مناظرة الامير الاوحد مع ابو بكر
عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدِّه(عليهم السلام) قال : لمَّا كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ماكان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ، ويرى منه انقباضاً ، فكبر ذلك على أبي بكر فأحبَّ لقاءه ، واستخراج ما عنده ، والمعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه وتقليدهم إيَّاه أمر الأمَّة ، وقلَّة رغبته في ذلك وزهده فيه ، أتاه في وقت غفلة ، وطلب منه الخلوة ، وقال له : والله يا أبا الحسن ! ما كان هذا الأمر مواطاة منّي ، ولا رغبة فيما وقعت فيه ، ولا حرصاً عليه ، ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأُمَّة ، ولا قوَّة لي لمال ، ولا كثرة العشيرة ، ولا ابتزاز له دون غيري ، فمالك تضمر عليَّ مالم أستحقَّه منك ، وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه ، وتنظر إليَّ بعين السأمة منّي؟
قال : فقال له (عليه السلام) : فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه ، ولا حرصت عليه ، ولا وثقت بنفسك في القيام به ، وبما يحتاج منك فيه ؟
فقال أبو بكر : حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله لا يجمع أمّتي على ضلال(1) ، ولمّا رأيت اجتماعهم اتّبعت حديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى ، وأعطيتهم قود الإجابة ، ولو علمت أن أحداً يتخلَّف لا متنعت .
قال : فقال علي (عليه السلام) : أمَّا ما ذكرت من حديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله لا يجمع أمّتي على ضلال ; أفكنتُ من الأمَّة أو لم أكن ؟
قال : بلى .
قال ع : وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان وعمَّار وأبي ذر والمقداد وابن عبادة ومن معه من الأنصار ؟
قال : كلٌّ من الأمَّة .
فقال عليٌّ (عليه السلام) : فكيف تحتجُّ بحديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمثال هؤلاء قد تخلَّفوا عنك ، وليس للأُمَّة فيهم طعن ، ولا في صحبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ونصيحته منهم تقصير .
قال : ما علمت بتخلُّفهم إلاَّ من بعد إبرام الأمر ، وخفت إن دفعت عنّي الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدّين عن الدين ، وكان ممارستكم إلى أن أجبتم
أهون مؤونة على الدين ، وأبقى له من ضرب الناس بعضهم ببعض ، فيرجعوا كفّاراً ، وعلمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم .
قال عليٌّ (عليه السلام) : أجل ، ولكن أخبرني عن الذي يستحقُّ هذا الأمر بم يستحقُّه ؟
فقال أبو بكر : بالنصيحة ، والوفاء ،ودفع المداهنة والمحاباة ، وحسن السيرة ، وإظهار العدل ، والعلم بالكتاب والسنّة وفصل الخطاب ، مع الزهد في الدنيا وقلّة الرغبة فيها ، وإنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد .. ثمَّ سكت .
فقال علي (عليه السلام) : أنشدك بالله يا أبا بكر ! أفي نفسك تجد هذه الخصال ، أوفيَّ ؟
قال : بل فيك يا أبا الحسن .
قال : أنشدك بالله ، أنا المجيب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ذكران المسلمين، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنا الأذان لأهل الموسم ولجميع الأمّة بسورة براءة ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ،أنا وقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسي يوم الغار ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : أنشدك بالله ، إليَّ الولاية من الله مع ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آية زكاة الخاتم ، أم لك ؟
قال : بل لك .
قال : أنشدك بالله ، أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : أنشدك بالله ، ألي الوزارة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمثل من هارون من موسى ، أم لك ؟
قال : بل لك .
قال : فأنشدك بالله ، أبي برز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبأهل بيتي وولدي في مباهلة المشركين من النصارى ، أم بك وبأهلك وولدك ؟
قال : بكم .
قال : فأنشدك بالله ، إليَّ ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس(1) ، أملك ولأهل بيتك ؟
قال : بل لك ولأهل بيتك .
قال : فأنشدك بالله ، أنا صاحب دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهلي وولدي يوم الكساء : اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار ، أم أنت ؟
قال : بل أنت وأهلك وولدك .
قال : فأنشدك بالله ، أنا صاحب الآية : {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}(2) ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ،أنت الفتى الذي نودي من السماء : لا سيف إلاَّ ذو
الفقار ولا فتى إلاَّ علي ،أم أنا ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنت الذي ردَّت له الشمس لوقت صلاته فصلاَّها ثم توارت ، أم أنا ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنت الذي حباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برايته يوم خيبر ففتح الله له ، أم أنا ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنت الذي نفَّست عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كربته وعن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود،أم أنا ؟
قال : بل أنت .
إلى أن قال : فلم يزل (عليه السلام) يعدُّ عليه مناقبه التي جعل الله عزَّ وجلَّ لهدونه ودون غيره
ويقول له أبو بكر : بل أنت.
قال : فبهذا وشبهه يستحقُّ القيام بأمور أمَّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ،
فقال له علي (عليه السلام) : فما الذي غرَّك عن الله وعن رسوله وعن دينه ، وأنت خلوٌ ممّا يحتاج إليه أهل دينه ؟
قال : فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن، أنظرني يومي هذا ، فأدبِّر ما أنا فيه وما سمعت منك .
عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدِّه(عليهم السلام) قال : لمَّا كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ماكان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ، ويرى منه انقباضاً ، فكبر ذلك على أبي بكر فأحبَّ لقاءه ، واستخراج ما عنده ، والمعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه وتقليدهم إيَّاه أمر الأمَّة ، وقلَّة رغبته في ذلك وزهده فيه ، أتاه في وقت غفلة ، وطلب منه الخلوة ، وقال له : والله يا أبا الحسن ! ما كان هذا الأمر مواطاة منّي ، ولا رغبة فيما وقعت فيه ، ولا حرصاً عليه ، ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأُمَّة ، ولا قوَّة لي لمال ، ولا كثرة العشيرة ، ولا ابتزاز له دون غيري ، فمالك تضمر عليَّ مالم أستحقَّه منك ، وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه ، وتنظر إليَّ بعين السأمة منّي؟
قال : فقال له (عليه السلام) : فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه ، ولا حرصت عليه ، ولا وثقت بنفسك في القيام به ، وبما يحتاج منك فيه ؟
فقال أبو بكر : حديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله لا يجمع أمّتي على ضلال(1) ، ولمّا رأيت اجتماعهم اتّبعت حديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى ، وأعطيتهم قود الإجابة ، ولو علمت أن أحداً يتخلَّف لا متنعت .
قال : فقال علي (عليه السلام) : أمَّا ما ذكرت من حديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله لا يجمع أمّتي على ضلال ; أفكنتُ من الأمَّة أو لم أكن ؟
قال : بلى .
قال ع : وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان وعمَّار وأبي ذر والمقداد وابن عبادة ومن معه من الأنصار ؟
قال : كلٌّ من الأمَّة .
فقال عليٌّ (عليه السلام) : فكيف تحتجُّ بحديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمثال هؤلاء قد تخلَّفوا عنك ، وليس للأُمَّة فيهم طعن ، ولا في صحبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ونصيحته منهم تقصير .
قال : ما علمت بتخلُّفهم إلاَّ من بعد إبرام الأمر ، وخفت إن دفعت عنّي الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدّين عن الدين ، وكان ممارستكم إلى أن أجبتم
أهون مؤونة على الدين ، وأبقى له من ضرب الناس بعضهم ببعض ، فيرجعوا كفّاراً ، وعلمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم .
قال عليٌّ (عليه السلام) : أجل ، ولكن أخبرني عن الذي يستحقُّ هذا الأمر بم يستحقُّه ؟
فقال أبو بكر : بالنصيحة ، والوفاء ،ودفع المداهنة والمحاباة ، وحسن السيرة ، وإظهار العدل ، والعلم بالكتاب والسنّة وفصل الخطاب ، مع الزهد في الدنيا وقلّة الرغبة فيها ، وإنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد .. ثمَّ سكت .
فقال علي (عليه السلام) : أنشدك بالله يا أبا بكر ! أفي نفسك تجد هذه الخصال ، أوفيَّ ؟
قال : بل فيك يا أبا الحسن .
قال : أنشدك بالله ، أنا المجيب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ذكران المسلمين، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنا الأذان لأهل الموسم ولجميع الأمّة بسورة براءة ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ،أنا وقيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسي يوم الغار ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : أنشدك بالله ، إليَّ الولاية من الله مع ولاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آية زكاة الخاتم ، أم لك ؟
قال : بل لك .
قال : أنشدك بالله ، أنا المولى لك ولكل مسلم بحديث النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : أنشدك بالله ، ألي الوزارة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمثل من هارون من موسى ، أم لك ؟
قال : بل لك .
قال : فأنشدك بالله ، أبي برز رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبأهل بيتي وولدي في مباهلة المشركين من النصارى ، أم بك وبأهلك وولدك ؟
قال : بكم .
قال : فأنشدك بالله ، إليَّ ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس(1) ، أملك ولأهل بيتك ؟
قال : بل لك ولأهل بيتك .
قال : فأنشدك بالله ، أنا صاحب دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهلي وولدي يوم الكساء : اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار ، أم أنت ؟
قال : بل أنت وأهلك وولدك .
قال : فأنشدك بالله ، أنا صاحب الآية : {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً}(2) ، أم أنت ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ،أنت الفتى الذي نودي من السماء : لا سيف إلاَّ ذو
الفقار ولا فتى إلاَّ علي ،أم أنا ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنت الذي ردَّت له الشمس لوقت صلاته فصلاَّها ثم توارت ، أم أنا ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنت الذي حباك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برايته يوم خيبر ففتح الله له ، أم أنا ؟
قال : بل أنت .
قال : فأنشدك بالله ، أنت الذي نفَّست عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كربته وعن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود،أم أنا ؟
قال : بل أنت .
إلى أن قال : فلم يزل (عليه السلام) يعدُّ عليه مناقبه التي جعل الله عزَّ وجلَّ لهدونه ودون غيره
ويقول له أبو بكر : بل أنت.
قال : فبهذا وشبهه يستحقُّ القيام بأمور أمَّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ،
فقال له علي (عليه السلام) : فما الذي غرَّك عن الله وعن رسوله وعن دينه ، وأنت خلوٌ ممّا يحتاج إليه أهل دينه ؟
قال : فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن، أنظرني يومي هذا ، فأدبِّر ما أنا فيه وما سمعت منك .
قال : فقال له علي (عليه السلام) : لك ذلك يا أبا بكر ، فرجع من عنده ، وخلا بنفسه يومه ، ولم يأذن لأحد إلى الليل
اختكم ايات كريمة
تعليق