صفحات من تاريخنا المجيد - الجيش الفاطمي
الجيش الفاطمي:
لما كان الجيش هو العمود الفقري للدول, ففأن المعز لدين الله الفاطمي اعتمد على وجوده وتعزيزه اعتمادا كليا , وسعى الى ايجاد جيش قوي منظم يحمي الحمى ويساعد على النهوض بالدولة الى جانب أسطول كبير لم يلبث أن اصبح اقوى اساطيل العالم في حينه , وقد تمكن المعز لدين الله بواسطة هذا الجيش من ان يستولي على تونس والجزائر ومراكش وطرابلس الغرب وبرقة ثم النفاذ منها الى مصر , وفلسطين وبلاد الشام والحجاز واليمن .
كما استخدمه خلفائه في محاربة البيزنطيين والتصدي لحملاتهم الصليبية التي سبقت حملات الاوربيين الكاثوليك بأكثر من مائة عام والتي تجاهلها المؤرخون لأغراض طائفية ودرجوا على تسمية الجيش الفاطمي بالمغاربة تارة وبالملثمين تارة اخرى او بنسبة عمليات التصدي لغزوات البيزنطيين والصليبيين الى ولاة الدولة الفاطمية كآل عمار حكام طرابلس وبني مرداس حكام حلب وليس الى الدولة الفاطمية التي كان اولئك الولاة من اتباعها .
وقد اعتمد المعز هو ومن سبقه من الحكام الفاطميين على الكتاميين وهؤلاء هم الذين انضووا تحت لواء أبي عبد الله الشيعي من قبل وحاربوا وقدموا دمائهم في سبيل الفاطميين ,كما أن المعز لدين الله قرب غيرهم ممن آنس فيهم الاخلاص , والاستجابة للدعوة والدولة معا, فأسند اليهم المناصب والقيادات , كالصنهاجيين والمصامدة وغيرهم .
وفي ذلك العهد كانت جيوش المعز لدين الله تتكون من عنصرين :
الأول- وهو الجيش الدائم الذي يبقى في صورة مستمرة على أهبة الاستعداد لتلبية متطلبات الدولة في كل حين, والى جانب هذا الجيش الدائم كتائب من المقطوعة , ولم يكن اعتماد المعز على هؤلاء الا بقدر يسير , وحينما يكون بحاجة اليهم لسد النقص في الجيش الدائم.وقد ذكرت المصادر الاسماعيلية :ان هؤلاء المتطوعة كانوا يسارعون الى تلبية النداء حينما تعصف العواصف بالدولة , فهم من اصحاب العقيدة والايمان.
وقد سن المعز لدين الله قانونا يقضي على الدولة بالأنفاق على ذوي الجنود المتوفين خلال الحرب والجهاد وكذلك الانفاق على عوائل الجنود اثناء غيابهم.
الجيش البري :
ومما تجدر الاشارة اليه أن الجيش الفاطمي في عهد المعز لدين الله الفاطمي كان يتكون من قسمين :الامراء وطوائف الجند ولكل ولكل هذين القسمين مرتبة لايتجاوزها الى غيرها.فالامراء كانوا يطوقون بأطواق من الذهب في اعناقهم وكان البعض يركب في المراكب بالقضب الفضية التي يخرجها لهم الخليفة من خزائن التجمل.
أما طوائف الجند , فكانوا يعتبرون أصحاب فتوحات , ويكفي ان تكون غالبيتهم من قبيلة كتامة ومن صنهاجة ومن المصامدة الذين ساهموا مع القائد جوهر الصقلي في فتح مصر والشام.
ومن اشهر فرق الجيش في عهد المعز لدين الله :السودانية وكان المعز لدين الله يعتز بهم , حتى انه كان كان يشركهم في ركوبه في الاحتفالات .فكان يختار منهم 300 من الشباب الاقوياء ,ويعطي لكل منهم درقة وحربة محلاة بالفضة , ويسمى هؤلاء ارباب السلاح الصغير وكان الى جانبهم الصقالبة وكان هؤلاء من الارقاء الذين ابتاعهم بالمال من بلاد اسيا الصغرى والبلقان وكان لهم شان كبير في عهد المعز لدين الله وبعده,وهناك فرقة الاتراك . وكانت هناك فرقة تدعى بالاخشيدية وكان لكل فرقة من هذه الفرق قائد خاص مسؤول امام القائد العام , وعندما استقر المعز لدين الله بمصر
ادخل في عداد جيشه الكثير من الاكراد والحجرية الكبار والصغار(الجنود المصريين ) والديلم والاعراب من البدو الرحل.
اما اسلحة الجيش فكانت تتكون من الرماح والحراب والدروع والاطبار(الفؤوس) والخناجر والفؤوس والمغافر(دروع الزرد)والمنجنيقات والدبابات , وهي آلات من الخشب السميك , ومن جلود الحيوانات التي لاتؤثر بها النيران , تتخذ عادة للهجوم بحيث يدخل فيها الجنود , ويدفعون بها الى جدران الحصن لنقبها وتهديمها , والاكباش وهي حجرة صغيرةيجلس داخلها الجنود وتستعمل لهدم الاسوار ولنقب الابواب والجدران, وكانت لهم فرقة كبيرة تسمى النفاطة ومهمتها استخدام النار في الحرب.
ومن افضل من وصف الجيش الفاطمي من المؤرخين والرحالة هو الرحالة الايراني ناصر خسرو صاحب كتاب السفرنامة والذي عاش في مصر في عصر الخليفتين الظاهر لأعزاز دين الله والمستنصر بالله حين قال (ولكل قوم اسم والقاب خاصة وهيئة يمتاز بها عن غيره,ففوج يطلق عليه الكتاميون , وهؤلاء الجند من القيروان دخلوا في خدمة اجداد السلطان يوم كانوا بالمغرب وقد جاؤا الى مصر في ركاب المعز لدين الله الفاطمي, وعدده 20000فارس.
وفريق آخر يسمى البلطيان وهم جند من المغاربة سبقوه الى مصر أيام الفتح وعددهم 15000 فارس.
وفريق آخر يسمى المصامدة وكلهم من الزنوج وموطنهم ارض المصامدة وعددهم 20000فارس.
وفريق يسمى المشارقة وجمهرتهم من الاتراك والفرس وسبب تسميتهم بالمشارقة تمييزا لهم عن العرب . وأغلب هؤلاء المشارقة مولود في مصر واسمهم مشتق من الجهة التي قدم منها أجدادهم من المشرق . وعددهم 10000 فارس ويمتازون بأجسام طوال متناسقة.
وفريق يسمى عبيد الشراء يقولون انهم من نسل مماليك السلطان وعددهم 30000فارس .
وفريق يسمى البدو وهم أهل الحجاز وكلهم من الرماة بالسهام وعددهم 50000 رامي ,كلهم يمتطون صهوات جيادهم.
وفريق يسمى القصريون (نسبة الى قصر السلطان) وهم راجلون وهم خليط من الجند قدموا من كل الولايات السلطانية , ولكل طائفة منهم سلاح خاص مما يستعمله أهل ولايته , ولهم قائد عسكري خاص بهم.
وفريق يسمى الزنوج ,وكلهم يتمنطقون بالسيف وعددهم 30000 محارب , وكل هذا العدد الضخم ممن ذكرنا من العسكر يعيشون في القاهرة على مائدة السلطان , ولكل فرد راتبه الشهري المقرر على منزلته ورتبته العسكرية, والسلطان يشدد على العسكر ويديره بحزم وانظباط , ولا يسمح لأي فرد من هؤلاء بأخذ شي من الرعية .) انتهى كلام ناصر خسرو.
الاسطول الفاطمي:
كان للاسطول أهمية كبرى بالنسبة , للفاطميين وقد اتخذوا في البداية مدينة المهدية في المغرب قاعدة لأسطولهم , هذا بالأضافة الى صقلية واخيرا جعلوا من مدينة سوسة قاعدة ثالثة , ويجب ان لايغرب عن بالنا ان الاسطول الفاطمي كان سيد البحار في البحر الابيض المتوسط , وان مدينة روما الكبرى الواقعة على شواطئ البحر الابيض المتوسط كانت تحت رحمة هذا الاسطول.
ففي عهد المعز لدين الله غصت المهدية بالسفن , واصبح مرفأها لا يتسع للمزيد منها مما اظطره الى التفتيش عن قاعدة ثانية تخفف عن المهدية . وتاتي بالصدفة الزمنية حاملة معها نبأ اكتشاف مدينة سوسة وهي على سبعة مراحل , وكانت أزلية الصنع , ومتقنة ينفذ بعضها الى بعض , وكانت مدفونة تحت الارض , وكان هناك صهريج يجري منه الماء اليها , وهذه المراجل اذا ما امتلأت استغنى اهل المدينة عن جلب الماء من الخارج , وتحول الفائض ذخيرة للمراكب . فرفع الامر الى المعز لدين الله , فسر به , وأمر بأن تصلح المراجل, والصهريج , وأصبحت سوسة بعد هذا الاكتشاف القاعدة الثانية للأسطول , والدار الصناعية الكبرى لبناء السفن واصلاحها.
وعندما انتقل المعز الى مصر اهتم هو وابنه العزيز بالله ببناء السفن فتم تهزيز دار الصناعة بالمقس كما لم يهمل الدار الثانية في الفسطاط , والثالثة في الاسكندرية ودمياط والروضة وغيرها.
وبالنسبة لأنواع السفن فقد كانت مختلفة الانواع .واهمها:
1- الشلنديات : وهي من السفن الحربية المخصصة للهجوم.
2- الشواني : وهي سفن فيها ابراج كبيرة, وتشبه البوارج الحربية الكبرى , وكانت مخصصة للهجوم والدفاع .
3- المسطحات : وهي من السفن الحربية المخصصة للهجوم ايضا.
4- الطرادات : وهي سفن صغيرة سريعة الحركة تحمل الواحدة منها مائة محارب.
5- العشاريات : من القوارب التي تستعمل في الانهر الكبيرة , ولكن الفاطميين طوروها وأدخلوا عليها التحسينات , واستخدموها في البحار.
6- الحراقات : وهي سفن قوية تحمل المنجنيقات وآلات التدمير والهجوم.
وكان للأسطول أمير يدعى (قائد القواد) وقد تسمى بذلك لأنه تحت امرته وبصورة دائمة عشرة قواد , كما كان يطلق عليه اسم أمير البحر(ومنها اشتقت عبارة الاميرال او الادميرال) او المستوني وقد بلغ من عناية المعز انه كان ينفق عليه بنفسه (اي الاسطول), ويساعده احد الوزراء , ولم يكن بحارة الاسطول من رتبة واحدة ,فهم درجات وحاملوا رتب وأصناف.
هذا ومن الجدير بالذكر .. ان المعز لدين الله كان يقطع رجال الاسطول اقطاعات عرفت بأسم (ابواب الغزاة) وكان يترك لهم الغنائم , والأموال, والثياب , والمتاع , ولا يستبقي للدولة الا الاسرى والسلاح.
الحقيقة المطموسة :
اختفت الكثير من مآثر الجيش الفاطمي خلف سحب الحقد والتعصب المذهبي فحرص المؤروخين الطائفيين على عدم ذكر مآثر هذا الجيش فعندما كان الجيش يتصدى لحملات البيزنطيين على الشام والتي كانت تستهدف احتلال بيت المقدس نجد هؤلاء المؤرخين يتكلمون عن من يسمونهم بالمغاربة تارة وبالملثمين(تذكرني هذه التسمية بالاعلام العربي المعاصر عندما يتحدث عن جيش المهدي) تارة اخرى او يتحدثون عن بني مرداس حكام حلب ونفس الشيئ بالنسبة الى تصدي الفاطميين رغم ظروفهم الصعبة للحملات الصليبية نجد ابن الاثير مثلا يتحدث عن بني عمار وتصديهم الطويل لحملات الصليبيين على طرابلس ويرفض نسبة ذلك التصدي للفاطميين , اما عندما كان يهزم الفاطميون في احدى المعارك نجد المؤرخين فجاءة قد اكتشفوا الدولة الفاطمية وانه ليس هناك لامغاربة ولاملثمين ولا بني مرداس ولا بني عمار بل فاطميون هزمهم البيزنطيون او الصليبيون, وقد احببت ان اذكر بايجاز بعض الحروب التي خاضها الجيش الفاطمي ضد البيزنطيين والتي ذكرها بعض المؤرخين كالمؤرخ المصري المقريزي وابن خلدون:
1- تصدي الفاطميين للحملات البيزنطية على صقلية والشام:
حصل في عهد الخليفة المنصور بالله ان اندلع نزاع طائفي بين المسلمين والمسيحيين في صقلية, وتفاقم النزاع الى اشتباكات مسلحة بين الطرفين , فاوفد المسيحيون وفدا من رجال الدين الى القسطنطينية, واطلعوا الامبراطور البيزنطي على على ما يلقونه من ضفط اسلامي عليهم , فاستجاب الامبراطور قسطنطين الثامن لندائهم , وأمر بتجهيز حملة بحرية كبيرة الى صقلية , فتصدى لها والي الدولة الفاطمية على صقلية الحسن بن علي الكلبي , ودارت معركة بحرية على شواطئ الجزيرة تمكن في نهايتها الوالي من هزيمة الاسطول البيزنطي , واغراق سفنه قبل ان تنجح في انزال الجنود البيزنطيين على سواحل صقلية , وهكذا ارغم الامبراطور قسطنطين على طلب الصلح , فقبل الحسن , ووقع معاهدة معه .. ولكنها لم تستمر طويلا . ولم يتوقف الكلبي عن محاربة الروم بعد نقضهم للمعاهدة . فكان يوجه اسطوله ناحية مدن جنوب ايطاليا , وكان يسير من نصر الى نصر وفي ذلك الوقت تمكن الحسن من استرداد قلورة جنوب ايطاليا واعادتها الى الحكم الفاطمي.
وقد استمرت حملات البيزنطيين على صقلية في عهد الخليفة المعز لدين الله عام 345 هجرية وهذه المرة بالتحالف مع عبد الرحمن الناصر الاموي في الاندلس الذي قام هو ايضا بمهاجمة الفاطميين لمشاغلتهم وتسهيل هجوم البيزنطيين على صقلية ولكن محاولتهم باءت بالفشل وهزم الفاطميون البيزنطيين والامويين معا في نفس الوقت, وقد استمر الصراع على صقلية الى عهد الامبراطور نقفور فوكاس وانتقال الدولة الفاطمية الى مصر والذي ادى الى اتساع مسرح الحرب بين الدولتين البيزنطية والفاطمية وبلغت الحرب بين الفاطميون والبيزنطيين اقصى درجات الحدة في عهد الخليفة العزيز بالله وخليفته الحاكم بأمر الله وعهد الامبراطور البيزنطي باسيل الذي شن حملات على بلاد الشام وصلت احداها الى مشارف طرابلس.
أحمد مدني
الجيش الفاطمي:
لما كان الجيش هو العمود الفقري للدول, ففأن المعز لدين الله الفاطمي اعتمد على وجوده وتعزيزه اعتمادا كليا , وسعى الى ايجاد جيش قوي منظم يحمي الحمى ويساعد على النهوض بالدولة الى جانب أسطول كبير لم يلبث أن اصبح اقوى اساطيل العالم في حينه , وقد تمكن المعز لدين الله بواسطة هذا الجيش من ان يستولي على تونس والجزائر ومراكش وطرابلس الغرب وبرقة ثم النفاذ منها الى مصر , وفلسطين وبلاد الشام والحجاز واليمن .
كما استخدمه خلفائه في محاربة البيزنطيين والتصدي لحملاتهم الصليبية التي سبقت حملات الاوربيين الكاثوليك بأكثر من مائة عام والتي تجاهلها المؤرخون لأغراض طائفية ودرجوا على تسمية الجيش الفاطمي بالمغاربة تارة وبالملثمين تارة اخرى او بنسبة عمليات التصدي لغزوات البيزنطيين والصليبيين الى ولاة الدولة الفاطمية كآل عمار حكام طرابلس وبني مرداس حكام حلب وليس الى الدولة الفاطمية التي كان اولئك الولاة من اتباعها .
وقد اعتمد المعز هو ومن سبقه من الحكام الفاطميين على الكتاميين وهؤلاء هم الذين انضووا تحت لواء أبي عبد الله الشيعي من قبل وحاربوا وقدموا دمائهم في سبيل الفاطميين ,كما أن المعز لدين الله قرب غيرهم ممن آنس فيهم الاخلاص , والاستجابة للدعوة والدولة معا, فأسند اليهم المناصب والقيادات , كالصنهاجيين والمصامدة وغيرهم .
وفي ذلك العهد كانت جيوش المعز لدين الله تتكون من عنصرين :
الأول- وهو الجيش الدائم الذي يبقى في صورة مستمرة على أهبة الاستعداد لتلبية متطلبات الدولة في كل حين, والى جانب هذا الجيش الدائم كتائب من المقطوعة , ولم يكن اعتماد المعز على هؤلاء الا بقدر يسير , وحينما يكون بحاجة اليهم لسد النقص في الجيش الدائم.وقد ذكرت المصادر الاسماعيلية :ان هؤلاء المتطوعة كانوا يسارعون الى تلبية النداء حينما تعصف العواصف بالدولة , فهم من اصحاب العقيدة والايمان.
وقد سن المعز لدين الله قانونا يقضي على الدولة بالأنفاق على ذوي الجنود المتوفين خلال الحرب والجهاد وكذلك الانفاق على عوائل الجنود اثناء غيابهم.
الجيش البري :
ومما تجدر الاشارة اليه أن الجيش الفاطمي في عهد المعز لدين الله الفاطمي كان يتكون من قسمين :الامراء وطوائف الجند ولكل ولكل هذين القسمين مرتبة لايتجاوزها الى غيرها.فالامراء كانوا يطوقون بأطواق من الذهب في اعناقهم وكان البعض يركب في المراكب بالقضب الفضية التي يخرجها لهم الخليفة من خزائن التجمل.
أما طوائف الجند , فكانوا يعتبرون أصحاب فتوحات , ويكفي ان تكون غالبيتهم من قبيلة كتامة ومن صنهاجة ومن المصامدة الذين ساهموا مع القائد جوهر الصقلي في فتح مصر والشام.
ومن اشهر فرق الجيش في عهد المعز لدين الله :السودانية وكان المعز لدين الله يعتز بهم , حتى انه كان كان يشركهم في ركوبه في الاحتفالات .فكان يختار منهم 300 من الشباب الاقوياء ,ويعطي لكل منهم درقة وحربة محلاة بالفضة , ويسمى هؤلاء ارباب السلاح الصغير وكان الى جانبهم الصقالبة وكان هؤلاء من الارقاء الذين ابتاعهم بالمال من بلاد اسيا الصغرى والبلقان وكان لهم شان كبير في عهد المعز لدين الله وبعده,وهناك فرقة الاتراك . وكانت هناك فرقة تدعى بالاخشيدية وكان لكل فرقة من هذه الفرق قائد خاص مسؤول امام القائد العام , وعندما استقر المعز لدين الله بمصر
ادخل في عداد جيشه الكثير من الاكراد والحجرية الكبار والصغار(الجنود المصريين ) والديلم والاعراب من البدو الرحل.
اما اسلحة الجيش فكانت تتكون من الرماح والحراب والدروع والاطبار(الفؤوس) والخناجر والفؤوس والمغافر(دروع الزرد)والمنجنيقات والدبابات , وهي آلات من الخشب السميك , ومن جلود الحيوانات التي لاتؤثر بها النيران , تتخذ عادة للهجوم بحيث يدخل فيها الجنود , ويدفعون بها الى جدران الحصن لنقبها وتهديمها , والاكباش وهي حجرة صغيرةيجلس داخلها الجنود وتستعمل لهدم الاسوار ولنقب الابواب والجدران, وكانت لهم فرقة كبيرة تسمى النفاطة ومهمتها استخدام النار في الحرب.
ومن افضل من وصف الجيش الفاطمي من المؤرخين والرحالة هو الرحالة الايراني ناصر خسرو صاحب كتاب السفرنامة والذي عاش في مصر في عصر الخليفتين الظاهر لأعزاز دين الله والمستنصر بالله حين قال (ولكل قوم اسم والقاب خاصة وهيئة يمتاز بها عن غيره,ففوج يطلق عليه الكتاميون , وهؤلاء الجند من القيروان دخلوا في خدمة اجداد السلطان يوم كانوا بالمغرب وقد جاؤا الى مصر في ركاب المعز لدين الله الفاطمي, وعدده 20000فارس.
وفريق آخر يسمى البلطيان وهم جند من المغاربة سبقوه الى مصر أيام الفتح وعددهم 15000 فارس.
وفريق آخر يسمى المصامدة وكلهم من الزنوج وموطنهم ارض المصامدة وعددهم 20000فارس.
وفريق يسمى المشارقة وجمهرتهم من الاتراك والفرس وسبب تسميتهم بالمشارقة تمييزا لهم عن العرب . وأغلب هؤلاء المشارقة مولود في مصر واسمهم مشتق من الجهة التي قدم منها أجدادهم من المشرق . وعددهم 10000 فارس ويمتازون بأجسام طوال متناسقة.
وفريق يسمى عبيد الشراء يقولون انهم من نسل مماليك السلطان وعددهم 30000فارس .
وفريق يسمى البدو وهم أهل الحجاز وكلهم من الرماة بالسهام وعددهم 50000 رامي ,كلهم يمتطون صهوات جيادهم.
وفريق يسمى القصريون (نسبة الى قصر السلطان) وهم راجلون وهم خليط من الجند قدموا من كل الولايات السلطانية , ولكل طائفة منهم سلاح خاص مما يستعمله أهل ولايته , ولهم قائد عسكري خاص بهم.
وفريق يسمى الزنوج ,وكلهم يتمنطقون بالسيف وعددهم 30000 محارب , وكل هذا العدد الضخم ممن ذكرنا من العسكر يعيشون في القاهرة على مائدة السلطان , ولكل فرد راتبه الشهري المقرر على منزلته ورتبته العسكرية, والسلطان يشدد على العسكر ويديره بحزم وانظباط , ولا يسمح لأي فرد من هؤلاء بأخذ شي من الرعية .) انتهى كلام ناصر خسرو.
الاسطول الفاطمي:
كان للاسطول أهمية كبرى بالنسبة , للفاطميين وقد اتخذوا في البداية مدينة المهدية في المغرب قاعدة لأسطولهم , هذا بالأضافة الى صقلية واخيرا جعلوا من مدينة سوسة قاعدة ثالثة , ويجب ان لايغرب عن بالنا ان الاسطول الفاطمي كان سيد البحار في البحر الابيض المتوسط , وان مدينة روما الكبرى الواقعة على شواطئ البحر الابيض المتوسط كانت تحت رحمة هذا الاسطول.
ففي عهد المعز لدين الله غصت المهدية بالسفن , واصبح مرفأها لا يتسع للمزيد منها مما اظطره الى التفتيش عن قاعدة ثانية تخفف عن المهدية . وتاتي بالصدفة الزمنية حاملة معها نبأ اكتشاف مدينة سوسة وهي على سبعة مراحل , وكانت أزلية الصنع , ومتقنة ينفذ بعضها الى بعض , وكانت مدفونة تحت الارض , وكان هناك صهريج يجري منه الماء اليها , وهذه المراجل اذا ما امتلأت استغنى اهل المدينة عن جلب الماء من الخارج , وتحول الفائض ذخيرة للمراكب . فرفع الامر الى المعز لدين الله , فسر به , وأمر بأن تصلح المراجل, والصهريج , وأصبحت سوسة بعد هذا الاكتشاف القاعدة الثانية للأسطول , والدار الصناعية الكبرى لبناء السفن واصلاحها.
وعندما انتقل المعز الى مصر اهتم هو وابنه العزيز بالله ببناء السفن فتم تهزيز دار الصناعة بالمقس كما لم يهمل الدار الثانية في الفسطاط , والثالثة في الاسكندرية ودمياط والروضة وغيرها.
وبالنسبة لأنواع السفن فقد كانت مختلفة الانواع .واهمها:
1- الشلنديات : وهي من السفن الحربية المخصصة للهجوم.
2- الشواني : وهي سفن فيها ابراج كبيرة, وتشبه البوارج الحربية الكبرى , وكانت مخصصة للهجوم والدفاع .
3- المسطحات : وهي من السفن الحربية المخصصة للهجوم ايضا.
4- الطرادات : وهي سفن صغيرة سريعة الحركة تحمل الواحدة منها مائة محارب.
5- العشاريات : من القوارب التي تستعمل في الانهر الكبيرة , ولكن الفاطميين طوروها وأدخلوا عليها التحسينات , واستخدموها في البحار.
6- الحراقات : وهي سفن قوية تحمل المنجنيقات وآلات التدمير والهجوم.
وكان للأسطول أمير يدعى (قائد القواد) وقد تسمى بذلك لأنه تحت امرته وبصورة دائمة عشرة قواد , كما كان يطلق عليه اسم أمير البحر(ومنها اشتقت عبارة الاميرال او الادميرال) او المستوني وقد بلغ من عناية المعز انه كان ينفق عليه بنفسه (اي الاسطول), ويساعده احد الوزراء , ولم يكن بحارة الاسطول من رتبة واحدة ,فهم درجات وحاملوا رتب وأصناف.
هذا ومن الجدير بالذكر .. ان المعز لدين الله كان يقطع رجال الاسطول اقطاعات عرفت بأسم (ابواب الغزاة) وكان يترك لهم الغنائم , والأموال, والثياب , والمتاع , ولا يستبقي للدولة الا الاسرى والسلاح.
الحقيقة المطموسة :
اختفت الكثير من مآثر الجيش الفاطمي خلف سحب الحقد والتعصب المذهبي فحرص المؤروخين الطائفيين على عدم ذكر مآثر هذا الجيش فعندما كان الجيش يتصدى لحملات البيزنطيين على الشام والتي كانت تستهدف احتلال بيت المقدس نجد هؤلاء المؤرخين يتكلمون عن من يسمونهم بالمغاربة تارة وبالملثمين(تذكرني هذه التسمية بالاعلام العربي المعاصر عندما يتحدث عن جيش المهدي) تارة اخرى او يتحدثون عن بني مرداس حكام حلب ونفس الشيئ بالنسبة الى تصدي الفاطميين رغم ظروفهم الصعبة للحملات الصليبية نجد ابن الاثير مثلا يتحدث عن بني عمار وتصديهم الطويل لحملات الصليبيين على طرابلس ويرفض نسبة ذلك التصدي للفاطميين , اما عندما كان يهزم الفاطميون في احدى المعارك نجد المؤرخين فجاءة قد اكتشفوا الدولة الفاطمية وانه ليس هناك لامغاربة ولاملثمين ولا بني مرداس ولا بني عمار بل فاطميون هزمهم البيزنطيون او الصليبيون, وقد احببت ان اذكر بايجاز بعض الحروب التي خاضها الجيش الفاطمي ضد البيزنطيين والتي ذكرها بعض المؤرخين كالمؤرخ المصري المقريزي وابن خلدون:
1- تصدي الفاطميين للحملات البيزنطية على صقلية والشام:
حصل في عهد الخليفة المنصور بالله ان اندلع نزاع طائفي بين المسلمين والمسيحيين في صقلية, وتفاقم النزاع الى اشتباكات مسلحة بين الطرفين , فاوفد المسيحيون وفدا من رجال الدين الى القسطنطينية, واطلعوا الامبراطور البيزنطي على على ما يلقونه من ضفط اسلامي عليهم , فاستجاب الامبراطور قسطنطين الثامن لندائهم , وأمر بتجهيز حملة بحرية كبيرة الى صقلية , فتصدى لها والي الدولة الفاطمية على صقلية الحسن بن علي الكلبي , ودارت معركة بحرية على شواطئ الجزيرة تمكن في نهايتها الوالي من هزيمة الاسطول البيزنطي , واغراق سفنه قبل ان تنجح في انزال الجنود البيزنطيين على سواحل صقلية , وهكذا ارغم الامبراطور قسطنطين على طلب الصلح , فقبل الحسن , ووقع معاهدة معه .. ولكنها لم تستمر طويلا . ولم يتوقف الكلبي عن محاربة الروم بعد نقضهم للمعاهدة . فكان يوجه اسطوله ناحية مدن جنوب ايطاليا , وكان يسير من نصر الى نصر وفي ذلك الوقت تمكن الحسن من استرداد قلورة جنوب ايطاليا واعادتها الى الحكم الفاطمي.
وقد استمرت حملات البيزنطيين على صقلية في عهد الخليفة المعز لدين الله عام 345 هجرية وهذه المرة بالتحالف مع عبد الرحمن الناصر الاموي في الاندلس الذي قام هو ايضا بمهاجمة الفاطميين لمشاغلتهم وتسهيل هجوم البيزنطيين على صقلية ولكن محاولتهم باءت بالفشل وهزم الفاطميون البيزنطيين والامويين معا في نفس الوقت, وقد استمر الصراع على صقلية الى عهد الامبراطور نقفور فوكاس وانتقال الدولة الفاطمية الى مصر والذي ادى الى اتساع مسرح الحرب بين الدولتين البيزنطية والفاطمية وبلغت الحرب بين الفاطميون والبيزنطيين اقصى درجات الحدة في عهد الخليفة العزيز بالله وخليفته الحاكم بأمر الله وعهد الامبراطور البيزنطي باسيل الذي شن حملات على بلاد الشام وصلت احداها الى مشارف طرابلس.
أحمد مدني
تعليق