بسم الله الرحمن الرحيم
* هل يجوز الاعتقاد بأنّ الصدّيقة الطاهرة السيّدة الزهراء (س) تحضر بنفسها في مجالس النساء في آن واحد، وفي مجالس متعدّدة بنفسها ودمها ولحمها؟
بسمه تعالى؛ الحضور بصورتها النورية في أمكنة متعدّدة في زمان واحد لا مانع منه، فإنّ صورتها النورية خارجة عن الزمان والمكان، وليست جسماً عنصرياً ليحتاج إلى الزمان والمكان، واللّه العالم.
* شكّك بعضهم في هذه المقالة: إنّ أهل البيت بضمنهم فاطمة (س) خُلقوا أنواراً قبل خلق الوجود، وذكروا أنّ الروايات في هذا الباب ضعيفة السند، فما رأيكم في هذه المسألة؟ وهل هي من الأُمور المجمع عليها من الشيعة أو من الأُمور المشهورة الثابتة بنصوص معتبرة؟
بسمه تعالى؛ قد ورد في الأخبار الكثيرة أنّ اللّه خلق نور فاطمة (س) من نوره قبل خلق آدم، لا يحتمل الكذب والوضع في جميعها، كما ورد في معاني الأخبار بسند معتبر عن سدير عن الإمام الصادق (ع)، وصحّة مثل هذه الأُمور، والاعتقاد بذلك ـ وإن لم يكن واجباً، ولم يكن من ضروريات المذهب ـ فهو من كمال الاعتقاد، فمن اكتسبه من مصادره باليقين والاطمئنان فقد فاز به، والله الموفق.
الصديقة الطاهرة (س) والشبه النوري
* هل يجوز الاعتقاد بأنّ الصدّيقة الطاهرة السيّدة الزهراء (س) تحضر بنفسها في مجالس النساء في آن واحد، وفي مجالس متعدّدة بنفسها ودمها ولحمها؟
بسمه تعالى؛ الحضور بصورتها النورية في أمكنة متعدّدة في زمان واحد لا مانع منه، فإنّ صورتها النورية خارجة عن الزمان والمكان، وليست جسماً عنصرياً ليحتاج إلى الزمان والمكان، واللّه العالم.
أنوار فاطمة (س) قبل خلق الوجود
* شكّك بعضهم في هذه المقالة: إنّ أهل البيت بضمنهم فاطمة (س) خُلقوا أنواراً قبل خلق الوجود، وذكروا أنّ الروايات في هذا الباب ضعيفة السند، فما رأيكم في هذه المسألة؟ وهل هي من الأُمور المجمع عليها من الشيعة أو من الأُمور المشهورة الثابتة بنصوص معتبرة؟
بسمه تعالى؛ قد ورد في الأخبار الكثيرة أنّ اللّه خلق نور فاطمة (س) من نوره قبل خلق آدم، لا يحتمل الكذب والوضع في جميعها، كما ورد في معاني الأخبار بسند معتبر عن سدير عن الإمام الصادق (ع)، وصحّة مثل هذه الأُمور، والاعتقاد بذلك ـ وإن لم يكن واجباً، ولم يكن من ضروريات المذهب ـ فهو من كمال الاعتقاد، فمن اكتسبه من مصادره باليقين والاطمئنان فقد فاز به، والله الموفق.
شبه الزهراء (س) النوري قبل خلق آدم (ع)
* شكّك أحدهم في الروايات الواردة في أنّ نور فاطمة (س) قد خُلق قبل أن يخلق اللّه الأرض والسماء، ما رأيكم بذلك؟ علماً بأنّ التشدّد السندي لا يخرج بعض الروايات من دائرة الاعتبار، كما نرى ذلك في رواية سدير الصيرفي التي يذكرها الشيخ الصدوق (في معاني الأخبار: 396، باب نوادر المعاني، الحديث 53).
بسمه تعالى؛ ورد في بعض النصوص ومنها معتبر أنّ النبي (ص) وآله المعصومين (ع) ومنهم الزهراء (س) كانوا موجودين بأشباههم النورية قبل خلق آدم (ع)، وخلقتهم المادّية متأخّرة عن خلق آدم كما هو واضح، واللّه العالم.
* ما رأيكم فيمن يقول عن الزهراء (س) وطبيعة ذاتها الشريفة، وكذا عن السيدة زينب وخديجة الكبرى ومريم وامرأة فرعون، ما نصّه: "وإذا كان بعض الناس يتحدّث عن بعض الخصوصيّات غير العادية في شخصيات هؤلاء النساء، فإنّنا لا نجد هناك خصوصيّة إلا الظروف الطبيعية التي كفلت لهنّ إمكانات النموّ الروحي والعقلي والالتزام العملي بالمستوى الذي تتوازن فيه عناصر الشخصية بشكل طبيعي في مسألة النموّ الذاتي… ولا نستطيع إطلاق الحديث المسؤول القائل بوجود عناصر غيبية مميّزة تخرجهنّ عن مستوى المرأة العادية; لأنّ ذلك لا يخضع لأيّ إثبات قطعي…"!! (تأملات إسلامية حول المرأة: 9)
بسمه تعالى؛ هذا القول باطل من أساسه، فإنّ خلقة الزهراء (س) كخلقة الأئمة (ع) قد تمت بلطف خاص من اللّه سبحانه وتعالى، لعلمه بأنّهم يعبدون اللّه مخلصين له الطاعة، ولا غرابة في اختصاص خلقة الأولياء بخصوصيات تتميّز عن سائر الخلق، كما يشهد به القرآن الكريم في حقّ عيسى بن مريم (ع)، وقد ورد في الأخبار الكثيرة المشتملة على الصحيح ما يدلّ على امتياز الزهراء (س) نحو ما ورد عند العامّة والخاصّة من تكوُّن نطفتها من ثمر الجنّة، وما ورد في حديثها لأُمّها خديجة وهي جنين في بطنها، وما ورد من نزول الملائكة عليها كما في صحيح أبي عبيدة عن الصادق (ع) أنّ فاطمة مكثت بعد أبيها خمسةً وسبعين يوماً، وقد دخل عليها حزن شديد على أبيها، وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزاءها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه وما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (ع) يكتب ذلك.
وما جرى عليها من الظلم أمر متواتر إجمالاً بلا حاجة للاستدلال عليه، كما يشهد له خفاء قبرها إلى الآن ودفنها ليلاً! وما يكتب وينشر في إنكار خصوصية خلقها، وإنكار ظلامتها، فهو مشمول بحكم كتب الضلال.
* الحديث الوارد في عدة مصادر عن الله تبارك وتعالى: "يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما"*.
هل هذا الحديث صحيح وإن كان صحيحاً ما معناه؟ هل الزهراء (س) هي العلة الغائية لهذا الخلق؟
بسمه تعالى؛ هذا الحديث لو كان له طريق معتبر فالمراد منه أن النبي (ص) وأهل بيته (ع) هم العلة الغائية لخلق الأفلاك بمعنى أن الغرض والداعي لله تعالى من الخلق هو أن يوجد هؤلاء الذين هم أخص الناس وأقواهم في العبودية لله، وقد قال الله سبحانه (وما خلقت الجنّ والانس إلا ليعبدون)*، لو لم يكن في علم الله سبحانه أنه يوجد في خلقة النبي وأهل بيته (ع) وسائر العباد والصلحاء من أنبياء السلف والصلحاء من أُممهم لما كان يخلق الخلق كما تومي إليه الآية المشار إليها، والله العالم.
* النبي (ص) اعتزل خديجة (س) أربعين يوماً قبل تكوين نطفة الزهراء (س) كما ورد، فما هو وجه الاعتزال؟
بسمه تعالى؛ الوجه في الاعتزال هو الابتعاد عن أُمور الدنيا والاشتغال بالعبادة، وللاعتزال سابقة في بعض الأُمم السابقة كما وقع بالنسبة إلى مريم لخلق عيسى (ع) وما وقع بالنسبة إلى زكريا (ع) لخلق يحيى (ع), والله العالم.
مرتبة فاطمة الزهراء (س)
* أين تقع رتبة الزهراء (س) بين سائر الأئمة (ع)؟
روي أن الإمام العسكري (ع) قال في الزهراء: "هي حجة علينا" ما المراد بالحجة؟
هل الحديث الدال على أن الزهراء كفءٌ لعلي يدل على اتحاد الرتبة؟
هل حديث "روحي التي…"* يدل على اتحاد رتبة الزهراء (س) مع الرسول (ص)؟
ورد في زيارة الزهراء (س): "يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك"*، ما المراد بذلك؟
بسمه تعالى؛ مما روي عن الإمام العسكري (ع) كان عند الأئمة مصحف فاطمة (س) وهو حجة على الأئمة في بعض أُمورهم; لأن فيه علم ما كان وما يكون، كما في الرواية الواردة عن الإمام الصادق (ع): "وعندنا مصحف فاطمة…"*.
وأما كمالات النبي (ص) وأميرالمؤمنين (ع) والزهراء (س) كل في رتبة مقام نفسه تامة، إلا أن رتبة أحدهم بالإضافة إلى الآخر مختلفة، فرتبة النبوة متقدمة على رتبة الوصاية، ورتبة الوصاية متقدمة على رتبة الكفاءة المذكورة في الحديث الوارد في حقها، فكما لا يعني قوله تعالى في آية المباهلة: (وأنفسنا وأنفسكم)* ثبوت النبوة لأميرالمؤمنين (ع) كذلك لا يعني الحديث المذكور في حق الزهراء (س) وأنها كفءٌ لعلي (ع) وأن علياً (ع) كفءٌ لها (س) لا يدل على أن لها (س) رتبة الوصاية، وكذا ما ورد في حقها من قول النبي (ص) بحق الزهراء (س) وإنها روحه التي بين جنبيه لا يدل على أن لها (س) رتبة النبوة.
وأما الامتحان المذكور في زيارة الزهراء (س) فالمراد به علم اللّه بما يجري عليها وصبرها على جميع الابتلاءات السابقة على وجودها المادي الخارجي، مـمّا أوجب إعطاءها المقام الخاص بها كما هو جار في سائر الأئمة (ع)، ويدل على ذلك جملة من الأدلة منها ما ورد في حقهم في دعاء الندبة المعروف المشهور، واللّه العالم.
في الخبر الوارد عن إمامنا الحسن العسكري (ع) أنه قال: "نحن حجج الله على خلقه، وجدتنا فاطمة (س) حجة الله علينا".
* كيف كانت سيدتي ومولاتي فاطمة (س) حجة على الأئمة (ع)؟
بسمه تعالى؛ حيث إن مصحف فاطمة (س) ـ الذي كان فيه ما يكون من الأُمور والأحوال التي تجري على ذريتها إلى يوم القيامة ـ كان موجوداً عند الأئمة (ع) وكانوا يرجعون إليه وكان حجة عليهم فلذلك كانت فاطمة (س) حجة على الأئمة (ع)، والله العالم.
* هناك شخص أثار الفتنة وطرح مسألة الزهراء (س) بأنها مسألة تاريخية فهل هي مسألة تاريخية أو لها مساس بالعقيدة؟
بسمه تعالى؛ قضية فاطمة الزهراء (س) وما كان لها حال حياة أبيها وما جرى عليها بعد وفاة أبيها هي أحد الأدلة القاطعة لحقانية مذهب التشيع حيث إنها (س) باتفاق جميع التواريخ قد أُوذيت بعد وفاة أبيها من قبل الجماعة مع أن الله سبحانه قال في كتابه المجيد (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)* ولم يكن لرسول الله (ص) قربى أقرب من فاطمة (س) وقد قال رسول الله (ص): "إنما فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبّني"* فلم يراعوا حقها وآذوها وأجروا عليها من الظلم حتى استشهدت وذهبت من الدنيا وهي ساخطة عليهم غير راضية عنهم كيف ولو كانت فاطمة (س) راضية عنهم غير ساخطة عليهم، فَلِمَ أوصت بدفنها ليلاً وتجهيزها سراً وإخفاء قبرها؟ وهل الغرض في ذلك إلا لتكون علامة على سخطها على الجماعة ودليلاً على مصائبها التي جرت عليها بعد أبيها؟ ذاك السخط الذي يغضب الله ويسخط له كما قال النبي (ص) في الحديث المروي في كتب الفريقين: "إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"* وهذه الإشارة كافية لمن له قلب سليم وألقى السمع وهو شهيد، والله العالم.
* ذكر بعض القائلين: أنّ بعض الحديث عن أحزان الزهراء (س) غير دقيق، لا أتصوّر أنّ الزهراء (س) لا شغل لها في الليل والنهار إلا البكاء، ولا أتصوّر أنّ الزهراء (س) تبكي حتّى ينزعج أهل المدينة من بكائها، مع فهمها لقضاء اللّه وقدره، وأنّ الصبر من القيم الإسلامية المطلوبة حتّى لو كان الفقيد في مستوى رسول اللّه (ص).
فهل كثرة بكاء الزهراء (س) وزين العابدين (ع) أمر ثابت عند الشيعة أو لا؟
وهل كان بكاؤهما عاطفياً محضاً أو كان وظيفة يمارسها المعصوم لهدف من الأهداف؟ وعلى فرض كونه عاطفيّاً فهل يتنافى مع التسليم لقضاء اللّه وقدره، خصوصاً مع كون الفقيد هو المصطفى (ص)؟
ويقول البعض في كتابه حول بكاء الزهراء (س): نحن ننكر أن يتحول البكاء إلى حاله من الجزع أو ما يشبه الجزع بحسب الصورة التي تتلى في المجالس و...؟! ما هو رأيكم الشريف؟
بسمه تعالى؛ ليس المراد ببكاء الزهراء (س) ليلاً ونهاراً استيعاب البكاء لتمام أوقاتها الشريفة، بل هو كناية عن عدم اختصاصه بوقت دون آخر، كما أنّ البكاء إظهاراً للرحمة والشفقة لا ينافي التسليم لقضاء اللّه وقدره، والصبر عند المصيبة، فقد بكى النّبي يعقوب (ع) على فراق ولده يوسف (ع) حتى ابيضّت عيناه من الحزن، كما ذكر في القرآن، مع كونه نبيّاً معصوماً.
وبكاء الزهراء (س) على أبيها كما كان أمراً وجدانياً لفراق أبيها المصطفى (ص)، فقد كان إظهاراً لمظلوميتها ومظلوميّة بعلها (ع) وتنبيهاً على غصب حقّ أميرالمؤمنين (ع) في الخلافة، وحزناً على المسلمين من انقلاب جملة منهم على أعقابهم، كما ذكرته الآية المباركة (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)* بحيث ذهبت أتعاب الرسول (ص) في تربية بعض المسلمين سدى.
كما أنّ البكاء على الحسين (ع) من شعائر اللّه؛ لأنّه إظهار للحق الذي من أجله ضحّى الحسين (ع) بنفسه، وإنكار للباطل الذي أظهره بنو أُميّة، ولذلك بكى زين العابدين (ع) على أبيه مدّة طويلة، إظهاراً لمظلومية الحسين (ع) وانتصاراً لأهدافه. ولا يخفى أنّ بكاء الزهراء وزين العابدين (ع) فترة طويلة من المسلّمات عند الشيعة الاماميّة.
* لقد ناقشني أحد الأُخوة حول مظلومية الزهراء (س) وكسر ضلعها فقال: إن كسر الضلع لم يثبت عن طريق الأئمة (ع)، ما هو رأيكم؟
بسمه تعالى؛ مظلومية الزهراء (س) في كسر الضلع من المسلمات ولا يحتاج ثبوتها إلى أزيد من أنها أوصت بدفنها ليلاً، لئلا يحضر جنازتها من ظلمها، وإخفاء قبرها، واللّه العالم.
* ما رأيكم في مقولة من يقول: أنا لا أتفاعل مع كثير من الأحاديث التي تقول إنّ القوم كسروا ضلعها أو ضربوها على وجهها وما إلى ذلك… وعندما سئل: كيف نستثني كسر ضلع الزهراء مع العلم بأنّ كلمة (وإن) التي أطلقها أصل المهاجمة أعطت الإيحاء، أضف إلى ذلك: كيف نفسّر خسران الجنين محسن؟ أجاب: إنّ هذا لم يثبت ثبوتاً بأسانيد معتبرة، ولكن قد يكون ممكناً، أمّا سقوط الجنين فقد يكون بحالة طبيعيّة طارئة؟!!
بسمه تعالى؛ كفى في ثبوت ظلامتها وصحّة ما نقل من مصائبها وما جرى عليها خفاء قبرها ووصيّتها بأن تُدفن ليلاً إظهاراً لمظلوميّتها (س)، مضافاً لما نُقل عن عليّ (ع) من الكلمات (في الكافي 525:1، الباب 114، الحديث 3) عندما دفنها، كما في مولد الزهراء (س) من كتاب الحجّة قال (ع): "وستنبئك ابنتك بتظافر أُمّتك على هضمها، فاحفها السؤال واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً، وستقول ويحكم اللّه، وهو خير الحاكمين".
وقال (ع): "فبعين اللّه تُدفَنُ ابنتك سرّاً ويهضم حقّها وتمنع إرثها، ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر، وإلى اللّه يا رسول اللّه المشتكى".
وفي الجزء الثاني من نفس الباب بسند معتبر عن الكاظم (ع) قال: "إنّها صدِّيقة شهيدة". وهو ظاهر في مظلوميّتها وشهادتها.
ويؤيّده ما (في البحار 170:43، الباب 7، الحديث 11) عن دلائل الإمامة للطبري بإسناده عن كثير من العلماء عن الصادق (ع): وكان سبب وفاتها أنّ قنفذاً أمره مولاه فلكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسناً! واللّه الهادي للحق.
* هل الظلامات التي تعرضت لها أمّ الأئمة الأطهار فاطمة الزهراء (س) من قبل الحاكمين في ذلك الوقت مثل: (غصبهم فدكاً، والهجوم على دارها، وكسر ضلعها، وإسقاط الجنين المحسن بن علي (ع)، ولطمها على خدها، ومنها البكاء على فقد أبيها رسول اللّه (ص)، وما إلى ذلك من ظلامات) لها ارتباط بصميم عقائدنا من التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد… أم لا؟
بسمه تعالى؛ إنّ ما ثبت من الظلامات الكثيرة التي جرت على الصدّيقة الزهراء فاطمة (س) لها مساس تام بالولاية التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو صريح عدة من النصوص المعتبرة منها صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): "بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية"*. ويظهر مساس هذه الظلامات بالولاية لمن تأمل وتمعّن في ملابسات هذه الحوادث ودوافعها، واللّه العالم.
* بعض الأفراد لديه تأملات ونظرات بشأن المرأة بعد ذكر بعض النساء منهم فاطمة الزهراء (س) يقول: ولا نستطيع إطلاق الحديث المسؤول القائل بوجود عناصر غيبية مميزة تخرجهن عن مستوى المرأة العادي و… ما هو رأيكم الشريف؟
بسمه تعالى؛ هذا القول ضعيف باطل من أساسه صادر من عدم المعرفة بالزهراء (س) وخصوصياتها كيف تكون مرأة عادية ومثل سائر النساء وقد امتازت في آية المباهلة من بين النساء حيث أخذها رسول الله (ص) مع علي والحسن والحسين (ع) في المباهلة مع نصارى نجران، أم كيف تكون مرأة عادية وهي من أهل آية التطهير متيقناً، وقد قال الله تبارك وتعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)* والإرادة تكوينية قد أراد الله تطهيرها لعلمه سبحانه بامتيازها عن الناس ومن أراد الله تطهيره وأذهب عنه الرجس مطلقاً كيف تكون مثل سائر الناس؟ وأيضاً من يغضب الله لغضبه ويرضى لرضاه كما ورد في الحديث المروي عن النبي (ص) في كتب الفريقين كيف تكون مرأة عادية على مستوى سائر النساء؟ والله العالم.
* ورد أنكم لا تؤيدون من يشكك في شهادة الزهراء (س)، ولكن هل تعتقدون بفقاهتهم؟
بسمه تعالى؛ لا يجوز تأييد من يشك في شهادة الزهراء (س) ولا نعتقد بفقاهته; لأنه لو كان فقيهاً لاطلع على الرواية الصحيحة المصرحة بشهادتها (س) وسائر الروايات المتعرضة لسبب شهادتها (س)، واللّه الهادي إلى سواء السبيل.
* ما هو رأيكم حول من يشكك في قضايا الزهراء (س) ويطرح عصمتها ومنزلتها والروايات والاحاديث الواردة في حقها بعنوان السؤال، ويضعف أسانيد رواياتها مما يثير الفتنة والاختلاف بين الشيعة لأغراض شخصية والنظر إلى المسائل التي تمس العقيدة بشكل سطحي عابر؟
بسمه تعالى؛ هؤلاء الأشخاص الذين يتصدون لهذه الأُمور هم أهل الضلال والإضلال فإن كانوا قابلين للهداية فنسأل الله سبحانه أن يهديهم إلى سواء السبيل والصراط المستقيم، وإن كانوا ممن ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم فأمرهم في الآخرة إلى الله تعالى، وفي الدنيا إلى المؤمنين الغيارى في دينهم ومذهبهم فليتبرؤوا منهم، والله العالم.
* ما هو نظركم للشخص الذي يقول بشأن كسر الضلع وضرب فاطمة (س) بأنـي رسمت علامة استفهام على أساس التحليل التاريخي وقارنها بظلم أميركا وإسرائيل على المسلمين وأنها ليست بأكثر من ذلك؟
بسمه تعالى؛ الدليل على ما جرى عليها من المصائب المذكورة في الكتب مضافاً الى ما قاله الامام موسى بن جعفر عليهما السلام في الحديث الصحيح: "إن فاطمة صديقة شهيدة" ما تقدم في الأجوبة السابقة من أنها أوصت بدفنها ليلاً وتجهيزها سراً وإخفاء قبرها فليقرأ المفصل من هذا المجمل، والله العالم.
* شكّك أحدهم في الروايات الواردة في أنّ نور فاطمة (س) قد خُلق قبل أن يخلق اللّه الأرض والسماء، ما رأيكم بذلك؟ علماً بأنّ التشدّد السندي لا يخرج بعض الروايات من دائرة الاعتبار، كما نرى ذلك في رواية سدير الصيرفي التي يذكرها الشيخ الصدوق (في معاني الأخبار: 396، باب نوادر المعاني، الحديث 53).
بسمه تعالى؛ ورد في بعض النصوص ومنها معتبر أنّ النبي (ص) وآله المعصومين (ع) ومنهم الزهراء (س) كانوا موجودين بأشباههم النورية قبل خلق آدم (ع)، وخلقتهم المادّية متأخّرة عن خلق آدم كما هو واضح، واللّه العالم.
خلق فاطمة (س)
* ما رأيكم فيمن يقول عن الزهراء (س) وطبيعة ذاتها الشريفة، وكذا عن السيدة زينب وخديجة الكبرى ومريم وامرأة فرعون، ما نصّه: "وإذا كان بعض الناس يتحدّث عن بعض الخصوصيّات غير العادية في شخصيات هؤلاء النساء، فإنّنا لا نجد هناك خصوصيّة إلا الظروف الطبيعية التي كفلت لهنّ إمكانات النموّ الروحي والعقلي والالتزام العملي بالمستوى الذي تتوازن فيه عناصر الشخصية بشكل طبيعي في مسألة النموّ الذاتي… ولا نستطيع إطلاق الحديث المسؤول القائل بوجود عناصر غيبية مميّزة تخرجهنّ عن مستوى المرأة العادية; لأنّ ذلك لا يخضع لأيّ إثبات قطعي…"!! (تأملات إسلامية حول المرأة: 9)
بسمه تعالى؛ هذا القول باطل من أساسه، فإنّ خلقة الزهراء (س) كخلقة الأئمة (ع) قد تمت بلطف خاص من اللّه سبحانه وتعالى، لعلمه بأنّهم يعبدون اللّه مخلصين له الطاعة، ولا غرابة في اختصاص خلقة الأولياء بخصوصيات تتميّز عن سائر الخلق، كما يشهد به القرآن الكريم في حقّ عيسى بن مريم (ع)، وقد ورد في الأخبار الكثيرة المشتملة على الصحيح ما يدلّ على امتياز الزهراء (س) نحو ما ورد عند العامّة والخاصّة من تكوُّن نطفتها من ثمر الجنّة، وما ورد في حديثها لأُمّها خديجة وهي جنين في بطنها، وما ورد من نزول الملائكة عليها كما في صحيح أبي عبيدة عن الصادق (ع) أنّ فاطمة مكثت بعد أبيها خمسةً وسبعين يوماً، وقد دخل عليها حزن شديد على أبيها، وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزاءها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه وما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (ع) يكتب ذلك.
وما جرى عليها من الظلم أمر متواتر إجمالاً بلا حاجة للاستدلال عليه، كما يشهد له خفاء قبرها إلى الآن ودفنها ليلاً! وما يكتب وينشر في إنكار خصوصية خلقها، وإنكار ظلامتها، فهو مشمول بحكم كتب الضلال.
* الحديث الوارد في عدة مصادر عن الله تبارك وتعالى: "يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما"*.
هل هذا الحديث صحيح وإن كان صحيحاً ما معناه؟ هل الزهراء (س) هي العلة الغائية لهذا الخلق؟
بسمه تعالى؛ هذا الحديث لو كان له طريق معتبر فالمراد منه أن النبي (ص) وأهل بيته (ع) هم العلة الغائية لخلق الأفلاك بمعنى أن الغرض والداعي لله تعالى من الخلق هو أن يوجد هؤلاء الذين هم أخص الناس وأقواهم في العبودية لله، وقد قال الله سبحانه (وما خلقت الجنّ والانس إلا ليعبدون)*، لو لم يكن في علم الله سبحانه أنه يوجد في خلقة النبي وأهل بيته (ع) وسائر العباد والصلحاء من أنبياء السلف والصلحاء من أُممهم لما كان يخلق الخلق كما تومي إليه الآية المشار إليها، والله العالم.
* النبي (ص) اعتزل خديجة (س) أربعين يوماً قبل تكوين نطفة الزهراء (س) كما ورد، فما هو وجه الاعتزال؟
بسمه تعالى؛ الوجه في الاعتزال هو الابتعاد عن أُمور الدنيا والاشتغال بالعبادة، وللاعتزال سابقة في بعض الأُمم السابقة كما وقع بالنسبة إلى مريم لخلق عيسى (ع) وما وقع بالنسبة إلى زكريا (ع) لخلق يحيى (ع), والله العالم.
مرتبة فاطمة الزهراء (س)
* أين تقع رتبة الزهراء (س) بين سائر الأئمة (ع)؟
روي أن الإمام العسكري (ع) قال في الزهراء: "هي حجة علينا" ما المراد بالحجة؟
هل الحديث الدال على أن الزهراء كفءٌ لعلي يدل على اتحاد الرتبة؟
هل حديث "روحي التي…"* يدل على اتحاد رتبة الزهراء (س) مع الرسول (ص)؟
ورد في زيارة الزهراء (س): "يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك"*، ما المراد بذلك؟
بسمه تعالى؛ مما روي عن الإمام العسكري (ع) كان عند الأئمة مصحف فاطمة (س) وهو حجة على الأئمة في بعض أُمورهم; لأن فيه علم ما كان وما يكون، كما في الرواية الواردة عن الإمام الصادق (ع): "وعندنا مصحف فاطمة…"*.
وأما كمالات النبي (ص) وأميرالمؤمنين (ع) والزهراء (س) كل في رتبة مقام نفسه تامة، إلا أن رتبة أحدهم بالإضافة إلى الآخر مختلفة، فرتبة النبوة متقدمة على رتبة الوصاية، ورتبة الوصاية متقدمة على رتبة الكفاءة المذكورة في الحديث الوارد في حقها، فكما لا يعني قوله تعالى في آية المباهلة: (وأنفسنا وأنفسكم)* ثبوت النبوة لأميرالمؤمنين (ع) كذلك لا يعني الحديث المذكور في حق الزهراء (س) وأنها كفءٌ لعلي (ع) وأن علياً (ع) كفءٌ لها (س) لا يدل على أن لها (س) رتبة الوصاية، وكذا ما ورد في حقها من قول النبي (ص) بحق الزهراء (س) وإنها روحه التي بين جنبيه لا يدل على أن لها (س) رتبة النبوة.
وأما الامتحان المذكور في زيارة الزهراء (س) فالمراد به علم اللّه بما يجري عليها وصبرها على جميع الابتلاءات السابقة على وجودها المادي الخارجي، مـمّا أوجب إعطاءها المقام الخاص بها كما هو جار في سائر الأئمة (ع)، ويدل على ذلك جملة من الأدلة منها ما ورد في حقهم في دعاء الندبة المعروف المشهور، واللّه العالم.
في الخبر الوارد عن إمامنا الحسن العسكري (ع) أنه قال: "نحن حجج الله على خلقه، وجدتنا فاطمة (س) حجة الله علينا".
* كيف كانت سيدتي ومولاتي فاطمة (س) حجة على الأئمة (ع)؟
بسمه تعالى؛ حيث إن مصحف فاطمة (س) ـ الذي كان فيه ما يكون من الأُمور والأحوال التي تجري على ذريتها إلى يوم القيامة ـ كان موجوداً عند الأئمة (ع) وكانوا يرجعون إليه وكان حجة عليهم فلذلك كانت فاطمة (س) حجة على الأئمة (ع)، والله العالم.
مظلومية الزهراء (س) لها مساس بالعقيدة
* هناك شخص أثار الفتنة وطرح مسألة الزهراء (س) بأنها مسألة تاريخية فهل هي مسألة تاريخية أو لها مساس بالعقيدة؟
بسمه تعالى؛ قضية فاطمة الزهراء (س) وما كان لها حال حياة أبيها وما جرى عليها بعد وفاة أبيها هي أحد الأدلة القاطعة لحقانية مذهب التشيع حيث إنها (س) باتفاق جميع التواريخ قد أُوذيت بعد وفاة أبيها من قبل الجماعة مع أن الله سبحانه قال في كتابه المجيد (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)* ولم يكن لرسول الله (ص) قربى أقرب من فاطمة (س) وقد قال رسول الله (ص): "إنما فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبّني"* فلم يراعوا حقها وآذوها وأجروا عليها من الظلم حتى استشهدت وذهبت من الدنيا وهي ساخطة عليهم غير راضية عنهم كيف ولو كانت فاطمة (س) راضية عنهم غير ساخطة عليهم، فَلِمَ أوصت بدفنها ليلاً وتجهيزها سراً وإخفاء قبرها؟ وهل الغرض في ذلك إلا لتكون علامة على سخطها على الجماعة ودليلاً على مصائبها التي جرت عليها بعد أبيها؟ ذاك السخط الذي يغضب الله ويسخط له كما قال النبي (ص) في الحديث المروي في كتب الفريقين: "إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"* وهذه الإشارة كافية لمن له قلب سليم وألقى السمع وهو شهيد، والله العالم.
الزهراء (س) وأحزانها
* ذكر بعض القائلين: أنّ بعض الحديث عن أحزان الزهراء (س) غير دقيق، لا أتصوّر أنّ الزهراء (س) لا شغل لها في الليل والنهار إلا البكاء، ولا أتصوّر أنّ الزهراء (س) تبكي حتّى ينزعج أهل المدينة من بكائها، مع فهمها لقضاء اللّه وقدره، وأنّ الصبر من القيم الإسلامية المطلوبة حتّى لو كان الفقيد في مستوى رسول اللّه (ص).
فهل كثرة بكاء الزهراء (س) وزين العابدين (ع) أمر ثابت عند الشيعة أو لا؟
وهل كان بكاؤهما عاطفياً محضاً أو كان وظيفة يمارسها المعصوم لهدف من الأهداف؟ وعلى فرض كونه عاطفيّاً فهل يتنافى مع التسليم لقضاء اللّه وقدره، خصوصاً مع كون الفقيد هو المصطفى (ص)؟
ويقول البعض في كتابه حول بكاء الزهراء (س): نحن ننكر أن يتحول البكاء إلى حاله من الجزع أو ما يشبه الجزع بحسب الصورة التي تتلى في المجالس و...؟! ما هو رأيكم الشريف؟
بسمه تعالى؛ ليس المراد ببكاء الزهراء (س) ليلاً ونهاراً استيعاب البكاء لتمام أوقاتها الشريفة، بل هو كناية عن عدم اختصاصه بوقت دون آخر، كما أنّ البكاء إظهاراً للرحمة والشفقة لا ينافي التسليم لقضاء اللّه وقدره، والصبر عند المصيبة، فقد بكى النّبي يعقوب (ع) على فراق ولده يوسف (ع) حتى ابيضّت عيناه من الحزن، كما ذكر في القرآن، مع كونه نبيّاً معصوماً.
وبكاء الزهراء (س) على أبيها كما كان أمراً وجدانياً لفراق أبيها المصطفى (ص)، فقد كان إظهاراً لمظلوميتها ومظلوميّة بعلها (ع) وتنبيهاً على غصب حقّ أميرالمؤمنين (ع) في الخلافة، وحزناً على المسلمين من انقلاب جملة منهم على أعقابهم، كما ذكرته الآية المباركة (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)* بحيث ذهبت أتعاب الرسول (ص) في تربية بعض المسلمين سدى.
كما أنّ البكاء على الحسين (ع) من شعائر اللّه؛ لأنّه إظهار للحق الذي من أجله ضحّى الحسين (ع) بنفسه، وإنكار للباطل الذي أظهره بنو أُميّة، ولذلك بكى زين العابدين (ع) على أبيه مدّة طويلة، إظهاراً لمظلومية الحسين (ع) وانتصاراً لأهدافه. ولا يخفى أنّ بكاء الزهراء وزين العابدين (ع) فترة طويلة من المسلّمات عند الشيعة الاماميّة.
الزهراء (س) وضلعها المكسور
* لقد ناقشني أحد الأُخوة حول مظلومية الزهراء (س) وكسر ضلعها فقال: إن كسر الضلع لم يثبت عن طريق الأئمة (ع)، ما هو رأيكم؟
بسمه تعالى؛ مظلومية الزهراء (س) في كسر الضلع من المسلمات ولا يحتاج ثبوتها إلى أزيد من أنها أوصت بدفنها ليلاً، لئلا يحضر جنازتها من ظلمها، وإخفاء قبرها، واللّه العالم.
ظلامات الزهراء (س)
* ما رأيكم في مقولة من يقول: أنا لا أتفاعل مع كثير من الأحاديث التي تقول إنّ القوم كسروا ضلعها أو ضربوها على وجهها وما إلى ذلك… وعندما سئل: كيف نستثني كسر ضلع الزهراء مع العلم بأنّ كلمة (وإن) التي أطلقها أصل المهاجمة أعطت الإيحاء، أضف إلى ذلك: كيف نفسّر خسران الجنين محسن؟ أجاب: إنّ هذا لم يثبت ثبوتاً بأسانيد معتبرة، ولكن قد يكون ممكناً، أمّا سقوط الجنين فقد يكون بحالة طبيعيّة طارئة؟!!
بسمه تعالى؛ كفى في ثبوت ظلامتها وصحّة ما نقل من مصائبها وما جرى عليها خفاء قبرها ووصيّتها بأن تُدفن ليلاً إظهاراً لمظلوميّتها (س)، مضافاً لما نُقل عن عليّ (ع) من الكلمات (في الكافي 525:1، الباب 114، الحديث 3) عندما دفنها، كما في مولد الزهراء (س) من كتاب الحجّة قال (ع): "وستنبئك ابنتك بتظافر أُمّتك على هضمها، فاحفها السؤال واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً، وستقول ويحكم اللّه، وهو خير الحاكمين".
وقال (ع): "فبعين اللّه تُدفَنُ ابنتك سرّاً ويهضم حقّها وتمنع إرثها، ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر، وإلى اللّه يا رسول اللّه المشتكى".
وفي الجزء الثاني من نفس الباب بسند معتبر عن الكاظم (ع) قال: "إنّها صدِّيقة شهيدة". وهو ظاهر في مظلوميّتها وشهادتها.
ويؤيّده ما (في البحار 170:43، الباب 7، الحديث 11) عن دلائل الإمامة للطبري بإسناده عن كثير من العلماء عن الصادق (ع): وكان سبب وفاتها أنّ قنفذاً أمره مولاه فلكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسناً! واللّه الهادي للحق.
الاعتقاد بظلامات الزهراء (س) له مساس تام بالولاية
* هل الظلامات التي تعرضت لها أمّ الأئمة الأطهار فاطمة الزهراء (س) من قبل الحاكمين في ذلك الوقت مثل: (غصبهم فدكاً، والهجوم على دارها، وكسر ضلعها، وإسقاط الجنين المحسن بن علي (ع)، ولطمها على خدها، ومنها البكاء على فقد أبيها رسول اللّه (ص)، وما إلى ذلك من ظلامات) لها ارتباط بصميم عقائدنا من التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد… أم لا؟
بسمه تعالى؛ إنّ ما ثبت من الظلامات الكثيرة التي جرت على الصدّيقة الزهراء فاطمة (س) لها مساس تام بالولاية التي هي الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو صريح عدة من النصوص المعتبرة منها صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): "بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية"*. ويظهر مساس هذه الظلامات بالولاية لمن تأمل وتمعّن في ملابسات هذه الحوادث ودوافعها، واللّه العالم.
فاطمة (س) طهَّرها الله وأذهب عنها الرجس
* بعض الأفراد لديه تأملات ونظرات بشأن المرأة بعد ذكر بعض النساء منهم فاطمة الزهراء (س) يقول: ولا نستطيع إطلاق الحديث المسؤول القائل بوجود عناصر غيبية مميزة تخرجهن عن مستوى المرأة العادي و… ما هو رأيكم الشريف؟
بسمه تعالى؛ هذا القول ضعيف باطل من أساسه صادر من عدم المعرفة بالزهراء (س) وخصوصياتها كيف تكون مرأة عادية ومثل سائر النساء وقد امتازت في آية المباهلة من بين النساء حيث أخذها رسول الله (ص) مع علي والحسن والحسين (ع) في المباهلة مع نصارى نجران، أم كيف تكون مرأة عادية وهي من أهل آية التطهير متيقناً، وقد قال الله تبارك وتعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)* والإرادة تكوينية قد أراد الله تطهيرها لعلمه سبحانه بامتيازها عن الناس ومن أراد الله تطهيره وأذهب عنه الرجس مطلقاً كيف تكون مثل سائر الناس؟ وأيضاً من يغضب الله لغضبه ويرضى لرضاه كما ورد في الحديث المروي عن النبي (ص) في كتب الفريقين كيف تكون مرأة عادية على مستوى سائر النساء؟ والله العالم.
من يُشكك في شهادة الزهراء (س) ليس فقيهاً
* ورد أنكم لا تؤيدون من يشكك في شهادة الزهراء (س)، ولكن هل تعتقدون بفقاهتهم؟
بسمه تعالى؛ لا يجوز تأييد من يشك في شهادة الزهراء (س) ولا نعتقد بفقاهته; لأنه لو كان فقيهاً لاطلع على الرواية الصحيحة المصرحة بشهادتها (س) وسائر الروايات المتعرضة لسبب شهادتها (س)، واللّه الهادي إلى سواء السبيل.
* ما هو رأيكم حول من يشكك في قضايا الزهراء (س) ويطرح عصمتها ومنزلتها والروايات والاحاديث الواردة في حقها بعنوان السؤال، ويضعف أسانيد رواياتها مما يثير الفتنة والاختلاف بين الشيعة لأغراض شخصية والنظر إلى المسائل التي تمس العقيدة بشكل سطحي عابر؟
بسمه تعالى؛ هؤلاء الأشخاص الذين يتصدون لهذه الأُمور هم أهل الضلال والإضلال فإن كانوا قابلين للهداية فنسأل الله سبحانه أن يهديهم إلى سواء السبيل والصراط المستقيم، وإن كانوا ممن ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم فأمرهم في الآخرة إلى الله تعالى، وفي الدنيا إلى المؤمنين الغيارى في دينهم ومذهبهم فليتبرؤوا منهم، والله العالم.
* ما هو نظركم للشخص الذي يقول بشأن كسر الضلع وضرب فاطمة (س) بأنـي رسمت علامة استفهام على أساس التحليل التاريخي وقارنها بظلم أميركا وإسرائيل على المسلمين وأنها ليست بأكثر من ذلك؟
بسمه تعالى؛ الدليل على ما جرى عليها من المصائب المذكورة في الكتب مضافاً الى ما قاله الامام موسى بن جعفر عليهما السلام في الحديث الصحيح: "إن فاطمة صديقة شهيدة" ما تقدم في الأجوبة السابقة من أنها أوصت بدفنها ليلاً وتجهيزها سراً وإخفاء قبرها فليقرأ المفصل من هذا المجمل، والله العالم.
تعليق