إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لا تبتعدوا عن موريتانيا , ولا عن الصحفي كاتب هذا المقال

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا تبتعدوا عن موريتانيا , ولا عن الصحفي كاتب هذا المقال

    عنوان المقال ( حفريات في «التشيع الموريتاني» )
    محمد فال ولد أحمد: علي ضد معاوية: حفريات في «التشيع الموريتاني»






    السفير اللبنانية


    عندما وصل معاوية ولد سيد أحمد الطايع الى السلطة سنة 1984 على اثر انقلاب عسكري، علق أحد المذيعين الايرانيين قائلا ان هذا الانقلاب لا يبشر بخير لأن اسم متزعمه معاوية.
    لست أدري ما هو تعليق ذلك المذيع هذه المرة على ما حدث في نواكشوط من تغيرات يوم 3 آب 2005، غير انه من المؤكد ان من يتطير من اسم معاوية سيتفاءل باسم <<اعل>>. و<<اعل>> هي تصحيف لاسم <<علي>>.
    أما بالنسبة للموريتانيين، فقد استبشروا خيرا وتفاءلوا بالاسم والمسمى معا.
    يتخير الموريتايون لأبنائهم عند الولادة، الاسماء ذات الدلالة الدينية، وأكثرها تداولا <<محمد>> و<<أحمد>> و<<عبد الله>>، <<فخير الاسماء ما حُمد وعُبد>>.
    تأتي في المقام الثاني اسماء آل البيت مثل علي وفاطمة والحسن والحسين وزينب. ثم تأتي في المرحلة الثالثة اسماء بعض الصحابة وفي مقدمتهم عمر قبل أسماء الأنبياء، مثل نوح وزكريا وعيسى وموسى.
    ومن النادر ان يطلق الموريتانيون على أبنائهم أسماء أموية مثل <<معاوية>> او <<يزيد>> او <<الوليد>> او <<هند>>. ومعاوية ولد الطايع هو أحد هذه الاستثناءات.
    تحدث المؤرخون عن البصمات الأموية في الثقافة الموريتانية متمثلة في الخلفية المذهبية للدولة المرابطة التي كانت تعتنق المذهب المالكي. وهو مذهب أموي الهوى كما كشف عن ذلك ابن العربي المعافري في احد تصريحاته المتشنجة التي تفتقد الأدب واللياقة عندما قال: ان الحسين قُتل بسيف جده.
    وتحدث الانثروبولوجيون مثل <<لويكي>> عن التأثيرات الإباضية اعتمادا على ما ذكره البكري عن مدينة الكلاب، وكذلك على حفريات مدينة <<أزوكي>>. اما <<بونت>> المتخصص في تاريخ <<آدرار>> فقد ذهب الى ابعد من ذلك وافترض وجود بعض العناصر المسيحية او اليهودية الاسبانية او البرتغالية في محاولة لكشف الغموض الذي يحيط بسكان <<بافور>> ومعرفة أصلهم.
    غير ان أحدا من المؤرخين او الانثروبولوجيين لم يتحدث عن تأثيرات شيعية على المجتمع الموريتاني. ومع ذلك ف<<الآثار>> الشيعية حاضرة بعمق وعلى مستويات واسعة ومتعددة في الثقافة والعادات الاجتماعية الموريتانية.
    من الآثار الشيعية التي تدركها العين ولا تكاد تخطئها، إجلال الموريتانيين لآل البيت وتقديسهم والاعتقاد في ولايتهم وعصمتهم واحترام كل من يلوذ بحمى نسَبهم، والقيام على خدمة <<الشرفاء>> لتذليل مصاعب الحياة عليهم، وتوفير ظروف العيش الرغيد لهم الذي يحفظ كرامتهم ومكانتهم. حتى أصبح الانتساب لآل البيت رأسمالا رمزيا وكل من يمتلكه تفتح له ابواب الصعود الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي، وكان ذلك من اسباب كثرة دعاوى الشرف بين القبائل والافراد.
    ورغم ان القاعدة العامة هي ان الناس مصدقون في أنسابهم ما لم يتوقف على ذلك حكم شرعي، إلا ان الانتساب لآل البيت اصبح لأهميته الاقتصادية والاجتماعية مما تتوقف عليه الأحكام الشرعية. لذلك لم يترك النسابون والمؤرخون والفقهاء أمره فرطا. فجهدوا يحققون دعاوى الشرف ويتثبتون منها واحدة تلو الأخرى. ولم يبقوا منها الا على القليل.
    ومن مفارقات التاريخ ان <<علي>> الذي أطاح بمعاوية ينتمي الى احدى القبائل التي يجمع المؤرخون على انتسابها لعلي بن ابي طالب.
    ان اختيار الاسماء والاهتمام بالانساب من التعبيرات الشيعية التي استعصى حجبها على سلطات الرقابة فأفرجت عنها، أقصد سلطات المذهب المالكي والعقيدة الاشعرية اللذين اكتشفهما ولد الطايع في آخر أيامه، وشغف بهما حبا . أما ما لم تفرج عن تلك السلطات فقد التجأ الى الثقافة الشفاهية واتخاذها حرما آمنا يجبى اليها من كل التصورات الشيعية المعتدلة والغالية.
    في البوادي والارياف وفي الاحياء الفقيرة من المدن الكبرى تجتمع كل ليلة مجموعات من الناس للترويح عن انفسهم بعد يوم طويل من الكد والمعاناة. انها سهرة <<المدح>> التي تستمر حتى وقت متأخر من الليل حيث يتحلق الساهرون حول <<المداح>> او <<المداحة>> الذي ينشد قصائد او اغاني من الادب الشعبي تتغنى بشمائل النبي، وتفتخر بغزواته وانتصاراته على <<الكفار>>.
    غير ان هذه القصائد الغنائية التي لا يعرف قائلها ولا تاريخها سرعان ما تتحول الى ملاحم لتمجيد علي بن أبي طالب وآل بيته دون ذكر لبقية الصحابة الآخرين، لا بل حتى في بعض الأحيان دون ذكر للنبي نفسه. وهي لا تقدم <<علي>> كبطل انساني وكخليفة للنبي ووارث سره فقط، كما يُجمع على ذلك الشيعة وكثير من اهل السنة، بل انها تذهب الى ابعد من ذلك وتقدمه في صورة ميثولوجية تحمل بصمات بعض المذاهب الشيعية المغالية التي ظهرت في بعض فترات التاريخ الاسلامي ثم اختفت مثل (السبئية والخطابية والعلبائية وغيرها من الفرق) والتي نجد ذكرها في كتب تاريخ المذاهب والملل والنحل.
    ان هذه المدوّنات الشيعية قد تكون لها أهميتها الكبرى في سد بعض فراغات التاريخ الموريتاني خصوصا تلك الحلقة المفقودة من التاريخ التي اعقبت سقوط دولة المرابطين، بل ربما تكون هذه المدونات من مخلفات تلك الحقبة؟
    وفي انتظار تفسير تاريخي لهذه الآثار يبقى التفسير الوحيد والأكثر <<تشيعا>> هو ما يقدمه لنا العلامة <<التقي>> الذي يرى ان المسلم يولد بفطرته متشيعا. اما ما يطرأ عليه بعد ذلك من <<تسنن>> فهو من باب <<التهويد>> او <<التمسيح>> اللذين يقوم بهما الابوان.
    والعلامة <<التقي>> هو نفسه احد هذه الآثار التي تحتاج الى تفسير، فالرجل السبعيني الذي لم يتصل بالعالم الخارجي هو ذاكرة العرب تمشى على قدمين. انه اعرابي أخّره الله ليعيش في القرن الواحد والعشرين، غزير الحفظ، واسع الرواية حاضر البديهية. لو عاش في عصر التدوين لكان من طبقة ثعلب والاصمعي والمفضل الضبي وغيرهم من كبار الرواة، الذين كان يفزع اليهم اللغويون لجمع اللغة العربية وتدوينها، قبل ان تدركها عجمة التمدن.
    يحدث <<التقي>> جلساءه عن شعر العرب وعن ايامهم ولياليهم، عن انسابهم وانساب خيلهم، وعن أحداث وقعت قبل خمسة عشر قرنا كأنها حدثت اليوم.
    يستهويه من الشعراء <<الكميت>>، ومن القصائد <<تائية دعبل>> ومن الكتب <<شرح نهج البلاغة>> لابن ابي الحديد الذي يبدو انه يحفظه عن ظهر القلب لكثرة الاستشهاد به.
    يروي أدق تفاصيل معركة صفين وكأنه مراسل حربي من ساحة العمليات. يصف خروج عائشة على ظهر <<الجمل>> وكيف نبحتها كلاب الحوبل.
    يتحدث عن خديعة التحكيم، وعن قتل <<حجر>> و<<إلحاق زياد>> و<<تولية يزيد السكير الخمير>>، وعن <<تابوهات>> اخرى يُعتبر الحديث عنها في عرف <<المذهب المالكي والعقيدة الاشعرية>> من <<الموبقات السبع>>. ويختتم حديثه قائلا: ان كل مشاكل معاوية سببها <<محبة الدولار>>. والمقصود ... لا سميّه معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع.


    كاتب موريتاني
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X