طلب منى احد الجيران بعث رساله لاخيه الذي لايصلى منذ خمس سنوات ولا يشهد الجمعه والجماعه .واراد ان تكون الرساله وعظيه قويه .فقمت باختيار هذه الرساله ،،، ولنعلم جميعا اننا مسؤولون امام الله تعالى عن جيراننا الذين يبتعدون عن الخير ولا بد لنا من نصحههم واقامة الحجة عليهم فما علينا الا ان نضع هذه الرساله في ظرف ونبعثها الى ذلك الجار ،،، فهل نفعل .
===================================
رسالــــــــــــــه ..الى من احب .. نعم رساله : اهديها إلى جاري العزيز ..
ممزوجة بالحب .. مقرونة بالود .. أحذره فيها من الخطر .. لانه عندي بملئ السمع والقلب والبصر.. أشفقت عليه كما أشفقت على نفسي .. وأضمرت له الخير كما أضمرت لنفسي .. .. احدثه بحديث .. قد لا يرغب في سماعه .. أو قد لا يكون مهيئا لسماعه .. ولكن لعل ديني واخوتي تكون جواز سفر لي .. لاشرع في تسطير ما يجول بخاطري ويجيش في صدري.. .. تجاه من احب.. نعم تجاه من احب.. فاسلامي امرني بمحبته شئت أم أبيت .قال صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) إنني سابدا ولا ادري من أين أبدا وكيف سأبدا .. والى أي الشواطئ سترسو بي سفينتي.. وتحط بي مخيلتي.. وأنا احدث شخصا لم يكن بيني وبينه يوما من الأيام خطا موصولا .. أو جسرا ممدودا
جاري العزيز .. اهدي إليك نصيحتي.. فارع لها سمعك وافتح لها مغاليق قلبك
جاري العزيز /
إن المرء المنشد للسعادة لا يهدى له بال حتى يرتقي بنفسه فلا ترى لها قرارًا إلا بجوار الرحمن في جنة الرضوان. .. وان النفس الخاطئة المؤمنة إذا وقعت في حبائل الشيطان, واستجابت له في لحظة ضعف, قامت من ذنبها بقلبٍ يملأه الإيمان, ونفسٍ لسعتها حرارة المعصية, نعم أذنبت ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت, فتحشرجت في صدرها سؤالات وكيف أعصيه وهو المنعم الخالق! كيف أعصيه وهو الرازق الواهب؟ كيف أعصيه وقد نهاني؟ كيف أعصيه وقد كساني وآواني؟! ما خشيت مكره .. أما خشيت بطشه .. كيف حالي في موتي .. وكيف حالي في قبري .. وكيف حالي في نشري ..
جاري العزيز :
إن الخشية الحقة هي التي تربي القلب حتى لا يفرق بين معصية وأخرى, فلا ينظر إلى صغر المعصية، ولكن ينظر إلى عظمة من عصى, قال الله سبحانه ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى ) وإن المنتفعين بالذكرى, المستفيدين من النذارة والبشارة هم أهل الخشية والمراقبة قال تعالى ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) . نعم كانوا يدعون الله رغبة في جنته و رهبة من ناره . كانوا يعملون الأعمال الصالحة ويكثرون منها ومع ذلك يخافون اشد الخوف من عذاب الله تعالى .. واما المقصرون .. فيقدمون على المعاصي دون خوف أو وجل من مكر الله تعالى .. وقد يباغتهم الموت فجاه .. وقد تحل بهم الأمراض والمصائب .. بما كسبت أيديهم .. وقد يحرمون الخير بسوء أعمالهم وهم في غفلة معرضون
قال تعالى (( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون .. ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون .. لاهية قلوبهم )) .. وقال صلى الله عليه وسلم( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )) نعم يحرم العافية .. المال .. الأولاد .. الراحة .. السعادة.. كل ذلك قد يحرم منه العبد بسبب إعراضه عن ربه وخالقه .. قال تعالى (( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ))..والضنك هو القلق والهم والغم والضيق .وغير ذلك من انكاد الدنيا ..وفي المقابل (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه ولنجزينهم أجرهم باحسن ما كانوا يعملون )) قال العلماء :: الحياة الطيبة .. هي السعادة التي ينشدها اكثر الناس اليوم .. ولا تتأتى لاحد إلا بالعمل الصالح .. كما اخبر بذلك ربنا سبحانه وتعالى وهو القائل سبحانه (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) بلى .. بلى .. بلى .. هو سبحانه الذي يعلم مايسعدنا وما يشقينا ... فله الحمد على أن بين لنا ذلك .
جاري العزيز:
ماذا بعد هذه الحياه .. انه الموت ..إنها حقيقة الموت وما بعد الموت، الموت الذي سيذوقه كل واحد منا فقيرًا كان أو غنيًا، صحيحًا كان أو سقيمًا، كبيرًا كان أو صغيرًا، رئيسًا أو مرؤوسًا، ولن ينجو من الموت أحد، ولو فر إلى مكان بعيد، أو برج عالٍ، أو وادٍ سحيق، قال تعالى( أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ )...ترى الشاب الممتلئ صحة وعافية، والشجاع الذي يصرع الأبطال في لحظة يسيرة قد استحال جثة هامدة وصار جسمًا لا حراك به، فذهب ذلك الشباب، وتلاشت تلك القوة، وتعطلت حواسه، تعطل سمعه وبصره وشمه، وخرس لسانه، وقد يكون عالمًا ضليعًا، أو أديبًا بليغًا، أو طبيبًا ماهرًا، أو مخترعًا بارعًا، ولكن هيهات أن يمنع ذلك قبضَ الأرواح إذا انقضت الأعمار، قال تعالى ( إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ).. كان عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رحمه الله يرتقي المنبر ويقول: "كم من مستقبل يومًا لا يستكمله، ومنتظر غدًا لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره" [1]. بينما يتمتع الإنسان بصحته، وينعم بعافية، ويرتع ويلعب ويتيه عجبًا، ويشمخ أنفًا، ويأمر وينهى، إذا بمرض الموت قد هجم عليه هجومَ الأسد على فريسته، فيضعف جسده، ويخفت صوته، وترتخي مفاصله، وتضمحل قواه، وتُطوى صحف أعماله بعد أن يرحل عن دنياه، فما أقرب الموت، كل يوم يدنو منا ونحن ندنو منه، وليس بيننا وبينه إلى أن يبلغ الكتاب أجله، فإذا نحن في عداد الموتى. فما الأعمار في الحقيقة إلا أزهار تتفتح ثم تذبل، أو مصباح ينير ثم ينطفئ، أو شهاب يضيء ثم يصير رمادًا،
جاري العزيز
لنبحث فوق رمال هذه القبور المبعثرة، وبين أحجارها المتهدمة المتساقطة، ليبحث أربابُ المطامع وطلابُ الدنيا ليعلموا أن طريق الشهوات والملذات المحرمة، وإن كانت مخضرة مزدانة بالأزهار، فإنها تؤدي في نهايتها إلى هذا المصير الذي صار إليه المقبورون، فطوبى لمن أتاه بريد الموت بالأشخاص قبل أن يفتح ناظريه على هؤلاء الأشخاص، ومن لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع. ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غدًا، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته سيُرجع عنه غدًا، ويُترك وحيدًا فريدًا مرتهنًا بعمله، فإن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. . جدير بمن الموت صارعه، والتراب مضجعه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، أن يتذكر الموت، ويستعد له ويتدبر فيه، حقيق بأن يعد نفسه من الموتى، ويراها من أهل القبور، فإن كل ما هو آت قريب. إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك مالك ولا كثرة احتشادك.
جاري العزيز :
أين الذين بلغوا المنى، فما لهم في المنى منازع، جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا، بنوا مساكنهم فما سكنوا، ولكننا ننسى الموت، ونسبح في بحر الحياة, وكأننا مخلدون في هذه الدار. . نتذكر الموت لنحسن الاستعداد لما بعد الموت بالعمل والطاعة، والاجتهاد في العبادة، الاستعداد للموت بهجر المنكرات وترك المعاصي، ورد المظالم والحقوق إلى أهلها. الاستعداد للموت بإزالة الشحناء والبغضاء والعداوة من القلوب، الاستعداد للموت ببر الوالدين وصلة الرحم، وقيل: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة"متى يستعد للموت من تظلله سحائب الهوى، ويسير في أودية الغفلة؟! متى يستعد للموت من لا يبالي بأمر الله في حلال أو حرام؟! متى يستعد للموت من هجر القرآن، ولا يعرف صلاة الفجر مع الجماعة، مَن أكل أموال الناس بالباطل، وأكل الربا وارتكب الزنا ..واستمع الى الغنا .. اشتغل بمزمار الشيطان.. واعرض عن ذكر الرحمن ؟! كيف يكون مستعدًا للموت من لوث لسانه بالغيبة والنميمة، وامتلأ قلبه بالحقد والحسد، وضيع أوقات عمره في تتبع عورات المسلمين والوقوع في أعراضهم؟
جاري العزيز :
عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها يكون الناس فريقين: فريقًا يُثبت عند المصائب، ويؤمَّن من المخاوف، ويُبشَّر بالجنة، وفريقًا يكابد غاية الخزي والإذلال تتنزل الملائكة على المؤمنين أهل الاستقامة عند موتهم، وفي قبورهم وبعثهم، مطمئنة لأنفسهم، مؤمِّنة لهم من مخاوف الآخرة وفزعها، يقولون لهم: ( لا تخافوا مما تقدمون إليه، ولا تحزنوا على ما خلفكم في الدنيا من الأهل والولد والمال، نحن أولياؤكم في الآخرة، نؤنسكم من الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، نؤمنكم يوم البعث والنشور). وحينما يحمل هذا الميت على النعش يقول (( قدموني قدموني )) لا يريد الدنيا لا يريد أموالها وان كان غنيا… لقد رأى عند الاحتضار ما أغناه عن هذا كله رأى الجنه والنعيم الذي أعده الله له .. فهنيئا له .. فهنيئا له . ( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) لقد أهلكت كثيرًا من الناس الأماني، إيمان بلا أثر، وقول بلا عمل، ترى فيهم رجالا ولا ترى عقولا، وتسمع حسيسًا ولا ترى أنيسًا، عرفوا ثم أنكروا، وحرموا ثم استحلوا. يقول الحسن البصري رحمه الله: أمؤمنون بيوم الحساب هؤلاء؟!! كلا، كذبوا ومالك يوم الدين. لا يدخل الجنة إلا من يرجوها، ولا يسلم من النار إلا من يخافها
جاري العزيز :
إن الموت ... حقيقة طالما غَفَل عنها الإنسان.. ولحظةٌ حاسمةٌ ومصيرٌ ومآل.... إنها لحظة لا بد أن تلاقيكم.... إلى أين من هذه اللحظة المَهربُ وإلى أين منها المَفرُّ لا تَمنع منه جنود... ولا يُتَحصن منه في حصون... مُدرككم أينما كنتم... إنه واعظ لا ينطق.... واعظ صامت يأخذ الغني والفقير والصحيح والسقيم والشريف والوضيع. ... والمُقِرَّ والجاحد والزاهد والعابد والصغير والكبير والذكر والأنثى.... كلّ نفس ستذوقُه شاءت أم أبَت. لعلَّكم عرفتموه؟ لا أظن أحداً يجهله. أما حقيقته فالكلّ يجهلها. إنه الموت ( كلّ نفس ذائقة الموت وإنما تُوَفَّوْن أجوركم يوم القيامة. فمن زُحزِح عن النار وأُدخِل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) ... تاملوا كلمة (( ذائقة )) لم يقل سبحانه (( ميته فقط )).. بل هناك الم للموت .. فما اصعبه من موقف والله )) الموت وما ادراكم ما الموت؟ انه أمرٌ كُبَّار.. وكاس يُدار فيمن أقام وسار.... يخرج بصاحبه إلى الجنةِ أو إلى النار... ما زال لأهل اللذات مكدرا.. ولأصحاب العقول مغيِّراً ومُحيِّرا ...ولأرباب القلوب عن الرغبةِ فيما سوى الله زاجراً. ...كيف ووراءه قبر وحساب.... وسؤال وجواب..... ومِن بعده يومٌ تُدهش فيه الألباب فيُعدم فيه الجواب. ملَك الموت..... ما ملك الموت؟ الدنيا بين يديه كالمائدة بين يدي الرجل.... يَمُد يده إلى ما شاء منها بأمر الله فيأكله..... فلا إله إلا الله من لحظة حاسمة لو لم تُعتَقل الألسنة وتُخدَّر الأجسام وقت الاحتضار لما مات أحدٌ إلا في شَعَف الجبال ألماً... ولصاح الميت من شدة ما يُعاني حتى تَنّدك عليه جدران الغرفة التي هو فيها.... ولما استطاع أن يحضرَ ميتاً أحد..... فنسأل الله العافية والسلامة وأن يُهوِّن علينا السكرات. رُوي عن الحسن أنه قال: رُؤي أحد الصالحين بعد موته فقيل له: كيف وجدت طعم الموت؟ قال: أوّاه أوّاه وجدته والله شديداً والذي لا إله إلا هو لهُو أشد من الطبخ في القدور والقطع بالمناشير... أقبل ملك الموت نَحْوي حتى استلَّ الروح من كل عضو منّي فلو أني طُبختُ في القدور سبعين مرة لكان أهون عليَّ.... كفى بالموت طامَّة وما بعد الموت أطمّ وأعظم..... ويُرى آخَر في المنام فيقال له: كيف وجدت نفسك ساعة الاحتضار؟ قال: كعصفور في مقلاةٍ لا يموت فيستريح.... ولا ينجو فيطير.... فالله المستعان على تلك اللحظات... واللهم هوِّن علينا السكرات. واجعلها لنا كفَّارات
===================================
رسالــــــــــــــه ..الى من احب .. نعم رساله : اهديها إلى جاري العزيز ..
ممزوجة بالحب .. مقرونة بالود .. أحذره فيها من الخطر .. لانه عندي بملئ السمع والقلب والبصر.. أشفقت عليه كما أشفقت على نفسي .. وأضمرت له الخير كما أضمرت لنفسي .. .. احدثه بحديث .. قد لا يرغب في سماعه .. أو قد لا يكون مهيئا لسماعه .. ولكن لعل ديني واخوتي تكون جواز سفر لي .. لاشرع في تسطير ما يجول بخاطري ويجيش في صدري.. .. تجاه من احب.. نعم تجاه من احب.. فاسلامي امرني بمحبته شئت أم أبيت .قال صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) إنني سابدا ولا ادري من أين أبدا وكيف سأبدا .. والى أي الشواطئ سترسو بي سفينتي.. وتحط بي مخيلتي.. وأنا احدث شخصا لم يكن بيني وبينه يوما من الأيام خطا موصولا .. أو جسرا ممدودا
جاري العزيز .. اهدي إليك نصيحتي.. فارع لها سمعك وافتح لها مغاليق قلبك
جاري العزيز /
إن المرء المنشد للسعادة لا يهدى له بال حتى يرتقي بنفسه فلا ترى لها قرارًا إلا بجوار الرحمن في جنة الرضوان. .. وان النفس الخاطئة المؤمنة إذا وقعت في حبائل الشيطان, واستجابت له في لحظة ضعف, قامت من ذنبها بقلبٍ يملأه الإيمان, ونفسٍ لسعتها حرارة المعصية, نعم أذنبت ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت, فتحشرجت في صدرها سؤالات وكيف أعصيه وهو المنعم الخالق! كيف أعصيه وهو الرازق الواهب؟ كيف أعصيه وقد نهاني؟ كيف أعصيه وقد كساني وآواني؟! ما خشيت مكره .. أما خشيت بطشه .. كيف حالي في موتي .. وكيف حالي في قبري .. وكيف حالي في نشري ..
جاري العزيز :
إن الخشية الحقة هي التي تربي القلب حتى لا يفرق بين معصية وأخرى, فلا ينظر إلى صغر المعصية، ولكن ينظر إلى عظمة من عصى, قال الله سبحانه ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى ) وإن المنتفعين بالذكرى, المستفيدين من النذارة والبشارة هم أهل الخشية والمراقبة قال تعالى ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) . نعم كانوا يدعون الله رغبة في جنته و رهبة من ناره . كانوا يعملون الأعمال الصالحة ويكثرون منها ومع ذلك يخافون اشد الخوف من عذاب الله تعالى .. واما المقصرون .. فيقدمون على المعاصي دون خوف أو وجل من مكر الله تعالى .. وقد يباغتهم الموت فجاه .. وقد تحل بهم الأمراض والمصائب .. بما كسبت أيديهم .. وقد يحرمون الخير بسوء أعمالهم وهم في غفلة معرضون
قال تعالى (( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون .. ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون .. لاهية قلوبهم )) .. وقال صلى الله عليه وسلم( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه )) نعم يحرم العافية .. المال .. الأولاد .. الراحة .. السعادة.. كل ذلك قد يحرم منه العبد بسبب إعراضه عن ربه وخالقه .. قال تعالى (( ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ))..والضنك هو القلق والهم والغم والضيق .وغير ذلك من انكاد الدنيا ..وفي المقابل (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه ولنجزينهم أجرهم باحسن ما كانوا يعملون )) قال العلماء :: الحياة الطيبة .. هي السعادة التي ينشدها اكثر الناس اليوم .. ولا تتأتى لاحد إلا بالعمل الصالح .. كما اخبر بذلك ربنا سبحانه وتعالى وهو القائل سبحانه (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) بلى .. بلى .. بلى .. هو سبحانه الذي يعلم مايسعدنا وما يشقينا ... فله الحمد على أن بين لنا ذلك .
جاري العزيز:
ماذا بعد هذه الحياه .. انه الموت ..إنها حقيقة الموت وما بعد الموت، الموت الذي سيذوقه كل واحد منا فقيرًا كان أو غنيًا، صحيحًا كان أو سقيمًا، كبيرًا كان أو صغيرًا، رئيسًا أو مرؤوسًا، ولن ينجو من الموت أحد، ولو فر إلى مكان بعيد، أو برج عالٍ، أو وادٍ سحيق، قال تعالى( أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِى بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ )...ترى الشاب الممتلئ صحة وعافية، والشجاع الذي يصرع الأبطال في لحظة يسيرة قد استحال جثة هامدة وصار جسمًا لا حراك به، فذهب ذلك الشباب، وتلاشت تلك القوة، وتعطلت حواسه، تعطل سمعه وبصره وشمه، وخرس لسانه، وقد يكون عالمًا ضليعًا، أو أديبًا بليغًا، أو طبيبًا ماهرًا، أو مخترعًا بارعًا، ولكن هيهات أن يمنع ذلك قبضَ الأرواح إذا انقضت الأعمار، قال تعالى ( إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ).. كان عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رحمه الله يرتقي المنبر ويقول: "كم من مستقبل يومًا لا يستكمله، ومنتظر غدًا لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره" [1]. بينما يتمتع الإنسان بصحته، وينعم بعافية، ويرتع ويلعب ويتيه عجبًا، ويشمخ أنفًا، ويأمر وينهى، إذا بمرض الموت قد هجم عليه هجومَ الأسد على فريسته، فيضعف جسده، ويخفت صوته، وترتخي مفاصله، وتضمحل قواه، وتُطوى صحف أعماله بعد أن يرحل عن دنياه، فما أقرب الموت، كل يوم يدنو منا ونحن ندنو منه، وليس بيننا وبينه إلى أن يبلغ الكتاب أجله، فإذا نحن في عداد الموتى. فما الأعمار في الحقيقة إلا أزهار تتفتح ثم تذبل، أو مصباح ينير ثم ينطفئ، أو شهاب يضيء ثم يصير رمادًا،
جاري العزيز
لنبحث فوق رمال هذه القبور المبعثرة، وبين أحجارها المتهدمة المتساقطة، ليبحث أربابُ المطامع وطلابُ الدنيا ليعلموا أن طريق الشهوات والملذات المحرمة، وإن كانت مخضرة مزدانة بالأزهار، فإنها تؤدي في نهايتها إلى هذا المصير الذي صار إليه المقبورون، فطوبى لمن أتاه بريد الموت بالأشخاص قبل أن يفتح ناظريه على هؤلاء الأشخاص، ومن لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع. ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غدًا، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته سيُرجع عنه غدًا، ويُترك وحيدًا فريدًا مرتهنًا بعمله، فإن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. . جدير بمن الموت صارعه، والتراب مضجعه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، أن يتذكر الموت، ويستعد له ويتدبر فيه، حقيق بأن يعد نفسه من الموتى، ويراها من أهل القبور، فإن كل ما هو آت قريب. إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك مالك ولا كثرة احتشادك.
جاري العزيز :
أين الذين بلغوا المنى، فما لهم في المنى منازع، جمعوا فما أكلوا الذي جمعوا، بنوا مساكنهم فما سكنوا، ولكننا ننسى الموت، ونسبح في بحر الحياة, وكأننا مخلدون في هذه الدار. . نتذكر الموت لنحسن الاستعداد لما بعد الموت بالعمل والطاعة، والاجتهاد في العبادة، الاستعداد للموت بهجر المنكرات وترك المعاصي، ورد المظالم والحقوق إلى أهلها. الاستعداد للموت بإزالة الشحناء والبغضاء والعداوة من القلوب، الاستعداد للموت ببر الوالدين وصلة الرحم، وقيل: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوجل بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة"متى يستعد للموت من تظلله سحائب الهوى، ويسير في أودية الغفلة؟! متى يستعد للموت من لا يبالي بأمر الله في حلال أو حرام؟! متى يستعد للموت من هجر القرآن، ولا يعرف صلاة الفجر مع الجماعة، مَن أكل أموال الناس بالباطل، وأكل الربا وارتكب الزنا ..واستمع الى الغنا .. اشتغل بمزمار الشيطان.. واعرض عن ذكر الرحمن ؟! كيف يكون مستعدًا للموت من لوث لسانه بالغيبة والنميمة، وامتلأ قلبه بالحقد والحسد، وضيع أوقات عمره في تتبع عورات المسلمين والوقوع في أعراضهم؟
جاري العزيز :
عند الموت وشدته، والقبر وظلمته، وفي القيامة وأهوالها يكون الناس فريقين: فريقًا يُثبت عند المصائب، ويؤمَّن من المخاوف، ويُبشَّر بالجنة، وفريقًا يكابد غاية الخزي والإذلال تتنزل الملائكة على المؤمنين أهل الاستقامة عند موتهم، وفي قبورهم وبعثهم، مطمئنة لأنفسهم، مؤمِّنة لهم من مخاوف الآخرة وفزعها، يقولون لهم: ( لا تخافوا مما تقدمون إليه، ولا تحزنوا على ما خلفكم في الدنيا من الأهل والولد والمال، نحن أولياؤكم في الآخرة، نؤنسكم من الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، نؤمنكم يوم البعث والنشور). وحينما يحمل هذا الميت على النعش يقول (( قدموني قدموني )) لا يريد الدنيا لا يريد أموالها وان كان غنيا… لقد رأى عند الاحتضار ما أغناه عن هذا كله رأى الجنه والنعيم الذي أعده الله له .. فهنيئا له .. فهنيئا له . ( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) لقد أهلكت كثيرًا من الناس الأماني، إيمان بلا أثر، وقول بلا عمل، ترى فيهم رجالا ولا ترى عقولا، وتسمع حسيسًا ولا ترى أنيسًا، عرفوا ثم أنكروا، وحرموا ثم استحلوا. يقول الحسن البصري رحمه الله: أمؤمنون بيوم الحساب هؤلاء؟!! كلا، كذبوا ومالك يوم الدين. لا يدخل الجنة إلا من يرجوها، ولا يسلم من النار إلا من يخافها
جاري العزيز :
إن الموت ... حقيقة طالما غَفَل عنها الإنسان.. ولحظةٌ حاسمةٌ ومصيرٌ ومآل.... إنها لحظة لا بد أن تلاقيكم.... إلى أين من هذه اللحظة المَهربُ وإلى أين منها المَفرُّ لا تَمنع منه جنود... ولا يُتَحصن منه في حصون... مُدرككم أينما كنتم... إنه واعظ لا ينطق.... واعظ صامت يأخذ الغني والفقير والصحيح والسقيم والشريف والوضيع. ... والمُقِرَّ والجاحد والزاهد والعابد والصغير والكبير والذكر والأنثى.... كلّ نفس ستذوقُه شاءت أم أبَت. لعلَّكم عرفتموه؟ لا أظن أحداً يجهله. أما حقيقته فالكلّ يجهلها. إنه الموت ( كلّ نفس ذائقة الموت وإنما تُوَفَّوْن أجوركم يوم القيامة. فمن زُحزِح عن النار وأُدخِل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) ... تاملوا كلمة (( ذائقة )) لم يقل سبحانه (( ميته فقط )).. بل هناك الم للموت .. فما اصعبه من موقف والله )) الموت وما ادراكم ما الموت؟ انه أمرٌ كُبَّار.. وكاس يُدار فيمن أقام وسار.... يخرج بصاحبه إلى الجنةِ أو إلى النار... ما زال لأهل اللذات مكدرا.. ولأصحاب العقول مغيِّراً ومُحيِّرا ...ولأرباب القلوب عن الرغبةِ فيما سوى الله زاجراً. ...كيف ووراءه قبر وحساب.... وسؤال وجواب..... ومِن بعده يومٌ تُدهش فيه الألباب فيُعدم فيه الجواب. ملَك الموت..... ما ملك الموت؟ الدنيا بين يديه كالمائدة بين يدي الرجل.... يَمُد يده إلى ما شاء منها بأمر الله فيأكله..... فلا إله إلا الله من لحظة حاسمة لو لم تُعتَقل الألسنة وتُخدَّر الأجسام وقت الاحتضار لما مات أحدٌ إلا في شَعَف الجبال ألماً... ولصاح الميت من شدة ما يُعاني حتى تَنّدك عليه جدران الغرفة التي هو فيها.... ولما استطاع أن يحضرَ ميتاً أحد..... فنسأل الله العافية والسلامة وأن يُهوِّن علينا السكرات. رُوي عن الحسن أنه قال: رُؤي أحد الصالحين بعد موته فقيل له: كيف وجدت طعم الموت؟ قال: أوّاه أوّاه وجدته والله شديداً والذي لا إله إلا هو لهُو أشد من الطبخ في القدور والقطع بالمناشير... أقبل ملك الموت نَحْوي حتى استلَّ الروح من كل عضو منّي فلو أني طُبختُ في القدور سبعين مرة لكان أهون عليَّ.... كفى بالموت طامَّة وما بعد الموت أطمّ وأعظم..... ويُرى آخَر في المنام فيقال له: كيف وجدت نفسك ساعة الاحتضار؟ قال: كعصفور في مقلاةٍ لا يموت فيستريح.... ولا ينجو فيطير.... فالله المستعان على تلك اللحظات... واللهم هوِّن علينا السكرات. واجعلها لنا كفَّارات