إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الصدر الأول بين مطرقة البعث وسندان المرجعية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصدر الأول بين مطرقة البعث وسندان المرجعية

    (الصدر الأول بين مطرقة البعث وسندان المرجعية)
    جليل النوري

    قد يكون الكلام على بعض العناوين الحساسة هو مما لا يرتضيه الشارع في السابق، بل عَدَّهُ البعض من المُحرّمات والكبائر التي لا توبةَ لِمُطلِقها لأنها تعتبر إساءة إلى عنوان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهي – أي تلك العناوين – بمنزلة المعصومة.

    وهذا الاعتقاد السائد والذي اخذ مأخذه لردحٍ من الزمن لم يستمر إلى ما لا نهاية، وكما انَّ النبي الخاتم محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم هَدَمَ في نفوس الأمة ثقافة عبادة وتقديس الأصنام وألغى بين ليلة وضحاها من تفكير الناس ما كانوا يُردّدونه من انهم على آثار أجدادهم وآبائهم مقتدون، عادَ صدى ذلك الصوت المُحمّدي الأصيل وبنفس المُسمّى وهو مُحَمَّد وفي نفس التوقيت وهو السابع عشر من ربيع الأول ليطرق الأسماع من جديد وبنفس الحنّية والإنسانية والمسؤولية وقوّة القلب التي قلَّ نظيرها هذه الأيام وللأسف الشديد ليهدم أصناماً في عصورنا المتأخرة ولكن من نوع جديد وفي الوقت الضائع.

    ومن هذه الأسطر التوضيحية اليسيرة وَدَدتُ الدخول إلى بيان سبب الكتابة في الشهيد الصدر الأول في هذا التوقيت بالتحديد، والإجابة ببساطة انني أثناء قرائتي لكتاب (الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار) لكاتبه الشيخ محمد رضا النعماني وقعت عيني على موقف كَمْ ارتعشت فرائصي ودمعت عيناي ولم أتمكن من لجم فمي على إطلاق الصراخ بشكل عفوي قَلّما يصدر مني لخجل يلاحقني في نفسي وهو – أي الموقف - انه بعد أنْ انتهى السيد محمد صادق الصدر - والد السيد الشهيد الصدر الثاني - من الصلاة على الجثمان الطاهر للسيد الشهيد الصدر الأول فَتَحَ جلاوزة البعث الكافر من رجال أمن المجرم صدام التابوت لسماحة الحجة السيد محمد صادق الصدر ليتسنّى له رؤية جثمان الشهيد الصدر الأول وأخته العلوية، فشاهد السيد محمد صادق الصدر السيد الشهيد الصدر الأول وأخته العلوية الطاهرة آمنة الصدر وقد تضرَّجَت أجسادهم بالدماء وبانَت عليهما وبشكل واضح آثار التعذيب على كل مكان من وجهيهما الطاهرين.

    فلمّا توقّفتُ عن البكاء وتمالكتُ نفسي وسحبتُ أنفاسي ما كان مني إلا أنْ ردَّدتُ مقطعاً من زيارة سيد الشهداء سلام الله عليه وقلت أبا جعفر لعن الله امة قتلتك بالأيدي والألسن ولعن الله امة سمعت بذلك فرضيت به.

    ومن هذه المقدمة البسيطة أود التكلم بشيء من المكاشفة والواقع عن بعض القضايا والمواقف المُفجِعَة التي رافقت رحلة السيد الشهيد الصدر الأول وأتطرق لها على نحو يسير وباختصار، لأنَّ تفاصيل تلك الفترة المؤلمة موكولة لطلبته ومرافقيه وخصوصاً من كان برفقته آخر أيام حصاره الظالم وهو الشيخ محمد رضا النعماني، ومن أراد التوسّع أكثر فما عليه إلا مُراجعة كتاب (الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار) ففيه تفاصيل دقيقة وموَسَّعَة ومهمة، وتكمن أهميتها في انها موثَّـقَة بخط يد السيد الشهيد الصدر الأول فمن شاء فليراجعه.

    وهنا وفي بداية الحديث عن هذا الموضوع أحاول أنْ ابدأ بذكر شيء يسير ومُختَصَر من الأسباب التي دَعَت السلطة البعثية من جهة والحوزة آنذاك من جهة أخرى إلى الوقوف بوجه المسيرة الجهادية الإصلاحية للسيد الشهيد الصدر الأول وكل على انفراد.

    ففيما يخصّ السلطة البعثية الكافرة فانها كانت بحكم عقائدها الفاسدة من جهة ولوجود سلطة مكوَّنَة من الجَهَلَة من جهة ثانية ولِعَمالَتِها للنظام الاستكباري العالمي من جهة ثالثة فانَّ كل ذلك وغيره جعلها – أي السلطة - تقف دائماً كحائل بوجه أي شخصية إصلاحية تظهر في العراق، لأنها تدرك جيداً انَّ المُصلحين على مَرِّ العصور هم الذين غيّروا الدول واسقطوا حكومات الرؤساء والملوك الفاسدة، ولأنَّ السيد الشهيد الصدر الأول وكما عرفه الصديق والعدو كان شخصية إصلاحية مناضلة في سوح الوعي والتثـقيف ولم يكن الجانب الجهادي وحده ما مَيَّزَه كما يريد البعض هذه الأيام أنْ يُصدِّرَهُ ويُسوِّقَه، بل كان حجر عثرة في أي طريق يريد النيل من الإسلام وأركانه ورموزه وكان من اشد الناس حرصاً على رفع مستوى الأمة والنهوض بها إلى جادة الشريعة وإبعاد كل الشبهات الفكرية والأفكار الضالة المنحرفة بشتى الوسائل التي يراها قدس الله سره الشريف مُناسِبَة، وكما هو المعتاد والسائر منذ القِدَم انَّ الحكومات العراقية بتعاقبها لم تتعوّد على مثل هكذا نشاط وحركة وَهِمَّة دينية مُخلِصَة أثَّرِت في نفوس الطبقات المثـقفة في ظل ذروة الهجمة الشيوعية على العراق في حينها، لأنها – أي الحكومة – عاشت كل سنواتها السابقة مرتاحة البال غير مبالية لكل نشاط – إنْ وُجِد - في ظل حوزة كلاسيكية ضيقة النظر ارتعشت فرائصها وانتفض وجدانها في مرات قلائل، وإنْ شاء القدر وصدرَ منها انتفاض شريف ومخلص من أي فرد كان فالنتيجة ستكون انَّ مصير ذلك المُنتَفِض هو الموت لا محالة وبأقصى سرعة ممكنة وبأي طريقة متاحة، وهذا ما حصل واقعاً لسيدنا المخلص الشهيد الصدر الأول وسيدنا الحبيب الشهيد الصدر الثاني.

    ويعود السبب في عدم تعوّد الحكومات المُتعاقِبَة على هكذا حركات إصلاحية تحرّرية هو ما كان عليه طابع الحوزة من نظام كلاسيكي موروث قائم على أساس إهمال المجتمع والابتعاد عنه وعن مشاكله وهمومه سوى انشغالها – أي الحوزة - بأمور اربعة ذكرها المقدس الصدر في أكثر من مكان وزمان وهي الدرس والاستخارة وقبض الحقوق وصلاة الجماعة.

    وكما هو واضح فانَّ أي عاقل تُحدّثه بانَّ القيادة الدينية مُنشغلة بالحيض والاستحاضة سيقول لك في المقابل ووفق المنطق الرياضي الطردي انَّ الحكومة من هذه الناحية مُرتاحة البال مهما أفسَدَت وظَلَمَت ونشرت الشر والضلال، وليس هذا فقط بل انَّ المجتمع سيصبح عبارة عن جحيم لا يُطاق محكوم بقانون الغاب لانَّ الصفة الغالبة له ستصبح انتشار الزنا والسرقة وشرب الخمر وسيطرة أقوياء المال والنفوذ على الشعب إضافة إلى غيرها من الموبقات والمحرمات التي منعت الشريعة المقدسة تداولها وانتشارها، وهو ما كان واضحاً – انتشار الفساد – منذ ذلك الحين وبشكل مكثف إلى فترة ليست بالبعيدة إذ تم القضاء عليها وتقليصها شيئاً فشيئاً وخصوصاً بعد الثورة الكبرى الإصلاحية التي قادها الولي الطاهر محمد الصدر.

    وهنا سأذكر البعض من هواجس وتخوّفات السلطة والمرجعية من مرجعية السيد الشهيد الصدر الأول والتي كان لها الأثر الكبير في التعجيل بإخماد ثورة البركان تلك التي أجَّجَ لهـيبها السيد ابو جعفر قدس الله نفسه الزكية، وابدأ أولاً من التخوّفات التي أرّقَت الحكومة البعثية الكافرة من السيد ابو جعفر:

    التخوّف الأول:أدركت الحكومة العراقية في حينها انَّ السيد الصدر الأول ليس كأقرانه من المراجع الآخرين، بعبارة أخرى انه مُتَحَرِّك ونشط ولديه اهتمام في الأمة والمجتمع ويحاول جاهداً تغيير الأوضاع لأنها حسب وجهة نظره غير منطقية او مقبولة كونها قائمة على ترك فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    التخوّف الثاني:التفاف الجمع المؤمن من الشباب الواعي المثقف خلف قيادة ومرجعية الصدر الأول وهذا الأمر اعتبرته الحكومة آنذاك بداية ناقوس الخطر على أسس سلطتها.

    التخوّف الثالث:وجود توجّه سياسي واضح لدى مرجعية السيد الشهيد الأول من خلال موضوع ما يُسمّى بحزب الدعوة، وهذا التوجّه السياسي العنوان الإسلامي المضمون لا اعتقد انه سيمر مرور الكرام في نظر الدولة لأنه يمسّ وجودها بشكل مباشر جداً خصوصاً اذا نظرنا إلى علمانية الحزب الحاكم من جانب وإسلامية التوجّه السياسي للشهيد الصدر الأول من جانب آخر وهما نقيضان لا يمكن اجتماعهما.

    التخوّف الرابع:إدراك الحكومة العراقية لاحقاً من انَّ السيد الشهيد الصدر الأول يُخطِّط ويسعى لإسقاطها، وهذا كان واضحاً سواء في خطاباته او فتاواه او إرشاداته الخاصة والعامة.

    التخوّف الخامس:ما صدرَ من السيد الشهيد الصدر الأول من فتوى تُحرِّم الانتماء لحزب البعث العفلقي حتى اسماه بالكافر، وهذه الفتوى اعتُبِرَتْ نقطة النهاية في تفكير الحكومة والخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه، وهو ما يجب أنْ تترتب عليه مواقف توقف من نزيف ذلك الصوت الإلهي الناطق الذي بدأ شيئاً فشيئاً يُربِك مِن وضع الحكومة ويَهدّ من مضاجعها.

    التخوّف السادس:الموقف الواضح للشهيد الصدر الأول من الاستكبار العالمي والذي يقف على رأسه وفي مقدمته الثالوث المشؤوم المتمثل بـ (إسرائيل – أمريكا – بريطانيا)، إذ كان يرى قدس الله سره الشريف إلى ذلك النظام الاستبدادي الظالم على انه شَرٌّ مُطلَق، ولإدراكنا انَّ السلطة البعثية هي صنيعة ذلك الثالوث الظالم الغاشم فيكون لزاماً على الطرفين – البعث والاستكبار العالمي – أنْ يتخذا مواقفاً موحَّدَة تؤدي نتائجها إلى الحد من مشروع الشهيد الصدر الأول الذي بدأت رائحته تتعدى أسوار النجف الاشرف والعراق إذ وصلت إلى خارج العراق وهذا ما تخشاه كِلا الجهتين الظالمتين المبتزتين لحقوق البشرية.

    التخوّف السابع:العلاقة الواضحة بين الشهيد الصدر الأول من جهة وبين السيد الخميني من جهة أخرى، وهذا الأمر كان من المُحرّمات لدى السلطة العراقية لِما تلمسه من واقع يريد الوصول إليه ويخطط له السيد الخميني وهو إقامة حكومة إسلامية من خلال التخطيط والإعداد للإطاحة بنظام الشاه، وتعتقد الحكومة انَّ تلك العلاقة الودية بينهما هي بمثابة الشراكة في التخطيط الانقلابي وهي لذلك تتخوّف من أنْ تتحوّل الفكرة إنْ قَدَّرَتْ لها الظروف النجاح في إيران إلى العراق، فهي – فكرة الإطاحة بالبعث - بالإمكان إنجاحها وتطبيقها في العراق مع وجود شخص اسمه محمد باقر الصدر تحتضنه ارض هذه البلاد.

    وهنالك موارد كثيرة لا أتصوّر انَّ مقالة بهذه البساطة يمكنها أنْ تستوعب كل تلك الفترة المؤلمة وتختزلها بهذه الأسطر الهزيلة لانَّ ما خَفيَ من حقائق هو مما لا يُعَدّ ولا يُحصى وكما يقولون انَّ ما خفيَ كان أعظم فانا لله وإنا إليه راجعون.

    هذا فيما يخصّ تخوّف الحكومة اما فيما يخصّ الجانب الآخر وهي الحوزة فانها اشتركت في كثير من المشتركات التي كانت الحكومة تتوجس منها، وهواجسها كانت باختصار كما يلي:

    الهاجس الأول:التخوّف من زعزعة السلطة الدينية لدى المُتَصَدّين لها من خلال نبوغ الشهيد الصدر الأول وبروزه بشكل سريع في ذلك الوسط الشامخ الذي لا يمكن لأي فرد التغلغل فيه لخطورة نتائجه على مَنْ يُفَكِّر في التوغل ناهيك عن المُتَصَدّي في تلك الساحة، لانَّ نتيجة ذلك - إنْ بَرَزَ شخص مثل السيد ابو جعفر - فانَّ الزعامة الشيعية ستكون له او لأمثاله وهو أمر لا يحتاج إلى نقاش بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء.

    الهاجس الثاني:بعد السُبات الذي عاشه العراق منذ ثورة العشرين والى فترة بزوغ الشهيد الأول، فانَّ الأمة بدأت شيئاً فشيئاً بالالتفاف حول مرجعيته حتى وصل الحال إلى وكلاء ابرز مرجعية كانت في حينها والذين التحقوا بركب التقليد للشهيد الصدر الأول بعد العدول في تقليدهم من ذلك المرجع، وأصبحوا بعدها من وكلائه المعروفين بل نالوا شرف الشهادة معه.

    الهاجس الثالث:ذاعَ صيته العلمي حوزوياً، إذ بدأتْ إشكالاته الفقهية والأصولية على أستاذه الأبرز تطفح للسطح، وهذه الإشكالات تصاعدت بين حين وآخر وهو ما أنبأ عن ظهور مرجع قد يكون اعلم في المستقبل القريب من المرجع الأبرز للطائفة، وهذا إنْ قَدَّرَت له الظروف أنْ يحصل فانَّ مُجريات الساحة العراقية والعالمية ستنقلب رأساً على عقب لتعاكس وتضاد أفكار كلا المرجعيتين بشكل تام.

    الهاجس الرابع:في الوقت الذي كانت فيه المرجعية عاجزة تماماً عن التصدّي للمَدّ الإلحادي الوجودي المادي كان الشهيد الصدر الأول واقفاً وبكل شجاعة وإخلاص يبثُّ بأفكاره البنّاءة المُدافعة عن الإسلام ورب الإسلام ونبي الإسلام، وهذه المواقف – الإلحاد والرد على الإلحاد - كما هو معلوم كانت قد وضعت المرجعية في موضع مُحرِج جداً وفي نفس الوقت جعلت من الشارع الإسلامي عموماً والشيعي خصوصاً ينظر بإجلال واحترام كبيرين إلى السيد الشهيد الصدر الأول ويبحث عنه وعن مكانه وبدأ يتساءل، هل هو اعلم من أستاذه؟ وهل لديه القدرة على التصدّي للمرجعية؟ وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي لم تكن في حساب المرجعية.

    الهاجس الخامس:النشاط المُتسارع للشباب المندفع باتجاه تلك المرجعية وخصوصاً الطبقة الواعية منهم، إذ بدأت (برانيّة) السيد الشهيد الأول – أي مكتبه – بتوسّع نطاقها فيما يخص حجم وأعداد المُقلّدين والزوار ومن مختلف أرجاء العالم، وهو ما اعتبرته المرجعيات الأخرى بداية سحب البساط منها لأنه ولردح من الزمن أي إلى حين بزوغ نجم الشهيد الصدر الأول لم يفكر احد على الإطلاق من المراجع في أنْ يقول أنا مرجع مع وجود المرجع الأبرز للطائفة، إضافة إلى انهم لم يسمعوا على الإطلاق انَّ المُكَلَّف الشيعي سيُقَلِّد شخصاً غير الزعيم الأبرز للطائفة، فمِن أين أتى السيد محمد باقر الصدر ليتصدّى للمرجعية مع وجود فلان من الناس؟ وكيف يمكن للمكلفين التفكير في تقليده او العدول من تلك المرجعية إلى مرجعيته؟!.

    الهاجس السادس:لم تقتصر مرجعية السيد ابو جعفر على الداخل فحسب بل تعدّت في حدودها إلى بقية الدول الإسلامية وغير الإسلامية، وما ساعده في ذلك كتبه العظيمة كفلسفتنا واقتصادنا والبنك اللاربوي في الإسلام والأسس المنطقية للاستقراء إضافة إلى كتبه الأخرى ككتاب فدك في التاريخ والمعالم الجديدة في الأصول يُضاف لهم محاضراته في التفسير الموضوعي للقران وغيرها كثير من المؤلفات الأخرى التي امتلأت بها المكتبات في حينها، كل هذا جعل من شخصية الشهيد الصدر الأول في أنْ تكون عالمية لأنها تصدَّت لأفكار العصر ووضَّحَت بشكل منطقي الأفكار التي يؤمن بها الإسلام المُضادّة لتلك الأفكار الدخيلة.

    وفي الوقت الذي كان السيد الشهيد الأول يؤلِّف ويُحاضِر وينشر فانه في المقابل كانت المرجعية عاجزة عن فهم ما يطرحه من جهة والشلل التام في إمكانية كتابة ما يشابه كتاباته، وهذا الشيء – التأليف له والعجز لخصومه – أيضاً كان نقطة قوة تُضاف لمرجعيته وفي المقابل فهي عقبة جديدة في طريق سير المرجعيات الأخرى، لانَّ الشارع بدأ يعي إلى انَّ الشهيد الصدر الأول هو الشخص الوحيد الذي تمكَّن علمياً وَمَلَكَ الشجاعة وقوة القلب في الوقوف بوجه الأفكار الطارئة على العالم بشكل واضح في ظل سكوت الجميع من المراجع في حينها عن ردع تلك الشبهات.

    وفي هذا الإطار – الوقوف بوجه الفكر المادي – لا يمكننا غضّ الطرف او التغافل عن الخطوة التي اسماها الشهيد الصدر الثاني بالمُتَقَدِّمة من كتابه (اليوم الموعود) وهو الجزء الرابع من سلسلة حلقات الموسوعة المهدوية، والذي يتعرّض فيه شهيدنا الصدر الثاني بشكل مفصل لهذا التوجّه الطارئ، وفيه استطاع قدس الله روحه الطاهرة من الرد على الإشكالات التي وضعتها أقلام المفكرين الماديين على كتاب فلسفتنا، لذا فهو – أي كتاب اليوم الموعود – خطوة متقدمة من فلسفتنا، فمن شاء فليراجعه ليعرف عن قرب ما اعنيه.

    والى هذا الحد اكتفي في ذكري للهواجس والظنون والتخوفات التي كانت تقلق رجالات الحوزة من مرجعية الشهيد الصدر الأول، وقد تكون هنالك تفاصيل أخرى عَجَزَ كاتب هذه الكلمات عن إدراكها ومعرفتها من المُحتَمَل أنْ تكون أكثر مما أوردته هذه الأسطر فمَنْ شاء المعرفة أكثر فعليه الرجوع إلى كتاب سنوات المحنة وأيام الحصار.

    وبعد استعراضنا للمخاوف والهواجس التي تولَّدَت لدى فريقي السلطة والمرجعية آنذاك والتي أسهمت بشكل مباشر إلى إزاحة الشهيد الصدر الأول عن الساحة، استَعَرض هنا بعضاً من المواقف الخاصة بالمرجعية والتي تُثبِت صحة ادعائي من خلال ذِكر الشواهد والمواقف التي عاشها الشهيد الصدر الأول بكل حزن وألم ومرارة، وهي مواقف لا تحتاج إلى النقاش او التأويل او التكذيب لأنها مُوَثَّـقَة بخط صاحب المصيبة وهو الشهيد الصدر الأول وقد ذكرها وطبعها الشيخ النعماني في كتابه سالف الذكر سنوات المحنة وأيام الحصار.

    الموقف الأول:بَلَغَهُ – أي الشهيد الأول - انَّ احد أبناء المراجع – وأظنه الابن الأكبر للمرجع الأبرز في حينها – قال لمدير امن النجف،(ما ذا تنتظرون بالصدر؟، هل تريدونه خُميـّنيّاً ثانياً في العراق، لماذا لا تعدمونه..)، فقال السيد الشهيد الأول لما بلغه ذلك،(غَفَرَ الله لك يا فلان، إنْ قتلوني اليوم، قتلوكم غداً).

    الموقف الثاني:أحجمت المرجعية العامة من الاستجابة لطلب عدد كبير من العلماء وأبناء الأمة لزيارة السيد الشهيد الصدر الأول وفك الحصار عنه، وكان ذلك الموقف خيبة أمل كبيرة للأمة وهو في الوقت نفسه بمثابة الضوء الأخضر لتصفية الشهيد الصدر، لانَّ رسالة ذلك الموقف المخيب هو انَّ المرجعية سوف لا تهتم لِما سيحصل للشهيد الأول ولن تكون هنالك أية أزمة في حال أقدَمَت الحكومة على تصفية الشهيد الأول، وكان المرجع الوحيد الذي بادرَ إلى زيارة الشهيد الصدر في حصاره الأخير هو السيد عبد الأعلى السبزواري والذي ألقتْ السلطة البعثية القبض عليه أثناء خروجه، وقد رَدَّ السيد السبزواري قدس الله سره الشريف على من اعتقله قائلاً،(انَّ واجبي أنْ ازور السيد الصدر، وأنا مُستعد لتحمّل مسؤولية ذلك، اذهبوا بي إلى حيث تشاؤون).

    الموقف الثالث:في الوقت الذي كان الشهيد الأول يعيش المشاكل والحصار تلو الحصار بَعثَ احدهم إليه – من الحوزويين – برسالة ما مضمونها،(اننا نعلم انَّ الحجز – ويقصد حجز السيد الشهيد – مسرحية دبّرها لكَ البعثيون وأنتَ تُمَثِّـل دور البطل فيها، والغرض منها إعطاؤك حجماً كبيراً في أوساط الأمة، اننا نعلم انك عميل لأمريكا ولن تنفعك هذه المسرحية).

    يقول الشيخ النعماني، بعد أنْ قرأ الشهيد الأول تلك الرسالة رايتهُ قابضاً على لحيته الكريمة وقد سالَتْ دمعة ساخنة من عينه وهو يقول،(لقد شابَتْ هذه من اجل الإسلام – ويعني لحيته -، أفَؤتَّهم بالعَمالة لأمريكا وأنا في هذا الموقع؟!).

    الموقف الرابع:مُحاسبة الشهيد الصدر الأول على تصدّيه للمرجعية وطبعه لرسالته العملية (الفتاوى الواضحة)، ويقول الشيخ النعماني بهذا الخصوص انَّ ذلك الشخص كان يتكلم مع الشهيد الصدر الأول بعصبية وانفعال وقد دوّنَ الشهيد الأول ذلك وبعث برسالة إلى احد تلامذته يذكر فيها ذلك الموقف، يقول قدس الله سره الشريف في معرض رسالته:

    (انَّ السيد -......- كان يعترض ويقول كيف تتصدّى للمرجعية في عهد السيد .....؟!، وقد شَرَحتُ له كل الظروف، وكل سلبيات مرجعية السيد ....تجاهنا والتي فرضت الاضطرار إلى موقف من هذا القبيل، وبعد اخذ ورد طويلين قُلتُ له، ماذا تريدون؟ قالوا:نريد أنْ تذكر بانَّ مرجعيتك طولية. قلتُ نعم، أنا مُلتَزِم بذلك. قالوا:نريد أنْ تؤكد لمُحبّيك انَّ طبع الرسالة للمقلدين شيء ومُزاحمة المرجعية العليا وإيجاد التفاضل في الأعلمية والتعديل عن التقليد شيء آخر. قلتُ:وهذا أيضاً اني أراه منذ البداية، والآن سوف أجدّد التأكيد على أصحابي في هذا المجال).

    الموقف الخامس:في إحدى الزيارات التي قام بها ما يُسمّى بعضو مجلس قيادة الثورة ووزير التجارة في حينها المدعو حسن علي للشهيد الصدر الأول قال ذلك المجرم للشهيد الصدر،(انني استطيع أنْ أهمل جميع التقارير التي تُكتَبْ عنكم وتُرفَع إلينا من قبل مديرية امن النجف وغيرها، إلا انني لا استطيع أنْ افعل شيئاً للتقارير التي تُرفَع للقيادة مباشرة من قبل أشخاص في الحوزة نفسها).

    وقد اكتفي بهذا المقدار من المواقف لانَّ الغاية منها هو الاعتبار والاتعاظ والانتباه، لذا يكون ذكر الكثير منها او القليل يصب بالنتيجة في مصب واحد وهو معرفة الغاية من ذكرها وكما أشرت، وحتى لا يُلدَغ المؤمن من جِحرٍ مرتين فعليه الانتباه والالتفات إلى ما يجري وما يحصل من لغط ولبس وتجميل للصور والمواقف وكما ورد عن أمير المؤمنين سلام الله عليه بما مضمونه لا يُعرَف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله، فلا يغرنَّ احدنا المُسمّيات والمناصب والشكليات بل انَّ الواقع هو الحكم على آثار الرجال وليس على مُسمّيات الرجال كما يريد أنْ يوضِّح لنا أمير لمؤمنين سلام الله عليه في حديثه سابق الذِكر، وهي – أي الآثار - كفيلة في أنْ تُعَرِّفَكَ هل انَّ صاحب الأثر على حق أم على باطل وهذا يكفي جداً.

    وكما بدأتُ المقالة بذكر حادثة من السيرة الطاهرة للشهيد الأول اختمها أيضا بسيرة عطرة منه، إذ يقول الشيخ النعماني، في آخر أيام حياة الشهيد الصدر شاهدَ قدس الله سره الشريف في عالم الرؤيا خاله المرحوم الشيخ مرتضى آل ياسين وأخيه المرحوم السيد إسماعيل الصدر قد جلسَ كل واحد منهم على كرسي وتركوا له كرسياً بينهما، وهما ينتظران قدومه إليهما، ومعهم ملايين البشر ينتظرونه أيضاً، ووصفَ لي النعيم وما هما فيه من سعادة لا تتصوّر، فقلتُ له – أي النعماني -، لعلَّ هذه الرؤيا تدلّ على الفرج والنصر إنْ شاء الله، فقال له السيد محمد باقر الصدر، (انَّ الشهادة أعظمُ نصر إنْ شاء الله).

    اللهم احشرنا مع أوليائك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون انك على ذلك من القادرين.


    جليل النوري

  • #2
    لم تضع رابط النقل للامانة العلمية

    تعليق


    • #3
      السلام عليك ياصدرنا الغالي وعلى بنت الهدى

      لعن الله امة قتلتكم بالايدي والالسن ولعنة الله امة سمعت بذالك فرضيت به

      تعليق


      • #4
        لو كان صدام يمتلك عقل ذبابة ما اغتال غدرا الشهيد محمد باقر الصدر والسيدة العلوية بنت الهدى ولكنه غبي جدا
        التعديل الأخير تم بواسطة علي الكوفي; الساعة 09-04-2010, 10:21 PM.

        تعليق


        • #5
          الأخ مختار بنضري نقلكـ وإلصاقكـ للموضوع غير موفق والموضوع تنقصه كثير من الأدله ولإضهار شخصية الشهيد الصدر لايحق لكـ الطعن بزعيم الحوزه وإستاذ الفقهاء بزمانه أخي العزيز نحن العوام إستفدنا من الخطباء أكثر من المراجع على سبيل المثال إستفدنا من عميد المنبر الشيخ الوائلي أكثر من المراجع واللي يشوفكـ يقول ما تاخذ أمور دينكـ إلا أفواه المراجع ل أخوي قدر لنا الله أن نجلس مع الشيخ الوائلي لمدة سنوات وكان الشيخ يشيد كثيرا بمرجعية السيد الخوئي أكثر من كل المراجع بمن فيم الشهيد الصدر الأول ولذلك أعتبر شهادة الشيخ الوائلي أصدق من شهادة كاتب الموضوع وناقله وأخيرا أخي العزيز أمدح من تريد وتحب وتوالي لكن ليس على حساب من نريد ونحب الله يوفقكـ على الخير والصلاح



          الحاج أبو محمد الكويت

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            جزاك الله خيرا اخي الكريم ورحم الله سيدنا محمد باقر الصدر
            لقد كان حقا انموذجا رائعا لكل المخلصين على دينهم وعلى مبادئهم
            ولكن لدي سوال ارجو من الاخوة اجابتي علية
            ماكان رد الشارع العراقي الشيعي على نبا استشهاد السيد عموما ؟
            وماكان موقف الحوزة العلمية انذاك على هذا النبأ بلخصوص؟
            دمتم اخي الكريم

            تعليق


            • #7
              لعن الله كل منافق اثم زنيم !

              لعن الله فضل الله وحزبه المشبوه !!


              مهما تطاول الاقزام على المرجعية فلن تزداد الا سموا وعلوا وشموخا!


              وهل يضرها نباح الكلاب ..؟؟؟

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة husaini4ever
                لعن الله كل منافق اثم زنيم !

                لعن الله فضل الله وحزبه المشبوه !!


                مهما تطاول الاقزام على المرجعية فلن تزداد الا سموا وعلوا وشموخا!


                وهل يضرها نباح الكلاب ..؟؟؟
                ؟
                ..
                "
                الاستكبار يحارب العلماء

                إنّ في الحوزات العلمية أشخاصاً يعملون ضد الثورة والإسلام المحمّدي الأصيل. ويوجّه اليوم عدد من المزيّفين السهام إلى الدين والثورة والنظام إلى الحدّ الذي يظهر وكأن لا وظيفة لهم غير هذا. وليس قليلاً إذاً خطر المتحجرين والمزيفين الحمقى في الحوزات العلمية. وعلى الطلبة الأعزاء أن لا يتقاعسوا لحظةً واحدة في معرفة أمر هؤلاء الثعابين التي يبدو ظاهرها ليّناً جداً. فإنّهم مروّجو الإسلام الأميركي، وإنّهم أعداء رسول الله. أليس من الواجب إذاً على الطلبة الأعزاء أن يحفظوا تكاتفهم مقابل هذه الثعابين؟!
                وعندما يئس الاستكبار من إزالة العلماء وتدمير الحوزات بشكل كامل، اختار أسلوبين لتنفيذ ضربته: الأوّل أسلوب الإرهاب والقوة، والثاني أسلوب الخدعة والنفوذ. ولمّا لم تكن حربة الإرهاب والتهديد فاعلة جدّاً، سعى الاستكبار إلى تغذية وتقوية أسلوب النفوذ. وكان أوّل وأهم التحركات في هذا المجال هو تلقين شعار فصل الدين عن السياسة، حيث كانت هذه الحربة _ ومع الأسف _ فاعلة إلى حد ما في الحوزة وصفوف العلماء، حتى أصبح التدخل في السياسة دون شأن الفقيه، ودخول معركة السياسيين تهمة للارتباط بالأجنبي.
                وباليقين، فقد أصاب العلماء المجاهدين جرح أكبر بسبب النفوذ. ولا تعتقدوا أن تهمة الارتباط والافتراء باللاّدينية توجّهت إلى العلماء من الأجانب فقط، إذ كانت طعنات العلماء المطلعين المرتبطين وغير المطلعين أشد أضعافاً كثيرة من ضربات الأجانب، فلو أردت في بداية التحركات الإسلامية أن تقول إنّ الشاه خائن، لكنت تسمع الجواب فوراً بأنّ الشاه شيعي. وقد كان عدد من المزيّفين يعتبرون كل شيء حراماً، فلم يكن هناك من يستطيع أن يعلن عن وجوده في مقابلهم. وقد كانت الطعنة التي تلقّاها أبوكم العجوز من هؤلاء المتحجّرين طعنة لم يتلق مثلها من ضغط وقساوة الآخرين.
                وعندما قام شعار فصل الدين عن السياسة، وأصبح الفقيه في منطق الجهلة غارقاً في الأحكام الفردية والعبادية، ولم يكن يسمح للفقيه أن يخرج عن هذا الإطار ويتدخّل في السياسة وشؤون الحكم، عند ذاك، أصبحت حماقة العالم في معاشرة الناس فضيلةً، وعلى زعم بعضهم يصبح العلماء موضع احترام وتكريم الناس حين تأخذ الحماقة كافة وجوده. بينما كان العالم السياسي والعالم العامل النشط يعتبر إنساناً مدسوساً. ومن القضايا التي كانت منتشرة في الحوزات، اعتبار كل من يسير منحرفاً أكثر تديناً، فيما أصبح تعلّم اللّغات الأجنبية كفراً وتعلّم الفلسفة والعرفان ذنباً وشركاً. وعندما شرب ابني الصغير المرحوم مصطفى الماء من شربة في المدرسة الفيضية أخذوا تلك الشربة وطهّروها بالماء لأنني كنت أُدرِّس الفلسفة.
                ولا يخفى أنّه لو استمرت هذه السياسة لأصبح وضع العلماء والحوزات كوضع كنائس القرون الوسطى، ولكن الله تفضَّل على المسلمين والعلماء وحفظ الكيان الحقيقي والمجد الواقعي للحوزات. وقد تربى في نفس هذه الحوزات أيضاً العلماء المعتقدون بالدين وفصلوا أنفسهم عن الآخرين، وقد نجمت عن هذه المشاعل الثورة الإسلامية الكبرى. وبطبيعة الحال، فإن الحوزات هي مزيج من نظرتين، فيجب الانتباه والحذر حتى لا تسري فكرة فصل الدين عن السياسة من أصحاب الفكر الجامد إلى الطلبة الشباب. ومن الأمور التي يجب إلفات نظر الطلبة الشباب إليها، هي كيف أنّ عدّةً شمّروا عن سواعدهم ووظفوا أرواحهم وحيثيتهم من أجل إنقاذ الإسلام والحوزة والعلماء في فترة نفوذ المزيفين الجهلة والسذج الأميين. فالأوضاع السابقة لم تكن كما هي اليوم. ولم يكن كل واحد معتقداً بالكفاح مائة بالمائة، إذ كان المعتقد بالكفاح يطرد خارج الساحة تحت ضغط وتهديد المزيفين. وكان من المشاكل الكبرى والقاتلة ترويج أفكار مثل «الشاه ظلّ الله»، أو «لا يمكن مواجهة المدفع والدبّابة بالجلد واللّحم»، أو «لسنا مكلّفين بالجهاد والكفاح»، أو «من سيتحمل دماء المقتولين»... والأقسى من ذلك كلّه، هذا الشعار المضلّل «إنّ الحكومة قبل ظهور إمام الزمان (عليه السّلام) باطلة»، والآلاف من «إن قلت» الأخرى. إذ لم يكن بالإمكان الحيلولة دون ذلك بالكفاح السلبي.
                إنّ السبيل الوحيد كان سبيل الجهاد والإيثار والدم التي هيّأ الله أسبابها، وفتح العلماء الملتزمون الصدور لمواجهة كل سهم مسموم يطلق نحو الإسلام، وجاءوا إلى مسلخ العشق.
                إنّ أوّل وأهمّ فصل دامٍ كان في الخامس عشر من خرداد العاشورائي في قم. ففي الخامس عشر من خرداد 1342 هـ.ش _ المصادف 5 حزيران 1963م _ لم تكن المواجهة فقط مع رصاص الشاه وبنادقه، إذ لو كانت هذه هي المواجهة فقط لكانت سهلة، وإنّما بالإضافة إلى ذلك، كان هناك رصاص الحيلة التي أطلقها المزيفون والمتحجّرون من الداخل، وقد مزّقت رصاصات الطعن بالألسن والنفاق والازدواجية التي كانت أشد أثراً ألف مرّة من البارود والرصاص.. مزّقت وأحرقت القلوب، إذ إنه في ذلك الوقت لم يكن هناك يوم خالٍ من الأحداث، ولجأت الأيادي الخفية والعلنية لأميركا والشاه إلى بث الشائعات وإلصاق التهم، حتى اتهموا أفراداً بترك الصلاة والشيوعية والعمالة للإنجليز، لأنّهم أخذوا على عاتقهم توجيه وترشيد الكفاح.
                وفي الحقيقة، كانت الطبقة العلمائية الأصيلة تبكي دماً في الوحدة والأسر، وتبكي كيف أنّ أميركا وخادمها بهلوي يريدون قلع جذور الدين والإسلام، وأنّ عدداً من العلماء المزيفين الجهلة أو المخدوعين وعدداً من المرتبطين الذين انكشفت وجوههم بعد الانتصار يتعاونون في طريق الخيانة الكبرى هذه. وهكذا تلقى الإسلام من هؤلاء المزيفين من الضربات ما لم يتلقها من أية جماعة أخرى، والمثال الشاخص على ذلك مظلومية وغربة أمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث إنّ ذلك في التاريخ واضح. فلنترك ولنمضِ، ولا نجعل المذاقات أكثر مرارةً من هذا. ولكن يبقى على الطلبة الشباب أن يعلموا أنّ أفكار هذه الجماعة ما زالت قائمة، وهي تبدّل أسلوب الزيف وأسلوب بيع الدين بأساليب أخرى. فالذين هُزِموا بالأمس أصبحوا اليوم لاعبي السياسة، والذين لم يكونوا يسمحون لأنفسهم بالتدخّل بالسياسة أصبحوا اليوم حماة الذين خطّطوا لقلب النظام عبر انقلاب عسكري، وتعتبر محنة قم وتبريز التي قامت بتنسيق اليساريين ودعاة الملكية ودعاة انفصال كردستان، نموذجاً واحداً يمكننا الإشارة إليه، حيث إنّهم لم يتخلّوا عن مؤامراتهم رغم إخفاقهم في ذلك وظهروا في مؤامرة نوژه ففضحهم الله مرة أخرى.
                العلماء المزيّفون
                وهناك جماعة أخرى من العلماء المزيَّفين الذين كانوا يعتبرون الدين مفصولاً عن السياسة قبل الثورة، وينكسون رؤوسهم في عتبة البلاط، ولكنّهم يصبحون متدينين فجأة ويلصقون تهمة الوهابية وأسوأ من الوهابية بالعلماء الأعزاء والشرفاء الذين تحملوا دائماً الأذى من أجل الإسلام والتشريد والسجن والنفي. فبالأمس قال المزيّفون الفاقدين للشعور إنّ الدين مفصول عن السياسة، وإنّ الكفاح ضدّ الشاه حرام، واليوم يقولون «لقد أصبح مسؤولو النظام شيوعيين». حتى الأمس اعتبروا بيع المشروبات والدعارة والفسق وحكومة الظلمة نافعاً وممهداً للطريق أمام ظهور إمام الزمان (أرواحنا فداه)، واليوم حيث تقع مخالفة للشرع في زاوية ما _ ورغم أنّ المسؤولين لا يريدون ذلك _ ينادون وا إسلاماه. أمس كان الحجّتيّة قد حرّموا الكفاح، وفي خضم الجهاد بذلوا جهودهم لتجيير إضراب التنوير في النصف من شعبان لصالح الشاه، فأصبحوا اليوم أشدّ ثورية من الثوار... إن دعاة الولاية هؤلاء هم الذين أهدروا أمس بسكوتهم وتحجّرهم شرف الإسلام والمسلمين، وقصموا بالعمل ظهر الرسول وأهل بيت العصمة والطهارة، ولم تكن عنوان الولاية لهم إلاّ التكسّب والعيش، اعتبروا اليوم أنفسهم مؤسّسي ووارثي الولاية، وأخذوا يتحسّرون على ولاية حكومة الشاه.
                وفي الواقع، من هو الذي يصدر اتهامات الميل نحو أميركا وروسيا، واتهام تحليل المحرمات وتحريم المحللات، واتهام قتل النساء الحوامل واتهام حلية القمار والموسيقى؟ ممن تصدر هذه الاتهامات؟ من الناس اللاّدينييّن أم من المزيّفين المتحجّرين وعديمي الشعور؟ يا ترى من الذي ينادي بتحريم القتال مع أعداء الله ويستهزئ بثقافة الشهادة والشهداء ويظهر الطعن حول مشروعية النظام؟ هل إنّ هذا هو فعل الخواص أم العوام؟ ومن أيّة جماعة من الخواص؟ من المعمّمين الظاهريين أم من غيرهم؟ لنترك فالحديث طويل."
                التعديل الأخير تم بواسطة أمجد علي; الساعة 09-04-2020, 11:14 PM.

                تعليق


                • #9
                  نعم هل يضر الجبل الشامخ محمد حسين فضل الله قزم مثلك؟
                  هل يا امجد وقفت امام المرأة ووجدت نفسك قزم فقذفت هذا الاتهام الى غيرك انت فعلا قزم في عقلك وافكارك ومن يتبع من تتبعه كذلك والباقي هم كالمارد في افكارهم

                  تعليق


                  • #10
                    شما تنها لعن ، توهین به مقدسات را ندارید

                    تعليق


                    • #11
                      رحمك الله واختك العلوية بنت الهدى..

                      ولعنة الله على جلاديكم و ظالميكم..


                      تفرج ياعراق

                      تعليق


                      • #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة أمجد علي
                        مطبرجي سخيف.
                        ليس اسخف منك يا ملك السخفاء والمأجورين

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة اعرف لحق تعرف اهله
                          شما تنها لعن ، توهین به مقدسات را ندارید

                          المشاركة الأصلية بواسطة أمجد علي
                          مطبرجي سخيف.

                          ماكان خافيا على الناس لعقود من تامر الدعوة على المرجعية وسعيها للتوهين منها والحط من قدرها وتشكيك الناس بها وبالمذهب كله في نهاية المطاف .....اخذ يتكشف شيئا فشيئا !

                          وماكان محذورا ولو همسا بات حديثا متداولا.....


                          وسيكون تحت متناول الجميع قريبا ان شاء الله ليعرفكم الناس على حقيقتكم ياوهابية القرن !

                          تعليق


                          • #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة أمجد علي
                            هل أصبح التطبير = المرجعية؟؟
                            لم نقم بتقييم حزب الدعوة وفضلة بيروت على اساس التطبير بل لذكركم له وتعريضكم به!

                            والا فان الحزب المشبوه المنحرف عدو للشعائر الحسينية وللمرجعية منذ عقود!

                            اما التطبير فحيث ان غالبية الفقهاء قالوا بحليته فان وصف المطبرجي بالسخف توهين وحط من قدر المرجعية الفناه من زبانية حزب الدعوة المنحرف !

                            تعليق


                            • #15
                              اعتذر اخ وائل علي

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X