بسم الله الرحمن الرحيم
كيف أكون رشيداً ؟
سؤال مهم يراود أذهان جميع الشباب ( فتيان وفتيات ) , وهو كيف أكون إنسانا رشيدا فاهما ازنُ الأمور بميزانها الصحيح وبالتالي تقل أخطائي نوعا ما ؟؟
وفي مقام الإجابة أقول : ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه قــــــــــــال :
(( العقل غريزة ينمو بالعلم والتجربة ))
فالإمام (روحي له الفداء) ذكر أمرين أساسيين لنضوج الإنسان :
الأمـر الأول : العلــــــم ,
الأمر الثاني : التجربـة .
الأمر الأول : العلــــم : فبالعلم ينضج عقل الإنسان ويصير واعيا ومدركا للمصالح والمفاسد , ففي بعض الأحيان تجد شابا صغيرا يوازي أو يفوق بعض الكبار في تفكيره وفي تعامله مع المجتمع , وذلك بسبب ما تلقاه من علوم , ولهذا تجد اهتماما كبيرا من قبل الإسلام في الحث على العلم والتعلم فقد ورد ( ساعة في طلب العلم خير من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ) , نستطيع يا أخوتي أن نساعد أنفسنا على الرشد وذلك من خلال العلم والمعرفة , ولا يفوتكم أن المؤمن العالم خير من المؤمن الجاهل , والعابد العالم خير من العابد الجاهل .
أقرئوا القرآن الكريم وتفسير القرآن , أقرئوا نهج البلاغة , وسيرة أهل البيت , وكتب الأخلاق , والعقائد والتاريخ وغير ذلك مما ينمي العقل والفكر .
الأمر الثاني : التجربة : فمن خلال التجارب أيضا ينموا عقل الإنسان , فإننا نجد الكثير من الكبار واعون ويستشارون في المسائل الاجتماعية وغيرها , وهم لم يدرسوا ولم يتعلموا قط , وما ذلك إلا من خلال التجارب التي مروا بها وأخذوا منها الدرس والعبرة والعضة .
وقد يقول قائل أن التجربة تحتاج إلى وقت وعمر طويل حتى تنمي عقل الإنسان ( أي إنه يحتاج أن يصل إلى الخمسين من العمر حتى تمر به تجارب أكثر فيستفيد منها ) وبالتالي يضيع العمر ولا ينفع ذلك الشباب ؟
فأقول : إن إمامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد أعطانا الجواب والحل وأعطانا الطريق لاختصار وقت التجربة , والطريق هو من خلال قراءة التجارب , حيث يقول في وصية طويلة لولده الإمام الحسن (عليهما السلام) (( ... أي بني إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم , وفكرت في أخبارهم , وسرت في آثارهم , حتى عدت كأحدهم , بل كأني بما انتهى إلى من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم ... )) نهج البلاغة .
فالإمام يقول : صحيح أني لم أعمر عمر من كان قبلي ولكني قرأت تجاربهم وفكرت في حياتهم والتجارب التي مروا بها , حتى صرت كأني وقد مرت بي كل تجارب الماضين .
فالإنسان لا يستفيد فقط من التجارب التي تمر به , بل حتى التجربة التي تمر بأبيه مثلا أو أخيه أو صديقه أو أحد أقاربه , كل هذه التجارب سواء الناجحة منها أم الفاشلة سوف يستفيد منها , ولهذا أوصى أهل البيت (عليهم السلام) بقراءة كتب التجارب .
فعلينا أن نأخذ العبرة من كل تجربة سواء التي مرت بنا شخصيا أو التي مرت بأقربائنا أو أصدقائنا أو التي قريناها .
إذن بالعلم والتجربة ينموا عقل الإنسان وإذا نمى عقله صار رشيدا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ أبو محمد المعموري
تعليق