بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الدكتور احمد راسم النفيس ورحلته الى مذهب الحق مذهب اهل البيت عليهم السلام
نصيحة للوهابية اقرؤا بتمعن
http://www.najaf.org/arabic/mustabsiroon/40/index.html
انقل لكم بعض ماجاء بالكتاب
اسلام واحد ام اسلامان؟
لم ولن اغير موقعى المدافع عن الاسلام فى مواجهه اعدائه، ولن يصبح هذا الموقع يوما ما موقع المدافع عن طائفه ضد اخرى او مذهب ضد مذهب آخر، وما زال الصراع الحقيقى هو بين الاسلام والكفر وليس بين السنه والشيعه او حتى بين الاسلام والمسيحيه او بين الاسلام واليهوديه، سيبقى الصراع بين الحق والباطل، بين العدل والبغى، بين المستضعفين والمستكبرين، ولكن شيئا من هذا لا ينافى قراءه الاسلام فى العمق، ولا معرفه حقائق التاريخ.
كيف يمكن لامه ان تحلم باقامه دوله اسلاميه، وهى لا تمتلك مشروعا فقهيا او فقهاء مجتهدين؟! الجميع يعلمون ان المسلمين الشيعه وحدهم هم الذين يمتلكون هذا البناء الفقهى وهذه المدرسه المتكامله التى اقاموها على مدى التاريخ عبر العذابات والجراحات، وهى مدرسه تستند الى فهم آل البيت المعصومين للكتاب الكريم والسنه النبويه المطهره، ودائما كان دليلهم الاقوى وكانت فتاواهم هى الاصوب.
مثلا: اجمع فقهاء اهل البيت على ان(حج التمتع) افضل وانه فرض للبعيد عن المسجد الحرام اخذا بقوله تعالى: (واتموا الحج والعمره للّه فان احصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رووسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا او به اذى من راسه ففديه من صيام او صدقه او نسك فاذا امنتم فمن تمتع بالعمره الى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثه ايام فى الحج وسبعه اذا رجعتم تلك عشره كامله ذلك لمن لم يكن اهله حاضرى المسجد الحرام واتقوا اللّه واعلموا ان اللّه شديد العقاب) «البقره/196».
اهل البيت يرون ذلك فرضا، اما الشيخ سيد سابق، فيرى ذلك (مجرد مذهب) لابن عباس وابى حنيفه استدل عليه بايه فى كتاب اللّه، وهو بهذا يجعل الدليل القرآنى مساويا لاراء الصحابه والتابعين، هل هذا دين؟! ثم يقولون لنا ان المسائل الفقهيه محسومه وان لا اجتهاد مع النص، اليس هذا استهزاء بالنص القرآنى؟!.
منذ عده سنوات، اقترح الكاتب الصحفى احمد بهاء الدين تعديل قوانين الميراث والاخذ بالمذهب الجعفرى الذى ينص على ان الانثى تحجب كالذكر، وقال ان الاخذ بهذه الماده القانونيه يحل الكثير والكثير من المصائب والمشاكل الاجتماعيه، فقامت الدنيا ولم تقعد، وانهال الهجوم على الرجل والكل يتحدث بمنطق العصبيه البغيض (مذهبنا ومذهبهم) ورحمه اللّه على رجال من نوعيه الشيخ محمد ابو زهره والشيخ محمد شلتوت الذين حاولوا تحريك هذه البرك الراكده، فلم يفلحوا.
يروون عن ائمه المذاهب الاربعه انهم قالوا: (اذا صح الدليل فهو مذهبى) فهل استثنى هولاء وقالوا: (الا ما جاء من ناحيه اهل البيت وشيعتهم فلا تاخذوا به فهو باطل وان صح)؟ اين هى حريه الفكر وحريه العقل؟.
لماذا ضاعت هذه الشعارات وسط بريق النفط الاسود؟ وهل للنفط بريق الا لمن عميت بصائرهم وماتت ضمائرهم فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.
فى النهايه، اسجل رويتى لقضيه الامامه: اولا، رويه نقديه لمرويات اهل السنه فى هذا الموضوع، ثانيا قراءه عقليه للنص القرآنى والاحاديث الوارده فى مساله الامامه.
على طريق الامامه
فى الصميم:
لم تكن قضيه الامامه تحظى بقدر كبير من الاهتمام فى صفوف الحركات الاسلاميه المعاصره فى العالم الاسلامى، بيد ان قيام الثوره الاسلاميه فى ايران، بقياده آيه اللّه العظمى روح اللّه الموسوى الخمينى(رحمه اللّه)، قد القى عده احجار فى البحيره الراكده، وفرض على الكثيرين من العلماء والمفكرين واصحاب القلم اعاده التفكير والنظر فى مسلمات الامس القريب، فى حين اختار بعضهم موقف المعاداه لكل ما جهلوا، وصدق اللّه العلى العظيم، حيث يقول: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه)«يونس /39».
وهناك من قام باعمال فكره وعقله فى النصوص وفى الواقع، بهدف الحصول على الحقيقه بغض النظر عن الاستنتاج النهائى، وبغض النظر عن قوى الواقع التى تمارس بشكل عملى الاسلوب الذى تتحدث عنه الايه القرآنيه المباركه وتذمه (بل قالوا انا وجدنا آباءنا على امه وانا على آثارهم مهتدون) «الزخرف /22».
تمارس تلك القوى ذلك من دون ان تعلنه باللسان.
على ان قضيه(الامامه)، وان تعددت الدراسات حولها وكثرت الا ان غالبيه ما كتب لم يكن ليكتب فى اطار عقلى، بل ان السائد ان كل طرف ياتى بما يويد وجهه نظره من الروايات، ويتحدث عن اسانيدها ورواتها ووثاقتهم، الامر الذى دفعنى لاستخدام المنطق العقلى فى هذه الدراسه لان ما يتناقض مع العقل هو المستحيل بعينه وهو المرفوض درايه ومن ثم روايه، من دون ما حاجه لسرد اسماء الرواه والمحدثين، وما يتفق مع العقل ينبغى قوله والتسليم به، لان احكام الدين وشرائعه تتكامل ولا تتناقض، وما نعنيه بالعقل هنا هو عرض ادله المسائل الفرديه على الادله الكليه، الجامعه.
فاذا كان اللّه تبارك وتعالى: (ان اللّه يامر بالعدل) «النحل /90»، فلا يعقل ان يامر بطاعه (فاقد العقل)، والا لامر سبحانه بالشىء وضده (العدل - الجور).
وهذا محال على اللّه سبحانه وتعالى.
والى جانب ايماننا بذلك، فاننا نومن بالتكامل فى الشريعه الاسلاميه الغراء، بمعنى ان قواعد الاسلام العظيم مرتبه بعضها على بعض، فالقرآن الكريم تحدث عده مرات عن قاعده (الاصطفاء)، وانها محصوره فى الذريه والال (ان اللّه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين) «آل عمران /33».
ثم نص سبحانه وتعالى على تحميل هولاء المصطفين
الابرار مسووليه هدايه البشر، وتعريفها بالحق: (والذى اوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه ان اللّه بعباده لخبير بصير(ص) × ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) «فاطر/31 - 32».
وهذه قاعده عامه لم تشذ عنها امه من الامم، فلماذا تشذ الامه الاسلاميه؟ (قل ما كنت بدعا من الرسل) «الاحقاف /9».
واخيرا: هناك قضيه حجيه السنه؟ فالمعارضون لمدرسه اهل البيت(ع)، حينما تضيق بهم السبل يلجاون الى حجه فى غايه الغرابه، وهى الدفع بعدم ورود امامه اهل البيت(ع) وخلافتهم للنبى(ص) فى القرآن الكريم، وهو ما لا سبيل الى القبول بمناقشته ونحن نعلم ان حجيه السنه المتواتره تماما كحجيه الكتاب، فصاحب السنه هو متلقى الوحى من رب السموات والارض ولعنه اللّه على من كذب على رسول اللّه(ص)، وليموه على الناس دينهم، وهذا الكذب هو الذى ادى الى القاء بعض الظلال على حجيه السنه المطهره، وهى اوامر اللّه ونواهيه التى جاء بها النبى المعصوم محمد(ص)، والتشكيك فى حجيه السنه لا يختلف فى شىء عن التشكيك فى حجيه القرآن.
نقول ايضا: ان انتقال النبى محمد(ص) الى الرفيق الاعلى عام (11ه /632م) كان من المفترض ان يصاحبه انتقال السلطه والنظريه الى يد امينه قادره على التعبير عن الامرين وجعل السلطه والقوه فى خدمه النظريه وليس العكس ان تكون النظريه فى خدمه السلطه فتتشكل النظريه وفقا لقدرات اصحاب السلطه الذهنيه والعقليه ولمدى امانتهم فى التطبيق، ومن هنا كان عهد النبى الاكرم لعلى سلام اللّه عليه يوم غدير خم بقوله: (من كنت مولاه فعلى مولاه)، وقوله يوم سار النبى(ص) الى غزوه تبوك وكانت يومها الدوله قائمه: (انت منى بمنزله هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى).
ولكن الذى حدث كان غير ذلك، فالخلافه النبويه انتقلت الى من انتقلت اليه براى بعض المسلمين وليس بالنص، واولئك الخلفاء تفاوتت قدراتهم فى استيعاب النصوص ومعرفتها ومن ثم تعبيرهم عن النظريه، وان امسكوا بالسلطه فى ايديهم، وكانت ثمره الخلفاء الثلاثه الاول ان انتقال السلطه الى الامام على(ع) لم يكن انتقالا هادئا ولا مستقرا الى (امام منصوب من اللّه عز وجل) ما اسهم فى تفلت خيوط القوه من بين يديه ووصولها غنيمه بارده الى بنى اميه بقياده ابن (آكله الاكباد)، وهو انتقال رسخ الوضع الاتى:
1 - سلطه لم تستمد قوتها من شرعيه الهيه، وانما من الغصب والعدوان، وهو ما عبر عنه معاويه فى خطاب تسلم السلطه:
(انى واللّه ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، انكم تفعلون ذلك، وانما قاتلتكم لاتامر عليكم، وقد اعطانى اللّه ذلك وانتم كارهون).
2 - نظريه يفترض انها (الاسلام)، ولكنه من الناحيه الواقعيه (الاسلام الاسير) فى ايدى اقوام جعلوا احدى شعائر صلاه الجمعه لعن امير المومنين على(ع) على المنابر، وهذه مساله متواتره ناهيك عن باقى موبقاتهم وجرائمهم.
فى ظل هذا الواقع السلطوى، والنظريه الاسلاميه التى تتلقى الطعنات صباح مساء من اصحاب السلطه، صيغت نظريات السلطه، ورويت الروايات ودونت الكتب، فكتب الصحاح التى يتحدثون عنها كتبت بعد قرنين من رحيل النبى الاكرم(ص)، ولذا جاءت مدونات هذه الكتب خليطا من النصوص المبتوره عن مواضعها على الرغم من صحتها، وتلك النصوص المكذوبه على رسول اللّه(ص)، وتلك النصوص المنتقاه لبعض الاشخاص اصحاب المواقف المتمشيه مع اهواء كل النظم الحاكمه الى يومنا هذا.
والاهم من هذا وذاك تلك المساحات البيضاء التى تركت فارغه ولم يدون شىء بشانها فى كتب (الاحاديث) واقتصر تدوينها على كتب التاريخ، ولذا فاننا سنقوم بتجميع بعض هذه النصوص والتعليق عليها، سعيا لايضاح الحقيقه، والانتصار للحق.
حدودالامامه
يقول الامام على(ع): (لا بد للناس من امير بر او فاجر يعمل فى امرته المومن).
يقول ابن ابى الحديد فى شرح النهج: (فاما طريق وجوب الامامه ما هى، فان مشايخنا البصريين رحمهم اللّه يقولون طريق وجوبها الشرع، وقال البغداديون وابو عثمان الجاحظ من البصريين: ان العقل يدل على وجوب الرئاسه، وهو قول الاماميه.
الا ان الوجه الذى منه يوجب اصحابنا الرئاسه غير الوجه الذى توجب منه الاماميه الرئاسه، وذاك ان اصحابنا يوجبون الرئاسه على المكلفين من حيث ان فى الرئاسه مصالح دنيويه ودفع مضار دنيويه، والاماميه يوجبون الرئاسه من حيث كان فى الرئاسه لطف منه وبعد للمكلفين عن مواقعه القبائح العقليه).
وايا كان طريق وجوب الامامه او الامره فالحقيقه انها واجبه ولكن هناك تباين حول الوجه الذى يوجب الامامه، هل هو قاصر او مرتكز على حفظ المصالح الدنيويه، ام ان المساله اعمق واشمل من وانها كما يرى المسلمون الاماميه لطف من اللّه وبعد للمكلفين عن ممارسه القبائح العقليه.
وفى اعتقادنا ان طبيعه الرئاسه او الامره وهل هى معنيه اساسا بحفظ المصالح الدنيويه ام انها ينبغى ان تكون اكثر اعتناء بحفظ المصالح الدينيه، هذه الطبيعه تفاوتت بتفاوت الامه موضع الرئاسه وطبيعه الرساله التى تحملها هذه الامه، وبالتالى فان مهام الرئاسه فى الامه الاسلاميه لا يمكن ان تتشابه مع مهام الرئاسه فى الامه الامريكيه مثلا (ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الارض ام نجعل المتقين كالفجار) «ص/28».
ومن هنا فاننا نرى ان طبيعه رئاسه الامه الاسلاميه تكتسى وتعنون بالعناوين المدونه فى كتاب اللّه وفى سنه رسول اللّه(ص) نفسها، وان المواصفات المطلوبه فى امامه الامه الاسلاميه هى القدره على حمل هذه الاعباء، وان اى خلل فى قدرات القياده المسلمه على اداء هذه المهام الجسام تطرح العديد من التساولات حول اهليه هذه القياده واحقيتها لهذا الدور، ودونكم بعض الامثله من كتاب اللّه:
(ان اللّه يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون) «النحل/90».
(يا داود انا جعلناك خليفه فى الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه ان الذنى يضلون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) «ص/26».
(قاتلوا الذين لا يومنون باللّه ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين يضلون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) «التوبه/29».
(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) «الحجر/9».
ان اقامه العدل، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، والنهى عن الفواحش، وتطهير الارض من الشرك، والظلم، والبغى، ومقاتله دول البغى والشرك، وحفظ حرمات المسلمين، وقبل هذا كله حفظ كيان الدين نصا وروحا، هى مهام من صميم الواجبات الاسلاميه الدينيه، بل وهى، ومن دون ادنى شك، امتداد لمهام النبوه التى لا تزيد عن هذا الا بالتبليغ، وتلقى الوحى من رب السموات... ونضيف الى هذه الواجبات الشرعيه واجبا فى غايه الاهميه، وهو الحفاظ على وحده المسلمين من التفكك ايا كان المسوغ، او المسمى، وذلك قوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه اللّه يجتبى اليه من يشاء ويهدى اليه من ينيب) «الشورى/13».
(وان هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) «الانعام/153»، (واعتصموا بحلل اللّه جميعا ولا تفرقوا) «آل عمران/103».
فكيف اذا يقال ان اختلافهم رحمه؟، او انه لا يوجد مذهب صحيح او غير متفق عليه؟ او ان كل المذاهب الفقهيه على تناقضها وتباينها هى مذاهب صحيحه واجبه الاتباع؟ اننا اذا تاملنا فى كلمات الامام على(ع) وهو يذم اختلاف العلماء فى الفتيا فيقول: (ترد على احدهم القضيه فى حكم من الاحكام فيحكم فيها برايه.
ثم ترد تلك القضيه بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله.
ثم يجتمع القضاه بذلك عند الامام الذى استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا والههم واحد! ونبيهم واحد! وكتابهم واحد! افامرهم اللّه - سبحانه - بالاختلاف فاطاعوه! ام نهاهم عنه فعصوه، ام انزل اللّه سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على اتمامه!، ام كانوا شركاء له فلهم ان يقولوا، وعليه ان يرضى؟ ام انزل اللّه دينا تاما فقصر الرسول(ص) عن تبليغه وادائه، واللّه سبحانه يقول: (ما فرطنا فى الكتاب من شىء) «الانعام /38».
وفيه تبيان لكل شىء وذكر ان الكتاب يصدق بعضه بعضا، وانه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: (ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) «النساء/82» وان القرآن ظاهره انيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه ولا تنقضى غرائبه، ولا تكشف الظلمات الا به).
ان كلمات امير المومنين على(ع) تحصر اسباب تعدد اجتهادات العلماء فى المدارس الفقهيه فى عده افتراضات ليس من بينها ان اختلافهم وتشتتهم رحمه، كما يروى بعض الرواه عن رسول اللّه(ص)، فهذه الاسباب الافتراضيه لا تخرج عن عده احتمالات:
اولها.. ان اللّه تبارك وتعالى امر الناس بالاتفاق فعصوا. وهذا اصح الاحتمالات.
ثانيها.. ان اللّه سبحانه امرهم بالاختلاف فاطاعوه.
وهذا فرض مستحيل.
ثالثها.. ان الدين جاء من عند اللّه ناقصا، وان الناس اكملوه بارائهم.
وهذا ايضا فرض مستحيل.
اما الفرض الرابع والاخير.. ان الرسول الاكرم(ص) قد قصر فى ابلاغ ما اوحى اليه من ربه.
وهذا ايضا فرض مستحيل، فلا يبقى امامنا الا الفرض الاول وهو الصحيح، فاللّه تبارك وتعالى امر المسلمين بالاتفاق، فعصى امر اللّه وشذ بعض الناس عن طاعه ربهم ومولاهم، ولا باس ان نقرر بدايه ان المخالفه لامر اللّه بدات من قضيه الامامه وهى الاصل، وامتدت لتشمل فروع الدين، حتى وصلت الامه الى هذه الحاله المزريه التى نعيشها الان.
الامامه ضروره قرآنيه
جاء الحديث عن الامامه، فى القرآن الكريم، فى غير موضع، ومنها:
(واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال انى جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين) «البقره/124».
(والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قره اعين واجعلنا للمتقين اماما) «الفرقان/74».
(يوم ندعو كل اناس بامامهم فمن اوتى كتابه بيمينه فاولئك يقراون كتابهم ولا يظلمون فتيلا) «الاسراء/71».
(فقاتلوا ائمه الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون) «التوبه/12».
(وجعلناهم ائمه يهدون بامرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاه وايتاء الزكاه وكانوا لنا عابدين) «الانبياء/73».
(ونريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلهم ائمه ونجعلهم الوارثين) «القصص/5».
(وجعلنا منهم ائمه يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون) «السجده/24».
ان الايات السابقه تدلنا على عده مفاهيم قرآنيه:
اولا.. وجود نوعين من الامامه، امامه الحق وامامه الضلاله.
ثانيا.. ان ائمه الحق مختارون من عند اللّه (وجعلنا منهم ائمه)، (قال انى جاعلك للناس اماما).
ثالثا.. ان ائمه الحق مختارون وفقا لقاعده الاصطفاء الالهى.
رابعا.. ان ائمه الحق يهدون ويحكمون بامر اللّه، لا باهوائهم ولا باجتهادهم ولا بفهم يصيب ويخطىء (يهدون بامرنا).
خامسا.. ان الناس يحشرون يوم القيامه تبعا لائمتهم اما الى الجنه، او الى النار (يوم ندعو كل اناس بامامهم).
كتاب الدكتور احمد راسم النفيس ورحلته الى مذهب الحق مذهب اهل البيت عليهم السلام
نصيحة للوهابية اقرؤا بتمعن
http://www.najaf.org/arabic/mustabsiroon/40/index.html
انقل لكم بعض ماجاء بالكتاب
اسلام واحد ام اسلامان؟
لم ولن اغير موقعى المدافع عن الاسلام فى مواجهه اعدائه، ولن يصبح هذا الموقع يوما ما موقع المدافع عن طائفه ضد اخرى او مذهب ضد مذهب آخر، وما زال الصراع الحقيقى هو بين الاسلام والكفر وليس بين السنه والشيعه او حتى بين الاسلام والمسيحيه او بين الاسلام واليهوديه، سيبقى الصراع بين الحق والباطل، بين العدل والبغى، بين المستضعفين والمستكبرين، ولكن شيئا من هذا لا ينافى قراءه الاسلام فى العمق، ولا معرفه حقائق التاريخ.
كيف يمكن لامه ان تحلم باقامه دوله اسلاميه، وهى لا تمتلك مشروعا فقهيا او فقهاء مجتهدين؟! الجميع يعلمون ان المسلمين الشيعه وحدهم هم الذين يمتلكون هذا البناء الفقهى وهذه المدرسه المتكامله التى اقاموها على مدى التاريخ عبر العذابات والجراحات، وهى مدرسه تستند الى فهم آل البيت المعصومين للكتاب الكريم والسنه النبويه المطهره، ودائما كان دليلهم الاقوى وكانت فتاواهم هى الاصوب.
مثلا: اجمع فقهاء اهل البيت على ان(حج التمتع) افضل وانه فرض للبعيد عن المسجد الحرام اخذا بقوله تعالى: (واتموا الحج والعمره للّه فان احصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رووسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا او به اذى من راسه ففديه من صيام او صدقه او نسك فاذا امنتم فمن تمتع بالعمره الى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثه ايام فى الحج وسبعه اذا رجعتم تلك عشره كامله ذلك لمن لم يكن اهله حاضرى المسجد الحرام واتقوا اللّه واعلموا ان اللّه شديد العقاب) «البقره/196».
اهل البيت يرون ذلك فرضا، اما الشيخ سيد سابق، فيرى ذلك (مجرد مذهب) لابن عباس وابى حنيفه استدل عليه بايه فى كتاب اللّه، وهو بهذا يجعل الدليل القرآنى مساويا لاراء الصحابه والتابعين، هل هذا دين؟! ثم يقولون لنا ان المسائل الفقهيه محسومه وان لا اجتهاد مع النص، اليس هذا استهزاء بالنص القرآنى؟!.
منذ عده سنوات، اقترح الكاتب الصحفى احمد بهاء الدين تعديل قوانين الميراث والاخذ بالمذهب الجعفرى الذى ينص على ان الانثى تحجب كالذكر، وقال ان الاخذ بهذه الماده القانونيه يحل الكثير والكثير من المصائب والمشاكل الاجتماعيه، فقامت الدنيا ولم تقعد، وانهال الهجوم على الرجل والكل يتحدث بمنطق العصبيه البغيض (مذهبنا ومذهبهم) ورحمه اللّه على رجال من نوعيه الشيخ محمد ابو زهره والشيخ محمد شلتوت الذين حاولوا تحريك هذه البرك الراكده، فلم يفلحوا.
يروون عن ائمه المذاهب الاربعه انهم قالوا: (اذا صح الدليل فهو مذهبى) فهل استثنى هولاء وقالوا: (الا ما جاء من ناحيه اهل البيت وشيعتهم فلا تاخذوا به فهو باطل وان صح)؟ اين هى حريه الفكر وحريه العقل؟.
لماذا ضاعت هذه الشعارات وسط بريق النفط الاسود؟ وهل للنفط بريق الا لمن عميت بصائرهم وماتت ضمائرهم فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور.
فى النهايه، اسجل رويتى لقضيه الامامه: اولا، رويه نقديه لمرويات اهل السنه فى هذا الموضوع، ثانيا قراءه عقليه للنص القرآنى والاحاديث الوارده فى مساله الامامه.
على طريق الامامه
فى الصميم:
لم تكن قضيه الامامه تحظى بقدر كبير من الاهتمام فى صفوف الحركات الاسلاميه المعاصره فى العالم الاسلامى، بيد ان قيام الثوره الاسلاميه فى ايران، بقياده آيه اللّه العظمى روح اللّه الموسوى الخمينى(رحمه اللّه)، قد القى عده احجار فى البحيره الراكده، وفرض على الكثيرين من العلماء والمفكرين واصحاب القلم اعاده التفكير والنظر فى مسلمات الامس القريب، فى حين اختار بعضهم موقف المعاداه لكل ما جهلوا، وصدق اللّه العلى العظيم، حيث يقول: (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه)«يونس /39».
وهناك من قام باعمال فكره وعقله فى النصوص وفى الواقع، بهدف الحصول على الحقيقه بغض النظر عن الاستنتاج النهائى، وبغض النظر عن قوى الواقع التى تمارس بشكل عملى الاسلوب الذى تتحدث عنه الايه القرآنيه المباركه وتذمه (بل قالوا انا وجدنا آباءنا على امه وانا على آثارهم مهتدون) «الزخرف /22».
تمارس تلك القوى ذلك من دون ان تعلنه باللسان.
على ان قضيه(الامامه)، وان تعددت الدراسات حولها وكثرت الا ان غالبيه ما كتب لم يكن ليكتب فى اطار عقلى، بل ان السائد ان كل طرف ياتى بما يويد وجهه نظره من الروايات، ويتحدث عن اسانيدها ورواتها ووثاقتهم، الامر الذى دفعنى لاستخدام المنطق العقلى فى هذه الدراسه لان ما يتناقض مع العقل هو المستحيل بعينه وهو المرفوض درايه ومن ثم روايه، من دون ما حاجه لسرد اسماء الرواه والمحدثين، وما يتفق مع العقل ينبغى قوله والتسليم به، لان احكام الدين وشرائعه تتكامل ولا تتناقض، وما نعنيه بالعقل هنا هو عرض ادله المسائل الفرديه على الادله الكليه، الجامعه.
فاذا كان اللّه تبارك وتعالى: (ان اللّه يامر بالعدل) «النحل /90»، فلا يعقل ان يامر بطاعه (فاقد العقل)، والا لامر سبحانه بالشىء وضده (العدل - الجور).
وهذا محال على اللّه سبحانه وتعالى.
والى جانب ايماننا بذلك، فاننا نومن بالتكامل فى الشريعه الاسلاميه الغراء، بمعنى ان قواعد الاسلام العظيم مرتبه بعضها على بعض، فالقرآن الكريم تحدث عده مرات عن قاعده (الاصطفاء)، وانها محصوره فى الذريه والال (ان اللّه اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين) «آل عمران /33».
ثم نص سبحانه وتعالى على تحميل هولاء المصطفين
الابرار مسووليه هدايه البشر، وتعريفها بالحق: (والذى اوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه ان اللّه بعباده لخبير بصير(ص) × ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) «فاطر/31 - 32».
وهذه قاعده عامه لم تشذ عنها امه من الامم، فلماذا تشذ الامه الاسلاميه؟ (قل ما كنت بدعا من الرسل) «الاحقاف /9».
واخيرا: هناك قضيه حجيه السنه؟ فالمعارضون لمدرسه اهل البيت(ع)، حينما تضيق بهم السبل يلجاون الى حجه فى غايه الغرابه، وهى الدفع بعدم ورود امامه اهل البيت(ع) وخلافتهم للنبى(ص) فى القرآن الكريم، وهو ما لا سبيل الى القبول بمناقشته ونحن نعلم ان حجيه السنه المتواتره تماما كحجيه الكتاب، فصاحب السنه هو متلقى الوحى من رب السموات والارض ولعنه اللّه على من كذب على رسول اللّه(ص)، وليموه على الناس دينهم، وهذا الكذب هو الذى ادى الى القاء بعض الظلال على حجيه السنه المطهره، وهى اوامر اللّه ونواهيه التى جاء بها النبى المعصوم محمد(ص)، والتشكيك فى حجيه السنه لا يختلف فى شىء عن التشكيك فى حجيه القرآن.
نقول ايضا: ان انتقال النبى محمد(ص) الى الرفيق الاعلى عام (11ه /632م) كان من المفترض ان يصاحبه انتقال السلطه والنظريه الى يد امينه قادره على التعبير عن الامرين وجعل السلطه والقوه فى خدمه النظريه وليس العكس ان تكون النظريه فى خدمه السلطه فتتشكل النظريه وفقا لقدرات اصحاب السلطه الذهنيه والعقليه ولمدى امانتهم فى التطبيق، ومن هنا كان عهد النبى الاكرم لعلى سلام اللّه عليه يوم غدير خم بقوله: (من كنت مولاه فعلى مولاه)، وقوله يوم سار النبى(ص) الى غزوه تبوك وكانت يومها الدوله قائمه: (انت منى بمنزله هارون من موسى الا انه لا نبى بعدى).
ولكن الذى حدث كان غير ذلك، فالخلافه النبويه انتقلت الى من انتقلت اليه براى بعض المسلمين وليس بالنص، واولئك الخلفاء تفاوتت قدراتهم فى استيعاب النصوص ومعرفتها ومن ثم تعبيرهم عن النظريه، وان امسكوا بالسلطه فى ايديهم، وكانت ثمره الخلفاء الثلاثه الاول ان انتقال السلطه الى الامام على(ع) لم يكن انتقالا هادئا ولا مستقرا الى (امام منصوب من اللّه عز وجل) ما اسهم فى تفلت خيوط القوه من بين يديه ووصولها غنيمه بارده الى بنى اميه بقياده ابن (آكله الاكباد)، وهو انتقال رسخ الوضع الاتى:
1 - سلطه لم تستمد قوتها من شرعيه الهيه، وانما من الغصب والعدوان، وهو ما عبر عنه معاويه فى خطاب تسلم السلطه:
(انى واللّه ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، انكم تفعلون ذلك، وانما قاتلتكم لاتامر عليكم، وقد اعطانى اللّه ذلك وانتم كارهون).
2 - نظريه يفترض انها (الاسلام)، ولكنه من الناحيه الواقعيه (الاسلام الاسير) فى ايدى اقوام جعلوا احدى شعائر صلاه الجمعه لعن امير المومنين على(ع) على المنابر، وهذه مساله متواتره ناهيك عن باقى موبقاتهم وجرائمهم.
فى ظل هذا الواقع السلطوى، والنظريه الاسلاميه التى تتلقى الطعنات صباح مساء من اصحاب السلطه، صيغت نظريات السلطه، ورويت الروايات ودونت الكتب، فكتب الصحاح التى يتحدثون عنها كتبت بعد قرنين من رحيل النبى الاكرم(ص)، ولذا جاءت مدونات هذه الكتب خليطا من النصوص المبتوره عن مواضعها على الرغم من صحتها، وتلك النصوص المكذوبه على رسول اللّه(ص)، وتلك النصوص المنتقاه لبعض الاشخاص اصحاب المواقف المتمشيه مع اهواء كل النظم الحاكمه الى يومنا هذا.
والاهم من هذا وذاك تلك المساحات البيضاء التى تركت فارغه ولم يدون شىء بشانها فى كتب (الاحاديث) واقتصر تدوينها على كتب التاريخ، ولذا فاننا سنقوم بتجميع بعض هذه النصوص والتعليق عليها، سعيا لايضاح الحقيقه، والانتصار للحق.
حدودالامامه
يقول الامام على(ع): (لا بد للناس من امير بر او فاجر يعمل فى امرته المومن).
يقول ابن ابى الحديد فى شرح النهج: (فاما طريق وجوب الامامه ما هى، فان مشايخنا البصريين رحمهم اللّه يقولون طريق وجوبها الشرع، وقال البغداديون وابو عثمان الجاحظ من البصريين: ان العقل يدل على وجوب الرئاسه، وهو قول الاماميه.
الا ان الوجه الذى منه يوجب اصحابنا الرئاسه غير الوجه الذى توجب منه الاماميه الرئاسه، وذاك ان اصحابنا يوجبون الرئاسه على المكلفين من حيث ان فى الرئاسه مصالح دنيويه ودفع مضار دنيويه، والاماميه يوجبون الرئاسه من حيث كان فى الرئاسه لطف منه وبعد للمكلفين عن مواقعه القبائح العقليه).
وايا كان طريق وجوب الامامه او الامره فالحقيقه انها واجبه ولكن هناك تباين حول الوجه الذى يوجب الامامه، هل هو قاصر او مرتكز على حفظ المصالح الدنيويه، ام ان المساله اعمق واشمل من وانها كما يرى المسلمون الاماميه لطف من اللّه وبعد للمكلفين عن ممارسه القبائح العقليه.
وفى اعتقادنا ان طبيعه الرئاسه او الامره وهل هى معنيه اساسا بحفظ المصالح الدنيويه ام انها ينبغى ان تكون اكثر اعتناء بحفظ المصالح الدينيه، هذه الطبيعه تفاوتت بتفاوت الامه موضع الرئاسه وطبيعه الرساله التى تحملها هذه الامه، وبالتالى فان مهام الرئاسه فى الامه الاسلاميه لا يمكن ان تتشابه مع مهام الرئاسه فى الامه الامريكيه مثلا (ام نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الارض ام نجعل المتقين كالفجار) «ص/28».
ومن هنا فاننا نرى ان طبيعه رئاسه الامه الاسلاميه تكتسى وتعنون بالعناوين المدونه فى كتاب اللّه وفى سنه رسول اللّه(ص) نفسها، وان المواصفات المطلوبه فى امامه الامه الاسلاميه هى القدره على حمل هذه الاعباء، وان اى خلل فى قدرات القياده المسلمه على اداء هذه المهام الجسام تطرح العديد من التساولات حول اهليه هذه القياده واحقيتها لهذا الدور، ودونكم بعض الامثله من كتاب اللّه:
(ان اللّه يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون) «النحل/90».
(يا داود انا جعلناك خليفه فى الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه ان الذنى يضلون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) «ص/26».
(قاتلوا الذين لا يومنون باللّه ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين يضلون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) «التوبه/29».
(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) «الحجر/9».
ان اقامه العدل، والامر بالمعروف والنهى عن المنكر، والنهى عن الفواحش، وتطهير الارض من الشرك، والظلم، والبغى، ومقاتله دول البغى والشرك، وحفظ حرمات المسلمين، وقبل هذا كله حفظ كيان الدين نصا وروحا، هى مهام من صميم الواجبات الاسلاميه الدينيه، بل وهى، ومن دون ادنى شك، امتداد لمهام النبوه التى لا تزيد عن هذا الا بالتبليغ، وتلقى الوحى من رب السموات... ونضيف الى هذه الواجبات الشرعيه واجبا فى غايه الاهميه، وهو الحفاظ على وحده المسلمين من التفكك ايا كان المسوغ، او المسمى، وذلك قوله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه اللّه يجتبى اليه من يشاء ويهدى اليه من ينيب) «الشورى/13».
(وان هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) «الانعام/153»، (واعتصموا بحلل اللّه جميعا ولا تفرقوا) «آل عمران/103».
فكيف اذا يقال ان اختلافهم رحمه؟، او انه لا يوجد مذهب صحيح او غير متفق عليه؟ او ان كل المذاهب الفقهيه على تناقضها وتباينها هى مذاهب صحيحه واجبه الاتباع؟ اننا اذا تاملنا فى كلمات الامام على(ع) وهو يذم اختلاف العلماء فى الفتيا فيقول: (ترد على احدهم القضيه فى حكم من الاحكام فيحكم فيها برايه.
ثم ترد تلك القضيه بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله.
ثم يجتمع القضاه بذلك عند الامام الذى استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا والههم واحد! ونبيهم واحد! وكتابهم واحد! افامرهم اللّه - سبحانه - بالاختلاف فاطاعوه! ام نهاهم عنه فعصوه، ام انزل اللّه سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على اتمامه!، ام كانوا شركاء له فلهم ان يقولوا، وعليه ان يرضى؟ ام انزل اللّه دينا تاما فقصر الرسول(ص) عن تبليغه وادائه، واللّه سبحانه يقول: (ما فرطنا فى الكتاب من شىء) «الانعام /38».
وفيه تبيان لكل شىء وذكر ان الكتاب يصدق بعضه بعضا، وانه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: (ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) «النساء/82» وان القرآن ظاهره انيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه ولا تنقضى غرائبه، ولا تكشف الظلمات الا به).
ان كلمات امير المومنين على(ع) تحصر اسباب تعدد اجتهادات العلماء فى المدارس الفقهيه فى عده افتراضات ليس من بينها ان اختلافهم وتشتتهم رحمه، كما يروى بعض الرواه عن رسول اللّه(ص)، فهذه الاسباب الافتراضيه لا تخرج عن عده احتمالات:
اولها.. ان اللّه تبارك وتعالى امر الناس بالاتفاق فعصوا. وهذا اصح الاحتمالات.
ثانيها.. ان اللّه سبحانه امرهم بالاختلاف فاطاعوه.
وهذا فرض مستحيل.
ثالثها.. ان الدين جاء من عند اللّه ناقصا، وان الناس اكملوه بارائهم.
وهذا ايضا فرض مستحيل.
اما الفرض الرابع والاخير.. ان الرسول الاكرم(ص) قد قصر فى ابلاغ ما اوحى اليه من ربه.
وهذا ايضا فرض مستحيل، فلا يبقى امامنا الا الفرض الاول وهو الصحيح، فاللّه تبارك وتعالى امر المسلمين بالاتفاق، فعصى امر اللّه وشذ بعض الناس عن طاعه ربهم ومولاهم، ولا باس ان نقرر بدايه ان المخالفه لامر اللّه بدات من قضيه الامامه وهى الاصل، وامتدت لتشمل فروع الدين، حتى وصلت الامه الى هذه الحاله المزريه التى نعيشها الان.
الامامه ضروره قرآنيه
جاء الحديث عن الامامه، فى القرآن الكريم، فى غير موضع، ومنها:
(واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال انى جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين) «البقره/124».
(والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قره اعين واجعلنا للمتقين اماما) «الفرقان/74».
(يوم ندعو كل اناس بامامهم فمن اوتى كتابه بيمينه فاولئك يقراون كتابهم ولا يظلمون فتيلا) «الاسراء/71».
(فقاتلوا ائمه الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون) «التوبه/12».
(وجعلناهم ائمه يهدون بامرنا واوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاه وايتاء الزكاه وكانوا لنا عابدين) «الانبياء/73».
(ونريد ان نمن على الذين استضعفوا فى الارض ونجعلهم ائمه ونجعلهم الوارثين) «القصص/5».
(وجعلنا منهم ائمه يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون) «السجده/24».
ان الايات السابقه تدلنا على عده مفاهيم قرآنيه:
اولا.. وجود نوعين من الامامه، امامه الحق وامامه الضلاله.
ثانيا.. ان ائمه الحق مختارون من عند اللّه (وجعلنا منهم ائمه)، (قال انى جاعلك للناس اماما).
ثالثا.. ان ائمه الحق مختارون وفقا لقاعده الاصطفاء الالهى.
رابعا.. ان ائمه الحق يهدون ويحكمون بامر اللّه، لا باهوائهم ولا باجتهادهم ولا بفهم يصيب ويخطىء (يهدون بامرنا).
خامسا.. ان الناس يحشرون يوم القيامه تبعا لائمتهم اما الى الجنه، او الى النار (يوم ندعو كل اناس بامامهم).
تعليق