بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
محور الموضوع يتلخص في نقطتين :
1 ـ مقتل فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها )
2 ـ انقطاع نسل الإمامة .
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان عالماً بالانقلاب الذي سيحدث بعد مقتله ( صلى الله عليه وآله ) ، فالله جل جلاله اطلعه على جميع مجريات الاحداث التي ستقع من بعده ، ولا يمكن أن نقول أنه ( صلى الله عليه وآله ) بعد علمه بالانقلاب الذي سيحدث من بعده قد سلّم للأمر ، فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حاول جاهداً دفع هذا الأمر ولكنه كان من القضاء المحتوم الذي سيقع لا محالة كعلمه بمقتل الحسين عليه السلام واخباره بذلك عند ولادته ، فكما أن الامام الحسين عليه السلام لم يسلم رقبته ليزيد طوعاً بعد علمه بأنه سيقتل على يديه وبأمر منه ، فإنه حاول بشتى الطرق اتقاء القتل بدءاً من خروجه من مكة وحتى وصوله أرض كربلاء ، والخطب التي القاها على جيش يزيد ليتقوا قتله ولكنهم ابوا ذلك ولم ينفع معهم النصح والارشاد والتحذير ، وكذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حاول درئ الفتنة والبيان للأمة أن علي عليه السلام وصيه وخليفته ووزيره وإمام المسلمين من بعده ، وكلمات كثيره ذكرها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حق أمير المؤمنين عليه السلام منذ بدء الدعوة الاسلامية في حديث الدار ونزول آية ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) (1) والمواقف الكثيرة التي كان يذكر فيها ولاية علي عليه السلام والخلافة والوصاية وإلى آخر أيام حياته في رزية يوم الخميس ، بعد منعه عصبة قريش ـ بزعامة عمر بن الخطاب ـ من كتابة وصيته في خلافة علي عليه السلام ، وبعد ان حاول جاهدا ابعاد ثلة المنافقين عنه وخاصة في أيامه الأخيره بارسالهم في سرية اسامه وتخلية الجو لوضع الموازين الإلهية في مقامها الصحيح ولكنهم لم ينفذوا أوامره فتخلفوا عن الذهاب وعصوا بذلك أمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله .
فكل هذه الدلائل تثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله حاول درئ الفتنة وامضاء ارادة الله جل جلاله ولكن الناس ابوا إلا الانقياد تحت حكم الجاهلية ، ولم يثبت منهم إلا القليل كما هو حال جميع الأنبياء مع اقوامهم .
اذن علمنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله علم بالفتنة وأخبر به علي عليه السلام ، فما عسى ان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام لاتقاء هذه الفتنة التي لابد أن تقع ؟
هل يسكت لأنه يعلم أنه سواء طالب بحقه أم لم يطالب فإنه لن ينال شيء ، فالسكوت إذاً أفضل ؟ بالطبع كلا ، لأنه لابد أن يقيم عليهم الحجة حتى وإن كان عالماً بالنتائج ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وكما فعل من بعده الإمام الحسين عليه السلام ، وكذلك علي عليه السلام لابد أن يقيم عليهم الحجة ، ولا بد أن يدفع الثمن ، وياليت الثمن كان مالاً لهان ولكنه كان حياة الزهراء سلام الله عليها .
فوالله لا نعلم كم كان علي عليه السلام يتجرع الغصص والآلام قبل قتل الزهراء سلام الله عليها وهو صابر محتسب .. يعد الأيام والليالي وهي تمضي ولكن إلى أين ؟
تمضي ويمضي معها عمر الزهراء سلام الله عليها .
وأما بعد مقتلها يرى أنها كانت ثمن الفداء لمطالبته بحقه وعدم بيعته للظالمين .. فمضت الزهراء قرباناً لهذا الدين ، فكانت ترفع شعار المظلومية حتى آخر ساعة من حياتها ، وأوصت بأن لا يشيعها أي ظالم ويخفى قبرها لتبقى مظلوميتها صدىً في مسامع الجميع إلى يوم القيامة .
علمنا اذن نتيجة واحدة من نتائج مطالبة علي عليه السلام بالخلافة وهي مقتل الزهراء سلام الله عليها ، ولو استمر علي عليه السلام بثورته ضد المغتصبين لكان سيضحي بغير الزهراء عليها السلام لأن الظالمين لم يراعوا حق رسول الله صلى الله عليه وآله في اهل بيته ، فاحرقوا الدار وفيه علي والزهراء والحسنان وزينب وام كلثوم عليهم السلام ، فلو استمر علي عليه السلام في التصدي لهم لآلت النتائج إلى ما لا تحمد عقباه ، فهؤلاء الظلمه إن اتيحت لهم فرصة أخرى للقضاء على جميع اهل البيت لفعلوها ولكان الخطر سيهدد نسل الامامة إن قتل الحسنان عليهما السلام ، ولهذه الأسباب وحتى لا يخسر علي عليه السلام أكثر مما خسر بمقتل الزهراء عليها السلام ـ وخسارة علي عليه السلام ليست خسارة مادية أو شخصيه وإلا فهو على استعداد للتضحية بكل شيء في سبيل اعلاء كلمة لا إله إلا الله ولكنها خسارة الدين وهذا ما لن يرضاه ـ فسالم القوم بعد أن سدت في وجهه جميع الطرق ، خذله الجميع ولم يقف معه إلا القليل ، وهؤلاء القلة لا يمكنهم نصرته بل كانوا سيقتلون وتضيع ثمارهم في هذه الفتنة العمياء ، وبهذه المصالحة بين أمير المؤمنين عليه السلام والخلفاء استطاع المحافظة على حياة أهل البيت عليهم السلام واصحابه رضوان الله عليهم والتي ادت إلى استمرار نسل الإمامة ، فلولا هذا الموقف من امير المؤمنين عليه السلام لما بقي من هذا الدين شيء يذكر !
الهامش :
( 1 ) ((لهذا الحديث اهميته البالغة اذ كشف وبوضوح منزلة امير المؤمنين (عليه السلام) من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) منذ بداية الدعوة الاسلامية ، وهو لما يزل في ريعان عمره الشريف . فقد نصت كتب اهل السنة انه حين امر اللّه تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) ، بقوله : ( وانذرعشيرتك الاقربين ) دعاهم النبي الى دار عمه ابي طالب ، وهم يومئذ اربعون رجلا يزيدون رجلا اوينقصونه ، وفيهم اعمامه : ابوطالب ، والعباس ، وابو لهب ، وقال لهم : (( يا بني عبد المطلب اني قد جئتكم بخير الدنيا والاخره وفي لفظ آخر يا بني عبد المطلب اني واللّه ما اعلم شابا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به ، اني قد جئتكم بخير الدنيا والاخرة ، وقد امرني اللّه ان ادعوكم اليه ، فايكم يؤازرني على امري هذا على ان يكون اخي ووصيي وخليفتي فيكم )) ، فاحجمالقوم جميعا ، فقام علي (عليه السلام) ، وكان احدثهم سنا ، فقال : انا يا نبي اللّه اكون وزيرك عليه . فاخذ النبي (صلى الله عليه وآله) برقبته وقال : (( هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا واطيعوا )) .
فقام القوم يضحكون وهم يقولون لابي طالب : قد امرك ان تسمع وتطيع لابنك .
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بحث : احمد اشكناني
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
محور الموضوع يتلخص في نقطتين :
1 ـ مقتل فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها )
2 ـ انقطاع نسل الإمامة .
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان عالماً بالانقلاب الذي سيحدث بعد مقتله ( صلى الله عليه وآله ) ، فالله جل جلاله اطلعه على جميع مجريات الاحداث التي ستقع من بعده ، ولا يمكن أن نقول أنه ( صلى الله عليه وآله ) بعد علمه بالانقلاب الذي سيحدث من بعده قد سلّم للأمر ، فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حاول جاهداً دفع هذا الأمر ولكنه كان من القضاء المحتوم الذي سيقع لا محالة كعلمه بمقتل الحسين عليه السلام واخباره بذلك عند ولادته ، فكما أن الامام الحسين عليه السلام لم يسلم رقبته ليزيد طوعاً بعد علمه بأنه سيقتل على يديه وبأمر منه ، فإنه حاول بشتى الطرق اتقاء القتل بدءاً من خروجه من مكة وحتى وصوله أرض كربلاء ، والخطب التي القاها على جيش يزيد ليتقوا قتله ولكنهم ابوا ذلك ولم ينفع معهم النصح والارشاد والتحذير ، وكذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حاول درئ الفتنة والبيان للأمة أن علي عليه السلام وصيه وخليفته ووزيره وإمام المسلمين من بعده ، وكلمات كثيره ذكرها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حق أمير المؤمنين عليه السلام منذ بدء الدعوة الاسلامية في حديث الدار ونزول آية ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) (1) والمواقف الكثيرة التي كان يذكر فيها ولاية علي عليه السلام والخلافة والوصاية وإلى آخر أيام حياته في رزية يوم الخميس ، بعد منعه عصبة قريش ـ بزعامة عمر بن الخطاب ـ من كتابة وصيته في خلافة علي عليه السلام ، وبعد ان حاول جاهدا ابعاد ثلة المنافقين عنه وخاصة في أيامه الأخيره بارسالهم في سرية اسامه وتخلية الجو لوضع الموازين الإلهية في مقامها الصحيح ولكنهم لم ينفذوا أوامره فتخلفوا عن الذهاب وعصوا بذلك أمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله .
فكل هذه الدلائل تثبت أن الرسول صلى الله عليه وآله حاول درئ الفتنة وامضاء ارادة الله جل جلاله ولكن الناس ابوا إلا الانقياد تحت حكم الجاهلية ، ولم يثبت منهم إلا القليل كما هو حال جميع الأنبياء مع اقوامهم .
اذن علمنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله علم بالفتنة وأخبر به علي عليه السلام ، فما عسى ان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام لاتقاء هذه الفتنة التي لابد أن تقع ؟
هل يسكت لأنه يعلم أنه سواء طالب بحقه أم لم يطالب فإنه لن ينال شيء ، فالسكوت إذاً أفضل ؟ بالطبع كلا ، لأنه لابد أن يقيم عليهم الحجة حتى وإن كان عالماً بالنتائج ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وكما فعل من بعده الإمام الحسين عليه السلام ، وكذلك علي عليه السلام لابد أن يقيم عليهم الحجة ، ولا بد أن يدفع الثمن ، وياليت الثمن كان مالاً لهان ولكنه كان حياة الزهراء سلام الله عليها .
فوالله لا نعلم كم كان علي عليه السلام يتجرع الغصص والآلام قبل قتل الزهراء سلام الله عليها وهو صابر محتسب .. يعد الأيام والليالي وهي تمضي ولكن إلى أين ؟
تمضي ويمضي معها عمر الزهراء سلام الله عليها .
وأما بعد مقتلها يرى أنها كانت ثمن الفداء لمطالبته بحقه وعدم بيعته للظالمين .. فمضت الزهراء قرباناً لهذا الدين ، فكانت ترفع شعار المظلومية حتى آخر ساعة من حياتها ، وأوصت بأن لا يشيعها أي ظالم ويخفى قبرها لتبقى مظلوميتها صدىً في مسامع الجميع إلى يوم القيامة .
علمنا اذن نتيجة واحدة من نتائج مطالبة علي عليه السلام بالخلافة وهي مقتل الزهراء سلام الله عليها ، ولو استمر علي عليه السلام بثورته ضد المغتصبين لكان سيضحي بغير الزهراء عليها السلام لأن الظالمين لم يراعوا حق رسول الله صلى الله عليه وآله في اهل بيته ، فاحرقوا الدار وفيه علي والزهراء والحسنان وزينب وام كلثوم عليهم السلام ، فلو استمر علي عليه السلام في التصدي لهم لآلت النتائج إلى ما لا تحمد عقباه ، فهؤلاء الظلمه إن اتيحت لهم فرصة أخرى للقضاء على جميع اهل البيت لفعلوها ولكان الخطر سيهدد نسل الامامة إن قتل الحسنان عليهما السلام ، ولهذه الأسباب وحتى لا يخسر علي عليه السلام أكثر مما خسر بمقتل الزهراء عليها السلام ـ وخسارة علي عليه السلام ليست خسارة مادية أو شخصيه وإلا فهو على استعداد للتضحية بكل شيء في سبيل اعلاء كلمة لا إله إلا الله ولكنها خسارة الدين وهذا ما لن يرضاه ـ فسالم القوم بعد أن سدت في وجهه جميع الطرق ، خذله الجميع ولم يقف معه إلا القليل ، وهؤلاء القلة لا يمكنهم نصرته بل كانوا سيقتلون وتضيع ثمارهم في هذه الفتنة العمياء ، وبهذه المصالحة بين أمير المؤمنين عليه السلام والخلفاء استطاع المحافظة على حياة أهل البيت عليهم السلام واصحابه رضوان الله عليهم والتي ادت إلى استمرار نسل الإمامة ، فلولا هذا الموقف من امير المؤمنين عليه السلام لما بقي من هذا الدين شيء يذكر !
الهامش :
( 1 ) ((لهذا الحديث اهميته البالغة اذ كشف وبوضوح منزلة امير المؤمنين (عليه السلام) من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) منذ بداية الدعوة الاسلامية ، وهو لما يزل في ريعان عمره الشريف . فقد نصت كتب اهل السنة انه حين امر اللّه تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) ، بقوله : ( وانذرعشيرتك الاقربين ) دعاهم النبي الى دار عمه ابي طالب ، وهم يومئذ اربعون رجلا يزيدون رجلا اوينقصونه ، وفيهم اعمامه : ابوطالب ، والعباس ، وابو لهب ، وقال لهم : (( يا بني عبد المطلب اني قد جئتكم بخير الدنيا والاخره وفي لفظ آخر يا بني عبد المطلب اني واللّه ما اعلم شابا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به ، اني قد جئتكم بخير الدنيا والاخرة ، وقد امرني اللّه ان ادعوكم اليه ، فايكم يؤازرني على امري هذا على ان يكون اخي ووصيي وخليفتي فيكم )) ، فاحجمالقوم جميعا ، فقام علي (عليه السلام) ، وكان احدثهم سنا ، فقال : انا يا نبي اللّه اكون وزيرك عليه . فاخذ النبي (صلى الله عليه وآله) برقبته وقال : (( هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا واطيعوا )) .
فقام القوم يضحكون وهم يقولون لابي طالب : قد امرك ان تسمع وتطيع لابنك .
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
بحث : احمد اشكناني
تعليق