بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ترى وجهها فيذكرك بقسوة الأيام ،، القسوة التي عاشت زمنها دون كلل ولاملل ،،
ثمة خيوط سوداء تبدو على وجنتيها الذابلتين وكأنهما مجرى سيول ،، دائماً تُحلق بعيداً حتى وهي تُحاور الناس تلتفت الى شيئ بعيد وكأنها تبحث عن ضالتها في صحراء الحياة ،، جلست فوق الأريكة في زاوية غرفتها ،، أخذت تجول في ذكرياتها المفعمة بالآلام وسُبل الشقاء ،، لكم هو الماضي مؤلماً ولكم ضيعت قسوة الأيام بلسم حياتها ،، ولكم أذبلت تلك القسوة زهرة شبابها ،، تذكرت أيام حِين كانت تستيقظ في كل صباح مع صوت الأذان ،، وبعد أن تُصلي تبدأ في تجهيز ( أحزمة الخضار ) لتذهب بها الى السوق فتبيعها لتشتري قوتاً لأولادها الصغار ،، كانت الحياة قاسية ،، قاسية حقاً ،، فبرودة الشتاء تكاد تصل الى عظامها فتشعرها نوعاً من الشلل أصاب ساقيها ،، ولكن ذلك لم يكن ليثني عزيمتها عن مهمتها في رعاية أبنائها ،، لم تكن يوماً لتشعر أبناءها بآلامها ،، فلقد عزمت أن تعيش لهم بعد رحيل زوجها وأن تخدمهم بعيونها وأن تُضحي لهم ومن أجلهم بروحها 0
كانت تنهيداتها تخرج وكأن بركاناً من داخل وجودها يوشك على الإنفجار ،، لم تكن يوماً تتخيل أن ذلك سيصبح بلا قيمة يوماً ما ،، ولم يخطر ببالها أن تضحياتها العظيمة سترحل مع أوارق الشجر ،، حيث لاقيمة لأوراق يابسة تهوى وترحل وتذرها الرياح ،، آه ثم آه لكم حياة قاسية !!!
لم تتخيل يوماً أن أبنها سيصبح عاجزاً عن الدفاع عنها أمام زوجته الماكرة ،، وسينسى نضال أمه العظيمة وكفاحها ليصل الى ماوصل إليه 0
وبينما هي غارقة في ذكريات الماضي وحقائق الواقع الأليم طُرِق الباب وأشارت بالدخول ،، كان يسير عثراً في خطواته ،، متردداً في كلماته ،، يبدأ بالحوار ثم يصمت ،، ليعود الى حواره الذي لايظهر منه إلا بعض الكلمات الغامضة ،، وفي لحظة إستجمع قِواه وقال : بصوت ضعيف باهت : أمي 00 إعذريني فأنا مضطر الى أن أصطحبكِ الى دار المسنين ،، فقد إستحالت العِيشة بيني وبين زوجتي ،، وهذا هو الحل لنعبر هذه الأزمة ،، لاتحزني فليس إلا بضعة أيام وسأعود بكِ الى هنا فقط بُضعة أيام ،، نهضت صامتة وإتجهت الى دولاب ملابسها ودموع الحسرة تُبلل مابين تجاعيد وجنتيها وفي صوت حشرجي أجابت : هيا يابني 0
كانت الأمطار شديدة والسماء ملبدة بالغيوم والظلام يكاد يُخيم على كل شيئ ،، ولأن دار المسنين قريبة من دارهم أخذها سيراً على الأقدام ،، بين الوحل وماء المطر ،، والبرق يزفه بخيبته الى إثمه العظيم 0
كانت كلماته باهتة تشعر في ثناياها بالخزي الذي أصابه ( كما وعدتكِ ياأمي فقط بضعة أيام وسأعود بكِ الى الدار )
أجابته : لاعليك يابني لكن لاتنسى أن تذهب لتأتي بزوجتك الى دارها من بيت أبيها لتصالحها 0
عاد الى منزله بعدما أودعها دار المسنين وإستلقى على سريره وأخذ يُفكر في حاله وحال أمه وشعر ببعض الندم على فعلته 0
كانت أصوات البرق تختلط بأصوات الرياح فتمتزج بأفكاره فتزعجه أيما إزعاج ،، والريح تشتد وتشتد والبرد يكاد يقتله وبعض الأمطار تدفعها الريح إليه فتلفح وجهه بينما هو عاجز عن الحركة والدفاع ،، وبينما هو على حالته لمح شبحاً يتحرك هنا وهناك ،، وبعد دقائق شعر بأن الدفئ ساد غرفته والمنزل ،، وصوت البرق قد خفَّ وسكن ،، وأن البرد بدأ يتلاشى من جسمه ،،
نهض من مكانه وسأل من هناك ؟؟!!
أجابه صوت ندي إعتاد أن يسمعه منذ أن كان صغيراً ،،
( أنا أمك يابني تذكرت أنك ستنسى شبابيك غرفتك مفتوحة ،، فخفت عليك من برد الشتاء والآن سأعود من حيث أتيت )
أترك لكم التعليق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ترى وجهها فيذكرك بقسوة الأيام ،، القسوة التي عاشت زمنها دون كلل ولاملل ،،
ثمة خيوط سوداء تبدو على وجنتيها الذابلتين وكأنهما مجرى سيول ،، دائماً تُحلق بعيداً حتى وهي تُحاور الناس تلتفت الى شيئ بعيد وكأنها تبحث عن ضالتها في صحراء الحياة ،، جلست فوق الأريكة في زاوية غرفتها ،، أخذت تجول في ذكرياتها المفعمة بالآلام وسُبل الشقاء ،، لكم هو الماضي مؤلماً ولكم ضيعت قسوة الأيام بلسم حياتها ،، ولكم أذبلت تلك القسوة زهرة شبابها ،، تذكرت أيام حِين كانت تستيقظ في كل صباح مع صوت الأذان ،، وبعد أن تُصلي تبدأ في تجهيز ( أحزمة الخضار ) لتذهب بها الى السوق فتبيعها لتشتري قوتاً لأولادها الصغار ،، كانت الحياة قاسية ،، قاسية حقاً ،، فبرودة الشتاء تكاد تصل الى عظامها فتشعرها نوعاً من الشلل أصاب ساقيها ،، ولكن ذلك لم يكن ليثني عزيمتها عن مهمتها في رعاية أبنائها ،، لم تكن يوماً لتشعر أبناءها بآلامها ،، فلقد عزمت أن تعيش لهم بعد رحيل زوجها وأن تخدمهم بعيونها وأن تُضحي لهم ومن أجلهم بروحها 0
كانت تنهيداتها تخرج وكأن بركاناً من داخل وجودها يوشك على الإنفجار ،، لم تكن يوماً تتخيل أن ذلك سيصبح بلا قيمة يوماً ما ،، ولم يخطر ببالها أن تضحياتها العظيمة سترحل مع أوارق الشجر ،، حيث لاقيمة لأوراق يابسة تهوى وترحل وتذرها الرياح ،، آه ثم آه لكم حياة قاسية !!!
لم تتخيل يوماً أن أبنها سيصبح عاجزاً عن الدفاع عنها أمام زوجته الماكرة ،، وسينسى نضال أمه العظيمة وكفاحها ليصل الى ماوصل إليه 0
وبينما هي غارقة في ذكريات الماضي وحقائق الواقع الأليم طُرِق الباب وأشارت بالدخول ،، كان يسير عثراً في خطواته ،، متردداً في كلماته ،، يبدأ بالحوار ثم يصمت ،، ليعود الى حواره الذي لايظهر منه إلا بعض الكلمات الغامضة ،، وفي لحظة إستجمع قِواه وقال : بصوت ضعيف باهت : أمي 00 إعذريني فأنا مضطر الى أن أصطحبكِ الى دار المسنين ،، فقد إستحالت العِيشة بيني وبين زوجتي ،، وهذا هو الحل لنعبر هذه الأزمة ،، لاتحزني فليس إلا بضعة أيام وسأعود بكِ الى هنا فقط بُضعة أيام ،، نهضت صامتة وإتجهت الى دولاب ملابسها ودموع الحسرة تُبلل مابين تجاعيد وجنتيها وفي صوت حشرجي أجابت : هيا يابني 0
كانت الأمطار شديدة والسماء ملبدة بالغيوم والظلام يكاد يُخيم على كل شيئ ،، ولأن دار المسنين قريبة من دارهم أخذها سيراً على الأقدام ،، بين الوحل وماء المطر ،، والبرق يزفه بخيبته الى إثمه العظيم 0
كانت كلماته باهتة تشعر في ثناياها بالخزي الذي أصابه ( كما وعدتكِ ياأمي فقط بضعة أيام وسأعود بكِ الى الدار )
أجابته : لاعليك يابني لكن لاتنسى أن تذهب لتأتي بزوجتك الى دارها من بيت أبيها لتصالحها 0
عاد الى منزله بعدما أودعها دار المسنين وإستلقى على سريره وأخذ يُفكر في حاله وحال أمه وشعر ببعض الندم على فعلته 0
كانت أصوات البرق تختلط بأصوات الرياح فتمتزج بأفكاره فتزعجه أيما إزعاج ،، والريح تشتد وتشتد والبرد يكاد يقتله وبعض الأمطار تدفعها الريح إليه فتلفح وجهه بينما هو عاجز عن الحركة والدفاع ،، وبينما هو على حالته لمح شبحاً يتحرك هنا وهناك ،، وبعد دقائق شعر بأن الدفئ ساد غرفته والمنزل ،، وصوت البرق قد خفَّ وسكن ،، وأن البرد بدأ يتلاشى من جسمه ،،
نهض من مكانه وسأل من هناك ؟؟!!
أجابه صوت ندي إعتاد أن يسمعه منذ أن كان صغيراً ،،
( أنا أمك يابني تذكرت أنك ستنسى شبابيك غرفتك مفتوحة ،، فخفت عليك من برد الشتاء والآن سأعود من حيث أتيت )
أترك لكم التعليق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق