واشنطن تتفاوض نيابة عن المالكي ... ياللعار والفضيحة
كتابات - علي العراقي
ليس في السياسة غرابة او مفارقات او مستحيل فقد نتوقع غير المتوقع وغير الواقع وتتأكد هذه المفارقات في العراق الجديد واستحقاقات التغيير الخارجي بواسطة القوات الاجنبية التي تتزعمها الولايات المتحدة الامريكية في التاسع من نيسان 2003.
وليس من المعقول ان تبقى الولايات المتحدة الامريكية متفرجة على سياقات الحدث العراقي ومخاضاته دون ان تكون لها بصمات واضحة في تشكيل الحكومة العراقية القادمة وهي لم تكن كذلك بهذا القدر من الغبار حتى تعلن بصراحة وعلناً مرشحها لرئاسة الوزراء ولكنها تعطي اشارات تشبه الى حد بعيد الاملاءات والفروضات وهي كذلك في جلساتها السرية مع الكتل السياسية تعلن بصراحة تشبه الوقاحة رغبتها بمرشح معين.
وما تسرب بل وما اعلن بشكل واضح بان الولايات المتحدة الامريكية قدمت مرشحها خلال لقاءاتها مع اتئلاف العراقية وهو نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون وطالبت العراقية بتقاسم السلطة معها على ان تكون رئاسة الوزراء من حصته وحصة الامن السياسي الوطني من حصة العراقية ولكن هذا المقترح الامريكي جوبه برفض شديد من ائتلاف العراقية.
والغريب الملفت في هذا السياق ان السفير الامريكي المنتهية ولايته كروستوفر هيل مازال مصراً على ترشيح رئيس الوزراء المنتهية ولايته لولاية ثانية حتى خيل للاخرين بان السيد السفير هو عضو ائتلاف دولة القانون.
قد يثير هذا الاصرار والحرص والرغبة الامريكية على ترشيح السيد نوري المالكي بهذه القوة والاستماتة المزيد من التساؤلات والاستفسارات والتي تحتاج الى اجابة صريحة وواضحة.
لماذا كل هذا الاصرار الامريكي على ترشيح نوري المالكي لولاية ثانية؟
الاجابة على هذا السؤال يمكن اجمالها بعدة نقاط وهي:
1- المالكي وحزبه هو الذي مزق وحدة الائتلاف العراقي الموحد وشتته واسهم في تشظيته الى شظايا غير متآخية رغم حرص الكثيرين بما فيهم المرجعية الدينية على الدخول بائتلاف واحد لضمانة الكتلة الاكبر عدداً وعدم اللجوء الى تفسيرات المحكمة الاتحادية وادخال البلاد في ازمة خانقة مازلنا نعيش تفاصيلها وتداعياتها.
2- المالكي هو الذي استطاع عكس صورة مشوهة وانطباع سلبي على الاسلاميين وحارب حلفائه المقربين وهاجم ابناء جلدته في واحدة من اسوء الممارسات في العراق الجديد.
3- استطاع المالكي ان يخلق ديكتاتورية جديدة بثوب ديمقراطي واستطاع ان يبرهن على فشل الاسلاميين في ادارة السلطة وهو ما تريد تحقيقه امريكا ولكن دون مقابل وبشكل مجاني.
4- تخلي المالكي عن اسلاميته وانتماءاته السياسية وارتدى ثوب العلمانية معلناً تخليه عن كل التزاماته السياسية والقانونية والاخلاقية.
5- تحول المالكي من متمرد عنيد الى مطيع وديع لواشنطن وتعهد في تحقيق كل رغباتها وتعهد لواشنطن بشكل صريح بابعاد واستبعاد الصدريين عن الميدان السياسي وزجهم بالسجون وتحويل المجلس الاعلى الى منظمة من منظمات المجتمع المدني وهي ما تريده واشنطن وتحلم به.
6- انفعال المالكي واستعداده ليكون شرطياً امريكياً لجلد حلفائه واصدقائه الاسلاميين هو واحدة من عوامل الرغبة ولاصرار الامريكي على ترشيحه لولاية ثانية.
هذه النقاط وغيرها ممن لا تستحق الخوض تمثل اهم اسباب الرغبة الامريكية بترشيح المالكي لولاية ثانية ولكن هل الوصول الى السلطة هو الغاية القصوى للمالكي وحزبه وهل يمكن ان يتخلى المالكي عن كل ثوابته الاخلاقية والسياسية والدينية بمجرد الحلم بالوصول الى رئاسة الوزراء وهل يخطر في بال الدعاة الاحياء والشهداء بان يصل بهم الامر الى هذا الحد المقرف ويفتخرون بهذه الرغبة الامريكية ويشعرون بالزهو والنشوة في هذه الرغبة.
هل نسى الدعاة وامينهم العام مواقفهم السابقة التي قادت الالاف من الابرياء الى المشانق والمقاصل والسجون وهل نسى الدعاة خطورة التبعية الاجنبية التي كانت تحفل بها ادبياتهم وحلقاتهم الحزبية وهل تناسى الدعاة مقاطعتهم لمؤتمر لندن لانهم كان برعاية غربية امريكية كما كانوا يؤكدون ويتهمون غيرهم.
المستنقع الذي اوقع المالكي حزبه به وهو الرضا الامريكي بترشيحه سيكون عاراً ابدياً على الدعاة وهو ما يكشف زيف المالكي ونفاقه عندما يهاجم التدخل الخارجي في تشكيل الحكومة ويؤكد بكل غباء ووقاحة بان هناك قوائم صنعت في الخارجي وقائمته هي الوحيدة التي صنعت في الداخل في مغالطة صارخة تفضحها اللقاءات الامريكية مع ازلام الدعوة في الخفاء وفي السفارة الامريكية.
تعليق