الحرية السياسية أول ما نحتاج إليه
لم ينتعش الإسلام، ولم تنتشر دعوته، ولم تبرز صحوته، وتعل صيحته، إلا من خلال ما يتاح له من حرية محدودة، يجد فيها الفرصة ليتجاوب مع فطر الناس التي تترقبه، وليُسمِعَ الآذان التي طال شوقها إليه، وليقنعَ العقول التي تهفو إليه.
إن المعركة الأولى للدعوة الإسلامية والصحوة الإسلامية والحركة الإسلامية في عصرنا هي معركة الحرية، فيجب على كل الغيورين على الإسلام أن يقفوا صفًا واحدًا للدعوة إليها، والدفاع عنها، فلا غنى عنها ولا بديل لها.
ويهمني أن أؤكد أنني لست من المولعين باستخدام الكلمات الأجنبية الأصل "كالديمقراطية ونحوها" للتعبير عن معان إسلامية.
ولكن إذا شاع المصطلح واستخدمه الناس، فلن نُصِمَّ سمعنا عنه، بل علينا أن نعرف المراد منه إذا أطلق، حتى لا نفهمه على غير حقيقته، أو نحمله ما لا يحتمله، أو ما لا يريده الناطقون به، والمتحدثون عنه، وهنا يكون حكمنا عليه حكمًا سليمًا متزنًا، ولا يضيرنا أن اللفظ جاء من عند غيرنا، فإن مدار الحكم ليس على الأسماء والعناوين، بل على المسميات والمضامين.
وكثير من الإسلاميين يطالبون بالديمقراطية شكلاً للحكم، وضمانًا للحريات، وصمامًا للأمان من طغيان الحاكم، على أن تكون ديمقراطية حقيقية تمثل إرادة الأمة، لا إرادة الحاكم الفرد وجماعته المنتفعين به.فليس يكفي رفع شعار الديمقراطية في حين تزهق روحها، بالسجون تفتح، وبالسياط تُلهب، وبأحكام الطوارئ تلاحق كل ذي رأي حر، وكل من يقول للحاكم : لم ؟ بله أن يقول : لا.
وأنا من المطالبين بالديمقراطية بوصفها الوسيلة الميسورة، والمنضبطة، لتحقيق هدفنا في الحياة الكريمة التي نستطيع فيها أن ندعو إلى الله وإلى الإسلام، كما نؤمن به، دون أن يزج بنا في ظلمات المعتقلات، أو تنصب لنا أعواد المشانق.
الشورى ملزمة وليست مجرد معلمة.
بقى أن أذكر أن بعض العلماء، لا زالوا يقولون إلى اليوم : إن الشورى معلمة لا ملزمة، وأن على الحاكم أن يستشير، وليس عليه أن يلتزم برأي أهل الشورى ـ أهل الحل والعقد.
وقد رددت على هذا في مقام آخر، مبينًا أن الشورى لا معنى لها، إذا كان الحاكم يستشير ثم يفعل ما يحلو له، وما تزينّه له بطانته، ضاربًا برأي أهل الشورى عرض الحائط، وكيف يسمَّى هؤلاء "أهل الحل والعقد" كما عرفوا في تراثنا، وهم في الواقع لا يحلون ولا يعقدون ؟ !
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره نقلاً عن ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن العزم في قوله تعالى : (وشــاورهم في الأمـر فإذا عزمت فتوكـل على اللـه) (آل عمران: 159) فقال: مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم.
وإذا كان في المسألة رأيان، فإن ما أصاب أمتنا ـ ولا يزال يصيبها إلى اليوم ـ من وراء الاستبداد، يؤيد الرأي القائل بإلزامية الشورى.
ومهما يكن من خلاف، فإذا رأت الأمة أو جماعة منها أن تأخذ برأي الإلزام في الشورى، فإن الخلاف يرتفع، ويصبح الالتزام بما اتفق عليه واجبًا شرعًا، فإن المسلمين عند شروطهم، فإذا اختير رئيس أو أمير على هذا الأساس وهذا الشرط، فلا يجوز له أن ينقض هذا العقد، ويأخذ بالرأي الآخر، فإن المسلمين على شروطهم، والوفاء بالعهد فريضة.
وحين عرض على سيدنا على ـ رضي الله عنه ـ أن يبايعوه على الكتاب والسنة وعمل الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ قبله، رفض هذا ـ أعني الالتزام بعمل الشيخين ـ لأنه إذا قبله يجب أن يلتزم به.
وبهذا تقترب الشورى الإسلامية من روح الديمقراطية، وإن شئت قلت: يقترب جوهر الديمقراطية من روح الشورى الإسلامية.
والحمد لله رب العالمين.
لم ينتعش الإسلام، ولم تنتشر دعوته، ولم تبرز صحوته، وتعل صيحته، إلا من خلال ما يتاح له من حرية محدودة، يجد فيها الفرصة ليتجاوب مع فطر الناس التي تترقبه، وليُسمِعَ الآذان التي طال شوقها إليه، وليقنعَ العقول التي تهفو إليه.
إن المعركة الأولى للدعوة الإسلامية والصحوة الإسلامية والحركة الإسلامية في عصرنا هي معركة الحرية، فيجب على كل الغيورين على الإسلام أن يقفوا صفًا واحدًا للدعوة إليها، والدفاع عنها، فلا غنى عنها ولا بديل لها.
ويهمني أن أؤكد أنني لست من المولعين باستخدام الكلمات الأجنبية الأصل "كالديمقراطية ونحوها" للتعبير عن معان إسلامية.
ولكن إذا شاع المصطلح واستخدمه الناس، فلن نُصِمَّ سمعنا عنه، بل علينا أن نعرف المراد منه إذا أطلق، حتى لا نفهمه على غير حقيقته، أو نحمله ما لا يحتمله، أو ما لا يريده الناطقون به، والمتحدثون عنه، وهنا يكون حكمنا عليه حكمًا سليمًا متزنًا، ولا يضيرنا أن اللفظ جاء من عند غيرنا، فإن مدار الحكم ليس على الأسماء والعناوين، بل على المسميات والمضامين.
وكثير من الإسلاميين يطالبون بالديمقراطية شكلاً للحكم، وضمانًا للحريات، وصمامًا للأمان من طغيان الحاكم، على أن تكون ديمقراطية حقيقية تمثل إرادة الأمة، لا إرادة الحاكم الفرد وجماعته المنتفعين به.فليس يكفي رفع شعار الديمقراطية في حين تزهق روحها، بالسجون تفتح، وبالسياط تُلهب، وبأحكام الطوارئ تلاحق كل ذي رأي حر، وكل من يقول للحاكم : لم ؟ بله أن يقول : لا.
وأنا من المطالبين بالديمقراطية بوصفها الوسيلة الميسورة، والمنضبطة، لتحقيق هدفنا في الحياة الكريمة التي نستطيع فيها أن ندعو إلى الله وإلى الإسلام، كما نؤمن به، دون أن يزج بنا في ظلمات المعتقلات، أو تنصب لنا أعواد المشانق.
الشورى ملزمة وليست مجرد معلمة.
بقى أن أذكر أن بعض العلماء، لا زالوا يقولون إلى اليوم : إن الشورى معلمة لا ملزمة، وأن على الحاكم أن يستشير، وليس عليه أن يلتزم برأي أهل الشورى ـ أهل الحل والعقد.
وقد رددت على هذا في مقام آخر، مبينًا أن الشورى لا معنى لها، إذا كان الحاكم يستشير ثم يفعل ما يحلو له، وما تزينّه له بطانته، ضاربًا برأي أهل الشورى عرض الحائط، وكيف يسمَّى هؤلاء "أهل الحل والعقد" كما عرفوا في تراثنا، وهم في الواقع لا يحلون ولا يعقدون ؟ !
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره نقلاً عن ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن العزم في قوله تعالى : (وشــاورهم في الأمـر فإذا عزمت فتوكـل على اللـه) (آل عمران: 159) فقال: مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم.
وإذا كان في المسألة رأيان، فإن ما أصاب أمتنا ـ ولا يزال يصيبها إلى اليوم ـ من وراء الاستبداد، يؤيد الرأي القائل بإلزامية الشورى.
ومهما يكن من خلاف، فإذا رأت الأمة أو جماعة منها أن تأخذ برأي الإلزام في الشورى، فإن الخلاف يرتفع، ويصبح الالتزام بما اتفق عليه واجبًا شرعًا، فإن المسلمين عند شروطهم، فإذا اختير رئيس أو أمير على هذا الأساس وهذا الشرط، فلا يجوز له أن ينقض هذا العقد، ويأخذ بالرأي الآخر، فإن المسلمين على شروطهم، والوفاء بالعهد فريضة.
وحين عرض على سيدنا على ـ رضي الله عنه ـ أن يبايعوه على الكتاب والسنة وعمل الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ قبله، رفض هذا ـ أعني الالتزام بعمل الشيخين ـ لأنه إذا قبله يجب أن يلتزم به.
وبهذا تقترب الشورى الإسلامية من روح الديمقراطية، وإن شئت قلت: يقترب جوهر الديمقراطية من روح الشورى الإسلامية.
والحمد لله رب العالمين.
تعليق