
تحت رعاية سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت الاسبوع الماضي مؤتمرًا فقهيًا يومي الخميس والجمعة 25و26-2-2010م لمناقشة كيفية استفادة الفقه الإسلامي من التقدم العلمي المتسارع والدقيق في علم الفلك في مجال تحديد المواقيت الشرعية.
المؤتمر الذي نظمته مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر حمل عنوان "جدلية العلاقة بين الفلك والفقه.. شرعية علم الفلك في تحديد المواقيت الشرعية" وقد جمع نخبة من أهل الاختصاص من الفقهاء وعلماء الفلك للخروج برؤية علمية واضحة ودقيقة تحاول وضع حلول حاسمة لإشكالية التشرذم الموسمي الذي تشهده الأمة كل عام لتحديد المواقيت الشرعية لبدء الصيام والحج وبدايات الشهور العربية بشكل عام.
وكان من اللافت حضور الاستاذ حامد الخفاف ممثلا عن المرجع الشيعي الاعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني ، وحضور الشيخ محمود الفياض ممثلا عن والده المرجع الديني في النجف الاشرف آية الله العظمى الشيخ اسحاق الفياض ، ومفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار ، ورئيس مجلس الامناء في تجمع العلماء المسلمين في لبنان القاضي الشيخ احمد الزين ، ونائب المفتي العام في سلطنة عمان الدكتور كهلان بن نبهان الخاروصي، والعديد من الشخصيات الدينيه والثقافيه من مختلف أنحاء العالم العربي والاسلامي .
ولأسباب صحية، غاب المرجع السيد محمد حسين فضل الله عن المؤتمر، ليلقي الكلمة الافتتاحية نجله السيد علي فضل الله. وفيما كان مقرراً ان يلقي نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان أيضاً كلمة في الافتتاح، غير أنه اعتذر عن الحضور منذ أيام.
وفي حديثه إلى بعض الصحف ووكالات الانباء قال الدكتور نجيب نور الدين مدير «مؤسسة الفكر الاسلامي» ان الخلاف حول الاستحقاقات الإسلامية يضرب صورة المسلمين في العالم، بحيث يظهرون كأنهم في عداوة مع العلم، كما أنهم كتل غير متحدة، وطوائف ومذاهب متفرقة، ما يضرب فكرة وحدة العالم الإسلامي. وطرح الموضوع أمام الفقهاء يرمي الى تجاوز هذا الإشكال، في ظل وجود علم الفلك الذي لديه من الدقة والمصداقية ما يحسم هذا الجدل المستمر، علماً بأن الغربة بين الفقهاء وعلم الفلك بدأت تنكسر في الفترة الأخيرة، باعتبار أن الحقائق التي قدمها علم الفلك باتت من الصدقية، بحيث يستحيل التشكيك بها.
ويهدف المؤتمر الى دفع هذا النوع من التقارب بين الطرفين الى الأمام، للوصول الى نتائج يمكن الاستفادة منها، على مستوى العالم الإسلامي، علنا نسهم في حل هذه الإشكالية، أو على الأقل نوسّع دائرة النقاش حولها.
واضاف الدكتور نور الدين أن الكثير من العلماء والمراجع، وعلى رأسهم الامام أبو القاسم الخوئي والسيد فضل الله، يأخذون بموضوع التولد الفلكي بشكل نهائي، وإن كانوا يقولون بضرورة تحقق شرط الرؤية، لكن ليس بالعين المجردة او المسلحة (عبر آلات الرصد الفلكي). بل يكفي مرور فترة زمنية على الولادة الفلكية (خروج القمر من المحاق)، تتراوح بين 7 و14 ساعة، على أساس اختلاف الآفاق في الكرة الأرضية. وعندها يتحقق العلم بولادة الهلال. وهو النقاش الذي سيفتحه الفقهاء وعلماء الفلك في ما بينهم.
ويلفت النظر الى أن آية الله السيستاني على سبيل المثال يقول بالاستفادة من علم الفلك بمعرض النفي، في حين أن فضل الله يعتبر أن شهادة الفلك تفيد بالإثبات أيضاً.
وفيما يتعلق بمن حضر المؤتمر يقول الدكتور نجيب نور الدين « لقد وُفقنا بالحصول على مشاركة نخبة من علماء الفلك، في حين أرسل بعض المراجع الدينية علماء وممثلين عنهم. والمهم هو كسر الغربة بين الطرفين، وجعل الناس شركاء بالموضوع، لأنهم الفئة التي تطبق الفتاوى الدينية. ففي البيت الواحد، يؤدي افراد العائلة الصلاة في توقيتين مختلفين أحياناً. ويجب أن نســتفيد من العلم لتحقيق غايات وحدوية».
هذا وقد ناقش المؤتمر في جلسته الأولى التي ترأسها العلامة السيد محمد حسن الأمين «تحديد بدايات الشهور بين الحقيقة العلمية والتنبؤ الفلكي» في ثلاث أوراق عمل؛ الأولى: بعنوان «الهلال بين الرؤية والحسابات الفلكية» قدمها المهندس محمد عودة. والثانية: بعنوان «دور الأرصاد الفلكية والقضايا الهندسية في إثبات رؤية الهلال» وقدمها الدكتور يوسف مروّة. والثالثة: بعنوان «وجهة لحل مشكلة ثبوت رؤية الهلال» وقدمها الدكتور نور بخش.
في الجلسة الثانية من جلسات العمل التي عقدت بعنوان «العالم الإسلامي ومشكلة الأهلّة» برئاسة الدكتور معين حمزة، وناقشت ثلاث أوراق الأولى: بعنوان «العالم الإسلامي ومعالجة مشكلة الأهلّة» وقدمها الدكتور خالد الزعّاق من السعودية، والثانية: بعنوان «إمكانية إثبات أوائل الشهور الهجرية بالحساب الفلكي والعوامل الفلكية والمناخية والبيئية التي تؤثر على رؤية الهلال» وقدمها الدكتور مسلم شلتوت من مصر، والثالثة: بعنوان «كيف نستفيد من برامج الكمبيوتر لحساب الأهلّة» ووقدمها سماحة الشيخ علي غلوم من الكويت.
وفي الجلسة الثالثة من جلسات المؤتمر والتي انعقدت في يومه الثاني بعنوان «تعدد وجهات النظر حول الرؤية» وترأسها سماحة العلامة الشيخ أحمد الزين، حيث ناقشت ثلاث أوراق عمل؛ الأولى: بعنوان «وجهتا نظر السنّة والشيعة حول رؤية الهلال» وقدمها سماحة الشيخ رضا مختاري، والثانية: بعنوان «العوائق أمام تحديد التاريخ الهجري» وقدمها الدكتور صالح العجيري، والثالثة: بعنوان «قراءة تاريخية لتطور علم الفلك في الشهور القمرية» وقدمها الدكتور محمد العصيري.
أما الجلسة الرابعة فكانت بعنوان «مقاربات فقهية لمسألة الهلال» برئاسة سماحة الشيخ أحمد مبلغي، وناقشت ثلاث أوراق عمل؛ الأولى بعنوان: «الرؤية بين الطريقية والموضوعية» قدمها سماحة السيد علي الأشكوري، والثانية بعنوان: «أُفُق واحد أم آفاق متعددة» قدمها سماحة الشيخ محمود نجل المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ اسحاق الفياض، والثالثة بعنوان: «أُفُق واحد أم آفاق متعددة» (وجهة نظر أخرى) قدمها الدكتور عبد السلام راجح.
وفي الجلسة الخامسة والاخيره كانت بعنوان: «إثبات الهلال بين العلم والفقه» وترأسها الشيخ حسين المصطفى وكيل المرجع فضل الله في القطيف بالسعوديه، وناقشت ثلاث أوراق؛ الأولى بعنوان: «إثبات الهلال طبقا لقول الفلكي (إمكانية الرؤية)» وقدمها سماحة السيد جعفر فضل الله، والثانية: بعنوان «دور حكم الحاكم في إثبات الهلال» وقدمها سماحة الشيخ رضا إسلامي، والثالثة بعنوان: «تطور التفكير الفقهي تاريخيًا وموضوع دراسات الشهور» وقدمها سماحة الشيخ جعفر المهاجر.
http://alfajer.org/index.php?act=artc&id=2034
تعليق