بسمه تعالى
السؤال
الأخ الكريم من إندونيسيا يسأل و يقول إن أهل السنة مرتاحي البال لأنهم يملكون صحيح مسلم و البخاري من جهة صحة الروايات فهل تملكون كتباً صحيحة؟
الجواب
إن من واجبات كل مسلم بعد تباعد الزمان عن صاحب الرسالة و اختلاف المذاهب و الاراء، و تشعب الفرق و النحل، أن يسلك الطريق الذي يثق فيه أنه يوصله إلى معرفة الأحكام المنزلة على محمد (صلى الله عليه و آله) صاحب الرسالة ، لأن المسلم مكلف بالعمل بجميع الأحكام المنزلة في الشريعة كما أنزلت، ولكن السؤال يكمن في أنه كيف يمكن التعرف على أن هذه هي الأحكام الحقيقية دون تحريف و تزييف ؟ و الحال يوجب التمعن و البحث، لان المسلمين اليوم مختلفون ، والطوائف متفرقة و كتب الأحكام قد تغايرت، فلا الصلاة واحدة ولا العبادات متفقة، ولا الأعمال في جميع المعاملات على وتيرة واحدة
(و كل يدعي وصلا بليلى *** و ليلى لا تقر له بذاكا).
فلأي مصدر يرجع ومن أي منهل ينتهل ولأي وقت يبقى يقلد الآباء؟
أذن لابد أن يتيقن بينه و بين نفسه ، و بينه و بين الله تعالى، فأنه لا مجاملة هنا ولا مداهنة و لا تحيز و لا تعصب، وعليه أن يسعى و يبذل قصارى جهده من أجل أن يضع قدمه على الطريق القويم الذي يعتقد فيه بفراغ ذمته (بل الإنسان على نفسه بصيرة) [القيامة: 14 ] (إن هذه تذكرة فمن شاء أتخذ إلى ربه سبيلا) [المزمل: 19 ].
فعليه أن يتبع و يطلب العلم و الإيمان فإذا تبين له من العلم ما كان خافياً عليه أتبعه ، و أن لا تقف الرواسب الفكرية المعتمة أمامه (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع) [يونس: 35 ].
ويمتاز صحيحا البخاري و مسلم بأهمية بالغة لدى أهل السنة و الجماعة، حتى اصبحا عند عامة المسلمين المرجعين الأساسين و المصدرين الأولين في كل المباحث الدينية . وأصبح من العسير على كل الباحثين أن يصرحوا بما يجدوه من تهافت و تناقض و منكرات، فيتقبلوها على مضض و لا يكاشفوا بها قومهم خشيةً منهم أو خشيةً عليهم، لما في نفوسهم من احترام و تقديس لهذين الكتابين. و نحن إذ قَدِ منا على نقدهما أو تخريج بعض المطاعن عليهما، ليس ذلك إلا لتنزيه نبينا( صلى الله عليه و آله) وعدم الخدش في عصمته. والجدير بالذكر ،أنه ليس كل ما في البخاري و مسلم ، منسوب للرسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد يخرج البخاري حديثا للنبي (صلى الله عليه و آله) ثم يعقب عليه بآراء بعض الصحابة فيعتقد القارئ بأن ذلك الرأي أو الحديث، لرسول الله في حين أنه ليس كذلك.
نعم لقد أمرنا باتباع السنة، و لكن لم يقل: خذوها من الصحيحين حتى نمتثل الأمر. فيجب أخذ السنة من المنبع الذي امرنا الله و رسوله الأخذ منه، وليس هو الصحيحين و لا بقية الصحاح، و لا يمكن القول أن الله ورسوله لم يبينا الموضع الذي تؤخذ منه السنة.
فيجب أخذها من مكانها الصحيح و اتباع قول الرسول حق، وهو أولى بالاتباع، وإن خالفته الأمة بأسرها، والرسول قال ص إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلا من بعدي أبدا حتى يردا عليّ الحوض».
لسماحة اية الله جعفر السبحاني دام ظله العالي
والسلام
السؤال
الأخ الكريم من إندونيسيا يسأل و يقول إن أهل السنة مرتاحي البال لأنهم يملكون صحيح مسلم و البخاري من جهة صحة الروايات فهل تملكون كتباً صحيحة؟
الجواب
إن من واجبات كل مسلم بعد تباعد الزمان عن صاحب الرسالة و اختلاف المذاهب و الاراء، و تشعب الفرق و النحل، أن يسلك الطريق الذي يثق فيه أنه يوصله إلى معرفة الأحكام المنزلة على محمد (صلى الله عليه و آله) صاحب الرسالة ، لأن المسلم مكلف بالعمل بجميع الأحكام المنزلة في الشريعة كما أنزلت، ولكن السؤال يكمن في أنه كيف يمكن التعرف على أن هذه هي الأحكام الحقيقية دون تحريف و تزييف ؟ و الحال يوجب التمعن و البحث، لان المسلمين اليوم مختلفون ، والطوائف متفرقة و كتب الأحكام قد تغايرت، فلا الصلاة واحدة ولا العبادات متفقة، ولا الأعمال في جميع المعاملات على وتيرة واحدة
(و كل يدعي وصلا بليلى *** و ليلى لا تقر له بذاكا).
فلأي مصدر يرجع ومن أي منهل ينتهل ولأي وقت يبقى يقلد الآباء؟
أذن لابد أن يتيقن بينه و بين نفسه ، و بينه و بين الله تعالى، فأنه لا مجاملة هنا ولا مداهنة و لا تحيز و لا تعصب، وعليه أن يسعى و يبذل قصارى جهده من أجل أن يضع قدمه على الطريق القويم الذي يعتقد فيه بفراغ ذمته (بل الإنسان على نفسه بصيرة) [القيامة: 14 ] (إن هذه تذكرة فمن شاء أتخذ إلى ربه سبيلا) [المزمل: 19 ].
فعليه أن يتبع و يطلب العلم و الإيمان فإذا تبين له من العلم ما كان خافياً عليه أتبعه ، و أن لا تقف الرواسب الفكرية المعتمة أمامه (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع) [يونس: 35 ].
ويمتاز صحيحا البخاري و مسلم بأهمية بالغة لدى أهل السنة و الجماعة، حتى اصبحا عند عامة المسلمين المرجعين الأساسين و المصدرين الأولين في كل المباحث الدينية . وأصبح من العسير على كل الباحثين أن يصرحوا بما يجدوه من تهافت و تناقض و منكرات، فيتقبلوها على مضض و لا يكاشفوا بها قومهم خشيةً منهم أو خشيةً عليهم، لما في نفوسهم من احترام و تقديس لهذين الكتابين. و نحن إذ قَدِ منا على نقدهما أو تخريج بعض المطاعن عليهما، ليس ذلك إلا لتنزيه نبينا( صلى الله عليه و آله) وعدم الخدش في عصمته. والجدير بالذكر ،أنه ليس كل ما في البخاري و مسلم ، منسوب للرسول الله (صلى الله عليه و آله) فقد يخرج البخاري حديثا للنبي (صلى الله عليه و آله) ثم يعقب عليه بآراء بعض الصحابة فيعتقد القارئ بأن ذلك الرأي أو الحديث، لرسول الله في حين أنه ليس كذلك.
نعم لقد أمرنا باتباع السنة، و لكن لم يقل: خذوها من الصحيحين حتى نمتثل الأمر. فيجب أخذ السنة من المنبع الذي امرنا الله و رسوله الأخذ منه، وليس هو الصحيحين و لا بقية الصحاح، و لا يمكن القول أن الله ورسوله لم يبينا الموضع الذي تؤخذ منه السنة.
فيجب أخذها من مكانها الصحيح و اتباع قول الرسول حق، وهو أولى بالاتباع، وإن خالفته الأمة بأسرها، والرسول قال ص إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلا من بعدي أبدا حتى يردا عليّ الحوض».
لسماحة اية الله جعفر السبحاني دام ظله العالي
والسلام
تعليق