معنى الشورى
الشورى مأخوذة من الجذر ( ش و ر ) شَوَر بمعنى أَومأ، يُقال شاوره في الأمر: طلب منه المشورة، تشاور واشتَور القوم: شاور بعضهم بعضاً، استشار الأمر تبين واستنار.
أما الراغب الاصفهاني، فقد أرجع كلمة الشورى إلى المصدر ( شور)، ومنها ( الشُّوار ما يبدو من المتاع، ويكنّى به عن الفرح كما يكنّى به عن المتاع، ومنها شرتُ الدابة أي استخرجتُ عَدْوَه تشبيهاً بذلك، والتشاور والمشورة والمشاورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض، من قولهم شرت العَسَل إذا اتخذته من موضعه واستخرجتهُ منه )(1).
والظاهر انّ شرتُ بمعنى الاستخراج هو الأقرب لمفهوم الشورى باعتباره يتضمن معنى استخراج الرأي كما يستخرج العسل من داخل خليّة النحل.
الشورى في القرآن الكريم
ورد لفظ الشورى ثلاث مرات في القرآن الكريم:
1- ( وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُـنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(2).
فإذا كان القرآن الكريم يوجِّهنا إلى أن نُشاور في أدنى أعمال تربية الولد وهو الفصل في الرضاع، فبشكل أولى يوجهنا نحو الاستشارة في الحكم فلا يبيح الإسلام لرجل واحد أن يستبد في الأمة.
فقـد أمرنا الله سبحانه رحمـة بالطفل أن تتشاور الأم مع الأب قبل أن
يقررا فصله عن الرضاعة ، فكيف وأمر الحكومة وفيها مصير الأمة بأسرها ،
فرحمة بالأمة أمَر اللهُ سبحانه وتعالى الحكام بأن يتشاوروا.
2- ( فَبِـمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقـَلْبِ لانْفَضـُّوا مـِنْ حـَوْلـِكَ فَاعـْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَـاوِرْهُمْ فِـي الأَمـْرِ فَـإِذَا عَـزَمْتَ فَـتَوَكَّـلْ عَـلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الـْمُتَوَكِّلِينَ )(3).
لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( اما أنّ الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يُعدم رُشداً ومن تركها لم يُعدم غيّاً).فقد كانت المشورة رحمة لعباده، فقد حفظ عبر الشورى وحدتهم، وجعل منهم شخصيات بارزة في المجتمع . والقسم الاخير من الآية ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ…)(4)، ففيه رأيان، رأي يقول بالعزيمة على رأيه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ورأي ثانٍ يقول: إذا عزمت بعد المشاورة في الأمر على إمضاء ما ترجحهُ الشورى وأعددت له عدته فتوكل على الله في إمضائه، وكن واثقاً بمعونته وتأييده لك فيه ، وهو الرأي الأظهر يدعمه في ذلك سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) في بدرٍ وأُحد.
3ـ ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ )(5). والآية في وصف المؤمنين وفي تحديد واجباتهم، ومن جملـــة تلك الواجبات الشورى، فــقد وردت الشورى بـــين أمور واجبة مـــنها إقامة الصلاة والانفاق(6). فالأولى في المجال العبادي، تزكية النفس وبناء الشخصية الإيمانية، والثانية: فـي الأمور العامة كبناء الدولة ونـظام الحكم ، والثالثة في المجال الاقتصادي… وهـي ثلاث حلقـات مترابطة، وهـي أركان للمجتمع الإسلامي.
واستناداً لهذه الآيات الثلاثة يتضح ما يلي:
1- إنّ الشورى مبدأ إسلامي عام لا يختصّ فقط في المجال السياسي بل حتى في الحياة الاسرية والاجتماعية.
2- إنّ للشورى مجالان، الأول: مشورة الحاكم المسلم للمسلمين في الأمور المتعلقة بهم، والثاني: مشورة المسلمين فيما بينهم على إدارة شؤونهم، فهي دعوة الطرفين إلى الشورى، طرف الحاكم وطرف الرعية.
3- مبدأ التشاور قائم في الأمور المتعلقة بشؤون المسلمين دون الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص.
1 - مفردات ألفاظ القرآن: ص270.
2 - سورة البقرة: الآية 233.
3 - سورة آل عمران: الآية 159.
4 ـ سورة آل عمران: الآية 159 .
5 - سورة الشورى: الآية 38 .
6 - وهذه الأمور تستعرضها الآيات 36-38 من سورة الشورى : (فما أوتيتم من شيءٍ فمتاعُ الحياة الدنيا وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) .
الشورى مأخوذة من الجذر ( ش و ر ) شَوَر بمعنى أَومأ، يُقال شاوره في الأمر: طلب منه المشورة، تشاور واشتَور القوم: شاور بعضهم بعضاً، استشار الأمر تبين واستنار.
أما الراغب الاصفهاني، فقد أرجع كلمة الشورى إلى المصدر ( شور)، ومنها ( الشُّوار ما يبدو من المتاع، ويكنّى به عن الفرح كما يكنّى به عن المتاع، ومنها شرتُ الدابة أي استخرجتُ عَدْوَه تشبيهاً بذلك، والتشاور والمشورة والمشاورة استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض، من قولهم شرت العَسَل إذا اتخذته من موضعه واستخرجتهُ منه )(1).
والظاهر انّ شرتُ بمعنى الاستخراج هو الأقرب لمفهوم الشورى باعتباره يتضمن معنى استخراج الرأي كما يستخرج العسل من داخل خليّة النحل.
الشورى في القرآن الكريم
ورد لفظ الشورى ثلاث مرات في القرآن الكريم:
1- ( وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُـنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )(2).
فإذا كان القرآن الكريم يوجِّهنا إلى أن نُشاور في أدنى أعمال تربية الولد وهو الفصل في الرضاع، فبشكل أولى يوجهنا نحو الاستشارة في الحكم فلا يبيح الإسلام لرجل واحد أن يستبد في الأمة.
فقـد أمرنا الله سبحانه رحمـة بالطفل أن تتشاور الأم مع الأب قبل أن
يقررا فصله عن الرضاعة ، فكيف وأمر الحكومة وفيها مصير الأمة بأسرها ،
فرحمة بالأمة أمَر اللهُ سبحانه وتعالى الحكام بأن يتشاوروا.
2- ( فَبِـمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقـَلْبِ لانْفَضـُّوا مـِنْ حـَوْلـِكَ فَاعـْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَـاوِرْهُمْ فِـي الأَمـْرِ فَـإِذَا عَـزَمْتَ فَـتَوَكَّـلْ عَـلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الـْمُتَوَكِّلِينَ )(3).
لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ( اما أنّ الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يُعدم رُشداً ومن تركها لم يُعدم غيّاً).فقد كانت المشورة رحمة لعباده، فقد حفظ عبر الشورى وحدتهم، وجعل منهم شخصيات بارزة في المجتمع . والقسم الاخير من الآية ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ…)(4)، ففيه رأيان، رأي يقول بالعزيمة على رأيه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ورأي ثانٍ يقول: إذا عزمت بعد المشاورة في الأمر على إمضاء ما ترجحهُ الشورى وأعددت له عدته فتوكل على الله في إمضائه، وكن واثقاً بمعونته وتأييده لك فيه ، وهو الرأي الأظهر يدعمه في ذلك سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) في بدرٍ وأُحد.
3ـ ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ )(5). والآية في وصف المؤمنين وفي تحديد واجباتهم، ومن جملـــة تلك الواجبات الشورى، فــقد وردت الشورى بـــين أمور واجبة مـــنها إقامة الصلاة والانفاق(6). فالأولى في المجال العبادي، تزكية النفس وبناء الشخصية الإيمانية، والثانية: فـي الأمور العامة كبناء الدولة ونـظام الحكم ، والثالثة في المجال الاقتصادي… وهـي ثلاث حلقـات مترابطة، وهـي أركان للمجتمع الإسلامي.
واستناداً لهذه الآيات الثلاثة يتضح ما يلي:
1- إنّ الشورى مبدأ إسلامي عام لا يختصّ فقط في المجال السياسي بل حتى في الحياة الاسرية والاجتماعية.
2- إنّ للشورى مجالان، الأول: مشورة الحاكم المسلم للمسلمين في الأمور المتعلقة بهم، والثاني: مشورة المسلمين فيما بينهم على إدارة شؤونهم، فهي دعوة الطرفين إلى الشورى، طرف الحاكم وطرف الرعية.
3- مبدأ التشاور قائم في الأمور المتعلقة بشؤون المسلمين دون الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص.
1 - مفردات ألفاظ القرآن: ص270.
2 - سورة البقرة: الآية 233.
3 - سورة آل عمران: الآية 159.
4 ـ سورة آل عمران: الآية 159 .
5 - سورة الشورى: الآية 38 .
6 - وهذه الأمور تستعرضها الآيات 36-38 من سورة الشورى : (فما أوتيتم من شيءٍ فمتاعُ الحياة الدنيا وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) .
تعليق