إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

من هم الخلفاء الاثنا عشر بنظر علماء السنة(تكملة)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من هم الخلفاء الاثنا عشر بنظر علماء السنة(تكملة)

    والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، إلى أن وقع أمر الحَكَمين في صفِّين ، فتسمَّى معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ، ثم اجتمعوا على ولده يزيد ، ولم ينتظم للحسين أمر ، بل قُتل قبل ذلك ، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة : الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام ، وتخلل بين سليمان ويزيد : عمرُ بن عبد العزيز ، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين ، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، اجتمع الناس عليه لما مات عمّه هشام ، فولي نحو أربع سنين ، ثم قاموا عليه فقتلوه ، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك... (1).
    وهذا هو قول البيهقي (2) أيضاً في دلائل النبوة ، حيث قال بعد أن ساق بعضاً من الأحاديث السابقة : وقد وُجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر في هذه الرواية ، ثم ظهر ملك العباسية... (3).
    ثم قال : والمراد بإقامة الدين ـ والله أعلم ـ إقامة معالمه وإن كان بعضهم
    ____________
    (1) المصدر السابق 13|182.
    (2) قال السيوطي في طبقات الحفاظ ، ص 433 : البيهقي الإمام الحافظ العلامة شيخ خراسان أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي صاحب التصانيف ، ولد سنة 384 هـ ، ولزم الحاكم وتخرج به ، وأكثر عنه جداً ، وهو من كبار أصحابه ، بل زاد عليه بأنواع العلوم. كتب الحديث وحفظه من صباه ، وبرع وأخذ في الأصول ، وانفرد بالإتقان والضبط والحفظ ، ورحل... وعمل كتباً لم يسبق إليها ( كالسنن الكبرى ) ، و ( الصغرى ) ، و ( شعب الايمان ) ، و ( الاسماء والصفات ) ، و ( دلائل النبوة ) وغير ذلك مما يقارب ألف جزء. مات سنة 458 هـ بنيسابور ، ونقل في تابوت الى بيهق ( بتصرف ).
    (3) دلائل النبوة 6|520.
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 14 )

    يتعاطى بعد ذلك ما لا يحل (1) .

    أقـول :
    1 ـ يرُدّ هذا القول وسائر أقوالهم ما رواه القوم عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : الخلافة ثلاثون سنة ، ثم تكون بعد ذلك ملكاً (2).
    ولأجل هذا صرَّحوا بأن الخلافة عندهم منحصرة في أربعة : أبي بكر وعمر وعثمان وعلي استناداً إلى هذا الحديث ، أو خمسة بضميمة عمر بن عبد العزيز (3) ، فكيف صار غير هؤلاء خلفاء مع أن الحديث نصَّ على أن ما بعد ثلاثين سنة لا تكون خلافة ، بل يكون ملك.
    وفي سنن الترمذي : قال سعيد : فقلت له [ أي لسفينة راوي الحديث ] :
    ____________
    (1) المصدر السابق 6|521.
    (2) أخرجه أبو داود في سننه 4|211 ح 4646 ، 4647 ، والترمذي في سننه 4|503 وقال : هذا حديث حسن ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9|48 ، والحاكم في المستدرك 3|71 ، 145 ، وأحمد في المسند 5|220 ، 221 ، والبيهقي في دلائل النبوة 6|342 وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3|879 ، وسلسلة الأحاديث الصحيحة 1|742 ح 459 ، ونقل تصحيحه عن الحاكم والذهبي وابن حبان وابن حجر وابن جرير الطبري وابن تيمية ، ونقل عنه اعتماد الإمام أحمد عليه ، وأنه متفق عليه بين الفقهاء وعلماء السنة. ورد الالباني على من ضعف الحديث كابن خلدون في تاريخه ، وأبي بكر بن العربي في العواصم من القواصم ، ثم قال : فقد تبين بوضوح سلامة الحديث من علة قادحة في سنده ، وأنه صحيح محتج به.
    (3) قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ، ص 183 : عمر بن عبد العزيز بن مروان ، الخليفة الصالح أبو حفص ، خامس الخلفاء الراشدين. وقال الذهبي في كتابه العبر 1|91 : في رجب [ سنة إحدى ومائة ] توفي الإمام العادل أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين أبو حفص عمر بن عبد العزيز. وأخرج أبو داود في سننه 4|207 : عن سفيان الثوري أنه قال : الخلفاء خمسة : ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز.
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 15 )

    إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال : كذبوا بنو الزرقاء ، بل هم ملوك من شر الملوك.
    وفي سنن أبي داود : قلت لسفينة : إن هؤلاء يزعمون أن علياً لم يكن بخليفة. قال : كذبت أستاه بني الزرقاء ـ يعني بني مروان (1) .
    وقال القاضي عياض وغيره في الجمع بين حديث سفينة وحديث الخلفاء الاثني عشر : إنه أراد في حديث سفينة خلافة النبوة ، ولم يقيّده في حديث جابر ابن سمرة بذلك (2) .
    وقال الألباني : وهذا جمع قوي ، ويؤيّده لفظ أبي داود : ( خلافة النبوة ثلاثون سنة ) ، فلا ينافي مجيء خلفاء آخرين من بعدهم ، لأنهم ليسوا خلفاء النبوة ، فهؤلاء هم المعنيون في الحديث لا غيرهم ، كما هو واضح (3).
    ويردّه : أن خلافة النبوة هذه لم يذكر لها علماء أهل السنة معنى واضحاً ، واختلفوا في بيان المراد منها ، فمنهم من قال بأن خلافة النبوة هي التي لا طلب فيها للملك ولا منازعة فيها لأحد (4). فعليه تخرج خلافة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام عن كونها خلافة نبوة ، لمنازعة أهل الجمل وأهل النهروان ومعاوية وأهل الشام له (5) ، مع أنهم ذكروا أن خلافته عليه السلام خلافة نبوة. وهذا تهافت واضح.
    ومنهم مَن ذكر أن خلافة النبوة إنما تكون لمن عملوا بالسُّنَّة ، فإذا خالفوا
    ____________
    (1) سنن أبي داود 4|210. وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 3|879.
    (2) فتح الباري 13|180.
    (3) سلسلة الأحاديث الصحيحة 1|748.
    (4) هذا القول للطيبي ، نقله في عون المعبود 12|388.
    (5) ذهب إلى ذلك ابن أبي العز حيث قال : إن زمان علي لم ينتظم فيه الخلافة ولا الملك. وستأتي كلمته قريباً. وقال الطيبي كما في عون المعبود 12|388 : إن الخلافة في زمن عثمان وعلي رضي الله عنهما مشوبة بالملك.
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 16 )

    السنّة وبدّلوا السيرة فهم ملوك وإن تسمّوا بالخلفاء (1).
    وعليه تكون خلافة النبوة أكثر من ثلاثين سنة ، لاتفاقهم على أن عمر بن عبد العزيز كان يعمل بالسنّة ، ولعدّهم إياه من الخلفاء الراشدين ، مع أنهم لم يذكروه من ضمن مَن كانت خلافتهم خلافة نبوة.
    ومنهم من قال : إن المراد بالخلافة في حديث سفينة هي الخلافة الحقَّة أو المرضية لله ورسوله ، أو الكاملة ، أو المتصلة (2) .
    وعليه فتكون خلافة النبوة هي خلافة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام وابنه الحسن عليه السلام فقط دون غيرهما ، لما سيأتي في الفصل الثاني عند الحديث في خلافة أبي بكر.
    ولو سلَّمنا أن خلافة الأربعة كانت مرضيّة لله ورسوله أو كاملة أو غير ذلك فلا بد أن يُضاف إليها عندهم خلافة عمر بن عبد العزيز ، فتكون خلافة النبوة حينئذ أكثر من ثلاثين سنة.
    والصحيح أن يقال في هذا الحديث على تقدير صحَّته : إن خلافة النبوة لا يمكن أن يراد بها إلا الخلافة التي كانت بنصّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فمَن استخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأمة فهو خليفة النبي ، وخلافته هي خلافة النبوة ، ومَن لم يستخلفه واستخلفه الناس فهو خليفتهم ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلف عليّاً عليه السلام ، وسيأتي ذكر النصوص الدالة على ذلك في الفصل المذكور إن شاء الله تعالى.
    وعليه يكون معنى حديث سفينة : إن خلافة النبوة ـ وهي خلافة علي بن أبي طالب عليه السلام ـ تستمر إلى ثلاثين سنة ، ثم يتولى أمور المسلمين الملوك. وعدم تمكّن أمير المؤمنين عليه السلام من تولي أمور المسلمين ، أو عدم اتّباع الناس له إلا النفر القليل لا يسلب عنه الخلافة بعد حكم الشارع المقدس بها ونصّه
    ____________
    (1) ذكر ذلك الإمام البغوي في شرح السنة 14|75 ، والمناوي في فيض القدير 3|509.
    (2) هذا القول للملا علي القاري في مرقاة المفاتيح 9|271.
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 17 )

    عليها ، وهذا له نظائر كثيرة في الأصول والفروع لا تخفى (1).
    وأما حديث الخلفاء الاثني عشر فهو بيان لعدد أئمة الهدى وخلفاء الحق وسادة الخلق المنصوبين من الله سبحانه ، الذين لا يضرهم من ناواهم ، ويكون الإسلام بهم عزيزاً ، وبذلك يتّضح ألا منافاة بين الحديثين بهذين المعنيين.
    2 ـ إن أكثر مَن ذكرهم لم يجتمع عليه الناس ، فإن عثمان وإن تمَّت له البيعة واجتماع الناس في أول خلافته ، إلا أن الأمور انتقضت عليه بعد ذلك حتى قتله الناس ، وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يجتمع عليه الناس من أول يوم في خلافته ، وذلك لأن أهل الشام لم يبايعوه ، وهم كثيرون ، وخرج عليه طلحة والزبير وعائشة ، فحاربهم في البصرة ، ثم خرج عليه الخوارج فحاربهم في النهروان... وكل ذلك كان في أقل من خمس سنين.
    قال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية : علي رضي الله عنه... لم يجتمع الناس في زمانه ، بل كانوا مختلفين ، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك (2).
    فعلى ذلك لا يكون علي عليه السلام من هؤلاء الخلفاء عندهم.
    وأما يزيد بن معاوية فلم يبايعه الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته حتى قُتلوا في كربلاء ، وخرج عليه أهل المدينة ، وأخرجوا منها عامله وسائر بني أمية ، فوقعت بينهم وبينه وقعة الحرة ، وخرج عليه ابن الزبير في مكة واستولى عليها... فأي اجتماع حصل له ! ؟
    3 ـ أن معاوية ومن جاء بعده من ملوك بني أمية وغيرهم لم يجتمع عليهم الناس ، بل كانوا متغلِّبين على الأمَّة بالقوة والقهر ، ومن الواضح أن هناك فرقاً
    ____________
    (1) منها : أن وصف الرسالة والنبوة لا يرتفع عن النبي والرسول بسبب عدم اتباع الناس له ، وصاحب المال أو المتاع لا يحكم بصيرورة المال لغيره بمجرد عدم تمكنه من التصرف فيه ، وتمكن غيره منه ، وهو واضح معلوم.
    (2) شرح العقيدة الطحاوية ، ص 473.
    --------------------------------------------------------------------------------

    ( 18 )

    بيِّناً بين اجتماع الناس على شيء وجمعهم عليه ، فإن الاجتماع مأخوذ في معناه اختيار المجتمعين ، وأما الجمع فمأخوذ فيه عدم الاختيار ، والذي حصل لبني أمية هو الثاني ، والمذكور في الحديث هو الأول ، وهذا واضح معلوم لمن نظر في تاريخ بني أمية وسيرتهم في الناس.
    وقد روي فيما يدلِّل ذلك الكثير ، ومنه ما روي عن سعيد بن سويد ، قال : صلى بنا معاوية بالنخيلة ـ يعني خارج الكوفة ـ الجمعة في الضحى ، ثم خطبنا فقال : ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلّوا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا ، قد عرفت أنكم تفعلون ذلك ، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمَّر عليكم ، فقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون (1).
    4 ـ أن الخلفاء حسبما ذكر في كلامه يكونون ثلاثة عشر لا اثني عشر ، وهم :


    1 ـ أبو بكر. 2 ـ عمر. 3 ـ عثمان.
    4 ـ الإمام علي عليه السلام. 5 ـ معاوية. 6 ـ يزيد بن معاوية .
    7 ـ عبد الملك. 8 ـ الوليد. 9 ـ سليمان .
    10 ـ عمر بن عبد العزيز. 11 ـ يزيد بن عبد الملك. 12 ـ هشام بن عبد الملك .
    13 ـ الوليد بن يزيد.


    قال ابن كثير : إن الخلفاء إلى زمن الوليد بن اليزيد أكثر من اثني عشر على كل تقدير (2).

    2 ـ رأي ابن حجر العسقلاني :
    قال ابن حجر العسقلاني : الأَولى أن يحمل قوله : ( يكون بعدي اثنا عشر خليفة ) على حقيقة البَعْدية ، فإن جميع من ولي الخلافة مِن الصدِّيق إلى عمر
    ____________
    (1) البداية والنهاية 8|134.
    (2) المصدر السابق 6|255.
    --------------------------------------------------------------------------------

    وللحديث بقية

  • #2
    الخلفاء الاثنا عشر عند اهل السنة

    2 ـ رأي ابن حجر العسقلاني :
    قال ابن حجر العسقلاني : الأَولى أن يحمل قوله : ( يكون بعدي اثنا عشر خليفة ) على حقيقة البَعْدية ، فإن جميع من ولي الخلافة مِن الصدِّيق إلى عمر
    ____________
    (1) البداية والنهاية 8|134.
    (2) المصدر السابق 6|255.
    --------------------------------------------------------------------------------
    ( 19 )
    ابن عبد العزيز أربعة عشر نفساً ، منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدَّتهما ، وهما معاوية بن يزيد ، ومروان بن الحكم ، والباقون اثنا عشر نفساً على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
    إلى أن قال : ولا يقدح في ذلك قوله : ( يجتمع عليه الناس ) ، لأنه يُحمَل على الأكثر الأغلب ، لأن هذه الصفة لم تفقد إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير مع صحة ولايتهما ، والحُكم بأن مَن خالفهما لم يثبت استحقاقه إلا بعد تسليم الحسن ، وبعد قتل ابن الزبير ، والله أعلم (1).
    أقـول : على هذا القول يكون الخلفاء الاثنا عشر هم :

    1 ـ أبو بكر. 2 ـ عمر. 3 ـ عثمان.
    4 ـ الإمام علي عليه السلام. 5 ـ الإمام الحسن عليه السلام. 6 ـ معاوية.
    7 ـ يزيد بن معاوية. 8 ـ عبد الله بن الزبير. 9 ـ عبد الملك.
    10 ـ الوليد. 11 ـ سليمان. 12 ـ عمر بن عبد العزيز.

    وقوله : « يجتمع عليه الناس » محمول على الأكثر الأغلب ، يردّه أن مجيء التأكيد بـ « كل » في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « كلّهم يجتمع عليه الناس » الدال بالنصّ على العموم يقدح في هذا القول.
    هذا مع أن الصفة المذكورة ـ وهي اجتماع الناس ـ فُقدت في غير الحسن عليه السلام وابن الزبير كما مر آنفاً.
    وقوله : « إن معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم لم تصح ولايتهما » يردّه أن يزيد بن معاوية إن كانت ولايته صحيحة كما قال ، فنص يزيد على ابنه من بعده يصحِّح ولايته بلا ريب ولا شبهة وإن لم تطل مدّته. وإن كان التغلّب على أمور المسلمين يصحّح خلافة معاوية ، فتغلّب مروان بعد ذلك مصحِّح لخلافته.
    ____________
    (1) المصدر السابق 13|182.
    --------------------------------------------------------------------------------
    ( 20
    ثم إن جعله طول الولاية دليلاً على صحَّتها واعتبارها لا يمكن التسليم به ، فإنه لم يقل به أحد ، هذا مع أنه اعتبر ولاية الإمام الحسن عليه السلام التي دامت ستة أشهر ، ولم يعتبر ولاية مروان بن الحكم التي دامت نفس المدة.
    ومن الغريب أنه زعم أن عبد الملك بن مروان لم يثبت استحقاقه للخلافة إلا بعد قيامه على الخليفة الحق عنده آنذاك وهو عبد الله بن الزبير وقتله.
    والذي يظهر من كلام ابن حجر أنه يرى أن كل أولئك الحكَّام كانوا متأهِّلين للخلافة مستحقّين لها ، مع أن يزيد بن معاوية مثلاً لا يختلف المنصفون في عدم أهليته للخلافة وعدم استحقاقه لها ، لأنه تولَّى ثلاث سنين : السنة الأولى قتل فيها الحسين عليه السلام ، والسنة الثانية أباح فيها المدينة ، والسنة الثالثة هدم فيها الكعبة... فكيف يكون من الخلفاء الذين يكون الإسلام بهم عزيزاً منيعاً قائماً ؟!
    وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

    3 ـ قول ابن أبي العز شارح العقيدة الطحاوية :
    قال ابن أبي العز الحنفي (1) : والاثنا عشر : الخلفاء الراشدون الأربعة ، ومعاوية وابنه يزيد ، وعبد الملك بن مروان وأولاده الأربعة ، وبينهم عمر بن عبد العزيز ثم أخذ الأمر في الانحلال ، وعند الرافضة أن أمر الأمَّة لم يزل في أيام هؤلاء فاسداً منغَّصاً ، يتولّى عليه الظالمون المعتدون ، بل المنافقون
    ___________
    (1) قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب 6|326 : صدر الدين محمد بن علاء الدين علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الصالحي ، اشتغل قديماً ومهر ودرس وأفتى وخطب بحسبان مدة ، ثم ولي قضاء دمشق في سنة 779 هـ ، ثم ولي قضاء مصر بعد ابن عمه ، فأقام شهراً ثم استعفى ورجع الى دمشق على وظائفه ، ثم بدت منه هفوة فاعتقل بسببها ، وأقام مدة مقتراً خاملاً إلى أن جاء الناصري ، فرفع إليه أمره فأمر برد وظائفه ، فلم تطل مدته بعد ذلك ، وتوفي في سنة 792 هـ ( بتصرف ).
    -----------------------------------------
    ( 21
    الكافرون ، وأهل الحق أذل من اليهود. وقولهم ظاهر البطلان ، بل لم يزل الإسلام عزيزاً في ازدياد في أيام هؤلاء الاثني عشر (1).
    أقول : الخلفاء الاثنا عشر على هذا القول هم :

    1 ـ أبو بكر. 2 ـ عمر. 3 ـ عثمان.
    4 ـ الإمام علي عليه السلام. 5 ـ معاوية. 6 ـ يزيد بن معاوية.
    7 ـ عبد الملك. 8 ـ الوليد. 9 ـ سليمان.
    10 ـ عمر بن عبد العزيز. 11 ـ يزيد بن عبد الملك. 12 ـ هشام بن عبد الملك.

    ويَرِد عليه ما قلناه في خلافة معاوية بن يزيد ، وخلافة مروان بن الحكم ، فراجعه.
    ثم إن كل مَن نظر في تاريخ المسلمين يعلم أن الأمة لا تزال في ذلّ وهوان في زمن أكثر هؤلاء الخلفاء ، وأقوال علماء أهل السنة تشهد بذلك وتصرح به ، ولو لم يكن في زمانهم إلا قتل الحسين عليه السلام لكفى ، كيف وقد أعلن بنو أمية سب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على المنابر قرابة ستين سنة ، وضُرِبت الكعبة حتى تهدّمت حيطانها ، وأبيحت المدينة ثلاثة أيام ، فوقع فيها من المخازي ما يندى له جبين التاريخ.
    فإنهم كانوا يقتلون كل من وجدوه من الناس ، وكانوا يسلبون كل ما وقع تحت أيديهم من الأموال ، ووقعوا على النساء حتى قيل : إنه حبلت ألف امرأة من أهل المدينة من غير زوج. وقُتل من وجوه المهاجرين والأنصار سبعمائة ، ومن سائر الناس عشرة آلاف ، ولما دخل مسلم بن عقبة المدينة دعا الناس للبيعة على أنهم عبيد وخَدَم ليزيد بن معاوية ، يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء (2).
    ____________
    (1) شرح العقيدة الطحاوية ، ص 489.
    (2) نقلنا ذلك باختصار من كتاب البداية والنهاية 8|224 ، راجع لسان الميزان 6|294 ، تاريخ الإسلام ، حوادث سنة 61 ـ 80 هـ .
    --------------
    ( 22 )
    إلى غير ذلك مما يطول ذِكره.
    وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء : لو لم يكن من مساوئ عبد الملك إلا الحجَّاج وتوليته إياه على المسلمين وعلى الصحابة رضي الله عنهم ، يهينهم ويذلّهم قتلاً وضرباً وشتماً وحبساً ، وقد قتل من الصحابة وأكابر التابعين ما لا يُحصى ، فضلاً عن غيرهم ، وختم على عنق أنَس وغيره من الصحابة ختماً ، يريد بذلك ذلَّهم ، فلا رحمه الله ولا عفا عنه (1) .
    وقال الذهبي في كتابه العِبَر : قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : الوليد بالشام ، والحجَّاج بالعراق ، وقُرَّة [ بن شريك ] بمصر ، وعثمان بن حبان بالحجاز ، امتلأت والله الأرض جوراً (2) .
    فهل كان الإسلام عزيزاً وفي ازدياد ؟ وهل كان الناس عامة والمؤمنون خاصة في عز وكرامة ، أم في ذلَّ ومهانة ؟ الأمر معلوم وواضح ، ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو جاهل أو متعصب.
    ويكفي قول سفينة المتقدم فيهم لما سأله سعيد فقال : إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال : كذبوا بنو الزرقاء ، بل هم ملوك من شر الملوك.
    4 ـ قول ابن كثير وابن تيمية :
    وهو أن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة ، يعملون بالحق وإن لم تتوالَ أيامهم ، ويؤيده ما أخرجه مُسدَّد في مسنده الكبير من طريق أبي بحر ، أن أبا الجلد حدَّثه أنه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة ، كلهم يعمل بالهدى ودين الحق ، منهم رجلان من أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم ، يعيش أحدهما أربعين سنة ، والآخر ثلاثين سنة.
    ____________
    (1) تاريخ الخلفاء ، ص 176.
    (2) العبر في خبر من غبر 1|85.
    --------------------------------------------------------------------------------
    وعلى هذا فالمراد بقوله : ( ثم يكون الهرج ) أي الفتن المؤذنة بقيام الساعة ، من خروج الدجال ثم يأجوج ومأجوج إلى أن تنقضي الدنيا (1).
    قال ابن كثير : قد وافق أبا الجلد طائفة من العلماء ، ولعل قوله أرجح لما ذكرنا ، وقد كان ينظر في شيء من الكتب المتقدمة ، وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه : إن الله تعالى بشَّر إبراهيم بإسماعيل ، وأنه ينميه ويكثِّره ، ويجعل في ذرّيّته اثنا عشر عظيماً. قال شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية : وهؤلاء المبشَّر بهم في حديث جابر بن سمرة ، وقرّر أنهم يكونون مفرّقين في الأمّة ، ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا (2).
    قال السيوطي : وعلى هذا فقد وُجد من الاثني عشر خليفة : الخلفاء الأربعة ، والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ، ويحتمل أن يُضم إليهم المهتدي من العباسيين ، لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز ، وكذلك الطاهر لما أوتيه من العدل ، وبقي الاثنان المنتظران ، أحدهما المهدي ، لأنه من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم (3).
    أقول : يفسد هذا القول أن الإمام عليًّا وابنه الإمام الحسن عليهم السلام ـ وهما من أهل البيت عليهم السلام ـ لم يعش واحد منهما ثلاثين سنة والآخر أربعين ، وعليه فينبغي إخراجهما من جملة هؤلاء الاثني عشر.
    قال ابن كثير : إن إخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الاثني عشر خلاف ما نصَّ عليه أئمة السنة ، بل والشيعة (4).
    هذا مضافاً إلى أن عد السيوطي من هؤلاء الخلفاء ثلاثة من أهل البيت خلاف حديث أبي الجلد الذي أيَّدوا به قولهم.
    ____________
    (
    ثم إن عد معاوية ممن يعمل بالهدى ودين الحق خلاف ما هو معلوم من حاله ومشهور من أفعاله ، وحسبك أنهم اتَّفقوا على إخراجه من زمرة الخلفاء الراشدين ، فجعلوهم أربعة أو خمسة ، ولم يجعلوه منهم.
    وأخرج مسلم في الصحيح عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ـ في حديث طويل قال : فقلت له ـ أي لعبد الله بن عمرو بن العاص ـ : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا ، والله يقول ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ). قال : فسكت ساعة ، ثم قال : أطعه في طاعة الله ، واعصِه في معصية الله (1).
    وأخرج الحاكم وصحَّحه على شرط الشيخين ، عن عبادة بن الصامت ، أنه قام قائماً في وسط دار عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمداً أبا القاسم يقول : ( سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى الله ، فلا تعتبوا أنفسكم ) ، فوالذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك. فما راجعه عثمان حرفاً واحداً (2).
    ثم إن إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهؤلاء الخلفاء إنما كان لفائدة عظيمة وغاية مهمة يريد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إيضاحها للأمة ، وهي مبايعة هؤلاء الخلفاء ، ومتابعتهم ، والأخذ بهديهم دون غيرهم ممن لم يكن بهذه الصفة.
    وعليه ، فلو صحَّ هذا القول لما كان ثمة أي فائدة في بيان وجود اثني عشر خليفة يعملون بالحق في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة ، وإن لم تتوالَ أيامهم ، فكل خليفة يتولى أمور الناس لا يُعلم أنه منهم أم لا ، فلا يُدرى هل
    ___________
    (1) صحيح مسلم 3|472. كتاب الامارة ، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالاول.
    (2) المستدرك على الصحيحين 3|357.
    -------------------------------------------------------------------------------
    ( 25
    يُبايَع ويُتابَع أم لا. ولا فائدة في ذكر العدد المجرد ، القابل للانطباق على كل واحد يتولّى أمر الأمَّة إذا لم يتميّز هؤلاء الخلفاء بأعيانهم وأشخاصهم بحيث لا يدخل فيهم غيرهم.
    والغريب من ابن كثير كيف رجَّح قول أبي الجلد بكونه ينظر في كتب أهل الكتاب ، واستدل في هذه المسألة بحديث مذكور في التوراة ، مع أنَّا لا نحتاج لإثبات مسألة مهمَّة كهذه بتوراة أو إنجيل محرَّفين ، وعندنا أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تكفّلت ببيان هذه المسألة وغيرها.
    وهذا دليل واضح على مبلغ التخبّط والحيرة التي وقع فيها أعلام أهل السنّة في هذه المسألة حتى التجأوا إلى ما لا يجوز الالتجاء إليه ، واعتمدوا على ما لا يصح الاعتماد عليه.

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:07 AM
    ردود 0
    20 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    أنشئ بواسطة وهج الإيمان, 16-05-2025, 03:04 AM
    ردود 0
    10 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة وهج الإيمان
    بواسطة وهج الإيمان
     
    يعمل...
    X