليفة له وإماماً على الأمة بعده .
وهناك العديد من الروايات الموثقة أيضاً في الصحاح تشير إلى أن
عدد الأئمة إثنا عشر
وكان علماء أهل السنة على مر التاريخ وما زالوا في حيرة أمام هذا الرقم الصعب دون أن يجدوا له تفسيراً !
وما أجمل التمعن في قوله تعالى لرسوله محمد (ص) : (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) ،فكم من التوجيهات القرآنية التي تحصر دور النبي (ص) بالبلاغ و
الإنذار ليس إلا

(فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ المبين ).فالله سبجانه وتعالى يعلم أن مسألة هداية الإنسان الفرد والمجتمع ،وتربيته عقائدياً و سلوكياً لتصبح الهداية عنده منهاجاً راسخاً وثابت الأركان لا يمكن أن تتم خلال الفترة الوجيزة التي قضاها النبي (ص) في دعوته ولا سيما أذا كان هذا الإعداد يخص أمة قد ترسخت فيها عادات الجاهلية مئات السنين فالنبي (ص) قضى غالبية فترة دعوته منشغلاً بالغزوات الكثيرة وكان لا يطلب من الناس في مكة أكثر من مجرد القول بالشهادتين وترك عبادة الأوثان ووأد البنات ونظائر ذلك غالباًوبمجرد
رحيله (ص) بدأ المهاجرون والأنصار /وحتى الأنصار فيما بينهم/ يتناحرون على الخلافة بصورة قبلية ،حتى آلت الخلافة في نهاية الأمر إلى بني أمية وكان ما كان
كل ذلك بسبب عدم إتباع الناس للمنهج الذي رسمه الله تعالى لهم .فقد كانت حكمته بالغة جل وعلا و القاضية بوجود قائد إلهي مسدد بصورة استثنائية في كل عصر يتكفل بحفظ التشريعات الإلهية وصيانتها وتبيان معالمها وتفاصيلها لضمان تهيئة و توفير الأرضية المطلوبة لهداية الناس وسلامة مسيرتهم ومراقبتها على مر الأجيال .
ولكن بسبب ما جرى على الأمة بعد النبي (ص)من ويلات وفتن،لاسيماتحييد الأئمة عن دور قيادة المسلمين بل وإضطهادهم جيلاً بعد جيل قتلاً وسجناً ومطاردة حتى لم يبقى سوى آخرهم فغيبه الله عن أعين الناس حفظاً لنوره من الإنطفاء ليتم به حجته يوم يكون الناس قد تهيأوا لذلك،فيعيده الله سبحانه وتعالى إلينا كما سيعيد المسيح عليه السلام ليكون حجته على النصارى .
أقول بسبب ذلك كله ،فإن أمر الله قد أصبح مشوشاً على غالبية المسلمين،ومنهاجه
السوي المستقيم المتمثل بمنهج أهل البيت عليهم السلام أصبح يسمى مذهباً يوضع بجانب المذاهب الأخرى للمقارنة والترجيح،وللأسف فأن المذاهب الكبرى نفسها قد تفرقت بدورها إلى مذاهب أصغر والتي اصبحت أحزاباً وخطوطاً وتيارات لا حصر لها ،كل منها يدعي أنه حزب الله المختار .فكان لزاماً على العلماء والمفكرين والمحللين أن ينظروا لتبيان صحة المسار هذا على حساب ذاك.وعلى كل حال ،فقد طالت فترة دراستي لهذه المسألة ما يقارب السنتين حتى وصلت إلى هذه القناعة .
وأما إذ أردنا النظر في العوامل الأخرى والتي ترجح بنظري مذهب أهل البيت عليهم السلام فهي عديدة ومتنوعة يمكن اختصار بعضها بما يلي :
فالعقائد أكثر وضوحاً وأقوى دليلاً وأقرب إلى المنطق والعقل فالله سبحانه وتعالى منزه عن التجسيم لا ينزل ولا يصعد ولا يجلس على كرسي ولا يحده مكان ولا زمان لأنه نور السماوات والأرض وكما نوحده في ذاته نوحده في صفاته فصفاته عين ذاته وذاته عين صفاته وهو جل وعلا عادل لا يحاسب من لم تقع عليه الحجة والبرهان والواضحين وقضاؤه وقدره لا هما بجبر ( تسيير ) ولا هما بتفويض ( تخيير ) وإنما أمر بين الأمرين وأما نبيه (ص) فهو معصوم في أمور الدين والدنيا لا يمكن لبشر مهما علت درجة عبقريته أن يكون أصح منه في أي موقف كان وإلا لكان أحق منه بالنبوة ولا يمكن قبول مسألة توثيق وعدالة كل الصحابة لا لسبب إلا لأنهم رأوا الرسول (ص) حتى ولو للحظة !! فهذا يخالف العقل والمنطق ’ لأنهم كانوا بشراً يخطئون ويذنبون وما جرى منهم بعد رحيله (ص) يثبت كيف هم من " البشر " !
وأما الأحكام الفقهية والمتعلقة بالعبادات والمعاملات فالحق يقال إنني لم أر صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان إلا من خلال التبني الصحيح لفقه أهل البيت عليهم السلام والأمثلة جدا : فالخمس أكثر بركة من مجرد 2,5 % لإسناد الدولة الإسلامية وإعالة الفقراء والمحتاجين .
وجمع الصلوات فيه أكثر عملية وموائمة لظروف هذا العصر المليء بالانشغال والمزاحمات .
والطلاق لا يمكن أن يتم ولا يجوز إلا بحضور شاهدين والثلاث طلقات لا تحسب سوى واحدة!
والزواج المؤقت بديل شرعي وأكثر منطقية وأقوى حجة من زواج الهبة والمسيار والعرفي وناهيك عن الزواج بنية الطلاق !
والأمثلة تطول وتطول وكلها مؤيدة بالأدلة القطعية من القرآن والسنة النبوية وباب الاجتهاد مفتوح إلى قيام الساعة .
وأما على صعيد الأخلاق والتربية الروحية فما عليك إلا أن تنظر في مفاتيح الجنان والصحيفة السجادية وغيرها من كتب الأدعية والزيارات المأثورة لنرى سمو المستوى الذي أراد أهل البيت عليهم السلام أن يهذبوا به نفوس أتباعهم .
المنبر : كيف كانت ردود فعل أسرتكم ومجتمعكم تجاه هذا القرار الصعب ؟
- في الحقيقة لم يكن هذا القرار عندي صعباً أبداً فأنا وبسبب خلفيتي الثقافية لم يكن سبق لي وأن نظرت نظرة متطرفة للشيعة فقد ربيت منذ صغري في حلقات دروس وأسر تربية جماعة الأخوان المسلمين في فلسطين وكنت بداية شبابي متأثراً إلى حد كبير بشخص الإمام الشهيد حسن البنا وكان له جهود معروفة على مستوى القول والعمل في التقريب بين المذهبين وسار على منهجه كوكبة من العلماء الأجلاء كمحمد الغزالي وأنور الجندي وأبو الأعلى المودودي وفتحي يكن ومحمود شلتوت وغيرهم ’ حيث كان لهذا دور في عدم ترددي ولو للحظة واحدة أثنائئءبحثي في قبول ما أراه حقاً ولم أفكر لحظة كيف سيكون رد فعل أسرتي ومجتمعي لأن المسألة هنا شخصية جدا ولا اعتبار فيها سوى ما يراه العقل والمنطق وعلى ذلك يحاسبنا الله سبحانه وتعالى ’ فلا الأسرة ولا القبيلة تشفع لأحد يوم الحساب ’ ولحسن حظي على كل حال فإن أسرتي وأقاربي كانوا متفهمين جداً عندما عرفوا بالأمر وتربطني بهم إلى الآن علاقة حميمة وأما بالنسبة لرد فعل المجتمع , فنحن ما زلنا مجتمعات شرقية الطابع ’ والتحول عن الدين أو المذهب لا يزال مرفوضاً من حيث المبدأ ويبغض غالبا من يفعله ’ فالدين والمذهب في مجتمعاتنا من الأمور التي تورث ’ والقليل النادر جداً من يضعها تحت مجهر الدراسة والتمحيص .
ورغم أنني عشت بعيداً عن وطني منذ 15 سنة إلا أنني ما زلت أتزاور وأتواصل وأستطيع ملامسة بعض الردود السلبية تجاهي فقد خسرت بعض الأصدقاء إلا أنني كسبت آخرين وهناك كثير من النخب المتعلمة ما يدعو إلى التفاؤل فالثقافة والوعي تجاه هذه القضايا يحتاجان إلى بعض الوقت .
المنبر : ماذا عن مناظراتكم مع الوهابيين ؟
- هذا أمر طبيعي يرافق عادة غالبية من يعيش تجارب التحول الفكري والمذهبي وهو أمر محمود فللآخرين الحق في أن يتناقشوا وإياك في ما أنت عليه من رأي وفكر ’ وقد خضت هذه التجارب مع كثير من العلماء والمثقفين والنشطاء في حقول الدعوة والتبليغ وللأسف هناك من يحب المواجهة من أجل محاولة إثبات خطئك بطريقة جدلية لا علمية أو منطقية وبصراحة فإنني أصبحت أمتنع عن مناقشة هؤلاء وخصوصاً الوهابيين منهم لأن ضرر الخوض معهم أكثر من نفعه .
المنبر : كتابكم حقيقة الشيعة الأثني عشرية كان له تأثير وصدى واسع .. هلا كشفتم لنا عن ذلك
- لا يوجد عندي اطلاع وافٍ حول هذا الأمر وتجد الجواب الشافي عند دور الطباعة والنشر التي ليس عندي عنها أي علم !
وعلى كل حال , فهذا الكتاب قدمته قبل 10 سنوات عرضت فيه نتائج دراستي الأولية عن الشيعة الأثني عشرية وقد ذكرت في مقدمة قصة تحولي ثم ذكرت في فصوله خلاصة دراستي المستفيضة لصحيح البخاري ومسلم حول أهم القضايا المختلف عليها .
المنبر : بعد تشيعكم وسيركم في هذا الصراط المستقيم ما هي نظرتكم للتشيع وماذا يعني أن يكون المرء شيعياً ؟
- التشيع بنظري هو الإسلام بعينه والإسلام بنظري هو التشيع بعينه ولا أقصد من هذا بأي حال من الأحوال اعتبار من كان سنياً ليس مسلماً .
وهذا ما يدفعني إلى الكلام حول التسميات المذهبية من حيث المفهوم النظري وتطبيقاتها العملية فالتشيع نظرياً هو الولاء لعلي وأهل البيت عليهم السلام أيام الفتنة في الجمل وصفين وبعض من قال في السقيفة هكذا تولد المصطلح وأما أهل السنة والجماعة فهي أسماء أطلقها معاوية على من والوه ضد علي فسمى معاوية السنة التي أمر فيها بسب الأمام علي عليه السلام ( عام السنة ) معتبرها سنة يثاب فاعلها ! وعلى السنة التي اضطر فيها الإمام الحسن عليه السلام للصلح معه ( عام الجماعة ) فيظهر لنا أن التقسيمات المذهبية قد بدأت في تلك المرحلة على أساس ولاء المسلمين السياسي وهي بالأحرى كانت أحزاباً سياسية تحولت إلى فرق ومذاهب دينية في عصور متأخرة من الدولة الأموية وأصبح ( أهل السنة والجماعة ) يعرفون لاحقاً بأخذهم تعاليم الإسلام في القرآن والسنة النبوية المرواة عن طريق الصحابة والتابعين الذين كان غالبيتهم العظمى أولئك الذين والوا بني أمية .
وما يهمنا هنا هو التشيع الواقعي أين هو في واقعنا الحالي ؟
فالتشيع كما قلت هو الإسلام المأخوذ من المنبع الصافي وهو ولا يزال الطرح الإلهي المثالي القادر وحده على الأخذ بيد الإنسانية إلى أسباب سعادتها في الدنيا والآخرة ولكن هذا الطرح لا يزال مشروعاً معلقاً لم يكتب له التطبيق على أرض الواقع حتى الآن بانتظار استعداد الناس لتطبيقه .
وحتى تلك الفترة الوجيزة التي تولى فيها الإمام علي عليه السلام مقاليد حكم المسلمين انشغل فيها بثلاث حروب تلخص حال ما ستؤول إليه الأمة من بعده فحرب الجمل تمثل عنصر الالتباس والتشوش أو الفتنة التي وقع في حبالها كثيرون حتى من لم يتوقع منه ذلك وتمثل حرب صفين عنصر الطمع والغدر والانتهازية التي تكللت بتربع الأمويين على كرسي الملك وأما حرب النهروان فتمثل عنصر جهل وعناد وتخاذل والاتباع الموالين الذين انقلبوا إلى خوارج أعداء وهذا العدو الداخلي هو الذي عمل على خذلان الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام من بعده .
تعليق