حي على خير العمل 1
اختلف المسلمون في إثبات وإسقاط «حيَّ على خير العمل» في الأذان مرتين، بعد قول: «حيّ على الفلاح».
ذهبت طائفة إلى أنّ فقرة: «حيّ على خير العمل» لا يصح ذكرها في الأذان، وهم جمهور أهل السنة. وعبّر بعضهم بلفظ: يكره، معلّلاً ذلك بأ نّه لم يثبت ذلك عن النبي(صلى الله عليه وآله)، والزيادة في الأذان مكروهة[1].
وذهب أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم إلى أن هذه الفقرة جزء من الأذان والإقامة، لا يصحّان بدونها، وهذا الحكم إجماعي[2] لا تجد فيه مخالفاً على الإطلاق... ويستدلون على ذلك بالإجماع، وبالروايات الكثيرة الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) في ذلك،كرواية علي، ومحمد بن الحنفية عن النبي(صلى الله عليه وآله)، ورواية أبي الربيع، وزرارة، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مهران عن الإمام أبي جعفر الباقر(عليه السلام)، ورواية «فقه الرضا» عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام).
ورواية ابن سنان، ومعلى بن خنيس، وأبي بكر الحضرمي، وكليب الأسدي عن الإمام أبي عبدالله الصادق(عليهالسلام) ورواية أبي بصير عن أحدهما[3]، ورواية محمد بن أبي عمير عن أبي الحسن، ورواية عكرمة عن ابن عباس[4].
ونحن إزاء هذا الاختلاف لا نجد مناصاً من الأخذ بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم، ولا نستند في ذلك فقط إلى الإجماع المذكور، بل إلى ما ورد عن أهل البيت الذين هم أحد الثقلين، الذين أذهب الله عنهم الرجس... مضافاً إلى العديد من الأدلة والشواهد الاُخرى التي نجدها عند أهل السنة أيضاً...
ولكن قبل الخوض في تفاصيل الموضوع وبيان الأدلة والشواهد في ذلك لابد من التعرض لمسألة تشريع الأذان عند الفريقين، وذلك لصلته بموضوع جزئية «حيّ على خيرالعمل» ومن خلاله تنكشف كثير من الحقائق المرتبطة بالموضوع.
كيفية تشريع الأذان عند الجمهور
1 ـ روى أبو داود قال: حدثنا عباد بن موسى الختلي، وزياد بن أيوب، ـ وحديث عباد أتم ـ قالا: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، قال زياد: أخبرنا أبو بشر، عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: اهتمّ النبي(صلى الله عليه وآله) للصلاةكيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القُبْع ـ يعني الشبور ـ قال زياد: شبور اليهود، فلم يُعجبه ذلك، وقال: «هو من أمر اليهود» قال: فذكر له الناقوس فقال: «هو من أمر النصارى».
فانصرف عبدالله بن زيد( بن عبد ربّه) وهو مهتم لهمِّ رسولالله(صلى الله عليه وآله)، فأُري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله(صلىالله عليه وآله) فأخبره فقال (له): يا رسول الله، إنّي لبين نائم ويقظان، إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً، قال ثمّ أخبر النبي(صلى الله عليه وآله) فقال له: «ما منعك أن تخبرني»؟ فقال: سبقني عبدالله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا بلال، قم فانظرما يأمرك به عبدالله بن زيد فافعله» قال: فأذّن بلال، قال أبو بشر: فأخبرني أبو عمير أنّ الأنصار تزعم أنّ عبدالله بن زيد لولا أ نّه كان يومئذ مريضاً، لجعله رسول الله(صلى الله عليه وآله) مؤذّناً.
2 ـ حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبدالله بن زيد بن عبد ربّه، قال: حدثني أبي عبدالله بن زيد، قال: لمّا أمررسول الله(صلى الله عليه وآله) بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي ـ وأنا نائم ـ رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبدالله، أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به الى الصلاة قال: أفلا أدلّك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت (له): بلى، قال: فقال تقول:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أنّ محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله.
قال: ثمّ استأخر عني غير بعيد، ثمّ قال: وتقول إذا أقمت الصلاة:
الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاّ الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله.
فلمّا أصبحت أتيت رسولالله(صلى الله عليه وآله) فأخبرته بما رأيت فقال: «إنّها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذّن به، فإنّه أندى صوتاً منك». فقمت مع بلال، فجعلت أُلقيه عليه ويؤذّن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): فللّه الحمد»[5].
ورواه ابن ماجة بالسندين التاليين:
3 ـ حدثنا أبو عبيد محمد بن ميمون المدني، حدثنا محمد بن سلمة الحرّاني، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبدالله بن زيد، عن أبيه قال: كان رسول الله قد همَّ بالبوق، وأمر بالناقوس فنحت، فأُري عبدالله بن زيد في المنام... الخ.
4 ـ حدثنا محمد بن خالد بن عبدالله الواسطي، حدثنا أبي، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أنّ النبي استشار الناس لما يهمّهم الى الصلاة، فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود، ثمّ ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى، فأُري النداء تلك الليلة رجل من الأنصار يقال له : عبدالله بن زيد، وعمر بن الخطاب...
اختكم ايات كريمة
4 ـ حدثنا محمد بن خالد بن عبدالله الواسطي، حدثنا أبي، عن عبدالرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أنّ النبي استشار الناس لما يهمّهم الى الصلاة، فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود، ثمّ ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى، فأُري النداء تلك الليلة رجل من الأنصار يقال له : عبدالله بن زيد، وعمر بن الخطاب...
اختكم ايات كريمة
تعليق