الإسلام هدى الحياة
وجودنا في هذه الدنيا ذو هدفٍ عظيم، ولا يمكن بلوغ الهدف إلا بالتدرج، عبر اجتياز الماديات التي نعايشها حتى الوصول إلى المعنويات العالية.
فمثلاً؛ أنت قد تسأل: لماذا العطش والجوع؟ ولماذا الألم والمرض؟ ولماذا الفقر والفاقة؟ ولماذا الوحدة والغربة؟ ولماذا المآسي والمصائب؟
والجواب على كل ذلك: هو لأن الإنسان من دون هذه الحالات الطارئة التي تتناوب عليه يصاب بمرض الطغيان وجهل ربّه.
فإذا عطش، قال: رب اسقني،وإذا جاع، قال: رب أشبعني،وإذا افتقر، قال: رب أغنني،وإذا توالت عليه المصائب، جأر إلى الله جل وعلا كي يخفف عنه،
وعلى ذلك؛ فإن الحكمة من وراء إصابة الإنسان بتلك الحالات الطارئة والمتطورة هي الارتفاع بهذا المخلوق إلى مستوى معرفة خالقه جلّ شأنه.
وعن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتاني ملك فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول:
إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهباً قال: فرفع رأسه إلى السماء فقال: يا رب أشبع يوماً فأحمدك وأجوع يوماً فأسألك.
إن الحكمة من إرادة نبي الإسلام ما أراد، لأنه يعرف بأن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى.
أما الإنسان الذي يشبع ويجوع ويفتقر ويغتني ويمرض ويبلى، فهو في حالة دائمة من التواصل مع رب العزة سبحانه وتعالى،
فإذا شبع حمد الله، وإذا جاع طلب الرزق من الله سبحانه أيضاً.
إن ربنا تبارك وتعالى هو الذي أوجد هذه الطبيعة في نفوسنا نحن بني البشر، وهو الذي يبتلينا لنستحق بموقفنا من هذا الابتلاء العقاب أو الثواب،
حتى لقد جاء في المأثور من الدعاء بهذا الصدد: "يا مَن دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته وجل عن ملائمة كيفياته"
أي إنه الغني دائماً، بل هو مصدر الغنى، ونحن البشر فقراء في كل شيء، فحصل التفاوت بذلك بين الخالق والمخلوق.
ويقـول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) في خطبة بليغـة جمعت تعاليم الرسل والأنبياء:
إن الله خلق الجنة دار ضيافة وكرامة، وخلق النار دار عذاب، وجعل الدنيا بين الجنة والنار.
يعني إن الدنيا شيء من هذه وشيء من تلك؛ صحة وسقم، وغناً وفقر، وشبع وجوع.
إن الهدف من الدين وعمل الأنبياء، هو أن يستمر الإنسان بالقـول: ]رَبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِِيمَانِ أَنْ ءَامِنُوا بِرَبِّكُمْ فَاَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ
تعليق